القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : السَّرِي الرَّفّاء الكل
المجموع : 6
سوداءُ لم تَنتسِب لِحَامِ
سوداءُ لم تَنتسِب لِحَامِ / ولم ترُمْ ساحةَ الكِرامِ
كأنما تحتَها ثَلاثٌ / مُقرِّباتٌ من الحِمامِ
يلعبُ في جِسمها لَهيبٌ / لِعْبَ سَنا البَرقِ في الظَّلامِ
لها كلامٌ إذا تَناهَت / غيرُ فصيحٍ من الكَلامِ
وهي وإن لم تَذُق طَعاماً / مملوءةُ البَطنِ من طَعامِ
لم يخلُ من رِفدِها نَديمٌ / يومَ خُمارٍ ولا نِدامِ
وَلي إذا الضيفُ عادَ أُخرَى / مُصرَّعٌ حولها سوامي
عظيمةٌ إن غلَت أَذَابت / بِغَلْيِها يابسَ العِظامِ
كأنما الجِنُّ ركَّبَتها / على ثَلاثً من الإِكامِ
لها دُخانٌ تَضِلُّ فيه / عَجاجةُ الجحفَلِ اللُّهَامِ
كأنما النارُ ألبَسَتها / مُعَصفَراتٍ من الضِّرامِ
ولم يَزل مالُنا مُباحاً / من غيرِ ذُلٍّ ولا اهتِضامِ
تأخذُ للقُوتِ منه سَهماً / وللنَّدَى سائرَ السِّهامِ
ذَممتَ زَرْعَكَ خَوفاً من مُطالَبتي
ذَممتَ زَرْعَكَ خَوفاً من مُطالَبتي / والرَّزْعُ نُحلَةُ عامٍ غَيرِ مَذمومِ
فلا عَدَتْهُ من الجَوْزاءِ سارِيَةٌ / تَبكي عليهِ بدَمْعٍ غَيرِ مَسجومِ
كالدُّرِّ يَجتَنِبُ المرزوقَ ما انتَثَرتْ / عُقودُهُ ويُعادي كلَّ مَحرومِ
حتى تراهُ وقد مالَتْ دَعائِمُه / كأنَّه إلفُ تَكْفيرٍ وتَعْظيمِ
أو جَحْفَلٌ مِنْ جُنودِ اللهِ مُنْتَشِرٌ / مِثلُ الخَناصِرِ مَنقوشُ الحيازيمِ
يَحُلُّ بَسطَةَ إقليمٍ فإنْ عَصَفَتْ / به الصَّبا تَرَكَتْهُ جَوَّ إقليمِ
ما شَنَّ وهو ضَعيفُ البَطْشِ غارَتَه / إلا استباحَ حِمى الشُّمِّ اللَّهاميمِ
يُلقي على الحَبِّ في أَعْلى مَنابِته / كلاكلاً نُقِشَتْ نَقْشَ الخَواتيمِ
إذا استقَلَّ أعادَ الأَرْضَ مُعْدَمَةً / واستودَعَ التُّرْبَ نَسْلاً غَيرَ مَعدومِ
أو جُذوةٌ كَشِهابِ الجَوِّ مُشعَلَةٌ / تَطيرُ في مُعتَلٍ منه ومَركومِ
إذا انتحَتْهُ حَدَتْها الرِّيحُ عاصفةً / من كلِّ أَوْبٍ فأَغْرَتْها بتَضريمِ
تبدو لعَيْنَيْكَ حُمْرٌ من ذَوائِبها / كما بَدا الفجرُ مُحمَرَّ المَقاديمِ
حتى تعودَ أخا فَقْرٍ ومَسكَنَةٍ / صِفرَ السَّريرَةِ من صَبْرٍ وتَسليمِ
منعْتَ حَبّاً ولو أَعطيتَ مُبْتَدِئاً / حَبَّ القلوبِ لَمَا عُرِّيْتَ من لُومِ
أُؤَنِّبُ الشَّوقَ فيهِم وهو يَضطَرِمُ
أُؤَنِّبُ الشَّوقَ فيهِم وهو يَضطَرِمُ / وأستَقِلُّ دموعَ العينِ وهي دَمُ
