المجموع : 6
للهِ خَدٌّ بَدَتْ من حُسْنِه حُجَجٌ
للهِ خَدٌّ بَدَتْ من حُسْنِه حُجَجٌ / تُريح عاشقَه من عَتْبِ لائمِهِ
قد أودع الحسنُ فيه ما يَضِنُّ به / واحتاط فالخالُ فيه طبعُ خاتَمِهِ
كفحمةٍ عَمَّ صِبْغُ النارِ ظاهرَها / وغادر البعضَ من مُسْوَدِّ فاحِمه
مزينٌ قد تَناهَى في صناعِتِه
مزينٌ قد تَناهَى في صناعِتِه / إلى لطافةٍ معنىً فاقتِ الحُكَما
خَفَّت مواقعُ مُوساهُ فلو حَلَقتْ / في كفه شعرَ جسمِ الخدِّ ما عَلِما
كأنما هي نورٌ في أنامله / يُومِي فيَجْلو بها عن هامِنا الظُّلَما
حَمّامُنا هذه حِمامُ
حَمّامُنا هذه حِمامُ / وإنما صُحِّف الكلامُ
أقلُّ أوصافِها ثلاثٌ / البردُ والنَّتْن والظلام
يَلْسَع بردُ البلاطِ فيها / فالناسُ في وسطِها قِيام
وبين جدارنِها شُقوقٌ / يكُمن في جوفِها الهَوام
وللبراغيثِ في نواحي / بيوتِها عَسْكَرٌ لُهام
ما قَصْدُها في دمٍ ولحمٍ / بالعضِّ بل قَصْدُها العِظام
كأنما سقفُها مِدادٌ / يَقْطُر من دونِه السُّخام
والماءُ فيها أقلُّ شيءٍ / يُدْرَك بالجهدِ أو يُرام
وليس ذا كله عجيبا / فيها بلِ الأَعجبُ الرخام
يخرج عنها اللبيبُ يجري / عريانَ يَحْتَثَّه الهزام
وهْو لَعَمْرِي مما يراه / من شدةِ الهول لا يُلام
لا زلتَ سامعَ ما يصفو من النَّغَمِ
لا زلتَ سامعَ ما يصفو من النَّغَمِ / ولابسا كلَّ ما يصفو من النِّعَمِ
والحمد والشكر مقرونان فيك بما / أَوليت في الناسِ من جودٍ ومن كَرم
والعز والسعد في رأيٍ تشير به / وأنت من حادثاتِ الدهر في حَرَمِ
إذا همتَ بقصدٍ في الضمير أتَتْ / به السعادةُ قبلَ الأمرِ بالكَلِم
لقيتُ في الحب ما لاقاه من هِممى
لقيتُ في الحب ما لاقاه من هِممى / فقَصْدُه ضدُّ ما تَرْضَى به شِيَمِي
فليس يَظْهر حتى في تَمكُّنه / إلا بلَحْظةِ عينٍ أو بقَوْلِ فم
فخَلْوَتي ليس يرتاب الغيور بها / مع التجني على المِسْواك واللُّثُم
ولست أَرضَى لمن اَهْوَى وإنْ رَضِيتْ / طِباعُه بالذي يدعو إلى الندم
أَعَفُّ معْ ما أُلاقِي عند مقدرتي / فلستُ فيه على أمرٍ بمتَّهم
لوَأنّ وهمي أتى ما يُسْتَراب به / في الطيفِ جَنَّبتُ عيني لذةَ الحُلُم
هَبِ المآثمَ لا تَخْشَى عَواقبَها / نفسُ الفتى أين منه نخوة الكرم
لولا نتائجُ ما تقِضى العقولُ به / على النفوسِ لكانَ الناسُ كالنَّعَم
إنْ لم تكن بوجودِ العيشِ مُجْتِلبا / كَسْبَ الفضائلِ كان الفضلُ للعَدَم
