المجموع : 6
سوداءُ لم تَنتسِب لِحَامِ
سوداءُ لم تَنتسِب لِحَامِ / ولم ترُمْ ساحةَ الكِرامِ
كأنما تحتَها ثَلاثٌ / مُقرِّباتٌ من الحِمامِ
يلعبُ في جِسمها لَهيبٌ / لِعْبَ سَنا البَرقِ في الظَّلامِ
لها كلامٌ إذا تَناهَت / غيرُ فصيحٍ من الكَلامِ
وهي وإن لم تَذُق طَعاماً / مملوءةُ البَطنِ من طَعامِ
لم يخلُ من رِفدِها نَديمٌ / يومَ خُمارٍ ولا نِدامِ
وَلي إذا الضيفُ عادَ أُخرَى / مُصرَّعٌ حولها سوامي
عظيمةٌ إن غلَت أَذَابت / بِغَلْيِها يابسَ العِظامِ
كأنما الجِنُّ ركَّبَتها / على ثَلاثً من الإِكامِ
لها دُخانٌ تَضِلُّ فيه / عَجاجةُ الجحفَلِ اللُّهَامِ
كأنما النارُ ألبَسَتها / مُعَصفَراتٍ من الضِّرامِ
ولم يَزل مالُنا مُباحاً / من غيرِ ذُلٍّ ولا اهتِضامِ
تأخذُ للقُوتِ منه سَهماً / وللنَّدَى سائرَ السِّهامِ
ذَممتَ زَرْعَكَ خَوفاً من مُطالَبتي
ذَممتَ زَرْعَكَ خَوفاً من مُطالَبتي / والرَّزْعُ نُحلَةُ عامٍ غَيرِ مَذمومِ
فلا عَدَتْهُ من الجَوْزاءِ سارِيَةٌ / تَبكي عليهِ بدَمْعٍ غَيرِ مَسجومِ
كالدُّرِّ يَجتَنِبُ المرزوقَ ما انتَثَرتْ / عُقودُهُ ويُعادي كلَّ مَحرومِ
حتى تراهُ وقد مالَتْ دَعائِمُه / كأنَّه إلفُ تَكْفيرٍ وتَعْظيمِ
أو جَحْفَلٌ مِنْ جُنودِ اللهِ مُنْتَشِرٌ / مِثلُ الخَناصِرِ مَنقوشُ الحيازيمِ
يَحُلُّ بَسطَةَ إقليمٍ فإنْ عَصَفَتْ / به الصَّبا تَرَكَتْهُ جَوَّ إقليمِ
ما شَنَّ وهو ضَعيفُ البَطْشِ غارَتَه / إلا استباحَ حِمى الشُّمِّ اللَّهاميمِ
يُلقي على الحَبِّ في أَعْلى مَنابِته / كلاكلاً نُقِشَتْ نَقْشَ الخَواتيمِ
إذا استقَلَّ أعادَ الأَرْضَ مُعْدَمَةً / واستودَعَ التُّرْبَ نَسْلاً غَيرَ مَعدومِ
أو جُذوةٌ كَشِهابِ الجَوِّ مُشعَلَةٌ / تَطيرُ في مُعتَلٍ منه ومَركومِ
إذا انتحَتْهُ حَدَتْها الرِّيحُ عاصفةً / من كلِّ أَوْبٍ فأَغْرَتْها بتَضريمِ
تبدو لعَيْنَيْكَ حُمْرٌ من ذَوائِبها / كما بَدا الفجرُ مُحمَرَّ المَقاديمِ
حتى تعودَ أخا فَقْرٍ ومَسكَنَةٍ / صِفرَ السَّريرَةِ من صَبْرٍ وتَسليمِ
منعْتَ حَبّاً ولو أَعطيتَ مُبْتَدِئاً / حَبَّ القلوبِ لَمَا عُرِّيْتَ من لُومِ
أُؤَنِّبُ الشَّوقَ فيهِم وهو يَضطَرِمُ
أُؤَنِّبُ الشَّوقَ فيهِم وهو يَضطَرِمُ / وأستَقِلُّ دموعَ العينِ وهي دَمُ
