المجموع : 14
إذا مدحتُ مُعزَّ الدين آونةً
إذا مدحتُ مُعزَّ الدين آونةً / فما زهيرٌ بمذكورٍ ولا هرمُ
إن قلتُ فالدر يخفي حسن رونقه / أوْ جاد فالبحر يستحيي ويحتشمُ
هو الجواد وسُحُبُ الجو حابسةٌ / وضاربُ الهام والجأواءُ تضطرمُ
مظفَّرٌ في مساعيهِ ومَطْلبهِ / في سعده ينجح الأفْدامُ والبَهَمُ
لا خاضعٌ ُطْمعُ الأعداءُ لينَته / ولا صخوبٌ على أتباعه بَرِمُ
مستبشرٌ ووجوه الخيلِ عابسةٌ / وعابسٌ وقؤولُ الهُجر مُبتسمُ
ثَبْتٌ جريءٌ لدى نادٍ ومُعتركٍ / تظلُّ تحسدهُ الأطوادُ والخُذُمُ
فأنْفسٌ بجميلِ الحلْم مُعْتَقةٌ / آناً وأُخرى بمر البأس تُخترمُ
وجعٌ وكفٌّ مضيءٌ عند مُندفقٍ / كما تقابل قرنُ الشمس والديمُ
فالواهب الرخْص يغني فقر سائله / والواضحُ الطَّلق تجلى عنده الظلم
كل الملوك وإنْ جلَّتْ مراتبُهمْ / لِسنجرٍ ومعالي سِنْجرٍ خَدَمُ
ذلَّت رقابهمُ من فرطِ هيبتهِ / فما لمعتصم ناوأهُ مُعْتصَمُ
تُزجى أوامرُه والدارُ نازحةٌ / كأنها لِتوقي بأسهِ أمَمُ
سرٌّ من الله محمودٌ خصصتَ به / ذلَّتْ له العربُ العرباءُ والعَجمُ
كأنَّ خيلك في الغارات موجفةً / سيدانُ قفرٍ وفرسان العدى غَنمُ
إذا شكتْ من عناء الطردِ مَسغَبةً / فلا مطاعمَ إلا النَّقْعُ واللُّجُمُ
وكم وردت دياراً تُرْبها فُرشٌ / ثم أنثنيت وأعلى تُربها رِمَمُ
وغادرٍ عِفْت أن تغري الخميس به / فغالُ الخوفُ لما فاتهُ البُهَمُ
مشى إليك ذليلاً بعد عِزَّته / يخشى الحمام فتحمي نفسهُ الذممُ
كأنَّ سهمكَ إذ تنحو الرميَّ به / صواب رأيك لما أعْيتِ الحكمُ
كأنَّ عزمكَ إذ تمضي هواجسُهُ / غِرارُ سيفك لا نابٍ ولا قَصِمُ
كأن طِرْفك إذ يجري بأربعةٍ / بنانُ كفكَ إذ يجري به الكَرَمُ
موْلى المُلوك ومولى الأرض قاطبةً / ومن له دانتِ الأملاكُ والأمَمُ
يهنيك صونُ دُبيس وهي مَنْقبةٌ / تبقى محامدها ما أورقَ السَّلَمُ
حفظت منه مشيداً من بُنى عربٍ / وكاد لولا حِفاظٌ منك ينهدمُ
وضعتَ بيض الأيادي عند ذي خطرٍ / يزكو لديه جميلُ العُرْف والحرمُ
من معشرٍ ينهلون البيض من علق / ويُطعمون إذا ما اشتدتَِ الإزَمُ
فامددهُ منكَ بإعزازٍ وتَقْويةٍ / كيما تعودَ له الأوطانُ والنعمُ
ولَّيْت أمر الرعايا حازِماً يقظاً / خِرقاً عليماً فمات الجهل والعدمُ
لا طامعاً تُفسدُ الآراءَ بُغيَتُه / ولا دنيَّ الأماني فهو مُغْتنمُ
لا يعتريه خمولٌ أن يُقال ترى / مَنِ الوزيرُ ولكن اسمهُ عَلَمُ
أنضيتُ شُكركما لفْظاً ومُعتقداً / فكل جارحةٍ مني بذاكَ فَمُ
ولو تأمَّلَ سلطانُ الورى هِمَمِي / أضاءَ ليلٌ وعاشت أعظمٌ رِمَمُ
