القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : خَليل مطران الكل
المجموع : 20
إِنَّا وَجَدْنَا وَقَدْ طَالَ المَطَافُ بِنَا
إِنَّا وَجَدْنَا وَقَدْ طَالَ المَطَافُ بِنَا / فِي طُولِ كَرْمَ رِجَالَ الطَّوْلِ وَالكَرَمِ
حَيِّاهُمُ اللهُ مَا أَحْلَى شَمَائِلَهُمْ / وَمَا أجَلَّ الذِي فِيهِمْ مِنَ الشِّيَمِ
ما زَالَتِ القُدْوَةُ الحَسْنَاءُ قُدْوَتَهْمْ / لِقَوْمِهِمْ بِثَبَاتِ الرَّأْيِ وَالْهِمَمِ
بِصَوْنِهِمْ مُلْكَهُمْ صَانُوا حَقِيقَتَهُمْ / مِنْ أَنْ تُرَى السَّادَةُ الأمْجَادُ فِي الخَدَم
هَلْ مَسْقِطُ الرَّأْسِ مُغْنٍ إذْ نَكُونُ وَمَا / مِنَّا امْرُؤٌ فِي ثَرَاهُ ثَابِتُ الْقَدَمِ
حَقُّ الْبِلاَدِ كُلُّ تَفْدِيَةٍ / فِي الطَّارِئَاتِ مِنَ الأَحْدَاثِ وَالأُزُمِ
بِالْفِعْلِ نَكْمِلُهُ لاَ الْقَوْلِ نُجْمِلُهُ / وهَلْ غَنَاءٌ عَنْ الأَفْعَالِ بِالْكَلِمِ
نَفْدِيكَ بِالمَالِ وَالأَرْوَاحِ يَا وَطَناً / شَاعَتْ مَآثِرُهُ الغَرَّاءُ فِي الأُمَمِ
قَدْ كُنْتَ مُنْبَثَقَ الأنْوَارِ مِنْ قِدَمٍ / وَلَمْ تَزَلْ مُلْتَقَى الأَبْصَارِ مِنْ قِدَمِ
فَاسْلَمْ وَعِزَّ بِابْنَاءِ غَطَارِفَةٍ / مَا تَسْتَدِمْهُ بِهِمْ مِنْ رفْعَةٍ يَدُمِ
بِالحَزْمِ وَالْعَزْمِ فِي حَلٍّ وَمُرْتَحَلٍ / وفَّوْكَ مَا يَقْتَضِيهِ الرَّعْيُ لِلذِّمَمِ
مَنْ يَسْتبِيحُكَ وَالآسَادُ رَابِضَةٌ / إنَّ لثَّعَالِبَ لاَ تَدْنُو مِنَ الأَجَمِ
أَبَيْتَ وَالسَّيْفُ يَعْلُو الرَّأْسَ تَسْلِيماً
أَبَيْتَ وَالسَّيْفُ يَعْلُو الرَّأْسَ تَسْلِيماً / وَجُدْتَ بِالرُّوحِ جُودَ الحُرِّ إنْ ضِيمَا
تذَكُرُ العُرْبُ وَالأَحْداثُ مُنْسِيَةُ / مَا كَانَ إذْ مَلَكُوا الدُّنْيَا لَهُْمْ خِيمَا
للهِ يَا عُمَرُ المُخْتَارُ حِكْمَتُهُ / فِي أنْ تُلاقِيَ مَا لاَقَيْتَ مَظْلُومَا
إِنْ يَقْتُلُوكَ فَمَا إنْ عَجَّلُوا أجَلاً / قَدْ كَانَ مُذْ كُنْتَ مَقْدُوراً وَمَحْتُومَا
هَلْ يَمْلِكُ الحَيُّ لَوْ دَانَتْ لَهُ أُمَمٌ / لأَمْرِ رَبِّكَ تَأْخِيراً وتَقْدِيمَا
لَكِنَّهَا عِظَةٌ لِلشَّرْقِ أوْسَعَهَا / مُصَابُهُ بِكَ فِي الأَخْلاَدِ تَجْسِيمَا
لَعَلَّهُ مُسْتَفِيقٌ بَعْدَ ضَجْعَتِهِ / أَوْ مُسْتَقِيلٌ مِنَ الخَسْفِ الَّذِي سِيمَا
أَجْدِرْ برُزْئِكَ لَمْ تُحْذَرْ عَوَاقِبُهُ / أَنْ يَفْجَعَ العُرْبَ تَخْصِيصاً وتَعْمِيما
وَأَنْ يُؤَجِّجَ نَاراً مِنْ حَمِيَّتِهِمْ / وَأَنْ يَرُدَّ فِرَِنْدَ الصَّبْرِ مَثْلُومَا
هَيْهَاتَ نُوفِيكَ وَالأقْوَالُ عُدَّتُنَا / حَقّاَ وَنُوفِي الصَّنادِيدَ المَقَاحِيمَا
مِنَ الأُولَى صَبَرُوا الصَّبْرَ الجَمِيلَ وَقَدْ / ذَاقُوا الكَرِيهَيْنِ تَقْتِيلاً وَتَكْلِيمَا
وَعَلَّ أَشْقَاهُمُ البَاقِي عَلَى كَمَدٍ / وَعَلَّ أرْوَحَهُمْ مَنْ قَرَّ مَرحُومَا
قَدْ أَثمُوكُمْ وكَمْ مِنْ مُثْلَهٍ نَزَلَتْ / بِالأَبْرِياءِ وَبِالأَبْرَارِ تَأْثِيمَا
وَإنَّمَا ذَنْبُكُمْ ذَنْبُ الأُولَى جَعَلُوا / صِدْقَ الهَوَى لِلحِمَى دِيناً وَتَعْلِيمَا
أُمْضُوا رِفَاقاً كِراماً حَسْبُكُمُ عِوَضاً / فَخْرٌ عَزِيزٌ عَلَى الخُطَّابِ إنْ رِيمَا
قَدْ سِرتُمُ في سَبِيلِ الخَيْرِ سِيرتَكُمْ / مُحقِّقِينَ رَجَاءً خِيلَ مَوْهَومَا
لاَ حاكِماً دُونَ مَا أوْحَتْ ضَمَائِرُكُمْ / تُرَاقِبُونَ وَلاَ تَرْعَونَ مَحْكُومَا
يُحَطِّمُ العَظْمُ مِنْكُمُ دُونَ بُغْيَتِكُمْ / فَمَا تَهُونُ وَيَأْبَى العَزْمُ تَحْطِيمَا
لَيسَ الإرَادَةُ إلاَّ مَنْ يَكُونُ عَلَى / رَأْيٍ وَمَنْ يَتَنَاهَى فِيهِ تَصْمِيا
مَا السِّجْنُ حِينَ يُذَادُ الخَسْفُ عَنْ وَطَنٍ / بِعَارِهِ بَاءَ في الأوْطَانِ مَوْصُومَا
يُغْنِي مِنَ الشَّمْسِ فِي أَعْمَاقِ ظُلْمَتِهِ / بَرْقٌ مِنَ الأمَلِ المَوْمُوقِ إنْ شِيمَا
عَدْنٌ عَلَى طِيبهَا لَوْ شِيبَ كَوْثَرُهَا / بِظِلِّ بَاغٍ لَعَادَ الوِرْدُ مَسْمُومَا
مَا المَوْتُ إنْ تَكُ مَنْجَاةُ البِلاَدِ بِهِ / مِنْ غَاصِبٍ وانْتِصَافُ الشَّعْبِ مَهضوما
هَذَا هُوَ العَيْشُ والقِسْطُ العَظِيمُ بِهِ / مِنْ خَالِدِ الفَخْرِ فَوْقَ العُمْرِ تَقْويما
إنَّ الفِدَاءَ لأَغْلَى مَا حَمِدْتَ لَهُ / أُخْرَى وَإِنْ كانَ فِي أُولاَهُ مَذْمُومَا
وَمَا اعْتِدَالُ زَمَانٍ لا يُقَوِّمُهُ / بَنُوهُ بِالصَّبْرِ وَالإِقْدَامِ تَقْوِيمَا
كَمْ كُبِّلَ الحَقُّ بِالأصْفَادِ من قِدَمٍ / فَلَمْ تَضِرْهُ وَرُدَّ البُطْلُ مَهْزُوما
وَسَامَ صَبْراً إلى أنْ فَازَ مُقْتَحِمٌ / يَفُكُّ شَعْباً مِنَ الضَّيْمِ الَّذِي سِيمَا
يَا سَادَةً أطْلَعَتْ مِصْرٌ بِهِمْ شُهُباً / وَاللَّيْلُ خَيَّمَ بِالأحْدَاثِ تَخْيِيمَا
فَمَا وَنَوا لِلحِمَى عَنْ وَاجِبٍ وَبَنَوْا / لِلمَجْدِ فِيهِ طِرَافاً كَانَ مَهدُومَا
أعِزَّةٌ إنْ بَدَا مِنْ فَضْلِهِمْ أَثَرٌ / فَكَمْ لَهُمْ مِنْ جَميلٍ ظَلَّ مَكْتُومَا
وَلِلفِدَى كَالنَّدَى حَالٌ مُنَزَّهَةٌ / فِي حُكْمِهَا يَنْفُسُ المَجْهُولُ مَعْلُومَا
شَارَكْتُمُ الجَارَ في خَطْبٍ ألَمَّ بِهِ / وَمَا ادَّخَرْتُمْ لِشَيْخِ العُرْب تَكْرِيمَا
كَذَا تُكَافِئُ مِصْرُ العَامِلين بِمَا / يَعْدُو الأمَانِيَّ تَمْجِيداً وَتَعْظِيمَا
أكْرِمْ بِهَا وَهْيَ تَحْنُو الرَّأْسَ هَاتِفَةٌ / تَحِيَّةً أَيُّهَا القَتْلَى وَتَسْلِيمَا
أَعَزَّكِ اللهُ مِنْ عَرُوسٍ
أَعَزَّكِ اللهُ مِنْ عَرُوسٍ / بِقُرْبِهَا يَبْرَأُ السِّقَامُ
إِذَا تَجَلَّتْ قَالَ المُحَييِّ / عَلَيْكَ يَا مَرْيَمُ السَّلامُ
بِالعِلْمِ يُدْرِكُ أَقصَى المَجْدِ مِنْ أَمَمٍ
بِالعِلْمِ يُدْرِكُ أَقصَى المَجْدِ مِنْ أَمَمٍ / وَلا رُقِيَّ بِغَيْرِ العِلْمِ لِلأُمَمِ
يَا مَنْ دَعَاهُمْ فَلَبَّتْهُ عَوَارِفُهُمْ / لِجُودِكُمْ مِنْهُ شُكْرُ الرَّوْضِ لِلدِّيَمِ
يَحْظَى أُولُو الْبَذْلِ إِنْ تَحْسُنْ مَقَاصِدُهُم / بِالبَاقِيَاتَ مِنَ الآلاءِ وَالنِّعَمِ
فَإِنْ تَجِدْ كَرَماً فِي غَيْرِ مَحْمَدَةٍ / فَقَدْ تَكُونُ أَدَاةُ المَوْتِ فِي الْكَرْمِ
مَعَاهِدُ العِلْمِ مَنْ يَسْخُو فَيَعْمُرُهَا / يَبْنِي مَدَارِجَ لِلْمُسْتَقْبلِ السَّنِمِ
وَوَاضِعٍ حَجَراً فِي أُسٍّ مَدْرَسَةٍ / أَبْقَى عَلَى قَوْمِهِ مِنْ شَائِدِ الْهَرَمِ
شَتَّانَ مَا بَيْنَ بَيْتٍ تُسْتَجَدُّ بِهِ / قُوَى الشُّعُوبِ وَبَيْتٍ صَائِنِ الرِّمَمِ
لَمْ يُرْهِقِ الشَّرْقَ إِلاَّ عَيْشُهُ رَدَحاً / وَالجَهْلُ رَاعِيهِ وَالأَقْوَامُ كَالنَّعَمِ
فَحَسبُهُ مَا مَضَى مِنْ غَفْلَةٍ لَبِثَتْ / دهراً وَآنَ لَهُ بَعْثٌ مِنَ الْعَدَمِ
الْيَوْمَ يُمنَعُ مِنْ وِردٍ عَلَى ظَمأٍ / مَنْ لَيسَ بِاليَقِظِ المُستَبْصِرِ الْفَهِمِ
اليوْمَ يُحرمُ أَدْنَى الرِّزْقِ طَالِبُهُ / فأَعْمِلِ الفِكْرَ لا تُحْرَمْ وَتَغْتنِمِ
وَالجَمْعُ كَالْفَرْدِ إِنْ فَاتَتْهُ مَعْرِفَةٌ / طَاحَتْ بِهِ غَاشِيَاتُ الظُّلْمِ وَالظُّلَمِ
فَعَلِّمُوا عَلِّمُوا أَوْ لا قَرَارَ لَكُمْ / وَلا فِرَارَ مِنَ الآفَاتِ وَالغُمَمِ
ربُّوا بَنِيكُمْ فَقَدْ صِرْنَا إِلَى زَمَنٍ / طَارَتْ بِهِ النَّاسُ كَالْعِقْبَانِ والرَّخَمِ
إِن نَمْشِ زَحْفاً فَمَا كَزَّاتُ مُعْتَزِمٍ / مِنَّا هُدِيتُمْ وَمَا مَنْجَاةُ مُعْتَصِمِ
يا رُوحَ أَشْرَفَ مَنْ فَدَّى مَوَاطِنَهْ / بِمَوْتِهِ بَعْدَ طُولَ الْجُهْدِ وَالسَّقَمِ
كَأَنَّنِي بِكِ فِي النَّادِي مُرَفْرِفَةً / حِيَالَنَا وَكَأَنَّ الصَّوْتَ لَمْ يَرِمِ
فَفِي مَسَامِعِنَا مَا كُنتِ مُلْقِيَةً / فِي مِثْلِ مَوْقِفِنَا مِنْ طَيِّبِ الكَلِمِ
وَفِي القلوب اهْتِزَازٌ مِنْ سَنَاكِ وَقَدْ / جَلاهُ وَرْيٌ كَوَرْيِ الْبَرْقِ فِي الظُّلَمِ
تُوصِينَنَا بِتُرَاثٍ نَامَ صَاحِبُهُ / عَنْهُ اضْطِراراً وَعَيْنُ الدَّهْرِ لم تَنَمِ
سَمْعاً وَطَوْعاً بِلا ضَعَفٍ وَلا سَأمٍ / لِلْهَاتِفِ المُسْتَجَابِ الصَّوْتِ مِن قِدَمِ
أَلدَّارُ عَامِرَةٌ كَالْعَهْدِ زَاهِرةٌ / وَالْقَوْمٌ عِنْدَ جَمِيلِ الظَّنِّ بِالْهِمَمِ
