المجموع : 18
وَلُوا فَلمّا رَجَوْنَا عدلَهم ظَلمُوا
وَلُوا فَلمّا رَجَوْنَا عدلَهم ظَلمُوا / فَليتَهُم حَكَمُوا فينا بما عَلِمُوا
ما مَرَّ يوماً بفكرِي ما يَرِيبهُمُ / ولا سَعَتْ بي إلى ما سَاءَهُم قَدمُ
ولا أَضعتُ لَهُم عهداً ولا اطَّلَعتْ / على وَدَائِعِهم في صَدْرِيَ التُّهَمُ
فليتَ شعري بما استوجبتُ هَجرَهُمُ / ملّوا فصدَّهُمُ عن وصْليَ السّأَمُ
حَفِظتُ ما ضيَّعوا أَغضْيتُ حينَ جَنَوْا / وفَيْتُ إذ غدَروا واصلتُ إذ صَرَمُوا
حُرِمتُ ما كنتُ أرجو من وِدَادِهِمُ / ما الرّزقُ إلاّ الّذِي تَجري بِهِ القِسَمُ
مَحاسِني منذُ مَلّونِي بأعيُنهِم / قَذىً وذِكريَ في آذانهمْ صَمَمُ
وبعدُ لو قيلَ لي ماذَا تُحبُّ ومَا / مُناكَ من زِينةِ الدّنيا لقلتُ هُمُ
همُ مجالُ الكَرى من مُقلَتَيَّ ومِن / قَلبي مَحلُّ المُنى جارُوا أَوِ اجْتَرَمُوا
تبدّلُوا بي ولا أَبْغِي بهم بَدَلاً / حسبي هُمُ أَنصفُوا في الحكْمِ أو ظَلَمُوا
يا نَاسياً عِشرةَ التّصافي
يا نَاسياً عِشرةَ التّصافي / وخَافِراً حُرمةَ الذّمَامِ
إلامَ أَغتَرُّ بالأَمَانِي / فِيكَ كمُستَمْطِرِ الجَهَامِ
كأَنّنِي في الذي أُرَجّي / بُلوغَهُ مِنكَ في المنَامِ
وطالبُ الوصلِ من مَلُولٍ / كَطالِب الماءِ في الضِّرامِ
يَريبُني ما أرى منكُم ويَعطِفُني
يَريبُني ما أرى منكُم ويَعطِفُني / إلى هواكُم وفاءٌ لستُ أسأَمُهُ
كأَنّنِي أمُّ بَوٍّ تَستريبُ بما / تَراهُ منْهُ ولا تَنفكُّ تَرأَمُهُ
أَجبْ دواعِي الهَوى بالأدمُعِ السُّجُمِ
أَجبْ دواعِي الهَوى بالأدمُعِ السُّجُمِ / وَبحُ فما الحبُّ في حالٍ بمُكْتَتَمِ
أسَمَعتَ يَا داعِيَ الأشواقِ ذَا كَلَفٍ / نَائي المَحلِّ وإن لم تدْعُ من أَمَمِ
للهِ أنتَ فما أعْراكَ من مَلَلٍ / يُنسِي العهودَ وما أَرعاكَ للذِّمَمِ
وقُل لِمَن لاَمَ ما السُّلوانُ من خُلُقِي / ولا مُلاءَمةُ اللوّامِ من شِيَمِي
أهَوى بلا مَلَلٍ يُسلى ولا طَمَعٍ / يُملى ولا ريبةٍ تُزري بذي كَرَمِ
فما وَفائِي برثِّ العَهدِ منتَكِثٍ / ولا هَوايَ بواهِي العَقْدِ مُنْصرِمِ
يَزيدُهُ كرَماً مرُّ السنينَ كَمَا / زادَ المُدامةَ إشراقاً مَدى القِدَمِ
قُل للّذينَ نأوْا والقلبُ دارُهُمُ
قُل للّذينَ نأوْا والقلبُ دارُهُمُ / وِجدَانُنا كُلّ شَيءٍ بَعدَكُم عَدَمُ
جَهلتُ أُنْسِي بكُم والدارُ دَانيةٌ / حتّى إذا نَزَحَتْ أدْمَى يدِي النّدَمُ
وكيفَ أشكرُ مَن أسدَى إليّ يداً
وكيفَ أشكرُ مَن أسدَى إليّ يداً / سرَتْ سُرَى الطّيفِ من مصرٍ إلى الشّامِ
