المجموع : 5
حي المغاني بين البان والعلم
حي المغاني بين البان والعلم / ففي المغاني معاني الحسن والكرم
يهيج برح الصبا للمستهام صباً / في نشرها بشر قرب الركب من اضم
اراق بعدي لهم عيش فبعدهم / اراق فيض دم من دمعي السجم
ان السهاد نفى جسمي ضناً فغدا / يحكي السهى دنفاً في حب بدرهم
اتملك العين من عين الظبا نظراً / ودونها الاسد تسطو بالضبا الخذم
ريم الصريم إذا رمت العقيق ففي / عقيق دمعي غنى عنه فلا ترم
في وجهك ابن ابي سلمى وبهجته / وفي لواحظك الوسنى ابو هرم
ضل الفؤاد فظل الجسم حلف ضني / فالجسم في مرض والقلب في ضرم
اني ابحت دمي عمداً فلا قود / عليهم في الهوى اني ابحت دمي
رأيت جورهم عدلا وهجرهم / وصلا وذلي عزاً في ودادهم
صبري وجسمي وطرفي والفؤاد أسى / واه نحيل غزير الدمع في الم
يفك كل أسير في بيوتهم / الا أسير جفون من ظبائهم
فليت شعري أوجد أم لهيب غضاً / ما أودعوه فؤادي يوم بينهم
يهيج لي عاذلي في ذكرهم طرباً / فالعذل أحسن في سمعي من النغم
وصاحب لامني لما رأى كلفي / لو ذقت طعم الهوى يا صاح لم تلم
يزيد طبع الفتى في الحب طيب شذى / كما تضوعت الأزهار بالنسم
مخضت رايك واستجمعت زبدته / ولست عندي على راي بمتهم
فجئت بالنقض والإبرام منتقياً / من الحجى أفصح الالفاظ والكلم
وقد تبوأ منا واحد رشداً / فكل إذا شئت أمرينا إلى حكم
حاشا الهوى وهو علق ان تفوز به / نفس العذول الغبي الساقط الهمم
إني رأيت كرام الناس في تعب / وأنت من تعب العلياء في سلم
هم اسعروا مهجتي ناراً فخضت بها / في بحر عشق بموج العشق ملتطم
والحب أوله حلو وآخره / مرّ ولذته تفضي إلى ندم
لا والهوى وليالينا التي سلفت / ما حلت من عهدكم يا جيرة العلم
ان ابق بعدكم حيا فلا عجب / بقيت لكن لطول الحزن والالم
ان أومض الخال من شرقي كاظمة / حكاه دمعي بمنهل ومنسجم
قالوا الصبابة سقم لا شفاء له / قلت الوصال شفاً من ذلك السقم
قالوا سلوت فقلت العيش بعدكم / قالوا الفت فقلت النجم في الظلم
كأن جسمي وقطر الدمع بغمره / سلك يلوح بدرّ فيه منتظم
اغني بجوهر دمعي ناظري على / اني من الصبى في فقر وفي عدم
دعني ارق نسقا دمعي فلا بدل / منهم وان منعوني نيل عطفهم
وربما شب في الاحشاء جمر غضاً / جنح الدجى ذكر جيران بذي سلم
طالت ليالي النوى حزناً كما قصرت / من المسرة لي أيام وصلهم
فما لليل النوى صبح يلوح وهل / في الصبح لي راحة من لاعج الالم
كم صابرت همتي صرف الزمان ولم / تضعف وصرف النوى أو هي قوى هممي
يا نفس جرعتني مرّ الغرام بهم / حتى اريق باسياف الجفون دمي
والصبر كان حميما لي فاسلمني / غدراً فكابدت أشجاني بغير حمي
يا قلب هل لك ان يمحو الضلال هدى / بمدح خير البرايا سيد الأمم
طه ابي القاسم الهادي البشير رسو / ل الله صفوة عبدالله ذي الكرم
زاكي النجار كريم الطبع متصف / بالجود والباس والعلياء والعظم
الباذخ الهمم ابن الباذخ الهمم / ابن الباذخ الهمم ابن الباذخ الهمم
منزه الذات عن نقص يلم بها / قد هزبت واصطفاها بارئ النسم
