القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابن عُثَيْمِين الكل
المجموع : 4
رَبعٌ تَأَبَّدَ مِن شِبهِ المَها العينِ
رَبعٌ تَأَبَّدَ مِن شِبهِ المَها العينِ / وَقَفتُ دَمعي عَلى أَطلالِهِ الجونِ
إِنَّ الذين بِرَغمي عَنهُ قد رَحَلوا / حَفِظتُ عَهدَهُمُ لكِن أَضاعوني
نادَيتُهُم وَالنَوى بي عَنهُمُ قُذُفٌ / نِداءَ مُلتَهِبِ الأَحشاءِ مَحزونِ
يا غائِبينَ وَفي قَلبي تَصَوُّرُهُم / وَنازِحينَ وَذِكراهُم تُناجيني
مالي وَلِلبَرقِ يَشجيني تَأَلُّقُهُ / وَلِلصِّبا بِشَذاكُم لا تُداويني
لَيتَ الرِياحَ التي تَجري مُسَخَّرَةً / تُنبيكُمُ ما أُلاقيهِ وَتُنبيني
وَجدٌ مُقيمٌ وَصَبرٌ ظاعِنٌ وَهَوىً / مُشَتِّتٌ وَحَبيبٌ لا يُواتيني
مَن لي بِعَهدِ وِصالٍ كُنتُ أَحسَبُهُ / لا يَنقَضي وَشَبابٍ كانَ يُصيبُني
لَم يَبقَ مِن حُسنِهِ إِلّا تَذَكُّرُهُ / أَو الأَمانِيُّ تُدنيهِ وَتُقصيني
تِلكَ اللَيالي التي أَعدَدتُ مِن عُمري / أَيّامَ رَوضُ الصِبا غَضُّ الرَياحينِ
أَيّامَ أُسقى بِكاساتِ السُرورِ عَلى / رَغمِ الوُشاةِ بِحَظٍّ غَيرِ مَغبونِ
يَسعى بِها أَوطَفُ العَينَينِ ذو هَيَفٍ / يَهتَزُّ مِثلَ اِهتِزازِ الغُصنِ في اللينِ
مُعَسَّلُ الريقِ في أَنيابِهِ شَنَبٌ / يُجنيكَ مِن خَدِّهِ وَرداً بِنَسرينِ
مَن مُبلِغُ الصَحبِ عَنّي قَولَ مُبتَهِجٍ / بِما يُلاقي قَريرِ القَلبِ وَالعَينِ
أَنّي أَوَيتُ مِنَ العَليا إِلى حَرَمٍ / قَبلَ الإِناخَةِ بِالبُشرى يُحَيّيني
يَنتابُهُ الناسُ أَفواجاً كَأَنَّهُمُ / جاءوا لِنُسكٍ عَلى صُهبِ العَثانينِ
تَرى المُلوكَ قِياماً عِندَ سُدَّتِهِ / وَتَنظُرُ اِبنَ سَبيلٍ وَاِبنَ مِسكينِ
ذا يَطلُبُ العَفوَ مِن عُقبى جَريرَتِهِ / وَذا يُؤَمِّلُ فَضلاً غَيرَ مَمنونِ
نَزَلتُ مِنهُ إِلى جَمٍّ فَواضِلُهُ / عَبدِ العَزيزِ ثِمالِ المُستَميحينِ
طَمّاحِ عَزمٍ إِلى العَلياءِ لَو ذُكِرَت / في هامَةِ النَجمِ أَو في مَسرَحِ النونِ
وَلا يُفَكِّرُ إِلّا في نَدىً وَوَغىً / هُما ذَخيرَتُهُ مِن كُلِّ مَخزونِ
يا أَيُّها المَلِكُ السامي بِهِمَّتِهِ / وَاِبنَ المُلوكِ الأَجِلّاءِ السَلاطينِ