للهِ أيُّ شُموسٍ منهُمُ غَرَبَتْ / بِغُرَّبٍ وبدورٍ ضَمَّها إِضَمُ
بِيضٌ تُخبِّرُ عنها البِيضُ لامِعَةً / بأنَّهنَّ نَعيمٌ دونَه نَقَمُ
أَهْدَتْ لهُنَّ على خَوْفٍ إشارَتَنا / تَحِيَّةً رَدَّها العُنَّابُ والعَنَمُ
هيَ الظِّباءُ ولي من رَبعِها حَرَمٌ / وهيَ الشِّفاءُ ولي من لَحْظِها سَقَمُ
سُقْيا المحبِّينَ من أَهلِ الحمى ظَمأ / بَرْحٌ وسُقياهُ من أَجفانِها دِيَمُ
وما تَحَكَّمَ في دارٍ فِراقُهُمُ / إلا غَدَتْ في دموعِ العَيْنِ تَحتَكِمُ
سَلِمْتَ ما فَعَلَتْ غِزْلانُ ذي سَلَمٍ / إذا الكِناسُ الذي حلَّتْ به سَلَمُ
يُمْسي به الحُسْنُ والإِحْسانُ في قَرَنٍ / ويُصبحُ الخِيمُ في مَعناه والخِيَمُ
جَادَتْكَ مُذهَبَةٌ بالبَرْقِ مُجلِبَةٌ / بالرَّعْدِ تَربَدُّ أحياناً وتَبتَسِمُ
كأنَّها وجُنوبُ الرِّيحِ تَجنُبُها / بحرٌ يَسُدُّ فَضاءَ الجوِّ مُلتَطِمُ
منَ اللَّواتي تقولُ الأرضُ إنْ بسَمَتْ / هَذي الحياةُ التي يَحيا بها النَّسَمُ
كأنَّها إذ توَلَّتْ وهيَ مُقْلِعَةٌ / جَيْشُ العَدوِّ تولَّى وهو مُنهَزِمُ
عادَتْ حُماتُهُمُ سُفْعاً خُدودُهمُ / كأنَّما سَفَعَتْ أبشارَها الحُمَمُ
وَلَّتْ وبِيضُ ابنِ عبدِ اللهِ تَنشُدُها / كالطَّيْرِ رَوَّعَها من بارقٍ ضَرَمُ
أطفأْتَ بالكَرِّ والإِقدامِ نارَهُمُ / وقبلُ كانتْ على الإسلامِ تَضطَرِمُ
دَفَعْتَهم بِغِرارِ السَّيفِ عن بَلَدٍ / رَحْبٍ تَدافَعَ فيه سَيْلُكَ العَرِمُ
فأصبَحَتْ من وراءِ اليَمِّ شَوْكَتُهم / وهمْ من البِيضِ إن جرَّدْتَها أُمَمُ
غَشِيتَهُم برماحٍ ليسَ بينَهُمُ / وبينَ أطرافِها إلٌّ ولا ذِمَمُ
ونِلْتَ أَمنعَهُم حِصْناً وأبعَدَهم / فليسَ تَعصِمُهُمْ من بأسِكَ العِصَمُ
وباتَ ذو الأمرِ منهُمْ قد أَلَمَّ بهِ / من خَوْفِ إلمامِكَ المُؤذي به لَمَمُ
تَروعُ أحشاءَهُ بالكُتْبِ وَهْوَ لَهَا / خَوفُ الرَّدى ورجاءُ السِّلمِ مُستَلِمُ
لا يَشرَبُ الماءَ إلا غَصَّ من حَذَرٍ / ولا يُهَوِّمُ إلا راعَهُ الحُلُمُ
اللهُ جارُكَ والارماحُ جائِرَةٌ / والبِيضُ تأخُذُ من ألوانِها اللَّممُ
والنَّقْعُ لَيْلٌ يَكُفُّ الطَّرْفَ غَيهَبُه / والُمرهَفاتُ كقَرْنِ الشَّمْسِ تَزْدَحِمُ
أَضْحى بِنَجْدَتِكَ الإسْلامُ مُعْتَصِماً / وأنتَ باللهِ والهِنديِّ مُعْتَصِمُ