للهِ أيُّ شُموسٍ منهُمُ غَرَبَتْ / بِغُرَّبٍ وبدورٍ ضَمَّها إِضَمُ
بِيضٌ تُخبِّرُ عنها البِيضُ لامِعَةً / بأنَّهنَّ نَعيمٌ دونَه نَقَمُ
أَهْدَتْ لهُنَّ على خَوْفٍ إشارَتَنا / تَحِيَّةً رَدَّها العُنَّابُ والعَنَمُ
هيَ الظِّباءُ ولي من رَبعِها حَرَمٌ / وهيَ الشِّفاءُ ولي من لَحْظِها سَقَمُ
سُقْيا المحبِّينَ من أَهلِ الحمى ظَمأ / بَرْحٌ وسُقياهُ من أَجفانِها دِيَمُ
وما تَحَكَّمَ في دارٍ فِراقُهُمُ / إلا غَدَتْ في دموعِ العَيْنِ تَحتَكِمُ
سَلِمْتَ ما فَعَلَتْ غِزْلانُ ذي سَلَمٍ / إذا الكِناسُ الذي حلَّتْ به سَلَمُ
يُمْسي به الحُسْنُ والإِحْسانُ في قَرَنٍ / ويُصبحُ الخِيمُ في مَعناه والخِيَمُ
جَادَتْكَ مُذهَبَةٌ بالبَرْقِ مُجلِبَةٌ / بالرَّعْدِ تَربَدُّ أحياناً وتَبتَسِمُ
كأنَّها وجُنوبُ الرِّيحِ تَجنُبُها / بحرٌ يَسُدُّ فَضاءَ الجوِّ مُلتَطِمُ
منَ اللَّواتي تقولُ الأرضُ إنْ بسَمَتْ / هَذي الحياةُ التي يَحيا بها النَّسَمُ
كأنَّها إذ توَلَّتْ وهيَ مُقْلِعَةٌ / جَيْشُ العَدوِّ تولَّى وهو مُنهَزِمُ
عادَتْ حُماتُهُمُ سُفْعاً خُدودُهمُ / كأنَّما سَفَعَتْ أبشارَها الحُمَمُ
وَلَّتْ وبِيضُ ابنِ عبدِ اللهِ تَنشُدُها / كالطَّيْرِ رَوَّعَها من بارقٍ ضَرَمُ
أطفأْتَ بالكَرِّ والإِقدامِ نارَهُمُ / وقبلُ كانتْ على الإسلامِ تَضطَرِمُ
دَفَعْتَهم بِغِرارِ السَّيفِ عن بَلَدٍ / رَحْبٍ تَدافَعَ فيه سَيْلُكَ العَرِمُ
فأصبَحَتْ من وراءِ اليَمِّ شَوْكَتُهم / وهمْ من البِيضِ إن جرَّدْتَها أُمَمُ
غَشِيتَهُم برماحٍ ليسَ بينَهُمُ / وبينَ أطرافِها إلٌّ ولا ذِمَمُ
ونِلْتَ أَمنعَهُم حِصْناً وأبعَدَهم / فليسَ تَعصِمُهُمْ من بأسِكَ العِصَمُ
وباتَ ذو الأمرِ منهُمْ قد أَلَمَّ بهِ / من خَوْفِ إلمامِكَ المُؤذي به لَمَمُ
تَروعُ أحشاءَهُ بالكُتْبِ وَهْوَ لَهَا / خَوفُ الرَّدى ورجاءُ السِّلمِ مُستَلِمُ
لا يَشرَبُ الماءَ إلا غَصَّ من حَذَرٍ / ولا يُهَوِّمُ إلا راعَهُ الحُلُمُ
اللهُ جارُكَ والارماحُ جائِرَةٌ / والبِيضُ تأخُذُ من ألوانِها اللَّممُ
والنَّقْعُ لَيْلٌ يَكُفُّ الطَّرْفَ غَيهَبُه / والُمرهَفاتُ كقَرْنِ الشَّمْسِ تَزْدَحِمُ
أَضْحى بِنَجْدَتِكَ الإسْلامُ مُعْتَصِماً / وأنتَ باللهِ والهِنديِّ مُعْتَصِمُ
تُزجي القَنا والمَنايا فيه كامنةٌ / فتَحطِمُ الشِّرْكَ أحياناً وَينحَطِمُ
