يا مَن لِقَلبٍ شَديدِ الهَمِّ مَحزونِ
يا مَن لِقَلبٍ شَديدِ الهَمِّ مَحزونِ / أَمسى تَذَكَّرَ رَيّا أُمَّ هارونِ
أَمسى تَذَكَّرَها مِن بَعدِ ما شَحَطَت / وَالدَهرُ ذو غِلظَةٍ حيناً وَذو لينِ
فَإِن يَكُن حُبُّها أَمسى لَنا شَجناً / وضأَصبَحَ الرَأيُ مِنها لا يُؤاتيني
فَقَد غَنَينا وَشَملُ الدَهرِ يَجمَعُنا / أُطيعُ رَيّا وَرَيّا لا تُعاصيني
تَرمي الوُشاةُ فَلا تُخطي مَقاتِلَهُم / بِصادِقٍ مِن صَفاءِ الوُدِّ مَكنونِ
وَلي اِبنُ عَمٍّ لَهُ خُلقٌ وَلي خُلُقٍ / قَد اِختَلَفنا فَأقليهِ وَيَقليني
أَزرى بِنا أَنَّنا شالَت نَعامَتُنا / فَخالَني دونَهُ بَل خِلتُهُ دوني
لاه اِبنُ عَمِّكَ أَفضَلتَ في حَسَبٍ / عَنّى وَلا أَنتَ دَيّاني فَتَخزوني
وَلا تَقوتُ عِيالي يَومَ مَسغَبَةٍ / وَلا بِنَفسِكَ في العَزّاءِ تَكفيني
فَإِن تُرِد عَرَضَ الدُنيا بِمَنقَصَتي / فَإِنَّ ذَلِكَ مِمّا لَيسَ يُشجيني
وَلا يُرى في غَيرِ الصَبرِ مَنقَصَةٌ / وَما سِواهُ فَإِنَّ اللَهَ يَكفيني
لَولا أَياصِرُ قُربى لَستَ تَحفَظُها / وَرَهبَةُ اللَهِ فيمَن لا يُعاديني
إِذاً بَرَيتُكَ بَرياً لا اِنجبارَ لَهُ / إِنّي رَأَيتُكَ لا تَنفَكُّ تَبريني
إِنَّ الَّذي يَقبِضُ الدُنيا وَيَبسطُها / إِن كانَ أَغناكَ عَنّي سَوفَ يُغنيني
واللَهُ يَعلَمُني وَاللَهُ يَعلَمُكُم / وَاللَهُ يَجزَيَّكُم عَنّي وَيَجزيني
ماذا عَلَيَّ وَإِن كُنتُم ذَوي رَحمي / أَن لا أُحِبَّكُم إِذ لَم تُحِبّوني
لَو تَشرَبونَ دَمي لَم يَروَ شارِبُكُم / وَلا دِماؤُكُم جَمعاً تُرَوّيني
وَلي اِبنُ عَمِّ لَو أَنَّ الناسَ في كَبَدٍ / لَظَلَّ مُحتَجِزاً بِالنَبلِ يَرميني
عَبّاس إِن لَم تَدَع شَتمي وَمَنقَصَتي / أَضرِبكَ حَيثُ تَقولُ الهامَةُ اِسقوني
دَرمٌ سِلاحي فَما أُمّي بِراعِيَةٍ / تَرعى المَخاضَ وَما رَأيي بِمَغبونِ
إِنّي أَبِيُّ أَبِيٌّ ذو مَحافَظَةٍ / وَاِبنُ أَبِيٍّ أَبِيٍّ مِن أَبِيّينِ
لا يُخرِجُ القَسرُ مِنّي غَيرَ مَأَبِيَةٍ / وَلا أَلينُ لِمَن لا يَبتَغي ليني
عَفٌ نَدودٌ إِذا ما خفتُ مِن بَلَدٍ / هوناً فَلَست بِوَقّافٍ عَلى الهونِ
كُلُّ اِمرِئٍ صائِرٌ يَوماً لِشيمَتِهِ / وَإِن تَخَلَّقَ أَخلاقاً إِلى حينِ
إِنّي لَعَمرُكَ ما بالي بِذي غَلَقٍ / عَنِ الصَديقِ وَلا خَيري بِمَمنونِ
عِندي خَلائِقُ أَقوامٍ ذَوي حَسَبٍ / بِالمُنكَراتِ وَما فَتكي بِمَأمونِ
وَأَنتُم مَعشَرٌ زَيدٌ عَلى مائَةٍ / فَاِجمَعوا أَمرَكُم شَتى فَكيدوني
فَإِن عَلمتُم سَبيلَ الرُشدِ فَاِنطَلِقوا / وَإِن جَهِلتُم سَبيل الرُشدِ فَأتوني
قَد كُنتُ أُعطيكُمُ مالي وَأَمنَحُكُم / وُدّي عَلى مُثبَتٍ في الصَدرِ مَكنونِ
بَل رُبَّ حَيٍّ شَديدِ الشَغبِ ذي لَجَبٍ / دَعَوتُهُم رَهناً مِن بَعدِ مَرهونِ
رَدَدتُ باطِلَهُم في رَأسِ قائِلِهِم / حَتّى يظلوا خُصوماً ذا أَفانينِ
عَبّاسُ لَو كُنتَ لي أَلفَيتَني بَشَراً / سَماحاً كَريماً أُجازي مَن يُجازيني
وَاللَهِ لَو كَرِهَت كَفّي مُصاحَبَتي / لَقُلتُ إِذ كَرِهَت قُربي لَها بيني