هُمْ نَاصِرُوهَا كَمَا كَانُوا وَمَا بَرِحَتْ / ظِلاًّ وَنُوراً لِمَحْرُومٍ وَذِي يَتَمٍ
إِنَّ الْفَقِيرَ لَهُ فِي قَوْمِهِ ذِمَمٌ / وَالْبِرُّ ضَرْبٌ مِنَ الإِيفَاءِ بِالذِّمَمِ
تِجَارَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ رابِحَةٌ / يشْرِي السَّخِيُّ بِهَا عَفْواً مِنَ النَّقَمِ
وَيَسْتَزِيدُ النَّدَى مِنْ فَضْلِ رازِقِهِ / وَيَسْتَعِينُ عَلَى الْعِلاّتِ وَالأُزُمِ
دَامَتْ لِمِصْرَ عَلَى الأَيَّامِ رِفْعَتُهَا / وَدَرَّهَا كُلُّ فَيَّاضٍ وَمُنْسَجِمِ
لَوْ أَنَّهَا بَاهَتِ الأَمْصَارَ قَاطِبةً / بِالْفَضْلِ حَقَّ لَهَا فَلْتَحْيَا وَلْتَدُمِ
تَحِيَّةً أَيُّهَا القَتْلَى وَتَسْلِيماً
تَحِيَّةً أَيُّهَا القَتْلَى وَتَسْلِيماً / بَلَغْتُمُ الشَّأْوَ تَخْلِيداً وَتَعْظِيما
لا يَعْبُدُ المَرْءُ رَبّاً لا ولا وَطَناً / بِمِثْلِ إِغْلائِهِ القُربَانَ تَقدِيمَا
قُلتُمْ وَصَدَّقَ مَا قُلتُمْ تَحَمُّلُكُمْ / أَذَى يَرُدُّ فِرِنْدَ الصَّبْرِ مَثْلُومَا
مَا المَوْتُ إِنْ كَانَ إِنْقَاذُ البِلادِ بِهِ / مِنْ غَاصِبٍ وَانْتِصَافُ الشَّعْبِ مَظْلُومَا
يُحَطِّمُ العَظْمُ مِنْكُم دُونَ يُغْيَتِكُمْ / فَتَصبِرُونَ وَيَأَبْى العَزْمُ تَحْطِيمَا
بِرّاً بِمِصْرَ وَخَوفاً أَنْ يُسَلِّمَهَا / إِلَى العِدَى وَاهِنُو الإِيمَانِ تَسْلِيمَا
لَيْسَ الشَّهَادَةُ إِلاَّ مَنْ يَمُوتُ عَلَى / حَقٍّ وَمَنْ لا يُبَالِي فِيهِ مَا سِيمَا
إِمْضَوا رِفَاقاً كِرَاماً حَسْبُكُمْ عِوَضاً / مَجْدٌ عَزِيزٌ عَلَى الخُطَّابِ إِن رِيمَا
لِلمُشْتَرِي بِصِبَاه عِزَّ أُمَّتِهِ / ذِكْرٌ يُدِيمُ اسمَهُ بِالتِّبْرِ مَرْقُومَا
وَلِلَّتِي استَبدَلَتْ بِالقَبْرِ مَرتَعَهَا / قِسطٌ مِنَ الفخْرِ فَوقَ العُمْرِ تَقويما
لا تَحسَبُوا مِصْرَ تَنْسَاكُمْ فَكُلكُمُ / يَبْقَى عَلَى الدَّهْرِ مَرؤُوماً وَمَرْحُومَاً
وَفِي المَرَابِعِ مِنْ أَوراحِكُمْ نَسَمٌ / تَظَلٌّ تَأْتِي بِهَا الأَرْوَاحُ تَنْسِمَا
يَا خَارِجِينَ كِرَاماً مِنْ مَحَابِسِهِمْ / وَمُبْهِجِي كُلِّ قَلْبٍ كَانَ مَغْمُومَا
كَمْ كُبِّلَ الحَقُّ بِالأَصْفَادِ مِنْ ثِدَمٍ / ثُمَّ انْطَوَيْنَ وَبَاءَ البُطْلُ مَهْزُومَا
يَا سُوءَ دَهْرٍ قَضَتْهُ قَبْلَ نَهْضَتِهَا / مِصْرٌ يُخَيِّمُ فِيهَا الذُّلُّ تَخْيِيمَا
تَهِي قُوَى اللَّيْثِ مِنْ عَيْثِ الذِّئَابِ بِهَا / وَيَلْتَوِي الأَمْرُ تَحْلِيلاً وَتَحْرِيمَا
فَاليَوْمَ عَادَ إِلَى رَأْيٍ يُشَرِّفُهَا / مَنْ ظَنَّ إِقْلِيمَهَا لِلْخَفْضِ إِقْلِيمَا
دَلَّتْ عَلَى قُوَّةٍ فِيهَا صَلابَتُكُمْ / تَذُودُ عَنْهَا الأَشِدَّاءَ المَقَاحِيمَا
هَلْ يُجْزِيءُ الشُّكْرُ مِنْ ضَيْمٍ تَحَمَّلَهُ / بِالأَمْسِ مَنْ مَنْكُمُو فِي رَأْيِهِ ضِيمَا
قَدْ أَثَّمُوا وَكَمْ مِنْ مُثْلَةٍ نَزَلَتْ / بَالأَبْرِيَاءِ وَبِالأَبْرَارِ تَأْثِيمَا
وَبَعْضُ مَا عَاقَبُوكُمْ فِيهِ جَعْلُكُمُو / صِدقَ الهَوَى لِلْحِمَى دِيناً وَتَعْلِيمَا
لا حَاكِماً دُونَ مَا أَوْحَتْ ضَمَائِرُكُمْ / تُرَاقِبُونَ وَلا تَرْعَوْنَ مَحْكُومَا
لَقَدْ ظَفِرْتُم بِمَا أَدْنَى القَصِيُّ لَكُمْ / مِنَ المَرَامِ فَلَيْسَ الفَوْزَ مَزْعُومَا
هَلِ اسْتَقَامَ زَمَانٌ يُقَوِّمُهُ / بَنُوهُ بِالصَّبْرِ وَالإِقْدَامِ تَقْوِيمَا
أَو نَالَ حُرِّيَّةً قَومٌ بِهَا جَدُرُوا / وَهُمْ يُبَالُونَ تَقْتِيلاً وَتَكْلِيمَا
يَا سَادَةً كَالنُّجُومِ الغُرِّ مَنْزِلَةً / وَسَيِّدَاتٍ كَعِقْدِ الدُّرِّ مَنْظُومَا
حَمْداً إِقْبَالِكُمْ هَذَا وَحَفْلَتِكُمْ / تُهَنِّئُونَ الصَّنَادِيدَ المَقَادِيمَا
مِنَ الأُولَى مَا وَنَوْا عَن وَاجِبٍ فَبَنَوْا / لِعِزِّ مِصْرَ طِرافاً كَانَ مَهْدُومَا
أُولَئِكُمْ إِنْ مِنْ فَضْلِهِم أَثَرٌ / فَكَمْ لَهُمْ مِنْ جَمِيلٍ ظَلَّ مَكْتُومَا
فَلْتَحْيَا مِصْرُ وَأَبْرارٌ نُجِلُّهُمُو / وَنَحْتَفِي بِهِمْ حُبّاً وَتَكْرِيمَا
الحِكْمُ بِالجَّلْدِ فِي هَذَا الزَّمَانِ أَمَا
الحِكْمُ بِالجَّلْدِ فِي هَذَا الزَّمَانِ أَمَا / نَهَاكُمْ الرُّشْدَ عَنْهُ يَا لأُولي الحِكَمِ
أَفْلاذَ أَكْبَادِنَا بِالسَّوْطِ نَضْرِبُهُمْ / أَهَكَذَا تُقْتَنَى حُرِّيَّةُ الأُمَمِ
صَدَقْتُ فِي عَتْبِكُم أَوْ يَصْدُقَ الشَّمَمُ
صَدَقْتُ فِي عَتْبِكُم أَوْ يَصْدُقَ الشَّمَمُ / لا المَجْدُ دَعْوَى وَلا آيَاتُهُ كِلَمُ
يَا أُمَّتِي حَسْبُنَا بِاللهِ سُخريَةً / مِنَّا وَمِمَّا تَقَاضَى أًهْلَهَا الذِّمَمُ
هَلْ مِثْلُ مَا نَتَباكَى عِنْدَنَا حَزَنٌ / وَهَلْ كَمَا نَتَشَاكَى عِنْدَنَا أَلَمُ
إِنْ كَانَ مِنْ نَجْدَةٍ فِينَا تَفَجُّعَنَا / فَلْيَكْفِنَا ذُلُّنَا وَلْيَشْفِنَا السَّقَمُ
تَمَتَّعُوا وَتَمَلَّوا مَا يَطِيبُ لَكُم / وَلا تَزَعْكُمْ مَحَاظِيرٌ وَلا حُرَمُ
أَوِ اعْلَمُوا مَرَّةً فِي الدَّهْرِ صَالِحَةً / عِلماً تُؤَيِّدُهُ الأَفْعَالُ وَالهِمَمُ
بِأَيِّ جَهْلٍ غَدَوْنَا أُمَّةً هَمَلاً / وَأَيِّ عَقْلٍ تَوَلَّتْ وَعْيَنَا الأُمَمُ
لا تُنْكِرُوا عَذلِي هَذَا فَمَعْذِرَتِي / جُرْحٌ بِقَلْبِي دَامَ لَيْسَ يَلْتَئِمُ
نَحْنُ الَّذِينَ أَبَحْنَا الرَّاصِدِينَ لَنَا / حِمًى بِهِ كَانَتِ العِقْبَانُ تَعْتَصِمُ
لَوْلا تَغَافُلُنَا لَوْلا تَخَاذُلُنَا / لَوْلا تَوَاكُلُنَا تَاللهِ مَا اقْتَحَمُوا
هِيَ الحَقِيقَةُ عَنْ نُصْحٍ صَدَعْتُ بِهَا / وَمَا النَّصِيحَةُ إِلاَّ البِر وَالرَّاحِمُ
لَمْ أَبْغِ مِنْ ذِكْرِهَا أَنْ تَيْأَسُوا جَزَعاً / خَيْرٌ مِنَ اليَّأْسِ أَن يُسْتَقْدَمَ العَدَمْ
أَليَأْسُ مَنْهَكَةٌ لِلقَوْمِ مُوبِقَةٌ / فِي حَمْأَةٍ تَتَلاشَى عِنْدَهَا الشِّيَمُ
مَا مَطْلَبُ الفَخْرِ مِنْ أَيْدٍ مُنَعَّمَةٍ / رَطِيبَةٍ وَنُفُوسٍ لَيْسَ تَحْتَدِمُ
يَأْسُ الجَمَاعَاتِ دَاءٌ إِنْ تَمَلَّكَهَا / فَهْوَ التَّحَلُّلُ يَتْلُوهُ الرَّدَى العَمَمُ
كالشَّمْسِ يَأْكُلُ مِنْهَا ظِل سُفْعَتِهَا / حَتَّى يَبِيدَ شُعَاعُ الشَّمْسِ وَالضَّرَمُ
لا تَقْنَطُوا كَرِهَ الله الأُولَى قَنِطُوا / اليَوْمَ يَعْتَزِمُ الأَبْرَارُ فَاعْتَمُوا
أَليَوْمَ تَنْفُسُ بِالأَوْطَانِ قِيمَتُهَا / عَنْ كُلِّ شَيْءٍ وَتَدْنُوا دُونَها القِيَمُ
ألَيَوْمَ إِنْ تَبْخَلُوا أَعْمَارُكُمْ سَفَةٌ / وَالْجَاهُ فَقْرٌ وَمَقْصُوراتُكُمْ رُجَمُ
إنِّي لأَسْمَعُ مِنْ حِزْبِ الحَيَاةِ بِكُمْ / نَصْراً لأُمَّتِنَا سُحْقاً لِمَنْ ظَلَمُوا
نَعَمْ لِتُنْصُرْ عَلَى البَاغِينَ أُمَّتُنَا / لا بِالدُّعَاءِ وَلَكِنْ نَصْرُهَا بِكُمُ
لِتَبْقَ وَلْيَمُتْ المَوْتُ المُحِيطُ بِهَا / مِنْ حَيْثُ يَدْفَعُهُ أَعْدَاؤُنَا الْغُشُمُ
إِنْ نَبْغِ إِعْلاءهَا لا شَيْءَ يَخْفِضُهَا / فَهَلْ تَمُوتُ وَفِيهَا هَذِهِ النَسَمُ
لَسْنَا مِنَ الْجُبَنَاءِ الْحَاسِبِينَ إِذَا / نَجَوْا نَجَاةَ العِبِدَّى أَنَّهُمْ سَلِمُوا
أَلشَّعْبُ يَحْيَا بِأَنْ يُفْدَى وَمَطْمَعُهُ / مَالُ الْبَنِين مُزَكَّى وَالشَّرَابُ دَمُ
مَهْمَا مَنَحْنَاهُ مِنْ جَاهٍ وَمِنْ مُهَجٍ / فَبَيعَةُ البَخْسِ بِالغَالِي وَلا جَرَمُ
عُودُوا إِلَى سَيْرِ التَّارِيخِ لا تَجِدُوا / شَعْباً قَضَى غَيْرَ مضنْ ضَلُّوا الْهُدَى وَعَمُوا
أُولئِكُمْ إِنَّمَا بَادُوا بِغِرَّتِهِمْ / وَأَنَّهُمْ آثَرُوا اللَّذَّاتِ وَانْقَسَمُوا
لا شَعْبَ يَقْوَى عَلَى شَعْبٍ فَيُهْلِكُهُ / فَإِنْ تَرَ الْقَوْمَ صَرْعَى فَالْجُنَاةُ هُمُ
يَا أُمَّتِي هَبَّةً لِلمَجْدِ صَادِقَةً / فَالنَّصْرُ مِنْكُمْ قَرِيبٌ وَالمُنَى أَمَمُ
عَاذَتْ بِآبَائِهَا المَاضِينَ دَوْلَتُنا / مِنْ أَنْ يُلِمَّ بِهَا فِي عَهْدِنَا يَتَمُ
فَاحْمُوا حِمَاهَا وَلا تُهْتَكْ سَتَائِرُهَا / عَنْ مُنْجِبَاتِ العُلَى يَسْتَحْيِهَا العُقْمُ
وَاحَرَّ قَلْبَاهُ مِنْ حَرْبٍ شَهِدْتُ بِهَا / سَطْوَ الثَّعَالِبِ لَمَّا أَقْفَرَ الأجَمُ
هَانَتْ عَلَيْنَا وَإِنْ جَلَّتْ مُصِيبَتُهَا / لَوْ أَنَّ خُطَّابَ ذَاكَ الفَخْرَ غَيْرُهُمُ