أَعْجِبْ بهِ حينَ يَدعوهُ لمَلْحَمَةٍ / أَصَمُّ ليسَ به من دَعْوَةٍ صَمَمُ
كأنَّها والعَوالي مِلءُ ساحَتِها / مَغارِسُ الخَطِّ فيها للقَنا أَجَمُ
فالغَزْوُ مُنْتَظِمٌ والفَيء مُقْتَسَمٌ / والدِّينُ مُبْتَسِمٌ والشِّرْكُ مُصْطَلَمُ
يا سلئلي عن عليٍّ كَيفَ شِيمَتُهُ / أنظُرْ إلى الشُّكْرِ مَقْروناً به النِّعَمُ
مَدْحٌ يَغُضُّ زُهَيْرٌ عنه ناظِرَه / ونائلٌ يَتوارَى عِنْدَهُ هَرِمُ
وباسطٌ يَدَه بالعُرْفِ مُطلِقُها / بالحَتْفِ يُنعِمُ أحياناً وَينتَقمُ
مُشَهَّرٌ مثلُ بيتِ اللهِ تَعرِفُه / بِفَضْلِ ما ذاعَ عنه العُرْبُ والعَجَمُ
إذا بَدا الصبحُ فهو الشَّمسُ طالِعةً / وإن دَجَى اللَّيلُ فهو النارُ والعَلَمُ
لا يَستعيرُ له المُدَّاحُ مَنقَبَةً / ولا يقولون فيه غيرَ ما عَلِموا
رأى السَّماحَ فطيماً فاشرَأَبَّ له / وخيرُهُم مَنْ رَآه وهو مُحتَلِمُ
رَحبٌ على آمليهِ ظِلُّ رَحْمَتِهِ / وليسَ بينَهُمُ قُربَى ولا رَحِمُ
عَمَّتْ أياديه إذا عَمَّ الحَيا بلداً / إنَّ التي عَمَّتِ الدُّنيا هي الكَرَمُ
فما نبالي إذا فُزْنا بِديمَتِهِ / أن يُمْسَكَ الغَيْثُ أو أن تَهلِكَ الدِّيَمُ
هو الحَيا والغِنى ما انهَلَّ عارِضُه / وهو الرَّدَى ما ارتدى بالسَّيفِ والعَدَمُ
رمى الصَّليبَ وأبناءَ الصَّليبِ فلم / تُغْمَدْ صَوارِمُه إلاّ وهُم رِمَمُ
بالِبيضِ تُنْكِرُها الأغمادُ مُغمَدَةً / والجُرْدِ تَعرِفُها الغِيطانُ والأَكَمُ
لا تُخلَعُ العُذْرُ عنها عندَ أَوْبَتِها / ولا تُنَفَّسُ عن أَوساطِها الحُزُمُ
كأنَّما نُتِجَتْ للحَربِ مُسرَجَةً / مُرَكَّباتٍ على أفواهِها اللُّجُمُ
يا صارِمَ الدينِ إنَّ الدِّينَ قد عَلِقَتْ / كَفَّاهُ منك بِحَبْلٍ ليسَ يَنصَرِمُ
أَشِيمُ عَفْوَكَ عِلْماً أنْ ستَنْشُرُه / عَليَّ تلك السَّجايا الغُرُّ والشِّيَمُ
كَانَ انصرافَي جُرْماً لا كِفاءَ له / عندي وأيُّ لَبيبٍ ليسَ يَجتَرِمُ
رَأْيٌ هَفَا هَفْوَةً زَلَّتْ لها قَدَمي / وما هَفا الرأيُ إلاّ زَلَّتِ القَدَمُ
هو اضطِرارٌ أزالَ الاختيارَ وهَل / يَختارُ ذو اللُّبِّ ما يُرْدي وما يَصِمُ
وكيفَ يَجتَنِبُ الظَّمآنُ مَورِدَهُ / عَمْداً إذا راحَ وهو البارِدُ الشَّبِمُ
صَفْحاً فلو شُقَّ قلبي عن صَحيفَتِه / لَظَلَّ يُقْرَأُ منه الخوفُ والنَّدَمُ