تُزجي القَنا والمَنايا فيه كامنةٌ / فتَحطِمُ الشِّرْكَ أحياناً وَينحَطِمُ
أَعْجِبْ بهِ حينَ يَدعوهُ لمَلْحَمَةٍ / أَصَمُّ ليسَ به من دَعْوَةٍ صَمَمُ
كأنَّها والعَوالي مِلءُ ساحَتِها / مَغارِسُ الخَطِّ فيها للقَنا أَجَمُ
فالغَزْوُ مُنْتَظِمٌ والفَيء مُقْتَسَمٌ / والدِّينُ مُبْتَسِمٌ والشِّرْكُ مُصْطَلَمُ
يا سلئلي عن عليٍّ كَيفَ شِيمَتُهُ / أنظُرْ إلى الشُّكْرِ مَقْروناً به النِّعَمُ
مَدْحٌ يَغُضُّ زُهَيْرٌ عنه ناظِرَه / ونائلٌ يَتوارَى عِنْدَهُ هَرِمُ
وباسطٌ يَدَه بالعُرْفِ مُطلِقُها / بالحَتْفِ يُنعِمُ أحياناً وَينتَقمُ
مُشَهَّرٌ مثلُ بيتِ اللهِ تَعرِفُه / بِفَضْلِ ما ذاعَ عنه العُرْبُ والعَجَمُ
إذا بَدا الصبحُ فهو الشَّمسُ طالِعةً / وإن دَجَى اللَّيلُ فهو النارُ والعَلَمُ
لا يَستعيرُ له المُدَّاحُ مَنقَبَةً / ولا يقولون فيه غيرَ ما عَلِموا
رأى السَّماحَ فطيماً فاشرَأَبَّ له / وخيرُهُم مَنْ رَآه وهو مُحتَلِمُ
رَحبٌ على آمليهِ ظِلُّ رَحْمَتِهِ / وليسَ بينَهُمُ قُربَى ولا رَحِمُ
عَمَّتْ أياديه إذا عَمَّ الحَيا بلداً / إنَّ التي عَمَّتِ الدُّنيا هي الكَرَمُ
فما نبالي إذا فُزْنا بِديمَتِهِ / أن يُمْسَكَ الغَيْثُ أو أن تَهلِكَ الدِّيَمُ
هو الحَيا والغِنى ما انهَلَّ عارِضُه / وهو الرَّدَى ما ارتدى بالسَّيفِ والعَدَمُ
رمى الصَّليبَ وأبناءَ الصَّليبِ فلم / تُغْمَدْ صَوارِمُه إلاّ وهُم رِمَمُ
بالِبيضِ تُنْكِرُها الأغمادُ مُغمَدَةً / والجُرْدِ تَعرِفُها الغِيطانُ والأَكَمُ
لا تُخلَعُ العُذْرُ عنها عندَ أَوْبَتِها / ولا تُنَفَّسُ عن أَوساطِها الحُزُمُ
كأنَّما نُتِجَتْ للحَربِ مُسرَجَةً / مُرَكَّباتٍ على أفواهِها اللُّجُمُ
يا صارِمَ الدينِ إنَّ الدِّينَ قد عَلِقَتْ / كَفَّاهُ منك بِحَبْلٍ ليسَ يَنصَرِمُ
أَشِيمُ عَفْوَكَ عِلْماً أنْ ستَنْشُرُه / عَليَّ تلك السَّجايا الغُرُّ والشِّيَمُ
كَانَ انصرافَي جُرْماً لا كِفاءَ له / عندي وأيُّ لَبيبٍ ليسَ يَجتَرِمُ
رَأْيٌ هَفَا هَفْوَةً زَلَّتْ لها قَدَمي / وما هَفا الرأيُ إلاّ زَلَّتِ القَدَمُ
هو اضطِرارٌ أزالَ الاختيارَ وهَل / يَختارُ ذو اللُّبِّ ما يُرْدي وما يَصِمُ
وكيفَ يَجتَنِبُ الظَّمآنُ مَورِدَهُ / عَمْداً إذا راحَ وهو البارِدُ الشَّبِمُ
صَفْحاً فلو شُقَّ قلبي عن صَحيفَتِه / لَظَلَّ يُقْرَأُ منه الخوفُ والنَّدَمُ
