المجموع : 5
وكأسِ نشوانَ فيها الشمسُ بازغةٌ
وكأسِ نشوانَ فيها الشمسُ بازغةٌ / باتت تديمُ إلى الإصباحِ لثَمَ فَمِه
تخفّ مَلأى وتعطي الثقلَ فارغةً / كالجسم عند وجود الروح أو عدَمِه
أُعطيتَ حُكمكَ في الأيام فاحْتكمِ
أُعطيتَ حُكمكَ في الأيام فاحْتكمِ / وإن تملّكتَ رقّ المجد والكرمِ
وحالفتك سعودٌ لو يُخَصّ بها / عصرُ الشبابِ لما أفْضى إلى الهرمِ
إنّ الزّمانَ ليجري في تصرّفِهِ / على مُرادك منه غيرَ مُتّهمِ
فما هممتَ بأمْرٍ أو أشرتَ به / إلا وقامتْ له الدنيا على قدمِ
إنّ القسنطينة الكبرى مُمَلَّكُها / قد اتّقى منك حدّ السيفِ بالقلمِ
وخاف قَدْحَ زنادٍ أمره عجبٌ / يَرميه في الماءِ ذي التيّار بالضرمِ
ورام حَقْنَ دماءِ الرّومِ معتمداً / على وفاءِ وفيّ منك بالذممِ
فكفَّ عزم كفاة صدقُ بأسِهِمُ / مستأصلٌ نِعَمَ الأعداءِ بالنقمِ
وأقبلتْ مع رُسْلٍ منه مألكةٌ / تأسو كلومك في الأعلاج بالكلمِ
رآك بالقلب لا بالعين من جَزَعٍ / في دَسْتِ مُلْكِ عليه هَيْبةُ العِظَمِ
مُطَيَّبُ الذكرِ في الدنْيا مُوَاصِلُهُ / كأنّما عَرْفُهُ مسكٌ بكلّ فمِ
مشى إليك بتدريج على شفةٍ / من لثم أرضِ عظيم الملك ذي هممِ
مقدِّماً كلّ علقٍ من هديّته / كروضَةٍ فَوّفَتها راحةُ الدّيمِ
في زاخرٍ من بحورِ الروم عادتُهُ / ألا يزال مشوباً منهمُ بدمِ
لولا النواتي وأثقالٌ لها حُمِلَتْ / من البطاريق إجلالاً على القممِ
فعاد بالسلم من حرب سلاهبها / دُهْمٌ بأرجلها تَغْنَى عن اللجمِ
ومنشآتٌ إذا ريحٌ لها نشأتْ / جرين في زاخرٍ بالموت ملتطمِ
راحتْ من الشحْم فوق القار لابسةً / فيه تأزُّرَ أنوارٍ على ظُلَمِ
تبدي سواعدَ أكمامٍ تُريكَ بها / مَشْيَ العقارب في ألوانها السخمِ
من كلّ مدَّرعٍ بالحزْم ذي جَلَدٍ / لا يشتكي في أليم الضرب من أَلمِ
وما رأيْتُ أُسوداً قبلهم فَتَحَتْ / مدائناً نازَلَتْها وهي في الأجُمِ
سُدْتم وجدْتم فأوطان النجوم لكم / مراتبٌ من علوّ القدر والهممِ
وأرْضُ بُنْصُرَ قد أهْدى غرائبها / لملكهم مَلْكُهَا في سالف القدمِ
قل للعفاة أديموا قصد ساحته / إن نمتمُ عن نداه الغمرِ لم ينمِ
لولا مكارمُ يحيى والحياةُ بها / ما رُدّ روحُ الغنى في ميّتِ العدمِ
مَلْكٌ إذا جادَ جادَ الغيثُ من يده / فَمَسْقَطُ القطر منه مَنْبِتُ النعمِ
إذا أثار عجاجَ الحرب ألحفها / ليلاً بهيماً بكرّ الخيل بالبُهَمِ
أنسيتنا بأيادٍ منك نذكرها / خصيبَ مصرٍ وما أسداه للحكمي
وقد طويتَ من الطّائيّ ما نَشَرَتْ / من المفاخرِ عنه ألسنُ الأممِ
هدَيْتَ من ضلّ عن مجدٍ وعن كرَمٍ / بما تجاوَزَ قَدْرَ النار والعلمِ