من لم يُفِدْ حكمةً أو يُستفادُ به / فما لصورته فضلٌ على الصنم
لولا المعاني التي يرجو الحياةَ لها / ذوو النُّهَى كانتِ الأحياءُ كالرِّمَم
يَحْظَى اللبيبُ بما يَشْقى الجهولُ به / كفاصدِ العرقِ يَبْغِى البُرْءِ بالألم
طِيبُ الثناءِ حياةٌ لا نَفادَ لها / محروسةٌ من عَوادِى الشيبِ والهَرَم
فانهضْ إذا كانتِ العَلياءُ ماثلةً / أولا فقُمْ في تَرجِّيها على قَدَم
فآفةُ المرءِ في كسبِ العُلى سببٌ / من قوله سوف أو من قوله فكم
لا تتكل في تَرقِّيها على نسبٍ / واعملْ لنفسِك واحذرْ خطةَ السَّأمِ
هذا ابنُ مَنْ دانتِ الدنيا لِهمَّتِه / واستعبدَ الخلقَ من عُرْبٍ ومن عجم
الأفضل الملك العَدْل الذي عَظُمتْ / أَخْطارُه فهْي تستغنى عن العِظَم
هَذاكَ ملْكُ يديه والملوكُ له / والدهرُ والفَلَك الجاري من الخدم
لم يرضَ أنْ ملك العلياءَ أجمعَها / حتى بَنى باللُّهَى والسيف والقلم
والعزمِ والحزمِ والآراءِ صائبةً / والعلمِ والحلمِ والتوفيقِ والشِّيَم
إنْ شئتَ أنْ تبصرَ الدنيا ومن جَمَعتْ / فانظرْ إلى بابِ دارِ المُلْك من أَمَم
تُبصِرْ جِباهَ ملوكِ الأرضِ ساجِدةً / على ثرىً هو فيها أشرفُ الذَّمم
ثَرىً تَودُّ نجومُ الأفقِ لو جُعلتْ / حَصْباءَهُ وعَلا منها على القمم
دارٌ تدور الليالي عن أوامره / فيها لمُحتَرَمٍ سامٍ ومجترِم
هو الورى وهي الدنيا وساعتُها / عُمْرٌ وزائرُها للأمن في حَرَم
أقلُّ ما أَسْأرتْ فيها مَواهبُه / أضعافُ ما قيل في الأخبار عن إِرَم
مواهبٌ جمعتْ شملَ الثناءِ له / ببعضِ ما فَرَّقت في الناس من نِعَم
مَثِّلْ بوَهْمِك شاهِنْشاهَ واقترحِ ال / جَدْوَى عليه وخُذْها غيرَ متهم
إن لم تَمُنَّ على الدنيا مَواهبُه / بصَحْوةٍ غَرِقَتْ في سَيِله العَرِم
هذا على أن سَجْلا من صَوارِمه / يُعيدها من طُلا الأعداءِ بحرَ دمِ
صَوارمٌ أَضرمتْ فيها عَزائُمه / نارا تعود بها الأبطالُ كالحُمَم
عزائمٌ ما يَشيم الدهرُ وامِضَها / إلا نَخوَّف منها خوفَ منتِقم
فما تمر بمَلْكٍ غيرِ مُنعفرٍ / ولا تقابل جيشاً غير منهزمٍ
يخافُها القَدَرُ الجاري فتأمره / بكلِّ ما تبتغيه أمرَ مُحتكِم
تَبيتُ من أجلها العَنْقاءُ خائفةً / والعُصْمُ في النِّيق والآسادُ في الأجَم
والفُتْخ في الجو والنِّينان في لُجج / والشُّهْب في أُفْقها والجِنُّ في الظُّلَم
كم صارعتْ من قُوىَ خَطْبٍ فما وَهَنتْ / وصارعتْ من سَنا صعب فلم تَخِم
جلستَ إذ قامتِ الأَملاكُ خائفةً / وقُمتَ إذ قَعدتْ عجزا فلم تَقُم