جاءَتك كالعِقْدِ لا تُزْري بِنَاظِمِها / حُسناً وتُزْري بما قالوا وما نَظَمُوا
والشِّعْرُ كالرَّوْضِ ذا ظامٍ وذا خَضِلٌ / وكالصَّوارمِ ذا نابٍ وذا خَذِمُ
أو كالعَرانينِ هذا حَظُّهُ خَنَسٌ / مُزْرٍ عليه وهذا حظُّه شَمَمُ
ما وَدَّعَ اللَّهوَ لمَّا بانَ مُنصَرِما
ما وَدَّعَ اللَّهوَ لمَّا بانَ مُنصَرِما / حتى تَلفَّتَ في أعقابِه نَدَما
بكى على الجَهْلِ إذ وَلَّى فأعقَبَه / حِلْماً أراهُ الصِّبا لمَّا مضَى حُلُما
رُدَّا عليه رِداءَ اللَّومِ فيه وإنْ / رَدَّ الحنينَ أنيناً والدموعَ دَما
صبابةٌ تَلبَسُ الكِتمانُ كامنةً / بين الضُّلوعِ وشَيبٌ يَلبَسُ الكَتَما
لا أظِلمُ الحُبَّ في رَيَّا وإنْ ظَلمتْ / ولا أُكَفكِفُ فيه الدَّمعَ ما انسجَما
هي القَضيبُ ثَنى أعطافَه هَيَفٌ / فكادَ يَنثُرُ منه الوردَ والعَنَما
مظلومَةُ الحُسنِ إن شبَّهتُ طَلْعَتَها / صُبحاً يسالمُ في إشراقِه الظُّلَما
جُهْدُ المَتَّيمِ أن يَرعى العهودَ لها / حِفْظاً ويَحْمِلَ عن أجفانِها السَّقَما
إن يَظْمَ مِنْها إلى طيبِ العِناقِ فكَم / رَوَّتْ جوانِحَه ضَمّاً ومُلتَثَما
وصاحبٍ لا أمَلُّ الدَّهْرِ صُحبَتَه / يُعَبِّسُ الموتُ فيه كلَّما ابتسَما
تُنبي الطَّلاقَةُ في مَتْنَيْهِ ظاهِرَةً / عَنِ القُطوبِ الذي ما زالَ مُكتَتَما
إذا اعتَصَمْتُ به في يَومِ مَلحمَةٍ / حسبتُني بِسَليلِ الأَزْدِ مُعْتَصِما
وعارضً ما حَداه البَرقُ مُبْتَسِماً / إلاّ أرَانا ابنَ إبراهيمَ مُبتَسما
يبكي فينثُرُ من أجفانِ مُقْلَتِهِ / دُرّاً غَدا في جُفونِ النَّورِ مُنْتَظِما
كأنَّما الرَّوْضُ لمّا شامَ بارِقَه / أفادَ أخلاقَ عبدِ اللهِ والشِّيَما
أَغَرُّ يَغمُرُ شُكْري فَيْضَ أَنْعُمِه / فكلَّما ازدَدْتُ شُكْراً زادَني نِعَما
دَعا الخطوبَ إلى سِلمي وحرَّمَني / على النوائبِ لمّا راحَ لي حَرَما
مُمهِّدٌ لي في أكنافِه أبداً / ظِلاً عَدِمْتُ لديه الخوفَ والعَدَما
وتارِكٌ ماءَ وَجْهي في قَرارَتِه / بماءٍ كَفَّيْهِ لمّا فاضَ مُنْسَجِما
رَضِيتُ حُكْمَ زَمانٍ كان يُسخِطُني / مُذْ صارَ جَدواه فيا بيننا حَكَما
وإن غدوتُ زُهَيراً في مدائِحِه / فقَد غدا بتوالي جُودِه هَرِما
هُوَ الغَمامُ الذي ما فاضَ مُحتَفِلاً / إلا أصابَ نَداه العُربَ والعَجَمَا
