المجموع : 6
شَغَلْتُ قلبي وَسَمْعي في مَودَّتِكُمْ
شَغَلْتُ قلبي وَسَمْعي في مَودَّتِكُمْ / لا خَلَّصَ اللّهُ قلبي مِنْ مَحَبَّتِكُمْ
ولا رُزِقْتُ حياةً بَعْدَ بَيْنِكُمُ / إِنْ لَم أَمُتْ نَدَماً مِنْ بَعْدِ فُرْقَتِكُمْ
هَا قَدْ غَضِبْتُ عَلَى رُوحي لِأَجْلِكُمُ / حتى جَفَوتُ حَياتي عِند جَفوَتِكُمْ
إذا تَلَهَّبَ جمرُ الشوقِ في كَبِدي / أَطْفاهُ ماءُ التَّلاقي عِنْدَ رُؤْيَتِكُمْ
تَظَلَّمَ الوَرْدُ مِنْ خَدَّيهِ إِذْ ظَلَما
تَظَلَّمَ الوَرْدُ مِنْ خَدَّيهِ إِذْ ظَلَما / وَعَلَّمَ السُّقْمُ مِنْ أَجْفَانِهِ السَّقَما
وَلَمْ أرِدْ بِلِحاظِي ماءَ ناظِرِهِ / إِلا سَقى ناظِرِي مِنْ رِيِّهِ بِظَما
أَسْكَنْتُ مِنْ بَعْدِهِ صَبْري ثَرى جَلَدِي / فَماتَ فِيهِ وَلَمْ أَعْلَمْ بِما عَلِما
مَا سَوَّدَ الحُزْنُ مُبْيَضَّ السُّرُورِ بِهِ / إِلا وَدَيَّمَ دَمْعي فَوْقَهُ دِيمَا
أَمَا وَأَحْمَر دَمْعي فَوْقَ أَبْيَضِهِ / وَمَا بَنى الشَّوْقُ مِنْ صَبْري وَما هَدَما
لا رُعْتُ بِالبَيْنِ مِنْهُ مَا يُرَوِّعُنِي / وَلا حَكَمْتُ عَلَيْهِ بِالَّذي حَكَما
يَا رُبَّ يَوْمٍ حَجَرْنا في مَحاجِرِنا / مَاءَ العُيُونِ وَأَمْطَرْنا الخُدودَ دَمَا
في مَوْقِفٍ يَسْتَعِيذُ البَيْنُ مِنْهُ بِهِ / فَما يُقَبِّلُ قِرْطَاسٌ بِهِ قَلَما
كَتَبْتُهُ بِيَدِ الشَّكْوى إِلَيْكَ وَقَدْ / أَقْسَمْتُ فِيهِ عَلَى ما قُلْتُهُ قَسَما
هَذانِ طَرْفانِ لا واللَهِ ما عَزَمَا / إِلا عَلَى سَقَمِي أَوْ لا فَلِمْ سَقِما
وَيَوْمِ دَجْنٍ أَرَاقَ الغَيْمُ رَائِقَهُ / كَأنَّما شَمْسُهُ مَكْحُولَةٌ بِعَمَى
تَمَلْمَلَتْ سُحْبُهُ مِنْ طُولِ مَا سَحَبَتْ / وَهَمْهَمَ الرَّعْدُ مِنْها فِيهِ حِينَ هَمَى
بَكى عَلَيْهِ النَّدى لَيلاً فَعَبَّسَ لِي / مَا كَانَ لِي فِي نَهارٍ مِنْهُ مُبْتَسِما
لا زَالَ مُنْقَطِعاً ما كانَ مُتَّصِلاً / مِنْهُ وَمُنْتَثِراً مَا كانَ مُنْتَظِما
كَمْ لي بِمَحْواهُ رَسْمٌ قَدْ مَحَوْتُ بِهِ / بِغَيْرِ كَفِّ البِلى رَسْماً وَما رَسَمَا
أَجْرَيْتُ مُذْهَبَ دَمْعِي فَوْقَ مَذْهَبِهِ / حَتَّى تَرَكْتُ بِهِ مَوْجُودَهُ عَدَمَا
لا أَجَّلَ اللَهُ آجالَ الدُّمُوعِ إِذا / مَا لَمْ يَكنَّ لأَبْنَاءِ الهَوى خَدَمَا