الواهِبينَ المَعالي لِلوَلِيِّ لَهُم / وَالخاضِبينَ العَوالي مِ المُعادينِ
قَومٌ إِذا ذَكَرَت أَفعالُهُم فَخَرَت / بِهِم رَبيعَةُ مِن فاسٍ إِلى الصينِ
وَحينَ خَفيَت رُسومُ الفَضلِ أَو طُمِسَت / وَسيمَ أَهلُ التُقى بِالخَسفِ وَالهونِ
اِختارَكَ اللَهُ لِلأَمرِ الذي سَبَقَت / بِهِ السَادَةُ لِلدُنيا وَلِلدّينِ
فَكُنتَ في هذِهِ الدُنيا القِوامَ لَهُم / وَكُنتَ في الديِ قِسطاسَ المَوازينِ
أُعطوا بِسَعدِكَ حَظّاً ما تَوَهَّمَهُ / فِكرٌ وَلَم يَكُ في الدُنيا بِمَظنونِ
قالَ العَزيزُ الذي أَنتَ العَزيزُ بِهِ / قُم فَاِستَعِن بي فَإِنّي ناصِرٌ ديني
أَجَبتَ حَظَّكَ إِذ ناداكَ مُعتَزِماً / بِالمُرهَفاتِ وَجُردٍ كَالسَراحينِ
إِذا سَرَينَ بِلَيلٍ خِلتَ أَنجُمَهُ / مِن قَدحِهِنَّ الحَصا يُشعَلنَ في الطينِ
وَكُلِّ أَبلَجَ يَلقى المَوتَ مُدَّرِعاً / دِرعاً مِنَ الصَبرِ لا مِن كُلِّ مَوضونِ
كَمِ اِنتَهَكتَ بِحَدِّ السَيفِ مِن نَفَرٍ / قَد خارَ عِجلُهُمُ فيهِم بِتَحسينِ
حَتّى إِذا ما المُنى أَلقَحنَ شَولَهُمُ / أَنتَجتَهُنَّ خِداجاً قَبلَ تَكوينِ
كَتَبتَ آجالَهُم بِالسَيفِ إِذ كُتِبَت / عَلى يَدَيكَ بِكافِ الأَمرِ وَالنونِ
فَأَصبَحوا سِيَراً تُتلى وَمُعتَبَراً / لِلغابِرينَ وَلِلموجودِ في الحين
فَدُم سَليماً قَريرَ العَينِ مُبتَهِجاً / بِالآلِ وَالحالِ في عِزٍّ وَتَمكينِ
وَاِشدُد عُرى الدينِ وَالدُنيا بِمُنتَخَبٍ / مِن عُنصُرِ السادَةِ الغُرِّ المَيامينِ
فَرعِ الأَئِمَّةِ وَالأَذواءِ مِن يَمَنٍ / أَهلِ القِبابِ المَطاعيمِ المَطاعينِ
غَمرُ النَدى نَجلُكَ المَيمونُ طائِرُهُ / سُعودُ أَهلِ التُقى نَحسُ المُناوينِ
تَلَتكَ في خُلقِكَ السامي خَلائِقُهُ / تِلوَ المُصَلّي المُجَلّي في المَيادينِ
سَلِ الكُماةَ وَكُمتَ الخَيلِ عَنهُ إِذا / ما ثَمَّ إِلّا القَنا أَو حَدُّ مَسنونِ
هُناكَ تَلقى الحِفاظَ المُرَّ حَيثُ تَرى / بُلقَ الجِيادِ تَرَدَّت حِليَةَ الجونِ
ثُمَّ الصَلاةُ وَتَسليمُ الإِلهِ عَلى / مَن خُصَّ بِالخُلُقِ المَحمودِ في نونِ
وَآلِهِ الغُرِّ وَالأَصحابِ كُلِّهِمُ / ما ناحَ وُرقٌ بِمُلتَفِّ البَساتينِ
