المجموع : 6
سفح الدموع لذكر السَفح وَالعلمِ
سفح الدموع لذكر السَفح وَالعلمِ / أَبدى البَراعة في استهلاله بِدَمِ
وَكَم بَكيت عَقيقاً وَالبُكاء عَلى / بَدر وَتوريتي كانَت لبدرهم
وَذَيل الدَم دَمع العين حينَ جَرى / كَما سَرى لاحق الأَنواء في الظلم
تَسيل عَيني لتلميح البُروق لَها / بِما جَرى مِن حَديث السَيل وَالعَرم
وَرَبَّ ريم كَريم القَوم طَرّفني / بِسَهم لَحظ وَغَير القَلب لَم يَرُم
فَعطفه فاتن للسمر نسبته / وَطَرفه فاتك لِلباترات نَمي
مِن مَعشَر إِن نَضوا أَسيافَهُم وَرَنوا / راعوا نَظير المَواضي مِن جفونَهُم
أَقمار تَمّ تَعالوا في مَنازلهم / فَالصَبُّ مَدمعه صَبٌّ لَبعدهم
لا غاضَ إِذ غاظ يَوم البين شانئهم / دَمعي وَلا زَان لَفظي غَير ذكرهم
أَنا ابن أَوس بِمَدحي المَعنوي لَهُم / فَلَيت لي ابن عَطاءٍ مِن خَيالَهُم
أَريد بِالمَدح فيهُم نيل مَكرُمة / لِكَي تَجانس مَعنى حسن وَصفهم
وَيل اللوائم كَم لَجّوا فلمتهم / فَاِستَدرَكوا لومَهُم لَكن بِلُؤمَهُم
أَدمَجَت في مَعرَض المَدح الهجاء لَهُم / وَقُلت أَنتُم وَلا فَخر ذوو شَمم
إِني أَنزه قَولي عَن مَذَمَتِهم / وَالجَهر بِالسوءِ فاعلم لَيسَ مِن شِيَمي
قالوا تفننت في قَول بموجبه / فلوك قلت عَلى نيران حُبِّهم
دَعوا اِنتِقاد كَلامي إِنّ حبهم / لَو لَم يَكُن مَذهَبي بِالمَدح لَم أهم
قالوا اسلهم قُلت أَشواقي تَراجعني / قالوا اِرتَقب قُلت إِسعافاً بِقُربهم
إِن رمت تَلفيق أَعذاري وَهانَ دَمي / فَلَن يَلاموا عَلى قَتلي وَها نَدَمي
أَغاير الناس في بغض الحَياة إِذا / بانوا وَأَهوى حَمامي بَعدَ بعدهم
تَركي بِهِ قَول قاليهم يَهو عَلى / سَمعي لتركيبه مِن مُطلَق الكلم
لَم يَسلب الحُب إِيجاب الصُدود بَلى / قَد يَسلب النَوم مِن عَيني فَلَم أَنَم
تَخَيَروا لي الضَنى وَالسُقم إِذ هَجَروا / فَصُرت مِن حَرّ ما بي زائد الضَرم
أَن أَحرَقت نار وَجدي في الهَوى جلدي / عَلى استعارة ثَوب الصَبر لَم أَلَم
ما حيلة العَبد وَالأَقدار جارية / إِذا تَوارد دَمعي بَعدَهُم وَدَمي
يَستَطرد الدَمع شَوقي حينَ أَذكرهم / طَرد السَوابح في مَضمار سَبقهم
قَد طابَقوا صَحتي بِالسَقم حينَ نَأوا / وَلَو دَنوا لَشفوا ما بي مِن الأَلم
كَم اِكتَفَيت بِتَصدير الدُموع وَلَم / أبح بسر غَرام في الفُؤاد كَم
لَو لَم يَكُن ذكرَهُم يَشفي العَليل بِما / يَسليه ما طابَ تَعليلي بذكرهم
وَعارف كَنه حالي قَد تجاهله / وَقالَ لي بِكَ عشق أَم ضَنى سَقم
وَرَبّ لاحٍ عَلَيهُم لا التفات لَهُ / لا درّ درّك دَعني مِن أَذى الكلم
أَبهَمت قَولك للمضنى لترشده / قَد كدت لَكنه في حَيّز العَدَم