أبا الفوارسِ والأيامُ شاهدةٌ
أبا الفوارسِ والأيامُ شاهدةٌ / أنت الجواد إذا ما عزَّتِ الديمُ
ما كنتُ مادحَ خِلٍّ غير ذي شرف / أبى لي المجدُ والعلياءُ والهِممُ
الخوف والمحْلُ مهزومان منك إذا / جرى بكفك بأس النَّصر والكرمُ
فحيثما كنت من أرضٍ فلا فرقٌ / يروعُ جاراً دنا منها ولا عَدمُ
من كفك الدهر في جدب ومُعترك / لا يُمسكان نوالٌ هاطلٌ ودَمُ
إذا شهدت الوغى رَوْعاءَ هائلةً / تخاذلت لك هام القوم والقِممُ
فهامةُ القرنْ قبل الضرب طائحةٌ / ومهجة الذِّمر قبل الطعن تُخترمُ
طبعت سيفك من عزم خُصصت به / وعامل الرُّمح من رأيٍ لهُ حكمُ
فقاطعٌ وسيوف الهند نابيةٌ / ونافذٌ ونحور الحُمْسِ تنقصِمُ
ومن كمثل حسام الدين في رهَجٍ / واللأمُ يُخْرقٌ والخطِّيُّ ينحطمُ
طلق المُحيا ووجه الشمس منكسف / تبكي السيوفُ دماءً وهو مُبتسمُ
سهل الخلائق ما من وده مللٌ / يُقصي الصحاب ولا في طبعه سأم
نارٌ من السخط للأعداء محرقةٌ / وموردٌ من نوالٍ ماؤهُ شَبِمُ
تُثْني عليه تميمٌ وهي من علمتْ / عُلياً كنانةَ أنَّ المجد عندهُمُ
العام يفخرُ بالشهر الحرام تُقىً
العام يفخرُ بالشهر الحرام تُقىً / والصاحب الصدر فخر الأشهر الحُرم
عَفٌّ عن العار والمحظور مُبتدرٌ / مغانمَ الخير وافي العهدِ والذِّممِ
عاداتهُ الدهرَ والعلياء شاهدةٌ / البأسُ في الخط والاِطعام في الازمِ
تلقى جمال الورى في كل رائعةٍ / طَبّاً بقتلِ كميِّ الجيش والعدمِ
فعاش للمجد ما جنَّ الظلامُ وما / غنَّى الحمام وأغنْى ساكب الدِّيمِ
لا أوحش اللّهُ طرفي من تشرُّفه
لا أوحش اللّهُ طرفي من تشرُّفه / بأبلجِ الوجه تحلو عندهُ النِّعَمُ
بفارسِ البأسِ والجود العميم اذا / ذَلَّ الكميُّ وعزَّ القَطْرُ والرِّهم
غرس الخلافة والصدر الذي شهدت / بفضله الغادياتُ الوطْفُ والدِّيم
ومن اذا مُضَرُ الحمراء أوضحها / سنا الفخارِ الذي دانتْ له الأممُ
حلَّ الذرى من تميمٍ في مُخلَّقَةٍ / شمَّاءَ تقصُر عن اِدراكها الهِممُ
من دارمٍ حيث لا النَّعماءُ مفْردة / دون العُفاةِ ولا اللأواءُ تقتسم
فلا عدا شرف الدين الثَّناءُ فقد / طابت مساعيه والأنسابُ والشِّيمُ
سألتُ ربي ورب الناس كلِّهُمُ
سألتُ ربي ورب الناس كلِّهُمُ / تَضرُّعاً واليه يصعدُ الكَلمُ
أن يصرف السوء عن حوباءِ محتمل / أوْقَ المكارمِ تحلو عندهُ النِّعمُ
وأنْ يُعيذَ بهاء الدين من وصبٍ / يعتلُّ منه العُلى والمجدُ والكرمُ
يفِرُّ عن جاره في كل نازلةٍ / وضيْفهِ القاتلانِ الجورُوالعدمُ
بيتُ المناقبِ لا حلَّتْ بساحتهِ / كريهةٌ ما استمرَّ الصبُّح والظلَم