عُج بي عَلى الرَّبعِ حَيثُ الرَّندُ وَالبانُ
عُج بي عَلى الرَّبعِ حَيثُ الرَّندُ وَالبانُ / وَإِن نَأى عَنهُ أَحبابٌ وَجِيرانُ
فَلِلمَنازِلِ في شَرعِ الهَوى سُنَنٌ / يَدري بِها مَن لَهُ بِالحُبِّ عِرفانُ
وَقَلَّ ذاكَ لِمَغنىً قَد سَحَبنَ بِهِ / ذَيلَ التَصابي بِرَسمِ الشَجوِ غِزلانُ
القاتِلاتُ بِلا عَقلٍ وَلا قَوَدٍ / سُلطانُهُنَّ عَلى الأَملاكِ سُلطانُ
لِلّهِ أَحوَرُ ساجي الطَرفِ مُقتَبِلٌ / عَذبُ اللَمى لُؤلُؤِيُّ الثَغرِ فَتّانُ
عَبلُ الرَوادِفِ يَندى جِسمُهُ تَرَفاً / ظامي الوُشاحِ لَطيفُ الروحِ جَذلانُ
كَأَنَّما البَدرُ في لَألاءِ غُرَّتِهِ / يا لَيتَ يَصحَبُ ذاكَ الحُسنَ إِحسانُ
يَهتَزُّ مِثلَ اِهتِزازِ الغُصنِ رَنَّحَهُ / سُكرُ الصِبا فَهوَ صاحي القَدِّ نَشوان
لَو كانَ يُمكِن قُلنا اليَومَ أَبرَزَهُ / لِيَنظُرَ الناسُ كنهَ الحسنِ رِضوانُ
قَد كُنتُ أَحسَب أَنَّ الشَملَ مُلتَئِمٌ / وَالجَبلَ مُتَّصِلٌ وَالحَيَّ خُلطانُ
فَاليَومَ لا وَصلَ أَرجوهُ فَيُطمِعَني / وَلا يَطيفُ بِهذا القَلبِ سُلوانُ
في ذِمَّةِ اللَهِ جيرانٌ إِذا ذُكِروا / هاجَت لِذِكرِهِمُ في القَلبِ أَحزانُ
فارَقتُهُم أَمتَري أَخلافَ سائِمَةٍ / يَسوقُها واسَعُ المَعروفِ مَنّانُ
لَعَلَّ نَفحَة جودٍ مِن مَواهِبِهِ / يُروى بِها مِن صَدى الإِقتارِ عَطشانُ
أُرايِشُ مِنها جَناحاً حَصَّةُ قَدَرٌ / شَكا تَساقُطَهُ صَحبٌ وَإِخوانُ
وَفي اِضطِرابِ الفَتى نُجحٌ لِبُغيَتِهِ / وَلِلمَقاديرِ إِسعادٌ وَخِذلانُ
فَاِربَأ بِنَفسِكَ عَن دارٍ تَذِلُّ بِها / لَو أَنَّ حَصباءَها دُرٌّ وَمَرجانُ
طُفتُ المَعالِمَ مِن شامٍ إِلى يَمَنٍ / وَمِن حِجازٍ وَلَبَّتني خُراسانُ
فَما لَقيتُ وَلَن أَلقى وَلَو بَلَغَت / بي مُنتَهى السَدِّ هِمّاتٌ وَوِجدانُ
مِثلَ الجَحاجِحَةِ الغُرِّ الَّذينَ سَمَوا / مَجداً تَقاصَرَ عَن عَلياهُ كيوانُ
الضاربي الكَبشَ هَبرًا وَالقَنا قَصِدٌ / وَالتارِكي اللَيثَ يَمشي وَهوَ مِذعانُ
وَالفارِجي غُمَمَ اللاجي إِذا صَفِرَت / أَوطابُهُ وَاِقتَضاهُ الروحَ دَيّانُ
وَالصائِنينَ عَن الفَحشا نُفوسَهُمُ / وَالمُرخِصيها إِذا الخَطِيُّ أَثمانُ