دَع التَهَكُم وَاِنصَح ما اِستَطَعت وَقُل / إِني سَأَصغي لِنُصح مِنكَ مُتّهم
وَاربت في اللَوم عَن عُذر وَإِنَك ذو / حَزم هَديت لحبّ فيكَ مُلتَزم
هازلتي بِكَلام قَد أَرَدت بِهِ / جداً وَقُلت قَتيل العشق لَم يلم
سَدَدت قَولك أَم سَمعي إَلَيك فَدَع / تَسهيم لَومك إِني عَنكَ في صَمم
أَوجز أَطل أَرض أَغضَب عادِ والِ أَعَن / أُكتم أَذع وَشِّ فوف إِسع نم لَم
فَسَوفَ تَفحم مثلي في مَناقضة / إِن شَبَت أَو شَبَ ماءَ البَحر بِالضَرم
عدل المؤنب عَذل حينَ صَحفه / نَسَخَت تَحريفه في الحُكم بالحكم
يا حادي العيس ذرها في ترادفها / وَاِقصُد بِها مَهبَط التَنزيل مِن إِضَم
هلم إِن إِماماً ما نَأمله / وَعَكَسنا مُستَحيل بَعد أمهم
وَكَيفَ يَعكس مَن أَهدى لسادته / نَظم البَديع بَديع النَظم في الكَلم
عَج بي عَلى دارهم عليّ أَنال يَدا / فَلِلعَطاء اِتِساع في ديارهم
فَإِنَّهُم وَشَعوا فينا مَكارمهم / بِذاخر الوافرين الفَضل وَالكَرَم
إِذا تَمَكن منكَ الخَوف فادع بِهُم / لِكَي تَحل مِن التَأمين في حرم
وَلا يَكون رُجوع حينَ تَقدصدهم / بَلى يَكون عَن الأَوزار وَالجرم
يا نَفس حَتّى مَتى طالَ العِتاب أَما / قَد آن وَيحَك إِقلاع عَن اللَمم
لَقَد تَفَننت في اللَذات منطلقاً / لَكِنَّني الآن في قَيد النَدَم
إِن أَوثَقتَني ذُنوبي لَيسَ يَضمَن لي / حُسن التَخَلص إِلّا سَيد الأُمم
محمد ابن عَبد اللَه ابن أَبي الب / طحاء غَوث البَرايا في اطرادهم
إِذا جنيت فَزاوجت الرَجاء عَفى / عَني فَزاوَجت فيهِ المَدح للعظم
أَرجو تَعطفه يَوم المعاد كَما / تَرجوه كُل البَرايا يَوم حَشرِهم
مُؤمّل منعم يُرجى فَآمله / مَتى يصله يصله مِنهُ بِالنعم
عم العِباد بِمَعروف يوزعه / عَلَيهُم بِالعَطاء الواسع العمم
برّ رَؤف رَحيم للإِله دَعى / تَشريعه مُستَقيم واضح اللقم
لَم يَنف عَفواً بِايجاب العِقاب وَلَم / يُعاقب الفَضل وَالإِحسان بِالنَدم
أَلمُصطَفى صَفوة الرَحمن مِن لسنا / أَنواره اِنشَقَ بَدر التم في الظُلم
مُهَذَب رَبه في المَهد أَدّبه / مُذ كانَ طفلاً وَقَد آواه في اليتم
فَالشَمس طَلعته وَالنُور غرته / تَرشيحه في الضُحى وَاللَيل كالعلم
في كَفِهِ لَجج في وَجهِهِ بلج / في ثَغرِهِ فَلج تَسميط مُنتَظَم
شبهت شَيئين في الهادي بمثلهما / يَمينه وَالنَدى كَالبَحر وَالديم
مُؤلف معنييه في سَطا وَعَطا / فَهُوَ المَنى وَالمُنى في الحَرب وَالسلم
ذلّت لعزته الأَعداء حينَ رَأوا / مَحوَ الصَحيفة عُنواناً لِمحوهم
لَو أَنَّهُم فَعَلوا ما يوعظون بِهِ / في النور لاقتَبَسوا نور اِهتِدائهم
أَلظالمو النَفس عُدواناً وَما ظَلَموا / وَالظُلم لِلنَفس تَعريض إِلى النَقم
أَوهامَهم خيّمت فيهُم وَقَد زَعَموا / ان لا يَحل الرَدى يَوماً بِحَيهم
