القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أحمد مُحرَّم الكل
المجموع : 8
تعلّموا كيف تبني مجدَها الأممُ
تعلّموا كيف تبني مجدَها الأممُ / وكيف تمضِي إلى غاياتها الهِمَمُ
تعلّموا وخُذوا الأنباءَ صادقةً / عن كل ذي أدبٍ بالصدق يتّسمُ
أمن يقول فما ينفكُّ يكذبكم / كمن إذا قال لم يكذب له قلمُ
لكم على الدهر منّي شاعرٌ ثِقةٌ / تُقضَى الحقوق وترعى عنده الذممُ
تعلّموا يا بني الإسلامِ سيرته / وجدّدوا ما محا من رسمها القِدمُ
اللّه أكبر هل هانت ذخائره / فما لكم مُقتنىً منها ومُغتنمُ
بل أنتُم القومُ طاح المُرجفون بهم / وغالهم من ظنون السوء ما زعموا
ماذا تُريدون من ذكرى أوائلِكم / أكلُّ ما عندكم أن تُحشد الكَلِمُ
لسنا بأبنائهم إن كان ما رفعوا / من باذخ المجد يُمسِي وهو منهدمُ
إن تذكروا يوم بدرٍ فهو يذكركم / والحزنُ أيسر ما يلقاه والألمُ
سنّ السبيلَ لكم مجداً ومأثرةً / فلا يدٌ نشطت منكم ولا قدمُ
غازٍ يصول بجند من وَساوسه / وقائدٌ ماله سيف ولا عَلمُ
حيّوا الغُزاةَ قياماً وانظروا تجدوا / وفودَهم حولكم يا قوم تزدحمُ
ثم انظروا تارةَ أخرى تَروْا لهباً / في كل ناحيةٍ للحرب يضطرمُ
حيّوا الملائكةَ الأبرارَ يقدمُهُم / جبريلُ في غَمَراتِ الهولِ يقتحمُ
الأرضُ ترجف رُعباً والسماءُ بها / غيظٌ يظلّ على الكُفّار يحتدمُ
هم حاربوا اللهَ لا يَخشَوْنَ نَقمتَه / في موطنٍ تتلاقَى عنده النقمُ
مَن جانبَ الحقَّ أردته عَمايتُه / وأحزمُ الناس من بالحق يعتصمُ
الدّينُ دينُ الهدى تبدو شرائعُهُ / بِيضاً تَكشَّفُ عن أنوارها الظلمُ
ما فيه عند ذوي الألبابِ منقصةٌ / ولا به من سجايا السوء ما يصمُ
يحيي النفوسَ إذا ماتت ويرفعها / إذا تردّت بها الأخلاقُ والشِيَمُ
لا شيءَ أعظم خزياً أو أشدّ أذى / من أن يُطاعَ الهوى أو يُعبدَ الصنمُ
دينٌ تُصانُ حقوقُ العالمين به / ويستوي عنده الساداتُ والخدمُ
ضلّ الألى تركوا دُستورَهُ سفهاً / فلا الدساتيرُ أغنتهم ولا النُّظمُ
دعا النبيُّ فلبَّى من قواضبِه / بيضٌ مطاعمها المأثورةُ الخُذُمُ
حرَّى الوقائع غَرْثَى لا كِفاءَ لها / إن جدّ مُلتهِبٌ أو شدّ ملتهمُ
تَجرِي المنايا دِراكاً في مسايلها / كما جرى السَّيلُ في تيّاره العَرِمُ
قواضبُ الله ما نامت مَضاربُها / عن الجهادِ ولا أزرى بها سأمُ
يَرْمِي بها كلَّ جبارٍ ويقصمه / إن ظنَّ من سفهٍ أن ليس ينقصمُ
الجيش مُنطلِق الغاراتِ مُستبقٌ / والبأسُ محتدِمٌ والأمر مكتتمُ