خُضلُ المَواهِبِ أَمجادٌ خَضارِمَةٌ / بيضُ الوُجوهِ عَلى الأَيّامِ أَعوانُ
غُرٌّ مَكارِمُهُم حُمرٌ صَوارِمُهُم / خُضرٌ مَراتِعُهُم لِلفَضلِ تيجانُ
لكِنَّ أَوراهُمُ زَنداً وَأَسمَحَهُم / كَفّاً وَأَشجَعَهُم إِن جالَ أَقرانُ
عَبدُ العَزيزِ الَّذي نالَت بِهِ شَرَفاً / بَنو نِزارٍ وَعَزَّت مِنهُ قَحطانُ
مُقَدَّمٌ في المَعالي ذِكرُهُ أَبَداً / كَما يُقَدَّمُ بِاِسمِ اللَهِ عُنوانُ
مَلكٌ تَجَسَّدَ في أَثناءِ بُردَتِهِ / غَيثٌ وَلَيثٌ وَإِعطاءٌ وَحِرمانُ
خَبيئَةُ اللَهِ في ذا الوَقتِ أَظهَرَها / وَلِلمُهَيمِنِ في تَأخيرِها شان
وَدَعوَةٌ وَجَبَت لِلمُسلِمينَ بِهِ / أَما تَرى عَمَّهُم أَمنٌ وَإيمانُ
حاطَ الرَعِيَّةَ مِن بُصرى إِلى عَدَنٍ / وَمِن تِهامَةَ حَتّى اِرتاحَ جَعلانُ
فَجَدَّدوا الشُكرَ لِلمَولى وَكُلُّهُمُ / يَدعو لَهُ بِالبَقا ما بَقيَ إِنسانُ
وَرُبَّ مُستَكبِرٍ شوسٍ خَلائِقُهُ / صَعبِ الشَكيمَةِ قَد أَعماهُ طُغيانُ
تَرَكتَهُ وَحدَهُ يَمشي وَفي يَدِهِ / بَعدَ المُهَنَّدِ عُكّازٌ وَمِحجانُ
وَعازِبٍ رُشدُهُ إِذ حانَ مَصرَعُهُ / بِخَمرَةِ الجَهلِ وَالإِعجابِ سَكرانُ
أَمطَرتَهُ عَزَماتٍ لَو قَذَفتَ بِها / صُمَّ الشَوامِخِ أَضحَت وَهيَ كثبانُ
عَصائِباً مِن بَني الإِسلامِ يَقدُمُهُم / مِن جَدِّكَ المُعتَلي بِالرُعبِ فُرسانُ
وَيلُ اِمِّهِ لَو أَتاهُ البَحرُ مُلتَطِماً / آذِيُّهُ الأُسدُ وَالآجامُ مُرّانُ
لَأَصبَحَ العِزُّ لا عَينٌ وَلا أَثَرٌ / أَو شاغَفَتهُ قُبَيلَ الصُبحِ جِنّانُ
وَمَشهَدٍ لَكَ في الإِسلامِ سَوفَ تَرى / يوفى بِهِ يَومَ الحَشرِ ميزانُ
نَحَرتَ هَديَكَ فيهِ المُشرِكينَ ضُحىً / فَاِفخَر فَفَخرُ سِواكَ المَعزُ وَالضّانُ
أَرضَيتَ آباءَكَ الغُرُّ الكِرامَ بِما / جَدَّدتَ مِن مَجدِهِم مِن بَعدِ ما بانوا
نَبَّهتَ ذِكراً تَوارى مِنهُ حينَ عَلا / لِلمارِقينَ ضَبابٌ فيهِ دُخّانُ
فَجِئتَ بِالسَيفِ وَالقُرآنِ مُعتَزِماً / تُمضي بِسَيفِكَ ما أَمضاهُ قُرآنُ
حَتّى اِنجَلى الظُلمُ وَالإِظلامُ وَاِرتَفَعَت / لِلدينِ في الأَرضِ أَعلامٌ وَأَركانُ
