المجموع : 8
الحمد للعيس بعد العزم والهمم
الحمد للعيس بعد العزم والهمم / حمداً يقوم بما أولت من النعم
لا أجحد الحق عندي للركاب يد / تمنت اللجم منها رتبة الخطم
قربن بعد مزار العز من نظري / حتى رأيت إمام العصر من أمم
ورحن من كعبة البطحاء والحرم / وفداً إلى كعبة المعروف والكرم
فهل درى البيت أني بعد فرقته / ما سرت من حرم إلا إلى حرم
حيث الخلافة مضروب سرادقها / بين النقيضين من عفو ومن نقم
وللإمامة أنوار مقدسة / تجلو البغيضين من ظلم ومن ظلم
وللنبوة آيات تنص لنا / على الحقيقين من حكم ومن حكم
وللمكارم أعلام تعلمنا / مدح الجزيلين من بأس ومن كرم
وللعلى ألسن تثني محامدها / على الحميدين من فعل ومن شيم
وراية الشرف البذاخ ترفعها / يد الرفيعين من مجد ومن همم
أقسمت بالفائز المعصوم معتقداً / فوز النجاة وأجر البر في القسم
لقد حمى الدين والدنيا وأهلهما / وزيره الصالح الفراج للغمم
اللابس الفخر لم ينسج غلائله / إلا يد الصانعين السيف والقلم
وجوده أوجد الأيام ما اقترحت / وجوده أعدم الشاكين للعدم
قد ملكته العوالي رق مملكة / تعير أنف الثريا عزة الشمم
أرى مقاماً عظيم الشأن أوهمني / في يقظتي أنها من جملة الحلم
يوم من العمر لم يخطر على أملي / ولا ترقت إليه رغبة الهمم
ليت الكواكب تدنو لي فأنظمها / عقود مدح فما أرضى لها كلمي
ترى الوزارة فيه وهي باذلة / عند الخلافة نصحاً غير متهم
عواطف علمتنا أن بينهما / قرابة من جميل الرأي والرحم
خليفة ووزير مد عدلهما / ظلاً على مفرق الإسلام والأمم
زيادة النيل نقص عند فيضهما / فما عسى يتعاطى هاطل الديم
أبا علي وما من حاجة عرضت
أبا علي وما من حاجة عرضت / إلى نداك سوى عتبي على كرمك
صغرت قدر وداد كنت أكبره / حاشا اهتمامك أن يجني على هممك
نفرت بالقسم المبرور ذا ثقة / يدنو إليك وإن قعقعت من لجمك
يفديك يا بن أبي الهيجا ذوو همم / تزل أقدامهم في المجد عن قدمك
عصرت أكباد أهل العصر من أسف / علماً وحلماً ولم تبلغ مدى حكمك
أقسمت بالله خوفاً من معاملتي / وما أبالي وحق الله من قسمك
وكيف أنزل حاجاتي إذا عرضت / بكعبة الجود والبطحاء من حرمك
وما يضل ابن ليل بات يرشده / نور من العلم مشبوب على علمك
كن لي على شكر ما أوليت من نعم
كن لي على شكر ما أوليت من نعم / عوناً فإني بحق الشكر لم أقم
أولا فأرشد إلى ما تستحق فقد / أقررت بالعجز عنه غير محتشم
ولو نظمت النجوم النيرات إذاً / قلت فكيف ولم أنظم سوى الكلم
سمت ببدر بن رزيك وهمته / ذوائب المجد فاستعلت ذرى الهمم
متوج تخدم الأملاك ساحته / لثماً ويلقى الأعادي غير ملتثم
قد جرب الدهر منه في وقائعه / قرماً صوارمه تشكو من القرم
مقسم الفكر في بأس ومكرمة / موزع الرأي بين العفو والنقم
قد حالف النصر والتأييد صارمه / فما يريق دماً إلا لحقن دم
كم ظفر نائبة في الدهر قلمها / عزم المظفر بالصمصام والقلم
وموقف ينثر الهندي ما نظمت / فيه الأسنة من أشلاء كل كمي
غدوت يا فارس الإسلام فارسه ال / مشهور بالكر في مستبهم البهم
تقدمت بك فيه عزمة حلفت / لا تثني أو تلم البيض باللمم
لما رأيت الطلى والبيض قد جمعا / جمعاً به فرقة الأرواح للرمم
نادت صفاحك صفحاً عند قدرتها / والأسد تأنف من لحم على وضم
وعدت عنه ونور الفتح مشتعل / عن جانبيك ومن خلف ومن أمم
ورب نازلة شمرت مجتهداً / في كشف غمتها عن كاشف الغمم