لبَيَّتَ صارخَ دينِ اللهِ منتصِرا / له وأَسماعُهم للخوفِ في صَمَم
حتى أعدتَ له روحَ الحياةِ وقد / أودى بحدِّ اعتزامٍ غيرِ مُنثلِم
مَناقبٌ خَصَّك الفضلُ العَميم بها / وكلُّ ما لم يكن في الطبع لم يَدُم
تكميلُ وصفِك بالإسهاب ممتنِعٌ / ومرتجِى ذاك ممسوسٌ من اللَّمَم
كالمُبتغِى كَيْلَ ماءِ البحرِ في لُججٍ / وحاسبِ القَطْرِ في مُستغزِر الدِّيَم
هيهاتَ قَصَّرتِ الأوصافُ عنك مع ال / إطنابِ فيك وحارتْ أعينُ الحَكَم
إنِ اخْتَصرتُ قَريضي في المديحِ فقد / يُنال سامي العُلَى بالباترِ الخذم
ويبلغُ النَّبْلُ للرامي على قِصَرٍ / فيها أتمَّ المُنَى من أنفُسِ البُهُم
إنْ كان لا بدَّ من عجزِ المُطيل فلل / تقَّصيرُ أَوْلَى بطبعِ الحاذق الفَهِم
فأَحكمُ القولِ إيجازٌ يبين به ال / معنى فإن طال زالتْ حِكمةُ الكَلِم
فاسَعْد بعامِك واستقبلْ بَشائرَه / في نعمةٍ وبقاءٍ غيرِ منُصرِم
عامٌ يَعُمُّ ببُشراهُ التي نطقتْ / بطولِ عمرك فيه سائرُ الأمم
حَيِيتَ فيه وفي أمثاله أبداً / طَيِّبَ الحياةِ على التَّأْبيد والقِدَم
سِيّان سترُ غرامي فيكِ والعَدَمُ
سِيّان سترُ غرامي فيكِ والعَدَمُ / أَسْكنتُه حيث لا تَرْقَى له التهَم
ليس السماحةُ بالأسرار من شِيَمى / فالشُّحُّ بالسر في دين الهوى كرم
وقد تحمَّل حتى هجرِكم جَلَدى / لكنْ مع البينِ لم يثبُت له قَدَم
فإن تُفُرِّس بي ظنٌّ فموجِبُه / خَليفتاك علىَّ الدمعُ والسَّقَم
هَبْني اعتذرتُ لسُقْمى أنه مرض / ما حِيلتي في دموعٍ وَبْلُها دِيَم
جرتْ كجرىِ المطايا يومَ بَيْنِكُم / عن مُقلتي فهْي في ألأجفانَ تزدحم
دمعٌ وأحسَب قلبي ذاب بعدكمُ / شوقا ففاضتْ به عيناي وهْو دم
إني لأَعجبُ من قلبٍ تَلهُّبُه / ما بينَ جنبيَّ باقٍ وهْو عندكمُ
لقد تَخوَّف حتى لا يخاف أسى / وقد تألمّ حتى ما به ألم
أين العهودُ التي كانتْ بكاظمةٍ / عيناك أَوْهَمتاني أنها ذِمَم
حيث لنسيمُ عليلٌ والكثيب نَدٍ / والروض حالٍ وعِقْدُ الطَّلِّ منتظم
والطيرُ تشدو على الأغصان مُطرِبةً / كما تَغَّنت بألحانٍ لها العَجَم
شَدْوٌ يفيد مَعاني اللهوِ مُجمَلةً / لسامعيه بلفظٍ ليس يَنْفَهِم
والماءُ تكسوه أنفاسُ الصَّبا زَرَدا / مقدَّرا فيه مَسْرود ومنفِصم
خلالَ أخضرَ لم يَعْبَث بزاهرِه / إلا النسيمُ وطَلٌّ بارد شَبِم
تدنو الشَّقيقةُ فيه من أَقاحَتِه / حتى كأنهما خد ومُبْتَسَم