يا هذِهِ هَذِهِ رُوحي مَتَى أَلِمَتْ / مِنَ المَلامِ بِكُمْ قَطَّعْتُها أَلَمَا
كَمْ قَدْ تَدَيَّرَ قَلْبي مِنْ دِيارِكُمُ / دَاراً فَما سَئِمَتْ مِنْهُ وَلا سَئِمَا
ثَنَيْتُهُ وَعِنَانُ الشَّوْقِ يَجْمَحُ بِي / إِلَى الَّذي رَاحَتَاهُ تُنْبِتُ النِّعَمَا
إِلى ابْنِ مَنْ فُتِحَتْ أُمُّ الكِتَابِ بِهِ / وَبِالصَّلاةِ عَلَى آبائِهِ خُتِما
إِلى الَّذي افْتَخَرَتْ أَرْضُ العَقِيقِ بِهِ / وَمَنْ بِهِ أَصْبَحت بَطْحاؤُها حَرَمَا
إِلى فَتَىً تَضْحَكُ الدُّنْيا بِغُرَّتِهِ / فَما تَرى باكِياً فيها إِذا ابْتَسَما
سَمَا بِهِ الشَّرَفُ السَّامِي فَصَارَ بِهِ / مُخَيِّمَاً فَوْقَ أَطْبَاقِ العُلى خِيَما
لَوْ أَنَّ لِلْبُخْلِ أَغْصاناً وَقابَلَها / بِوَجْهِهِ أَنْبَتَتْ مِنْ وَقْتِها كَرَمَا
أَزْرَى عَلى الغَيْثِ غَيْثٌ مِنْ أَنَامِلِهِ / فِي رَوْضَةِ الشُّكْرِ لمَا بَخَّلَ الدِّيمَا
مَا إِنْ دَجَا لَيْلُ نَقْعٍ في نهارِ وَغىً / إِلا وَأَمْطَرَهُ مِنْ سَيْبِهِ نِقَما
تَأتِي المَنَايا إِلَى أَسْيافِهِ فِرَقاً / كَأَنَّمَا تَجْتَدِي مِنْ خَوْفِهِ سَلَمَا
لا يَخْطُرُ الفَرُّ فِي كَرٍّ بِخاطِرِهِ / وَلا يُؤَخِّرُ عَنْ إِقدَامِهِ قَدَمَا
كَمْ قَالَ خَطْبُ الرَّدى فِيمَا يُنَازِلُهُ / هَذا الَّذِي لَوْ رُمِي بِالدَّهْرِ مَا انْهَزَمَا
صَبٌّ إِلى شُرْبِ مَاءِ الطَّعْنِ فِيهِ فَمَا / نَراهُ إِلا بِصَيْدِ الصِّيْدِ مُلْتَزِمَا
هَذا ابْنُ خَيْرِ الوَرى مِنْ بَعْدِ خَيْرِهِمُ / هَذا الَّذي كَتَبَتْ لا كَفُّهُ نَعَما
هَذا الَّذي لا يُرى في جِيدِ مَكْرُمَةٍ / عِقدٌ مِنَ المَجْدِ إِلا بِاسْمِهِ نُظِما
يا مُلْزِمي غُرْمَ صَبْري بَعْدَ فُرْقَتِهِ / مَا إِن عَلى مُجْرِمٍ جُرْمٌ إِذا اجْتَرَمَا
ذَرِ الصَّوارِمَ فِي أَغْمادِهَا فَلَقَدْ / أَمْسَتْ نُفُوسُ المَنَايا في حِمَاهُ حِمىَ
قُلْ لِلَّتي وَدَّعَتْ بِالْجِزْعِ مِنْ جَزَعٍ / مَا إِنْ ظَلَمْتِ بَلِ البَيْنُ الَّذي ظَلَمَا
لا وَالهَوى وَحَياةِ الشَّوقِ مَا تَرَكَتْ / لِيَ النَّوى مِنْ فُؤَادي غَيْرَ مَا ثَلِمَا
مَتَى تَحَكَّمَ هَجْرِي في مُواصَلَتِي / جَعَلْتُ أَحْمَدَ فِيما بَيْنَنَا حَكَما