رأى مكانِي علَى بُعدِي وقد عَشِيَتْ / عنّي عيونُ أخِلاَّئِي وأيَّامِي
مُحافِظاً لعُهودي حين أفردَنِي / ظِلّي وأعرَضَ عنّي طيفُ أحلاَمي
قَصّرْتَُ في خِدَمي تقصيرَ مُعترفٍ
قَصّرْتَُ في خِدَمي تقصيرَ مُعترفٍ / وما كذَا يَفعلُ الإِخوانُ والخَدمُ
حتّى تعصفَرَ لونُ الطِّرسِ من وجَلٍ / فإن صفحتَ جرَى في وجنَتَيْهِ دَمُ
ولو تجافتْ ليَ الأيّامُ عن وطَرِي / لنابَ عن قَلَمِي في سَعيِهِ القَدَمُ
وبعد عُذري فقد أقرحتُ من أسَفٍ / جفْني وأدمَى بنائي بعدكَ النّدمُ
أطعتُ حُكم الليالِي في فراقِيَ مَن / وِجدانُنا كُلَّ شيءٍ بعدَه عدَمُ
لِمْ لاَ تَصامَمتْ عن داعِي الفِراقِ ومَا / بَالِي صَلِيتُ لَظَاهُ وهو يَحتدِمُ
فإن تُقِلنِي اللّيالِي عَثْرتِي وأفُز / بالقُربِ منكَ فميعادُ اللّقا الرّدَمُ
يا راكباً تقطُع البيداءَ همّتُه
يا راكباً تقطُع البيداءَ همّتُه / والعِيسُ تعجِزُ عما تُدرِك الهِمَمُ
بلِّغ أميرِي مُعينَ الدّين مألُكَةً / مِن نازحِ الدّارِ لكن وُدُّه أَمَمُ
وقل له أنت خيرُ التّركِ فضَّلكَ ال / حياءُ والدّينُ والإِقدامُ والكرمُ
وأنت أعدلُ من يُشكَى إليه ولِي / شَكِيّةٌ أنت فيها الخَصم والحكمُ
هل في القضيّة يا من فضلُ دولتِه / وعدلُ سِيرتِه بين الورَى عَلَمُ
تَضييعُ واجبِ حقّي بعد ما شَهِدَتْ / به النّصيحةُ والإخلاصُ والخِدَمُ
وما ظننتُكَ تَنسى حقَّ معرفتِي / إنّ المعارفَ في أهلِ النُّهى ذِمَمُ
ولا اعتقدتُ الذي بيني وبينَك مِن / وُدٍّ وإنْ أجلبَ الأعداءُ ينصرِمُ
لكن ثِقاتُك ما زالوا بِغِشِّهِمُ / حتى استوتْ عندَكَ الأنوارُ والظُّلَمُ
باعُوكَ بالبَخِس يبغُون الغِنَى ولهُم / لو أنّهم عَدِمُوك الويلُ والعدَمُ
واللهِ ما نَصَحُوا لمَّا استَشرتَهُمُ / وكُلُّهم ذُو هوىً في الرّأْيِ مُتَّهَمُ
كم حرَّفُوا من مقالٍ في سِفَارَتهم / وكم سَعَوْا بفسادٍ ضَلَّ سعيَهمُ
أينَ الحميّةُ والنّفسُ الأبيّةُ إذ / سامُوك خُطّةَ خسْفٍ عارُها يَصِمُ
هلاّ أنِفْتَ حياءً أو محَافظَةً / مِن فعلِ ما أنكرَتْهُ العُرْبُ والعَجَمُ
أسلمتَنَا وسيوفُ الهندِ مُغمدةٌ / ولم يُروِّ سِنانَ السمهرِيِّ دَمُ
وكنتُ أحسَبُ مَن والاَك في حَرَمٍ / لا يَعترِيه به شيبٌ ولا هَرَمُ
وأنَّ جارَك جارٌ للسِّمَوءَلِ لا / يَخشَى الأعادِي ولا تَغتالُه النِّقَمُ
وما طُمانُ بأولى من أُسَامَةَ بال / وفاءِ لكنْ جرى بالكائِن القَلمُ
هَبنا جَنَيْنا ذُنوباً لا يُكَفِّرُها / عُذرٌ فماذَا جَنى الأطفالُ والحُرُمُ
ألقيتَهُم في يَد الإفرِنج مُتَّبِعاً / رِضَا عِدىً يُسخِطُ الرحمنَ فِعلُهُمُ