دينٌ وَدُنيا وَرَأسٌ في الوَغى وَنَدىً / تَفيضُ مِن كَفِّهِ بِالجودِ دِخُلجانُ
هذي المَكارِمُ لا ماروي عَن هَرِمٍ / وَلا الَّذي قيلَ عَمَّن ضَمَّ غُمدانُ
أَقولُ لِلعيسِ إِذ تَلوي ذَفارِيَها / لِإِلفَها وَلَها في الدَوِّ تَحنانُ
رِدي مِياهاً مِنَ المَعروفِ طامِيَةً / نَباتُها التِبرُ لا شيحٌ وَسَعدانُ
تَدومُ ما دُمتَ لِلدُنيا بشاشَتُها / فَاِسلَم فَأَنتَ لِهذا الخَلقِ عُمرانُ
ثُمَّ الصَلاةُ عَلى الهادي الَّذي خَمَدَت / في يَومِ مَولِدِهِ لِلفُرسِ نيرانُ
وَالآلِ وَالصَحبِ ما ناحَت مُطَوَّقَةٌ / خَضباً تَميدُ بِها في الدَوحِ أَغصانُ
يَهنيكَ يا عِصمَةَ الدُنيا مع الدينِ
يَهنيكَ يا عِصمَةَ الدُنيا مع الدينِ / قُدومُ أَبنائِكَ الغُرِّ المَيامينِ
بُدورُ سَعدٍ تَعالَت في سَما شَرَفٍ / ذَلَّت لِعِزَّتِهِم شوسُ السَلاطين
تُنافِسُ الأَرضُ فيِهم أَينَما نَزَلوا / وَتَحسُدُ الشُهبُ فيهم مَوطى الطينِ
مَجدٌ تَأَطَّدَ مِن علياكَ نَحوهُمُ / فَطَرَّزوهُ بِمَوهوبٍ وَمَسنونِ
فَيا سُعودَ بَني الدُنيا الذي شَرُفَت / به المَمالِكُ مِن زابٍ إِلى الصينِ
شَمسُ الخِلافَةِ بَل نورُ البِلادِ وَمن / تَعنو لِعِزَّتهِ شُمُّ العَرانينِ
طَمّاحُ عَزمٍ إِلى العَلياءِ لَو ذُكِرَت / في هامَةِ النَجمِ أَو في مَسرَحِ النونِ
وَصنوهُ الشَهمُ مَن كانَت مَحامِدُهُ / بَينَ البَرِيَّةِ تُتلى في الدَواوين
لَيثٌ تَصَوَّرَ مِن بَأسٍ وَمن كَرَمٍ / وَمِن مُلوكٍ مَطاعيمٍ مَطاعين
مُحمدٌ حُمِدَت أَخلاقُهُ وَعَلَت / في المَجدِ هِمَّتهُ فَوقَ السِماكينِ
لَمّا قَدِمتُم أَقامَ المَجدُ رايَتَهُ / وَالناسُ ما بَينَ تَحميدٍ وَتَأمينِ
فَالحَمدُ لِلَّهِ هذا الشَملُ مُبلتئِمٌ / في دَوحَةِ المَجدِ في عِزٍّ وَتَمكينِ
فَاِشرَب إِمامَ الهدى كَأسَ المُنى أَمناً / في خَفضِ عَيشٍ بِطولِ العُمر مَوضونِ
مُمَتَّعاً بِبَنيكَ الشُمِّ مُبتَهِجاً / بِما أُتيتَ قَريرَ النَفسِ وَالعينِ
فَأَنتُمُ زينَةُ الدُنيا وَبَهجَتُها / وَأَنتُمُ غَوثُ مَلهوفٍ وَمِسكينِ
أَلبَستُمُ الناسَ نَعماءً مُضاعَفَةً / أَمناً وَفَضلاً جَزيلاً غَيرَ مَمنونِ
أَحيَيتُمُ سُنَّةَ الهادي التي دَرَسَت / بِمُحكَمِ النَصِّ مِن آيٍ وَتَبيينِ