ما كان للعين ذنبٌ تستحقُّ به
ما كان للعين ذنبٌ تستحقُّ به / حِرْمانَ رؤيتكْم والدارُ عن أمَمِ
سوى اقْتصارٍ على دمعٍ ببُعدكِمُ / وكان أجدر شيءٍ لو جرتْ بدَمِ
عليَّ اِن كان وردي لَذَّ مشْربُه / بعد الفِراق لِمولي العُرْفِ والنعمِ
دمُ الهدايا بأيدي الركب مُشَعَرةً / يسعى بهنَّ حجيجُ المنزلِ الحَرم
للهِ دَرُّ غَمامٍ سَحَّ صيِّبُهُ
للهِ دَرُّ غَمامٍ سَحَّ صيِّبُهُ / سَحّاً علىَّ ولم ألمحْ ولم أشمِ
هَمى ومُرًّ اِبائي غيرُ مُغتْصبٍ / مني وأقعس عزِّي غيرُ مُهتْضمِ
فَبِتُّ أزْجي القوافي كل شاردةٍ / غرّاءَ عالمَةٍ بالشُّكْرِ للنِّعْمِ
وما الغمام سو كفِّ ابْن منْقبةٍ / مُحسَّدٍ من بني الجاوانِ ذي همم
مُهلهلُ الخير والأيامُ قد شهدتْ / أنَّ المهلهل حلفُ البأسِ والكَرم
محطِّمُ السمر يوم الروع في مُقلٍ / ومُغْمِدُ الهند وانياتِ في القِمِ
وقاتلُ المحلُ بالجدوى اذا خمدتْ / نارُ القرى واضحلت نشأة الدِّيم
يسقي البلاد اذا اغبرَّتْ جوانبُها / في الجدب والحرب صوْبَيْ نائل ودم
ويُكْرم الضيف والجار المُقيمَ به / حتى يبيتا من الَّلأْواءِ في حَرَمِ
اذا اسْتغاثا ضياء الدين جاءهُما / غَيْرانَ يمنعُ بأس الجوْر والعدم
لا يستبيحُ أسيراً عند نُصْرتهِ / ولا يُقَحِّمُ في أعقابِ مُنهزمِ
ولا يُصارمُ وِدّاً غابَ جانبهُ / لكنهُ واصلٌ للْخِلِّ والرَّحِمِ
حمى أبا الماجدِ الرحْمنُ مالعبتْ / ريحُ الصَّبا بفروع الضال والسَّلم
دُعاء ذي شَغَفٍ بالماجدينَ ولا / كحُبِّهِ لكريمِ الأصْلِ والشِّيمِ
لا أرهبُ الغدر ممن بات يُضمره
لا أرهبُ الغدر ممن بات يُضمره / والّلهُ ثُمَّ جَمالُ الدولةِ الحامي
الفاضلُ الغيثَ والليث الجريء معاً / للمُستجيريْنِ في جودٍ واِقدامِ
يستصرخان وشيك النصر قد عَرفا / منه سجيَّةَ مِطْعانٍ ومِطْعامِ
اذا أناخا به والغُبْرُ عارِقَةٌ / كفاهما ٍسَغَبيْ خوفٍ واِعْدامِ
يرْعاكَ منه وانْ شَطَّ المَزارُ به / عهدٌ كريمٌ ووِدٌّ غيرُ أهْدامِ
يا طالب المجد إنْ حاولتَ غايتهُ
يا طالب المجد إنْ حاولتَ غايتهُ / فاستعبد الناس بالإِكرامِ والكرمِ
فلنْ يفوتَك مجدٌ عزَّ مطلبُه / إذا حويت سَخاءَ الكفِّ والقدِمِ
فقْرُ الأبيِّ إلى إكرامِ موضعهِ / أشدُّ من فقر ذي الإملاقِ والعدم
فقمْ لراجيك من قبل النَّوال تبِتْ / بين التَّواضع والإِحسانِ في حرم
تحرُّك المُزْن عند السَّحِّ أكسبهُ / جوامع الحمد من قاصٍ ومن أمَم
جاد السحاب وجاد الطَّودُ فاشتركا / عند النَّوال وكان الفضلُ للدِّيمِ
أسَرُّ بالبرقِ لا حِرصاً على الديم
