المجموع : 9
يا نائباً غابَ عنِّي الصّبر مُذْ بانا
يا نائباً غابَ عنِّي الصّبر مُذْ بانا / هلاّ سألتَ عن المشتاق ما عانى
ما راق في عينه شيء يروق لها / ولا اصطفى غير من صافيت إخوانا
ولا إذا غرَّدت ورقاء في فنن / أملَت عليَّ من الأوراق أشجانا
وصرت في حال من لا يبتغي بدلاً / بالأهل أهلاً وبالجيران جيرانا
ما زلت أخضِلُ أجفاني بأدمعها / إذا تذكَّرتُ أوطاراً وأوطانا
أشدّهم في الوغى بأساً وأكرمهم / كفًّا وأعظمهمُ في قدره شانا
خليفة الله في الأقطار محترم / إنَّ العزيز عزيز حيث ما كانا
فلا كنامق والٍ للعراق ولا / كمثل عبد العزيز اليوم سلطانا
فلو وزنت ملوك الأرض قاطبة / لزادهم في الندى والبأس رحجانا
أراعها ما رأته من عزائمه / فأذعنت لمليك الأرض إذعانا
ولم يربه ركوب البحر من خطر / لما تنقل بلداناً فبلدانا
كالشمس إذ تملأ الدنيا أشعتها / لا تستطيع لها الأقطار كتمانا
قد صان مملكة الإسلام أجمعها / فصانه الله حِفظاً مثلما صانا
وما ادّعى الفخر مجدٌ في صنائعه / إلاَّ أقام عل ما قال برهانا
الله يكلأه مما يحاذره / وزاده الله بعد الأمن إيمانا
وهل يبالي بشيءٍ أو يحاذر من / أمرٍ ويرهب أمثالاً وأقرانا
من كانَ مستنصراً بالله متخذاً / حزب الملائك أجناداً وأعوانا
رأت من الملك السامي جلالته / فطأطأت أرؤساً منها وتيجانا
أبدت خضوعاً وقرّت أعيناً وجلت / عن القلوب من الأضغان أدرانا
صافى فصوفي حتَّى لم تجد أحداً / إلاَّ ويوليه بالنعماء شكرانا
صلب على الخصم لو تلقى الخطوب به / في نارها طول هذا الدهر ما لانا
يقضي النهار بأحكام يُدَبّرها / رأياً ويتلو بجنح الليل قرآنا
وأظهرت بالعراق العدل رأفته / من بعد ما مُلِئت ظلماً وعدوانا
فانقادت الناس عن أمرٍ لطاعته / طوع القياد فلا تأباه عصيانا
نعم الرجال رجال يحدقون به / كانوا لدولته الغَرّاء أركانا
كم أحرقت شهبه للماردين فما / أبقَتْ على الأرض للباغين شيطانا
رأت له معجزات الفخر فاختلقت / مذاهباً في معاليه وأديانا
فأجمعت أممُ الإفرنج واتَّفَقَت / على محبَّته شيباً وولدانا
بينا تراهم أسودَ الحرب إذ وُجِدوا / يحلّقون بجوّ الفخر عُقبانا
يقاتلون العدى صَفًّا فتحسبهم / في يوم معترك الأعداء بنيانا
فالبصرةَ الآن في خفضٍ وفي دعةٍ / وكلّ خير أتاها من سليمانا
أجاد فيما يراه من سياستها / فزان ما كانَ قبل اليوم قد شانا
وكيفَ أسلو أحبَّاءً مُنِيت بهم / وما وجدت لهذا القلب سلوانا
يا شدَّ ما راعني يوم الفراق ضحًى / ودَّعْتُ فيه من الغادين أظعانا
ولا يميل إذَنْ إلاَّ إلى شرف / ذو اللبّ متّخذ الأَشراف أخدانا
ولا سمعت بشيء من مناقبه / إلاَّ انثنيت بما أسمعت نشوانا