فعل الوصي علي بالنبي وقد / همت بحرمته الكفار في الحرم
مواطن نبت فيها عند غيبته / عنها ولست على غيب بمتهم
بنيت بالسيف مجداً قال شامخه / إن العماد عماد غير منهدم
نجل كريم رأينا من نجابته / حكم الكهول ولم يبلغ مدى الحلم
شبيه مجدك في خلق وفي خلق / والشبل كالليث في بطش وفي قحم
أخو النجوم التي بالسعد طالعها / بدر يجلي سواد الظلم والظلم
ملك تظل الخطايا وهي عايذة / من عفوه بمقيل عثرة القدم
له الصوارم مازلت مضاربها / يخطبن عنه غداة الروع في القمم
وكل سابغة المضمار ما برحت / آذانها في الوغى تغني عن اللجم
والمكرمات التي ما نال أيسرها / مؤمل قط من كعب ومن هرم
قد خصه الله بالنعمى فعم بها / أثرى البرية والمثري من العدم
في وجهه ويديه من سنى وحيا / ما في الغمامة من ماء ومن ضرم
فما يريك جبيناً غير منطلق / ولا بنان يمين غير منسجم
لو أقسم الغيث يوماً أن يصافحني / نابت أنامل بدر عنه في القسم
جاورت منه كريماً لا بوائقه / تخشى ولا جاره يوماً بمنهضم
لو لم أشاهد بعيني مجد شيمته / ما كنت أعرف معنى الجد والشيم
لا عرفه ببعيد عن مؤمله / ولا معارفه مذمومة الذمم
إذا تهلل بشراً واستهل ندى / أدل قاصده إدلال ذي رحم
لم يخدم الدهر والأيام لي أملاً / حتى غدوت له من جملة الخدم
قد كثرت عدد الحساد أنعمه / عندي وما كثر الحساد كالنعم
كم رحت منه أجر الذيل من خلع / أعلامها كرياض الحزن والعلم
أختال ما بين إنعام وتكرمة / يكل عن شكرها المفروض كل فم
إن كنت أحسنت فالإحسان أنطقني / والشكر في نفحات الروض للديم
شكر القوافي على مقدار ما شربت / من خمرة عصرت من كرمة الكرم
فإن بدا لك من ألفاظها طرب / فهز عطفي معانيها فلا تلم
يا منعماً بنداه يعدم العدم
يا منعماً بنداه يعدم العدم / وينجلي بهداه الظلم والظلم
وقادراً أمطر الدنيا ندى وردى / ففاض من راحتيه البأس والكرم
هنئت عيداً تخطتني سحائبه / وقد سقى الخلق منها الوابل الردم
في روضة الحزن من فقدانها غلل / وفي سباخ الثرى من صوبها ديم
عجبت كيف تناستني علاك وقد / ظلت ضحاياك بين الخلق تقتسم
نسيان مثلي بعد الذكر محقرة / إن الغنيمة عندي ما هي الغنم
أنت الزمان فمن ترفعه يعل ومن / تخفض من الناس لا يرفع له علم
ومن تغافلت عنه فهو مطرح / ومن نظرت إليه فهو محترم
يا مسبل الستر لا تكشفه عن رجل
يا مسبل الستر لا تكشفه عن رجل / لا يلتجي أبداً إلا إلى كرمك
واستر عليه ولا تهتك سريرته / بقول من يستحل الضيف في حرمك
وهذه هذه فامنن عليه بها / مضافة نحو ما أوليت من نعمك
العلم مذ كان محتاج إلى العلم
العلم مذ كان محتاج إلى العلم / وشفرة السيف تستغني عن القلم
وخير خليك إن غامرت في شرف / عزم يفرق بين الساق والقدم
إن المعالي عروس غير واصلة / إن لم تخلق ردائيها بنضح دم
ترى مسامع فخر الدين تسمع ما / أملاه خاطر أفكاري على قلمي
فإن أصبت فلي حظ المصيب وإن / أخطأت قصدك فاعذرني ولا تلم
كم تترك البيض في الأغماد ظامية / إلى الموارد في الأعناق والقمم
ومقلة المجد نحو العزم شاخصة / فاترك قعودك عن إدراكها وقم
أمامك الفتح من شام ومن يمن / فلا ترد رؤوس الخيل باللجم
فعمك الملك المنصور سومها / من العراق إلى مصر بلا سأم
فاخلق لنفسك ملكاً لا تضاف به / إلى سواك وأور النار في العلم
وإنه المشيرين إن لجت نصيحتهم / أولا فأنعم على العميان بالصمم
واعزم وصمم فقد طالت وقد سمجت / قضية لفظتها ألسن الأمم