هُمُ الأعادي وقَاكَ اللُهُ شَرَهُمُ / وهُم بِزعْمهِمُ الأعوانُ والخدَمُ
إذا نهضْتَ إلى مجدٍ تؤثِّلُه / تقاعَدُوا فإذا شيَّدْتَهُ هَدَمُوا
وإن عَرَتْكَ من الأيامِ نائبةٌ / فكلّهمْ للّذي يُبكِيكَ مُبْتَسِمُ
حتّى إذا ما انجلَتْ عنهم غَيابَتُها / بحدِّ عزمِكَ وهو الصّارِمُ الخَذِمُ
رشَفْتَ آجِنَ عيشٍ كلُّه كَدَرٌ / ووِردُهم من نَداك السَلسلُ الشّبِمُ
وإن أتاهُم بقولٍ عنك مُختَلَقٍ / واشٍ فذاكَ الذي يُحْبَى ويُحتَرمُ
وكلُّ من مِلْتَ عنهُ قرّبُوه ومَن / والاَكَ فهو الذي يُقْصَى ويُهْتَضَمُ
بغياً وكفراً لِمَا أوليتَ من منَنٍ / ومرتَعُ البغِي لولا جهلُهم وَخِمُ
جرِّبْهمُ مِثلَ تَجريبِي لِتَخبرُهُم / فللرّجالِ إذا ما جُرِّبُوا قِيَمُ
هل فيهِمُ رجلٌ يُغني غَنَاي إذَا / جَلاَ الحوادثَ حدُّ السّيفِ والقَلَمُ
أم فيهمُ مَن له في الخطْبِ ضَاقَ به / ذَرعُ الرجالِ يَدٌ يَسطو بها وفَمُ
لكنَّ رأيَكَ أدنَاهُم وأبْعَدَني / فليتَ أنَّا بِقَدْرِ الحبِّ نَقْتَسِمُ
وما سَخِطتُ بِعادِي إذ رضِيتَ به / وما لِجُرحٍ إذا أرضاكُمُ أَلَمُ
ولست آسَى على التَّرحالِ عن بلَدٍ / شُهْبُ البزاةِ سواءٌ فيه والرِّخَمُ
تعلّقَتْ بحبالِ الشمسِ منه يَدِي / ثمّ انثَنَت وهي صِفرٌ ملؤُها ندَمُ
لكنْ فراقُكَ آسانِي وآسَفَنِي / ففي الجوانحِ نارٌ منه تَضطرمُ
فاسْلم فما عشتَ لِي فالدهرُ طوعُ يدي / وكلُّ ما نالنِي من بؤسه نِعَمُ
يا ناصرَ الدّينِ يا بنَ الأكرمين ومَن
يا ناصرَ الدّينِ يا بنَ الأكرمين ومَن / يُغني نَدَى كفّه عن وابِل الدّيَمِ
ومَن حوَى السّبْقَ في فضلٍ وفي ورَعٍ / وفي عفافٍ وفي دينٍ وفي كَرَمِ
أنت العَيِيُّ على مَا فيكَ من لَسَنٍ / عَن لاَ وأفصحُ خلقِ اللهِ في نَعَمِ
تُولي الجميلَ بِلا مَنٍّ تكدِّرُهُ / لا كدَّرَ اللهُ ما أولاكَ من نِعَمِ
هذا ابنُ عمِّكَ في أسرِ الفِرَنجِ له / حولٌ تجرَّم في الأغْلاَلِ والظُّلَمِ
يدعُوكَ لا بل أنا الدّاعِي نداكَ له / يا خيرَ من عَلِقَتْهُ كفُّ معتصمِ
وأنت أكرمُ مَن تَثْنَيه عاطفةُ ال / قُربَى ويرجوه للجُلَّى ذُوَو الرَّحِمِ
ومَن تكنْ أنتَ مولاهُ وناصرَهُ / فكيف تسطو عليه كفُّ مهتضِمِ
لا تُحْوِجَنِّي إلى منِّ الرجال فما / حمْلُ الأيادِي وإن أعسرْتُ من شِيمِي
ولا تظنَّنِي أدعو سِواك ولا / يفوهُ مجتدِياً إلا إليكَ فَمِي
علامَ أرتشفُ الرّنْقَ الأُجَاجَ وقد / رَوَّيتَ كلَّ صدٍ من بحرِك الشَّبِمِ
أنا ابنُ عمِّكَ فاجعلني بفكِّ أخي / من أسرِه لك عبداً ما مشتْ قَدَمِي
