المجموع : 4
أدِرْ كؤوسَ الرِّضا ناراً عَلى عَلَمِ
أدِرْ كؤوسَ الرِّضا ناراً عَلى عَلَمِ / لا خَيْرَ في لَذَّةٍ بتّاً لِمُكتَتمِ
ولْتَجْلُها بنتَ دَنٍّ عُمْرُها عُمُري / تَسْتَدرجُ العَقلَ فِعلَ الشَّيبِ باللَّمَمِ
مَشْمُولَةً نَسجَتْها للشَّمالِ يَدٌ / والطَفتها أكُفُّ اللُّطفِ في القِدَمِ
فَما لَها غيرَ رُوحِ الرُّوحِ من قَدَحٍ / ولا لَها غَيْرُ سِرِّ السِّر مِنْ فَدَمِ
بَيْنا تُرى في أكُفِّ الشَّاربينَ طِلاً / إذْ تَسْتحيلُ شُعاعاً في خُدودِهمِ
كَذاكَ من كَتَمتْ سِرّاً ضَمائِرُهُ / كَساهُ منه رداءٌ غيرُ مُنْكَتِمِ
قُم هاتِها فرياضُ الكونِ قد جُليت / وقامَ للْحُسن ترتيبٌ على قَدمِ
ولاحَتِ الشُّهبُ كالأكواسِ دائِرةً / تُغْريكَ بالسُّكر مِنْ صَهباءِ حُبِّهمِ
وساجَلَتْ أدْمعُ السُّحب الحمامَ بُكاً / عَلى الرِّياضِ فأضْحَى جدَّ مُبْتسِمِ
فَسَلْ أزاهيرَ رَوضِ الحُسن غِبَّ ندىً / هَلْ نَبَّهت وَقعاتُ الطَّلِّ عينَ عَمِ
في كُلِّ حُسنٍ لهُ مَعنىً تشاهدُه / عينُ الصَّفِيِّ وقلبُ الحاضرِ الفَهِمِ
يا لامعَ البَرْقِ بل بالناظرين عَشىً / وهو الصَّباحُ تَفرَّى عن دُجا الظُّلَمِ
أَعِدْ على مُقلتي لَمْحاً يؤنِّقُها / عسَى يَراكَ مُحِبٌّ عن سَناكَ عَمِ
ياواديَ الحَيِّ والأمْواهُ ثاعِبةٌ / واحرَّ قَلْبي لِذاكَ المَوردِ الشَّبمِ
بل هَلْ يُبَلِّغُني وَخْد المَطِيِّ عَلى / شَحْطِ المزارِ إلى رَبْعٍ بذي سَلَمِ
لِمَعْهدٍ طالَما حَلَّ القُلوبُ بهِ / مُخَيِّمينَ وبانُوا عَنْ جُسومِهمِ
لِعُمدةِ الدِّينِ والدُّنْيا وقُطبهما / ومُنْتهى الشَّرَفِ الأصليِّ والكَرمِ
لأَفضلِ النَّاسِ من حافٍ لمُنْتَعِلٍ / وأكرمِ الرُّسلِ من بادٍ لِمُخْتَتِمِ
لأحمدٍ سَيِّدِ الأرسال قاطِبةً / مُحَمَّدٍ خيرِ خَلْقِ اللهِ كُلِّهمِ
يا حاديَ العيس نَحْوَ القومِ مُرتَهناً / يرمي بهِ الشَّوقُ من غَوْرٍ إلى تَهمِ
رفقاً بنا في بقايا أنفُسٍ خَفِيَتْ / عَنِ المَنايا فلم تَمْتز من العَدمِ
لأُلحِفَ الجسمَ ثَوبَ السُّقْمِ مُمْتَهناً / وأذرفَ العَيْنَ صوبَ الأدْمُع السُّجمِ
وأُشربَ الوجدَ قَلبي والجوى كَبدي / والسُّهدَ جَفْني وأنواعَ الشجون دَمي
إن لم أَحُطّ ركابي في أبرِّ ثَرىً / حتَّى أُعفرِّ فيهِ وَجْنَتي وفَمي
ذُلّاً وخَوفاً وإشْفاقاً ومَنْدمَةً / عَلى مساوئَ قد زلَّتْ بها قَدمي
يا طَيْبَةَ الطَّيِّبين اللهَ أنشُدكم / أما سَرَتْ نسمةٌ من جانب العَلَم
عَساكُمُ أنْ تُوالُوها سَلامَكُمُ / حتَّى يَبينَ الرِّضا مِنْها لِمُنْتَسِمِ
وإنْ تَعُدْكُم فَحيُّوها فَعَوْدَتُها / مِنِّي بردِّ سلامٍ غَيْرِ مُنْصَرِمِ
أوْدَى بِقَلْبِكَ صَدْعٌ لَيْسَ يَلْتَئِمُ
أوْدَى بِقَلْبِكَ صَدْعٌ لَيْسَ يَلْتَئِمُ / وخانَ صَبْرَكَ دَمْعٌ ليسَ ينكَتِمُ
فصارَمُوكَ حِذاراً أنْ تَنِمَّ بِهمْ / وما انْتِفاعُكَ بالدُّنيا إذا صَرَمُوا
أحْبابَ قَلْبِيَ والأسْقامُ تُقْعِدُني / ولَستُ مِمَّن مَداهُ في الهَوى أَمَمُ
هَل تُستعادُ لَيالينا الَّتي سَلَفتْ / أو تُستَجدُّ بِكُمْ أيَّامُنا القُدمُ
إذْ مَعْطِفي للصِّبا لَدْنُ المهزَّةِ لا / يَزالُ تجذِبُهُ الآدابُ والكَرمُ
عُهودُ أُنسٍ تَقضَّاها الزَّمانُ رِضىً / كأنَّها في حَواشي بُرْدِهِ علَمُ
مرَّت كما السُّحْبُ لو لَمْ يَبْقَ في كَبِدي / مِنْ بارِقات أماني عَوْدِها ضَرَمُ
لَئِن نَسُوها عُهوداً كُرِّمَتْ لَهُمُ / حَديثُ سِرِّي وجَهْري في الأنامِ هُمُ
ما ضَرَّهْم وبِصَدْري للأسَى حُرَقٌ / لو أنهم بسرورٍ منهمُ رحموا
يا مَنْ غَدا يُنفقُ العُمْرَ الثَّمِيْنَ بِلا
يا مَنْ غَدا يُنفقُ العُمْرَ الثَّمِيْنَ بِلا / جَدْوَى سِوى جَمْعِ مالٍ خِيفَةَ العَدَمِ
اِرْجِعْ لِنَفْسِكَ وانظُرْ في تَخَلُّصِها / فقَدْ قَذفتَ بها في لُجَّةِ العَدَمِ
دَعِ التَّأنُّقَ في لُبْسِ الثِّيابِ وكُنْ
دَعِ التَّأنُّقَ في لُبْسِ الثِّيابِ وكُنْ / للهِ لاِبسَ ثَوْبِ الخَوْفِ والنَّدَمِ
لَو كانَ لِلْمَرءِ في أثوابِهِ شَرَفٌ / ما كانَ يَخْلَعُ أسْناهُنَّ فِي الحَرَمِ