طال التردد في إبرام منتقض / من هذه الحال أو في نقض منبرم
فرب أمر يخاف الناس غايته / والأمر أهون فيه من يد لفم
فكيف إن نهضت فيما هممت به / أسد تسير من الخطي في أجم
وأنت ممن إذا طارت مهابته / في السمع صلت نياط القلب بالألم
لا يدرك المجد إلا كل مقتحم / في موج ملتطم أو فوج مضطرم
لا ينقض الخطرة الأولى بثانية / ولا يفكر في العقبى من الندم
كأنما السيف أفتاه وقال له / في فتح مكة حل القتل في الحرم
فما تروم سوى فتح صوارمه / يضحكن في كل يوم عابس البهم
حتى كأن لسان السيف في يده / يروي الشريعة عن عاد وعن إرم
هذا ابن تومرت قد كانت بدايته / فيما يقول الورى لحماً على وضم
وقد ترقى إلى أن صار طالعه / من الكواكب بالأنفاس والكظم
وكان أول هذا الدين من رجل / سعى إلى أن دعوه سيد الأمم
والغيث وهو كما قد قيل أوله / قطر ومنه خراب السد بالعرم
والبدر يبدو هلالاً ثم يكشف بال / أنوار ما سترته شملة الظلم
تنمو قوى الشيء بالتدريج إن رزقت / لطفاً ويقوى شرار الزند بالضرم
حاسب ضميرك عن رأي أتاك وقل / نصيحة وردت من غير متهم
أقسمت ما أنت ممن جل همته / ما راق من نعم أو رق من نغم
وإنما أنت مرجو لواحدة / بنى به الدهر مجداً غير منهدم
كأنني بالليالي وهي هاتفة / قد صم سمع رجال دونها وعمي
وبالعلى كلما لاقتك قائلة / أهلاً بمنشر آمالي من الرمم
مولاي دعوة مظلوم وربتما / تحنو الموالي على الداعي من الخدم
أصبحت بالشعر ملحوظاً بمنقصة / ولم أزل بين أهل العلم كالعلم
صن معدن الدر عن كف تقلبها / ومعدن الدر والياقوت فهو فمي
والعصر يعلم أني فيه جوهرة / رخيصة السعر بالغالي من القيم
ما أفقر الدهر من مثلي وأنت بما / أقول درى ولكن قلة القسم
لولا تقدم ذنب الدهر ما حسنت / عندي مواقع ما يولي من النعم
وصحة الجسم لا يدرى بقيمتها / إن لم ينبه عليها عارض السقم
وهبت أول أيامي لآخرها / إن صح أن الغنى كفارة العدم
وما حسدت جهولاً فضل ثروته / والريش ينبت فوق النسر والرخم
ولا رضيت لوجهي أن أجود به / على بخيل ولا استسمنت ذا ورم
أما وغيرك لا يهتز من طرب / على ترنم أصواتي ولا نغمي
فليهن مجدك أن الفضل ذو ترع / إذا مدحت وأن النقص ذو عمم
إذا حضرت بقطر لم يغب أحد / من الكرام ولا إلهامي من الديم
وكم يد لك صانت وجه منقبض / عن السؤال وأهدت أنس محتشم
وما مدحتك في بأس وفي كرم / إلا بما حدثتني ألسن الشيم
يروي الهدى والندى سجليك مبتهجاً / عن الغمامة والصمصامة الخذم
حاشا عوائدك الحسنى تنام لها / أجفان عين وعين الشعر لم تنم
غفلت عنها وقد جاءت مذكرة / لك القوافي ترجي فطنة الكرم
فامنن وعجل فخير الجود ما شربت / منه الوفود ولم يستدن للرهم
وأسلم لمثلي وأن أصبحت مثلك في / فقد المماثل يا ذا الجود والكرم
ثغر الزمان بنجم الدين مبتسم
ثغر الزمان بنجم الدين مبتسم / ووجهه بدوام العز يتسم
أيامه الغر لا زالت مخلدة / ساعاتها فرص للأجر تغتنم
حرمت عدلاً شهور العام قاطبة / فليس تعرف منها الأشهر الحرم
أضحى بك النيل محجوجاً ومعتمراً / كأنما حل فيه الحل والحرم
بنان كفك بالإحسان واكفة / لا تدعي فضلها الأنواء والديم
كف تقبلها الأفواه تكرمة / والركن يومي إليه حين يستلم
جاءت بنوك وشمل الدين منتشر / فقارعوا عنه وهو اليوم منتظم
وما درى أحد من قبل رؤيتهم / أن الحظوظ بلثم الأرض تقتسم
نامت عيون الورى في عدل سيرتهم / كأن يقظتنا في عصرهم حلم