أَيْ طَيْفَ عُثْمَانَ لَمْ يَبْرَحْ بِهَيْبَتِهِ / حَيّاً عَلَى أَنَّهُ بِالذِّكْرِ مُرْتَسِمُ
أَنَّى تَخَطَّى حُدُوداً أَنْتَ حَارِسُهَا / حَمْقَى الطَّلايِينِ لَمْ يَخْشَوا وَلَمْ يَجِمُوا
أَنَّ وَقَدْ عَلِمُوا مِنْ جَارِهِمْ قُدُماً / وَمِنْ غُزَاةِ الرُّومِ مَا عَلِمُوا
لَوْ رُعْتَ يَا طَيْفُ مِنْ غَيْبٍ مَسَامِعِهِمْ / بِزَأْرَةٍ حِينَ جَدَّ لانْهَزَمُوا
أَوْ كُنْتَ تَمْلِكُ وَثْباً مِن نَوىً لَرَأَوْا / مِنْ ذَلِكَ اللَّيْثِ مَا لا تَحْمَدُ النَّعَمُ
ظَنوا بِمُلْكِكَ مِنْ طُولِ المَدَى هَرَماً / سَيَعْرِفُونَ فَتىً مَا مَسَّهُ الْهَرَمُ
يَحْمِيهِ عَزْمٌ إِذَا اعْتَزُّوا بِهُدْنَتِهِ / فَمَا بِهِ وَهَنٌ لَكِنْ بِهِمْ وَهَمُ
خُذُوا حَقِيقَةَ مَا شَبَّهْتُمُوهُ لَكُمْ / مِمَّا تُخَيِّرُهُ القِيعَانُ وَالقِمَمُ
هَلْ فِي جَزَائِرِ كُمْ أَمْ فِي مَدَائِنِكُمْ / مَا لَمْ تَطَأْهُ له مِنْ سَالِفٍ قَدَمُ
أَبْنَاءُ عُثْمَانَ حُفَّاظٌ وَقَدْ عَهِدُوا / تَارِيخَ عُثْمَانَ فِيهِ الفَتْحُ وَالعِظَمُ
هُمُ الْحُمَاةُ لأعْلاقِ الْجُدُودِ فَلَنْ / يَرْضَوا بِأَنْ يُنْثَرَ الْعِقْدُ الَّذِي نَظَمُوا
خِلْتُمْ طَرَابُلُسَ الغُنْمَ المُبَاحَ لَكُمْ / وَشَرُّ مَا قَتَلَ الخُدَّاعَ مَا غَنِمُوا
هُنَاكَ يَلْقَى سَرَايَاكُمْ وَإِنْ ثَقُلَتْ / عُرْبٌ صِلابٌ خِفَافٌ فِي الْوَغَى هُضَمُ
قَلُّوا وَأَبْلَى بَلاءَ الْجَمْعِ وَاحِدُهُمْ / تَحَيَّرَ مِمَّا خُولِفَ الرَّقَمُ
للهِ هَبُّتُهُمْ للهِ غَارَتُهُمْ / تَحْتَ الرَّصَاصِ وَفِي أَسْمَاعِهِمْ صَمَمُ
هُمُ السَّحَائِبُ إِلاَّ أَنَّهَا أُسُدٌ / هُمُ الكَتَائِبُ إِلاَّ أَنَّهَا رَخَمُ
يَغْثَوْنَ بِكْرَ الرَّوَابِي وَهْيَ نَاهِدَةٌ / فَتَكْتَسِيهِمْ عَلَى عُرْيٍ وَتَحْتَشِمُ
وَرُبَّمَا طَرَقُوا الطَّوْدَ الوَقُورَ ضُحىً / فَهْوَ الخَلِيعُ يُصَابِيهِمْ وَيَغْتَلِمُ
وَرُبَّ وَادٍ تَوَارَوْا فِيهِ لَيْلَتَهُمْ / فَحَاطَهُمْ بِجَنَاحَيْهِ وَقَدْ جَثَمُوا
عَطْفَ العُقَابِ عَلَى أَفْرَاخِهَا فَإِذَا / تَوَثَبُوا قَلِقَتْ مِنْ رَوْعِهَا الأكَمُ
أَتَنْظُرُونَ بَنِي الطَّلْيَانِ مُعْجِزَهُمْ / وَتَذْكُرُونَ الَّذِي أَنْسَاكُمُ القِدَمُ
هَلْ فِي الجُيُوشِ كَمَا فِيهِمْ مُبَاسَطَةٌ / مَعَ المكَارِهِ إِمَّا لَزَّتْ الأُزُمُ
جُنْدٌ مِنَ الْجِنِّ مَهْمَا أُجْهِدُوا نَشِطُوا / كَأَنَّمَا الْوَهْيُ بِالأَعْدَاءِ دُونَهُمُ
مَهْمَا تَشَنَّعَتِ الْحَرْبُ الضَّرُوسُ لَهُمْ / أَعَارَهَا مَلْمَحاً لِلْحُسْنِ حُسْنُهُمُ
مَتَى صَلَوْهَا وَفِي الْجَنَّاتِ مَوْعِدُهُمْ / فَالْهَوْلُ عُرْسٌ وَمِنْ زِينَاتِهِ الْخُدُمُ
وَالأَرْضُ رَاقِصَةٌ وَالرِّيحُ عَازِفَةٌ / وَالْجِدُّ يَمْزَحُ وَالأَخْطَارُ تَبْتَسِمُ
مُسْتَظْهِرِينَ وَلا دَعْوَى وَلا صَلَفٌ / مُعَذَّبِينَ وَلا شَكْوَى وَلا سَأَمُ
وَقَدْ يَكوُنُونَ فِي بُؤْسٍ وَفِي عَطَشٍ / فَمَا يَقِي الْغُرَمَاءَ الرِّيُّ وَالبَشَمُ
أَلجُوْعُ قُبِّحَ مِنْ كُفْرٍ وَإِنْ وَلَدَتْ / مِنْهُ أَعَاجِيبَهَا الغَارَاتُ وَالْقُحَمُ
هُوَ القَوِيُّ الَّذِي لا يَظْفَرُونَ بِهِ / وَهْوَ الْخَفِيُّ الَّذِي يُفْنِي وَيَهْتَضِمُ
لا تَتْرُكُوهُ يُرَادِيهِمْ وَقَدْ قَعَدَتْ / بِلا قِتَالٍ تُلاشِي بَأْسَهَا البُهَمُ
يَا رّبِّ عَفَوْكَ حَتَّى المَاءَ يُعْزِزُهُمْ / فَمُرْ تَجُدْهَمْ بِنَقْعِ الغُلَّةِ الدِّيَمِ
لا خَطْبَ أَبْشَعُ مِنْ خَطْبِ الأُوَارِ وَقَدْ / بَاتَتْ حُشَاشَاتُهُمْ كَالنَّارِ تَضْطَرِمُ
لَكِنْ أَرَاهُمْ وَفِي أَرْوَاحِهِمْ عَلَلٌ / مِمَّا تُوَاعِدُهَا الثَّارَاتُ وَالنِّقَمُ
كُونُوا مَلائِكَ لا جُوعٌ وَلا ظَمَأٌ / وَليَغْلِبْنَ نِظَامَ الخَلْقِ صَبْرُكُمُ
أَلَسْتُمُ الغَالِبِينَ الدَّهْرَ تَدْهَمُكُمْ / مِنْهُ الصُّرُوفُ فَتَعْيَا ثُمَّ تَنْصَرِمُ
أَلَيْسَ مِنْكُمْ أَوَانَ الكَرِّ كُلُّ فَتىً / يَصُولُ مَا شَاءَ فِي الدُّنْيَا وَيَحْتَكِمُ
صَعْبُ المِرَاسِ عَلَى الآفَاتِ يُتْعِبُهَا / جَلْدٌ تَقَاذَفُهُ الأَنْوَارُ وَالظُّلْمُ
وَكُلُّ ذِي مِرَّةٍ يَمْضِي بِرَايَتِهِ / إِلَى الْجِهَادِ كَمَا اعْتَادَتْ وَيَغْتَنِمُ
يَقُولُ لِلعَلَمِ الْخَفَّاقِ فِي يَدِهِ / فَيِّيءْ مِنَ الأَرْضِ مَا تَخْتَارُ يَا عَلَمُ
وَكُلُّ آبٍ بِفيءٍ إِنْ أَبَاهُ لَهُ / عِزٌّ لِدَوْلَتِهِ أَوْ مَطْمَعٌ سَنِمُ
يَهْوِي وَفِي قَلْبِهِ رُؤيَا تُصَاحِبُهُ / مِنْ آيَةِ الفَتْحِ حَيْثُ العُمرُ يُخْتَتَمُ
ألموْتُ مَا لَمْ يَكُنْ عُقْبَى مُجَاهَدَةٍ / نَوْمٌ تَبَالَدَ حَتَّى مَا بِهِ حُلُمُ
بَعْضُ الثَّرَى فِيهِ آمَالٌ يُحَسُّ لَهَا / رِكْزٌ وَنَبْضٌ فِي بَعْضِ الثَّرَى رِمَمُ
أُولَئِكُمْ مُنْصِفُونَا يَوْمَ كُرْبَتِنَا / مِنَ الأُولَى غَاصَبُونَا الحَقَّ واخْتَصَمُوا
أَرْعِدْ حَدِيدُ وَأَبْرِقْ فِي كَتائِبِنَا / وَاغْلُظْ وَرِقَّ كَمَا يَبْغِيكَ بطْشُهُمُ
أُبْصُقْ دُخَاناً بِوَجْهِ المُعْتَدِي وَلظىً / إِذَا الْتَفَتَّ تُحَاذِيِهِ وَفِيكَ فَمُ
أَوِ الْتَمِعْ فِي نِصَالٍ ى عِدَادَ لَهَا / خَطَّافَةٍ تَتَغَنَّى وَهْيَ تَقْتَسِمُ
فَحَيْثُمَا أَعْوَزَتْمَا مِنْكَ ذَات لَهىً / تَسِيلُ مِنْهَا الْحُتُوفُ الْحُمْرُ وَالْحُمَمُ
فَلْيَخْطُبِ السَّيْفُ فَصْلاً فِي مَفَارِقِهِمْ / يَدِنْ لِذَاكَ البَيَانِ الْقَاطِعِ الْعَجَمُ
أَوْ لا فَكُنْ هَنَةً فِي كَفِّ مُقْتَحِمٍ / مِنَّا وَيَصْلِمُ أُذْنَ المِدْفَعِ الجَلَمُ
لِيَبْرُزِ العِلْمُ مِنْ تِلْكَ الصُّفُوفِ لَنَا / عَلامَ يَمْكُثُ فِيهَا وَهْوَ مُلْتَثِمُ
إِنَّا عَرفْنَاكَ أَنْتَ الْيَوْمَ قَائِدُهُمْ / وَكُلُّ آيَاتِكَ الكُبْرَى لَهُمْ خَدَمُ
هَلْ جِئْتَ تَبْتُرُنَا أَوْ جِئْتَ تَزْجُرُنَا / مِنْ حَيْثُ تُوقِظُنَا الأَوْجَاعُ وَالغُمَمُ
تَاللهِ لَوْ طَارَ فَوْقَ النَّسْرِ طَائِرُهُمْ / وَذَلَّلَتْ لَهُمُ الأَبْحَارُ فُلُكُهُمُ
وَسُخِّرَتْ مل آيَاتِ الْفَنَاءِ لَهُمْ / حَتَّى الْجِوَارِفُ وَالأَرْيَاحُ وَالرُّجُمُ
لَنْ يَمْلِكُوا نَفْسَ حُرٍّ فِي طَرَابُلُسٍ / وَلَنْ يَضِيمُوا الأَشْلاءِ إِنْ حكَمُوا
وَلَنْ يَكُونَ لَهُمْ مِنْ كَسْبِ غَزْوَتِهِمْ / إِلاَّ الشَّقَاءِ وَعَارٌ خَالِدٌ يَصِمُ
قُلْ لامْرِئٍ لَمْ تَرُقْهُ مِصْرُ بَاذِلَةً / نَصْراً لِدَوْلَتِهَا مِنْهُم بِمَا اجْتَرَمُوا
أَتَحْرِمُ الرِّفْدَ جِيرَاناً يُضَوِّرُهُمْ / جُوعٌ وَتَنْكَرُ قَتْلَى الْحَرْبِ إِنْ رُحِمُوا
أَمْ تَدَّعِي إِنَّ مِصْراً إِنْ تَبَرَّ بِهِمْ / تُشْبِبْ بِهَا فِتَنٌ جَوفَاءُ تَلْتَهِمُ
إِذَا أبُو الهَوْلِ أَبْدَى مِصْرَ مُرْعَبَةً / فَمَا يُخَبِّرُ عَنْ طَاعَاتِهَا الهَرَمُ
كَيْدٌ يُرَوِّعُ لَولا أَنَّ كَائِدَهُ / حَيْرَانُ أَوْطَانُهُ الأَوْهَامُ وَالسُّدُمُ
بِزَعْمِهِ يَقْتُلُ الأَيَّامَ فَلْسَفَةً / وَرُبَّمُا قَتَلَتْهُ هَذِهِ الحِكَمُ
أَلحَمْدُ للهِ لا تَفْنَى كَتَائِبُنَا / بِقَوْلِ قَالٍ وَلا الأُسْطُولُ يَنْحَطِمُ
يَا أَيُّها الوَطَنْ الدَّاعِي لِنَجْدَتِهِ / لَبَّتْكَ مِصْرُ وَلَبَّى القُدْسُ وَالحَرَمُ
مَا كَانَ خَطْبٌ لِيَدْهَانَا وَيُبْكِينَا / كَمَا دَهَانَا وَأَبْكَى خَطْبُكَ العَرِمُ
لَقَدْ شَعَرْنَا بِمَا غَضَّتْ جهَالَتُنَا / مِنَّا وَبَالَغَ فِي تَأْدِيبِنَا النّدَمُ
أَشِرْ بِمَا شِئْتَ تَكْفِيراً لِزَلَّتِنَا / يَشْفَعْ لَنَا عِنْدَكَ الإِخْلاصُ وَالكَرَمُ
أَمْوَالُنَا لَكَ وَقْفٌ وَالنفُوسُ / وَعِشْ وَلا عَاشَ فِي نُعْمَاكَ مُتهَمُ
فَدَاحَةُ الخَطْبِ أَبْكَتْنِي عَلَيْكَ دَماً
فَدَاحَةُ الخَطْبِ أَبْكَتْنِي عَلَيْكَ دَماً / أَلَيْسَ يَنْصُبُ دَمْعُ المَرْءِ إِنْ هَرِمَا
إِليَاسُ لَيْسَ بِسَهْلٍ مَا أَلَمَّ بِنَا / لَمَّا هَوَيْتَ وَكُنْتَ المُفْرَد العَلَما
أَيُّ الرجَالِ فَقَدْنَا يَا بَنِي وَطَنِي / بِفَقْدِنَا الأَرِيحيِّ الصَّادِقِ الفَهَما