الله ألّفَ بين المؤمنين فهم / في الحرب والسلم صفٌّ ليس ينقسمُ
كَرّوا سِراعاً فللأعمارِ مُصطَرعٌ / تحت العجاجِ وللأقدارِ مُصطَدمُ
مِن كلّ أغلبَ يمضي الحتف معتزِماً / إذا مضى في سبيل الله يعتزمُ
حَرّانَ يُحسَبُ إذ يرمي بمهجته / نشوانَ يزدادُ سكراً أو به لممُ
لِلحقِّ نَشوتُهُ في نفس شاربِه / وليس يشربه إلا امرؤٌ فَهِمُ
وأظلمُ النّاسِ من ظنَّ الظنونَ به / ما كلُّ ذي نشوةٍ في الناس مُتّهمُ
طال القتالُ فما للقوم إذ دَلَفوا / إلا البلاءُ وإلا الهولُ يرتكمُ
وقام بالسيفِ دون اللّيثِ صاحبهُ / يَذودُ عنه وعزّ الليثُ والأَجَمُ
ماذا يظن أبو بكرٍ بصاحبه / إنّ الرسولِ حِمىً للجيش أو حرمُ
أَمْنُ النفوسِ إذا اهتاجت مخاوفُها / والمُستغاثُ إذا ما اشتدّتِ الغُمَمُ
هل يَعظُم الخطبُ يرميه امرؤٌ دَرِبٌ / أفضى الجلالُ إليه وانتهى العِظَمُ
راع الكتائبَ واستولت مهابتُهُ / على القواضبِ تَلقاه فتحتشمُ
دعا فماجت سماءُ اللهِ وانطلقت / كتائبُ النّصرِ مِلءَ الجوّ تنتظمُ
لا هُمَّ غَوْثَكَ إنّ الحقَّ مطلبُنا / وأنت أعلمُ بالقوم الألَى ظلموا
تلك العصابة مالله إن هلكت / في الأرضِ من عابدٍ للحقّ يلتزم
جاء الغياثُ فدينُ الله مُنتصرٌ / عالي اللواءِ ودينُ الشركِ مُنهزمُ
جَنى على زعماءِ السّوءِ ما اجترحوا / وحاق بالمعشر الباغين ما اجترموا
ما الجاهليّةُ إلا نكبةٌ جَللٌ / تُردِي النفوس وخطبٌ هائلٌ عممُ
هذي مَصارِعُها تجري الدماءُ بها / وتشتكي الهُونَ في أرجائها الرِّممُ
هذا أبو الحكمِ انجابتْ عَمايتُه / لما قَضى السيفُ وهو الخصم والحكم
ماذا لَقِيتَ أبا جهلٍ وكيف ترى / آياتِ ربّك في القومِ الذين عموا
هذا القليبُ لكم في جوفه عِبرٌ / لا اللوْمُ ينفعكم فيها ولا النَّدمُ
ذوقوا العذاب أليماً في مضاجعكم / ما في المضاجع إلا النّارُ والحُمَمُ
لا تجزعوا واسمعوا ماذا يُقال لكم / فما بكم تحت أطباق الثَرى صَممُ
الشّركُ يُعوِلُ والإسلامُ مُبتسمٌ / سُبحانَ ربِّي له الآلاء والنّعمُ
يا قومنا إنّ في التاريخِ موعظةً / وإنّه للسانٌ صادقٌ وفمُ
لنا من الدم يجري في صحائفه / شيخٌ يُحدّثُنا أنّ الحياةَ دمُ
يا مُطعِمَ الجيشِ أشبعتَ السُّيوفَ دَما
يا مُطعِمَ الجيشِ أشبعتَ السُّيوفَ دَما / لولاكَ ما شَبعتْ يَوماً ولا طَعِما
أنتَ الحياةُ جَرَتْ في كلِّ مُنطَلقٍ / تَغشَى الكميَّ وتغشى الصَّارِمَ الخَذِما
