المجموع : 4
أَبدَلتَ يا عيد عَيني حام من سام
أَبدَلتَ يا عيد عَيني حام من سام / فَفاضَ جَفني بِما أَفضى إِلى يامِ
قَد كُنت هَيمان مَهموماً بِلا جَلدِ / فَزِدتُ ضِعفَينِ في هَمّي وَتهيامي
عَهدتُ لَيلَتَكَ البَيضاءَ نيّرَةً / فَما لَها كَحَّلت عَيني بِإِظلامِ
حَتّى تَناسَيتُ ما عوَّدتُ مِن فَرَحٍ / وَقُبحُ يَومٍ يُنَسّي حُسنَ أَيّامِ
وَلَو تَراني صَباحَ اليَومَ إِذ بَرَزوا / ثَكلان أَبكي وَتَبكي حَولي الآمِ
فَما لَبِستُ سِوى الأَحزان سابِغَةً / وَلا نَحَرتُ سِوى إِنساني الدامي
وَلا بَرَزتُ لِزُوّاري مَخافَة أَن / أساءَ مِنهُم بِطَلقِ الوَجهِ بَسّامِ
وَرافِلٍ في جَديدٍ كانَ يَرفلُ في / مِثالِهِ اِبني غُداةَ العيدِ مُذ عامِ
حُبيب النَفسِ لَو أعطيتُ سُؤلَتها / أَصابَ نَحري وَأَخطا نَحرَكَ الرامي
كَأَنَّني لَم أُكَلِّم مِنكَ نابِغَةً / وَلا رَأَيتُكَ مِلءَ العَينَ قُدّامي
وَلا سَمِعتُكَ تَتلو الذِكرَ في سحرٍ / بِصَوتِ داوودِ في إِفصاحِ هَمّامِ
مَخايِلٌ فيكَ راقَتني مَحاسِنُها / سرَّت بِبَدءٍ وَلَم تسرر بِإِتمامِ
الحَمدُ لِلَّهِ عَدلٌ عَنكَ ما نَفَذَت / بِهِ المَقاديرُ مِن نَقضٍ وَإِبرامِ
أَنا أُجيبُ من اِستَفَتى بِنادِرَةٍ / وَخاطِري بَينَ إِنجادٍ وَإِتهامِ
مُفَكِّراً في مَعانٍ كُنتُ أَسمَعُها / مِن فيكَ قَد حَيَّرَت لُبّي وَأَفهامي
لا أَنقُشُ اِسمَكَ في الخيتامِ مِن شَغَفٍ / قَلبي أَحقُّ بِهِ مِن فصِّ خَيتامِ
كَأَنَّنا لا أَصاب البَينُ إِلفَتها / فأفرَدَت أَلفٌ لِلشَّوقِ مِن لامِ
كانَ اِشتِفائيَ في دَمعي وَفي نَفسي / حَتّى اِفتَضَحتُ بِذا الجاري وَذا الطامي
لَيتَ المَدامِعَ تَجري وَالزَفير يرى / في خلوَتي قَطّ أَوفى كُلَّ حمامِ
كَم رَدَّ قَبرُكَ أَلحاني بِمَوعِظَةٍ / وَهاجَني طَيفُكَ الساري بِإِلمامِ
لَو ساءَني فيكَ غَيرُ اللَهِ رحتَ وَقَد / قَرَعتُ سِنّي أَو أَدمَيتُ إِبهامي
ثُمَّ اِثَّأَرتُ وَحَولي جَحفَلٌ لَجبٌ / غَزا وَبَحرُ المَنايا حَولَهُ طامِ
بفَيصلٍ مِن سُيوفِ اللَهِ مُنصَلِتٍ / ماضي الغِرارِ وَإِن لَم يَمضِ في الهامِ
لكن مَضَت فَأَمَضَّت فيكَ ذا ثَكَلٍ / مَقادِرٌ كلَّ عَنها كُلُّ صَمصامِ
إذا تَأَمَّلتُ صَرعى المَوتِ لَم أرَني / مُفرِّقاً بَينَ ضبعانٍ وَضرغامِ
فاِنظُر غَداً هَل عَلا البَرجيس مانِعُهُ / مِنَ الحَوادِثِ أَو عَلياءُ بَهرامِ
سيَهوِيانِ وَيُطفي اللَهُ نورَهُما / وَإِن تَراخى بَقاءُ النَيِّرِ السامي
ما أصدَقَ الناس لَو قالوا إِذا سُئِلوا / عَن كُلِّ عيشٍ مَضى أَضغاثُ أَحلامِ
المرءُ حَرفٌ وَمَحياهُ تَحَرُّكُهُ / وَعُمرُهُ مِثلُ رومٍ أَو كَإِشمامِ
