المجموع : 3
عبسنَ مِن شَعَرٍ في الرأس مُبتَسِمِ
عبسنَ مِن شَعَرٍ في الرأس مُبتَسِمِ / ما نَفرَّ البيضَ مثل البيضِ في اللِمَمِ
ظَنَّت شَبيبته تَبقى وَما علمت / أَنَّ الشَبيبة مرقاةٌ إِلى الهَرَمِ
ما شابَ عَزمي وَلا حَزَمي وَلا خُلقي / وَلا وَفائي وَلا ديني وَلا كَرَمي
وَإِنَّما اِعتاضَ رأسي غَيرَ صِبغَتِهِ / وَالشَيبُ في الرأسِ دونَ الشيب في الشيمِ
بِالنَفس قائِلَةٌ في يَوم رِحلَتنا / هَواكَ عِندي فَسِر إِن شئتَ أَو أَقِمِ
فَبُحتُ وَجداً فَلامتني فقلن لَها / لا تَعذُليهِ فَلَم يلؤم وَلَم يَلَمِ
لَمّا صَفا قلبه شَفَّت سَرائره / وَالشَيء في كل صافٍ غير مُكتتمِ
بعض التَفرق أَدنى للقاء وَكَم / لاءَمت شملاً بِشَملٍ غَير مُلتَئِمِ
كَيفَ المُقام بِأَرض لا يَخاف بِها / وَلا يُرَجّى شَبا رُمحي وَلا قَلَمي
فَقَبَّلَتنيَ تَوديعاً فَقُلتُ لَها / كُفّي فَلَيسَ اِرتِشاف الخَمرِ مِن شِيَمي
لَو لَم يَكُن ريقها خَمراً لَما نَطَقَت / بِلؤلؤٍ من حُباب الثَغر مُنتظِمِ
وَلَو تَيَقَّنتُ غير الراح في فَمِها / ما كُنتُ مِمَّن يَصُدُّ اللَثم بِاللَتمِ
وَزادَ رِيقتها بَرداً تحدُّرها / عَلى حَصى بَرَدٍ من ثَغرِها شَبِمِ
إِنّي لأَصرف طَرفي عَن مَحاسِنِها / تَكَرُّماً وَأَكُفُّ الكَفَّ عَن أَمَمِ
وَلا أَهُمُّ وَلي نَفسٌ تُنازِعُني / أَستَغفِر اللَهَ إِلّا ساعَةَ الحُلُمِ
لا أَكفُرُ الطَيف نُعمى اِنشرَت رَمَماً / مِنا كَما تَفعَل الأَرواح بِالرِمَمِ
حَيّا فَأَحيا وَأَغنَتنا زِيارَته / عن اِعتِساف الفلا بالأَنيق الرُسمِ
وَصلُ الخيال وَوصل الخود إن بخلت / سَيّا م أَشبه الوِجدانَ بِالعَدَمِ
فَالدَهر كَالطَيف يؤساهُ وَأنعمه / عَن غير قَصدٍ فَلا تَمدح وَلا تَلُمِ
لا تَحمَد الدَهر في بأساء يَكشفها / فَلو أَردت دوام البؤس لَم يَدُمِ
خالِف هَواك فَلَولا أَنَّ أَهوَنَهُ / شَجوٌ لَمّا اِقتُنِصَ العقبان بِالرَخمِ
تَرجو الشِفاءَ بِجفنيها وَسُقمِهِما / وَهَل رأَيت شفاء جاء من سَقَمِ
وَتَدَّعي بِصَبا نجد فَإِن خطرت / كانَت جوىً لك دونَ الناس كلِّهِمِ
وَكَيفَ تَطفي صَبا نَجدٍ صَبابته / وَالريحُ زائِدَة في كُلِّ مضطَرِمِ
أَصبو وَأَصحو وَلَم يُكلَمِ بِبائِقَةٍ / عِرضي كَما تُكَلَمُ الأَعراض بِالكَلَمِ
وَلا أحبُّ ثَناء لا يُصَدِّقه / فِعلي وَلا أَرتَضي في المَجدِ بِالتُهَمِ
لا تَحسَبَن حَسَبَ الآباءِ مَكرُمَة / لِمَن يقصِّر عَن غايات مجدهم