جاءَتك كالعِقْدِ لا تُزْري بِنَاظِمِها / حُسناً وتُزْري بما قالوا وما نَظَمُوا
والشِّعْرُ كالرَّوْضِ ذا ظامٍ وذا خَضِلٌ / وكالصَّوارمِ ذا نابٍ وذا خَذِمُ
أو كالعَرانينِ هذا حَظُّهُ خَنَسٌ / مُزْرٍ عليه وهذا حظُّه شَمَمُ
ما وَدَّعَ اللَّهوَ لمَّا بانَ مُنصَرِما
ما وَدَّعَ اللَّهوَ لمَّا بانَ مُنصَرِما / حتى تَلفَّتَ في أعقابِه نَدَما
بكى على الجَهْلِ إذ وَلَّى فأعقَبَه / حِلْماً أراهُ الصِّبا لمَّا مضَى حُلُما
رُدَّا عليه رِداءَ اللَّومِ فيه وإنْ / رَدَّ الحنينَ أنيناً والدموعَ دَما
صبابةٌ تَلبَسُ الكِتمانُ كامنةً / بين الضُّلوعِ وشَيبٌ يَلبَسُ الكَتَما
لا أظِلمُ الحُبَّ في رَيَّا وإنْ ظَلمتْ / ولا أُكَفكِفُ فيه الدَّمعَ ما انسجَما
هي القَضيبُ ثَنى أعطافَه هَيَفٌ / فكادَ يَنثُرُ منه الوردَ والعَنَما
مظلومَةُ الحُسنِ إن شبَّهتُ طَلْعَتَها / صُبحاً يسالمُ في إشراقِه الظُّلَما
جُهْدُ المَتَّيمِ أن يَرعى العهودَ لها / حِفْظاً ويَحْمِلَ عن أجفانِها السَّقَما
إن يَظْمَ مِنْها إلى طيبِ العِناقِ فكَم / رَوَّتْ جوانِحَه ضَمّاً ومُلتَثَما
وصاحبٍ لا أمَلُّ الدَّهْرِ صُحبَتَه / يُعَبِّسُ الموتُ فيه كلَّما ابتسَما
تُنبي الطَّلاقَةُ في مَتْنَيْهِ ظاهِرَةً / عَنِ القُطوبِ الذي ما زالَ مُكتَتَما
إذا اعتَصَمْتُ به في يَومِ مَلحمَةٍ / حسبتُني بِسَليلِ الأَزْدِ مُعْتَصِما
وعارضً ما حَداه البَرقُ مُبْتَسِماً / إلاّ أرَانا ابنَ إبراهيمَ مُبتَسما
يبكي فينثُرُ من أجفانِ مُقْلَتِهِ / دُرّاً غَدا في جُفونِ النَّورِ مُنْتَظِما
كأنَّما الرَّوْضُ لمّا شامَ بارِقَه / أفادَ أخلاقَ عبدِ اللهِ والشِّيَما
أَغَرُّ يَغمُرُ شُكْري فَيْضَ أَنْعُمِه / فكلَّما ازدَدْتُ شُكْراً زادَني نِعَما
دَعا الخطوبَ إلى سِلمي وحرَّمَني / على النوائبِ لمّا راحَ لي حَرَما
مُمهِّدٌ لي في أكنافِه أبداً / ظِلاً عَدِمْتُ لديه الخوفَ والعَدَما
وتارِكٌ ماءَ وَجْهي في قَرارَتِه / بماءٍ كَفَّيْهِ لمّا فاضَ مُنْسَجِما
رَضِيتُ حُكْمَ زَمانٍ كان يُسخِطُني / مُذْ صارَ جَدواه فيا بيننا حَكَما
وإن غدوتُ زُهَيراً في مدائِحِه / فقَد غدا بتوالي جُودِه هَرِما
هُوَ الغَمامُ الذي ما فاضَ مُحتَفِلاً / إلا أصابَ نَداه العُربَ والعَجَمَا