عَبدُ الغَنِيّ أَبي وَاِبني فَقَدتُهُما / فَضامَني الدَهرُ حَتّى اِرتَعت بِالظامِ
كانا هُما حَرَميَّ الآمِنَينِ فَيا / وَيلاهُ أَبدَلتُ إِحلالي بإِحرامي
فَلَيسَ لي ها هُنا حِجرٌ وَلا حجر / وَلا حَميمٌ يُواليني وَلا حامِ
فَكانَ ذا عِوضاً مِن ذاكَ فيهِ بَقي / وَفيكَ مَفخَرُ أَخوالي وَأَعمامي
نَمى فَأَشبَهَني مَجداً وَأشبههُ / فَنابَ عَن أَبَويهِ المُشبِهُ النامي
لَم يجبر العَظمَ حَتّى هاضَ وا أسفاً / ما اِبتَزَّ لي حَسَناتي غَيرُ إِجرامي
حَكَمتُ في اِبني بِإِدراك المُنى فَأَبَت / أَحكامُ رَبّي إِلّا فَسخ أَحكامي
ضَلَّت عُقولُ بَني الدُنيا لَقَد عَلِقوا / فيها بِحَبلٍ مِنَ الآمالِ أَرمامِ
تَبكي عَلَيها وَمِنها وَهيَ ضاحِكَةٌ / فَتَرتَضي وَهيَ عَينُ السخطِ وَالذامِ
أُفٍّ لَها إِنَّها أُمٌّ مُبَرَّتُها / في مَنعِ مَرحَمَةٍ أَو قَطعِ أَرحامِ
إِنَّ الحَياة مَتاعٌ وَالألى خَسِروا / أَغرَتهُمُ فَاِشتَروا جَهلاً بِأَحلامِ
فازَ المُخِفّونَ بِالحُسنى وَقَيّدَني / وَراءَهُم ثِقلُ أَوزارٍ وَآثامِ
ما لي بَكيتُ عَلى اِبني وَالذُنوبُ غَدا / تهينُني وَهوَ في عِزٍّ وَإِكرامِ
هَلّا بَكيتُ عَلى نَفسي وَما جَرَمت / مِنَ الجَرائِمِ وَاِستَبكَيتُ لوّامي
لا أَمنَ إِلّا بِإيمانٍ غَداةَ غَدٍ / وَلا سَلامَةَ لي إِلّا بِإِسلامي
هذا إِذا أَنعَمَ المَولى فَأَسعَدَني / في القَنيَتَينِ بِتَثبيتٍ وَإِلهامِ
لِكَي أَفوزُ مَع اِبني حَيثُ بَوَّأَهُ / بِرَحمَةٍ مِنهُ أَرجوها وَإِنعامِ
وَعداً عَلى المُصطَفى لا بُدَّ مِنهُ وَلَو / أَقسَمتُ فيهِ أَبَرَّ اللَه إِقسامي
قالوا غَض الدَمعُ هَل رَدَّ البُكا وَلَدا / لثاكلٍ أَو أَباً برّ لِأَيتامِ
فُقُلتُ أَنهاهُ وَالأَحزانُ تَأمُرُهُ / فَكَيفَ يرقَأُ دَمعُ الهائِمِ الهامي
حَسِبتُ عَينيّ تَشفي بِالبُكا حرقي / وَإِنَّما وُكِّلَت فيها بِإِضرامِ
يا دُرَّةً مِن نَفيس الدُرِّ غالِيَةً / وسامَة مَحضَة مِن طَيِّبِ السامِ
حامَت لِداتُكَ حَومَ الطَيرِ ظامِئَةً / حَولي وَكُنتُ أَراهُم غَير حُوّامِ
تَفَقَّدوكَ فَقالوا أَينَ فَرقَدُنا / وَأَينَ أَفهَمُنا مِن غَيرِ إِفهامِ
فَقُم لِتحدقَ إنَّ الصِبيَةَ اِنتَظَروا / وَعداً عَلَيكَ بِإِطلاقٍ وَإِطعامِ
أَينَ اِبتِكاركَ لِلكُتّابِ مُجتَهِداً / وَالناسُ ما بَينَ أَيقاظٍ وَنُوّامِ
وَأَينَ تَجريرُكَ الثَوب المَصون إِذا / راحوا لِتَجريرِ أَثوابٍ وَأَكمامِ
وَأَينَ آياتُكَ اللّاتي ملَأنَ دَماً / عَيني وَآلَمنَ قَلبي أَيّ إيلامِ
وَأَينَ قَولُكَ لِلمَفجوعَةِ اِحتَفِظي / حَتّى أفيقَ بِألواحي وَأَقلامي
تَاللَهِ أَنسى محيّاكَ الجنيَّ وَلا / فاكَ الفَصيحَ إِذا فاهوا بِإِعجامِ
