إِلامَ أَكتُمُ فَضلاً لَيسَ يَنكَتِمُ
إِلامَ أَكتُمُ فَضلاً لَيسَ يَنكَتِمُ / وَكَم أَذودُ القَوافي وَهِيَ تَزدَحِمُ
وَكَم أُداري اللَيالي وَهِيَ عاتِبَةٌ / وَكَم تُعَبِّسُ أَيّامي وَأَبتَسِمُ
ما لِلحَوادِثِ تُصميني بِأَسهُمِها / رَمياً وَلَكِنَّها تُصمي وَلا تَصِمُ
شَيَّبنَ فَودي وَإِن راقَتكَ صَبغَتُهُ / إِنَّ الشَبيبَةَ في غَيرِ العُلى هَرَمُ
لِكُلِّ يَومٍ خَليلٌ لا أُفارِقُهُ / وَعَزمَةٌ مِن حَبيبٍ دارُهُ أَمَمُ
يا قَلبُ ما لَكَ لا تَسلو الغَرامَ وَلا / يُنسيكَ عَهدَ الهَوى بُعدٌ وَلا قِدَمُ
قَد كُنتَ تَبكي وَشَعبُ الحَيِّ مُنصِدَعٌ / فيمَ البُكاءُ وَهَذا الشَعبُ مُلتَئِمُ
وَحُلوَةِ الريقِ ما زالَت تُجِنِّبُني / عَن رَشفِهِ وَشِفائي ماؤُهُ الشَبِمُ
وَلَّت تُشيرُ بِأَطرافٍ مُخَضَّبَةٍ / يَظُنُّ مَن فَتَنَتهُ أَنَّها عَنَمُ
تَروقُهُ وَهُوَ لا يَدري لِشَقوَتِهِ / أَنَّ الخَضابَ عَلى ذاكَ الَبَنانِ دَمُ
ضَنَّت عَلَيَّ بِزورٍ مِن مَواعِدِها / فَجادَ مِن غَيرِ ميعادٍ بِها الحُلمُ
فَبِتُّ أَشكو رَسيسَ الشَوقِ تُظهِرُني ال / شَكوى وَيَستُرُني عَن طَيفِها السَقَمُ
فَنِلتُ مِن وَصلِها ما كُنتُ آمُلُهُ / بَعِدتَ مِن زَمَنٍ لَذّاتُهُ حُلُمُ
يا طالِبَ الجودِ يَشكو بُعدَ مَطلِبِهِ / وَتَشتَكيهِ سُراها الأَينُقُ الرُسُمُ
عُج بِالمَطِيِّ عَلى الزَوراءِ تَلقَ بِها / مُبارَكَ الوَجهِ في عِرنينِهِ شَمَمُ
مُؤَيَّدَ العَزمِ مِن آلِ المُظَفَّرِ مَح / مودُ الخَلائِقِ تُرعى عِندَهُ الذِمَمُ
رَحبُ الذِراعِ طَويلُ الباعِ لا حَرِجٌ / يَوماً إِذا سُئِلَ الجَدوى وَلا سَئِمُ
بِكُلِّ حَيٍّ لَهُ آثارُ مَكرُمَةٍ / وَكُلُّ أَرضٍ بِها مِن جودِهِ عَلَمُ
تُصمي قُلوبَ العِدى بِالرُعبِ سَطوَتُهُ / وَتَقشَعِرُّ إِذا سُمّي لَها الصِمَمُ
ما ضي العَزيمَةِ لا تَثنيهِ عَن أَرَبٍ / سُمرُ العَوالي وَلا الهِندِيَّةِ الحُذُمُ
يُستَلُّ مِن عَزمِهِ في الرَوعِ ذو شُطَبٍ / ماضي الغِرارَينِ لا نابٍ وَلا فَصِمُ
إِذا عَصَتهُ قُلوبُ الناكِثينَ أَطا / عَت سَيفَهُ مِنهُمُ الأَعناقُ وَاللِمَمُ
