المجموع : 5
أَيدي الحَوادِثِ في الأَيّامِ وَالأُمَمِ
أَيدي الحَوادِثِ في الأَيّامِ وَالأُمَمِ / أَمضى مِنَ الذَكَرِ الصَمصامَةِ الخَذِمِ
فَلا يَظُنَّنَّ مَن طالَت سَلامَتُهُ / أَنَّ المَقادِيرَ أَعطَتهُ عُرى السَلمِ
كُلٌّ بِما تُحدِثُ الأَيّامُ مُرتَهَنٌ / وَكُلُّ غايَةِ مَوجُودٍ إِلى عَدَمِ
مَن سَرَّهُ الدَهرُ صِرفاً سَوفَ تَمزُجُهُ / لَهُ تَصارِيفُهُ مِن صَفوَةِ النِقَمِ
فَلا تَغُرَّنَّكَ الدُنيا وَزِينَتُها / وَلَو حَبَتكَ بِحُمرِ الخَيلِ وَالنَعَمِ
فَما اللَذاذَةُ في عَيشٍ وَغايَتُهُ / مَوتٌ يُؤَدِّيكَ مِن قَصرٍ إِلى رُجَمِ
يا غافِلاً لَعِبَ الظَنُّ الكَذُوبُ بِهِ / خَفِ العَواقِبَ وَاِحذَر زَلَّةَ القَدَمِ
وَاِنظُر إِلى حَسَنٍ في حُسنِ صُورَتِهِ / جاءَت إِلَيهِ صُروفُ الدَهرِ مِن أُمَمِ
لَم يَحمِهِ صارِمٌ قَد كانَ يَخضِبُهُ / يَومَ النِزالِ مِنَ الأَعناقِ وَالقِمَمِ
وَلا جَوادٌ أَقَبُّ الظَهرِ مُنجَرِدٌ / يَهوي بِهِ كَهُوِيِّ الأَجدَلِ القَطِمِ
وَلا الغَطارِفُ مِن بَكرٍ وَإِخوَتِها / مِن تَغلِب الغُلبِ أَهلِ البَأسِ وَالكَرَمِ
كانُوا يُفَدُّونَهُ بِالخَيلِ مُسرَجَةً / وَالمالِ وَالآلِ وَالأَولادِ وَالحَشَمِ
إِيهاً بَني وائِلٍ قَد ماتَ لَيثُكُمُ / فَاِبكُوا عَلَيهِ بِدَمعٍ وَاكِفٍ وَدَمِ
قَد كانَ إِن نَزَلَت دَهياءُ مُظلِمَةٌ / وَخامَ عَنها حُماةُ القَومِ لَم يَخِمِ
وَإِن نَبا زَمَنٌ أَو عَضَّ ناجِذُهُ / أَعطي العُفاةَ بِلا مَنٍّ وَلا سَأَمِ
مَضى وَلَم يَدرِ ما سُكرُ الشَبابِ وَلا / أَمالَهُ الغَيُّ عَن رُشدٍ إِلى أَثَمِ
وَلا تَخَطّى بُيُوتَ الحَيِّ مُبتَجِحاً / جَذلانَ يَخطُرُ مُختالاً عَلى قَدَمِ
وَلَم يَكُن هَمُّهُ شُربَ المُدامِ وَلا / شَدُوَ المَزاهيرِ بِالأَوتارِ وَالنَغَمِ
لَكِنَّ هِمَّتَهُ مالٌ يُقَسِّمُهُ / عَلى العُفاةِ وَإِقدامٌ عَلى البُهُمِ
وَلَم يَزَل صائِماً طَوعاً لِخالِقِهِ / وَبِالدُجى قائِماً في حِندِسِ الظُلَمِ
فَيا أَبا جَعفَرٍ لا زِلتَ في دَعَةٍ / لا تَجزَعَن فَقَضاهُ غَيرُ مُتَّهَمِ
وَيا أَبا حَسَنٍ صَبراً فَكُلُّ فَتىً / مُفارِقٌ وَحَياةُ المَرءِ كَالحلُمِ
وَالمَوتُ كُلُّ اِمرِئٍ لا بُدَّ ذائِقُهُ / تَقاصَرَ العُمرُ أَو أَدّى إِلى الهرَمِ
أَينَ المُلوكُ وَأردافُ المُلوكِ وَمَن / سادَ القبائِلَ مِن عادٍ وَمِن إرَمِ
وَأَينَ طَسمٌ وَأَولادُ التَبابِعِ مِن / أَولادِ حِميَرَ وَالساداتُ مِن عَمَمِ
وَأَينَ آلُ مُضاضٍ في قَبائِلِها / مِن جُرهُمٍ ساكِني بَحبوحَةِ الحَرمِ
أَفناهُمُ وَأَدارَ الكَأسَ مُترَعَةً / في وائِلٍ فَسَقاها غَيرَ مُحتَشِمِ
أَردى اِبنَ مُرَّةَ هَمّاماً وَكانَ لَهُ / عَقدُ الرِئاسَةِ عَن آبائِهِ القِدَمِ
وَمانِعَ الجارِ جَسّاساً أُتيحَ لَهُ / سَهمُ المَنونِ عَلى عَمدٍ فَلَم يَرُمِ
وَالحَوفَزانَ الَّذي كانَت تَنُوءُ بِهِ / بَكرٌ سَقاهُ بِكاساتٍ مِنَ النِقَمِ
وَفارِسَ العَرَبِ العَرباءِ إِن ذُكِرَت / بسطامَ مَدَّ إِلَيهِ كَفَّ مُختَرِمِ
فَاِبتَزَّهُ مُلكَهُ غَصباً وَأَنزَلَهُ / فَوقَ التُرابِ عَفيرَ الخَدِّ والقَسِمِ
وَعافرَ الفِيلِ يَومَ القادِسِيَّةِ قَد / سَقاهُ كاسَ الرَدى صِرفاً بِغَيرِ فَمِ
وَقَد أَذاقَ شَبيباً في شَبيبَتِهِ / كَأسَ الحُتُوفِ بِلا سَيفٍ وَلا سَقَمِ
والمَزيَدِيِّينَ غالَتهُم غَوائِلُهُ / وَاِجتَاحَهُم مُزبِدٌ مِن سَيلِهِ العَرِمِ
وَلَم تَدع هانِئاً وَهوَ الَّذي اِنتَصَفَت / بِهِ الأَعارِيبُ وَاِستَولَت عَلى العَجَمِ
وَالحارِثَ بنَ عُبادٍ غالَهُ وَسَطا / بِجَحدَرٍ فارِسِ التَحلاقِ لِلَّمَمِ
وَالحارِثَ بنَ سَدُوسٍ لَم يَهَب عَدَداً / فِيهِم بَنُوهُ وَلَمّا يَكتَرِث بِهِمِ
وَالجعدَ مَسلَمَةً لَم يَحمِهِ فَدَنٌ / بَناهُ والِدُهُ إذ كانَ ذا هِمَمِ
وَهَوذَةَ بنَ عَلِيٍّ حَطَّ مُنتَزِعاً / عَن رَأسِهِ التاجَ عَمداً غَيرَ مُحتَشِمِ
وَشيخَ عِجلٍ أَبا مَعدانَ عاجَلَهُ / مِنهُ الحِمامُ فَلَم يُطلَب لَهُ بِدَمِ
وَفارِسَ العَرَبِ العَربا وَسَيِّدَها / أَعني كُلَيباً قَريعَ العُربِ وَالعَجَمِ
