المجموع : 18
أَلِم بِمَنزِلِ أَحبابٍ لَهُم ذِمَمُ
أَلِم بِمَنزِلِ أَحبابٍ لَهُم ذِمَمُ / سَحَّت عَلَيهِم سَحابٌ صَوبُها دِيَمُ
وَاِستَنشِقِ الريحَ مِن تِلقاءِ أَرضِهِمُ / شَوقاً لِتُخبِرَكَ الأَرواحُ أَينَ هُمُ
أَظُنُّهُم خَيَّموا بِالبانِ مِن إِضَمٍ / حَيثُ العَرّارُ وَحيثُ الشيحُ وَالكَتَمُ
لما بدا السرُّ في فؤادي
لما بدا السرُّ في فؤادي / فنى وجودي وغاب نجمي
وحال قلبي بسرِّ ربي / وغبتُ عن رسم حسِّ جسمي
وجئتُ منه به إليه / في مركب من سِنيّ عزمي
نشرتُ فيه قلاعَ فكري / في لُجةٍ من خفيِّ علمي
هَّبتْ عليه رياحُ شوقي / فمرّ في البحر مَرَّ سهم
فجزتُ بحرَ الدنوِّ حتى / أبصرت جهراً من لا اسمي
وقلتُ يا من رآه قلبي / أضربُ في حبكم بسهم
فأنت أُنسي ومهرجاني / وغايتي في الهوى وغُنمي
هذا الخليفة هذا السيدُ العلم
هذا الخليفة هذا السيدُ العلم / هذا المقام هذا الركن والحرمُ
ساد الأنامَ ولم تظهر سيادتُه / لما بدا العجل للأبصارِ والصنم
ما زال يروع قوماً همُّهم أبداً / في نيل ما ناله موسى وما علموا
إن العيان حرام كلما نظرتْ / عينُ البصيرةِ شيئاً أصله عدمُ
الفرج يحمل في الأنثى وفي الذكر
الفرج يحمل في الأنثى وفي الذكر / على حقيقةِ لوحِ العلم والقلمِ
فذا يخط حروف الجسم في ظلم / وذا يخط حروف العلم في همم
كلاهما بدلٌ من ذات صاحبه / عند الوجود فلا تنظر إلى العدم
النور يمنح أضواء ونوركم
النور يمنح أضواء ونوركم / لا يمنح الضوءَ لكنْ يمنح الظُّلَما
قد أفلح المؤمنون الصادقون بما
قد أفلح المؤمنون الصادقون بما / رأوه في صدقهم من كل معلومِ
هم الأعزَّاء لا جاهٌ ولا شرفٌ / إلا بشربهمُ من عينِ تَسنيم
إنْ قالوا قالوا به وقال قالوا به / فهم بما نعتوا بكل تقسيم
عينٌ له وهو عينٌ ثابتٌ لهم / فلا يصرِّفهم إلا بترسيم
بمثلِ ذا أثبت البرهان جبرهمُ / فلا اختيارٌ لهم من غير تتميم
تمّ الوجودُ بهم إذ كان ينقصه / أعيانهم وهو حالُ النونِ والميم
لذاك تبصرهم إذا تعاينهم / في زينة الله في أحوال تعظيم
الشعر ما بين محمودٍ ومذمومٍ
الشعر ما بين محمودٍ ومذمومٍ / لذا أتى ربُّنا فيه بتقسيم
في كلِّ وادٍ تراه جائلاً أبداً / يهيم فيه لإيصال وتعليم
فإنه يطلب التعريف من شبه / في عالم الخفض عن مزجٍ بتسنيمِ
فما تراه على نجدٍ لذاك أتى / بالوادِ في لغتهم بكلِّ مفهوم
فإن مدحتَ به من يستحقُّ علا / وإن مدحتَ به ضد التفهيم
هوى لذا قلت فيه ما سمعت به / الشعر ما بين محمودٍ ومذمومِ
كذا هو القول شعراً كان أو مثلاً / فلا يُقال تعالى الشربُ للهِيم
لو يعلم الناسُ ما القرآنُ جاء به / فيه لقالوا به في كلِّ منظوم
الخلف تحسن في الإيعاد صورته
الخلف تحسن في الإيعاد صورته / كقُبحها عند وعد الجودِ والكرمِ
إنَّ الكريمَ الذي يسقى الدواء لما / فيه من الكُرهِ كي يبرى من الأَلَمِ
وهي الحدود التي جاء الرسولُ بها / دنيا وآخرة لكلِّ ذي سَقَم
فلا يهولك ما يلقاه من غُصَصٍ / وإنْ تألم فالعقبى إلى نعم
الشرعُ شَرعان شَرْعُ الرسلِ والحكما
الشرعُ شَرعان شَرْعُ الرسلِ والحكما / وكله فهو مرعيّ لمن فهما
عند الإله فإن الله قرَّره / شرعاً قويماً لمن يدري إذا علما
إن الإله هو الموحي بذاك إلى / قلوبهم وهمُ لا يشعرون بما