تَتابع الجودُ لا بُخلٌ ولا سَأَمٌ / دِينُ المروءةِ يأبى البُخلَ والسَّأما
المسلمونَ يَدٌ للَّهِ عَامِلَةٌ / تَمضِي أصابعُها في شأنِها قُدُما
لا تشتكِي إصبعٌ من إصبعٍ وَهَنَاً / ولا تُغايِرُها إذ تَشتكِي الألما
يا سعد أدَّيتَ حقَّ اللَّهِ من ثَمَرٍ / لو كانَ من ذَهَبٍ ما زِدْتَه عِظَما
كذلك الخيرُ يُدعَى المُرءُ مُغتَنماً / إن راحَ يَنْهَبُه في القومِ مُغْتَنِما
زَادَتْكَ نَخْلُكَ يا سعدُ بن ساعدةٍ / فَضلاً وزادَتْ على أمثالِها كرما
هذا جَنَاهَا بأيدِي القومِ مُنْتَهَبٌ / واللَّهُ يكتبُ فَانْظُرْ هل تَرَى القَلَمَا
أحْصَاه يا سعدُ عَدّاً ثم ضَاعَفَهُ / فلستَ تُحْصِيهِ حَتّى تُحْصِيَ الأُمَما
ادفع عُيينةَ واردعْ جهلَ صاحِبِهِ / إنّ الحديثَ حديثُ الدّهرِ لو عَلِما
تَمْرُ المدينةِ ما فيه مُسَاوَمَةٌ / أو يَرْجِعَ السَّيْفُ عنه مُترَعاً بَشِما
طَعَامُ كلِّ فَتىً للَّهِ مُنتَدَبٍ / لا يغمدُ السَّيْف عَمَّنْ يُطعِمُ الصَّنما
مَنَعْتَهُ ونصرتَ اللَّهَ في هَمَلٍ / من عُصبةِ الشِّركِ لا يَرْضَوْنَهُ حَكَما
وَصُنْتَهُ عَلَماً للحقِّ تَحفظُهُ / لا يحفظُ العِرضَ مَن لا يحفظُ العَلَمَا
ما يَصنَعُ النَّاسُ إن ضاعتْ مَحارِمُهم / وما على الأرضِ أن لا تحمل الرِمَما
ألم تُهِبْ يوم بَدرٍ بالأُلَى نفروا / للحربِ يَصْلَونَ من نيرانِها ضَرَما
يا قومُ إنّ جُموعَ الكُفرِ حاشدةٌ / فأين يذهبُ دِينُ اللَّهِ إن هُزِما
إن لم يَبِتْ ناجياً من سوءِ ما اعْتَزَمُوا / فلا نَجَا أحدٌ منّا ولا سَلِما
يا باعِثَ القومِ شَتَّى من مَجَاثِمهم / ما بالُ عَزْمِكَ في آثارِهِم جَثَما
من حَيَّةِ السُّوءِ أَلقَيتَ السِّلاحَ على / كُرْهٍ وَرُحْتَ تُعانِي الهمَّ والسَّقَمَا
كُنتَ الحريصَ عليها وَقْعَةً جَلَلاً / لم تُبقِ للكُفرِ مِن آطامِهِ أُطُمَا
كذاكَ قالَ رسولُ اللَّهِ فابتهجتْ / مِنكَ المَشاهِدُ لم تنقِلْ لها قَدَمَا
أَعطَاكَ سَهْمَكَ يَجزِي نِيَّةً صَدَقَتْ / شَرِيعةُ اللَّهِ ما حابَى ولا ظَلَمَا
بني سُلَيمٍ أَعُدُّوا الخيلَ وَاحْتَرِسُوا
بني سُلَيمٍ أَعُدُّوا الخيلَ وَاحْتَرِسُوا / إن كانَ يَنفعُكُم كَرٌّ وإقدامُ
زيدُ بنُ حارثةٍ زيدُ بنُ حارثةٍ / خَطبٌ جليلٌ وجُرحٌ ليس يَلتامُ
هل عِندكم أنْ تغشَّتْكُم سَرِيَّتُهُ / للسَّيفِ سَيْفٌ ولِلضِرغَامِ ضِرغامُ
مَشَى إليكم فهل قَرَّتْ منازلُكُم / وَاسْتَمسكَتْ مِنكُمُ الأعناقُ والهامُ