فمِلكُ مثليَ لا يغلُو بما بَذَلَ ال / مبتاعُ فيه ولا يُستام بالقِيَمِ
لَوِ استطعتُ ولو مُلِّكْتُ أمرِيَ في
لَوِ استطعتُ ولو مُلِّكْتُ أمرِيَ في / قضاءِ فرضِكَ عما فَاتَ من خِدَمِي
مشَيْتُ أحملُ أثقالَ الثّناءِ إلى / جنابِك الخَضِلِ الأكنافِ كالقَلَمِ
خُلْقٌ تحلّى به سَلمانُ بينِك من / أخلاقِكَ الغُرِّ يا ذا البأسِ والنِّعَمِ
مَولَى عُلاكَ وكم قد عَاد شائِهُهُ / بيأسِه من ملوكِ العُرْبِ والعَجَمِ
يُقرُّ بالمُلْكِ للمَلْكِ الذي نَشَر الرْ / رَحمنُ أيّامَه ظِلاًّ على الأُمَمِ
للصّالِحِ الملِكِ الميمونِ طائرُهُ / بِجِيدِهِ طوقُ مَنٍّ غيرُ منفَصِمِ
حمَى ذَوِيه وكم من بَاسطٍ ليدٍ / لولا حماهُ وكم من فاغِرٍ لِفَمِ
وذادَ عنهُم صروفَ الدّهرِ إذ كَلِبَت / عليهِمُ وهُمُ لحمٌ على وَضَمِ
ونالَهم من تَوالِي سُحْبِ نائِلهِ / ما نال نبتَ الثّرَى من وابِلِ الدِّيَمِ
يا حاسدِيهِ اكظِمُوا جِرَّاتِكم فأنا النْ / نَذيرُ مِن أخذِه إن همَّ بالكَظَمِ
إياكُمُ عَثراتِ البغيِ إنَّ لِمن / يبغيهِ يوماً يُواري الشّمسَ بالظُّلَمِ
حَذَارِ من مصرَعِ الباغِينَ قبلكُمُ / فالسّيفُ منصلِتٌ في كفِّ مُصْطَلِمِ
وفِي تَميمٍ ومَن والاه موعظةٌ / إنذارُها يُسمع الأمواتَ في الرَّجَمِ
توهّموا أنَّ ضَارِي الأُسْدِ يَنفِرُ عن / عَرينِه لحشُودِ البُومِ والرَّخَمِ
وما دَرَوْا أنّه في جَحفَلٍ لَجِبٍ / من بأسِه غيرُ هيّابٍ ولا بَرِمِ
مُغامِرٌ ترهبُ الآجالُ سطوتَه / وتَفرَق الأسدُ منه في حِمَى الأجَمِ
يستقبلُ الحربَ بسّاماً وقد كشَرتْ / بها المنيَّةُ عن أنيابها الأُرُمِ
يلقَى الأُلوفَ ويَحبُوها ففي يَدِه / من العَطا والسّطا بحرَا ندىً ودَمِ
ما غرَّكُم بصَدوقِ الظَّنِّ يُخبرُهُ الرْ / رَأْيُ الصحيحُ بما في الصدْرِ من سَقَمِ
يرى الضّغائِنَ في قلبِ الحسودِ له / تدبُّ مثلَ دبيبِ النَّارِ في الفَحَمِ
فإن سطَا عن يقينٍ أو عفا كَرَماً / فإنّه خيرُ ذي عَفوٍ ومنتقِمِ
أدناكُمُ فاعتليتُم عن ذَوي رَحِمٍ / وحاطكُم فاغتديتم منه في حَرَمِ
وعمَّكم سيبُ جودٍ منهُ نبَّهَ ذا ال / خُمولِ منكم وأغنَى كلّ ذِي عُدُمِ
كم غُمَّةٍ كشَفَتْ عنكم صوارمُه / ولم يزل كاشفَ اللأْواءِ والغُمَمِ
لولاه لا زالَ عنكُم ظلُّه أبداً / علمتُمُ كيف تأتي فجأةُ النِّقَمِ
إن رابهُ منكُمُ أمرٌ فلا وَزَرٌ / لكُم ولا عاصِمٌ من سيلِهِ العَرِمِ
يا مالكاً مالكاً رِقِّي بأنعُمِهِ / ومِلْكُ مثلِيَ لا يُبتاعُ بِالقِيَمِ