عظيم خلق به الخلق اهتدى رشداً / متمم كرم الاخلاق والشيم
سامي المعارج مهدي المناهج قض / اء الحوائج غوث الناس في الازم
ونور قدس حباه النور من شرف / بالنور يهدي سبيل الرشد كل عمي
ان كان آنسي موسى النار من بعد / فالمصطفى آنس الأنوار من أمم
إن كان أحيى المسيح الميت معجزة / فذكر أحمد يحبى بالي الرمم
الناطق الفصل في قول يضمنه / براعة البالغين الحكم والحكم
غيث المؤمل غوث المستجير به / هادي الأنام سبيل الواضح اللقم
فاق البرية في خلق وفي خلق / وعمهم كرماً بالنائل العمم
فجوده البحر في اسداد عارفة / وعلمه البحر يلقي جوهر الكلم
سقى رياض الأماني جود راحته / محاً فازهرن بالالاء والنعم
ومثله فليرجي المرتجون وهل / يرجى مثيل لذاك المفرد العلم
مسترشد رشاد مستنجد نجد / مسترفد رافد مستمجد شهم
محمد المصطفى اصفاه خالقه / بالحمد في اشرف الايات والكلم
رسول صدق عن الارشاد لم يرم / يوماً وغير رضا باريه لم يرم
لو كان في الرسل من في الفضل بشركه / ما خصه الله بالمعراج والعظم
فآدم قد حوى فضل السجود به / ونال عفواً به عن زلة القدم
وفيه قد رجعت نار الخليل له / برداً فنال رغيد العيش في الضرم
سمح يحقق آمال النفوس فما / يخيب راجيه من لطف ومن كرم
فللجناة لديه عفو مقتدر / وللعفاة لديه جود مبتسم
اسماؤه وصفت افعاله فغدت / من الجلالة تتلوا أحرف القسم
هو المؤمل في الدنيا المشفع في / الأخرى فلذ وتمسك فيه واعتصم
عزت به العرب وانقاد الزمان لها / واصبحت تخضع التيجان للمم
إذ قام مضطلعا بالأمر مفترعاً / عزاً تقاعس عنه كل معتزم
في السلم يحيى بعذب الجود ذا آمل / في الحرب يردي بمر البأس ذا اضم
بعزم أروع سامي الهم منصلت / ورفد ابلج طلق الوجه مبتسم
واستل من عزمه عضب الغرار ارمضا / غرباً وشرقاً فبادت دولة الضم
واشرقت انجم التوحيد محدقة / منه ببدر هدى يجدو دجى الظلم
نبوة حاولوا اخفاءها فبدت / ان الشموس سناها غير منكتم
كأن شرعته ضوء النهار جلت / من الضلالة ليلا حالك العتم
من صفو اخلاقه سلسال كوثره / جرى بصفو معين سائغ شبم
فشكره والثنا والاجر مغتنم / في خير مغتنم في خير مغتنم
ما نال من عرض الدنيا وقد عرضت / كنوزها رغبة عنها ولم يرم
إذا لجأت إليه فاشتكيت له / بؤساً أمنت وزال البؤس بالنعم
يغزو العدا بموادي الخيل حاملة / غلب الأسود أسود الحرب لا الأجم
بالظلم يجزي العداة الظالمين له / وظلمه العدل في تاديب مجترم
وتخجر البيض من ماضي عزائمه / إذا انتضاها فتكسى حمرة العنم
يقسم السمر والبيض الرقاق لهم / فللصدور القنا والبيض للقمم
وقلبه للتقى والذكر منقسم / وكفه الندى والسيف والقلم
مآثر قصرت عن دركها ونبت / أوهام كل بليغ بارع فهم
حلم تخف الجبال الراسيات به / رزانة وندى يربى على الديم
لو شاء ان يجعل الدنيا لساكنها / دار الخلود نجت من سطوة العدم
فيومه الدهر وهو الخلق قاطبة / بل كان علة خلق الكون في القدم
صلى عليه اله العرش ما تليت / ايات فضل له في نون والعلم
