المجموع : 4
الوجهُ أزهرُ لم يعرِضْ له كَلَفٌ
الوجهُ أزهرُ لم يعرِضْ له كَلَفٌ / والعِرضُ أملسُ لم يحلمْ له أدَمُ
والمالُ أُتلِفُهُ حيناً وأُخْلِفُهُ / فما على فوتِه حُزْنٌ ولا نَدَمُ
أبرَّ عِلمي على علمِ الأُلى سلفوا / لولا فضيلةُ سبقٍ حازَها القِدمُ
والجهلُ للنفسِ رقٌّ وهي إنْ ظَفِرَتْ / بالعِتق فالناسُ والدنيا لها خَدَمُ
عرفتُ ظاهرَ أيامي وباطنَها / فلا أُبالي بما شادُوا وما هَدَمُوا
لم يبقَ لي أرَبٌ في العيشِ أطلُبُهُ / قدِ استَوى عندِيَ الوجدانُ والعَدَمُ
ما ساءَني نقصُ جُهَّالٍ تَنَقَّصُني / سيَّانِ عنديَ أنْ يأسوا وأن كَلِمُوا
لا بَوْنَ بين الرِضَا والسخطِ عندَهُمُ / فلا تُبَالِ بما شادُوا وما هَدَمُوا
هل نكبتي رفعَتْهُمْ فوقَ قدرِهِمُ / فيستوي في مساعينا بنا قدُمُ
لا تُشْمِتَنَّ الأعادي صدمةٌ وقعتْ / لي بغتةً ولصرفِ الدهر مصطَدَمُ
فإنما سطوةُ السلطانِ ليس لها / عارٌ وإن نِيْلَ عِرضٌ أو أُرِيقَ دَمُ
فقلتُ كُفِّي فليس العُدْمُ منقصةً
فقلتُ كُفِّي فليس العُدْمُ منقصةً / وإنما المرءُ بالأخلاقِ والشِيَمِ
إن ضاقَ خُطَّةُ حالي لم يضِقْ خُلُقي / أو قصَّرَ المالُ لم تقصُرْ له هممي
أما علمتِ وخيرُ العلم أنفعُه / أن الغِنى غيرُ محسوبٍ من الكرمِ
أأحسبُ العسرَ جاراً لا يُفارقُني / وضامنُ اليُسْرِ عندي غيرُ متَّهَمِ
يا صاحبِيَّ أعيناني على كَلَفِي
يا صاحبِيَّ أعيناني على كَلَفِي / بمن تناومَ عن ليلي ولم أنَمِ
كيف السبيلُ إليه وهو مُذْ عَلِقَتْ / به الحُبالةُ صيدٌ لاذَ بالحَرمِ
ليت المجيرَ لهُ لما ظفِرتُ بهِ / أجارني منهُ لمَّا رامَ سفكَ دمِي
سربٌ من الأنسِ ركَّبنَ الغصونَ على / حِقفِ النَّقا وسترنَ الوردَ بالعنمِ
عنَّتْ عواطلَ لاحَلْيٌ لهنّ سِوى / حُسنٍ ترددَ بين الفَرعِ والقدمِ
بخلنَ حتى بإهداءِ السلام لنا / والبخلُ فيهنَّ محسوبٌ من الكرمِ
ورحن وهْنَاً عن التجميرِ راشقةً / قلوبَنا بنبالٍ حُلوةِ الألمِ
رمينَ بالجمرِ قلبي إذ جمرنَ ولو / كلَّمْنَنا لشفَيْنَ الكَلْمَ بالكَلِمِ
وليلةِ السفحِ والركبُ الهجودُ ثنَوا / على الأكُفِّ مثاني الجدْلِ واللُّجُمِ
بِتنا وباتَ الصَّبا وهْنَاً يُغَازِلُنَا / وفَرشُنا الرملُ رشَّتْهُ يدُ الدِّيَمِ
والليلُ يكتُمُ سِرِّي والصَّبا كَلِفٌ / بنَشْرِ ما كادَ تَطْويهِ يَدُ الظُلَمِ
يا نفحةَ الريحِ باتتْ بينَ أرحُلِنا / بالجِزْع تسلكُ بين العُذرِ واللِّمَمِ