لَم يَحمِهِ عَدَدٌ مَجرٌ وَلا دَفَعَت / عَنهُ المَنِيَّةَ إِذ جاءَت بنُو جُشَمِ
وَلَم يَكُن لِعَدِيٍّ بَعدَهُ عِصَمٌ / مِنهُ وَكانَ عَدِيٌّ أَيَّ مُعتَصِمِ
وَآلَ كُلثُومَ ساداتِ الأَراقِمِ لَم / يَترُك لَهُم مِن حِمى حامٍ ولا حَرَمِ
أُولَئِكَ الغُرُّ مِن ساداتِ قَومِكُما / أَهلُ النُهى وَاللُهى وَالعَهدِ وَالذِّمَمِ
وَهَذِهِ شِيَمُ الدُنيا وَعادَتُها / فِيمَن مَضى أَو بَقى مِن سائِرِ الأُمَمِ
قالُوا الدُبَيثِيُّ ذُو قُوافٍ
قالُوا الدُبَيثِيُّ ذُو قُوافٍ / مُحكَمَةُ النَظمِ مُستَقِيمَه
فَقُلتُ بُعداً لَكُم وَسُحقاً / فَكُلُّ أَفهامِكُم سَقِيمَه
شِعرُ الدُبَيثِيِّ لَو عَقلتُم / أَبرَدُ مِن أُمِّهِ اللَئِيمَه
هُوَ الَّذي تَعلَمُونَ كَلبٌ / فَهَل لِنَبحِ الكِلابِ قِيمَه
إِنّا إِلى اللَهِ مِن طَغامٍ / تَعتَقِدُ الفَضلَ في بَهِيمَه
وَاللُؤمُ وَالشُؤمُ مِنهُ جُزءٌ / وَالغَدرُ وَالإِفكُ وَالنَميمَه
وَيُنسَبُ العارُ وَالدَنايا / طُرّاً إِلى أُمِّهِ القَديمَه
مَتى يَمُت تَصرُخُ المَخازِي / يا أَبَتا واشَقا اليَتِيمَه
بَعدكَ حَلَّت بِنا أُمُورٌ / مُقعِدَةٌ لِلعُوا مُقِيمَه
راحَت جُيُوشُ الضَلالِ فَوضى / قَد هُزِمَت أَسوَأَ الهَزيمَه
وَأَدرَكَ الحَقُّ بَعدَ ذُلٍّ / مِنّا بِآثارِهِ المُنِيمَه
مِن أَينَ لِلظُلمِ باطِنِيٌّ / مثلُكَ يَستَصغِرُ العَظِيمَه
يَومُكَ أَبقى أَخاكَ ديناً / إِبليسَ مُستَهلَكَ العَزيمَه
قَد كُنتَ رِدءاً لَهُ تُساوي / كُلَّ شَياطِينِهِ الرَجيمَه
مَن كُنتَ أَوصَيتَ بِالمَعاصي / مِن هَذِهِ العُصبَةِ الأَثِيمَه
مَن لأَذى ماجِدٍ كَريمٍ / خَلَّفتَ أَو حرَّةٍ كَريمَه
بَعدَكَ ما فُتِّشَت حَصانٌ / وَلا اِشتَكي مُوهَنٌ هَضِيمَه
وَأَطلَقُوا الحُضرَ وَالبَوادي / وَالعُزلَ وَالبيضَ عَن صَريمَه
يُظَنُّ أَنَّ الإِلَهَ أَهدى / لِذا الوَرى نَظرَةً رَحيمَه
يا فَرحَةَ النارِ يَومَ تَأتي / إِلى دِيارِ البَلا وَذِيمَه
كَم يَتَلَقّاكَ مِن زَبانٍ / قَساوَةُ الطَبعِ فيهِ شِيمَه
مِثلَ تَلَقّيكَ سُفنَ ماءٍ / تَحمِلُ مِن بابلٍ لَطِيمَه
إِنَّ بَغِيّاً غَذَتكَ طِفلاً / فَيما أَتَتهُ لَمُستَلِيمَه
لِأَنَّها قَد رَأَت عِياناً / شُؤمَكَ مُذ أَنتَ في المَشيمَه
كَم عِثتَ في بَظرِها بِعَضٍّ / أَورَثَها الشَهوَةَ الذَميمَه
تَطلُبُ مِنها المَنِيَّ قُوتاً / وَلَيسَ بِالصُورَةِ الوَسيمَه
فَهيَ تُنادي الزُناةَ هُبّوا / إِلى حِرٍ يُشبِهُ الأَطِيمَه
وَلَيسَ يَرويكَ غَيرُ ماءٍ / يَنصَبُّ فيها اِنصِبابَ دِيمَه
وَساعَةَ الوَضعِ جِئتَ بَثناً / غادَرتَ وَجعاءَها كَلِيمَه
وَحينَ أَكمَلتَهُنَّ سَبعاً / ملتَ إِلى الصَنعَةِ الذَميمَه
كَسَّدتَ سُوقَ العُلوقِ حَتّى / تَرَكتَ أَبوابَها رَديمَه
حَتّى لَقَد راحَ كُلُّ عِلقٍ / عَلَيكَ في قَلبِهِ سَخِيمَه
كَم مارِدٍ في صِباكَ عاتٍ / صِدتَ بِنَغماتِكَ الرَخيمَه
وَكَم لَعَمري مِن أَلفِ صادٍ / سَطَت بِها مِنكَ فردَ مِيمَه
حَتّى إِذا نَشَت بَعدَ حينٍ / وَطالَتِ اللِّحيَةُ اللَئيمَه
أَصبَحتَ عَشّارَ أَرض سُوءٍ / ما بَرِحَت أَرضُها مَضيمَه
أَسَّسَها شَرُّ آدَمِيٍّ / بِذاكَ كُلُّ الوَرى عَليمَه
قَومُهُ بَعضُهُم بِبَعضٍ / وَأَنتَ مِنهُم أَقَلُّ قِيمَه
قاتَلَكَ اللَهُ كَم تَعامى / وَتَعكِسُ السُنَّةَ القَويمَه
تُلزِمُ زادَ الغَريبِ مَكساً / وَثَوبَهُ يا لَها عَظيمَه
مَهلاً فَلِلظّالِمينَ حَتماً / مَصارِعٌ كُلُّها وَخِيمَه
أَبَت لَكَ العِزَّةُ القَعساءُ وَالكَرَمُ
أَبَت لَكَ العِزَّةُ القَعساءُ وَالكَرَمُ / أَن تَقبَلَ الضَيمَ أَو تَرضى بِما يَصِمُ
وَطالَبَتكَ العُلى إِنجازَ ما وَعَدَت / فِيكَ المَخائِلُ طِفلاً قَبلَ تَحتَلِمُ
وَأَقبَلَت نَحوَكَ الأَيّامُ مُذعِنَةً / طَوعاً لِأَمرِكَ وَاِنقادَت لَكَ الأُمَمُ
فَاِنهَض وَسِر وَاِفتَحِ الدنيا فَقَد ضَمِنَت / لَكَ المَهابَةُ ما تَهوى وَتَحتَكِمُ
فَالبِيضُ ماضِيَةٌ وَالسُمرُ قاضِيَةٌ / وَالخَيلُ خاضِبَةٌ أَطرافها زَلَمُ
خَيلٌ مَتى صَبَّحتَ حَيّاً بِيَومِ وَغىً / فَما لِمُستَعصِمٍ مِن بَأسِها عِصَمُ
قَد عُوِّدَت كُلَّ يَومٍ خَوضَ مَعرَكَةٍ / ضيوفُ أَبطالِها العِقبانُ وَالرَخَمُ