الكَاسِبِ الرِّزْقِ مَشْغُولاً بِقِسْمَتِهِ / كَأَنَّهُ لِذَوِي الحَاجَاتِ قَدْ قَسَمَا
سَلْ كلَّ مَنْقَبَةٍ عَنْهُ وَمَحْمَدَةٍ / سَلِ الهُدَى وَالنَّدَى وَالصَّفْحَ وَالكَرَمَا
جَلَّتْ مَرامِيهِ عَنْ فَخْرٍ يُقَلِّدُهُ / وَقَصْدُهُ عَنْ أبَاطِيلِ الحَيَاةِ سَمَا
فِي كُل حَالٍ تَرَاهُ رَاضِياً لَبِقَا / وَلا تَرَاهُ بِحَالٍ مُمْنِقاً بَرِمَا
وَقَدْ يُبَادِيءُ بِالحُسْنَى مُنَاوِئَهُ / وَلَمْ يَكُنْ مِنْ مُسِيءٍ قَط مُنْتَقِمَا
وَمَا يُكَافِحُ إِلاَّ البُؤْسَ حَيْثُ بَدَا / وَمَا يُنَافِحُ إِلاَّ الشَّكْلَ وَاليُتُمَا
تُجِيبُ سَائِلَهُ عَنْهُ فَغَائِلُهُ / وَمَا يَعُدُّ عَلَيْهِ السَّامِع الكَلِمَا
وَقَدْ يَكُونُ كَبِيرُ القَوْمِ مُحْتَشِمَا / وَلا يَكُونُ صَغِيرُ القَوْمِ مُحْتَشِمَا
بَنِي حَبِيبٍ أُعَزيكُمْ وَلِي كَبَدٌ / مَقْرُوحَةٌ وَفُؤَادٍ يَشْتَكِي السِّقَمَا
حُزْنِي كَحُزْنِكُمُ لَكِنَّ لِي أَمَلاً / فِيكُمُ يُلَطِّفُ حُزْنَ النَّفْسِ وَالأَلَمَا
أَنْتُمْ لَنَا قُدْوَةٌ فِي كُل تَبْصِرَةٍ / وَفِي الطَّلِيعَةِ مِنَّا إِنْ نُسِرْ قَدَمَا
إِليَاسُ مَا دُمْتُمْ وَالله يَحْفَظُكُمْ / بَاقٍ بِأَعْقَابِهِ فَالعِقْدُ مَا انْفَصَمَا
وَلا انْفِصَامٌ إِذَا أَبْنَاؤُهُ وَرَثُوا / تِلْكَ الشَّمَائِلِ والآدَابَ وَالشِّيَمَا
رُدُّوا إِلَى حِكْمَةِ المَولى ضَمَائِرِكُمْ / وَهَلْ مُرَدٌّ لِحِكْمِ اللهِ إِنْ حَكَمَا
فَاللهُ أَكْرَمُ إَنْ يَعْجِلْ بِثَوْبَتِهِ / وَاللهُ أَرْحَمُ لِلْعَبْدِ الَّذِي رَحِمَا
كُنَّا نَوَدُّ لَكَ التَّكْرِيمَ تَلْبَسُهُ
كُنَّا نَوَدُّ لَكَ التَّكْرِيمَ تَلْبَسُهُ / تَاجاً وَقَدْ وَفُرَتْ مِنْ حَوْلِكَ النِّعَمُ
لَكِنْ قَضَى الشَّرْقُ أَنْ يَشْقَى أَفَاضِلُهُ / وَأَنْ يَكُونَ جَزَاءَ العَامِلِ الكَلِمُ
فَاليَوْمَ نَسْتَوْدِعُ الرَّحْمَنَ صَاحِبَنَا / يَنْأَى وَتُبْعِدُ مَرْمَى قَصْدِهِ الهِمَمُ
إِلَى بِلادٍ إِذَا بَشَّتْ بِمَقْدَمِهِ / أُنْساً فَفِي غَيْرِهَا قَدْ أُوْحِشَ القَلَمُ
مَنْ عَاشَ فِي قَوْمِنَا وَالعِلْمُ رَازِقُهُ / فَحَظُّهُ مَا جَنَى مِنْ نُورِهِ الفَحَمُ
فِي مَصْرَ وَالشَّامِ كَمْ أَسْوَانَ يَكْرُثُهُ / أَنْ يَبْرَحَ الدَّارِ هَذَا الفَاضِلُ الفَهِمُ
وَكَمْ يَعِزُّ عَلَى طُلاَّبِهِ أَدَبٌ / زَانَتْ رَوَائِعَهُ الأَمْثَالُ وَالحِكَمُ
يَا مَنْ تَحَرَّرَ لِلأَوْطَانِ يَخْدِمُهَا / مَدَى الشَّبَابِ وَلا تُوفَى لَهُ خِدَمُ
حَقِّقْ مُنَاكَ الَّتِي جَدَّتْ فَحَسْبُكَ مَا / بِهِ زَهَتْ مِنْ دَرَارِي فِكْرِكَ الظُّلَمُ
وَفُزْ بِمَا شِئْتَ فِي دُنْيَاكَ مِنْ عَرَضٍ / يُرْضِيكَ فَالمَجْدُ رَاضٍ عَنْكَ وَالكَرَمُ
لِيَنْتَشِرْ بَعْدَ طَيٍِّ ذَلِكَ الْعَلَمُ
لِيَنْتَشِرْ بَعْدَ طَيٍِّ ذَلِكَ الْعَلَمُ / وَلْيَنْتَعِشْ أَمَلٌ يَكْبُو بِهِ الألمُ
لا خَطْبَ أَكْبَرُ مِمَّا رَاعَ أَثْبَتَكُمْ / لَكِنْ أُعِيذُكُمُ أَنْ تَضْعُفَ الْهِمَمُ
ذَاكَ اللِّوَاءُ الَّذِي لُفَّ الرَّئِيسُ بِهِ / زِيدَتْ لَهُ الْيَوْمَ فِي أَعْنَاقِنَا ذِمَمُ
وَعَادَ أَوْلَى بإِجْلالٍ وَتَفْدِيَةٍ / مِنْ حَيْثُ أُدْرِجَ فِيهِ ذَلِكَ الْعَلَمُ
إِني أَرَى وَجْهَ مِصْرٍ تَحْتَ غُرَّتِهِ / يُخْفِي تَقَرُّحَ جَفْنَيْهِ وَيَبْتَسِمُ
وَأَجْتَلِي قَلْبَهَا مَا بَيْنَ أَنْجُمِهِ / يَهْتَزُّ تِيهاً وَ سَعْدٌ فِيهِ مُرْتَسِمُ
لا تَأْخُذِ الْغُمَّةُ الْكُبْرَى مَآخِذَهَا / مِنْكُمْ وَإِنْ صَغُرَتْ تِلْقَاؤهَا الْغُمَمُ
تِلْكَ النَّوَى إِنْ رَأَيْتُمْ صَدْعَهَا حَسُنَتْ / عُقْبَى لِمِصْرٍ وَعُقْبَى غَيْرِهَا نَدَمُ
أَمَاتَ سَعْدٌ وَرُوحُ الشَّعْبِ بَاقِيَةٌ / وَالرَّأْيُ مُؤْتَلِفٌ وَالشَّمْلُ مُلْتَئِمُ
وَالرَّمْزُ بَاقٍ وَذَاكَ الصَّوْتُ نَسْمَعُهُ / مَهْمَا تَنَوَّعَتِ الأَصْوَاتُ وَالْكَلِمُ
إِنَّ اتِّحَادَ قُوَاكُمْ بَعْدَهُ عِوَضٌ / مِمَنْ دَهَى مِصْر فِيهِ الثُّكْلُ وَاليَتَمُ
وَالبِرُّ مِنْكُمْ بِهِ بِر بِأَنْفُسِكُمْ / إِمَّا الْوُجُودُ بِمَعْنَاهُ أَوِ الْعَدَمُ
يَا مِصْرُ خَطْبُكِ خَطْبُ الشَّرْقِ أَجْمَعِهِ / عَلَى اخْتِلافِ بَنِيهِ وَالأَسَى عُمَمُ
فَفِي حَوَاضِرِهِ الظَّبْيُ المَرُوحُ سَجَا / وَفِي بَوَادِيهِ رِيعَ الضَّيْغَمُ الأَضِمُ
تَلَجْلَجَ الْبَرْقُ إِذْ طَارَ النَّعْيُ بِهِ / وَاسْتَشْعَرَتْ وِقْرَهُ الْوَخَّادَةُ الرُّسُمُ
لُبْنَانُ مَادَتْ بِهِ حُزْناً رَوَاسِخُهُ / وَجَفَّ بِالغُوطَوِ الصَّفْصَافُ وَالرَّتَمُ
وَفِي السَّوَادِ عُيُونٌ بِالسَّوَادِ جَرَتْ / وَفِي الحِجَازِ وَ نَجْدٍ لِلْجَوَى ضَرَمُ
مَا حَالُ قَوْمٍ بِمِصْرٍ شَمسُهُمْ كُسِفَتْ / وَتَسْتَهِلُّ فَمَا تُغْنِهِمُ الديَمُ
أُمُّ المَدَائِنِ تُمْشِي وَهْيَ جضازَعَةٌ / بِالنَّعْشِ مَشْيَ ثَكُولٍ مَسَّهَا الْعَقَمُ
ذِيدَتْ عَنِ الرُّكْنِ لَمْ تُلْمِمْ بِهِ يَدُهَا / فَأَقْبَلَتْ بِضِيَاءِ الْعَيْنِ تَسْتَلِمُ
دِيَارُهَا كَالطلُولِ السُّحْمِ مُوحَشَةٌ / وَفِي الرِّحَابِ وَفُودُ الْخَلْقِ تَزْدَحِمُ
وَفِي البِلادِ بِتَعْدَادِ الْبِلادِ عَلَتْ / مَنَاحَةٌ مَا رَأَتْ أَمْثَالَهَا الأمَمُ
وَرَاءَ كلِّ سَرِيرٍ مَثَّلُوهُ بِهِ / مِنَ الجَمَاعَاتِ مَا لَمْ يَجْمَعِ الرَّقَمُ
لَمْ تَشْهِدَ الْعُرْبُ يَوْماً فِي فَوَادِحِهَا / كَذَلِكَ الْيَوْمِ مَشْهُوداً وَلا الْعَجَمُ
يَا مَنْ يُؤَبِّنُ سَعْداً مَنْ تُؤَبِّنُهُ / هُوَ الْهُدَى وَالنَّدَى وَالبَأْسِ وَالشَّمَمُ
هَيْهَاتَ تُوصَفُ بِالوَصْفِ الْخَلِيقِ بِهَا / تِلْكَ الْفضَائِلُ وَالآدَابُ وَالشِّيَمُ
مَال الْقَوْلُ فِي دَوْحَةٍ فَيَْنَانَةٍ سَقَطَتْ / وَمِنْ أَمَالِيدِهَا الإِحْسَانُ وَالكَرَمُ
كَأَنَّهَا غَيْضَةٌ مَجْمُوعَةٌ نَشِبَتْ / فِيهَا المَنَايَا تُثَنِّهَا وَتَخْتَرِمُ
لَكِنَّنِي أَسْتَعينُ الله مُعْتَذِراً / عَنِ القُصُورِ وَبَعْضِ العَجْزِ لا يَصِمُ
سَلِ الوْقَائِعَ عَنْ سَعْدٍ تُجِبْ طُرَفٌ / مِنْهَا عَلَى الدَّهْرِ لَمْ تُبْخِسْ لَهَا قِيَمُ
آيَاتُهَا رَاعَتِ الشَّيْخَ الإِمَامَ وَلَمْ / تَفْتَأْ تُرَدِّدُهَا حُفَّاظُهَا الْقُدُمُ
فَتًى رَأَى فِيهِ أَصْحَابُ الْفِرَاسَةِ مَا / تَكُونُ فِي النَّابِغِينَ الأَنْفُسُ الْعُزُمُ
أَبْدَتْ مَبَادِئُهُ الْحُسْنَى تَوَالِيَهُ / لَهُمْ فَظَنُّوا فَكَانَ الْحَقَّ ظَنُّهُمُ
وَظَلَّ فِي كُلِّ مَا نَاطَ الرَّجَاءُ بِهِ / عِنْدَ الَّذِي زَعَمُوا أَوْ فَوْقَ مَا زَعَمُوا
بَلْ كَانَ فِي كلِّ رَهْطٍ مِنْ صَحَابَتِهِ / فَرِيدَةً الْعِقْدِ حَيْثُ الْعِقْدُ يَنْتَظِمُ
مُذْ شَبَّتِ الثَّوْرَةُ الأُولَى تَوَرَّدَهَا / ظَمْآنَ حُرُّ لَظَاهَا عِنْدَهُ شَبَمُ
أَبَى الْقَرَارِ عَلَى ضَيْمِ البِلادِ وَقَدْ / سَاقَ الرَّعِيَّةَ فِيهَا سَائِقٌ حُطَمُ
فَأَعْمَلَ الرَّأْيَ وَالفَوْزُ المُبِينُ بِهِ / لَوِ اسْتَعَانَ بِهِ الصَّمْصَامَةُ الْخِذِمُ
سَلِ المُحَامَاةَ كَمْ يَوْمٍ أَغَرَّ لَهُ / غَدَا اسْمُهُ وَهْوَ فِي أَيَّامِهَا عَلَمُ
قَدْ نَاصَرَ الْعَدْلَ فِيه فَهْوَ مُنْتَصِرٌ / وَهَاجَمَ الْبَغْيَ فِيه فَهْوَ مُنْهَزِمُ
وَأَلْزَمَ المِدْرَه المِنْطِيقَ حُجَّتَهُ / مِنْ حَيْثُ كَانَ بِهَا لِلحَقُّ يَلْتَزِمُ
مَا يَبْلُغُ الْخَصْمُ مِمَّنْ قَبْلَ مَوْقِفِهِ / لَدَى القَضَاءِ إِلَى نَجْواهُ يَخْتَصِمُ
حَتَّى إذَا اعْتَزَّ بِالبُرْهَانِ سَلْسَلَهُ / طَلْقَ اللِّسَانِ عَدَاهُ الْوَهْمُ وَالْوَهْمُ
بَيَانُهُ فِيهِ كَاليَنْبُوعِ مُنْفَجِرٌ / وَرَأْيُهُ فِيهِ كَالْبُنْيَانِ مُدَّعِمُ
سَلِ القَضَاءَ يُجِبْ مَا كَانَ جِهْبِذُهُ / وَالبَاحِثُ الْجَلْدُ وَالمُسْتَبْصِرُ الْفَهِمُ
ذَاكَ الَّذِي قَبْلَ أَنْ تُلْقَى مَقَالِدُهُ / إِلَيْهِ كَانَتْ إِلَيْهِ النَّاسُ تَحْتَكِمُ
يَقْظَانَ لا يَرْتَقِي زور إِلَيْهِ وَلا / تُضِلُّهُ الشُّبَهُ المُزْجَاةُ وضالتُّهَمُ
يَبِت فِي الأَمْرِ لا يَعْنِيهِ مِنْهُ سِوَى / مَا تَرْتَضِيهِ عُهُودُ اللهِ وَالذِّمَمُ