فَجاءَهُم بِأَسوَد في سُيوفِهم / تَصريع ما نَظموه مِن صُفوفِهم
وَكُل طَرف إِلى الغايات حافرَهُ / يُسابق الطَرف مِنهُ في اِتبِاعَهُم
وَأَوجَز القَتل فيهُم بَعدَ ما ظَلَموا / بِحَد مُنتَهب الآجال مُخترم
كَالقَوس مِنهُ سِهام المَوت مُرسَلة / لَهُ اِختِراع بَدا في هام كُل كَمي
يَشكو الصَدى فيهِ ماء لا يَسيل وَقَد / عَماه طول البُكا مِن جفنه بَدَم
أَدارَ فيهم كُؤوس المَوت مُترعة / فَما اِهتدوا لِنَجاةٍ في مَجازهم
وَكَم لَهُم صَفقة في الشُرك خاسِرَة / في الشُرك بِاللَه لا في البَيع وَالسلم
كَم أَوغَلوا في السَرى مِن بَأسِهِ فرقاً / وَحدّهم كانَ حَدّ الصارم الخذم
لَو أَنَّهُم بَلَغوا نسر السَماء سَما / إَلَيهُم بِعِقاب صاحب العلم
وَكُلَما حَمَلت بِالخَيل طائِفَة / مِنهُم تَولد مِنها حَمل سَببهم
وَالضَرب يَمشق نوناً فَوقَ أَعيُنَهُم / وَنكتة الطَعن تَتَلون وَالقَلَم
وَالسَيف كَالسَيل في تَفريق ما جَمعوا / وَالخَيل كَالسَيل أَودى جريها بِهُم
فَكادَ يَغرَق مِن أَبقَت صَوارمه / لَولا السَوابح بَحرٌ مِن دمائَهُم
يقسم الجَمع مِن أَعداه يَوم وَغا / فَالهام لِلسَيف وَالأَجسام للرجم
كَم أَمهّم بِصَناديد صَوارمهم / كَالبَرق في عارض في الأُفق مُنسَجم
كَأَنَّهُم وَهُم لا شَيء يَشبَههم / كَواكب حَولَ بَدر في مَسيرَهُم
وَالكُل مُنتَسق الأَقوال مُتَسق ال / أَفعال مُستَبق الأَفضال ذو همم
يَطوي وَيَنشُر بِالتَجريد مُقتَضِباً / لِلبيد وَالخَيل وَالأَسياف وَالقمم
يَعلو بذي شَطب للهام مُقتَضب / تَشطير مُقتَسم بِالعَدل مُتّسم
بيض صَوارمهم حُمر مَدبجة / زُرق الأَسنة سود النَقع وَاللمم
ما قابلوا مُقبلاً في عز مُقتَحم / إِلّا اِنثَنى مُدبرا في ذُلّ مُنهَزم
كَم مثلوا بِالعدى في كُل مُعتَرك / وَالأَسد تَفتَرس الأَوعال في الأَجَم
وَقَسموا القَتل في الأَعداء حينَ بَغوا / رَمياً وَطَعناً وَضَرباً في رِقابهم
وَفَرَقوهم بِأَطراف الأَسنة إِذ / ضَلوا السَبيل وَداموا في اِشتِباههم
وَاِستَعرَضوا بِالقَنا وَالنَصر قائدهم / جَيش الَّذين تَصَدوا لِاعتراضهم
وَاِستَتَبعوا بِالمواضي مَن طَغى فَمَحوا / لَيل العَجاجة مَحو الظلم وَالظلم
يَجزون بِالبَغي مَن يَبغي مشاكلة / مِن غَير جور عَلَيهِ لاحتراسهم
عَرض بَذَم الأَعادي في المَديح لِمَن / لا عَيبَ فيهُم سِوى الإِيثار في العَدَم
وَاِجمَع لِمُؤتَلف فيهُم وَمُختَلف / مِن البَديع وَزد في مَدح شَيخَهُم
لَم يَحصر المَدح ما تَحوي شَمائلهم / بَل في المَديح إِشارات لِفَضلِهُم
كُل صَفي لعز الدين مُستَبق / أَحسَن بِتَوجيه مَدحي في تَقيهم