لولا التي انطلَقَتْ تَهْدِيهِ ما عُرِفَتْ / مِنكم ومنهنَّ آياتٌ وأعلامُ
فما الجَمومُ وما ضمّتْ مَنازِلُهُ / إلا ظنونٌ خَفِيَّاتٌ وأَوهامُ
أين الأناسيُّ جَلَّ اللَّهُ هل مُسِخُوا / لمّا رَأوْكَ فَهُمْ يا زيدُ أنعامُ
ما ثَمَّ إلا الأُلَى أَدركتَهم قَنصاً / لم يُغِنهِ إذ هَوَى خَوْفٌ وإحجامُ
عُدْ بالأُسارَى وبالغنمِ التي قَسَمَتْ / لَكَ القواضِبُ إنّ الغُنْمَ أقسامُ
يا زيدُ ما حقّ مَن دَلَّتكَ إذ صَدَقتْ / أسْرٌ تَضِيقُ به ذَرعاً وإرغامُ
مَنَّ النبيُّ عليها ثم أكرمَها / في مشهدٍ كُلِّهِ مَنٌّ وإكرامُ
نَالتْ بِنِعْمَتِهِ مِن بَعلِها هِبَةٌ / زَالَتْ لها كُرَبٌ شتَّى وآلامُ
بَني سُلَيمٍ أَفي دِينِ الفُسوقِ لكم / إلا ذُنوبٌ تَغَشَّاكُمْ وآثامُ
ما أخيبَ النفسَ في الدُّنيا وأخسرَها / إن أخطأ النفسَ إيمانٌ وإسلامُ
يا للبَلاءِ أَيُعْصَى اللَّهُ ليس له / كُفؤٌ وتُعْبَدُ أوثانٌ وأصنامُ
نَبني وَتَهدِمُ أَيدي الجَهلِ دائِبَةً
نَبني وَتَهدِمُ أَيدي الجَهلِ دائِبَةً / فَمَن لَنا بِبِناءٍ غَيرِ مُنهَدِمِ
يا وَيحَ مِصرَ أَما تَنفَكُّ ثائِرَةً / لِحادِثٍ جَلَلٍ أَو نَكبَةٍ عَمَمِ
يا أُمَّةَ القبطِ وَالأَجيالُ شاهِدَةٌ / بِما لَنا وَلَكُم مِن صادِقِ الذِمَمِ
هَذي مَواقِفُنا في الدَهرِ ناطِقَةٌ / فَاِستَنبِئوها تُريحونا مِنَ التُهَمِ
إِن يَختَلِف مِنكُمو في الأمرِ مُختَلِفٌ / فَما لَنا اليَومَ غَيرُ اللَهِ مِن حَكَمِ
لا تَظلِموا الدينَ إِنَّ الدينَ يَأَمرُنا / بِما عَلِمتُم مِنَ الأَخلاقِ وَالشِيَمِ
مِنّا وَمِنكُم رِجالٌ لا حُلومَ لَهُم / وَلا يَفيئونَ لِلأَديانِ وَالحُرَمِ
أَنتُم لَنا إِخوَةٌ لا شَيءَ يُبعِدُنا / عَنكُم عَلى عَنَتِ الأَقدارِ وَالقِسَمِ
لَيسَ اللجاجُ بِمُدنٍ مِن رَغائِبِنا / وَلا الشقاقُ بِمُجدينا سِوى النَدَمِ
يا وَيحَ مِصرَ لِخُلفٍ لا رُكودَ لَهُ / إِلّا لِيَعصِفَ بِالأَقطارِ وَالأُمَمِ
مِثلُ البَراكينِ في الحالَينِ ما هَدَأَت / إِلّا لِتَقذِفَ بِالنيرانِ وَالحِمَمِ
وَلَو تَآلَفَ أَهلوها لَما بَقِيَت / مِن حاجَةٍ في ضَميرِ النيلِ وَالهَرَمِ
يا قَومِ ماذا يُفيدُ الخُلفُ فَاِتَّفقوا / وَقَوِّموا أَمرَكُم بِالحَزمِ يَستَقِمِ
صونوا العُهودَ وَكونوا أُمَّةً عَرَفَت / مَعنى الحَياةِ فَلَم تَعسِف وَلَم تَهِمِ
يا قَومِ لا تَغفَلوا إِنَّ العَدُوَّ لَهُ / عَينٌ تُراقِبُ مِنكُم زَلَّةَ القَدَمِ