وَوَسَّمَتها العَوالي في مَناخِرِها / طَعناً كَما وَسَّمَت آنافَها الحَكَمُ
يَحمي فَوارِسَها يَومَ الوَغى مَلِكٌ / حامي الذِمارِ لَهُ في الغايَةِ القدَمُ
رَحبُ الذِراعِ إِذا ما هَمَّ أَنجَدَهُ / عَزمٌ بِهِ جَوهَرُ العَلياءِ مَنتَظِمُ
كَأَنَّهُ مِن تَمامِ الخَلقِ جاءَ بِهِ / عادٌ أَبُو السَلَفِ الماضِينَ أَو إِرَمُ
عَفُّ السَريرَةِ حَمّالُ الجَريرَةِ وَل / لاجُ الظَهيرَةِ وَالمَعزاءُ تَضطَرِمُ
أَرسى قَواعِدَ مُلكٍ كانَ أَسَّسَها / قِدماً أَبُوهُ وَبَحرُ المَوتِ يَلتَطِمُ
مِن قَبلِ أَن قِيلَ رَثَّ المَجدُ وَاِنفَصَمَت / عُرى المَعالي وَماتَ العَهدُ وَالذِّمَمُ
وَقالَ قَومٌ تَوَلّى المُلكَ مُنصَرِفاً / عَن آلِ فَضلٍ لَقَد ضَلّوا وَقَد وَهِمُوا
وما دَرَوا أَنَّ فَضلَ الجُودِ يُكذِبُهُم / عَمّا قَليلٍ بِما في زَعمِهِم زَعَمُوا
وَيَجلِبُ الخَيلَ كَالعِقبانِ يَقدُمُها / عَلَيهِمُ القُورُ وَالغِيطانُ وَالأَكَمُ
سَواهِماً لَم تَزَل تَدمى شَكائِمُها / مِمّا تَصَلصَلُ في أَشدَاقِها اللُجُمُ
يا آلَ فَضلٍ أَماتَ اللَهُ حاسِدَكُم / غَيظاً ثِبُوا في ذُرى العَلياءِ وَاِعتَزِمُوا
فَفيكُمُ البَيتُ مِن عَدنانَ تَعرِفُهُ / إِذا اِلتَقت لِلفخارِ العربُ والعَجَمُ
بَيتٌ سَما فَرعُهُ فَوقَ السَما وَرَسى / في التُربِ حَتّى اِنتَأَت عَن أَصلِهِ التُخُمُ
بَناهُ صادِقُ بَأسٍ في الوَغى وَنَدىً / غَمرٌ فَلَيسَ عَلى الأَيّامِ يَنهَدِمُ
عِمادُهُ الفَضلُ وَاِبناهُ وَمَركَزُهُ / مُحمَّدٌ خَيرُ مَن نِيطَت بِهِ الأُدُمُ
جَرّارُ كُلِّ كَثيفِ النَقعِ ذِي لَجَبٍ / كَأَنَّما السُمرُ في حافاتِهِ أَجَمُ
تَساقَطَ الطَيرُ رَزحى في جَوانِبِهِ / وَالوَحشُ تَخطِفُها الأَيدي فَلا تَرِمُ
خابَت ظُنون رِجالٍ بايَعُوا وَسَعوا / في قَتلِهِ وَهَفَت أَحلامُهُم وَعَمُوا
بِئسَ الأَمانِيُّ مَنَّتهُم نُفُوسُهُمُ / جَهلاً وَيا قُربَ ما فاجاهُمُ النَدَمُ
مُنُوا بِأَروع تَتلُوهُ خَضارِمَةٌ / أَماجِدٌ مارَسُوا الهَيجا وَما اِحتَلَمُوا
مُستَرعِفٍ بِلِواءِ النَصرِ يَحمِلُهُ / نَهدُ المَراكِلِ مَمسُودُ القَرى زَهِمُ
مِمّا حَباهُ أَميرُ المُؤمِنينَ بِهِ / لما أَتَتهُ بِهِ الوَخّادَةُ الرَسَمُ
مُستَعصِماً وَاثِقاً بِالنَصرِ مِنهُ وَهَل / يَخيبُ مَن بِالإِمامِ البَرِّ يَعتَصِمُ
أَجابَهُ حينَ ناداهُ وَقَرَّبَهُ / أَشَمُّ في راحَتَيهِ لِلنَدى دِيَمُ
أَغَرُّ أَبلَجُ مِن آلِ النَبِيِّ بِهِ / يُستَدفَعُ البُؤسُ وَالضَرّاءُ وَالنِّقَمُ
فَلَو يَشاءُ لَزَجّاها مُلَملَمَةً / لا مَعقلٌ عاصِمٌ مِنها وَلا أُطُمُ
تَحوي مِنَ التُركِ وَالأَعرابِ كُلَّ فَتىً / كَأَنَّهُ أَجدَلٌ مُستَلحِمٌ قَطِمُ
لَكِنَّهُ اِختارَ إِبقاءً وَعارِفَةً / وَهَكَذا تَفعَلُ الأَخلاقُ وَالشِيَمُ
فَنالَ ما كانَ يَرجُوهُ وَأَيَّدَهُ / بِالنَصرِ عَدلٌ قَضاهُ لَيسَ يُتَّهَمُ
فَاِسلم وَعِش لِلعُلا ما ناحَ ذُو شَجَنٍ / وَما تَعاقَبَتِ الأَنوارُ وَالظُلَمُ
وَليَهنك المُلكُ يا تاجَ المُلوكِ وَلا / زالَت تُباكِرُك السَرّاءُ وَالنِعَمُ
فَأَنتَ حِصنٌ لَنا عالٍ نَلُوذُ بِهِ / إِن عَضَّنا الدَهرُ أَو زَلَّت بِنا القَدَمُ
وَهَذِهِ دَولَةٌ لَولا الرَجاءُ لَها / لَما اِنجَلَت كُربَةٌ عَنّا وَلا غُمَمُ
عِشنا بآمالِها دَهراً وَبَلَّغَنا / إِدراكَها وَاحِدٌ فَردٌ لَهُ القِدَمُ
فَالحَمدُ وَالشُكرُ مِنّا وَاجِبانِ لَهُ / لا يَنفَدانِ جَميعاً ما جَرى القَلَمُ
قُمُ فَاِشدُدِ العِيسَ لِلتِرحالِ مُعتَزِماً
قُمُ فَاِشدُدِ العِيسَ لِلتِرحالِ مُعتَزِماً / وَاِرمِ الفِجاجَ بِها فَالخَطبُ قَد فَقِما
وَلا تَلَفَّت إِلى أَهلٍ وَلا وَطَنٍ / فَالحرُّ يَرحَلُ عَن دارِ الأَذى كَرَما
كَم رِحلَةٍ وَهَبَت عِزّاً تَدينُ لَهُ / شُوسُ الرِجالِ وَكَم قَد أَورَثَت نِعَما
وَكَم إِقامَةِ مَغرُورٍ لَهُ جَلَبَت / حَتفاً وَساقَت إِلى ساحاتِهِ النِقَما
وَاِسمَع وَلا تُلغِ ما أَنشَأتُ مِن حِكَمٍ / فَذُو الحِجا لَم يَزَل يَستَنبِطُ الحِكَما
لَم يَبكِ مَن رَمِدَت عَيناهُ أَو سُبِلَت / جفناهُ إِلّا لِخَوفٍ مِن حُدوثِ عَمى