وَيُوقِعُ الْحُكْمَ فِي أَمَضَى مَوَاقِعِهِ / مِنَ الصَّوَابِ وَغَرْبُ الظُّلْمِ مُنْثَلِمُ
مُحَاذِراً خَطَأَ مَا اسْطَاعَ أَوْ خَظَلاً / فِي النَّفْسِ أَوْ فِي الْحَقِّ يُهْتَضَمُ
أَتَنْقَضِي نَسَمٌ مِنْ رُوحِ خَالِقِهَا / جَبْراً كَمَا تَنْقَضِي إِنْ مَرَّتِ النَّسَمُ
وَهَلْ تُبَاحُ حُقُوقٌ فِي الضَّمِيرِ لَهَا / غَمْزٌ أَلِيمٌ إِذَا لَمْ يَرْعَهَا الْحَكَمُ
سَلِ المَعَارِفَ إِذْ كَانَتْ زِزَارَتُهَا / مُنْدَكَّةً خَاذَلَتْ أَجْزَاءهَا الدُّعُمُ
فَرُبَّ صَرْحٍ مَشِيدٍ لِلْبِلادِ بِهَا / أَعَادَهُ حَيْثُ أَمْسَى وَهْوَ مُنْهَدِمُ
نَجَتْ كَرَامَةُ مِصْرٍ مِنْ مَهَانَتِهَا / فِيهَا وَشُرِّفَ ذَاكَ المَنْصِبُ السَّنِمُ
وَرُدَّ عَنْ سَرَفٍ فِي الْغِيِّ مُغْتَصِبٌ / وَصُدَّ عَنَّ سَرَفٍ فِي البَغْيِ مًحْتَكِمُ
وَصُوِّرُ النُّجُبُ الأَحْرَارُ فِي مُثُلٍ / صِيغَتْ قَبْلَهُ الأَتْبَاعُ وَالْحَشَمُ
سَلِ النيَابَةَ عَانَاهَا وَنَدْوَتُهَا / شَمْلٌ كَمَا شَاءَتِ الأَوَاءُ مُنْقَسِمُ
جَمَاعَةٌ جَهِلُوا مِنْ قَدْرِ أَنْفُسِهِمْ / مَا كَانَ يَهْزَأُ بِالأَقْدَارِ لَوْ عَلِمُوا
ما زَالَ بِالطُّرُقِ المُثْلَى يُقَوِّمُهُمْ / حَتَّى اسْتَقَامُوا وَبَاتَ الأُمْرُ أَمْرَهُمُ
فَبَاءَ بِالخسْرِ مَنْ بِالبُطْلِ نَاوَأَهُمْ / وَصَادَمَ الْحَقَّ فِيهِمْ مَنْ بِهِ اصْطَدَمُوا
تِلْكَ المَنَاصِبُ فِي مَبْنَى زَعَامَتِهِ / أُس أُقِيمَ عَلَى أَنْضَادِهِ أُطُمُ
حِصْنٌ يَذُودُ بِهِ عَنْ قَوْمِهِ بَطَلٌ / بِالحَقِّ مُعْتَضِدٌ بِالعَدْلِ مُعْتَصِمُ
لِحَادِثَاتِ اللَّيَالِي فِي أَنَامِلِهِ / يَرَاعَةٌ وَلأَحْكَامِ القَضَاءِ فَمُ
يَبْدُو مُنِيفاً عَلَى هَامِ الرِّجَالِ كَمَا / يَبْدُو مُنِيفاً عَلَى هَامِ الرُّبَى عَلَمُ
مُجَلَّلاً هَمُّهُ بِالشَّيْبِ لِمتَهُ / وَقَدْ تَشِيبُ بِأَدْنَى هَمهِ اللِّمَمُ
وَلِلْخُطُوطِ عِراضاً فَوْقَ جَبْهَتِهِ / شِبْهُ المَدَارِجِ قَدْ حُفَّتْ بِهَا القِمَمُ
عَيْنَاهُ كَالكَوْكَبَيْنِ السَّاطِعَيْنِ زَهَا / سَنَاهُمَا بِسَنىً لِلْفِكْرِ يَضْطَرِمُ
وَمَا الْغُضُونُ تَدَلَّى عَارِضَاهُ بِهَا / إِلاَّ الشُّجُونُ جَلا أَشْبَاحَهَا الأَدَمُ
إِنْ تَقْتَرِبْ شَفَتَاهُ وَالزَّمَانُ رِضىً / تَرَقْرَقَتْ مِنْهُمَا الآيَاتُ وَالْحِكَمُ
وَإِنْ يُفَرِّجْهُمَا فِي مَوْقِفٍ غَضَبٌ / رَاعَتْكَ فُوَّهَةُ البُرْكَانِ وَالْحِمَمُ
بَيْنَ الصِّلابِ الْحَوَانِي مِنْ أَضَالِعِهِ / قَلْبٌ كَبِيرٌ لِرَيْبِ الدَّهْرِ لا يَجِمُ
يَلِينُ رِفقاً فَإِنْ جَافَى وَصُكَّ بِهِ / صَرفُ الزَّمَانِ تَوَلَّى وَهْوَ مُنْهَشِمُ
مُتَمَّمُ الأَسْرِ رَحْبُ الصَّدْرِ بَارِزُهُ / مَقَوَّمُ الأَزْرِ طَاوِي الْكَشْحِ مُنْهَضِمُ
فَيَا لَهُ هَيْكَلاً مِلْءَ الْعُيُونِ سَطَا / بِهِ الرَّدَى فَاحْتَوَتْهُ دُونَهَا الرحَمُ
قضى الَّذِي كَانَ نَادِيهِ وَمَحْضَرُهُ / قِلادَةٌ لِكِرَامِ النَّاسِ تَنْتَظِمُ
إِذَا تَكَلَّمَ أَصْغَتْ كُلُّ جَارِحَةٍ / إِلَيْهِ لا الكَدُّ يَثْنِيهَا وَلا السَّأَمُ
دُرٌّ يُسَلْسِلُهُ فِيمَا يَفُوهُ بِهِ / فَالْقَلْبُ مُبْتَهِجٌ وَالْعَقْلُ مُغْتَنِمُ
كَأَنَّ جُلاَّسَهُ مَهْمَا عَلَوْا رُتَباً / رَاجُوا صِلاتٍ عَلَيْهِمْ تُنْشَرُ النعَمُ
قَضَى الأَدِيبُ الَّذِي تُسْتَنُّ سُنَّتُهُ / وَرَسْمُهُ فِي ضُرُوبِ الْقَوْلِ يُرْتَسَمُ
رَبُّ الْبَلاغِ الَّذِي كَانَتْ رَوَائِعُهُ / هِيَ النُّجُومُ الَّتِي تَهْدِي أَوِ الرَّجُلُ
يَخُطُّهَا وَكَأَنَّ اللَّوْحَ فِي يَدِهِ / يُصَرِّفُ فِيمَا يَرْسُمُ الْقَلَمُ
يَفْتَرُّ عَنْ وَحْيِهِ فِيهَا المِدَادُ كَمَا / يُذْكَى فَيَفْتَرُّ عَنْ نُورٍ بِهِ الْفَحْمُ
فَإِنْ تَرَسَّلَ فِي عِلْمٍ وَفي أَدَبٍ / فَالْفِكْرُ مُبْتَكَرٌ وَاللَّفْظُ مُنْسَجِمُ
بَحْرٌ مِنَ الْعِلْمِ لَمْ تُذْخَرْ جَوَاهِرُهُ / وَلَمْ تَحُلْ دُونَها الشُّطْآنُ وَالأَكَمُ
تَزْهُو الْعُقُولُ بِرَشْحٍ مِنْ نَدَاهُ كَمَا / تَزْهُو الحُقُولُ سَقَاهَا الْعَارِضُ الرَّذِمُ
يُهْدِي الْفُصُولَ مُوَشَّاةً مُدَبِّجَةً / بِكُلِّ فَنٍّ مِنَ الإِبْدَاعِ تَتَّسِمُ
وَلِلَّطَّائِفِ فِي أَثْنَائِهَا خِلَسٌ / يُجْلَى بِإِيمَاضِهَا التَّقْطِيبُ وَالْقَتَمُ
قضَى الْخَطِيبُ الَّذِي كَانَتْ فَصَاحَتُهُ / حَالاً فَحَالاً هِيَ الآلاَءُ وَالنقَمُ
حَدِّثْ عَنْ الْبَلْسَمِ الشَّافِي يُمَرُّ بِهِ / عَلَى الْجِرَاحِ قَدْ اسْتَشْرَتْ فَتَلتَئِمُ
حَدِّثْ عَنِ البُلْبُلِ الْغِرِّيدِ مُخْتَلِفاً / بَيْنَ الأَفَانِينِ مِنْ تَطْرِيبِهِ النَّغمُ
حَدِّثْ عَنِ الضَّيْغَمِ السَّاجِي يَثُورُ بِهِ / تَحَرُّشٌ بِحِمَى الأَشْبَالِ لا الْقَرَمُ
حَدِّثْ عَنِ السَّيْلِ يَجْرِي وَهْوَ مُصْطَخِبٌ / حَدِّثْ عَنِ النَّارِ تَعْلُو وَهْيَ تَحْتَدِمُ
حَدِّثْ عَنِ الْبَحْرِ وَالأَرْوَاحِ عَاصِفَةٌ / وَالسُّحْبُ عَازِفَةٌ وَالْفُلْكِ تَرْتَطِمُ
مَا قَدَّمَتْ رَجُلاً فِي قَوْمِهِ ثِقَةٌ / بِهِ كَمَا قَدَّمَتْ سَعْداً وَلا جَرَمُ
قَدْ كَانَ أَخْبَرَ أَبْنَاءِ الْبِلادِ بِهِمْ / وَكَانَ أَدْرَى بِمَا أَبْدُوا وَمَا كَتَمُوا
يَسُوسُ كُلاًّ بِأَجْدَى مَا يُسَاسُ بِهِ / وَيَتَّقِي جُهْدَهُ أَنْ تُقْطَعَ الرَّحِمُ
وَمَا يَغُضُّ عَنِ المَلْهُوفِ نَاظِرَهُ / وَمَا بِهِ عَنْ نِدَاءِ المُعْتَفِي صَمَمُ
وَإِنَّمَا سِرُّ مَنْ تَعْنُو الرِّجَالُ لَهُ / إِدْرَاكُهُ فِي اخْتِلافِ الْحَالِ سِرَّهُمُ
إِلعَيْشُ فِيمَا يَرَاهُ يَقْظَةٌ شُغِلَتْ / بِالسَّعْيِ وَالجِدِّ لا رُؤْيَا وَلا حُلُمُ
لا شَأْنَ عَنْ خِدْمَةِ الأَوْطَانِ يَصْدِفُهُ / فَمَا تُعَدُّ مَسَاعِيهِ وَلا الْخِدَمُ
سَهْرَانُ تَفْتَرُّ أَحْدَاقُ الدُّجَى فَتُرَى / وَسْنَى وَتَنْجَابُ عَنْ أَحْدَاقِهِ الظُّلَمُ
من لِلرُّقِي بِنَهَّاضٍ كَنَهْضَتِهِ / مَاضِي الْعَزِيمَةِ لا تَكْبُو بِهِ قَدَمُ
فِيهِ الصَّرَاحَةُ طَبْعٌ لا يُغَيِّرُهُ / وَلا يُشَابُ بِسُمٍّ عِنْدَهُ دَسَمُ
إِذَا تَوَخَّى جَدِيداً وَالصَّلاحُ بِهِ / رُدَّ الفَسَادُ وَلَمْ يَشْفَعْ لَهُ القِدَمُ
تُرْعَى لَهُ حُرْمَةٌ فِي كُلِّ مَنْزِلَةٍ / سَمَا إِلَيْهَا وَتُرْعَى عِنْدَهُ الْحُرَمُ
وَمَا يُسَرُّ بِغَيْرِ الْفَوْزِ يُدْرِكُهُ / وَمَا يَقَرُّ وَحَقُّ الشَّعْبِ مُهْتَضَمُ
ثَبْتٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ فِي مَبَادِئِهِ / سِيَّانَ مِنْهَا لَدَيْهِ اليُسْرُ وَالْعُدُمُ
أَعْدَاءُ أَوْطَانِهِ أَعْدَاؤُهُ جَهِلُوا / عَلَيْهِ فِي وَقَفَاتِ الصِّدْقِ أَوْ حَلَمُوا
إِنْ عَاهَدُوهُ بإِنْصَافٍ فَذَلِكَ وَإِنْ / أَبَوْا فَمَا أَمْرُهُ مِنْ أَمْرِهِمْ أَمَمُ
أَقَرَّ بِالخُطَّةِ المُثْلَى مَكَانَتهُ / بِحَيْثُ يَرْسَخُ وَالأَطْوَادُ تَنْقَضِمُ
وَحَيْثُ يَزْدَادُ تَأْيِيداً إِذَا صَفَحُوا / وَحَيْثُ يَزْدَادُ تَمْكِيناً إِذَا نَقَمُوا
تَضُمُّهُ وَالرِّفَاقُ المُقْتَدِينَ بِهِ / عُرَى يَقِينٍ مَتِينٍ لَيْسَ تَنْفَصِمُ
وَمَا صَحَابَتُهُ إِلاَّ شُيُوخُ نُهًى / إِنْ سُوهِمُوا فِي مَجَالاتِ الْعُلَى سَهَمُوا
وَفِتْيَةٌ نُجُبٌ صًيَّابَةٌ غُلُبٌ / وَافُونَ وَعَدُوا مَاضُونَ إِنْ عَزَمُوا
بَرُّوا بِمَا أَقْسَمُوا طَوْعاً لأَنْفُسِهِمُ / فَكَانَ آيَةَ فَتْحٍ ذَلِكَ الْقَسَمُ
سَارُوا بِإِمْرَتِهِ وَالحَقُّ رَائِدُهُمْ / فضمَا يُرَى وَكُلٌّ فِيهِمْ وَلا بَرِمُ
رَأَوْا بِهِ المَثَلَ الأَعْلَى بِأَبْعَدِ مَا / سَمَتْ إِلَى شَأْوِهِ الأَبْطَالُ وَالبُهَمُ
يُسَامُ نَفْياً وَتَعْذِيباً وَهِمَّتُهُ / مَا لَيْسَ يُدْرِكُهُ أَعْدَاؤُهُ الْغُشُمُ
وَ مِصْرُ قَائِمَةٌ غَمّاً وَقَاعِدَةٌ / كَاللُّجِّ يَزْخَرُ وَالأَمْوَاجُ تَلْتَطِمُ
أَيَنْزَعُونَ مِنَ الأُمِّ ابْنَهَا جَنَفاً / وَلا يُؤَاخَذُ بِالإِجْرَامِ مُجْتَرِمُ
بَثَّتْ أَساهَا بِمَا رِيعَ الزَّمَانُ لَهُ / كَأَنَّمَا أَخْرَجَتْ أَشْبَالَهَا الأَجَمُ