قل للأُلى جعلوا الدُّستورَ مهزلةً
قل للأُلى جعلوا الدُّستورَ مهزلةً / الدّهرُ يضحكُ من دُستورِكم عجبا
شرُّ الذُّنوبِ لديكم أن يُقالَ لكم / كُفُّوا الأذى ودعوا التَّضليلَ والكَذِبا
وأضعفُ الناسِ رأياً مَن يُهيب بكم / لا تتركوا النّيلَ في أيدي العِدَى سَلَبا
الرُّشدُ إن تَتمادَوْا في غَوايتكم / والحقُّ أن تجعلوا للباطلِ الغَلبا
أنحنُ أعداءُ مصرٍ فالبقاء لكم / إذا مضى عهدُنا في مِصرَ أو ذهبا
لا تطمعوا أن يُعزَّ اللهُ دَولتَكم / وإنْ تجاوزَ أدنى شأوِها الشُّهُبا
كنتم صعاليكَ شَعبٍ جاهلٍ رَفعتْ / أهواؤُه منكمُ الأقدارَ والرُّتَبا
تأهَّبوا إنّ أمرَ اللهِ مُنتظَرٌ / وليس ينفعكم أن تأخذوا الأُهَبا
أقول للقوم إذ طاح اللَّجاجُ بهم
أقول للقوم إذ طاح اللَّجاجُ بهم / لا تطلبوا حكماً ميثاقُنا الحَكَم
أَتغضبون إذا لم يَرْضَ باطلَكم / قاضٍ من الحقِّ تَرضَى حكمه الأُمَمُ
ما الجِدُّ والهزلُ في ميثاقنا شَرَعٌ / ولا الوجودُ سواءٌ فيه والعدمُ
يا سعدُ ما راعني ما نِلْتَ من خطرٍ / وإنّما راعني أن يُعبَدَ الصَّنمُ
أفي الكِنانةِ والإسلامُ حائِطُها / للجاهليَّة من أعلامها حَرَمُ
ماذا تخافُ إذا لم تخشَ عاقبةً / لا أنتَ جانٍ ولا الدّيانُ مُنتقمُ
كُنْ كيف شِئتَ ولا تَعبأْ بِمعترضٍ / الشَّعبُ مُستسلِمٌ والأمر مُنتظِمُ
صَاحَ الحِمَى ببني الهيجاءِ فاعتَزموا
صَاحَ الحِمَى ببني الهيجاءِ فاعتَزموا / وراحَ يهتزُّ في أبطالِهِ العَلمُ
جُندٌ من الحقِّ ما في بأسِه وَهَنٌ / عند اللّقاءِ ولا في دينهِ سَقَمُ
ما جالَ إلا انْجلَتْ عن مِصرَ أبؤسُها / ولا تبلَّج إلا انْجابت الظُّلَمُ
يُغضي عن الحربِ يستقصي وسائلَها / كالموتِ يهدأ حيناً ثمّ يَقتحمُ
شرُّ الجُنودِ غداةَ الحربِ مُنْقَلَباً / مَن كان يزعُمُ أن الحقَّ يَنهزِمُ
قُلْ للكنانةِ جدَّ القومُ فانتظِري / عُقبَى الوغَى وانظري ما تصنعُ الهِممُ
مَن كان يجهلُ في البانينَ موضعَهم / فالصَّاعدون بآمالِ البلادِ هُمُ
لولا يَذودونَ قوماً عن جَوانبها / طاحت قواعدُها أو طارتِ القِمَمُ
ليت المُدَمِّرَ تنهاهُ مَعاوِلُهُ / إذ يَنثنينَ وأمضاهُنَّ مُنثَلِمُ
أشقى الرجالِ بما تُملي وساوسُه / من ظَنَّ أنّ بناءَ اللهِ يَنهدمُ
وأكثرُ النّاسِ في أَحلامِه شططاً / من كان يَطمعُ أن تُستَعْبد الأُممُ
هو الجلاءُ وإن رِيعت له فئةٌ / يَودُّ ساداتُها لو أنَّهم خَدَمُ