أسَرُّ بالبرقِ لا حِرصاً على الديم / عسى يبيتُ سناهُ هادياً قَدَمي
وأخطبُ الودَّ قبل الرِّفد ما رضيت / به العُلى واطمأنت أنفسُ الهممِ
وأركب الظَّهر ظُهراً لا لُغوب به / جلْداً على الوعرِ مأموناً من السَّأم
إذا تُطيش حُبى الأيام عاصِفةٌ / خطوبها الهوجُ من طيشِ إلى لَممِ
في سوْرة الذعر حيث الذِّمْر مشتبهٌ / بالنِّكس والمِذل معدوداً من البُهَم
رستْ قواعد رضْوى فهي راسخةٌ / في عطفِ أفوه لم ينزقْ ولم يخِم
وباخلين مع الإِثراءِ شأنُهُمُ / منْع العطاءِ وسوءُ الغدر بالذِّمَمِ
يبيتُ جارُهمُ في الخطبِ ذا هلعٍ / وضيفُهم من شنيع الضُّرِّ في سقمِ
ذئابُ شَرٍّ فإنْ يُدعَوْا لصالحةٍ / كانوا حبيس نِقادٍ في ذَرى أطُمِ
داريتُ منهم صِلالاً غيرَ فارقةٍ / في النَّهش بين سراةِ الحي والقَزم
ورُضْت والكزَّة العوجاء عاطفةٌ / على مُثَقِّفِها حدْباءَ لم تَقُمِ
فإن أمات سروري فرطُ غَدْرهُم / فالدهر نشوانُ من فضلي ومن كلِمي
وإنْ تكنَّفني منْ شَرِّهم غَسقٌ / فالبدرُ أحسن إشْراقاً مع الظُّلَمِ
وإن رأوا بخس فضلي حقَّ قيمته / فالدرُّ دُرٌّ وإنْ لم يُشرَ بالقيمِ
جادلتُهم بلسانٍ غيرِ جارحةٍ / والحالُ أنْطقُ أحْياناً من الكَلِم
فقلتُ شتَّانَ ما بيني وبينكمُ / كما تباعدَ بين الغَوْرِ والعَلَمِ
سهرْتُم للغِنى لما رقَدْتُ له / ونمْتُم للمعالي حينَ لمْ أنَمِ
قعدْتُم وثَراءُ المالِ يُنْهضُكمْ / وسرتُ شدَّاً وقد أوثِقْت بالعدمِ
ما ضرَّني ما أضعتُمْ من محافظتي / والصاحب الصدر بعد اللّه مُعتصَمي
حِما الجُناة ومطْعامُ العُفاةِ إذا / قَلَّ المحامي وجلَّت سورةُ الإِزم
وهازمُ الخطب والجدب الشنيع معاً / فالخطب بالباس والَّلأواءُ بالكرمِ
وحاسب الدثْر نزراً حين يبْذُلُه / فالبحر كالقَلْت والشرْيان كالرَّتَم
وحاملُ العِبءِ لو رضْوى تَحمَّلُه / لأصبح الطَّوْدُ معدوداً من الأكَمِ
إذا نَوارُ المَعالي شَطَّ نافِرُها / حَوى شَواردها بالسَّيف والقلَمِ
فأرْضُهُ لمُناويهِ وآملِهِ / جيَّاشةٌ من نَوالٍ فائِضٍ ودَمِ
لا يركبُ البغْي إِما سَرَّهُ ظَفرٌ / ولا يُشوِّهُ حُسن النَّصْر بالنِّقم
ولا يُسِرُّ سوى ما راحَ يظهره / كالسيف في الغمد أو كالسيف في القِمَم
وزائرٍ كالدُّجى لكنْ كواكبُهُ / من الأسِنَّةِ والمصْقولةِ الخُذُمِ
يخشى العَزازُ وشمس الصبح وطأته / ما بين مُلْتثمٍ نَقْعاً ومُنْهَدمِ
فالصُّمُّ من شدَّة الإيجافِ هايلةٌ / والشمس من مُسْتثار النَّقع في سقم
يَسْحَنْفرُ العلَقُ القاني ويُعْجله / إلى الحضيض مسيح العذر واللُّجم
ويرجحِنُّ كثيفاً جَوْنُ عِثْيرهِ / كأنما اللُّوحُ مدحوٌّ من الرَّضَمِ