وَكَانَ أَيْسَر مَبْذُولٍ أَعَزُّ فِدًى / وَكَانَ أَهْوَنَ خَطْبٍ أَنْ يُرَاق دَمُ
حَتَّى أُعِيدَ إِلَيْهَا تَاجُ عِزَّتِهَا / وَانْجَابَ عَنْ جِيدِهَا النيرُ الَّذِي يَقِمُ
أَعْظِمْ بِهِ إِذْ تَوَلَّى الأَمْرَ أَجْمَعُهُ / وَرَأْيُهُ فِيهِ مَاضٍ مَا بِهِ ثُلَمُ
وَيَوْمَ رُدَّتْ عَلَى الدُّسُتُورِ هَيْبَتُهُ / بِفَضْلِهِ وَاسْتَعَادَتْ شَأْنَهَا النُّظُمُ
دَعَاهُ دَاعِيهِ بِالشَّيْخِ الْجَلِيلِ وَمَا / وَاللهِ أَدْرَكَهُ فِي الْهِمَّةِ الْهَرَمُ
أَغْلَى النيَابَةَ سَعُدُ أنَ يَرْأَسُهَا / وَشَرَّفَ الْحُكْمَ سَعْدٌ حِينَ يَحْتَكِمُ
بَيْنَا بِهِ سَقَمٌ يوهِي عَزِيمَتَهُ / إِذَا العَزِيمَةُ صَحَّتْ وانْتَفَى السَّقَمُ
فَيَنْبَرِي وَإِذَا الرَّهْلُ المُسِنُّ فَتًى / يُطِيقُ مَا لا يُطِيقُ الفِتْيَةُ الْهُضُمُ
قَدْ يَخْدُرُ اللَّيْثُ حَتَّى لا يُخَالُ بِهِ / بَأْسٌ وَيَحْفِزُهُ جَرْسٌ فَيَقْتَحِمُ
بِالأَمسِ أُمَّتُهُ مِنْ بَيْتِهِ اتَّخَذَتْ / بَيْتاً بِهِ تَلْتَقِي آناً وَتَعْتَصِمُ
وَاليَوْمَ شَادَتْ لَهُ قَبْراً بِجَانِبِهِ / فَجَاوَرَ الرَّوْضَةَ القُدْسِيَّةَ الْحَرَمُ
تَنَافَسَ النَّابِغُونَ القَائِمُون بِهِ / حَتَّى ازْدَرَى كُلَّ صَرْحٍ ذَلِكَ الرَّضَمُ
وَلَوْ أَطَاعُوا هَوَاهُمْ قِي تَجِلَّتِهِ / لَكَانَ دُونَ الَّذِي يَبْنُونَهُ الْهَرَمُ
هَيَهَاتَ يَبْلُغُ فِي عَلْيَائِهِ عَلَمٌ / صَرْحاً بِهِ بَاتَ ذَاكَ المُفْرَدُ العَلَمُ
صَفِيَّةَ الطُّهْرِ آتَاكَ الجِهَادُ حِلىً / لَمْ تُؤْتِهَا فِي الْخُدُورِ الأَنْفُسُ السُّقَمُ
إِذَا الْقُلُوبُ إِلَى ذَاكَ الْجَلالِ رَنَتْ / فِلِلْمُنَى أَعْيُنٌ تُغْضِي وَتَحْتَشِمُ
قَدْ كُنْتِ قُدْوَةَ رَبَّاتِ الْجَمَالِ بِمَا / أَزَلْتِ مِنْ زَهْمِ قَوْمٍ سَاءَ مَا وَهَمُوا
فَصَانَتِ الأَوْجُهَ الْحُسْنَى فَضَائِلُهَا / مِنْ حَيْثُ أُلْقِيَتِ الأَسْتَارُ واللُّثُمُ
لَكِ الْبَقَاءُ وَفِي مِصْرَ العَزَاءَ بِهِ / حُمَاتُهَا شَرَعٌ فِي الذَّوْدِ وَالحُرَمُ
وَلْيَزْهَرِ الْفَرْقَدُ الْبَاقِي إِذَا حَجَبَتْ / رَفِيقَهُ غَمَرَاتُ الْغَيْبِ وَالسُّدُمُ
أَمَا تُخَفِّفُ عَنِكِ الْحُزْنَ تَأْسِيةٌ / وَالحُزْنُ فِي أُمَمٍ جَمْعَاءَ مُقْتَسَمُ
مَا مِن عَظِيمٍ سِوَى سَعْدٍ أُتِيحَ لَهُ / فِي النَّاسِ حَيّاً وَمَيْتاً ذَلِكَ العِظَمُ
لِمِصْرَ عَهْدٌ بِالاسْتِقلالِ مُفْتَتَحٌ / فَدَاهُ عُمْرٌ بِالاسْتِشْهَادِ مُخْتَتَمُ
مَوْلايَ أَيَّدَكَ الرَّحْمَنُ فِي نِعَمِ
مَوْلايَ أَيَّدَكَ الرَّحْمَنُ فِي نِعَمِ / وَفِي ثَنَاءٍ مِنَ الإِجْلالِ وَالْعِظَمِ
بِالبَابِ ضَارِعَةٌ للهِ مُخْلِصَةٌ / تَدْعُو وَمَا خَابَ مَنْ تَدْعُو مِنْ أَمَمِ
بِأَنْ يُعِزَّكِ مَا دَامَ الزَّمَانُ وَأَنْ / يُعِزَّ مِصْراً بِرَاعِيهَا عَلَى الأُمَمِ
إِني لَجَارِيَةٌ ثَكْلَى وَمَا وَلَدِي / مَيْتٌ وَلَكِنْ طَرِيحُ السِّجْنِ فِي تُهَمِ
فَافْعَلْ كَعِيسَى وَأَحْيِ المَيْتَ تُحْيِ بِهِ / أُمّاً عَلَى وَشْكِ أَنْ تَفْنَى مِنَ الأَلَمِ
وَتُنْجِ زَوْجاً أَذَابَ الضَّعْفُ مُهْجَتَهَا / وَوُلْدُهَا الكُثْرُ مِنْ عُدْمٍ وَمِنْ عَدَمِ
بِالعَفْوِ عَنْهُ وَكَادَتْ كُل مُدَّتِهِ / تُقْضَى فَمَا ثَمَّ إِلاَّ لَفْظَةٌ بِفَمِ
مَاذَا تَصَبَّاكَ مِنْ حَالٍ تُجَدِّدُهَا
مَاذَا تَصَبَّاكَ مِنْ حَالٍ تُجَدِّدُهَا / عَنْ عَهْدِ عَنْتَرَةَ العَبْسِيِّ فِي القِدَمِ
وَأَنْتَ فِي بَلَدِ الأَنْوَارِ لا أَثَرٌ / فِيهِ يُذَكِّرُ عَصْراً بَاتَ فِي الظُّلَمِ
هَلْ مُلْتَقًى يَجْمَعُ الروحَ الَّتِي رَجَعَتْ / أَدْرَاجَها وَالَّتِي تُزْجَى مِنَ العَدَمِ
وَمَا احْتِيَارُكَ عَبْداً مِحْرَباً خَشِناً / مِنَ البَدَاوَةِ فَظَّ اللَّوْنِ وَالأَدَمِ
مُهَيَّماً بِفَتَاةٍ بِنْتِ سَادَتِهِ / يَشْكُو هَوَاهُ بِمَنْظُومٍ مِنَ الكَلِمِ
يَحْكِي الحُكَاةُ لَنَا عَنْهُ تَوَغُّلَهُ / فِي الفَتْكِ بِالنَّاسِ فَتْكَ الآكِلِ النَّهِمِ
وَلِينَهُ فِي تَصَابِيهِ وَغِلْظَتَهُ / فِي مَلْعِبِ المَوْتِ بَيْنَ السُّمْرِ وَالخَذُمِ
فَهْوَ المُتَيَّمُ يَسْتَقْضِي لبَانَتَهُ / وَهْوَ المُكَافِحُ حُبَّ القَتْلِ وَالنِّقَمِ
ذَاكَ الَّذِي قَالَهُ عَنْهُ الرُّوَاةُ فَهَلْ / بَدَا مَزِيدٌ لِفِكْرِ البَاحِثِ الفَهِمِ
حَيَّاكَ رَبُّكَ يَا مَنْ قَامَ يُنْصِفُهُ / بِالعِلْمِ مِنْ جَهْلِ سُمَّارٍ وَمِنْ تُهَمِ
مَا كَانَ عَنْتَرَةٌ فِي القَوْمِ غَيْرَ فَتىً / يَرَى لَهُمْ مَا يَرَاهُ قَادَةُ الأُمَمِ
إِنْ أَمْكَنَ الحُبَّ مِنْهُ حِينَ خَلْوَتِهِ / فَأَسْمَعَ النَّاسَ فِيهِ أَشْوَقَ النَّغَمِ
فَإِنَّ مَا كَانَ يَبْغِيهِ لأُمَّتِهِ / أَسْمَى أَمَانِي حُرٍّ غَيْرِ مُتَّهَمِ
سَقَى هَوَى عَبْلَةٍ مِنْ مَاءِ أَدْمُعِهِ / وَكَادَ يُرْوِي الفَلا مِنْ أَجْلِهِمْ بِدَمِ
وَالحُبًّ أَلْزَمُ لِلأَرْوَاحِ مَا عَظُمَتْ / وَقَدْ يَكُونُ لَهَا أَدْعَى إِلَى العِمَمِ
فَإِنْ ظَفِرْتَ بِعِزْهَاةٍ وَمَنْصِبُهُ / فِي المَالِكِينَ فَتِلْكَ النَّفْسِ فِي الخَدَمِ
أَرَيْتَنَا مِنْ فَتَى عَبْسٍ حَقِيقَتَهُ / حَقِيقَةَ المَرْءِ لَمْ يُوصَمْ وَلَمْ يَصِمِ
حَقِيقَةَ البَدَوِيِّ الحُرِّ مُبْتَغِياً / لِقَوْمِهِ غَيْرَ بَاغٍ أُلْفَةَ الرَّحِمِ
يُهْدِي لِعَبْلَةً مَا يُوحِي الغَرَامُ لَهُ / وَلِلحَقِيقَةِ وَحْيَ العَزْمِ وَالشِّمَمِ
وَإِنَّمَا سُؤْلُهُ إِعْزَازُ مَوْطِنِهِ / وَقَوْمِهِ بِاتِّحَادِ الرَّأْيِ وَالهِمَمِ
فَإِنْ رَنَا وَهِلالُ الشَّهْرِ مُبْتَسِمٌ / حَيَّاهُ مِنْ أَمَلٍ فِي الأُفْقِ مُبْتَسِمِ
مُنَبِّيءٍ بِسَنَاهُ عَنْ سَنَى قَمَرٍ / مَاحِي الظَّلامِ نَبِيٍّ حَاطِمِ الصَّنَمِ
فَيَا مُعِيداً إِلَيْنَا اليَوْمَ عَنْتَرَةً / فِي يَقْظَةٍ شَابَهَا لُطْفٌ مِنَ الحُلُمِ
بِشِبْهِ مَا جَوَّدَتْ نَظْماً قَرِيحَتُهُ / فِي خَيْرِ مَا جَوَّدَتْهُ أَلْسُنُ العَجَمِ
أَرَيْتَ مَنْ كَانَ يَرْمِينَا بِمَنْقَصَةٍ / أَنَّا بَنُو بَجْدَةِ الأَفْلاحِ إِنْ نَرُمِ
وَأَنَّنَا القَوْمُ نَسْتَبْقِي مَفَاخِرَنَا / حَتَّى تُوَاتِينَا الأَقْدَارُ مِنْ أمُمِ
وَأَنَّ مَا بَيْنَ مَاضِينَا وَحَاضِرَنَا / مِنَ العَلاقَةِ حَبْلاً غَيْرَ مُنْفَصِمِ
وَأَنَّنَا أُمَّةٌ تَهْوَى مَوَاطِنَهَا / حَتَّى عَلَى الذِّكْرِ مِنْ عَادٍ وَمِنْ إِرَمِ
وَأَنَّ كُلَّ بَيَانٍ طَوْعُ خَاطِرِنَا / وَنَحْنُ أَهْلُ بَيَانِ السَّيْفِ وَالقَلَمِ
وَأَنَّ كلَّ فَتىً مِنَّا بِمُفْرَدِهِ / شَمْلٌ جَمِيعٌ مِنَ الآدَابِ وَالشَّيمِ
وَأَنَّنَا لَوْ تَآلَفْنَا لِمَا عَجِزَتْ / بِنَا النُّهَى عَنْ مَقَامٍ فِي العُلَى سَنِمِ
فَيَا سُرُوراً بِذِكْرٍ أَنْتَ بَاعِثُهُ / وَيَا أَسىً لِحِمَى بِالجَهْلِ مُنْقَسِمِ
مَرْيَمُ يَا غَرْسَ خَيْرِ كَرْمٍ
مَرْيَمُ يَا غَرْسَ خَيْرِ كَرْمٍ / مِنْ أُسْرَةٍ كُلُّهَا كِرَامُ
وَيَا فَتَاةً حَكَتْ مُهَاةً / بِكُلِّ حُسْنٍ لَهَا اتِّسَامُ
جَمَالُهَا فِي الظَّلامِ نُورٌ / وَفِي مُحَيَّا الدنَى ابْتِسَامُ
لَوِ الغَرَامُ اصْطَفَى مِثَالاً / لَمَا اصْطَفَى غَيْرَكِ الغَرَامُ
أَمَّا السَّجَايَا فَهَلْ يُوَفِّي / أَقَلَّ أَوْصَافِهَا الكَلامُ
طهْرٌ تَمَامٌ عَقْلٌ / لُطْف تَمَامُ ظَرْفٌ تَمَامُ
شَمَائِلُ الأُمِّ فِيكِ عَادَتْ / وَنُضْرُهُ الوَجْهِ وَالقَوَامُ
أَمٌّ هِيَ الشَّمْسُ فِي بَنشيهَا / يَجْمَعُهُمْ حَوْلَهَا النِّظَامُ
وَحَوْلَهَا مِنْ أَخٍ وَخَالٍ / مَنْ يَعْرِفُ النبْلُ وَالذِّمَامُ
فَاسْتَقْبِلِي يَا عَرُوسُ حَظّاً / كَانَ لَهُ بَارِقٌ يُشَامُ
وَلْيَحْيَ فِي غِبْطَةٍ وَجَاهٍ / عَرُوسُكِ المَاجِدُ الهُمَامُ
الوَجْهُ صُبْحٌ أَغَرُّ سَمْحٌ / وَالاسْمُ مِسْكٌ عَدَاهُ ذَامُ
عِيشَا وَتَهْنِيكُمَا دَوَاماً / طَلاقَهُ العَيْشِ وَالوِئَامُ
نِهَايَةُ الفَخْرِ لِي فِي هَذَا الكَلِمِ
نِهَايَةُ الفَخْرِ لِي فِي هَذَا الكَلِمِ / تَعْرِيفُ حَافِظَ إِبْرَاهِيمَ مِنْ أَمَمِ