يَا مُعْلِماً بِطِرازِ الحُسْنِ نِسْبَتَهُ / وَمَنْ غَدا بَيْنَ أَبْنَاءِ العُلى عَلَمَا
وَمَنْ هُوَ الشَّمْسُ فِي أُفْقٍ بِلا فَلَكٍ / وَمَنْ هُوَ البَدْرُ في أَرْضٍ بِغَيْرِ سَمَا
هذِي يَمِينُكَ في الآجالِ صائِلَةٌ / فَاقْتُلْ بِسَيْفِ رَدَاها الخَوْفَ وَالعَدَمَا
ما حُكِّمَ البَيْنُ إِلا جارَ مُحْتَكِما
ما حُكِّمَ البَيْنُ إِلا جارَ مُحْتَكِما / وَلا انْتَضى سَيْفَهُ إِلا أَراقَ دَما
يا دَارَهُمْ خَبِّرِينا مَا الَّذي صَنَعُوا / فَرُبَّما جَهِلَ المُشْتَاقُ مَا عُلِما
قَدْ سَرَّني أَنَّهُمْ قَدْ سَرَّهُمْ سَقَمِي / فَازْدَدْتُ كَيْما يُسَرُّوا بِالضَّنى سَقَما
اللَهُ يَعْلَمُ أَنِّي يَوْمَ بَيْنِهِمُ / نَدِمْتُ إِذْ لَمْ أَمُتْ فِي إِثْرِهِمْ نَدَمَا
أَسْتَرْزِقُ اللَهَ لي صَبْراً أَعِيشُ بِهِ / يَكُونُ مَوْجُودُهُ مِنْ بَعْدِهِمْ عَدَمَا
اللَهُ يَعْلَمُ أَنِّي هائِمٌ قَلِقٌ
اللَهُ يَعْلَمُ أَنِّي هائِمٌ قَلِقٌ / عَلَيَّ ثَوْبانِ مِنْ ضُرٍّ وَمِنْ سَقَمِ
وَقَدْ نَدِمْتُ عَلَى مَا كانَ مِنْ زَلَلي / وَأَنْتَ أَعْظَمُ مَنْ يُرْجى مِنَ الأُمَمِ
فَاغْفِرْ لِعَبْدِكَ يا مَوْلايَ زَلَّتَهُ / أَوْ لاَ فَحُكْمُكَ فِينا غَيْرُ مُحْتَكِمِ
أَخْفَتْ عَنِ القَوْمِ مَا أَبْدَتْ عَزِيمَتُهُمْ
أَخْفَتْ عَنِ القَوْمِ مَا أَبْدَتْ عَزِيمَتُهُمْ / وَأَظْهَرَتْ لِلنَّوى وَالْبَيْنِ مَا كُتِما
بانُوا فَلَمْ يَبْقَ لِي في يَوْمِ بَيْنِهِمُ / قَلْبٌ أُحَمِّلُهُ مِنْ بَعْدِهِمْ أَلَمَا
فَالْبَيْنُ يَعْشَقُهُمْ وَالشَّوْقُ يَعْشَقُني / وَالجِسْمُ مُذْ فَارَقُوني يَعْشَقُ السَّقَما
يا لَيْتَني كُنْتُ أَعمى يَوْمَ صَاحَ بِهِمْ / حَادِي الرَّحِيلِ فَما لِلْبَيْنِ مَا رَحِمَا
هَذا كِتابي إِلَيْكُمْ فِيهِ مَعْذِرَتي
هَذا كِتابي إِلَيْكُمْ فِيهِ مَعْذِرَتي / يُنْبِيكُمُ اليَوْمَ عَنْ شَوْقي وَعَنْ سَقَمِي
أَجْلَلْتُ ذِكْرَكُمُ عَنْ أَنْ يُدَنِّسَهُ / لَوْنُ المِدَادِ فَقَدْ حَبَّرْتُهُ بِدَمِي
وَلَوْ قَدَرْتُ عَلَى جَفْني لأَجْعَلَهُ / طِرْسِي وَأبْرِي عِظامِي مَوْضِعَ القَلَمِ
لَكانَ ذَاكَ قَلِيلاً في مَحَبَّتِكُمْ / وَمَا وَجَدْتُ لَهُ واللَهِ مِنْ أَلَمِ