إِنَّ المَنِيَّةَ فَاِعلَم عِندَ ذِي حَسَبٍ / وَلا الدَنِيَّةَ هانَ الأَمرُ أَو عَظُما
مَن سالَمَ الناسَ لَم تَسلَم مَقاتِلُهُ / مِنهُم وَمَن عاثَ فيهِم بِالأَذى سَلِما
لا يَقبَلُ الضَيمَ إلّا عاجِزٌ ضَرِعٌ / إِذا رَأى الشَرَّ تَغلي قِدرُهُ وَجَما
وَذُو النَباهَةِ لا يَرضى بِمَنقَصَةٍ / لَو لَم يَجِد غَيرَ أَطرافِ القَنا عِصَما
وَذُو الدَناءَةِ لَو مَزَّقتَ جِلدَتَهُ / بِشَفرَةِ الضَيمِ لَم يَحسِس لَها أَلَما
وَمَن رَأَى الضَيمَ عاراً لَم تَمُرَّ بِهِ / شَرارَةٌ مِنهُ إلّا خالَها أُطُما
وَكُلُّ مَجدٍ إِذا لَم يُبن مَحتِدُهُ / بِاليَأسِ نَقَّرَهُ الأَعداءُ فَاِنهَدَما
لا يَضبطُ الأَمرَ مَن في عُودِهِ خَوَرٌ / لَيسَ البُغاثُ يُساوي أَجدَلاً قَطِما
وَلِلبُيوتِ سِطاعاتٌ تَقُومُ بِها / لا خِروَعاً جُعِلَت يَوماً وَلا عَنَما
ما كُلُّ ساعٍ إِلى العَلياءِ يُدرِكُها / مَن حَكّمَ السَيفَ في أَعدائِهِ حَكَما
مَن أَرعَفَ السَيفَ مِن هامِ العِدى غَضَباً / لِلمَجدِ حُقَّ لَهُ أَن يُرعِفَ القَلَما
لا تَطلُبِ الرَأيَ إِلّا مِن أَخي ثِقَةٍ / لا يُصدِرُ القَومَ مَن لا يُورِدُ العَلَما
وَلا يُعَدُّ كَريماً مَن مَواهِبُهُ / تُمسي وَتُصبِحُ في أَعدائِهِ دِيما
وَالبُخلُ خَيرٌ مِنَ الإِحسانِ في نَفَرٍ / أَبَرُّهُم بِكَ مَن أَغرى وَمَن شَتَما
وَواضِعُ الجُودِ في أَعداءِ نِعمَتِهِ / كَمُودِعِ الذِئبِ في بَرِّيَّةٍ غَنَما
مَنِ اِستَخَفَّ بِأَربابِ العُلى سَفَهاً / وَسامَها الخَسفَ أَدمى كَفَّهُ نَدَما
أَلا فَسَل عَن كُلَيبٍ كَيفَ جَدَّلَهُ / جَسّاسُ هَل كانَ إِلّا أَن حَمى فَرَمى
وَلا يعزُّ الفَتى إِلّا بِأُسرَتِهِ / لَو كانَ في البَأسِ عَمراً وَالنَدى هَرِما
لا تَرضَ بِالهُونِ في خِلٍّ تُعاشِرُهُ / فَلَن تَرى غَيرَ جارِ الذُلِّ مُهتَضَما
وَأَخسَرُ الناسِ سَعياً رَبُّ مَملَكَةٍ / أَطاعَ في أَمرِهِ النِسوانَ وَالخَدَما
وَقائِلٍ قالَ لي إِذ راقَهُ أَدَبي / وَالمَرءُ قَد رُبَّما أَخطَا وَما عَلِما
وَذاكَ بَعدَ سُؤالٍ مِنهُ عَن خَبَري / وَالصِدقُ مِن شيمتي لَو أَورَثَ البَكَما
هَلّا اِمتَدَحتَ رِجالاً بِالعِراقِ لَهُم / مالٌ رُكامٌ وَجُودٌ يَطرُدُ العَدَما
فَجاشَتِ النَفسُ غَبناً بَعدَ أَن شَرِقَت / عَينايَ بِالدَمعِ حَتّى فاضَ وَاِنسَجَما
فَقُلتُ كَلّا وَهَل مِثلي يَليقُ بِهِ / مَدحُ الرِجالِ فَكَم جُرحٍ قَدِ اِلتَأَما
إِنّي عَلى حادِثاتِ الدَهرِ ذُو جَلَدٍ / تَجلُو الحَوادِثُ مِنّي صارِماً خَذِما
وَلَستُ أَوَّلَ ذِي مَجدٍ لَهُ ظَلَمَت / صُرُوفُ أَيّامِهِ العَوصاءُ فَاِنظَلَما
يَأبي لِيَ الشَرَفُ العاليُّ مَنصِبهُ / أَن أَورِدَ النَفسَ حِرصاً مَورِداً وَخِما
أَنا اِبنُ أَركانِ بَيتِ المَجدِ لا كَذِباً / وَالنازِلينَ ذُرى العَلياءِ وَالقِمَما
قَومي هُمُ القَومُ في بَأسٍ وَفي كَرَمٍ / إِنِ اِدَّعى غَيرُهُم ما فيهِمُ وَهِما
في الجاهِلِيَّةِ سُدنا كُلَّ ذي شَرَفٍ / بِالمَأثُراتِ وَسُدنا العُربَ وَالعَجَما
وَصارَ كُلُّ مَعَدّيٍّ لَنا تَبَعاً / يَرعى بِأَسيافِنا الوَسمِيَّ حِيثُ هَمى
حُطنا نِزاراً وَذُدنا عَن مَحارِمِها / وَلَم نَدَع لِمُناوي عزِّها حَرَما
حَتّى أَتى اللَهُ بِالإِسلامِ وَاِفتَتَحَت / كُلَّ البِلادِ وَأَضحَت لِلأَنامِ سَما
وَفَضلُ آخِرنا عَن فَضلِ أَوَّلِنا / يُغني ولَكِنَّ بَحراً هاجَ فاِلتَطَما
شِدنا مِن المَجدِ بَيتاً لا تُقاسُ بِهِ / ذاتُ العِمادِ وَلَكِن لَم نَكُن إِرَما
سَلِ القَرامِطَ مَن شَظّى جَماجِمَهُم / فَلقاً وَغادَرَهُم بَعدَ العُلا خَدَما
مِن بَعدِ أَن جَلَّ بِالبَحرَينِ شَأنُهُمُ / وَأَرجَفُوا الشامَ بِالغاراتِ وَالحَرَما
وَلَم تَزَل خَيلُهُم تَغشى سَنابِكُها / أَرضَ العِراقِ وَتَغشى تارَةً أَدَما
وَحَرَّقُوا عَبدَ قَيسٍ في مَنازِلها / وَصَيَّروا الغُرَّ مِن ساداتِها حُمَما
وَأَبطَلوا الصَلواتِ الخَمس وَاِنتَهَكُوا / شَهرَ الصِيامِ وَنَصُّوا مِنهُمُ صَنَما
وَما بَنَوا مَسجِداً لِلّهِ نَعرِفُهُ / بَل كُلُّ ما أَدرَكُوهُ قائِماً هُدِما
حَتّى حَمَينا عَلى الإِسلامِ وَاِنتَدَبَت / مِنّا فَوارِسُ تَجلُو الكربَ وَالظُلما