حُسنُ الرِجالِ بِحُسناهُم وَفخرهم / بِطولِهِم في المَعالي لا بِطولِهِم
ما اِغتابَني حاسِدٌ إِلّا شَرفتُ بِهِ / فَحاسِدي منعم في زيِّ مُنتَقِمِ
فاللَه يَكلأ حُسّادي فانعُمهم / عِندي وَإِن وقعت عن غير قَصدِهِم
يُنَبِّهونَ عَلى فَضلي إِذا كُتَبت / صَحيفَتي في المَعالي عنونت بِهِمِ
يا طالِبَ المَجدِ في الآفاقِ مُجتَهِداً / وَالمَجدُ أَقرَب من ساقٍ إِلى قَدَمِ
قل نصر دولة دين اللَهِ لي أَمَلٌ / قَولاً وَقَد نِلتَ أَقصى غاية الهِمَمِ
كَم حِدتُ عَنهُ فَنادتني فَضائِلُهُ / يا خاتِمَ الأَدَبِ امدَح خاتِم الكَرَمِ
وَقادَني نَحوه التَوفيقُ ثُمَّ دَعا / هَذا الطَريق إِلى العَلياء فاِستَقِمِ
وَقَصره عَرَفات العُرف فاِغنَ بِهِ / وكفُّه كعبة الأَفضالِ فاِستَلَمِ
تَرى المُلوك عَلى أَبوابه عُصُباً / وَفداً فَدَع غيرهم من سائِر الأُمَمِ
يَحُفُّه كل مَحفوفٍ مَواكِبُهُ / عِزّاً وَيخدمه ذو الجند وَالخَدَمِ
تَظَلُّ مزدحمات في مَواكِبُهُ / تيجان كل مَهيب الناس وَالنقم
تفيّأوا ظل مَلكٍ منه مُحتَشِم / وَرُبَّ مَلِكٍ مُذالٍ غير مُحتَشَمِ
وَالمَلكُ كالغاب منه خدر ذي لِبَدٍ / ومنه مرتَبعٌ لِلشّاء وَالنَعَمِ
هُم أَعظَمُ الناس أَقداراً ومقدرة / لكن أَتى فَضله من فوق فَضلِهِم
إِذا بَدا طبَّق التَقبيل ساحته / فَما عَلى الأَرضِ شِبرٌ غير مُلتَثِمِ
فَساحة الثَغرِ ثغر أَشنَبٍ رَتلٍ / مُفلَّجٌ فَهوَ مَرشوفُ بكل فَمِ
فَلَو تُؤَثِّر في الأَفواهِ أَنمله / وَأَرض موكبه لَم يَخلُ من رَثَمِ
كَأَنَّ أَرضك مَغناطيسُ كل فَمٍ / فَالطَبعُ يَجذِبها بِالطَوعِ وَالرَغمِ
لَمّا علوت غَمرت العالمينَ نَدىً / وَالمزن يَعلو فَيَروي الأَرض بِالديمِ
تَرقا وَما رَقأت نُعماكَ عَن أَحَدٍ / بُورِكتَ بُورِكتَ من عالٍ وَمُنسَجِمِ
مقسَّم في العُلى لِليُمنِ يُمنَته / وَاليُسرِ يسرته وَالكُلُّ لِلكَرَمِ
إِن قالَ لا فَهيَ لاءٌ مُضاعَفة / وَإِن يقل نعماً أَفضَت إِلى نَعَمِ
تَبدو صَرامته في ماء غُرَّتِهِ / وَالماء بعض صِفات الصارِمِ الخذمِ
هوَ الجَريء عَلى مالٍ يَجودُ بِهِ / وَالكُرُّ في الجودِ مثل الكرِّ في البُهَمِ
مُفرَّق الجودِ مَقسوم مواهِبه / في عليةِ الناس وَالأَوساط وَالحَشَمِ
وَالغيثُ إِن جادَ بِالمَعروفِ وَزَّعَه / بَينَ الشَناخيبِ وَالغيطانِ وَالأكمِ
بِهِ إِلى كُلِّ شُربٍ لِلعُلى ظَمأٌ / بَرَح وَمَهما ارتَوى من مائهنَّ ظِمي