خُصِصْتَ بالجود والبأس المنوط به / والجودُ والبأسُ مولودان في الشيمِ
ولو رآك زهيرٌ في العلى لثنى / لسانَهُ في كريمِ المدح عن هرمِ
فاشرَبْ خبيئةَ دنّ أظْهَرَتْ حبباً / للثم منه ثغر مبتسمِ
لها تألقُ برقٍ كيف قَيّدَهُ / في الكأسِ ساقٍ يُنيلُ الوَرْدَ في عنَمِ
وكيف تُسْمِعُ في هامٍ تُفَلّقها / صهيلَ صمصامك الماضي لذي الصممِ
يُمضي لك السيفُ ما تَنْويهِ والقلمُ
يُمضي لك السيفُ ما تَنْويهِ والقلمُ / وَيَسْتَقِلّ برضوَى هَمُّكَ الجَمَمُ
لو شئتَ أغناك جدّ عن محجَّلةٍ / شعارُ فرسانها الإقدام والقحمُ
تحطّمُ السمرَ في الأبطال إن طَعنَتْ / وساقَها للمنايا سائقٌ حُطَمُ
لكنّ عزمك عن حزم يثورُ به / بالقَدْحِ يَظْهَرُ ما في الزندِ ينْكتِمُ
وليس يدرك نفساً منك صابرةً / فيما يسوم العدا منه الرّدى سأمُ
وإن أرْضَكَ لو ألقى تعزّزها / منها رغاماً على أرض العدا رَغمُوا
هذا الأجمّ رَمَتْهُ حَمّةٌ بشبا / عزمٍ أباحَ حِماهُ فهو مُهتَضمُ
ووجّهت نحوه بالنصرِ جيشَ وغى / ببحره ظلّ وجهُ الأرض يلتطمُ
طِرْفٌ جموحٌ على الرُّوّاض من قِدَمٍ / فلا الشكائمُ راضَتْهُ ولا الخزُمُ
أضحتْ سيوفك في تجريدها عوضاً / عَليه من حَكَماتٍ فيه تحتكمُ
أجدتَ بالقهرِ عن علمٍ رياضتَهُ / ففعلُهُ ما تُريكَ الكفُّ والقدمُ
أحلّ منك ركوباً ذلُّ شِرّتِهِ / وكلُّ مَلْكٍ عليه ظهرُهُ حَرَمُ
حصنٌ بَنَتْهُ لِصَوْنِ الملك كاهنةٌ / وأُفْرِغَتْ فيه من تدبيرها الحِكَمُ
على الحُصُونِ مُطلّ في مهابته / تلك البُغاثُ وهذا الأجدلُ القَرِمُ
كأنّهُ من بروجِ الجوّ منفرِدٌ / فنظرَةٌ منه فوق الأرض تُغتَنَمُ
وأعينُ الخلقِ منه كلما نَظَرَتْ / على العجائب بالألحاظ تَزْدحِمُ
كالأبْلقِ الفردِ لم يَرْكَنْ إلى طَمَعٍ / لفتحه قبلها عُرْبٌ ولا عَجَمُ
أو ماردٍ في غرامٍ من تَمَرّدِهِ / بمثله العُصْمُ في الأطواد تعتصمُ
يشمّ زَهْرَ الدراري الزُّهرِ من كَثَبٍ / بين البروج بعرنينٍ له شممُ
وهو الأجمّ ولكن لو يُناطِحُهُ / طَوْدٌ لَنَكّبَ عنه وهو مُنثلمُ
كانت مغانيه في صَدْرِ الزمان لكمْ / وللأسودِ الضواري تَرْجِعُ الأجمُ
زارَتْ روادة فيه كلُّ داهيةً / بمثلها من عُداةِ الحقّ تنتقمُ
ذاقوا به كلّ ضيقٍ لا انفساحَ له / تصافنوا فيه طَرْقَ الماء واقتسموا
جَهّزْتَ حزْماً إليهم كلَّ ذي لجبٍ / تُحَمّ بالضرب هنديّاتُهُ الخذمُ
عَرَمْرَمٌ مُقْدم الفرسانِ تحْسَبُهُ / سَيْلاً يُحَدّثُ عمّا فَجّرَ العَرِمُ
تعلو الأسودُ رياحاً يطَّرِدْنَ به / تنهى وتؤمر في أفواهها اللجمُ
