أهلُ الهوى بالذي أهواهُ قد علموا
أهلُ الهوى بالذي أهواهُ قد علموا / اِنْ كان حقاً فتعذيبي بهمْ نِعَمُ
يكفي المحبينَ لطفٌ منهمُ ويدٌ / متى أحاطَ بما يَلْقونَ علمُهمُ
أحبّة بعدوا عني ولو علموا / بما أُعانيهِ مِن بُعدِ الهوى رَحموا
تَهُزُّني نشوةُ التَّذكارِ قاتلةً / اِذا أدارَ عُقارَ الشوقِ ذكرُهمُ
وأنثني مِن لظى الأشواقِ في حُرَقٍ / اِذا استقلتْ عنِ الجرعاءِ عيسُهمُ
لا كنتُ أن لم أمتْ من بعدِهم أسفاً / وهل يردُّ عليَّ الفائتَ الندمُ
قومٌ إذا قلتُ طولُ البُعدِ يُحِوجُني / الى سلوَّهم أغرانيَ الَدَمُ
قومٌ أسلموني إلى البلوى فليتهمُ / مِنَ الزمانِ ومِن احداثهِ سَلِموا
ابكي ويبكي / اِذا سطّرتُ مشتكياً
مِنَ الفراقِ ومِن ساعاتهِ / القلمُ
اِنْ كنتُ أضمرتُ غدراً أو هَمَمْتُ به / فلا سَعَتْ بي إلى أوطانِهم قَدَمُ
هويتُهمْ والصَّبا تندى نضارتُه / وما سلوتُ وهذا الشيبُ والهرمُ
ألقى الغرامَ على العلاّتِ مِن جسدي / بناحلٍ شفَّهُ التبريحُ والسقمُ
متى تبسَّمَ ثغرُ البرقِ قلتُ له / قبل النوى هكذا قد كنتُ أبتسمُ
ساروا فعندي مِنَ الأشواقِ ما عجزتْ / عن حملِ أيسرِه الوخّادَةُ الرسُمُ
لم القَ يومَ النوى إلا حشاً قَلِقاً / ومدمعاً بأتيَّ الدمعِ ينسجمُ
يا حارِ أين ليالينا بذي سَلَمِ / مرَّتْ سراعاً وساعاتُ الدُّنا حُلُمُ
أنظرْ معي هل تبدَّى البرقُ منصلِتاً / كالنَّصلِ أو لاحَ لي مِن ارضهم علمُ
فِانَّ طرفي وقد سارتْ ركائبُهم / عنِ الربوعِ بفيضِ الدمعِ مُتَّهَمُ
واعجبْ لنارِ هوًى عندي وان ذَرَفَتْ / عيني الدموعَ من التفريقِ تَضْطَرِمُ
في مسمعيَّ عنِ العُذّالِ ويحَهمُ / وعن زخاريفِ ما جاؤوا به صَمَمُ
أأشتكيهمْ وهمْ مَنْ قد شكوتُ لهمْ / وجدي قديماً فما ملُّوا ولا سئموا
أكاد أعتبهم حيناً فيمنعني / ما كنت ألقى من الاحسان عندهم
معاذَ قلبيَ أن ينسى جميلَهمُ واِنْ أضاعوه / أو يُلهيهِ غيرُهمُ
في كلَّ ما شَعرةٍ منّي أخو كَلَفٍ / مغرًى بعهدهمُ لا حالَ عهدُهمُ
أين الأحبَّةُ لا شيءٌ يعادِلُهمْ / عندي ولو عدلوا في الحكمِ أو ظلموا
همُ المنى لو وردتُ الموتَ مِن ظمأ / وقيلَ لي ما الذي تختارُ قلتُ همُ
بانوا فلم يبقَ لي من بعدِهم أملٌ / قد كنتُ أرجوه إلا وَهْوَ بيْ ألَمُ
ما بالُ دمعي كما قد كان منسفحاً / مِنَ الفراقِ وهذي دارُهمْ أَمَمُ
أمِنْ تغيُّرِ ما بيني وبينهمُ / وقد وثقتُ بودًّ ليس ينفصمُ
أم مِن توقُّعِ بينٍ بتُّ أَحْسَبُهُ / خوفاً على مُهجتي لا عشتُ بعدهمُ
سقتكِ ديمةُ جفني يا ربوعَهمُ / حفظاً لعهدكِ أن لم تسقِكِ الدَّيَمُ
وكيف تَروي صدى الأطلالِ / لا ظمئتْ مدامعٌ ردَّها التفريقُ وهي دمُ
تبدَّلتْ وحشةً من بعدِما ظعنوا / عن ربعِها لا عدا الآثارِ انسُهمُ
ما كانَ عندي وقد كنتُ الضنينَ به / في مثلِ حبَّهمُ أن تُخفرَ الذَّمَمُ
ولا علمتُ وهذي شيمةٌ عُرِفَتْ / مِنَ الزمانِ بأنَّ الحُرَّ يُهتضَمُ
واِنَّما الحظُّ يحيا أو يموتُ كما / تَبلَى وتُنشَرُ مِن أجداثِها الرَّمَمُ
ومد لِجينَ على الأكوارِ رنَّحَهمْ / فرطُ النعاسِ فمالتْ منهمُ القِمَمُ
أفناهمُ فوقها طولُ الذميلِ فما / تطوي المهامةَ إلا العيسُ والهِمَمُ
في حيث للبيدِ آلٌ عَبَّ زاخرُه / وموجُه بعتاقِ العيسِ يَلتطِمُ
ضلوّا فأرشدَهمْ والسبلُ طامسةٌ / رأيٌ ودون المرادِ البيدُ والظلمُ
وربَّ حلبةِ شعرٍ جئتُ سابقَها / لم يَثنِ جامحَ شعري دونها الُّلجُمُ
فما ارجحنَّتْ دواعي الفكرِ آونةً / حتى رأيتُ القوافي الغرَّ تزدحمُ
ما استوقفتْها ولا وسَّمنَ شرّّبها / وقد شُنِقْنَ على آنافِها الحكَمُ
تأتي وفي لفظِها ما راقَ مسمعُه / حسناً وفي طيَّها الأمثالُ والحِكَمُ
مِن كلَّ قافيةٍ ما زلتُ أرصفُها / بالفكرِ فهي على الاِيثارِ تلتئمُ
كالدرَّ نَظَّمتُها حتى إذا اتسقتْ / تعلمَّ الدرَّ منها كيف تَنْتَظِمُ
فمثلَها / وهي في عصرٍ يؤخَّرُها
فليُنتجِ الفكرُ أو فلتنَظمِ الأممُ /