وَيَعتَريهِ إِلى بذل اللهى نَهَمٌ / وَالظرف أَجمعه في ذَلِكَ النَهَمِ
إِلَيكَ نَظَّمت أَجوازَ الفَلاة عَلى / خَرقاء تَهوى انقضاض الجارِحِ القرمِ
كَأَنَّما البيد من دامي مَناسِمِها / مَصاحِف كُتِبَت أَعشارُها بِدَمِ
أَخفافُها شاكِلات كل مُشكِلَةٍ / بِحُمرَةٍ معلمات كل منعَجِمِ
وَأَدهَمٌ واضِحُ الأَوضاحِ مُشتَرِك / بَينَ النَهار وَبَينَ اللَيلِ مُنقَسِمِ
للضَوءِ أَرساغه إِلّا حَوافِره / فَأَنَّهُنَ مَع الجِلبابِ لِلظُّلَمِ
مَحلولك علق التَجميل أَكرعه / كَما تَعلَّق بدء النار في الفَحَمِ
جَرى فَجَلّى فَحَيّا الصبح غُرَّته / لَثماً ومسح بِالأَرساغِ وَالخَدَمِ
وَقَبَّل الفَجر كَي يُجزيه قُبلته / فاِرتد بِاللمظ المَشفوعِ بِالرَثمِ
أَضحى بِعَدلِكَ ثغر الثَغر مُبتَسِماً / وَكانَ قَبلُ عَبوساً غير مُبتَسِمِ
ما ينقم الثغر إِلّا أَن مَحَوتَ بِهِ / لَيلاً مِنَ الظُلمِ كانوا منه في ظُلَمِ
عففتَ عنهم فَزادوا عِفَّة وَتُقىً / فَهم من الأَمنِ والإِيمانِ في حرمِ
قَد عَظَّمَ اللَهَ إِملاكاً مَلَكَت بِهِ / بَني عقيل وَما يَحوون مِن نِعَمِ
لَو لَم تَحُزها أَبا نَصرٍ لما وَجدت / كُفؤاً يُشاكل في أَصل وَلا كَرَمِ
لَو تَطلِبَ الشَمسَ غير البَدرِ ما اِتَّصَلَت / بمثله في سَناءِ القَدرِ وَالعِظَمِ
زادَت إِلى عِزِّها غِزّاً به مضرٌ / وَرُبَّما صيدت العَلياء بِالحَرَمِ
خَمسونَ أَلفاً يُغطّي البرَّ جمعَهُم / بِمَوجِ بَحرٍ مِنَ الماذيِّ مُلتَطِمِ
مِن كُلِّ مَن يتلقّى وجه زائِره / بِكَوكَب بِهِلالِ الفِطرِ ملتَثِمِ
مُجرّبون عَلى مخُبورَةٍ غنيت / عَن الأَعِنَّة فاِستَغنوا عَن الحُزَمِ
فالوَحش زادهم وَالمزن ماؤهم / تَحمَّلتهم فَأَغنَتهم عَنِ الأَدمِ
تَصاهل الخيل من تَحتِ الرِماحِ بهم / كَما تَزاءَرُ علبَ الأسد في الأَجمِ
قَوم يَرون اختِصار العُمرِ مكرمة / فَلَيسَ يُفضي بِهِم شَيءٌ إِلى هَرَمِ
وَنَغمةٌ السَيف أَحلى نَغَمة خُلِقَت / إِذا تَرَنَّم بَعض البيض في اللِمَمِ
وَالعَيش في كَفِّ أَفراسِ مُكَلِّمَة / لِمِثلِهِنَّ وَفرسانٍ بِمِثلِهِمِ
إِذِ الأَسِنَّة في الهَيجاء أَلسِنَةٍ / يُعربنَ عَن كُلِّ مِقدامٍ وَمُنهَزِمِ
محمَّرة من دَمِ الأَبطالِ أَنصُلهم / كَأَنَّما نَصَّلوا الأَرماحَ بِالعَنمِ
قَد كُنتُ أَنكُرُ شِعري حينَ حاوله / مِنّي وَحاشاك أَملاك بِلا هِمَمِ
لا يأَلَمونَ لِنَقص اليُخلِ وَهوَ بِهِم / مُبرِّح كَيف لِلأَمواتِ بِالأَلَمِ