والناصر ابنك كافي كل معضلة / إذا الحوادث لم تكشف لها غمم
أبو المظفر من لولاه ما نهضت / للنصر قادمة يوماً ولا قدم
أعز بالباس والإحسان حوزتنا / فلم يلم بنا خوف ولا عدم
وإن شمس بني أيوب ضامنة / أن لا يروعنا ظلم ولا ظلم
تبسم الدست من أيوب عن ملك / تخط عن قدره الأقدار والهمم
متوج بات دين الله معتصماً / بحبله وبحبل الله يعتصم
يدنو ويبعد في حالي ندى وردى / كالدهر ينعم أحياناً وينتقم
قادت إليه زمام الملك أربعة / نصر الهدى والندى والسيف والقلم
وهدمت منه خلق الدهر أربعة / العلم والحلم والمعروف والكرم
وصاحبت منه قول الصدق أربعة / العهد والوعد والميثاق والذمم
وصدقت مادحيه منه أربعة / الأصل والفرع والأخلاق والشيم
فالجور والبخل والإلحاد منصدع / والعدل والجود والإيمان ملتئم
يا خير معتصب بالتاج منتصب / ترضى المكارم عن يوميه والأمم
هل أنت مصغ إلى دعوى أحبرها / إلى علاك فأنت الخصم والحكم
ما زال في الثغر لي رزق سحائبه / تهمي على روض آمالي وتنسجم
حتى ملكت فلا نجم أسير به / إلى علاك ولا نار ولا علم
واليوم خمسة أعوام محرمة / لم يسقني لك لا طل ولا ديم
وكان لي من ملوك النيل قبلكم / مكانة عرفتها العرب والعجم
وكان بيني وبين القوم ملحمة / في حربها ألسن الأديان تختصم
وما تزال إلى داري عوارفهم / تمشي إلى بابها الإكرام والنعم
تركت قصدك لما قيل أنك لا / تجود إلا على من مسه العدم
ولست بالرجل المجهول موضعه / ولا لنزر من الإحسان أغتنم
ولا إلى صدقات المال أطلبها / ولا عمى مس أعضائي ولا صمم
وإنما أنا ضيف للملوك ولي / دون الضيوف لسان ناطق وفم
وأنت أكرم من يمشي على قدم / والناس عنك فقد أثنوا بما علموا
وما التواتر مما أستريب به / حاشا لقاعدة الإجماع تنخرم
إسكندرية ثغر أنت مالكه / والنار من غرماني فيه تضطرم
فامنن ووقع بنصف الألف أقسمها / فيهم فمالك بين الناس ينقسم
واغرم فإن الملوك الصيد عادتهم / إذا رأوا عاجزاً عن مغرم غرموا
ومن رجاك لنزر يستعين به / فحكمتي في ندى كفيك تحتكم
أنت المسيح وأحوالي بها سقم / فامنن بمعجزة يبرى بهم السقم
فلو مدحت زماني وهو عبدكم / بمدحكم لم يزرني الشيب والهرم
لهفي على أسد الدين الهمام وكم / جرت عليه دموع العين وهي دم
لو عاش لي لم أقم هذا المقام ولا / أذلني الدين والأطفال والحرم
قد كان يرفعني في صدر مجلسه ال / عالي ويبسط أنسي حين أحتشم
وكان يعرف مقداري وقد ذكروا / أن المعارف في أهل النهى ذمم
فقل لفضلي يحفظني لخدمته / فربما تحفظ الأجداث والرمم
وانظر إلي بعينيه فبينكما / في كل بر وفعل صالح رحم
صحت بدولتك الأيام من سقم
صحت بدولتك الأيام من سقم / وزال ما يشتكيه الدهر من ألم
زالت ليالي بني رزيك وانصرمت / والحمد والذم فيها غير منصرم
كأن صالحهم يوماً وعاذلهم / في صدر ذا الدست لم يقعد ولم يقم
هم حركوها عليهم وهي ساكنة / والسلم قد ينبت الأوراق في السلم
كنا نظن وبعض الظن مأثمة / بأن ذلك جمع غير منهزم
فمذ وقعت وقوع النسر خافهم / من كان مجتمعاً من ذلك الرخم
ولم يكونوا عدواً ذل جانبه / وإنما غرقوا في سيلك العرم
وما قصدت بتعظيمي عداك سوى / تعظيم شأنك فاعذرني ولا تلم
ولو شكرت لياليهم محافظة / لعهدها لم يكن بالعهد من قدم
ولو فتحت فمي يوماً بذمهم / لم يرض فضلك إلا أن يسد فمي
والله يأمر بالإحسان عارفة / منه وينهى عن الفحشاء في الكلم