كأَنه قد تَغذَّى من نوالِ أبى / عبد الإله الذي تَرْوَى به الأُمَم
وقولُ لا ليس يبدو في عبارته / حتما وأكثرُ مسموع له نَعَم
هذا على أنها شكر يفضَّله / فعلا فقول نعم من فضله نِعَم
أَحيْا له اللهُ مَنْ أحيا الأنامَ به / عمرا يجدده التأبيد والقِدَم
الأفضلَ الملك العَدْل الذي عَظُمتْ / أفعالُه ولها يُسْتَحقَرُ العِظَم
يَخِرُّ ذو المُلْكِ من تذكارْه رَهَبا / من السرير ويَفْنَى خوفَه البُهَم
أحيا مَناقبَه طِيبُ الثناءِ بما / أوْلَى وأخبارُ أملاكِ الورى رِمَم
يُعطي إذا بخلوا يَدْرِي إذا جَهِلوا / يأْوِى إذا رَفَضوا يبني إذا هدموا
فاختاره اللهُ واختارتْك همتُه ال / عُليا التي عجزت عن بعِضها الهِمم
يا من إذا خاف فَوْتا غيرُ آمِله / من مطلبٍ فله من قصده كَرَم
إليك أشكو زمانا ظَلَّ حادِثُه / يَعْدو على حَطِّيَ الواهِي وينتقِم
وقد تَمادَى على ظُلْمِي وأنت له / مَوْلىً وجودُك فيما بيننا حَكم
وحقِّ ما فيك من جودٍ ومن كرمٍ / فما يُشاب بحِنْثٍ ذلك القَسَم
القائد السيد النَّدْب الذي خُلِقت / لراحتيه اللُّهَى والسيف والقلم
أقلُّ ما فيه من فضل ومن كرم / تَحارُ في وصفه الأشعارُ والحِكم
إذا أُولُوا الفضلِ غالُوا في مدائحِه / منها فقد جَهِلُوا أضعافَ ماعلموا
في جرأةِ السيفِ من إقدامه شَبَهٌ / وفي ندى الغيثِ من إعطائه شِيَمُ
يكاد خاطِرهُ لولا نَدى يدِه / إذا تكرر فيه الفكرُ يَضْطرِم
تبدو شموسُ المَعاني من بَديهتِه / إذا دَجَتْ في رَوِياّتِ النُّهَى الظُّلَم
له من العزمِ ما اشتدتْ مَريرتُه / فليس يَعْقُبه في فعله ندم
يرىفي اليومِ ما يأتِي به غَدُه / والشهرُ والعامُ حتى ليسَ يَنْخرِم
سعادةُ الدهرِ أنْ يأتي ببُغْيَتِه / تجرِي وأيامُه في قَصدِه خَدم
تَناسبَ الناسُ طُرّا في مَحبَّتِه / كأنما جُبِلت من ذلك النَّسَم
قَضى به اللهُ حاجاتِ النفوسِ فلا / كِبْرٌ يُؤَخِّره عنها ولا سأم
وكلُّ فضلٍ ففي كفَّيْهِ مَوْرِدُه / جَمْعا ومن راحتَيْه يُقْسَم القِسَم
لا خاب وافدُ مالٍ قد أتاكَ به / حادِى الرجاءِ بحبلٍ منك يَعتصِم
فاهتْ بحمدِك حتى الطير صادحةً / فشَكْرُها ذلك الترجيعُ والنَّغَم
من أكرمَ الناسَ إكراما مَنَتْ به / فشكرُه مثلُ شكرٍ نِلْتَه لَزِم
ومن بنى في المعالي ما بنيتَ بها / فإنه بين ساداتِ الورى عَلَم
فاسعَدْ بوافدِ عيدِ النحرِ مُقتبِلا / أَمثالَه في سرورٍ ليس يَنصرِم
في ظلِّ نعمةِ شاهِنْشاهَ مشتملا / بفضلِه حيث لا ضعفٌ ولا هَرَم