تَتَبَّعوا المجد حتَّى قال قائلهم / أحْيَتْ ملوكُ بني عثمان عثمانا
فأطلقت ألْسُنَ الدنيا مدائِحُه / وأسْمعت مَن بها سرًّا وإعلانا
جمعت منها قلوباً قلَّما اجتمعت / محبَّة فيك ساداتٍ وأَعيانا
وإنْ تلفَّظت في نطق وفي قلم / قرّطت من دور الأَلفاظ آذانا
لقد حكيت وما فاتتك فاتنة / قسّ الفصاحة أو ناظرت سحبانا
أحْسَنْتَ في كلِّ ما دبّرْت من حكم / جُزِيتَ عن ذلك الإِحسان إحسانا
فمن كمالك عن رأي ومعرفة / وضعت للعدل والإِنصاف ميزانا
فضل من الله أُوتينا الكمال به / فضلتَ غيرك معروفاً وعرفانا
لله درّك بين الناس من فطن / حيّرت في ذهنك الوقَّاد أذهانا
حلم به تترك النيران باردةً / وعزمة تترك الأَمواه نيرانا
لا تُنزلُ الجود إلاَّ في منازله / وما عزّ عندك من شيء وما هانا
أبصرت أشياءَ لا تخفى منافعها / كأن الأَوائل عنها الدهر عميانا
والناس من ذلك التنظيف يومئذٍ / كأنَّما انتشقت روحاً وريحانا
سقيتنا الماء عذباً ما به رنق / فأصبح الظَّامئ العطشان ريَّانا
ولم تدع وجميع الناس تملأه / ممَّا يزيد بمرضى البحر بحرانا
صحت بك البصرة الفجار من مرض / أضرَّ بالناس أرواحاً وأبدانا
من بعدما كانَ الأَمراض قد صبغت / منها الوجوه بصبغ الموت ألوانا
من ذا الَّذي ينكر الأَشياء حينئذٍ / وقد قلبت من الأَبدان أعيانا
يا دوحة المجد نزكو في مغارسها / أصلاً وفرعاً وأغصاناً وقضبانا
على جبينك خَطَّ المجدُ أسطُرَه / وكم قرأت لذاك الخطّ عنوانا
ويا لك الله إن حرَّزت من رجل / يمثّل السحر ألفاظاً وتبيانا
تجنى ثمار المعالي من رسائله / حتَّى غدت عن رياض الفضل بستانا
ومذ بدا وجهك الزَّاهي لأعيننا / جلا عن البصرة الفيحاء أحزانا
وفي قدومك ما تمَّ السرور به / وربَّما غابت الأَقمار أحيانا
وغادةٍ لو بروحي بعتُ رؤيتَها
وغادةٍ لو بروحي بعتُ رؤيتَها / لكنْتُ والله فيها غيرَ مغبونِ
ما البَدر والغصن أحلى من شمائلها / كأَنَّها من بَناتِ الحُور والعينِ
ناحَتْ مُطَوَّقَةٌ في البان تُزْعِجُني
ناحَتْ مُطَوَّقَةٌ في البان تُزْعِجُني / بما تُهَيِّجُ من وَجْدي وأشجاني
كأَنَّما هي إذ تشدو على فَنَن / تشدو بذكر أُصَيْحابي وجيراني
يا وُرْقُ مالكِ لا إلفٌ أُصِبتِ به / ولا تناءَيْتِ عن دار وأوطان
فإنْ بكيتِ كما أبكي على سكن / فأَينَ منك همول المدمع القاني
إنِّي لفي نارِ وجدٍ لا خمود لها / وأنتِ حَشْوَ جنانٍ ذات أفنان
وفي الحشاشة ما ألقاه من ظمأٍ / إلى غرير بماء الحُسن ريَّان
إذا جنى الطّرف منِّي عنده نظراً / أَماتَني طرفُهُ الجاني وأحياني
كنَّا وكان وأيَّامي بذي سَلَمٍ / بيضٌ وقد صارَمَتْني منذ أزمان
فهلْ يُبَلُّ غليلُ الوجد بعدهم / من مُغْرَمٍ دَنفٍ يا سعد ظمآن