كأنَّ سبَّقه تحت الكُماة ضُحىً / غولٌ تخُبُّ بأسْدِ الغاب والأُجُم
يلمحْنَ آنيَّ مُحْمرٍّ بناضِبَةٍ / وقد طويْنَ بياض الموردِ الشَّبِم
تتلو العَواسلُ من ضُرٍّ عواسلهُ / وتُسنق الحربُ بين النَّسْر والرخم
وتكْفَهِرُّ المَنايا في فَوارسِهِ / فلا ترى غير طلْقِ الوجه مُبتسِم
إذا تَساقوا صريحَ الموتِ سَرَّهم / كأنه خمْرُ أكْوابٍ بلا فُدُمِ
ساموا حريم العُلى والمجد منقصةً / واللّهُ حامي حريم المجدِ في القدم
سللْتَ يا عضُد الدين الهُمامَ لهم / سيفاً من الرأي عضباً غير ما قَضمِ
شللتهمْ برَويٍّ لا نُبوَّ به / تنبو الظُّبى وهو ماضٍ غيرُ مُنثلم
فأصبح الجيش قد شالتْ نَعامتهُ / ما بين مُعفرٍ ثاوٍ ومُنْهَزمِ
ومُقْترٍ عصفتْ غُبْر السنين به / كالهُوج تذرو سفير الضُّال والسَّلم
جَمِّ الأُبَيَّةِ لا ينقادُ مُصْعبُهُ / ولا يَعُدُّ نعيمَ الذُّلِّ في النِّعَمِ
بَزَّتْهُ أيامهُ أرْماقَ بُلْغَتهِ / فازداد صوناً على اللَّزْبات والقُحَم
يحلُّ أخصب أرضٍ وهو ذو شظف / وينظرُ الغمْر لم ينْقع ولم يَعُمِ
يبغي سحوح الحَيا من غير مسألةٍ / فطرفهُ الدهرَ لم يلمح ولم يَشمِ
إذا تجيشُ به يوماً حفيظَتُه / أنْحى عليها وقال الذنبُ للقِسَم
لسيفِ مِقْولهِ في كلِّ مجْلبةٍ / غمدٌ من الحزم أو غمدٌ من الكَرم
حتى إذا عادَ نِقْضاً بعد شِرَّتهِ / وكادَ يلْحقُ بالأمواتِ والرِّممِ
همى أبو الفرجِ الفيَّاض يُمطره / بوابلٍ من عطايا كفِّه رَذِمِ
فأصبح الهامدُ المُغْبرُّ تحْسُدهُ / خمائلُ الحَزْن غِبَّ الطَّل والرِّهم
فللأكاسرةِ الأقْيالِ أولُهُ / أُولي الأساور والتيجانِ والعِصَمِ
وللسَّراةِ من الإسلام شافِعُهُ / بني العُلى ومشاري الخلق والأمَمِ
هما له من سَراةِ المجد في شرفٍ / مُقابَل الفخر بين العُرب والعَجَم
بِطانةُ الخلفاء الغُرِّ ليس لهمْ / في غير صحبة ذاك المجد من قِدَمِ
شادَ المُظفَّرُ ما أعلاهُ والِدهُ / فزادهُ وكِلا المجدين ذو شَمَمِ
وأقبلوا كالنُّجومِ الزُّهْرِ كلُّهم / يهدي إلى منهجِ العلْياءِ واللَّقَمِ
فحين أحرزَ عِزُّ الدين غايتَهُمْ / وفاقهم في السَّجايا الغُرِّ والشيَم
نمى جمالَ الورى كالسُّحب مفخرُها / بالغيث والغيثُ محيا الناس والنَّعم
فجاء أثبتَ من طودٍ وأكرمَ من / جَوْدٍ وأشجع من ضرغامةٍ قَرم
يجود بالبَدرة البَدْراءِ راجحَةً / ولا يمُنُّ بعقْرِ التَّامِك السَّنمِ
سيف الإمام الذي سلَّتْه هِمَّتهُ / في يوم دعوته والخطبُ في ضَرمِ
فأثبتَ الحقَّ والألبابُ طائرةٌ / من شيعة الحقِّ والمأمونُ ذوتهُم