يا ابنَ الذَّوائبِ دُمْ في مُنتَهى شَرَفٍ / شابَتْ ذَوائِبُه والدَّهْرُ ما احتلَما
فكم يَدٍ لكَ لم تُخلِقْ صَنائِعُها / عندَ العُفاةِ وأخرى جَدَّدَتْ نِعَما
ومَشهَدٍ ما جَرى ماءُ الحديدِ به / إلاّ غَدَا البَرُّ بَحراً ثَمَّ مُلتَطِما
ضاقَتْ جوانبُه بالبِيضِ فازدَحَمَتْ / كالماءِ ضاقَ به اليَنبوعُ فازدَحَما
أضرَمْتَ نارَ المَنايا في النُّفوسِ بِه / ضَرماً وأَخْمَدْتَ من نيرانِهِ ضَرَما
أما الصِّيامُ فقد لَبَّيْتَ داعِيَه / إلى العَفافِ ولم تُظْهِرْ له صَمَما
تركْتَ فيه سماءَ الجُودِ هاطِلةً / فإنْ مَضَتْ دِيَمٌ أَتبَعْتَها دِيَما
أناملٌ ما هَجَرْتَ الكأسَ دائرةً / إلا وَصَلْنَ النَّدى والسَّيفَ والقَلَما
فاسلَمْ لرَعْيِ زِمامِ المَجدِ مُجتنِباً / مَنْ ليسَ يَرعَى له إلاّ ولا ذِمَما
واسعَدْ بقادِمَةٍ كالحَلْيِ حامِلَةٍ / شُكْراً تُهنِّيكَ بالعيدِ الذي قَدِما
مُقلَّدٌ بِزمامِ القَولِ قائِلُها / فما تَكلَّمَ إلا دَبَّجَ الكَلِما
غالَت بني مَطَرَ الأيامُ واكتأبَت
غالَت بني مَطَرَ الأيامُ واكتأبَت / كأنما استعبَرت من بعدهِم ندَما
أمّا وقَد غَدَرَتْ بِيضُ السيوفِ بهم / فليسَ تَرعَى لخَلْقٍ بعدَهم ذِمَما
فنازحٌ حكَمَ الأعداءُ في دمِه / وكان في مُهَجِ الأعداءِ مُحتكِما
وباسطُ الباعِ يَسقِي الغيثُ رِمَّتَه / قبلَ الأنامِ إذا ما فاضَ فانسجَما
مُغضي الجُفونِ على هيفاءَ ساميةٍ / قد وشَّحَته ظُباةُ المشرَفيِّ دَما
كأنَّما بشَّروه بالرجوعِ إلى / ما كانَ منه فغضَّ الطَّرْفَ وابتسَما
ها إنَّها خُطَطُ العَلياءِ والكَرَمِ
ها إنَّها خُطَطُ العَلياءِ والكَرَمِ / وأينَ سَافِرَةُ الأخلاقِ والشِّيَمِ
رباعُ مَجدٍ بها من أهلِها عَبَقٌ / مُخَبِّرٌ عن فِراقٍ منهمُ أَممِ
آثارُ واضِحَةِ الآثارِ تُذكِرُنا / عَوائِدَ الدَّهْرِ في عادٍ وفي إرَمِ
إذا تأمَّلَها الزَّورُ المُلِمُ ثَوى / يَحُطُّ بالدَّمْعِ أثقالاً منَ الأَلمِ
عَهْدي بها والليالي الغِيدُ تابعةٌ / أيامَها البيضَ بينَ الخَفضِ والنَّعَمِ
إذِ الزَّمانُ بها جَذلانُ مُبتَسِمٌ / مُتَّوجٌ بِعُلىً جَذلانَ مُبتَسِمِ
أيامَ تَلحَظُها الأيامُ خاشِعَةً / لَحْظَ الحَجيجِ حَرامَ الصَّيدِ في الحَرَمِ
والوِرْدُ نوعانِ من عَفْوٍ ومن نِعَمٍ / والوَفدُ ضَربانِ من عُرْبٍ ومن عَجَمِ
أينَ الشَّمائِلُ يرتاحُ الثَّناءُ لها / والسُّوقُ تَنفُقُ فيها حِليةُ الكَلِمِ