ما الشكرُ كُفءٌ لِمَا أوليتَ مِن مِنَنٍ / وإن تسهَّلَ لي مستوعِرُ الكَلِمِ
وإن أكُنْ كزُهيرٍ في الثّناء فقَد / علوتَ مجداً وجُوداً عن مدَى هَرِمِ
وإن تكُن مِدَحِي وقفاً عليكَ فلا / تظنَّ أنَّ ثَنائي منتهَى هِمَمِي
ففي يمينِك منّي صارمٌ خَذِمٌ / يَفْرِي إذا كَلَّ حدُّ الصَّارمِ الخَذِمِ
في حدِّه حتفُ من ناوَاكَ وهْو لِمَن / والاَك مُنبجسٌ بالبارِدِ الشَّبِمِ
فمُرْ بما شئتَ ألقَى الأمرَ ممتثلاً / بِهمَّةٍ ما اعترتها فَترةُ الهِمَمِ
مجرّباً طاعتِي تجريبَ مُختبِرٍ / إنّ التّجاربَ تجلو شُبهةَ التُّهَمِ
فبذلُ نفسِيَ عندِي في رضاكَ فلا / حُرِمتُهُ بعضُ ما أنويه من خِدَمِي
وحَقَّ ذاكَ لِمَن أنشَرْتَ أسرَتَه / من بعدِ ما عدّهُم من نَاخِر الرَّمَمِ
صرفتَ صَرفَ اللّيالِي دون غَشْمِهِمُ / وكفّ بأسُك عنهم كفّ مُهتَضِمِ
وأوصلْتُهم صلاتٌ من نَداك إلى / أرضِ الشّآمِ لقد أغربْتَ في الكَرَمِ
وما الذي نِلُت من نعمَاكَ غايةُ آ / مالي ولا منتَهى حظّي ولا قِسَمِي
نيلُ العُلا دونَ ما أرجوهُ مِنك كما / أنّ الغِنَى دون ما تحبوهُ من نِعَمِ
شرّفتَنِي فاعتلَى قدري وأصحَبَ لي / دَهري وأصبحَ فيما رُمتُ من خَدَمِي
وطُلْتُ عَمّن يُسامِيني ففخرُهُم / أن يبلغوا إن سمَتْ هِمَّاتُهم قَدَمي
للهِ درُّ طُروسٍ ضُمِّنتْ دُرَراً / أكْرِمْ بمنتثرٍ منها ومُنتظِمِ
أضحت على مَفرِقي تاجاً وفي عُنُقِي
أضحت على مَفرِقي تاجاً وفي عُنُقِي / تميمةً من عَوادِي الخطْبِ والعُدُمِ
لفظٌ أرقُّ من الشكوى وألطفُ مِلْ / عُتبى وأشْهى من الإِبلال في الأَلَمِ
جرت لطافَتُهُ من قلبِ سامِعهِ / مجرَى الهَوى من فُؤادِ المغرَمِ السَّدِمِ
فصاحةٌ أسمعَتْ مَن كانَ ذا صَمَمٍ / وحُسنُ معنىً أفاد الفَهمَ ذا اللَّمَمِ
ووشيُ خَطٍ حكى زهرَ الربيع سَرَتْ / أكمامُه عن بديعِ الفضلِ والحِكَمِ
لو كان حالِكُه لونَ الشّبابِ لَمَا / حالَت نَضارَتُه بالشَّيبِ والهَرَمِ
يزيدُ سامِعَها تكرارُها شغَفاً / بها وكم جَلَبَ التّكريرُ من سَأَمِ
يا مُوجدَ الفضلِ والإفضالِ إذ عُدِمَا / حتى لقد أصبحَا نارين في عَلَمِ
مملوكُكَ الأصغرُ القِنُّ المبالِغُ في ال / إخلاصِ والسّيرُ مقدودٌ من الأَدَمِ
لو نَال ما يتَمنى مِن مشيئتِه / مشَى إليك خُضوعاً مِشيةَ القَلمِ
سلوْتُ عن كلِّ حالٍ كنتُ ذا شَغفٍ
سلوْتُ عن كلِّ حالٍ كنتُ ذا شَغفٍ / بها ولم أسلُ في حالٍ عن الكَرَمِ
ما غالَ دهريَ وفْرِي في تقلُّبِهِ / إلاّ جعلتُ النَّدى سِتْراً على العَدَمِ
ماذا الوُقوفُ على دارٍ بِذي سَلَمَ