وَلا قراءَتكَ السوراتِ بَينَهُمُ / مُرَتَّلاتٍ بِإِظهارٍ وَإِدغامِ
يا رُبَّ مَعنىً قَد اِستَنبَطتهُ فَهماً / فَقيلَ يَحفَظُ تَفسيرُ اِبن سَلامِ
كَم مِن فُؤادٍ وَمِن جِسمٍ تَرَكتَهُما / قِسمَينِ ما بَينَ أَشواقٍ وَأَسقامِ
هَل نَحنُ فيكَ جسومٌ دونَ أَفئِدَةٍ / أَم نَحنُ أَفئِدَةٌ مِن دونِ أَجسامِ
سَبَقتَ والِدَكَ الواني وَضُمَّرُهُ / مُهَيَّئاتٌ لِإِسراجٍ وَإِلجامِ
كُنّا نُفَدّيكَ لَو أَنّا نَرى علماً / يُفدى مِنَ القَدرِ الجاري بِأَعلامِ
هَيهات لا يُدَّرى عَن كُلِّ قَسوَرَة / ريبُ المَنونِ وَلا عَن كُلِّ قمقامِ
وَالناسُ سَعيُهُمُ شَتّى وَأَمرُهُمُ / مِن أَمرِ مُقتَدِرٍ بِالغَيبِ عَلّامُ
هذا صَريعٌ وَذا حَيٌّ إِلى أَجَلٍ / وَذا فَقيرٌ وَذا مُثرٍ بِأَقسامِ
وَخَيرُ ما يَكسَبُ الإِنسانُ عِندَ غِنىً / شُكرٌ عَلَيهِ وَصَبرٌ عِندَ إِعدامِ
صَبَرتُ لِلدَّهرِ إلّا عِندَ فَقدِ أَبٍ / وَاِبنٍ فِداؤُهُما نَفسي وَأَقوامي
مَن لي بِنُصرَةِ ماضي الحَدِّ بَعدَهُما / مَن لي بِدَعوَةِ صَوّامٍ وَقَوّامِ
عَلَيهِما صَلَواتُ اللَّهِ دائِبَة / وَأَدمُعي وَالغَوادي ذاتُ إثجامِ
أسدُ الشَرى وَاللُيوثُ تَبكي
أسدُ الشَرى وَاللُيوثُ تَبكي / عَلَيهِ وَالأَنجُمُ السَوامي
لَم يَتَبسَّم غداةَ أَودى / إِلّا الأَعادي مَعَ السَوامي
لَقَد سَقاني الرُعاف فيهِ
لَقَد سَقاني الرُعاف فيهِ / كُلَّ ذُعافٍ مِنَ السِمامِ
ماتَ شَهيداً وَمُتُّ ثكلاً / ثمَّتَ أنشرتُ لِلسّقامِ
مَتى يَهِجني اِسمُهُ يَجِدني / غَصّان بِالأَدمُعِ السِجامِ
ما قيلَ عَبدُ الغَنِيِّ إِلّا / ذُقتُ بِهِ غُصَّةَ الحِمامِ
مَرَّ خَيالاً عَلَيَّ لَيلاً / فَبَدَّلَ السُهدَ بِالمَنامِ
مَثَّلتهُ في الحَشا فَمَن لي / بِلَذَّةِ الأُنسِ وَالكَلامِ
مَثواهُ في القَلبِ غَيرَ أَنّي / في حُرَقٍ وَهوَ في سَلامِ
من مُسعِدي بِالبُكا عَلَيهِ / فَيَقضِيَ الكلَّ مِن ذِمامي
مَنِيَّتي مُنيَتي وَإِلّا / فَعَيشُ حَرّانَ مُستَهامِ
مِثلي إِذا ما الحَمامُ ناحَت / بَكى وَيَشكو مَعَ الحَمامِ
مِلتُ فَعانَقتُكَ اِشتِياقاً / وَلَم أُعانِق سِوى العِظامِ
ما لي رَأَيتُ الَّذي شجاني / مِنكَ وَما مُتُّ في المَقامِ
ماقُكَ دامَ بِلا بُكاء / وَالثَغرُ بادٍ بِلا اِبتِسامِ
مِن أَطيَبِ الطَيِّبينَ خيماً / كُنتَ وَمِن أَكرَمِ الكِرامِ
مِن شُهُبِ المَجدِ وَالمَعالي / بَثَّقتَ مُحلَولِكَ الظَلامِ
يا ناثراً دُرَّ عينِي بلْ عقيقَ دمِي
يا ناثراً دُرَّ عينِي بلْ عقيقَ دمِي / ما بالُ طرْفك دونِي صحَّ بالسَّقمِ
وما لِتُفَّاحَتَيْ خدّيكَ أيْنعَتا / فأفْطَرَتْ منهما عيْنِي وصام فَمِي