ما أعجبَ القومَ رأيُ اللّاعبينَ بهم / حَقٌّ ورأيُ الجلائيّينَ مُتَّهَمُ
إن يُسألوا الهُون يُعطوهُ وإن طُرِدوا / عن موطن الذُلِّ ظنّوا أنهم ظُلموا
لا يهجعون ولا يفنَى لهم صَخَبٌ / إن جفَّ مُرْتَزَقٌ أو عزَّ مُغْتَنَمُ
تُغضِي البلادُ حياءً من لجَاجَتِهم / والحُرُّ يُغضِي عنِ العوراءِ يَحتشِمُ
رُسْلُ الصَّداقةِ من صرعى رسالتهم / حقُّ البلادِ ومن قتلاهم الشَّمَمُ
راحت تُخادعُ منهم كُلَّ مُختَبِلٍ / فما تَريعُ ولا يَنْأَى بها السَّأَمُ
لو أنَهم بذلوا الدُّستورَ تكرمةً / لمن يُبشِّرُهم بالحكمِ ما ندموا
هم خاصموا مصرَ ثم استرسلوا حَنَقاً / إلى الأُلى شرعوا العُدوان فاحتكموا
بني الكنانةِ كُفّوا عن مَقاتِلها / أما لها ذِمَّةٌ فيكم ولا رَحِمُ
إنّي أرى حادثاتِ الدّهرِ تصدمُها / وما تزالُ بها الأحزابُ تصطدمُ
الخَصمُ مُسْتوفزُ العُدوانِ مُرتقِبٌ / والشَّرُّ مُتَّقِدُ البُركانِ مُضطرِمُ
حَربٌ من العارِ ما يَفْرِي الكُماةَ بها / إلا المناصبُ والأموالُ تُلتَهمُ
عُودوا إلى الحقِّ يحميه غطارفةٌ / لم يَبْقَ من دونهم للحقِّ مُعتصَمُ
لا يعرِفون سوى الإيمان منزلةً / تعلو النفوسُ بها أو تعظم القيَمُ
أئمَّةُ الرُّشدِ جاءتهم رسالتُهم / فلا عَمىً حين جاءتهم ولا صَمَمُ
أتى بها من بقايا الرُّسْلِ مُنتَدبٌ / ما في شريعتِه أن يُعبدَ الصَّنمُ
مُوفَّقُ الرأي موفورُ النُّهى يقِظٌ / ما زَلَّ قطُّ لِسانٌ منه أو قلمُ
هذا الشّهيد الذي ما انفكّ من دمِه / في جَفْنِ كلّ فتىً بالمشرقَيْنِ دَمُ
شهِدتُ يومَ عليٍّ بعدَ مصرعهِ / فازددتُ في القلبِ جرحاً ليس يَلتئِمُ
صانَ الذّمارَ وأعلى شأنَهُ عَلَماً / صِينتْ به الحُرماتُ الغُرُّ والذِّمَمُ
حقُّ البلادِ عزيزٌ فيه مُمتنِعٌ / ما يُسْتباحُ ولا يَغشاهُ مُهتضِمُ
ما للكنانةِ إلا فارسٌ بَطلٌ / يحمي اللِّواءَ وإلا صارِمٌ خَذِمُ
إنّي أرى شُهداءَ النيل ما برحوا / مِلءَ الميادين والهيجاءُ تحتدِمُ
يَرمِي فريدٌ ويُرمَى بين رُفقتهِ / والحقُّ يَعبِسُ أحياناً ويَبتسمُ
لاَهُمَّ أدرِكْ حُماةَ الحقِّ مُنتصرِاً / إنّ الكنانةَ بالأحداثِ تَزدحِمُ
تعلَّموا كيف تَبنِي مَجْدَها الأُمَمُ
تعلَّموا كيف تَبنِي مَجْدَها الأُمَمُ / وكيف تمضِي إلى غاياتِها الهِمَمُ
تعلّموا وَخُذوا الأَنباءَ صادقةً / عن كلّ ذي أدبٍ بالصِّدقِ يَتَّسِمُ
أَمَنْ يقولُ فما يَنْفَكُّ يَكذِبُكُمْ / كَمَنْ إذا قالَ لم يكذِبْ له قَلمُ