يا ابنَ الذَّوائبِ دُمْ في مُنتَهى شَرَفٍ / شابَتْ ذَوائِبُه والدَّهْرُ ما احتلَما
فكم يَدٍ لكَ لم تُخلِقْ صَنائِعُها / عندَ العُفاةِ وأخرى جَدَّدَتْ نِعَما
ومَشهَدٍ ما جَرى ماءُ الحديدِ به / إلاّ غَدَا البَرُّ بَحراً ثَمَّ مُلتَطِما
ضاقَتْ جوانبُه بالبِيضِ فازدَحَمَتْ / كالماءِ ضاقَ به اليَنبوعُ فازدَحَما
أضرَمْتَ نارَ المَنايا في النُّفوسِ بِه / ضَرماً وأَخْمَدْتَ من نيرانِهِ ضَرَما
أما الصِّيامُ فقد لَبَّيْتَ داعِيَه / إلى العَفافِ ولم تُظْهِرْ له صَمَما
تركْتَ فيه سماءَ الجُودِ هاطِلةً / فإنْ مَضَتْ دِيَمٌ أَتبَعْتَها دِيَما
أناملٌ ما هَجَرْتَ الكأسَ دائرةً / إلا وَصَلْنَ النَّدى والسَّيفَ والقَلَما
فاسلَمْ لرَعْيِ زِمامِ المَجدِ مُجتنِباً / مَنْ ليسَ يَرعَى له إلاّ ولا ذِمَما
واسعَدْ بقادِمَةٍ كالحَلْيِ حامِلَةٍ / شُكْراً تُهنِّيكَ بالعيدِ الذي قَدِما
مُقلَّدٌ بِزمامِ القَولِ قائِلُها / فما تَكلَّمَ إلا دَبَّجَ الكَلِما
غالَت بني مَطَرَ الأيامُ واكتأبَت
غالَت بني مَطَرَ الأيامُ واكتأبَت / كأنما استعبَرت من بعدهِم ندَما
أمّا وقَد غَدَرَتْ بِيضُ السيوفِ بهم / فليسَ تَرعَى لخَلْقٍ بعدَهم ذِمَما
فنازحٌ حكَمَ الأعداءُ في دمِه / وكان في مُهَجِ الأعداءِ مُحتكِما
وباسطُ الباعِ يَسقِي الغيثُ رِمَّتَه / قبلَ الأنامِ إذا ما فاضَ فانسجَما
مُغضي الجُفونِ على هيفاءَ ساميةٍ / قد وشَّحَته ظُباةُ المشرَفيِّ دَما
كأنَّما بشَّروه بالرجوعِ إلى / ما كانَ منه فغضَّ الطَّرْفَ وابتسَما
ها إنَّها خُطَطُ العَلياءِ والكَرَمِ
ها إنَّها خُطَطُ العَلياءِ والكَرَمِ / وأينَ سَافِرَةُ الأخلاقِ والشِّيَمِ
رباعُ مَجدٍ بها من أهلِها عَبَقٌ / مُخَبِّرٌ عن فِراقٍ منهمُ أَممِ
آثارُ واضِحَةِ الآثارِ تُذكِرُنا / عَوائِدَ الدَّهْرِ في عادٍ وفي إرَمِ
إذا تأمَّلَها الزَّورُ المُلِمُ ثَوى / يَحُطُّ بالدَّمْعِ أثقالاً منَ الأَلمِ
عَهْدي بها والليالي الغِيدُ تابعةٌ / أيامَها البيضَ بينَ الخَفضِ والنَّعَمِ
إذِ الزَّمانُ بها جَذلانُ مُبتَسِمٌ / مُتَّوجٌ بِعُلىً جَذلانَ مُبتَسِمِ
أيامَ تَلحَظُها الأيامُ خاشِعَةً / لَحْظَ الحَجيجِ حَرامَ الصَّيدِ في الحَرَمِ
والوِرْدُ نوعانِ من عَفْوٍ ومن نِعَمٍ / والوَفدُ ضَربانِ من عُرْبٍ ومن عَجَمِ