فدام ظِلُّ أمير المُؤمنينَ لهُ / ما أشعرَ الهديُ وخَّاداً إلى الحرم
وهُنِّيَ الدهر والشَّهر الحرامُ به / فإنَّه في الورى كالأشهر الحُرُمِ
يا منْ شفيتُ بإسْهابي محامدَه / وكنت عند اختصاري غيرَ مُتَّهَمِ
لقد ذخرتَ وليّاً غيرَ مُنْتقلٍ / إذا أحبَّ وفَضْلاً غيرَ مُكتَتَم
وذا عُلومٍ مَقالُ الشعر أهْونُها / بل من مديحك صار الشعر ذا عِظَم
فامنحْ ودادك إنَّ المال مُشتَرَكٌ / وعشْ مُطاعاً كما تختارهُ ودُمِ
لا أوحش اللّهُ من أنوارِ منْقَبةٍ
لا أوحش اللّهُ من أنوارِ منْقَبةٍ / هي الجَلاءُ لِتَهْمامٍ وإِظْلامِ
تُضيءُ عن هاطل الكفَّين يحسدُه / دَرُّ الغمام ولُجُّ الخِضْرمِ الطامي
أعْني أبا جعفرٍ تاجَ الملوك ومَن / حَوى العُلى بين إِنْعامٍ وإقْدامِ
مروي الهوامد والبيض الصَّوارم من / ماءِ المَكارمِ سَحّاً أوْ دَمِ الهامِ
إذا نأى مطلبٌ أدْنَتْهُ هِمَّتُهُ / إليه ما بين أرْماحٍ وأقْلامِ
فللمكاتيب حَبْرٌ غيرُ ذي حَصرٍ / وللكتائبِ ذِمْرٌ غيرُ مِحْجامِ
يجلو الخطوب إذا اشتدَّت غياهبها / بواضِحَيْنِ سَنى رأيٍ وبَسَّام
أنا الوَليُّ يعيبُ الدهرُ أجمعُهُ / ولا أعيبُ ولا أُعْزى إلى ذامِ
فإن نأيتُ فَوُدي غيرُ مُنْتزِحٍ / وإِن شعثْتُ فودِّي غيرُ أرمام
له نوالان من بِشْرٍ ومن صِلَةٍ
له نوالان من بِشْرٍ ومن صِلَةٍ / يَفِرُّ عندهُما الإِظْلامُ والعَدَمُ
فالليلُ والفقرُ مهزومانِ من قمرٍ / حُسناه والحسن ضوء الصبح والدِّيم
إذا اهْتدى بهما سارٍ إلى أملٍ / فالوعْرُ مُستَسْهَلٌ والمُنْتأى أمَمُ
نشوانُ من طربٍ بالمجد تحسبُه / نزيف كأسٍ به من حُبِّهِ سَدَمُ
إذا غَدا سُخطه ناراً مُؤجَّجَةً / على العِدى فرضاهُ موردٌ شَبِمُ
ثبْتُ الحُبى طائش الأقلام أسطره / جَحافلٌ ومجاري نِقْسِهِنَّ دَمُ
إذا كُلومُ الظُّبى لم ترد مُقتحماً / أردَتْه أحرف ذاك الطِّرس والكلِم
فالخطُّ فوق رماحِ الخَطِّ منزلُه / هذا صحيح المعاني وهي تَنْحَطِمُ
مُستَعْبرٌ عند ذكْر اللّه مُعْتبرٌ / تبكي السُّيوفُ دماءً وهو مُبْتسمُ
يحنو على الناس إِشفاقاً ومَرحَمَةً / كأنما بينهُمْ منْ لُطْفِه رَحِمُ
ويوسعُ الجرم صفحاً وهو مُبتدرٌ / إذا استقلَّتْ حدود القُدرة النِّقَمُ
بِنا يكونُ حليف الذنب مُعْتذراً / أمْسى شفيعاً لمن يجني ويجْتَرِمُ
تاجُ الملوك الذي أرْبتْ مكارمهُ / على الكرام وإِنْ جادوا وإنْ كرَموا
نوالُهُ من شنيع الجَدْبِ مُرتَبَعٌ / وبأسُهُ من فع الخطْب مُعْتصَم
وزيرُ خيرٍ إذا أمسيتَ صاحِبهُ / فالخوف أمنٌ ومحذوراتُه حَرَم
وما أبو جعفرٍ إِلاَّ مُنيفُ ذُرىً / من الجبال وصوُبٌ منْ حَياً رَذِم