يا سَعْدُ لا الوعدُ بالقاصي أرِقت له / ولا اصطباري بعد النأي بالداني
ولستُ أَنْفَكُّ والأَحشاء ظامئة / وإنْ سَقَتْها بوبل الدَّمع أجفاني
أصبو إذا سَجَعَتْ في البان ساجعةٌ / وقد أُراعُ لذكر البين والبان
عَليُّ لا زِلتَ مسروراً بسلمان
عَليُّ لا زِلتَ مسروراً بسلمان / مَسَرَّةً تتمنَّى مُنذُ أزمانِ
قد أعْلَنْتَ بالتهاني فهيَ معلنة / كما نؤمّلُ فيها أيَّ إعلان
فلا تزال مدى الأيام في طربٍ / مُنَعَّم البال في رَوحٍ وريحان
وسرّك الله في تزويج ذي شرف / من دوحة من علاء ذات أفنان
وخير ما أَنْتَ قد زوّجتَ من ولد / كفواً بكفوٍ وأقراناً بأقران
هنّيتُه بسرور في تزّوجه / ولو درى بسروري فيه هنَّاني
أسْدَيتَها مِنّةً بات الهناء بها / يُعيد آثار أفراح بأعيان
فَضْلٌ من الله ما تسديه من منن / تجرُّ في حَلَبات الفضل أرساني
يا متبعاً هبة الأولى بثانية / وطالما تتبع الحسنى بإحسان
شكراً لأيديك ما زلت تفيض لنا / مناهلَ الجود تروي كل ظمآن
تنهلُّ ما اعترض العافي سماحتها / فأنتَ والعارض المنهل سيّان
عَلَتْ برِفْعَتِك السادات وافتخَرتْ / حتَّى لقد خِلْتَها تعلو لكيوان
وكيفَ لا تتعالى سادة نجب / فيها عليٌّ عليُّ القدر والشان
فكم تجلّى لنا من وجهه قمرٌ / فراح يجلو به همّي وأحزاني
الله أبقى بكم في الذكر خالده / وكل ذكر خلا أبنائكم فان
به التقى قمرا حسن سما بهما / في المجد والتفَّ غصن البان بالبان
يهنيكم آل بيت المصطفى فرحٌ / عمَّ البريَّةِ من قاصٍ ومن دان
فسَرَّكم ما رأيتم والسماع به / سماع هاتف للبشرى بألحان
فقال والقول للداعي مُؤَرِّخُه / سُروركم دامَ في تزويج سلمان
يا مَعْشَر السادة الأشرافِ لا بَرِحَتْ
يا مَعْشَر السادة الأشرافِ لا بَرِحَتْ / تسمو إلى المجد أشياخاً وفتيانا
طلَعْتُم أنجماً بالعزّ مشرقةً / والأنجمُ الزهر قد يَطلعنَ أحيانا
لتهنكم بمسرّاتٍ نفوز بها / بُشرى كما تنعش الأرواحُ أبدانا
بشارة بغلام قَرَّ أعينكم / قد أعْلَنَتْ بقدوم الخير إعلانا
ومذ بَدَتْ من ضياء الدِّين غرّته / جَلَتْ عن القلب أدراناً وأحزانا
من دوحة من رسول الله منبتها / تفرَّعَتْ منه أغصاناً وقضبانا
طالت به واشمخرت في العُلى وسمت / حتَّى لقد طاولت بالمجد كيوانا
إذا ادّعى الشرف السامي تفرُّدَكم / في المجد أظهر في دعواه برهانا
يا أشرف النَّاس بين المنجبين أباً / وأرجحَ النَّاس إنْ رُوجِحْتَ ميزانا
بوركتَ في وَلَدٍ أرِّخ بمولده / تَمَّ السُّرور بداود بن سلمانا
يا سيّداً سادَ في الأشراف أجمعِها
يا سيّداً سادَ في الأشراف أجمعِها / ولم يَزَل سيّد السادات مُذ كانا
إنّ النقابة قَرَّتْ فيك أعْيُنها / وفاخَرتْ بك كبّاراً وأعيانا