أينَ الشَّمائِلُ يرتاحُ الثَّناءُ لها / والسُّوقُ تَنفُقُ فيها حِليةُ الكَلِمِ
للهِ أيُّ حُسامٍ فَلَّ مَضْرِبُه / مَضارِبَ المُرهَفَيْنِ السَّيفِ والقَلَمِ
خَطْبٌ وَهَى عَرْشُ غسَّانٍ به وغدَتْ / تيجانُ حِمْيَرَ من واهٍ ومُنْصَرِمِ
أَظَلَّ دِجلةَ فانحَطَّتْ غَوارِبُها / واصفرَّ من جانِبَيْها مُورِقُ السَّلَمِ
أَبْنَاءَ فَهْدٍ تَولَّى العِزُّ بعدَكُمُ / فما أرى خائفاً يأوي إلى عِصَمِ
أَعْزِزْ عليَّ بأن راحَت ديارُكُمُ / مَثوى الهُمومِ وكانَتْ مَسرَحَ الهِمَمِ
كم في قبورِكُمُ من عارِضٍ هَطِلٍ / وصارِمٍ فَلَّ حَدَّ الصَّارِمِ الخَذِمِ
ومن غَطارِفَةٍ شُمٍّ أنوفُهُمُ / يَلقَوْنَ قبلَ الشِّفاهِ الماءَ بالشَّمَمِ
أَكُلَّ يَوْمٍ لكم ثاوٍ يُقالُ له / وقد تباعَدَ لا تَبْعَدْ ولا تَرِمِ
ومُلحَدٌ ساخَ في أحشائِهِ عَلَمٌ / من المَكارمِ بل نارٌ على عَلَمِ
قبرٌ له من عيونِ المُزْنِ صَوبُ حياً / ومن عُيونِ بني الآمالِ صَوبُ دَمِ
يجري النَّسيمُ على أرجاءِ تُربتِهِ / تَحيَّةً لَطُفَتْ من بارئ النَّسَمِ
ذَمَمْتُ عَهْدَ اللَّيالي في تَحَيُّفِكُمْ / ولم تَزَلْ في العُلى مذمومةَ الذِّمَمِ
وقلتُ للدَّهْرِ إذ غالَتْ غَوائِلُه / محمداً سَوفَ تَثوي غابرَ النَّدَمِ
فتىً أباحَ ذوي الإعْدامِ تالِدَه / وراحَ لولا ازديادُ الحَمْدِ بالعَدَمِ
مَنْ هَزَّةُ الرُّمْحِ أحلى في نواظِرِه / من هَزَّةِ الغُصْنِ بين الوَرْدِ والعَنَمِ
ما كانَ جُودُكَ إذ وَلَّتْ سَحائِبُه / وفضلُ حِلْمِكَ إلا بُرهَتَيْ حُلُمِ
قُلْ للشَّوامتِ مهلاً ليسَ بينَكُمُ / وبينَ عاديةِ الأيامِ مِنْ رَحِمِ
هي الرَّزِيَّةُ مَنْ يَصبِرْ لفادِحِها / يُؤجَرْ ومَنْ يَتَحامَ الصَّبرَ لم يُلَمِ
أبا الفوارسِ تسليماً وأيُّ فَتىً / لاقَى الحوادِثَ إلا مُلقِيَ السَّلمِ
ويا أبا الحسَنِ اسْتُنَّ العَزاءُ فقد / رَأيتَ ما سَنَّتِ الأيامُ في الأُمَمِ
ليس الثناءُ له رُكنانِ مثلُكُما / وإن تباعَدَ قُطراهُ بمُنهَدِمِ
سأجعلُ المَدْحَ فيكم جُلَّ مأرُبتي / وهل يَعافُ زهيرُ المَدْحَ في هَرِمِ
مُصَدَّقُ القَولِ مَصدوقُ الظُّنونِ بكم / فالجُودُ مِلءُ يدي والصِّدْقُ مِلءْ فَمي
إذا رأيتَ القَوافي الغُّرَّ سائرةً / فإنَّهُنَّ رياحُ الطَّوْلِ والكَرَمِ
كَذا النَّسيمُ إذا فاحَتْ روائِحُه / فإنما هو شُكْرُ الرَّوْضِ للدِّيَمِ