وآله الغر اصحاب العباء ومن / قد بأهل المصطفى اعداءه بهم
هم بعده خير خلق الله شرفهم / على الورى قبل خلق اللوح والقلم
هم الخضارم فارشف در عرفهم / خضر وامالنا بيض برفدهم
المغمدون الضبا في كل معترك / حيث الحجى ومناط البيض واللمم
بدور حسن إذا ما اشرقوا عكسوا / ضوء البدور بغر الأوجه الوسم
فالزهر تشرق والأزهار تعبق عن / شذاهم وسناهم فانتشق وشم
تارجوا فطوى الافاق ذكرهم / نشراً به ضاع عرف المسك في الأمم
ما البارد العذب معلولا لذي ظمأ / احلى واعذب من تكرير ذكرهم
ألو الكمال ملاك العلم حكمهم / عدل ولمع هداهم ساطع العلم
غطارف عرفوا بالعرف واتصفوا / بالفضل والشرف الموفي بفخرهم
لا عيب فيهم سوى التقوى وانهم / مصالت خشن في ذات ربهم
كم أوضحوا سننا كما اسبغوا منناً / وكم جلوا حزناً عنا ببشرهم
وقد بسطت وخير القول اصدقه / لسان صدق عليا في عليهم
ففي علي أمير المؤمنين ذكا / فكر وفي مجده قد رق منتظمي
وزيره وأخوه دونهم وابو / سبطيه فخر به قد خص في القسم
قسيم طه علا لولا نبوته / وفي الامامة فضل غير منقسم
لم يأل شرعة طه جهد منتصر / بساعد ولسان ناطق وفم
مضاء ذي لبد مستبسل نجد / وحكم ملتزم بالعدل معتصم
فسيفه جدول يجلو الفرند به / روضاً سواه سوام الحتف لم تسم
وردت في حبه العذب الزلال ولم / اخدع بلمع سراب من اتاه ظمي
وبالامام الهمام المرتضى علقت / يدي فلاح فلاحي وانجلت غممي
وصحبه النجب المحيين سنته / احياء نبت الربى بالوابل الرذم
صيد جحا جحه قد طاب فرعهم / ففرعهم معرب عن طيب اصلهم
تمضي الصوارم أيديهم إذا كهمت / وفي النزال قرى العقبان والرخم
هم المحاريب ان صالوا بيوم وغى / صلت سيوفهم في ارؤس البهم
بكل اهيف لدن القد منعطف / يرنو بازرق مشغوف بكل كمي
لا يخلفون لباغي الخير موعده / وربما اخلفوا الميعاد بالنقم
يا أرض طيبة قد طلت السماء علا / بالمصطفى فاشكري النعماء واغتنمي
قد ضم تربك وهو المسك جوهرة / قد ابدعتها يد الالطاف والحكم
دوح بها يشرف الروح الأمين على / غر الملائك إذ يدعى من الخدم
كانك الجنة الفردوس واصفة / جنان خلد وما فيهن من نعم
فهل تنال مناها النفس ثانية / بزورة فيحل الأنس بالحرم
يا سيدي لي حاجات عنيت بها / وأنت أكرم مامول وملتزم
وسائل البر إن كانت وسائله / إلى الكريم أصاب النجح من أمم
ومذ غدوت شفيعا للأنام غدا / لواء حمدك منشوراً على الأمم
قد كاثرتني ذنوبي فالتقيت بها / بجيش هم على الأحشاء مزدحم
والنفس كالتبر تستصفي شوائبها / نار الهموم فترقى باذخ الهمم
جعلت مدحك لي ذخراً ومعتصما / فاقبل مديحي يا ذخري ومعتصمي
فصار قد حي المعلى وانجلت غممي / وسار مدحي المحلى واعتلت كلمي
وقيمة المرء ما قد كان يحسنه / وفي مديحك ما تغلو به قيمي
ورب قول يحلي السمع جوهره / ورب قول يروع السمع بالصمم
محمد بك اضحى ظنه حسناً / يا معدن اللطف والاحسان والكرم
حقق رجائي واشفع لي فقد علقت / يدي بحبل رجاء غير منفصم