ما السُحب جادَت بِتَفريع النَدى سحراً / عَلى الرِياض بِأَندى مِن أَكفهم
عَلوا مَحلا كَما سادوا عَلا وَسموا / هام السماك وَحَلّوا عاطل الهمم
وَاللَه أَكمَل إِذ أَوفوا العُقود لَهُم / ديناً وَأَحسَن بِالتَتَميم للنعم
وَالنَظم وَالنَثر وَالآيات بينة / ملءُ المَسامع في تَرتيب مَدحهم
لِلّه مِنهُم سُيوف حينَ جَرّدها / لِنَصرة الدين أَفنَت كُل مُجتَرم
يَرون صَعب العلا سَهلاً لِأَنَّهُم / أَنصار خَير نَبيّ ثابت القَدَم
باكي السِنان ضَحوك السن آمله / تَغنيه كَنيته عَن إسمه العلم
أَردى البُغاة وَأَرضى المُبتَغين بِما / أَبدى وَأَبدَع مِن حُكم وَمَن حِكم
وَاِستَخدَم الشُهب في الأَعداء مُسَرَجة / تَرمي الشَياطين رَدّاً لاستراقهم
فَالسابِقات وَبيض الباترات وَسم / ر الخَط جَمعاً لَهُ مِن جُملة الخَدَم
قالوا هُوَ الدَهر قُلت الفَرق مُتَضح / في الدَهر غَدر وَهَذا حافظ الذمم
ساوى النَبيين تَشريعاً وَسادَهُم / بِمحكم ناسخ أَحكام شَرعهم
ذو البَينات الَّتي تَفسير معجزها / نور البَصائر وَالكشاف للغَمم
لا تَطلُبوا مَثَلاً في المُرسلين لَهُ / هَيهات ما الشَمس في الإِشراق كَالنَجم
فَهوَ العَزيز عَلى اللَه العَزيز وَفي ال / ذكر العَزيز لَهُ التَرديد بِالعَظم
كَم أَودَع اللَه مِن أَسرار ملته / في غَير أُمته مِن سالف الأُمم
وَهُوَ الَّذي لَم يَفه في حَل مُشكلة / إِلّا وَأَوضح مِنها كُل منبهم
قَد وافق الإِسم مِنهُ وَصف أُمته / فَكُلَهُم شاهد لِلّه ذي القدم
لا مَكَنتَني المَعاني مِن شَواردها / إِن لَم أَبَرّ بِمَدح المُصطَفى قَسمي
مَن لَم يَكُن مَدح خَير الخَلق همته / فَجمعه القَول لَم يَنسب إِلى الهمم
جَمَعت في مَدح طَه كُل نادرة / يَبدي لَها كُل سَمع ثَغر مُبتَسم
أَضرَبت عَن كُل مَمدوح بِمَدحي خَي / ر الرُسل بَل خَير خَلق اللَه كُلَهم
أَرجو بِحُسن بَياني في مَدائحه / تَخَلُصاً مِن عَذاب دائم الأَلَم
عَدَدت وَصف نَبيّ لا شَبيه لَهُ / في العَزم وَالحَزم وَالإِقدام وَالقَدَم
كَرَرت مَدحاً لَهُ تَحلو مَذاقته / تَحلو مَذاقته في مَسمَعي وَفَمي
جاريت بِالمَدح فيهِ كُلُ مُلتَزم / مُستَعصم بِبَديع النَظم مُعتَزم
وَشَحتُ نَظمي بدُرّ المَدح في قَمَر / بِالحُسن مُشتَمل بِالنور مُلتَثم
مُرَصع لِبَديع النَطق مُحتَشم / مشفع في جَميع الخَلق محتكم
أَهديت من كلم كَالدُرّ مُنتَظم / تَسجيع مُلتَزم لِلمَدح مُغتنم
أَوزان قَولي وَمَعناه قَد اِئتَلفا / كَما تَأَلَفت الأَرواح في القدم
وَاللَفظ مُؤتلف بِاللَفظ مُنتَظم / مِن جَوهر النطق في سلك مِن الحكم
وَالوَزن يَألف أَلفاظاً قَد اِنسَجَمَت / في مَدح سَيّد أَهل الحلّ وَالحَرَم
قولي وَتَطريزه وَالمَدح مُنتَظم / في حسن مُنتَظَم في حسن مُنتَظم