أَقُولُ مِنْ أَمَمٍ إِذْ لَيْسَ فِي بَلَدٍ / فِي الشَّرْقِ يَجْهَلُ اسْمَ الشَّاعِرِ العَلَمِ
وَلَمْ يُطَالِعْ وَيَسْتَظْهِرْ رَوَائِعَهُ / مَا بَيْنَ مُنْتَثِرٍ مِنْهَا وَمُنْتَظِمِ
فَهَلْ أَزِيدُ الأُولَى لَمْ يَعْرِفُوهُ سِوَى / أَدَاءِ رَسْمٍ لَدَى التَّعْرِيفِ مُلْتزَمِ
هَذَا فَتَى الدَّهْرِ زَانَ النُّبْلُ طَلْعَتَهُ / وَإِنْ يَكُنْ بِجَمَالٍ غَيرَ مُتَّسِمِ
إِذَا تَجَلَّى لَكَ الإِلْهَامُ مُزْدَهِراً / فِي مُقْلَتَيْهِ فَلا تَنْظَرْ إِلَى الأَدَمِ
وَإِنْ تَبَيَّنْتَ مِنْهُ هَيْكَلاً تَعِباً / بِوِقْرِهِ فَهْوَ فِي آنٍ خَفِيفُ دَمِ
دَعِ الهَيُولَى وَحَيِّ الروحَ فِي رَجُلٍ / مِنْ أَشْرَفِ الْخَلْقِ بِالأَخْلاقِ وَالشِّيَمِ
نحَارُ فِيهِ فَمَا تَدْرِي تَفَردَهُ / أَبِالقَوَافِي وَإِنْ راعَتْ أَمِ الْهِمَمُ
لاحَتْ مَنَاقِبُهُ الغَرَّاءُ سَاطِعَةً / لِلْمُبْصِرِينَ سُطُوعَ الشهْبِ فِي الظُّلَمِ
أَجْلَلَتُمُوهُ وَأَوْلاكُمْ تَجِلَّتَهُ / مُجَاهِراً غَيْرَ ضَنَّانٍ وَلا بَرِمِ
وَلَمْ يَزَلْ خَيْرَ مَنْ صَانَ الجِوَارَ وَمَنْ / رَعَى الخَلِيقَ بِأَنْ يُرْعَى مِنَ الْحُرَمِ
بِرَغْمِهِ أَنَّ عَيْنَ الشَّرْقَ نَائِمَةٌ / عَنِ المَعَالِي وَعَيْنُ الْغَرْبِ لم تَنَمِ
إِنْ شَامَ مِنْ جَانِبٍ فِينَا سَنَى أَمَلٍ / حَيَّى الرَّجَاءِ بِدَمْعٍ غَيْرَ مُكْتَتَمِ
وَإِنْ دَعَتْهُ إِلَى ذَوْدِ حَمِيَّتُهُ / رَاعَ العُدَاةَ بِمِثْلِ الزَّأْرِ فِي الأَجَمِ
مَا شِعْرُ حَافِظَ إِلاَّ صُورَةٌ مَثَلَتْ / لِلنَّيْلِ فَاضَ بِأَلْوَانٍ مِنَ النِّعَمِ
وَلَيْسَ إِلاَّ صَدَى الأَطْيَارِ مَالِئَةً / جَنَّاتِ مِصْرَ بشمَا يُشْجِي مِنَ النَّغَمِ
شِعْرٌ كَأَنَّ شُعُورَ الْقَوْمِ قَدَّرَهُ / فَلاحَ مَظْنُونُهُ فِيهِ كَمُرْتَسَمِ
تَرَاهُ أَصْدَقَ مِرْآةٍ لأُمَّتِهِ / إِنْ شَفَّ عَنْ أَمَلٍ أَوْ شَفَّ عَنْ أَلَمِ
يُلْقِيهِ لَحْناً بِلا لَحْنٍ فَيُطْرِبُهَا / وَيُبْدِعُ الوَهْمَ لا يَلْتَاثُ بِالْوَهْمِ
لَوْ كُنْتَ شَاهِدَهُ أَيَّامَ يُنْشِدُهُ / وَقَدْ عَلا مِنْبَراً فِي المَشْهَدِ الْعَمَمِ
عَلِمْتَ مَا نَشْوَةُ الرَّاحِ الْعَتِيقِ فَلَمْ / تَكَدْ تُفَرِّقُ بَيْنَ الْحِلْمِ وَاللَّمَمِ
فإِنْ تَرَسَّلَ جَادَتْهُ قَرِيحَتُهُ / بِأَحْسَنِ القَوْلِ مِنْ جَزْلٍ وَمُنْسَجِمِ
وَطَاوَعَتْهُ المَعَانِي فَهْيَ فِي يَدِهِ / مِلْكٌ يُصَرِّفُهُ تَصْرِيفَ مُحْتَكِمِ
نَثْرٌ فُنُونُ الْحِلَى فِيهِ مُوَزَّعَةٌ / بَيْنَ المَشَاهِدِ وَالآرَاءِ وَالْحِكَمِ
زَاهٍ بِأَفْصَحِ تَعْبِيرٍ وَأَبْلَغِهِ / سَهْلُ الأَدَاةِ سَلِيمُ اللَّفْظِ مِنَّ سَقَمِ
لَكِنَّ حَافِظَ إِبْرَاهِيمَ أُنْذِرُكُمْ / لَهُ جَوَانِبُهُ الأُخْرَى مِنَ الْعِظَمِ
عَوَّذْتَ بِاللهِ مِنْ غَرْثَى الْعُيُونِ أَخاً / يَعْدُو الأَنَاقَةَ إِلَى النَّهَمِ
عِشْنَا رَفِيقَيْ صِبَا فِي مِصْرَ وَاشْتَهَرَتْ / دَهْراً وَقائِعُنَا فِي كُلِّ مُؤتَدَمِ
فَالعِقْدُ مِنْ ثُلْثِ قَرْنٍ غَيْرُ مُنْتَثِرٍ / وَالسِّمْطُ شِبْهُ سِمَاطٍ غَيْرُ مُنْفَصِمِ
وَقَدْ رَأَى مِنْ بَلائِي فِي وَلائِمِهَا / بَلاءَ حُرٍّ جَمِيلِ الظَّنِّ بِالكَرَمِ
إِلَى البُيُوتَاتِ فِي الأَطْرَافِ مُخْتَلِفٍ / وَلِلْمَحَاشِدِ فِي الْحَارِثِ مُقْتَحِمِ
يَغْشَى مَآدِبَهَا اسْتَوْفَتْ أَطَايِبَهَا / وَاسْتَكْمَلَتْ أَدَبَ السَّدَاتِ وَالْخَدَمِ
فَأَحْنَقَتْهُ مُبَارَاتِي وَلا جَرَمٌ / وَلَيْسَ فِي حَنَقِ المَوْتُورِ مِنْ جُرُمِ
فَجَاءَكُمْ وَعَلَى مَا فِيهِ مِنْ مِقَةٍ / يُبْدِي نَوَاجِذَ رَابِي الضِّغْنِ مُنْتَقِمِ
فَأَطْعِمُوهُ وَأَوْفُوا دَيْنَ صَاحِبِكُمْ / وَلا تُرِيحُوهُ فِي يَوْمٍ مِنَ التُّخَمِ
وَأَرْخِصُوا قِيمَ الطَّهْيِ النَّفِيسِ لَهُ / فَرُبَّ غَارِمِ شَيْءٍ جِدُّ مُغَتَنِمِ
أَدْنَى أَحَادِيثِهِ لَوْ رُوجِحَتْ رَجَحَتْ / أَغْلَى النَّفَائِسِ بِالأَقْدَارِ وَالقِيَمِ
وَكَمْ لَهُ نُكْتَةٌ تَسْبِي الْعُقُولَ إذَا / جَرَى بِهَا مِرْقَمٌ أَوْ رُدِّدَتْ بِفَمِ
يَا أَهْلَ لُبْنَانَ إِنَّ الضَّيْفَ عِنْدَكُمُ / هَدِيَّةُ اللهِ فِيمَا قِيلَ مِنْ قِدَمِ
أَعْزِزْ بِهِ وَهْوَ مِنْ إِهْدَاءِ مِصْرَ إِلَى / أَبَرِّ جِيرَتِهَا بِالْعَهْدِ وَالذِّمَمِ
مَا الأَلمَعِيُّ الَّذِي فِيكُمْ يُمَثِّلُهَا / إِلاَّ مُمَثِّلَ مَجْدِ النِّيلِ وَالهَرَمِ
أَلَيْسَ فِيمَا نَرَاهُ مِنْ مَآثِرِهَا / أَسْنَى مَفَاخِرِهَا مَا خُطَّ بِالْقَلَمِ
دَامَتْ بِغَابِرِهَا دَامَتْ بِحَاضِرِهَا / تَعِزُّ مَوْفُورَةَ الإِجْلالِ فِي الأُمَمِ
وَارَحْمَتَاهُ لِقَومٍ فَارَقوا النِّعَمَا
وَارَحْمَتَاهُ لِقَومٍ فَارَقوا النِّعَمَا / مِنْ غَيْرِ ذَنْبٍ لَهُمْ وَاسْتَقْبَلُوا النِّقَمَا
وُلاةُ أَرْزَاقِهِمْ وَلَّوْا فَمَا رَجَعُوا / وَغَادَرُوهُمْ عُرَاةً جُوَّعاً هُضُمَا
شُيُوخُهُمْ وَعَذَارَاهُمْ وَصِبْيَتُهُمُ / ذَاقُوا جَمِيعاً فِطَامَ القَهْرِ وَاليَتَمَا
فَلَوْ تَرَقَّبَهُمْ مُسْتَطْلِعٌ لَرَأَى / أَشْلاءَ حُزْنٍ مُشَظَّاةً بِكُلِّ حِمَى
لَوْلا بَشَاشَةُ إِيمَانٍ تُثَبِّتُهُمْ / تَخَيَّرُوا دُونَ تِلْكَ العِيشَةِ العَدَمَا
مَا حَالُ أُمٍّ لَهَا طِفْلٌ بِجَانِبِهَا / غَيْرَ المَدَامِعِ فِي يَوْمَيْهِ مَا طُعِمَا
وَرُضَّعٍ وَجَدُوا الأَثْدَاءَ لاذِعَةً / كَالجَمْرِ فَانْفَطَمُوا وَاسْتَنْكَرُوا الحَلَمَا
وَغَانِيَاتٍ أَبَاحَتْهَا الخُطُوبُ فَلَوْ / لَمْ تُعْصَمِ النَّفْسُ سَاءَ الفَقْرُ مُعْتَصَمَا
وَعَاجِزِينَ إِذَا لحَاجَاتُ ثُرْنَ بِهِمْ / عَاقَتْ قُيُودُ اللَّيَالِي مِنْهُمُ الهِمَمَا
أَشْبَاهُ مَوْتَى سِوَى رُؤْيَا تُرَوِّعُهُمْ / وَرَائِعَاتُ الرُّؤْى لا تَبْعَثُ الرِّمَمَا
أَولُئِكُمْ أهلُ مَنْ جَادُوا بِأَنْفُسِهِمْ / وَخَلَّفُوهُمْ عَلَى أَوْطَانِهِمْ ذِمَمَا
شَكَوا إِلَى مِصْرَ مَا عَانُوهُ فَاسْتَمَعَتْ / وَمَنْ شَكَا فَدَعَا مِصْراً دَعَا الكَرَمَا
جَادَتْ بِمَا أَخجَلَ التَّيَّارَ مُنْدَفِقاً / وَالسُّحْبُ هَاطِلَةً وَالْغَيْثُ مُنْسَجِمَا
للهِ دَرُّ بَنِيهَا الأَسْخِيَاءِ فَهُمْ / إِذَا انْبَرَوْا للنَّدَى بَزُّوا بِهِ الأُمَمَا
عَبَّاسُ قُدْوَتُهُمْ فِيهِ وَهُمْ تَبَعٌ / كَالرَّأْسِ وَالجِسْمِ نِعْمَ الصَّاحِبَانِ هُمَا
رَعَى الإِلهُ مَلِيكاً جُلُّ بُغْيَتِهِ / أَنْ يُعْلِي الحَقَّ أَوْ أَنْ يَكْشِفَ الغُمَمَا
إِذَا تَعَاظَمَتِ الجُلَّى فَنَائِلُهُ / تَرَاهُ فَوْقَ مَرَامِي الفَضْلِ قَدْ عَظُمَا
وَكَافَأَ الحَمْدُ أُمَّ المُحْسِنِينَ بِمَا / أَولَتْ فَأَغْلَتْ فَرَاعَ العُرْبَ وَالعَجَمَا
أَلْقَتْ عَلَى الدَّهْرِ ذِكْراً مِنْ عَوَارِفِهَا / يُعَطِّرُ الْكَوْنَ وَالأَرْوَاحَ وَالنَّسَمَا
هِيَ المُرُوءةُ تُعْطِي وَالوَفَاءُ يَفِي / وَرَسْمُهَا السَّعْدُ مَحْجُوباً وَمُبْتَسِمَا
عَاشَتْ وَقَرَّتْ بِنَجْلَيْهَا وَأُمَّتِهّا / وَبِالسرُورَينِ مَبْذُولاً وَمَغْتَنَمَا
وَلْتَحْيَ مِصْرُ فَمَا زَالَتْ كَمَا عُهِدَتْ / كَهْفاً لِقَاصِدِهَا غَوْثاً لِمَنْ أُزِمَا
تَنَاوَلَتْ كُلَّ مَلْهُوفٍ بِرَحْمَتِهَا / وَاللهُ يَرحَمُ فِي الدَّارَيْنِ مَنْ رَحِمَا
يَا شَاعِرَ النِّيلِ جَارِ النِّيلَ بِالشِّيَمِ
يَا شَاعِرَ النِّيلِ جَارِ النِّيلَ بِالشِّيَمِ / وَحَاكَ أَطْيَارَهُ بِالشَّدْوِ وَالنَّغَمِ
فِي ضِفَّتَيْهِ وَفِي تَغْرِيدِ صَادِحِهِ / مَا فِي نَظِيمِكَ بَيْنَ الْوَحْيِ وَالكَلمِ
وَفِي مَعَانِيكَ مِنْ أَرْوَاحِ جَنَّتِهِ / أَشْفَى النُّسَيْمَاتِ لِلأَرْوَاحِ وَالنَّسَمِ
شِعْرٌ كَأَنَّ مَفِيضَ الخَيْرِ سَالَ بِهِ / عَلَى النُّهَى سَيلَهُ فِي القَاعِ وَالأَكَمِ
كِلاهُمَا مُخْصِبٌ قَحْلاً فَمُخْرِجُهُ / حَقْلاً وَمُؤْنِسُهُ فِي وَحْشَةِ الدِّيَمِ
يَطْغَى فَيَغْشَى عَبُوسَ الْوَجْهِ أَمْرَدَهُ / وَيَنْجَلِي عَنْ عِذَارٍ فِيهِ مُبْتَسِمِ