أعظمت يومكم واشتدّ اعظامي
أعظمت يومكم واشتدّ اعظامي / لو لم أرض لقضاء الله أوهامي
جليل رزئك لا يقوى له بشر / ينوء من حمل أحزان وآلام
صك الأقاليم ناعي الفضل فاعتصمت / خوف الهلاك بتمويه وايهام
حتى إذا غلب الشك اليقين دجا / ليل الخطوب باسداف واظلام
يا من أباح حمى التوحيد فاختلست / أيدي المنون عميد الدين والحامي
وكيف اجلا سحاب الفضل بعدروا / وغاض لج الخضم الزاخر الطامي
يا مثقبا لضيوف العلم نار قرى / تهدي إلى حكم غرّ واحكام
ومرشفا ظما الألباب ان وريت / زلال تبصرة يشفى جوى الظامي
رمتك اسهم دهر كنت غرته / فاز الرمي وطالت حسرة الرامي
فاصبحت ارسم التوحيد دراسة / ميلا دعائمها من بعد احكام
فليندب الشرع والإسلام قطب حجى / عليه دارت رحى شرع وإسلام
حنت إليك محاريب التقى وبكت / شجواً لأشرف صوام وقوام
واعولت بعدك الأيتام فاقدة / ثمال مرملة حنت لأيتام
لقيت وفد الردى جذلان مبتسما / فجاء مستقدما من بعد إحجام
ولا سجيتك الحسنى التي كرمت / لم يسع نحوك اقداماً باقدام
وأنت يا ناشد المعروف ممترياً / سجال أو طف هامي الودق سجام
أقرى لك الله مغناه فليس به / إلا مواقف تسليم والمام
عرج على النجف الأعلى وحي به / قبر الزكي بتعظيم وإكرام
سمي طه التقي الطاهر العلم / الفرد المؤيد في نقض وإبرام
وقل سقتك ربيع الناس غادية / تغشي ثراك بارزام وارهام
قد كنت للمهتدي والمجتدي كرما / نجماً يضيء وغيثا بالغدى هامي
ادمى مصابك اجفان الهدى فجرى / على الفريد فريد دمعه الهامي
وسير الحزن في الاحشاء يصدعها / مذ سار نعشك محمولا على الهام
وشيعوا الآية الكبرى التي شرفت / من ان تحد بأفكار وأوهام
تجلو به هالة المحراب بدر هدى / حفت به انجم من دمعه الهامي
قد نحلت جسمك التقوى فزدت بها / حسناً وبعض الضنا حسن لأجسام
أحاط علمك بالاحكام يوضحها / كانه مستمد فيض الهام
تخوض غامرها مستنبطاً غررا / تبقى على كرّ أيام وأعوام
رقيت حتى إذا لم تبق منزلة / سموت للخلد فانعم أيها السامي
وحث ركبك شوق الوصل معتقدا / نيل الجزيلين من فضل وانعام
طوبى لمنتجع الرضوان قد زهرت / عن منظر رائق للحسن بسام
وسرت منها نقي الذات من عرض / يزهو لغيرك موصولا باثام
فاذهب عليك سلام الله ما خطرت / ريح الصبا برياض ذات أكمام
المجد أوله للصارم الخذم
المجد أوله للصارم الخذم / ثم السياسه والتدبير للقلم
يقول فصلا إذا كان المداد له / مما تمج المواضي من نجيع دم
ولا أرى حجة كالسيف بالغة / فان تكليمه يغنى عن الكلم
ما ضاع حق يحوط السيف جانبه / ولا ابيح حمى والمشرفي حمى
من ذاد عن حوظه بالسيف طاب له / ورد الحياة فلم يظمأ ولم يضم
ان اسس السيف مجدا واليراع له / مشيد كان مجدا غير منهدم
وليس مستغبا عن مرهف قلم / والمرهف العضب يستغني عن القلم
محا أبو مسلم ما كان نمقه / عبد الحميد من الأحكام والحكم
لم تنفع الكتب إذ صالت كتائبه / فاستهزم العلم ايماء من العلم
إذا القضية لم تحفل بساتها / فلسي غير صليل السيف من حكم