أَنشَأت مِن كلمي ما شئت مِن حكمي / جَزّأت منتظمي أنبأت عَن لَزمي
جَزءيّ مَدحي بالكلي ملتحقض / في واحد هُوَ كُل الخَلق في العَظم
لَفظي وَمَعناه في مَدحي لَهُ اِئتَلَفا / مِن لُؤلؤ لِوَصف في سَمط من الشِيَم
وَما تَغاليت في مَدح يَكاد إِذا / تَلوته أَن يَقيني صَولة العَدَم
أَحكَمت نظم القَوافي وَاِنتَخَبت لَها / فَرائِداً تَزدَري في النَظم باليتم
عَمَت فَواضله جَلت فَضائله / مَن ذا يُماثله في العُرب وَالعَجَم
يا شامل الجَمع مِن جود وَمِن كَرَم / تَفصيل مجمله بالوصف لَم يرم
ذيّلت ما طالَ في مَدحي إَلَيكَ بِما / أَرجوه مِنكَ وَمَن يَرجوك لَم يَضم
لَم أَئنِ عَنك عنان القَصد مُلتَجِئاً / إلا إَلَيكَ لِكَي أَنجو مِن الضَرم
وَإِن مِثلك تِغنية بَراعته / يا مُنتَهى طَلَبي عَن ذكره بِفَم
وَفي مَديحك أَدمَجت المَرام عَسى / أَرى بِجاهك دَهري مُلقى السلم
فَاِبسط إِلى أَمل الفَضل العَميم يَدا / تَفيض بِالجود فيض الوابل الرَزم
فَما اِستَهَل بِإِخلاص براعته / إِلا وَأَمّل فيها حسن مُختتم
بُشرى فَقَد لاحَ في أَوج العُلا علم
بُشرى فَقَد لاحَ في أَوج العُلا علم / لِلوافِدين بَناه مفرد علم
بيت بِهِ أَضحَت الآمال طائفة / تَسعى إِلى رُكنِهِ طَوعاً وَتَستلم
عالي الدَعائم قَد شادَت قَواعده / عَزائم الملك المَيمون وَالهمم
أَلعبدَليّ الَّذي بَينَ النُجوم بِنا / بِالمُكرَمات بيوتاً دونَها إِرم
شادَ المَعالي الَّتي مِن قَبل أَسَسَها / عَلى العَوالي وَسادَ الناسَ كُلَهُم
ملك لَهُ مِن مُتون العاديات بِهِ / ملك كَبير وَمِن سُمر القَنا خَدَم
كَم مِن سَماء غبار قَد بَنى فَبَدَت / فيها السُمر العَوالي وَالظبا نَجم
تيدي المَواضي بُروقاً في جَوانبها / فَتَستَهلّ غَواد قطرهنَّ دَم
يولي العِدى نعماً حَتّى إِذا كَفَروا / بِها اِستحالَت وَحالَت دونَها نقم
وَقَد رَأتها الأَعادي حينَ أَخلَصَهُم / محض النَصيحة لَكن مُذ عَصوه عَموا
لَو أَنَّهُم فَعَلوا ما يُوعَظون بِهِ / لَكانَ خَيراً لَهُم لَو أَنَّهُم عَلِموا
أَو أَنَّهُم دَخَلوا في السلم ما خَرَجَت / عَن حدّها فيهُم المَصقولة الخَدم
ظَنوا الأَناة عَلَيهُم وَالمَكارم عَن / عَجز فيا وَيح قَوم ساءَ ظَنَهُم
لَقَد أَفاضَ عَلَيهُم مِن مَكارمه / سَحائِباً بِنَدى كَفيه تَنسَجم
إِن كانَ غَرّهُم مِنهُ تَبسمه / إِن الصَوارم تَسطو وَهِيَ تَبتَسم
ما زالَ بِالعادل الخَطي يَطعنهم / حَتّى اِنجَلى بِسَناه الظُلم وَالظلم
فسلموا حينَ صلّت في مَفارقهم / بيض السُيوف وَأَضحَت تَسجد القمم
يَرضى فينعم إِحساناً وَيوسعهم / جوداً وَيَغضَب أَحياناً فَينتَقم
كَالبَحر يَرغب في تَحصيل جَوهره / عِندَ السُكون وَيَخشى حينَ يَلتَطم