للهِ أيُّ حُسامٍ فَلَّ مَضْرِبُه / مَضارِبَ المُرهَفَيْنِ السَّيفِ والقَلَمِ
خَطْبٌ وَهَى عَرْشُ غسَّانٍ به وغدَتْ / تيجانُ حِمْيَرَ من واهٍ ومُنْصَرِمِ
أَظَلَّ دِجلةَ فانحَطَّتْ غَوارِبُها / واصفرَّ من جانِبَيْها مُورِقُ السَّلَمِ
أَبْنَاءَ فَهْدٍ تَولَّى العِزُّ بعدَكُمُ / فما أرى خائفاً يأوي إلى عِصَمِ
أَعْزِزْ عليَّ بأن راحَت ديارُكُمُ / مَثوى الهُمومِ وكانَتْ مَسرَحَ الهِمَمِ
كم في قبورِكُمُ من عارِضٍ هَطِلٍ / وصارِمٍ فَلَّ حَدَّ الصَّارِمِ الخَذِمِ
ومن غَطارِفَةٍ شُمٍّ أنوفُهُمُ / يَلقَوْنَ قبلَ الشِّفاهِ الماءَ بالشَّمَمِ
أَكُلَّ يَوْمٍ لكم ثاوٍ يُقالُ له / وقد تباعَدَ لا تَبْعَدْ ولا تَرِمِ
ومُلحَدٌ ساخَ في أحشائِهِ عَلَمٌ / من المَكارمِ بل نارٌ على عَلَمِ
قبرٌ له من عيونِ المُزْنِ صَوبُ حياً / ومن عُيونِ بني الآمالِ صَوبُ دَمِ
يجري النَّسيمُ على أرجاءِ تُربتِهِ / تَحيَّةً لَطُفَتْ من بارئ النَّسَمِ
ذَمَمْتُ عَهْدَ اللَّيالي في تَحَيُّفِكُمْ / ولم تَزَلْ في العُلى مذمومةَ الذِّمَمِ
وقلتُ للدَّهْرِ إذ غالَتْ غَوائِلُه / محمداً سَوفَ تَثوي غابرَ النَّدَمِ
فتىً أباحَ ذوي الإعْدامِ تالِدَه / وراحَ لولا ازديادُ الحَمْدِ بالعَدَمِ
مَنْ هَزَّةُ الرُّمْحِ أحلى في نواظِرِه / من هَزَّةِ الغُصْنِ بين الوَرْدِ والعَنَمِ
ما كانَ جُودُكَ إذ وَلَّتْ سَحائِبُه / وفضلُ حِلْمِكَ إلا بُرهَتَيْ حُلُمِ
قُلْ للشَّوامتِ مهلاً ليسَ بينَكُمُ / وبينَ عاديةِ الأيامِ مِنْ رَحِمِ
هي الرَّزِيَّةُ مَنْ يَصبِرْ لفادِحِها / يُؤجَرْ ومَنْ يَتَحامَ الصَّبرَ لم يُلَمِ
أبا الفوارسِ تسليماً وأيُّ فَتىً / لاقَى الحوادِثَ إلا مُلقِيَ السَّلمِ
ويا أبا الحسَنِ اسْتُنَّ العَزاءُ فقد / رَأيتَ ما سَنَّتِ الأيامُ في الأُمَمِ
ليس الثناءُ له رُكنانِ مثلُكُما / وإن تباعَدَ قُطراهُ بمُنهَدِمِ
سأجعلُ المَدْحَ فيكم جُلَّ مأرُبتي / وهل يَعافُ زهيرُ المَدْحَ في هَرِمِ
مُصَدَّقُ القَولِ مَصدوقُ الظُّنونِ بكم / فالجُودُ مِلءُ يدي والصِّدْقُ مِلءْ فَمي
إذا رأيتَ القَوافي الغُّرَّ سائرةً / فإنَّهُنَّ رياحُ الطَّوْلِ والكَرَمِ
كَذا النَّسيمُ إذا فاحَتْ روائِحُه / فإنما هو شُكْرُ الرَّوْضِ للدِّيَمِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025