ألقاه في القلبِ من حكمٍ ومن حكمٍ / لأنهم زعموا بأنهم عُلما
وليس يدرون أنَّ الله أعلمهم / كذا أتتنا به مقالة القدما
لأنهم جهلوا ما نحن نعلمه / من الإله الذي بالحق قد حكما
فنحن أسعد منهم في قيامتِنا / ويزعمون غداً بأنهم زُعما
روحاً وقد غدرتْ بهم مواكبهم / فهم وإنْ سعدوا لم يفقدوا ندما
فنحن أعلم ما قالوه واعتقدوا / وما رأينا لهم في علمنا قدما
ونحن أهل شهود في طريقتنا / وهم بأفكارهم في حيرة وعمى
لولا مطالبتي لم يثقل اليومَ
لولا مطالبتي لم يثقل اليومَ / ولا أحسَّ به للخفة القومُ
يومُ الصيامِ له ثقلٌ يحسُّ به / من صامه والذي لربنا الصوم
لأنه نعتُ تنزيهٍ وليس لنا / نعم ويعضده في ذلك الشيم
وليس يدري بشيء من فضيلته / إلا إمامٌ له من دهرِه يومُ
وليس في حضراتِ الكون أكمل من / وجود حضرة ما يأتي به النوم
من يدَّرعْ يطلعْ صوناً على الحرمِ
من يدَّرعْ يطلعْ صوناً على الحرمِ / وليس يدري به إلا أولوا الكرمِ
قوم تراهم إذا الرحمن فاجأهم / سكرى حيارى به في مجمعِ الهممِ
لا يعبدون سوى الرحمن ربهمُ / في صورةِ النون لا بل صورة القلم
لذاك يجمله وقتاً فيبهمه / وثم يوضحه التفصيلُ في الأمم
إذا تسطره في اللوح تعرفه / أهل التلاوة من عُرْبٍ ومن عَجَمِ
لكلِّ صنفٍ من الأصنافِ دينهمُ / ولي أنا دينُ شَرعِ الله في القدم
إذا عملتُ به ربِّي يميزني / في أهله أهل هذا الذكر والحكم
هذا الوجودُ الذي بالعرف نعرفه
هذا الوجودُ الذي بالعرف نعرفه / ليس الوجودُ الذي بالكشف نعلمه
العقلُ يجهله والفكر ينكره / والذكر يظهره والسرُّ يكتمه
هو الإله ولا تدري مظاهره / بأنه عينها والحقُّ يبهمه
على العقول التي العادات تحجبها / لذاك تنكر ما الأسرار تفهمه
إلا على واحد من كل طائفة / فإنّ ربك بالتعريف يكرمه
يا ربّ غفراً وعفواً إنني رجلٌ / من يطلب الأمر مني لست أعلمه
إلا بأمرك إن العبد ليس له / تصرُّفٌ دون أمر منك يعلمه
وهبتني كرماً سرّاً فبحت به / ولم يكن أدباً ما قاله فمه
عتبتَ عبدك فيه ثم قمت به / عنه لتحفظه إذ أنت تلهمه
محوته من صدورٍ أنت تعرفها / بسِنَةٍ أو نُعاسٍ فاحتمى دمه
ما كنتُ أعلم أن الأمر فيه كذا / عند الإله وأن العتب يلزمه
لولا محبتُه فينا لعذبنا / ولا يُهانُ من الرحمن مكرمه
إنّ الذي شاء ربي أنْ أدخره / أريد أعربه والحالُ يعجمه
إلا على قلبِ من قد شاء خالقنا / يدري به فلسانُ الوقتِ يبرمه
كالتونسيّ ومن يجري بحلبته / من القلوبِ التي تعطي وتكتمه
أعطيتُ كلَّ محل ما يليق به / وقلت فيه مقالا لا أججمه
يقول للقول كن حتى يكون به / من بعد ذلك يأتيه يندّمه
لو لم يكوّنه لم تظهر حقيقته / لكنه العلم بالمعلوم يحكمه
يقضى عليه به فالحقُّ بايعه / لكنه بحدوث العين يوهمه
الله يجعلني عبداً ويعصمني
الله يجعلني عبداً ويعصمني / من السيادةِ حالاً إنها شومُ
ما دمتُفي حالِ تكاليفٍ وفي حُجُبٍ / والنور منكشفٌ والسرّ مكتومُ
أقصى السيادة إني منه صورته / وإنني حاكمٌ والخلقُ محكوم
وكون خلقا هو المطلوب من خلقي / والحق خالقه والأمر مفهوم
إن قمت قام به أو كنت له / هذا المرادُ الذي في الشرع معلوم
فالله يرزقني مما يليق به / من المعارفِ مما فيه تقسيم