وَطالَبَتنا بَنُو الأَعمامِ عادَتَنا / فَلَم تَجِد بَكَماً فينا وَلا صَمَما
وَقَلَّدُوا الأَمرَ مِنّا ماجِداً نَجداً / يَشفي وَيَكفي إِذا ما حادِثٌ دَهَما
ماضي العَزيمَةِ مَيمُونٌ نَقيبَتُهُ / أَعلا نِزارٍ إِلى غاياتِها هِمَما
فَصارَ يَتبَعُهُ غُرٌّ غَطارِفَةٌ / لَو زاحَمَت سَدَّ ذي القَرنَينِ لاِنثَلَما
إِذا اِدَّعَوا يالَ إِبراهيمَ ظَلَّ لَهُم / يَومٌ يُشَيِّبُ مِن هامِ العِدى اللِّمَما
حَتّى أَناخَ بِبابِ الحِصنِ يَصحَبُهُ / عَزمٌ يَهُدُّ الجِبالَ الشُمَّ وَالأَكَما
فَشَنَّها غارَةً شَعواءَ ناشِئَةً / كَسى بِها العُمَّ مِن حيطانِها قَتَما
فأَقبَلَت وَرِجالُ الأَزدِ تَقدُمُها / كَالأُسدِ قَد جَعَلَت سُمرَ القَنا أَجَما
فَصادَفَت كُلَّ لَيثٍ لَو يُحِسُّ بِهِ / لَيثٌ بِعَثَّرَ أَو خَفّانَ ما زَحَما
فَكَم صَرِيعٍ هَوى عَفصاً بِشِكَّتِهِ / مِنهُم وَآخَرَ وَلّى الدُبرَ مُنهَزِما
وَنَثرَةٍ أَخفَرَ الهِندِيُّ ذِمَّتَها / إِنَّ السُيُوفَ المَواضي تَخفِرُ الذِمما
فَاِستَنجَدَت عامِراً مِن بَأسِها فَأَتَت / مُغِذَّةً لا تَرى في سَيرِها يَتَما
ذُكُورُ خَيلِهِمُ أَلفٌ مُصَتَّمَةٌ / وَرَجلُهُم يُفعِمُ الوَادِيَّ إِذ زَحَما
وَجَمعُنا في مِئينٍ أَربَعٍ حَضَرَت / عَدّاً وَلَكِنَّها أَعلا الوَرى قَدَما
وَلَم نَزَل نَرِدُ الهَيجاءَ يَقدُمُنا / ماضٍ على الهَولِ وَرّادٌ إِذا عَزَما
أَبُو عَلِيٍّ وَفَضلُ ذُو النَدى وَأَبُو / مُسَيَّبٍ وَهُما تَحتَ العَجاجِ هُما
وَمِسعَرُ الحَربِ مَسعُودٌ إِذا خَمَدَت / وَماجِدٌ وَاِبنُ فَضلٍ خَيرُها شِيما
هُمُ بَنُوهُ فَلا ميلٌ وَلا عُزُلٌ / وَلا تَرى فيهمُ وَهناً وَلا سَأَما
كُلٌّ يُعَدُّ بِأَلفٍ لا يَضيقُ بِها / ذَرعاً وَيُوسِعُها طَعناً إِذا أَضِما
وَمالِكٌ حينَ تَدعُوهُ وَأَيُّ فَتى / حَربٍ إِذا ما اِلتَقى الزَحفانِ فَاِصطَدَما
وَمِن بَني الشَيخِ عَبدِ اللَهِ كُلُّ فَتىً / يُخالُ في الرَوعِ فَحلَ الشَولِ مُغتَلِما
يُنمى لِفَضلٍ وَصبّارٍ وَإِخوَتِهِ / بَني عَلِيٍّ كِعامِ الخَطبِ إِذ هَجَما
وَلَم تَكُن وُلدُ غَسّانٍ إِذا حَمِيَت / لَوافِحُ الحَربِ أَنكاساً وَلا قُرُما
تِلكُم بَناتُ العُلا لا قَولُ مُنتَحِلٍ / كُنّا وَكانَ وَلا باعاً وَلا قَدَما
سَقَوا صُدُورَ القَنا عَلّا وَقد نَهِلَت / وَأَكرَهُوا المازِنَ الخَطِّيَّ فَاِنحَطَما
وَفَلَّلَ البِيضَ في الهاماتِ ضَربُهُمُ / مِن بَعدِ أَن أَنهَلُوها في المَكَرِّ دَما
بَزُّوا ثَمانينَ دِرعاً مِن سُراتِهِمُ / في حَملَةٍ تَرَكَت هاماتِهِم رِمَما
وَكَم لَنا مِثلُها لَم تُبقِ باقِيَةً / إِلّا الزَعانِفَ وَالأَطفالَ وَالحَرَما
فَسَلَّمَ الأَمرَ أَهلُ الأَمرِ وَاِنتَزَحُوا / عَن سَورَةِ المُلكِ لا زُهداً وَلا كَرَما
وَأَصبَحَت آلُ عَبدِ القَيسِ قَد ثَلَجَت / صُدُورُها فَتَرى المَوتُورَ مُبتَسِما
ثُمَّ اِنتَحَينا لِعَوفٍ بَعدَما وَرِمَت / أُنُوفُها فَفَشَشنا ذَلِكَ الوَرَما
دُسناهُمُ دَوسَةً مِرِّيَّةً جَمَعَت / أَشلاهُمُ وَضِباعَ الجَوِّ وَالرَخَما
لَم يَنجُ غَيرُ رَئيسِ القَومِ تَحمِلُهُ / خَيفانَةٌ كَظَليمٍ رِيعَ تَحتَ سَما
ثُمَّ اِنثَنَينا بِجُردِ الخَيلِ نَجنِبُها / نَقائِذاً وَأَفَأنا السَبيَ وَالنَعَما
وَسَل بِقارُونَ هَل فازَت كَتائِبُهُ / لَمّا أَتَتنا وَهَل كُنّا لَهُم غُنَما
وَالشَرسَكِيَّة إِذ جاءَت تُطالِبُنا / دَمَ النُفوسِ وَفينا تقسِمُ القِسَما
بَيتانِ عِندَهُما كانَت رَعِيَّتُنا / عَوناً عَلَينا ضَلالاً مِنهُمُ وَعَمى
فَفَرَّجَ اللَهُ وَالبِيضُ الحِدادُ لَنا / وَعِزَّةٌ لَم تَكُن يَوماً لِمَن غَشَما
وَأَصبَحَت حاسِدُونا في قَبائِلِنا / لَحماً أَقامَ لَهُ جَزّارُهُ وَضَما
لَكِن عَفَونا وَكانَ العَفوُ عادَتَنا / وَلَم نُؤاخِذ أَخا جُرمٍ بِما اِجتَرَما
وَلَم يُنَجِّ اِبنَ عَيّاشٍ بِمُهجَتِهِ / يَمٌّ إِذا ما يَراهُ الناظِرُ اِرتَسَما
أَتى مُغِيراً فَوافَى جَوَّ ناظِرَةٍ / فَعايَنَ المَوتَ مِنّا دُونَ ما زَعَما
فَراحَ يَطرُدُ طَردَ الوَحشِ لَيسَ يَرى / حَبلَ السَلامَةِ إِلّا السَوطَ وَالقَدَما