وَمن أَبي فَبِحَدِّ المَشرَفِيِّ وَبِال / سُمرِ اللِدانِ وَجُردٍ كَالسَراحينِ
حَتّى اِستَنار مِنَ الإِسلامِ كَوكَبهُ / وَأَصبَحَ الكُفرُ في أَطمارِ مَحزونِ
لَئِن تَأَخَّرتُمُ وَقتاً لَقد سَبَقَت / عَلياكُمُ من مَضى مِن عَصرِ مَأمون
فَلا بَرِحتُم لهذا الدينِ مُعتَصَماً / عَلى مَدى الدَهرِ مِن حينٍ إِلى حين
يا أَيُّها المَلِكُ المَيمونُ طائِرُهُ / وَاِبنَ المُلوكِ الأَجِلّاءِ السَلاطينِ
لِلَّهِ فيكَ عِناياتٌ سَيُظهِرُها / يَعلو بها لَكَ حَظٌّ غَيرُ مَغبونِ
يَعيشُ فيها بَنو الإِسلامِ في رَغَدٍ / مِنَ الزَمانِ وَفي أَمنٍ وَفي لين
وُفِّقتَ وُفِّقتَ إِذ وَلَّيتَ عَهدَهُمُ / سعودَ أَهلِ التُقى نَحسَ المُعادين
فَكَم جَلا مِن خُطوبِ الدَهرِ مُعتَكِراً / بِالمَشرَفِيِّ وَرَأيٍ غَيرِ مَأفونِ
مَكارِمٌ نَسَخَت ما حُكي عَن هَرِمٍ / وَعن بَرامِكَةٍ في عَهدِ هارونِ
ياِبنَ الذي ملكَ الدُنيا بِعَزمَتِهِ / وَبِالمَواضي وَأَعطى كُلَّ مَخزونِ
لا زِلتَ تَتلوهُ مُستَنّاً بِسُنَّتِهِ / بَأساً وَجوداً وَعزّاً غَيرَ مَخبونِ
كَذاكَ لِلدّينِ وَالدُنيا غِنىً وَحمىً / تَرعى بكَ الأُسد فيها كُنَّسَ العينِ
ثُمَّ الصَلاةُ عَلى الهادي وَشيعَتِهِ / محمَّدِ المُصطَفى مِن عُنصُرِ الكونِ
أريجُ مَجدٍ منَ الرَيّانِ حَيّانا
أريجُ مَجدٍ منَ الرَيّانِ حَيّانا / أَهدى لَنا نَشرُهُ رَوحاً وَرَيحانا
اِسمٌ حكاهُ مُسَمّاهُ وَطابَقَه / فَكَم شَفى مِن أُوامِ العُدمِ عَشطانا
فِدىً لهُ القَلعَةُ الزَهرا وَساكِنُها / وَالغوطَتانِ وَمَلهى شَعبِ بَوّانا
تَناوَحَت فيهِ أَرواحُ النَدى فَسَرَت / حَتّى لَكادَت تُعيدُ الشيبَ شُبّانا
وَالجودُ وَالبَاسُ ما حَلّا بِمَنزِلَةٍ / إِلّا أَشادا لها في المَجدِ بُنيانا
قَد شَرَّف اللَهُ أَرضا أَنتَ ساكِنُها / وَفاخَرَت بِحَصاها الغَضِّ عِقيانا
بَحرٌ تَبَعَّقَ في أَرجائِهِ كَرماً / يَعلو الرَوابيَ لا نَقعاً وَغُدرانا
وَضَيغَمٌ عَبَثَت بِالأُسدِ عاثيَةً / كَفّاهُ حَتّى لَخِلنا الأُسدَ حُملانا
لَولا أَواصِرُ يَرعاها وَيَحفَظُها / لَكانَ غَيرُ الذي بِالأَمسِ قد كانا