والحمد لله إذ فاتك يومئذ / بشارة تُعْلِنُ الأفراح إعلانا
من جانب الملك العالي بعزَّتِه / على جميع ملوك الأرض سلطانا
عبد العزيز أدام الله دولته / وزادَ في ملكه أمناً وإيمانا
أعلى ملوك بني الدنيا وأرفعها / قدراً وأعظمها في عصره شانا
لو وازنته ملوك الأرض قاطبة / لكان أرجحها في العز ميزانا
أو حاربَ الكفرَ أضحى وهو متخذٌ / حِزْبَ الملائك أنصاراً وأعوانا
حامي حمى ملّة الإسلام حارسها / لأمْره أذْعَنَتْ لله إذعانا
لولاه ما نُشِرت للعدل ألويةٌ / وربّما امتلأتْ ظلماً وعدوانا
ولاّك ما كنتَ أهلاً أن تكونَ له / مُشَيّداً من مباني المجد أركانا
وبالنقابة في عام نُؤَرِّخُه / إليكَ قد بَعَثَ السلطان فرمانا
هَلْ تَذكُرَنَّ بنجدٍ يومَ ينظِمُنا
هَلْ تَذكُرَنَّ بنجدٍ يومَ ينظِمُنا / لآلئاً شَمِلَتْ فيها ومَرْجانا
والرَّبعُ يُطلِعُ أقماراً ويُنْبِتُ في / منازل الحيّ حيّ الجزع أغصانا
والعيش صَفوٌ يروق العين منظره / يهدي لأرواحنا رَوْحاً وريحانا
فما ترى عينُ رائيها وإنْ طمحت / إلاَّ أسوداً بميثاءٍ وغزلانا
من كلِّ أهيفَ حُلْويِّ اللمى غنجٍ / إن ماس هَزَّ على العشاق مرّانا
ولَيّنِ العَطفِ قاسي القلب لم نَرَهُ / رَقَّتْ شمائلُه للصَّبِّ أو لانا
مضى الهوى وانقضت أيّام دولته / حتَّى كأنَّ زمان اللهو ما كانا
ليتني سَلَوْتَ أحبّاءً مُنيتِ بهم / ولا ذكرتُ على الجرعاء جيرانا
فاترك ملامَك عندي حين أذكرهم / إساءةً منك فيهم وإحسانا
يا هل تراني أرى ما أستقرُّ به / أم هل ترى قلبي الظمآن ريّانا
قد كانَ دمعي عزيزاً قبل فرقتهم / واليوم كلُّ عزيزٍ بعدهم هانا
يا منزلَ السّادة الأشرافِ قد نَزَلَتْ
يا منزلَ السّادة الأشرافِ قد نَزَلَتْ / فيك الأماجد من أشراف عدنان
وأشرَقَتْ فيك كالأقمار أوجههم / وقد يفوقون في حُسنٍ وإحسان
وأَنْتَ يا من يجيل الطرف حينئذ / في جنّة زُخْرِفَتْ منهم وبستان
الحسن متّفق فيها وما اختلَفَتْ / إلاَّ بأشكال أزهار وألوان
من كلِّ زَوج بهيج أنبتت ورَبَت / لتنعش الروح في رَوح وريحان
فإنَّها وأبيك البَرّ قد بُنِيَتْ / دار السرور لأحباب وإخوان
فبوركتْ دار سادات مُؤَرَّخة / وعُمِّرت دارُ سلمان بسلمان
أنظرْ إلى دار حسن قد حَلَلَتْ بها
أنظرْ إلى دار حسن قد حَلَلَتْ بها / وما يَسُرُّك من رَوضٍ وبستان
وانشق عبير شذا أزهارها فلقد / أهدَتْ إليك شذا روح وريحان
أجاد غارسُها غرساً وأحسَنَ في / ما قد بناه فإحكام وإتقان
تحلُّها السادة الأشراف لا برحَتْ / مأوى الأماجد من سادات عدنان
فاقت على غيرها فضلاً بساكنها / لمّا بناها وكان الفضل للباني
فقال من قد رآها حين أرّخها / دارٌ لسلمانَ قد فاقت بسلمان