فَاِنصاعَ نَحوَ أَوالٍ يَبتَغي عِصَماً / إِذ لَم يَجِد في نَواحي الخَطِّ مَعتَصما
فَأَقحَمَ البَحرَ مِنّا خَلفَهُ مَلِكٌ / مازالَ مُذ كانَ لِلأَهوالِ مُقتَحما
فَحازَ مُلكَ أَوالٍ بَعدَ ما تَرَكَ ال / عَكرُوتَ بِالسَيفِ لِلبَوغاءِ مُلتَزِما
فَصارَ مُلكُ اِبنِ عَيّاشٍ وَمُلكُ أَبي ال / بَهلُولِ مَع مُلكِنا عِقداً لَنا نُظِما
مَن ذا يُقاسُ بِعَبدِ اللَهِ يَومَ وَغىً / في بَأسِهِ أَو يُباري جُودهُ كَرَما
مِنّا الَّذي جادَ بِالنَفسِ الخَطيرَةِ في / عِزِّ العَشيرَةِ حَتّى اِستَرحَلَ العَجَما
مِنّا الَّذي قامَ سُلطانُ العِراقِ لَهُ / جَلالَةً وَالمَدى وَالبُعدُ بَينَهُما
مِنّا الَّذي حازَ مِن ثاجٍ إِلى قَطَرٍ / وَصَيَّرَ الرَملَ مِن مالِ العَدُوِّ حِمى
مِنّا الَّذي حينَ عَدَّ الأَلفَ خازِنُهُ / لِضَيفِهِ قالَ ضاعِفها أَرى أَمَما
مِنّا الَّذي مِن نَداهُ ماتَ عامِلُهُ / غَمّاً وَأَصبَحَ في الأَمواتِ مُختَرَما
مِنّا الَّذي جادَ إِيثاراً بِما مَلَكَت / كَفّاهُ لا يَدَ يَجزِيها وَلا رَحِما
مِنّا الَّذي أَنهَبَ اِصطَبلاتِهِ كَرَماً / وَهيَ الجِيادُ اللَواتي فاتَتِ القِيَما
وَكانَ إِن سارَ فَالعِقيانُ تَتبَعُهُ / لِسائِلٍ رُدَّ أَو مُستَرفِدٍ حُرِما
مِنّا الَّذي فَضَّ أَموالَ الخَزائِنِ في / غَوثِ الرَعِيَّةِ لا قَرضاً وَلا سَلَما
وَأَهمَلَ الدَخلَ ذاكَ العامَ فَاِنتَعَشَت / بِهِ الرَعِيَّة حَتّى جازَتِ القُحَما
مِنّا الَّذي جَعَلَ الأَقطاعَ مِن كَرَمٍ / إِرثاً تَوَزَّعُهُ الوُرّاثُ مُقتَسَما
وَجادَ في بَعضِ يَومٍ وَهوَ مُرتَفِقٌ / بِأَربَعينَ جَواداً تَعلُكَ اللُجُما
وَمُطعِم الطَيرِ عامَ المَحلِ فَاِسمُ بِهِ / مِنّا إِذا صَرَّ خِلفُ الغَيثِ فَاِنصَرَما
مِنّا الَّذي أَنفَقَ الأَموالَ عَن عَرضٍ / حَتّى رَأَى شِعبَ شَملِ العِزِّ مُلتَئِما
مِلءَ المُسُوكِ قَناطيراً مُقَنطَرَةً / ما خافَ في جَمعِها حُوباً وَلا أَثَما
مِنّا المُسَوَّرُ تَعظيماً وَوالِدُهُ / كَذاكَ كانَ فَنَحنُ السادَةُ العُظَما
مِنّا الَّذي كُلَّ يَومٍ فَوقَ دارَتِهِ / داعٍ يُنادي إِلَيهِ الجائِعَ الضَرِما
مِنّا الَّذي لَم يَدَع ناراً بِساحَتِهِ / تذكى سِوى نارِهِ لِلضّيفِ إِن قَدِما
وَصاحِبُ البَيتِ مِنّا حِينَ تَنسِبُهُ / لَو لَم نَجِد غَيرَهُ سُدنا بِهِ الأمَما
مِنّا الَّذي عامَ حَربِ النائِليِّ حَلا / يَومَ السُبَيعِ وَيَومَ الخائِسِ الغُمَما
مِنّا الَّذي مَنَعَ الأَعداءَ هَيبَتهُ / حَربَ البِلادِ فَما شَدّوا لَهُ حُزُما
وَماتَ يَطلُبُ يَوماً يَستَلِذُّ بِهِ / يُطَبِّقُ الأَرضَ نَقعاً وَالحَضيضَ دَما
مِنّا الَّذي ضُرِبَت حُمرُ القِبابِ لَهُ / بِالمَشهَدَينِ وَأَعطى الأَمنَ وَاِنتَقَما
لَولا عِياذُ بَني الجَرّاحِ مِنهُ بِهِ / لَصاحَبَت دَهمَشاً أَو أُلحِقَت دَرِما
مِنّا الَّذي أصحَبَ المُجتازَ مِن حَلَبٍ / إِلى العِراقِ إِلى نَجدٍ إِلى أَدَما
مِنّا الَّذي كُلَّ عامٍ بِالعِراقِ لَهُ / رَسمٌ سَنِيٌّ إِلى أَن ضُمِّنَ الرُجَما
مِنّا الَّذي رَكَزَ الرُمحَينِ ضاحِيَةً / وَجَوّزَ العَرَبَ العَرباءَ بَينَهُما
حَتّى اِحتَوى ما اِصطَفاهُ مِن عَقائِلَها / غَصباً وَهانَ عَلَيهِ رَغمُ مَن رَغِما
وَيَومَ سُترَةَ منّا كانَ صاحِبُهُ / لاقَت بِهِ شامَةٌ وَالحاشِكُ الرَقِما
أَلفَينِ غادَرَ مِنهُم مَع ثَمانِ مئىٍ / صَرعى فَكَم مُرضَعٍ مِن بَعدها يَتُما
مِنّا أَبُو يُوسُفٍ وَالمُرتَجى حَسَنٌ / وَاِبنُ الإِمارَةِ وَالبَيتِ المُنيفِ هُما
وَيُوسُفٌ وَأَبُو شُكرٍ وَإِخوَتُهُ / حَليُ العُلا وَكِعامُ الدَهرِ إِن عَزَما
مِنّا الَّذي أَبطَلَ الماشُوشَ فَاِنقَطَعَت / آثارُهُ وَاِنمَحى في الناسِ وَاِنطَسَما
مِنّا الأَميرُ أَبو فَضلٍ مَتى اِختَصَمَت / بَنُو الوَغى كانَ في أَرواحِها الحَكَما
ما قابَلَ الأَلفَ إِلَّا وَاِنثَنَت هَرَباً / كَأَنَّها الوَحشُ لاقَت ضَيغَماً قَرِما
منّا الأَميرُ حَوارِيٌّ وَوالِدُهُ / فَاِذكُرهُما فَلَقد طابا وَقَد كَرُما
وَفي سُليمٍ لَنا عِزٌّ وَمُفتخَرٌ / وَمُفلِحٌ وَهُما لِلّهِ دَرُّهُما