ساس الأَقاليم مِن شَرق إِلى يَمن / بِعَدله الصارم الهندي لا القَلم
إِن الشَريف بِن عَون لَم يَزَل أَبَداً / في كُلِ أَمر بِحَبل اللَه يَعتَصم
يا ابن الَّذينَ بِهُم تَسمو أَرومتهم / إِلى النَبيّ وَهُم في سَلكِهِ اِنتَظموا
مَن ذا الَّذي في مُلوك الأَرض قاطبة / يَحكيهم وَمُلوك الأَبطحين هُم
الحائزو قَصَبات السَبق مَقتَحِمو / بَحر الهياج وَنار الحَرب تَضطَرم
وَبالغو الغاية القُصوى الَّتي عَجَزَت / عَن الوصول إِلَيها العَرَب وَالعَجَم
ما زلت تَرغَب في بَذل النَوال لَنا / حَتّى أَناخَت عَلى أَعتابك الأُمم
وَجَدَت بِالمال حَتّى لَم تَدَع أَمَلاً / لِلسائِلين وَلا منٌّ وَلا سَأم
شيدَت بَعد العُلا بَيتاً عَلا وَسَما / عَلى السَماكين مُمتَداً لَهُ شمم
حَجَت إَلَيهِ ذوو الحاجات واثقة / مِنهُ بِأَن حَماه لِلنَدا حَرَم
لَما دَعوكَ وَلَباهُم نِداك سَعَت / بِهُم إِلى الطائف الوخادة الرَسم
طابَ المَقام بِناديه لَهُم وَصفت / أَيامَهُم بِكَ فَهِيَ الأَشهُر الحُرم
فَلا بَرَحَت بِهِ جَذلان تَرفل في / عز وَلا زالَ دَوماً آهلاً بِكُم
أَهنا المَنازل ما كانَت طَوالعه / سَعيدة وَعَلَيهِ الوَفد يَزدَحم
بِتاج برك راجيه يُؤرخه / بَنيت بِالحَزم بَيتاً بابه الكَرَم
ستر سَما بِسَنا القَبر الشَريف عَلا
ستر سَما بِسَنا القَبر الشَريف عَلا / قَد طَرَزت وَشيهُ أَيدي النَدى الهامي
يَشف مِن نور أُمّ المُؤمنين بِما / يَعلو عَلى مَنكَب الجَوزاء وَالهام
قَد أَلهَم اللَهُ مَن كانَت لَهُ سَبباً / بِكُل خَير فَبُشرى أَمَّ إَلهامي
أَرَحت نَفسك مِن عشق فَلَم تَهُم
أَرَحت نَفسك مِن عشق فَلَم تَهُم / لِأَن دَعوى الهَوى تَدعو إِلى التُهَم
وَكُل قَولك جَزل ما بِهِ غَزَل / وَلا اِرتياح لِمثل الوَرد وَالعنم
وَلا نَسيب وَلا شَكوى لِغانية / وَلا لِرَسم المَغاني بَعدَ بَعدَهُم
كَلا وَلَكِنَّني حال الشَبيبة لَم / أَبرَح عَن العَذل وَالتَأنيب في صَمم
حَتّى مُنيتُ بِها شَمطاء فانية / وَخلقها قَبل خَلق الشَيب وَالهَرم
باتَت تَحدثني لَما خَلَوت بِها / عَما بَرا اللَه بَعدَ اللَوح وَالقَلَم
كَآدم وَاِبنِهِ شيثٍ وَبَعدَهُما / مِمَن هَداه لَهُ أَو ضَل بِالصَنَم
وَرُبَما أَخبَرتَني وَهِيَ صادِقة / عَن قَوم نوح وَعَن سام وَعِن إِرم
وَعَن جَميع مُلوك العالمين وَعَن / وَقائع العَرَب العَرباء وَالعَجَم
فَقُلتُ هَذا حَديث الأَقدَمين فَمَن / خَير الجَميع فَقالَت آخر الأُمم
فَقُلتُ مَن هُوَ مَولاهُم وَسَيدَهُم / بَعدَ النَبي فَقالَت صاحب العلم
نَجل الأَكارم وَهاب المَكارم مر / هوب الصَوارم عَبد اللَه ذو الكَرَم