نهبتِ طيباً وأغريتِ الوُشاةَ بنا / يا حبَّذا أنتِ لو لم تقتدي بهمِ
ظَنَّوا بنا السُوءَ وارتابُوا فنزَّهَنا / بَردُ المضاجعِ عمَّا راب من تهمِ
وآذنتنا بقربِ الفجرِ واشيةٌ / باتتْ تُحرِّشُ بين الضَّالِ والسَّلمِ
وغابَ عنَّا غُرابُ البينِ ليلتَنا / فنابَ عنهُ عُصيفيرٌ على عَلَمِ
أقولُ للقلبِ لمَّا هزَّني طَرَباً / حتى خشِيتُ عليه سورةَ اللَّممِ
يا قلبُ ما لكَ تلتذُّ العَناءَ فما / ينفكُّ من شَجَنٍ بادٍ ومكتتَمِ
تظنُّ وعْدَ الأماني وهي كاذبةٌ / حقاً وتطمعُ قبلَ النومِ بالحُلُمِ
تهوى النسيمَ عليلاً ما بهِ رَمَقٌ / وكيف يَشفيكَ ذو سُقمٍ من السَّقَمِ
أفدِي غريماً طويلَ المَطْلِ ذمَّتُه / وإنْ لوى الدين ظلماً أوثقُ الذِّممِ
طالبتُه فشكا عُدْماً فقلتُ له / مَنْ فُوه ملآنُ دُرَّاً غيرُ ذي عَدَمِ
ما زلتُ أَرقيهِ في رِفْقٍ وأسحرهُ / حتَّى تبسَّمَ عن حلوِ الجنَى شَبِمِ
ورقَّ لي قلبُه القاسي ومكَّننِي / ممّا أردتُ فلم آثمْ ولم أُلَمِ
وهِلتُ مِسْكاً ودُرَّاً من غدائرهِ / وثغرهِ بين منثورٍ ومنتظمِ
وسائلٍ عن جوى قلبي فقلتُ لهُ / ما أنتَ عندي على سِرٍّ بمتَّهَمِ
طابَ الجوى في الهَوى حتى أنِسْتُ به / فهو المرارةُ يحلو طعمُها بفَمِ
أغدُو بجُرْحٍ رغيبٍ غيرِ ملتحِمٍ / يَدمَى وشملٍ شتيتٍ غيرِ ملتئِمِ
لم يبقَ من طِيبِ عيشٍ بان منصرماً / إلّا عقابيلُ وَجْدٍ غيرِ منصَرمِ
يُريدُ أنْ أستجدَّ الحبَّ بعدَهمُ / والحبُّ وقفٌ على أحبابِنا القُدُمِ
نجومنا سبعة في الكتب قد وضعت
نجومنا سبعة في الكتب قد وضعت / لها حدود وأسماء وأعلامُ
ماهٌ ومِهرٌ وكِيوانٌ وكاتبه / والمشتري وأناهيدٌ وبَهرامُ
مراتب وتدابير لنا ظهرت / فيها المعادن منها الدرّ والسام
وللرصاص فذا ذكر / سعد منير له نقض وإبرامُ
والآخر المظلم النحس الذي خفيت / فيه السعود فإرغام وإنعامُ
وفي الحديد إذا أحكمت صنعته / مزعفراً لونه السرّ الذي راموا
ثم النحاس التي أسرارنا حجبت / منهن أرواح وأجسام
وفي الزوابيق أسرار معظمة / بها تماسك عند السبك أجرامُ
رخو صليب منير مظلم ذكر / أنثى خروج ولوج منضج خامٌ
والبدر مملتىء نوراً وباطنه / شمس ومن نورها ينجاب إظلامُ
وهي النجوم التي إن كنّ ناقصة / ضاعت فلم تغن أعمال وأيام
وإنما هذه الأشياء واحدة / وإن تغاير القاب وأعلامُ
إذا تغير لون غيرت اسمه / وإسم وحيّر أوهام وأفهامُ
هذا الذي ترك الألباب حائرة / وفيه قد قال أقوام وأقوامُ