وَفي أَمِيرٍ وَسُلطانٍ لَنا شَرَفٌ / نَسمو بِهِ وَاِبنُ بَدرِ اللَيثُ بَعدَهُما
مِنّا أَبو فاضِلٍ وَاللَوذَعيُّ أَبُو / مَذكُورٍ القرمُ فَلنَفخَر بِمثلِهِما
وَما حُسَينٌ وَبَدرٌ إِن ذَكَرتُهُما / إِلّا هُمامانِ فاقَ الناسَ مَجدُهُما
مِنّا الَّذي حَطَّ زُهداً عَن رَعِيَّتهِ / كُلَّ المُكُوسِ فَأَضحى الجَورُ مُنحَسِما
وَكَم لَنا مِن بَني البَيعِيِّ مِن بَطَلٍ / إِذا رَأى مِن عَدُوٍّ هامَةً صَدَما
مِنّا الثَلاثَةُ وَالفردُ الَّذينَ لَقُوا / كَتائِباً كَأبي السَيّالِ حِينَ طَما
تَدعُو عَجِيبَةَ أَحياناً وَآوِنَةً / أُمُّ العَجرَّشِ وَالحَجّافِ بَينَهُما
يَومَ الجُرَيعاءِ ما خامُوا وَما جَبُنوا / بَل كُلُّهُم يَصطَلي نِيرانَها قَدَما
مِنّا الرِجالُ الثَمانُونَ الَّذينَ هُمُ / يَومَ القَطيعَةِ أَوفى مَعشَرٍ ذِمَما
لاقُوا ثَلاثَةَ آلافٍ وَما جَبُنُوا / عَنهُم وَلا اِستَشعَرُوا خَوفاً وَلا بَرَما
فَطاعَنُوهُم إِلى أَن عافَ طَعنَهُمُ / مَن كانَ يَحسِبُهُم غُنماً إِذا قَدما
أَفعالُ آبائِهِم يَومَ الرُكَينِ وَمَن / يُشبِه أَبَاهُ فَلا وَاللَهِ ما ظَلَما
إِذ طَيَّرَ التَلَّ يَومَ القَصرِ كَرُّهُمُ / عَلى الأَعاجِمِ حَتّى بادَ بَينَهُما
نَحنُ الثِمالُ فَمَن يَكفُر بِنِعمَتِنا / كُنّا المُثَمَّلَ يُدني الحَتفَ وَالسَقَما
أَبياتُنا لِذَوي الآمالِ مُنتَجَعٌ / إِذا الزَمانُ يُرى كَالعِيرِ أَو عَرَما
وَما عَدَدتُ عَشيراً مِن مَناقِبِنا / وَمَن يَعُدُّ ثرَى يَبرِينَ مُرتَكِما
أَنِخ فَهَذِي قِبابُ العِزِّ وَالكَرَمِ
أَنِخ فَهَذِي قِبابُ العِزِّ وَالكَرَمِ / وَقِل فَكُلُّ العُلا في هَذِهِ الخِيَمِ
وَاِعفِ النَجائِبَ مِن نَصٍّ وَمِن عَنقٍ / فَقَد بَلَغتَ مُلُوكَ العُربِ وَالعَجَمِ
فَما وَراءَ بَني فَضلٍ فَتَطلُبَهُ / غِنىً لِراجٍ وَلا عِزٌّ لِمُهتَضَمِ
هُمُ المُلوكُ وَساداتُ المُلوكِ هُمُ / وَما رَبى المُلكُ إِلّا في بُيوتِهِمُ
وَقَد نَزَلتَ بِأسراهُم وَأَنبَلِهِم / عَلى سَراواتِهِم فِينا وَنُبلِهِمُ
فَاِنظُر بِعَينِكَ هَذا فَهوَ سَيِّدُهُم / طُرّاً وَسَيِّدُ عَدنانٍ وَغَيرِهِمُ
هَذا الهُمامُ عِمادُ الدِّينِ أَكرَمُ مَن / يُدعى وَيُرجى وَخَيرُ الناسِ كُلِّهِمُ
هَذا هُوَ المَلِكُ المَيمونُ طائِرُهُ / هَذا المُؤَمَّلُ هَذا كاشِفُ الغُمَمِ
هَذا هُوَ المُخجِلُ الأَنواءَ نائِلُهُ / فَما يُشائِمُهُ فَقرٌ إِلى الدِّيَمِ
هَذا هُوَ السالِبُ الجَبّارَ مُهجَتَهُ / غَصباً وَتارِكُهُ لَحماً عَلى وَضَمِ
هَذا الَّذي لَو رَأى قُسٌّ فَصاحَتَهُ / لَقالَ هَذا لَعَمري مَعدِنُ الحِكَمِ
هَذا الَّذي لَو رَآهُ في جَلالَتِهِ / كِسرى لَفَدّاهُ مِن مَوتٍ وَمِن أَلَمِ
هَذا الَّذي لَو زُهَيرُ الشِعرِ أَدرَكَهُ / يَوماً لَعَدّى إِلَيهِ القَولَ عَن هَرِمِ
فَحَيِّهِ بَعدَ تَقبيلِ الصَعيدِ وَقُل / أَهلاً وَسَهلاً بِمُحيي البَأسِ وَالكَرَمِ
أَهلاً بِسَيِّدِ أَهلِ الأَرضِ قاطِبَةً / وَخَيرِ أَملاكِ أَهلِ الحِلِّ وَالحَرَمِ
أَهلاً وَسَهلاً بِمَن في نُورِ غُرَّتِهِ / غِنىً عَنِ البَدرِ لِلسارِينَ في الظُلمِ
أَهلاً بِهِ وَبِهَذا اليَومِ إِنَّهُما / إِن فُوضِلا أَفضَلُ الأَيّامِ وَالأُمَمِ
وَكَبِّرِ اللَهَ وَاِشكُرهُ لِذاكَ وَقُل / اللَهُ أَكبَرُ وَاِسجُد غَيرَ مُحتَشَمِ
لِلّهِ دَرُّ عِمادِ الدِّينِ مِن مَلِكٍ / ما فِيهِ مِن كَرَمِ الأَخلاقِ وَالشِّيَمِ
سَكِينَةٌ لَو سَرَت في البَحرِ ما اِضطَرَبَت / بِرِيحِ عادٍ أَواذِيهِ وَلا إِرَمِ
وَهَيبَةٌ لَو سُلَيمانُ النَبيُّ أَتى / بِها الشَياطِينَ أَهلَ المَسِّ وَاللَمَمِ
لَأَوغَلُوا في البِناءِ المُقرَنينَ لَهُ / وَالغَوصِ أَو تُبعَثُ المَوتى مِنَ الرِّمَمِ
وَنَجدَةٌ لَو لِلَيثِ الغابِ أَيسَرُها / عَلا البِقاعَ وَلم يَستَذرِ بِالأُجُمِ
مَلِكٌ حَمى جَنَباتِ المُلكِ مُعتَزِماً / بِالسَيفِ لا بِيَراعٍ غُطَّ في جَمَمِ
وَشَكلَةُ السَيفِ أَمضى في العَدُوِّ وَإِن / فُلَّت مَضارِبُهُ مِن شَكلَةِ القَلَمِ
مِن بَأسِهِ تَذهَبُ الفُرسانُ شارِدَةً / شُرُودَ سِربِ القَطا مِن أَجدَلٍ قَطِمِ
كَم سَيِّدٍ في ظَلامِ النَقعِ غادَرَهُ / شِلواً بِأَبيضَ أَو زَرقاءَ كَالضَرَمِ