لأَنَّهُ من أُناسٍ مِن سَجِيَّتِهِم / مَحوُ الصَغائِرِ إِجمالاً وَإِحسانا
لكِن لهُم فَتكاتٌ عِندَ غَضبَتِهِم / تَشجي العَدُوَّ وَتُخلي مِنهُ أَوطانا
ياِبنَ الأُلى طَوَّقَ الأَعناقَ فَضلُهُمُ / فَقَرَّطوا لَهمُ بِالمَدحِ آذانا
سَمَوتَ لِلمَجدِ إِذ كُنتَ الخَليقَ بهِ / حَتّى لَأَرغَمتَ آناقاً وَأَذقانا
وَلَيسَ سارٍ إِلى نَيلِ العَلاءِ كَمَن / أَضحى بِنَومِ المُنى وَالعَجزِ وَسنانا
يَحسَبونَ العُلا تُجنى أَزاهِرُها / بِغَيرِ سَيفٍ وَبَذلِ المالِ مَجّانا
وَالناسُ قَد فاوَتَت أَقدارَهُم هِمَمٌ / وَقد أَقامَت عَلى ما قُلتُ بُرهانا
كَما بِهِمَّتِكَ العُليا بَنَيتَ بِها / لِلمَجدِ وَالفَضلِ أَعلاماً وَأَركانا
قالوا هُوَ النَدبُ عَبدُ اللَهِ قُلتُ لَهُم / لَو كانَ عِندَ سِواكُم عُدَّ سُلطانا
فَاَدعوا لهُ بِالبَقا تَبقى سَعادَتُكُم / إِذ كانَ روحاً وَكانَ الغَيرُ جُثمانا
لاتُخرِجوهُ بِكرهٍ عَن سَجِيَّتِهِ / فَاللَيثُ لا يَعرِفُ البُقياءَ غَضبانا
إِنّي أَقولُ وَخيرُ القَولِ أَصدَقُهُ / وَلَيسَ مَن قالَ صِدقاً مِثلَ مَن مانا
لَقَد حَبا اللَهُ أَرضاً كانَ مالِكَها / مِنهُ بِغَيثٍ يَسُحُّ الجودَ هَتّانا
يُسيمُ مُثريهَمُ فيهِ وَمُقتِرَهُم / لَم يَخشَ مِن غَيرِهِ ظُلماً وَعُدوانا
فَيا لها نِعمَةً ما كانَ أَكبَرَها / فَهَل تُصادِفُ مِنّا اليَومَ شُكرانا
إِن لَم تُفَدِّكَ مِنّا أَنفُسٌ كَرُمَت / فَقَد جَحَدناكَ ما أَولَيتَ كُفرانا
أَقَمتَ لِلمَجدِ أَسواقاً مُعَطَّلَةً / تُعَدُّ قَبلَكَ شَيئاً بانَ إِذ كانا
كُنّا سَمِعنا في الغابِرينَ فَمُذ / أَتَيتَ كانَت بُعَيدَ الوَهمِ أَعيانا
لَو صَوَّرَ اللَهُ شَخصاً مِن مَكارِمِهِ / صُوِّرتَ مِن كَرَمِ الأَخلاقِ إِنسانا
لَمّا مَدَحتُكَ قالَ الناسُ كُلُّهُمُ / الآنَ مَدحُكَ بِالمَمدوحِ قَد زانا
فَاللَهُ يُبقيكَ مَحروساً وَمُغتَبِطاً / آلاً وَحالا وَأَولادا وَإِخوانا
ثُمَّ الصَلاةُ عَلى مَن كانَ مَبعَثُهُ / لَنا سَعادَةَ دُنيانا وَأُخرانا
وَآلهِ الغُرِّ وَالأَصحابِ كُلِّهِمُ / ما قَطَّعَ اللَيلَ تَسبيحاً وَقُرآناً

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025