أَمسى يُحَمِّلُ عِزُّ الدينِ هِمَّتَهُ / عِبئاً إِذا حَمَلَتهُ تَظلَعُ الهِمَمُ
لا تَستَميلُ هَواهُ الغانِياتُ وَلا / تَشغَلُ هِمَّتَهُ الأَوتارُ وَالنَغَمُ
ما رَوضَةٌ أُنُفٌ بِكرٌ بِمَحنِيَةٍ / نَدٍ ثَراها بِجودِ نَبتِها سِنَمُ
خَطَّ الرَبيعُ لَها مِن نورِ بَهجَتِهِ / رَقماً وَحَطَّت بِها أَثقالَها الديمُ
تُضحي ثُغورُ الأَقاحي في جَوانِبِها / ضَواحِكاً وَدُموعُ المُزنِ تَنسَجِمُ
يَوماً بِأَطيَبَ نَشراً مِن خَلائِقِهِ ا / لحُسنى وَأَحسَنَ مِنهُ حينَ يَبتَسِمُ
يَكادُ يَقطُرُ مِن نادي أَسِرَّتِهِ / ماءُ الحَياةِ وَمِن أَعطافِهِ الكَرَمُ
بَني الرَقيلِ لَكُم في كُلِّ مَكرُمَةٍ / يَدٌ وَفي كُلِّ مَجدٍ باذِخٍ قَدَمُ
عَصائِبُ المُلكِ مِن كِسرى وَخاتِمُهُ / لَكُم وَتيجانُهُ وَالسَيفُ وَالقَلَمُ
حَلَلتُ فيكُم بِآمالي عَلى ثِقَةٍ / بِالنُجحِ لَمّا بَلَوتُ الناسَ كُلَّهُمُ
وَكَم بُليتُ بِأَغمارٍ وُجودُهُم / لَمّا بَلَوتُهُم سِيّانِ وَالعَدَمُ
تَأبى عَلَيَّ القَوافي إِن أَرَدتُ لَهُم / مَدحاً وَتَنقادُ لي فيكُم وَتَنتَظِمُ
أَبا الفُتوحِ اِجتَلِ البِكرَ العَقيلَةَ لَم / يُفتَح بِمِثلٍ لَها عِندَ المُلوكِ فَمُ
لَيسَت كِفاءً لِما تولي يَداكَ عَلى / أَنَّ الخَواطِرَ في أَمثالِها عُقُمُ
وَكَيفَ يَبلُغُ فيكَ المَدحُ غايَتَهُ / ما دونَ ما رُمتُ مِنهُ تَنفَدُ الكَلِمُ
أَم كَيفَ أَشكُرُ ما أَولَيتَ مِن نِعَمٍ / قُبولُ شُكري عَلى إِسدائِها نِعَمُ
ما لي ظَمِئتُ وَهَذا البَحرُ مُعتَرِضاً / دوني وَتَيّارُهُ بِالمَوجِ يَلتَطِمُ
تُذادُ عَنهُ السَراحيبُ الجِيادُ وَتَغ / شاهُ فَتَنهَلُ مِنهُ الشاءُ وَالنَعَمُ
يا مَن لَنا عارِضٌ مِن جودِهِ هَيِنٌ / مُجَلجِلٌ بِالعَطايا صَيِّبٌ رَذِمُ
أَما لِأَرضٍ غَدَت حَصباءَ مُجدِبَةً / سِحابَةٌ ثَرَّةٌ أَو مَطرَةٌ شَبِمُ
لَقَد رَعَيتُ المُنى دَهراً وَمَربَعُها / كَما عَلِمتُ وَبيلٌ رَعيُهُ وَخِمُ
فَإِن ظَفِرتُ فَعُقبى الصَبرِ صالِحَةٌ / أَو أَخفَقَ السَعيُ قُلتُ الرِزقُ مُقتَسَمُ