المجموع : 4
لَيسَ التَعَجّبُ إِلّا مِن بَني زَمَن
لَيسَ التَعَجّبُ إِلّا مِن بَني زَمَن / لَم يَنزَعِ المُلكُ عَنهُم بُردَةَ اللُوَّمِ
هُم عَلَّموا الدَهرَ غَدراً مِن شَمائِلِهِم / جَمَّ الطَرائِقِ مِن بادٍ وَمَكتومِ
حَتّى اِقتَدى بِهِمُ فيهِم فَأَهلَكَهُم / وَقَد يَبُذُّ إِماماً شَأوُ مَأمومِ
مِن كُلِّ لا راحِمٍ إِن كانَ ذا قُدَرٍ / وَلا إِذا نابَهُم خَطبٌ بِمَرحومِ
يَغُرُّهُ ظِلُّ مُلكٍ عَنهُ مُنتَقِلٌ / كَمُستَظِلٍّ بِبَيتٍ غَيرِ مَدعومِ
أَبدَوا سُروراً بِأَيّامٍ مُساعِدَةٍ / خِلالَ عَصرٍ بِنَفضِ العَهدِ مَوسومِ
وَالسَعدُ في النَحسِ مِقدارُ البَقاءِ لَهُ / مِقدارُ لَبثَةِ نَجمٍ عِندَ تَصميمِ
نُكدُ الخَلائِقِ تَلقى كُلَّ ذي نَظَرٍ / يَقضي بِقَطعٍ لَهُم مِن غَيرِ تَنجيمِ
مِن كُلِّ مُقتَسِمِ الرِجلَينِ مِن قَلَقٍ / في أَمرِهِ بَينَ تَأخيرٍ وَتَقديمِ
أَعمارُ دَولَتِهِم إِن أُمهِلَت سَنَةٌ / كَأَنَّما هِيَ أَعمارُ التَقاويمِ
لَمّا اِفتَحتُ كِتابي مُنشِئاً بِيَدي
لَمّا اِفتَحتُ كِتابي مُنشِئاً بِيَدي / ما بي إِلى وَجهِكَ المَأمولِ مِن قَرَمِ
وَدِدتُ لَو أَنَّني وَالدارُ نازِحَةٌ / أَسعى إِلَيكَ بِرَأسي حاكِياً قَلَمي
فَحينَ لَم أَحكِهِ مَشياً عَلى بَصَري / حَكاهُ شَوقاً بِدَمعٍ مِنهُ مُنسَجِمُ
فَلَو غَدَت هَذِهِ الأَقلامُ ناطِقَةً / شَهِدنَ لي بِالَّذي شاهَدنَ مِن ذِمَمي
وَكَيفَ أَنساكَ لا نُعماكَ واحِدَةً / عِندي وَلا بِالَّذي أَولَيتَ مِن قِدَمِ
إنْ قَصَرتْ بي عنِ الأغراضِ أيّامي
إنْ قَصَرتْ بي عنِ الأغراضِ أيّامي / فليُعذَرِ السّهمُ في أنْ يُخطئ الرَّامي
لو ساعدَ الدّهرُ ما قضَّيتُ لي نفَساً / إلاّ بخدمةِ هذا المجلسِ السّامي
لكنَّ تعويقَ إلمامِ الحوادثِ بي / يَصُدُّ عنه معَ الأشواقِ إلمامي
هذا على أنَّني أُهدي لحَضْرته / على المَغيبِ ثَناءً نَشْرُه نام
ومِدحْةً ما تزالُ الدّهرَ شاردةً / سَيّارةً بين إنجادٍ وإتْهام
للهِ من ماجدٍ تَعْلو به همَمٌ / مَقْسومةٌ في المعالي أيَّ إقْسام
مُنزَّهُ الخُلْقِ عن جُبْنٍ وعن بَخَلٍ / مُخلَّصُ العِرْضِ من ذَمّ ومن ذام
تَظلُّ منه رقابُ المالِ خاضعةً / لكفّ أبيضَ ماضي الحَدِّ صَمْصام
في كلِّ أَنمُلةٍ منه على حِدَةٍ / منَ السَّماحةِ بَحْرٌ طافحٌ طام
هُنِّئْتَها يا زكيَّ الدَّولتَيْنِ عُلاً / تَخْتالُ ما بَيْنَ إجْلالٍ وإعْظام
مُذْ جئْتَ جَيّاً وقد فارقْتَها أخَذَتْ / لها أمانَيْنِ من ظُلْمٍ وإظْلام
وكان سُودَ ليالٍ كُلُّها فَعُني / بها الزّمانُ فصارتْ بيضَ أيّام
أسلْتَ أوديةً للنّاسِ من ذَهَبٍ / جَرتْ بها من نداكَ الهاملِ الهامي
حَملْتَ مالاً حمَيتَ المجْدَ منكَ به / والسّيفُ حلْيةُ كفّ الحاملِ الحامي
هوَ الكمالُ فدامَتْ عَيْنُه أبداً / مَصْروفةً عنكَ يا أسمي بني سام
تمامُ نعمةِ دنْياكَ الدَّوامُ لها / فزانَ نُعماكَ مُوليها بإتْمام
لا تَفخرَنَّ بألقابٍ تُدِلُّ بها
لا تَفخرَنَّ بألقابٍ تُدِلُّ بها / فإنّ ذلك لم يُكسبْكَ تَفْخيما
شرَيْتَهنّ فما كانتْ مباركةً / بمالِ كلِّ يتيمٍ ظلَّ مَظْلوما
وإنّما سَخِرَ الكُتّابُ منك بها / وألّفوا لك ألقاباً مَياسيما
قُمْ فاحذِفِ الفاءَ من فَخْرٍ ومن شَرَفٍ / وخُذْ عماداً واجعلْ عَيْنَها جِيما