يحكيك في الخُلقِ لا في الخُلُقِ أَكثرهم / وَرُبَّما شُبِّهَ الإِنسانُ بِالصَنَمِ
وَلَستُ أَنكُرُ قَدرَ الشِعرِ إِنَّ بِهِ / نَقلُ المآثِر عَن عاد وَعَن إِرمِ
خَيرُ المَناقِبِ ما كانَ البَيانُ لَهُ / سِلكاً وَفًصِّلَ بِالأَمثالِ وَالحِكَمِ
رِث كُلَّ من بَخِلَت كَفّاهُ من مَلِكٍ / فأكثر الناس خَزّانٍ لِغَيرِهِمِ
ذو الجودِ يورث في مَحياهُ أَنعُمَهُ / وَالنِكس يورث بعد الموت وَالعَدَمِ
وَقيمة المرء ما جادَت بِهِ يده / وَقدرك الأَنفَسَ الغالي من القيَمِ
وَالفَضل أَشياءُ شَتّى أَنتَ جُملتها / وَصيغة أَنتَ مَعناها فَدُم تَدُمِ
أَمِن خَيال هُداه الشَوق وَالحِلم
أَمِن خَيال هُداه الشَوق وَالحِلم / ظَلَّت دموعك فَوق الخَدِّ تَنسَجِمُ
وَظِلَت تَستَفهِم الأَطلال ما فعلت / وَكَيفَ يَفهَمُ شَخصٌ مالَهُ فَهِمُ
حاشاك حاشاك أَن تَبكي لِغانِيَةٍ / تَبكي عَلَيكَ قَليلاً ثُمَّ تَبتَسِمُ
ما يَجلِب الدَمع بَعدَ العُدمِ مَنفَعَة / عِندَ الفِراقِ وَلا ضُرٌّ وَلا سَقَمُ
ما كانَ يدنيه إِكثار يقَرِّبه / أَقصاه منك وَإِن أَدنيته عَدَمُ
قُل لِلَّذينَ مُرادي قَبلَ بينهم / فَسَلَّموني إِلى الأَوصابِ لا سَلِموا
وَلِلزَّمانِ الَّذي أَخنى عَلى جَلدي / كن كَيفَ شِئتَ فَلي جَدٌّ وَمُعتَصِمُ
أَعني أَبا حَسنٍ موسى الَّذي يَده / مأوى العفاة وَتبدي شكرها أُمَمُ
هَذا الوَزير الَّذي نُعماه قَد شهدت / لَهُ البَرايا ومنه البؤس وَالنِعَمُ
السَيد الكامِل الشَهم الأَديب وَمَن / يَزهو بِراحَتِهِ القُرطاسُ وَالقَلَمُ
يَدٌ تَقلِّم أَظفارَ الخُطوبِ لَهُ / رأي يكل لديه الصارِم الخَذِمُ
ذو عِزَّةٍ بِسَناها تَنجَلي الظُلم / وَراحَة بنداها يُطرَد العَدَمُ
ما حَلَّ مِن جُودِهِ عقد اللَهى كرماً / إِلّا وَأَضحى لَدَيهِ المَجدُ مُلتَطِمُ
وَلا بَكَت أَعيُن الأَموالِ مِن يَدِهِ / إِلّا وَثغر الأَماني منه مُبتَسِمُ
يا مَن إِذا ورد السُؤال ساحَته / رأت ما ملكت كَفّاه يُقتسَمُ
راجي يَديك أَتى مُستَفدياً وَبِهِ / مِمّا يُعانيه مِن أَيامِهِ أَلَمِ
فافكِكهُ مِن أَسر دَهرٍ هَدَّ جانبه / فَإِنَّهُ سَجايا نفسك الكَرَمُ
فاِستَغنِم الشُكر فيما قَد تَمَنُّ بِهِ / فَالشُكرُ أَفضَل ما تَحوي وَتَغتَنِمُ
سَلا أَحِبَّتَه من لَم يَذُق كَمَدا
سَلا أَحِبَّتَه من لَم يَذُق كَمَدا / يَومَ الفِراقِ وَلَو أَذرى الدُموعَ دَما
إِنّي أَسأتُ إِلى سَمعي بفرقتهم / أَنا ظَلمتُ ومن أَهواهُ ما ظَلما