لكم على الدَّهرِ منِّي شاعِرٌ ثِقَةٌ / تُقْضَى الحُقوقُ وتُرْعَى عنده الذِّمَمُ
تعلّموا يا بني الإسلامِ سِيرَتَهُ / وجَدِّدُوا ما محا من رَسْمِها القِدَمُ
اللهُ أكبرُ هل هانت ذخائرُهُ / فما لكم مُقْتنىً منها ومُغْتَنَمُ
بل أنتمُ القومُ طاح المُرْجِفُون بهم / وغَالَهُمْ مِن ظُنونِ السُّوء ما زعموا
ماذا تُريدون من ذِكْرَى أوائِلكم / أَكُلُّ ما عِندَكم أنْ تُحْشَدَ الكَلِمُ
لسنا بأبنائِهم إن كان ما رَفَعوا / مِن باذخِ المجدِ يُمسِي وهو مُنْهَدِمُ
إن تَذْكُروا يومَ بدرٍ فهو يَذْكُركُم / والحُزنُ أيسرُ ما يَلْقاهُ والأَلَمُ
سَنَّ السَّبيلَ لكم مَجْداً ومَأثُرةً / فلا يَدٌ نَشِطَتْ مِنكم ولا قَدَمُ
غازٍ يَصولُ بِجُندٍ من وَسَاوِسِه / وقائِدٌ مَالَهُ سَيْفٌ ولا عَلمُ
حَيُّوا الغُزاةَ قياماً وانْظُروا تَجِدُوا / وُفودَهم حَوْلَكُمْ يا قومُ تَزْدَحِمُ
ثُمّ انْظروا تارةً أُخْرَى تروا لَهَباً / في كلِّ ناحيةٍ للحرب يَضْطَرمُ
حَيُّوا الملائكةَ الأبرارَ يَقدمُهم / جبريلُ في غَمَراتِ الهَوْلِ يقتحِمُ
الأرضُ تَرْجُفُ رُعْباً والسّماءُ بها / غَيْظٌ يَظَلُّ على الكُفَّارِ يَحْتَدِمُ
هُمْ حاربوا اللهَ لا يَخْشون نِقْمَتهُ / في مَوْطنٍ تَتلاقَى عنده النِّقَمُ
مَنْ جَانبَ الحقَّ أَرْدَتْهُ عَمايتُه / وأَحْزَمُ النّاسِ مَنْ بالحقِّ يعتصمُ
الدّينُ دينُ الهُدَى تبدو شرائعهُ / بِيضاً تَكَشَّفُ عن أنوارِها الظُّلَمُ
ما فيه عند ذوي الألبابِ مَنْقَصَةٌ / ولا بهِ من سجايا السُّوءِ ما يَصِمُ
يُحْيِي النُّفوسَ إذا ماتَتْ ويَرْفَعُها / إذا تردَّتْ بها الأخلاقُ والشِيَمُ
لا شْيءَ أعظمُ خِزياً أو أَشدُّ أذىً / مِن أَنْ يُطاعَ الهوَى أو يُعبَدَ الصَّنَمُ
دينٌ تُصانُ حقوقُ العالَمينَ بهِ / ويَسْتَوِي عِنده السّاداتُ والخَدَمُ
ضَلَّ الأُلىَ تركُوا دُستورَه سَفَهاً / فلا الدّساتيرُ أغنتهم ولا النُّظمُ
دعا النبيُّ فلبَّى مِن قَواضِبه / بيضٌ مَطاعِمُها المأثورةُ الخُذُمُ
حَرَّى الوقائعِ غَرْثَى لا كِفاءَ لها / إن جَدَّ مُلْتَهِبٌ أو شدَّ مُلْتَهِمُ
تجرِي المنايا دِراكاً في مَسايلها / كما جرى السّيل في تَيَّارِه العَرِمُ
قواضبُ اللهِ ما نامت مَضارِبُها / عن الجهادِ ولا أَزْرَى بها سَأمُ
يَرمي بها كلَّ جبّارٍ ويقصمه / إن ظنَّ من سَفَهٍ أن ليس يَنقصِمُ
الجيشُ مُنطلقُ الغاراتِ مُسْتَبِقٌ / والبأسُ مُحْتَدِمٌ والأمرُ مُلْتَئِمُ