قُلت اِبن عَون فَقالَت عَون قاصِدَه / أَلباسط الأَمن في حلّ وَفي حَرَم
فَبت أَنظُر فيما قَد سَمَعت بِهِ / مِن الحَديث وَما أَبدَت مِن الكلم
حَتّى اِهتَديت إِلى النور المُبين وَقَد / لاحَ الصَباح وَأَبدى ثَغر مُبتَسم
إِذ أَظهَر اللَهُ مِن مَكنون حكمَتِهِ / ما شاءَ مِن حكم عَدل وَمِن حِكم
خَير المُلوك وَأَتقاهُم وَأَشرَفَهُم / أَصلاً وَفرعاً وَأَزكى الكُل في الشِيَم
سَل عَنهُ نَجداً وَأَقَطار الحِجاز وَسَل / قَحطان عَن سَيل خَيل اللَه لا العرم
وَعَين زَمزَم وَالبَيت المُحَرَم مَن / يَرعى الأَنعام بِعَين مِنهُ لَم تَنَم
هَل غَير خَير بَني السَبط الكَريم تَرى / بَينَ الوَرى وَهُوَ مثل الشَمس في النجم
مِن آل بَيت تعالى مَجدَهُم فَسَما / وَأَذهب الرَجس عَنهُم باريء النسم
أَلواهب المنن الغَراء يَصحَبَها / عُذر الكِرام بِلا مَنّ وَلا سَأم
يَكاد يُعطي المَعالي في مَواهبه / لَو كانَ يُدركها العاني بِلا هَمم
تَرى السَحائب تَروي عَن مكارمه / دَوماً فَتَسحَب أَذيالاً مِن الديم
لَهُ أَيادي إِياد في بَني مُضَر / تَهمي فَتَنشُر طَيّاً بَعدَ طَيهم
إِن جَرَّد البيض في الهَيجاء باسِمَةً / أَبكى الجُفون عَلى أَعدائِهِ بِدَم
وَلَو تَثلم مِنها حَد مَضرِبِها / سَطا القَضاء بِسَيف غَير مُنثَلم
يَرمي الرِجال بِأَمثال الجِبال لَدى / بَحر مُحيط بِنار الحَرب مُضطَرم
وَيُرسل الخَيل لِلأَعداء سابِقَةً / جُند المَنية قَد حَلَّت بِحَيهم
يا اِبنَ الَّذي كانَ صُبحاً وَاِنتماك لَهُ / نورٌ جَلا كُل ما لاقى مِن الظلم
نَظمت حالي وَلَولا سلك فَضلكم / ما كانَ قَولي وَلا فعلي بِمُنتَظم
علمتني الحَمد وَالشُكر الجَزيل عَلى / فَعل الجَميل بِما توليه مِن نعم
ما كُنتُ لَولاكُم أَبغي الفَوائد مِن / نَظم الفَرائد في إِسم وَلا علم
رَفَعتُ ذكري بِآلاءٍ بِدَأَت بِها / عَبداً يُؤمل دَوماً حُسن مختتم
في جَبهة الدَهر سَطر لَو نَظَرت لَهُ
في جَبهة الدَهر سَطر لَو نَظَرت لَهُ / وَجَدتَ ما رقمت أَيامه حكما
مِن كُلِ لَفظ بِهِ وَعظ لمعتبر / يَبكيك مَضمونه مِن مقلتيك دَما
ما سلم الدَهر باليمنى عَلى أحد / وَسرّ مِنهُ وَمَن بَأسائِهِ سلما
فَما تَروّيه يُمناه عَلى ظَمإٍ / إِلا وَيُسراه تَسقيهِ الرَدى كظما
قُل لِلذين هَجوا شيخ الزَمان وَمَن
قُل لِلذين هَجوا شيخ الزَمان وَمَن / يَهجو امرءاً مثله في الناس مَعدوم
أَني لَكُم مثل عَقل الأَزهري وَما / يَحويه مِن شَرف وَالعَقل مَفهوم
هَجَوتم رَجُلاً لا شَيءَ يَشبهه / وَالحرّ مَمتدح وَالعَبد مذموم
وَالشَيخ أَحسَنكم وَجهاً وَأَطهَرَكُم / قَلباً وَأَكرَمَكُم وَالقَدر مَعلوم
قَصدتم قَلب وَضع الشَيء في رَجل / يسن حسبكم وَالحَشر وَالروم