والحربُ تحرق حوليه نواجذها / ناشَتْهُ بالعضّ حتى كاد يُلْتَهمُ
من كلّ ماضي شبا الكفّين قسورةٍ / بالعيشِ في لهواتِ الموت يقتحمُ
ما جاء في درعه يعدو بحدّته / إلا وأشْبَهَ منه لبدةً غممُ
ولا مجانيقَ إلا ضُمّرٌ جُعِلَتْ / صخورها حولها الأبطال والبهمُ
تَرْمي قلوبَهُمُ بالرّعبِ رؤيتُها / كما يَرُوعُ نياماً بالردى الحلمُ
كأنّما الحصنُ من خوفٍ أحَاطَ بهم / عليهم وَهُوَ المبنيّ مُنْهَدِمُ
ومعلماتِ طَلُوعِ النّبْعِ حيثُ لها / في نَزْعِهِن بألحانِ الردى نَغَمُ
كأنّما تسمُ الأعداءَ أسهمها / من الردى بسماتٍ وَيْحَ مَن تَسِمُ
تطيرُ بالرّيش والفولاذ واردةً / من النحور حياضاً ماؤهنّ دمُ
فإن خَشوا غَرَقاً عُنْوانُهُ بَلَلٌ / هلّا خشوا راجمات حَشْوُها ديمُ
من كلّ عارض نَبلٍ غيرِ منقشعٍ / في القَطْرِ منه شرارُ الموت يضطرمُ
حتى إذا أصبحوا جرْحى وقد طمعتْ / في أكلِ قتلاهمُ العقبانُ والرخمُ
نادَوْا بعفوك عنهم فاستجابَ لهمْ / على إساءتِهم من فِعلِكَ الكرمُ
أفَضْتَ طَوْلاً عليهم بالنّدى نِعَماً / من بعد ما واقعَتْهُمْ بالرّدى نقمُ
ولو تمادَوْا على الرأي الذميمِ ولم / يُسَلّموا لك أمْرَ الحصن ما سلموا
إنّ الصوارمَ في فتح الحصون لها / ضربٌ به تُخْتَلى الأجياد والقممُ
إنّ ابن يحيى عليّاً بدرُ مملكةٍ / لِصِيدِ آبائِهِ الإقدامُ والقدمُ
ساسَ الأمورَ فشِعبُ الكفرِ مفترقٌ / بالبأس منه وشعبُ الدينِ ملتئمُ
محاولٌ في كميّ الرّوع طعنته / نجلاء يشهق منها بالحمام فمُ
معظَّمُ الجود في الأملاك لَذّتُهُ / في بذل مالٍ لهم من بذله ألمُ
لا يتّقي العُدْمَ في وِرْدٍ ولا صَدَرٍ / مَنْ صافَحَتْ كفَّه من كفّه ذِمَمُ
وليس يشكو حَرُوراً لَذْعُهُ وَهَجٌ / مَنْ مَدّ ظلّاً عليه بارداً عَلَمُ
وما وَجَدْتُ عليلاً عنده أملي / فهو الكريمُ على العلّات لا هرمُ
وقد أشربَ اللّهُ في قلبي محبّتَهُ / فشبّ في مدحه طبعي وبي هَرَمُ
يا واحدَ الجود والبأس الذي اتفقتْ / بلا اختلافٍ على تفضيله الأممُ
زدْ زادك اللّه في صَوْن الهدى نَظَراً / إنّ الصليبَ ليشقى منك والصنمُ
ولي عصا من طريق الذمّ أحْمَدُها
ولي عصا من طريق الذمّ أحْمَدُها / بها أُقدّمُ في تأخيرها قدمي
كأنّها وهي في كفّي أهشّ بها / على الثمانين عاماً لا على غنمي
كأنّني قوسُ رامٍ وهي لي وترٌ / أرمي عليها رميَّ الشيب والهرمِ
لهمْ رياضُ حتوفٍ فالذبابُ بها
لهمْ رياضُ حتوفٍ فالذبابُ بها / تشدوهمُ في الهوادي كلما اقتحموا
بيضٌ تصفّ المنايا السودَ صارخةً / وهي الذكورُ التي انقضتْ بها القممُ