قد قلت حقاً ولا أدري طريقته / وهو القؤولُ وإني فيه موهوم
بالوهم كان لنا مما قلت كان له / فيه لناظره أمر وتحكيم
الحكم حكم صلاتي لو تحققه / بيني وبين الإله الحق مقسوم
فمن يكون ملكياً في تصرّفه / فذلك الشخصُ بين الناسِ محروم
أعمى جهولٌ ضعيقُ الرأي مختبط / وهو الظلوم وفي التحقيق مظلوم
ومن يكون عبيداً في تقلبه / فذلك الشخصُ مشكورٌ ومرحوم
هذا المقام الذي أبغيه فزتُ به / وإنني فيه محفوظٌ ومعصوم
من طلبَ الدينَ بالكلامِ
من طلبَ الدينَ بالكلامِ / زندقه الشرعُ والسلامُ
فاعدل إلى الشرعِ لا تزده / فإنه كله حرام
فإنَّ علمَ الكلامِ جهلٌ / يرمي به الحالُ والمقامُ
ما الدينُ إلا ما قال ربي / أو قاله السيِّد الإمام
رسوله المصطفى المرجّى / عليه من ربِّه السَّلام
الله أكبر لكن لا بأفعل من
الله أكبر لكن لا بأفعل من / إلا إذا كان عينُ الخلقِ كلهمْ
وقد يكون ولكن عند طائفةٍ / ما قال أهل النُّهى فيهم بفضلهم
هم الأكابر لا تدري مقاصدهم / ولا يعاين منهم غيرَ ظِلِّهم
أفناهم الحقُّ عنه عندما فنيت / به النفوسُ فعز وأبعد ذلهم
لو أنهم نظروا بعينه عبدوا / منهم لكنهمُ في غير شكلهم
ما يعبد القومُ نفساً غيرَ واحدةٍ / تنزهت أن يراها غير مثلهم
عز المساعد إذ عز الذي قصدوا
عز المساعد إذ عز الذي قصدوا / علماً به وهو المشهودُ لو علموا
هم الحيارى وعين العلم عندهمُ / فنعم ما شهدوا وبئس ماحكموا
العقلُ خوّفهم والشرعُ آمنهم / إنَّ النجاة لهم إنْ شرعهم لزموا
هم الحيارى السكارى في معارفهم / ومنا لهم خبر بأنهم قدموا
عليه من غير علمٍ قام عندهمُ / به ولو علموا بعلمهم ندموا
عجبت للجهلِ في علمٍ أحققه / لديهمُ وهم الجهلا كما زعموا
ما جنة الخلد غير قلبي
ما جنة الخلد غير قلبي / لأنه بيتُ من يدومُ
قمتُ له بالهوى ويدري / من قام فيه ممن يقوم
عنه إلى غيره فترمي / إليه أنوارَها الرجوم
لو أن قلبي يراه قلبي / قلت أنا الرائح المقيم
إنّ العذاب الذي تراه / منه بنا ذلك النعيم
قال لي الحق من وجودي / وقوله الصادقُ القويمُ
نبىء عبادي عني بأني / أنا هو الغافر الرحيم
وإن أيضاً عذابُ حجبى / عذابنا المؤلم الأليم
قلتُ وأيّ الكلامِ أولى / أذكر والذاكرون هِيْمُ
فقال لي من صفا فؤادي / كلامه الحادثُ القديم
قلت له من يقول هذا / فقال لي ربك العليم
قلتُ لعلي أقتصر فقل لي / أولى بنا أيّها الحكيم
فإنه ذو المعالي فينا / وإنه المحسنُ الكريمُ
فسلِّم الأمر لا تبالي / فالقولُ ما قاله القيم
فعلمه في الوجودِ سار / ما دام كوني به يقيم
النورُ ستر الذي الأظلام تحجبه
النورُ ستر الذي الأظلام تحجبه / عنا وترفعه مفاتِح الكرمِ
وقل به كرماً إنْ كنتَ ذا كرم / فإنما الكشفُ بين النورِ والظلم
ما أسدل الستر إلا أنْ يصون به / وجه الكيانِ من الإحراق والعدم
إذا أردت ترى ما لا تراه فكن / به على قدمٍ علياءَ من قدم
له الإحاطة ليست لي فأطلبها / فإنها قد تؤذيني إلى الندم
لا شيء أعلم بعد الله منه سوى / نون الدِواةِ فرأسُ السيد القلم
هو المفصل ما في النون أجمله / ربّ العباد بمنشورٍ ومنتظم
فهذه حكمٌ جاءتك من حكمٍ / له التحكم في الألباب بالحكم
فالعلم في عالم الأنوار والظلم / أقوى ظهوراً من العرفانِ في الكلم