اللهُ أَلَّفَ بين المؤمنين فَهُمْ / في الحربِ والسِّلمِ صَفٌّ ليس يَنْقَسِمُ
كَرُّوا سِراعاً فَلِلأَعمارِ مُصْطَرَعٌ / تَحْتَ العَجاجِ وللأقدار مُصْطَدَمُ
مَن كُلِّ أغلبَ يمضِي الحتفُ مُعْتَزِماً / إذا مَضَى في سبيلِ اللهِ يَعتزِمُ
حرّانَ يُحسب إذ يَرمِي بِمُهجتهِ / نَشوانَ يزدادُ سُكراً أو به لَممُ
للحقِّ نشوته في نفس شاربِه / وليس يشربه إلا امرؤٌ فَهِمُ
وأظلمُ الناسِ مَن ظنَّ الظُنونَ به / ما كلُّ ذِي نشوةٍ في النّاس مُتَّهَمُ
طال القتالُ فما للقومِ إذ دَلَفُوا / إلا البلاءُ وإلا الهَوْلُ يَرْتَكِمُ
وقام بالسّيفِ دُونَ اللّيثِ صاحبُه / يذود عنه وعزَّ اللّيثُ والأَجَمُ
ماذا يظنُّ أبو بكرٍ بِصاحبِه / إنّ الرّسولَ حِمىً للجيشِ أو حرمُ
أًمْنُ النُّفوسِ إذا اهتاجت مخَاوفُها / والمُسْتَغثاتُ إذا ما اشْتدّتِ الغُمَمُ
هل يَعْظُمُ الخطبُ يرميه امرؤٌ دَرِبٌ / أَفْضَى الجلالُ إليهِ وانْتَهَى العِظَمُ
رَاعَ الكتائبَ واسْتَوْلَتْ مَهابتُه / على القواضبِ تلقاهُ فَتَحْتَشِمُ
دَعَا فَماجَتْ سَماءُ اللهِ وانْطَلَقَتْ / كتائبُ النّصرِ مِلءَ الجوِّ تَنْتَظِمُ
لاهُمَّ غَوْثَكَ إن الحقَّ مَطلبُنا / وأنت أَعْلَمُ بالقوم الأُلىَ ظَلَموا
تلك العِصَابةُ ما للهِ إن هَلَكَتْ / في الأرضِ من عابدٍ للحقّ يُلتزَمُ
جاءَ الغِياثُ فدينُ اللهِ مُنتصِرٌ / عالي اللواءِ ودينُ الشِّرْكِ مُنْهَزِمُ
جَنَى على زُعماءِ السُّوءِ ما اجْتَرَحُوا / وحَاق بالمعشرِ البَاغينَ ما اجْتَرَمُوا
ما الجاهليّة إلا نكبةٌ جَللٌ / تُردِي النُّفوسَ وخطبٌ هائلٌ عَمَمُ
هذي مصارعُها تجري الدّماءُ بها / وتشتكي الهُونَ في أرجائها الرِّمَمُ
هذا أبو الحكمِ انجابت عَمايتُه / لمّا قضَى السيّفُ وهو الخصمُ والحَكَمُ
ماذا لَقيتَ أبا جهلٍ وكيف ترى / آياتِ ربِّكَ في القومِ الذين عَمُوا
هذا القليبُ لكم في جوفهِ عِبَرٌ / لا اللَّوم يَنْفَعُكم فيها ولا النَّدمُ
ذُوقوا العذابَ أليماً في مَضاجعِكم / ما في المضاجعِ إلا النّارُ والحُمَمُ
لا تَجْزَعُوا واسْمعوا ماذا يُقالُ لكم / فما بكم تحت أطباقِ الثّرى صَمَمُ
الشِّرك يُعوِلُ والإِسلامُ مُبْتَسِمٌ / سُبحانَ رَبِّي له الآلاءُ والنِّعَمُ
يا قومَنا إنّ في التّاريخِ مَوعِظةً / وإنّه لَلِسانٌ صادقٌ وفمُ
لنا من الدمِ يجري في صَحائِفه / شيخٌ يُحدِّثُنا أنّ الحياةَ دمُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025