ماذا الوُقوفُ على دارٍ بِذي سَلَمَ / عجماءَ أو قد عَراها عارِضُ البَكَمِ
أحالَها الدهرُ عمّا كنتَ تَعهَدُهُ / وغالَ مستوطِنيها غائلُ الأُممِ
حتى لقد أظلمَتْ من بَعدِهم ولقد / غَنوا بها وهمُ الأقمارُ في الظُّلَمِ
بَلُوا كما بَلِيَتْ آثارُهم ولَكَم / أبْلى دياراً وأهلاً سالِفُ القِدَمِ
أملى الزَّمانُ لهم حيناً وغرَّهُمُ / ما خُوَّلوهُ من الدّنيا فلم يَدُمِ
مضَوْا وما استصحبُوا مالاً ولا نِعَماً / ونوقِشوا عن حساب المالِ والنِّعَمِ
لم يحْصُلوا حين وافاهُم حِمامُهُمُ / مِن كلِّ ما حَصَّلوا إلاّ عَلى النَّدَمِ
وصبوةُ النَّاسِ بِالدّنيا وشُغلهم / عمَّا سيَبقى بِما يَفنى من اللَّمَمِ
يا عاتبين عتاب المستريب لنا
يا عاتبين عتاب المستريب لنا / لا تسمعوا في الهوى ما تدعي التهم
من لي بأن بسيط الأرض دونكم / طرس وأني في أرجائه قلم
نسعى إليكم على رأسي ويمنعني / إجلالي الحب أن يسعى بي القدم
يا دار أنت التي كان الجميع بها
يا دار أنت التي كان الجميع بها / وكان في ربعك الولدان والحشم
وكنت للضيف والعافين مرتبعا / يقتادهم نحوك الأكرام والكرم
أصبحت قفرا وأضحى أهلك افترقوا / أيدي سبا وانثنت عن قصدك الهمم
ما أعجب الدهر عيش الناس أجمعهم / إن سرهم صرفه أو ساءهم حلم
الناصر الملك الموفى بذمته
الناصر الملك الموفى بذمته / ومن ندى كفه يغني عن الديم
ومن إذا جرد البيض الصوارم في ال / هيجاء أغمدها في البيض والقمم
ومن حوى الملك من بعد الطماعة في ان / تزاعه بشبا الهندية الخدم
ورد طاغية الإفرنج يحسب ما / رجاه من ملك مصر كان في الحلم
ولى وراحته صفر وقد ملئت / بعد الطماعة من يأس ومن ندم
يصعدون على ما فاتهم نفسا / لو لافح البحر أضحى الموج كالحمم
وفي السلامة لولا جهلهم ظفر / لمن أراد نزال الأسد في الأجم
وهم أسود الشرى لكن أذلهم / ملك لديه الأسود الغلب كالغنم
أبا الفوارس إن أنكرت قبض يدي
أبا الفوارس إن أنكرت قبض يدي / من بعد بسطتها بالجود والكرم
فالذنب للموت أرجاني إلى زمن / غلت أكف الندى بؤساه بالعدم
يا منزلا كان فيه العز مقترنا
يا منزلا كان فيه العز مقترنا / بالسيف والمال مقرونا إلى الكرم
من خاف جورا وعدما ثم لاذ به / لاقى الأمانين من جور ومن عدم
أفنت حماتك أحداث الزمان فيا / لله من فتكها بالأسد في الأجم
أعيت مناواتهم غلب الملوك إلى / أن جاءهم قدر قد خط بالقلم
فأصبحوا لا ترى إلا مساكنهم / كأن ما خولوه كان في الحلم
ولم تدع منهم إلا حديثهم / كما تحدث عن عاد وعن إرم
فيا لقلبي لأحزان أكاتمها / عليهم ولدمع غير مكتتم