كم أمة طلبت حقاً فاعجزها / طلابه بلسان ناطق وفم
حتى إذا نطقت صدقاً صوارمها / أصغى لحجتها من كان ذا صمم
أما ترى الحق لفظا لا يوافقه / معنى بغير دوي المدفع الضخم
أما القوي فمشغوف بلذته / عن الضعيف الذي قد بات في ألم
في فوز منتصر محو لمنكسر / فلا يقال لعاً من زلة القدم
ما أسعد الأرض لو ساد السلام بها / لكن للحرب سلطانا على السلم
لو كان للحق نهج لا تقام به / لا هله عقبات ذات مصطلم
سادت على القضب الأقالم قائلة / يا أرض قد سعدت أهلوك فابتسمى
لكن تنازعنا حب البقا خلق / ولا محيد عن الاخلاق والشيم
عصر تروق به ألفاظ ساسته / والرقص فيه على الأيقاع والنغم
نستعذب القول فيه والعذاب به / ويحفظ الله من سم مع الدسم
لا اجحد القلم الأعلى فضيلته / فانه ذو اليد البيضاء في الأمم
كم ارتقى فيه شعب عند نهضته / أوج الحضارة ذات المجد والشمم
إذا جرى فوق اطراف البنان جلا / سحر البيان بمنثور ومنتظم
ان الحقائق ما شقت غياهبها / الا بشق اليراع الناصع العتم
يمر طورا وتحلو لي عواطفه / ان هز عطفيه في بأس وفي كرم
كل يحرر أهليه واسرته / من الأسرار وكل خير معصم
فأعجب لضدين قد حازت صفاتها / تساوياً فهما صنوان من رحم
قد فلت حقاً على اني أخو قلم / إذا جرى فهو لم يقصر ولم يخم
لكن ضميري وهو الحي متبع / حقيقة حبها من افضل القسم
ما الروض جاد ثراه واكف الديم
ما الروض جاد ثراه واكف الديم / ففاح طيب شذاه العاطر النسّم
وما فرائد سلك راق جوهره / للناظرين بمنسوق ومنتظم
ابهى وأحسن في سمع وفي بصر / من حسن تشطير هذا الفاضل العلم
فكلما كرّ طرفي فيه جدد لي / شوق الظما لورود السائغ الشيم
لو التقى قلت تلك الراح قد سكرت / منها العقول ولا ساق سوى القلم
نظم ترقرق مثل الغيث منسجماً / ورب نظم فصيح غير منسجم
لله در يراع في براعته / دليل فضل شريف القدر والهمم
فمن بديع معانيه البيان حلا / سحرا ومن شعره قد جاء بالحكم
مهذب يتحلى من فضائله / جيد العلاء بعقد غير منفصم
فالذكر أسير في الافاق من مثل / والعلم اشهر من نار على علم
يا راويا فضله حدّث فلا حرج / ففضله البحر يروى فيه كل ظمي
إليه قد القت الفتوى مقالدها / وما رأت غيره الأحكام من حكم
كأنما عن فم النعمان صادرة / فتواه والحق فيها غير منكتم
بثاقب الفكر يجلو كل غامضة / كالبدر يحلو سناه داجي الظلم
يا فاضلا قد رأينا من ارومته / بلا مثيل مثال الفضل والكرم
قصثيدة البردة الغراء قد لبست / برد المحاسن منسوجا من الكلم
وكم تسامى إليها بارع فرأى / طريقها غير ما سهل ولا أمم
حتى انبرت فكرة الوهاب حائرة / أسنى المواهب والالاء والنعم
فجاء بالمدح الغر التي شرفت / بجده الخير طه سيد الأمم
لا زال بحرك يلقي كل جوهرة / غراء غالية الأثمان والقيم
يضوع من أرج الأنشاد طيب شذا / فنفحة الطيب تهدى من فم لفم
لا تعجبوا من بقائي بعد فرقتهم
لا تعجبوا من بقائي بعد فرقتهم / حيا على كلفي فيهم وتهيامي
فأنهم قد سقوني من مراشفهم / ماء الحياة فطالت منه أيامي