بِذَلِكَ الشِّعْرِ صِفْ مِصْراً وَأُمَّتَهَا / صِفْ كُلَّ مَعْنَىً بِهَا كَالنَّافِحِ الشَّبِمِ
صِفْ ذَلِكَ اللُّطْفَ لَوْ عَزَّتْ بِهِ أُمَمٌ / يَوْماً لَعَزَّتْ بِهِ مِصْرٌ عَلَى الأُمَمِ
صِفْ ذَلِكَ الأُنْسَ يَجْرِي مِنْ مَنَابِعِهِ / عَذْبَ المَنَاهِلِ مَبْذُولاً لِكُلِّ ظَمِي
صِفْ ذَلِكَ الرِّفْقِ يَقْضِي فِي تَرَقْرُقِهِ / مَا لَيْسَ رِقَاقُ السُّمْرِ وَالخُذُمِ
صِفْ مَا يَشَاءُ جَمَالُ الطَّبْعِ مِنْ دَعَةٍ / وَمَا يَشَاءُ حَلالُ النَّفْسِ مِنْ كَرَمِ
تِلْكَ الْخَلائِقُ لا يَجْلُو رَوَائِعَهَا / نَظْمٌ كَنَظْمِكَ مِنْ جَزْلٍ وَمُنْسَجِمِ
إِنِّي أَوَدُّ لَهَا وَصْفاً وَيَرْجِعُنِي / عَنْهُ قُصُورِي إِذَا حَثَّ الْهَوَى قَلَمِي
مَن لِي بِنَظْمِكَ أَسْتَدْنِي بِمُعْجِزِهِ / أَقْصَى مَرَامٍ لآمَالِي عَلَى هِمَمِي
حَمْداً لِمِصْرَ وَإِطْرَاءً لأُمَّتِهَا / عَنْ صَادِقٍ فِيهُمَا عَالٍ عَنِ التُّهَمِ
مِصْرُ الْحَضَارَةُ وَالآثَارُ شَاهِدَةٌ / مِصْرُ السَّمَاحَةُ مِصْرُ المَجْدُ مِنْ قِدَمِ
مِصْرُ العَزِيزَةُ إِنْ جَارَتْ وَإِنْ عَدَلَتْ / مِصْرُ الْحَبِيبَةُ إِنْ نَرحَلْ وَإِنْ نُقِمِ
نَحْنَ الضيُوفَ عَلَى رَحْبٍ وَمَكْرُمَةٍ / مِنْهَا وَإِنَّا لَحَفَّاظُونَ لِلذِّمَمِ
جِئْنَا حِمَاهَا وَعِشْنَا آمِنِينَ بِهِ / مُمَتَّعِينَ كَأَنَّ العَيْشَ فِي حُلمِ
فَأَيُّنَا قَابَلَ النُّعْمَى بِسَيِّئَةٍ / فَإِنَّنَا مُلْزِمُوهُ أَنْكَرَ الْحُرَمِ
وَمَنْ يَنَلْهُ بإِيذَاءٍ فَإِنَّ بِنَا / ضِعْفَيْهِ مِنْ أَثَرِ الإيذَاءِ وَالأَلَمِ
لَكِنَّ قَوْمِي أَبْرَارُ القُلُوبِ بِهِ / دَعِ المُرِيبَ الَّذِي يَدْعُو إِلَى وَهَمِ
لا بَارَكَ اللهُ فِي سَاعٍ بِتَفْرِقَةٍ / بَيْنَ الصَّفَيْنِ وَالْجَارَيْنِ مِنْ أَممِ
يَا حَافِظَ الْخَيْرِ كُنْ فِي عَقْدِ وُدِّهِمَا / فَرِيدَةَ العِقْدِ يَلْبَثُ غَيْرَ مُنْفَصِمِ
أَكْشِفْ بِحَزْمِكَ أَسْتَارَ الْحَفِيظَةِ عَنْ / فَخٍّ تُصادُ بِهِ الأَعْرابُ لِلْعَجَمِ
أَلشَّاعِرُ الْحَقُّ مَنْ يَجْلُو الشُّعُورُ لَهُ / شَمْساً مِنَ الْوَحْيِ فِي دَاجٍ مِنَ الظُّلَمِ
بَيْنَ النَّبِيِّينَ وَالسُّوَاسِ نُصَّ لَهُ / مِنَ العُلَى مِنْبَرٌ لِلرَّأْيِ وَالحُكُمِ
وَعَلَ أَيْسَرِ شَيْءٍ فِي مَحَامِدِهِ / تَجْوِيدُ قَوْلٍ مُقَفَّى اللَّفْظِ مُنْتَظِمِ
فَخَارُهُ حَيْثُ يَلْقَى رَحْمَةً وَهُدًى / وَحَيْثُ يَنْهَى عَنِ الأَهْوَاءِ وَالنقمِ
وَحَيْثُ يَحْمِي الحِمَى مِنْ ضَلَّةٍ وأسًى / وَحَيْثُ يَدْعُو إِلَى الأَخْطَارِ وَالعِظَمِ
هَذَا الَّذِي أَنْتَ يَا ابْنَ النِّيلِ فَاعِلُهُ / وَذَاكَ مَجْدُكَ مَجْدُ النِّيلِ وَالهَرَمِ
يَا غُرَبَاءَ الحِمَى سَلاما
يَا غُرَبَاءَ الحِمَى سَلاما / حِمَامُكمْ هَوَّنَ الحِمَامَا
إِنْ عَاقَكُمْ عَائِقٌ فَمِصْر / تَمْضِي إِلَى قَصْدِهَا أَمامَا
كَمْ رَاحَ قَتْلَى دُونَ مَرَامٍ / وَقَوْمُهُمْ أَدْرَكُوا المَرَامَا
إِنِّي أُعَانِي بِحِسِّ قَلْبِي / خَطْبَكُمُ الرْائِعَ الجُسَامَا
أَشْهَدُهُ وَالقِطَارُ يَفْرِي / بِسُرْعَةِ البَارِقِ الظَّلامَا
بَيْنَاهُ يَمْضِي عُلْواً وَسُفْلاً / يَنْتَهِبُ القَاعَ وَالإِكْامَا
إِذِ التَقَاهُ وَلَنْ يَرَاهُ / مُعْتِرِضٌ دَكَّهُ صِدَامَا
تَنَاطَحَ المُوغِلانِ عَدْواً / فَانْحَطَمَا فِي الدُّجَى انْحِطَامَا
ذَابَ جِهَازُ الحَدِيدِ صَهْراً / إِلاَّ أَضَالِيعَهُ الضِّخَامَا
وَالخُشُبُ المُضْرَمَاتُ أَجْلَتْ / عَنْ فَحَمٍ مُبْطِنٍ ضِرَامَا
هُنَالِكُمْ لَحْظَةٌ نَسِيتُمْ / حِيَالَهَا الرَّوْعِ وَالسَّقَامَا
مُدَّكِرِينَ الحِمَى وَأَهْلاً / فُطِمْتُمْ عَنْهُمُو فِطَامَا
دَاعِينَ تَحْيَا مِصْرْ فَصَرْعَى / تُكَابِدُونَ المَوْتَ الزُّؤَامَا
فَيَا لَهَا اللهُ مِنْ ثَوَانٍ / أَقْصَرُهَا طَاوَلَ الدَّوَامَا
وَاحَرَّ قَلْبَا عَلَى شَبَابٍ / كَانُوا جُسُوماً صَارُوا عِظَامَا
كَانُوا وُجُوهاً مُنَوَّرَاتٍ / تَكَدَّسُوا أَرْجُلاً وَهَامَا
كَانُوا ابْتِسَامَ الرَّجَاءِ أَمْسَوْا / وَلا رَجَاءً وَلا ابْتِسَامَا
فِي ذِمَّةِ اللهِ يَا فَريقاً / عَاشُوا كِرَاماً وَمَاتُوا كِرَامَا
مُصَابُكُمْ شَفَّ مِصْرَ حُزْناً / ورَوَّعَ البَيْتَ وَالشَّآمَا
فِي كلِّ قَلْبٍ ثُكْلٌ عَلَيْكُمْ / نَفَى مِنَ المُقْلَةِ المَنَامَا
نَشَدْتُمُ العِلْمَ فِي دِيَارٍ / عَزِيزٌ اليَوْمَ أَنْ تُرامَا
لِوَجْهِ مِصْرٍ تَسْعَوْنَ سَعياً / إِلَى سَمَاءِ الفِدَى تَسَامَى
تَسْخُونَ بِالأَنْفُسِ الغَوَالِي / سَخَاءَ مَنْ يَبْذُلُ الحُطَامَا
وَحَسْبُكُمْ فِي غَرَامِ مِصْرٍ / أَنَّكُمْ مِتُّمُ غَرَامَا
بَلْ قَلَّ فِيهَا لَوْ كَانَ كُلُّ / مِنْ رَهْطِكُمْ جَحْفَلاً لُهَامَا
نِهَايَةُ الفَخْرِ كُلُّ حُرٍّ / فِي مَذْهَبٍ عَن حِمَاهُ حَامَى
وَخَالِدُ المَجْدِ مَنْ تَوَلَّى / دُونَ أَعَزِّ المُنَى اعْتِزَامَا
مَا ضَارَ أَنْ بِنْتُمُو صِغَاراً / فَفِي النُّهَى بِتُّمُوا عِظَامَا
رُبَّ شُيُوخٍ شَقُوا طَوِيلاً / لَمْ يَبْلِغُوا ذَلِكَ المَقَامَا
يَا مِصْرُ لَوْ تُقْدَرُ الأَقْدَارُ بِالكِرَمِ
يَا مِصْرُ لَوْ تُقْدَرُ الأَقْدَارُ بِالكِرَمِ / لَكُنْتِ سَابِقَةَ الأَمْصَار وَالأُمَمِ
مَا أَشْرَفَ الجودَ لا يُبْغَى بِهِ عَوَضٌ / كَمَا تَجُودِينَ عَنْ بُعْدٍ ومن أَمَمِ
إِنِّي أَرَى مِنْكِ آياتٍ تُحَقِّقُ لي / أَنَّ النَّدَى سَيِّدُ الأَخْلاقِ وَالشِّيَمِ
وَأَنَّهُ شممٌ خَافٍ يُعَزُّ بِهِ / عَلَى الغُزَاةِ وَمَا يُبْدُونَ مِنْ شَمَمِ
أَبْكَاكِ من رَقَّةٍ خَطْبٌ بِهِ صَمَمٌ / عَمَّنْ شكا ولَبِئْسَِ الخَطْبُ ذًو الصَّمَمِ
دَهَى دِمَشْقَ بِنَارٍ مِنْهُ هَاتِكَةٍ / نَهَّاشَةِ اللُّسْنِ للأَعْرَاضِ وَالحُرَمِ
سَطَتْ عَلَى مَوْضِعِ الأَرْزَاقِ مَا تَرَكَتْ / مِنْهَا سِوَى كُلِّ عَافٍ تَحْتَ مُنْهَدِمِ
تَشُبُّ وَ الغُوطَةُ الْفَيْحَاءُ ضَاحِكَةٌ / حِيَالَهَا ضَحِكَ المَرْزُوءِ بِاللَّمَمِ
يُهْدِي زُمُرُّدُهَا أَنْوَارَ نَضْرَتِهِ / إِلَى سَعِيرٍ كَذَوْبِ التِّبْرِ مُحْتَدِمِ
وَحَوْلَهَا السَّبْعَةُ الأَنْهَارُ جَارِيَةٌ / مِنْ غَيْرِ جَدْوَى بِذَاكَ المَدْمَعِ الشَّبِمِ
نِكَايَةُ الدَّهْرِ لا يَفْنَى لَهَا لَعِبٌ / بِالنَّاسِ تَلْعَبُهُ فِي اللَّهْوِ وَالأَلَمِ
أَشْقَتْ دِمَشْقَ الَّتِي تَدْرُونَ نَجْدَتَهَا / إِذْ يَبْتَغِيهَا جَلالُ المُلْكِ مِنْ قِدَمْ
وَإِذْ بَنُوهَا هُمُ الآسَادُ إِنْ وَرَدُوا / مَوَارِدَ الْحَرْبِ وَالأَجْوَادُ فِي السَّلمِ
زُهْرٌ مَآثِرُهُمْ زَهْرٌ مَفَاخِرُهُمْ / فِي مُجْتَلَى الْحِلْمِ أَوْ فِي مُجْتَنَى الْحِكَمِ
خِلالُ بَأْسٍ وَآدَابٍ وَمَكْرُمَةٍ / آثَارُهُما الغُرُّ فِي الأَعْقَابِ لَمْ تَرِمِ
للهِ مَنْ نُكِبُوا فِي دُورِهِمْ فَأَوَى / سَوَادُهُمْ بَعْدَ أَنْ بَادَتْ إِلَى الظُّلْمِ
لا مُطْفِيءٌ بَرَدَى حَرّاً بِأَنْفُسِهِمْ / وَلا مُعِينٌ عَلَى الطَّاغِي مِنَ الضَّرَمِ
لَكِنْ تَدَارَكَهُمْ مِنْ فَضْلِكُمْ عَمَمٌ / يَأْسُو جِرَاحَاتِ ذَاكَ الكَارِثِ العَمَمِ
فَبَارَكَ اللهُ فِي هَذِي الْوُجُوهِ وَفِي / هَذِي الْقُلُوبِ وَمَا أَسْدَتْ مِنَ النِّعَمِ
يَا مُفْرَداً عَلَماً أَوْدَى الجِهَادُ بِهِ
يَا مُفْرَداً عَلَماً أَوْدَى الجِهَادُ بِهِ / أَفْدَحْ بِخُطْبِ الحِمَى فِي المُفْرَدِ العَلَمِ
تُلِمُّ بِالرَّمْسِ حُجَّاجاً وَيُفْجِعُنَا / مَا غَيَّبَ الرَّمْسُ مِنْ بَأْسٍ وَمِنْ كَرَمِ
أُعْطَيْتَ فقوْمَكَ مَا لَمْ يُعْطِهِ أَحَدٌ / مِنْ ذَاتِ نَفْسٍ وَمِنْ مَالٍ وَمِنْ هِمَمِ
وَكُنْتَ أَوَّلَهُمْ فِي كُلِّ تَفْدِيَةٍ / وَكُنْتَ آخِرَهُمْ فِي كُلِّ مُغْتَنِمِ
لَكَ الخُلُودُ مِنْ ذِكْرَى وَتَكْرُمَةٍ / دُنْيَا وَأُخْرَى وَهَذِي غَايَةُ العِظَمِ
ماذا يفي قول الشكور لمدحكم
ماذا يفي قول الشكور لمدحكم / من فضل معطاء وبذل كريم
لا شيء أبلغ مدحة من موقفي / بين اليتيم وبين شبه يتيم

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025