في وَقعَةٍ صاحَ فيها مَن نَجا هَرَباً / يا خِصبَ عامِكَ لا هُنِّيتَ مِن رَخَمِ
فَالخَيلُ تَعرِفُ في الهَيجاءِ صَولَتهُ / بِحَيثُ يَأخُذُ سامي النَقعِ بِالكَظَمِ
فَما أَحَسَّت بِهِ إِلّا اِنثَنَت هَزَماً / وَنَكهَةُ الذِئبِ لا تَخفى عَلى الغَنَمِ
كَم صَكَّ بِالسَيفِ وَالأَبطالُ جائِلَةٌ / مِن مُعلَمٍ في نَدِيِّ الحَيِّ كَالعَلَمِ
لَم يَشكُلِ الخَيلَ مُذ جالَت بِشَكلَتِهِ / إِلّا بِشَعرِ لِحى الأَبطالِ وَاللِّمَمِ
لَقَد زَهَت خُطَطُ البَحرَينِ وَاِفتَخَرَت / بِهِ عَلى مَأرِبٍ في الأَعصُرِ القِدَمِ
بعَدلِهِ وَالدَمِ المُهراقِ حَصَّنَها / وَلا يَقِرُّ دَمٌ إِلّا بِسَفكِ دَمِ
لِلّهِ حَدسُ أَبِيهِ إِذ تَأَمَّلَهُ / في المَهدِ لَمّا يُبن عَن لا وَلا نَعَمِ
قَد قالَ وَهوَ يُناغِيهِ لِأُسرَتِهِ / ثِقُوا بِأَبلَجَ عالي الذِكرِ وَالهِمَمِ
أَعطى اللَهى وَعَلَت في المَجدِ هِمَّتُهُ / قَبلَ اِختِطاطِ عِذارٍ وَاِثِّغارِ فَمِ
وَقادَها لِتَمامِ العَشرِ تَحسِبُها / آذِيَّ بَحرٍ زَفَتهُ الرِيحُ مُلتَطِمِ
فَداسَ كُلَّ بِلادٍ لِلعَدُوِّ بِها / دَوسَ اليَمانِيِّ ما يَخلى مِن الأَدَمِ
وَما أَلَمَّ إِلى أَن لَم يَدَع مَلِكاً / لَهُ بِها مِن حِمى حامٍ وَلا حَرَمِ
أَعطَتهُ مَملَكَةَ الأَحساءِ هِمَّتهُ / وَعَزمُ مُستَبصِرٍ بِالرَأيِ غَيرُ عَمِ
فَإِن يَقُولُوا اِختِياراً كانَ ذاكَ فَهَل / يُختارُ لِلضَربِ غَيرُ الصارِمِ الخَذِمِ
فَغَيرُ لايٍ وَزَجّاها مُلَملَمَةً / تَدافُعَ السَيلِ سَيلَ اليَأمَنِ العَرِمِ
فَما أَناخَت إِلى أَن غالَ عِثيَرُها / ما شيدَ بِالخَطِّ مِن حِصنٍ وَمِن أُطُمِ
وَما نَضا الدِّرعَ حَتّى حازَ حَوزَتَها / قَهراً وَآخى بِها الأًحساءَ مِن أَمَمِ
وَلَم يَمُدَّ إِلى هَرمُوزَ مِنهُ يَداً / وَحاركٌ لَم يَمُدُّوا كَفَّ مُعتَصِمِ
يا آلَ فَضلٍ أَماتَ اللَهُ حاسِدَكُم / بِغَيظِهِ وَكَفاكُم زَلَّةَ القَدَمِ
كَم يَمضُغُ الدَهرُ فِيما بَينَ أَظهُرِكُم / لَحمي وَيَشرَبُ شُربَ الهيمِ فَضلَ دَمي
أَفي المُروءَةِ أَن أَظمى وَحوضُكُمُ / لِلكَلبِ وَالذِئبِ وَالجِرذانِ وَالبُهَمِ
وَيُصطَفى مَن أَبُوهُ كانَ عَبدَ أَبي / دُوني وَيُقطَعُ فِيما بَينَكُم رَحِمي
حاشا اِبنَ مَسعُودٍ المَلكَ المُعَظَّمَ أَن / أُجفى وَيُقفى بَنُو الداياتِ وَالخَدَمِ
فَتىً نَماهُ إِلى العَلياءِ كُلُّ فَتىً / حامي الذِّمارِ وَفِيِّ العَهدِ وَالذِّمَمِ
مَن مِثلُ مَسعُودٍ القَرمِ الهُمامِ وَمَن / كَأَحمَدَ المُرتَجى في البَأسِ وَالكَرَمِ
وَمَن يُباري اِبنَ فَضلٍ في مَكارِمِهِ / أَبا سِنانٍ غِياثَ الناسِ في القُحَمِ
وَخَيرُ قَيسِ بنِ عَيلانٍ خُؤُولَتُهُ / فَمَن بَغى الفَخرَ فَليَفخَر بِمثلِهِمُ
قَومٌ أَبُوهُم سِنانٌ خَيرُ ما حَمَلَت / أُنثى وَمَن قادَها تَختالُ في اللُجُمِ
يابا عَلِيٍّ أَجِب مِن غَيرِ نَأنَأَةٍ / صَوتَ اِمرِئٍ في عُلاكُم غَير مُتَّهَمِ
إِلَيكَ شَدّاً مِنَ الأَحساءِ أَنهَضي / عَزمُ المُلوكِ وَحَظٌّ غَيرُ ذِي كَشَمِ
وَقَد تَحَقَّقتُ أَنَّ الرُشدَ يَصحَبُني / فَما أُحاذِرُ قَرعَ السِنِّ مِن نَدَمِ
كَم جُبتُ دُونكَ مِن تيهٍ يَتِيهُ بِها / قَلبُ الدَليلِ مِنَ الإِشفاقِ وَالسَأَمِ
وَمُزبِدٍ يَتَراءى المَوتُ راكِبَهُ / يَرمي بِمُقلَولبِ الأَمواجِ مُرتَطِمِ
قَد قُلتُ لِلنَفسِ فيهِ وَهيَ مُجهِشَةٌ / وَالمَوجُ مِن هازِمٍ فيهِ وَمُنهَزِمِ
قِرّي فَلَو شاءَ أَمراً فَهوَ بالِغُهُ / وَالمَوتُ آتٍ وَما تَلقَينَ كَالحُلُمِ
وَمَن تَكُن صُحبَةُ الأَملاكِ هِمَّتُهُ / مَضى على الهَولِ مَمضى البازِلِ السَدِمِ
وَغَيرُ مُستَنكَرٍ لَو زُرتُ حَضرَتَهُ / سَعياً عَلى الرَأسِ لا سَعياً عَلى القَدَمِ
وَقَد بَلَغتُ وَما في المالِ مِن ضَعَفٍ / وَقَد دَعَوتُ وَما في السَمعِ مِن صَمَمِ
وَها أَنا اليَومَ يا خَيرَ المُلوكِ أَنا / وَأَنتَ أَنتَ وَشَيءٌ قَطُّ لَم يَدُمِ
وَلَيسَ إِلّاكَ نَدعُوهُ وَنَندُبُهُ / لِما يُقابِلُنا مِن دَهرِنا الحُطَمِ
فَلا خَلَت مِنكَ آفاقُ البِلادِ وَلا / خَلَوتَ مِن نِعَمٍ تَأتي عَلى نِعَمِ