فاللّهُ يُبْقيهِ ما غَنَّتْ مُطَوَّقةٌ / فإنهُ بينَ أبناءِ العُلى عَلَمُ
وأبْقيَتْ صِحَّةُ الدُّنيا بصحَّته / فالدَّهْرُ يألَمُ إِمَّا مَسَّهُ ألَمُ
له عن الشَّرِّ إِعْراضٌ ومجتنبٌ
له عن الشَّرِّ إِعْراضٌ ومجتنبٌ / وفيه للخير إِقْدامٌ وتصْميمُ
يُغري التَّوكُّل بالأهوال عاصفةً / فالصَّبرُ مُنتصرٌ والخطبُ مهزوم
لا يغلبُ الحلمَ من عاداته غضبٌ / ولا يشُحُّ ببشْرٍ وهو مهْمومُ
يكادُ يلثمُ أيدي الناس من كَرمٍ / ونعْلُهُ بشِفاهِ الصِّيدِ ملْثومُ
يحْوي مودَّتهُ من غير سابقةٍ / مَلْقىً وجيزٌ ويبني العهد تسليم
فلا لجُرْمٍِ نَفاذٌ في مُعاهدةٍ / يوماً ولا الودُّ بالإعْراض مهدومُ
هاوي المكارم قالي كلِّ مَلأمَةٍ / فالمجدُ والعارُ موصولٌ ومصرومُ
سِلاحُه وكميُّ الروع في رَهجٍ / والمالُ كلٌّ بحبِّ المجد مظْلومُ
فالمال نَهبُ ندىً والذمر نهب ردىً / والسيفُ مُنْثلِمٌ والرمح محطومُ
طَعامُهُ وكَراهُ دونَ حاجَتِهِ / فالزادُ والنَّومُ تَلْهينٌ وتهْويمُ
مقامُ عافيهِ من نَعْماءِ راحَتِهِ / روضٌ مَجودٌ مع الأسحار مرهوم
وكفُّهُ وبلادُ اللّهِ مُجْدِبَةٌ / جَوْنٌ يسُحُّ غزير الماء مرْكومُ
فيصدرُ الرَّكبُ عن باحاتِ منزله / وكلُّ نِضْوٍ لفرط الخصب ميثوم
هو الوزير الذي إِشراقُ غُرَّتهِ / يجلو ظلام اللَّيالي وهو عُلْجومُ
تاج الملوك ومكْفى كلِّ مضطهدٍ / فالضَّيف ذو ثروةٍ والجار معصوم
قالوا أبو جعفرٍ ورْدٌ لذي ظمأٍ / فقلتُ ما كلُّ عين الماءِ تَسْنيمُ
أعانَ صبري على دهري فنازلَهُ / مني كميٌّ شديد البأس صِهْميمُ
وصانني أن يقول الناسُ وا أسفا / فضلٌ كشمس الضحى والحظ يحموم
فعاش مُشْتمَلاً بالعِزِّ ما طلعتْ / شمس وحنَّتْ إلى أوْرادها الهِيمُ
يا مودَع السِّرِّ سِرِّ اللّهِ خُصَّ به
يا مودَع السِّرِّ سِرِّ اللّهِ خُصَّ به / ومُجْتباهُ لحفظِ الدين والأُمَمِ
وناشِرَ العدل في الدنيا ومُنْشِرَهُ / من بعد ما كان معدوداً من الرِّمَمِ
وواهِبَ المُدْن والأمْصار حاشدةً / بغير مَنٍّ ولا مَطْلٍ ولا نَدَمِ
هوى لي الجودُ من كفَّيْكَ مُنهمراً / كما استهلَّ مُسِفُّ العارض الرَّذمِ
فقمْتُ بالشكر للنَّعْماء أنْشُرهُ / مُفوَّهاً بين مَنْثورٍ ومُنْتَظِمِ
حتى مَلأتُ بلادَ اللّهِ قاطِبَةً / بمدحِ أبْلَج مِعْوانٍ على الإِزَم
بمُسْتَضيءٍ مُحَيَّاهُ وراحَتُهُ / يُجلِّيانِ كُروبَ الظُّلْم والظُّلَم
وللنَّوالِ تَمامٌ إِنْ مَنَنْتَ بهِ / صَرفت شوْبَ القذى عن خالص الكرم
بَقيتَ للمجْدِ تَبْنيهِ وترْفَعُهُ / فما ينْبتَ فباقٍ غيرُ مُنْهَدِمِ