القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : إِبْراهيم ناجِي الكل
المجموع : 6
يا رامي السهم يدري أين موضعه
يا رامي السهم يدري أين موضعه / مني ويعلم ما داريت من ألم
رميتَ في ساحة موسومة بدم / منقوشة بندوب الحب والندم
لا يخدعنَّك منها وهي صامتة / صمت القبور فراغ الموت والعدم
فكم شفاه جراحات إذا انطبقت / جرح الإباء عليها غير ملتئم
فيم انتقامك من قلب عصفت به / لم يبق من موضع فيه لمنتقم
وفيم لذعة سخطٍ من جوى برمٍ / ترمي بجمرته في جوف مضطرم
طوى السنين وشق الغيب والظلما
طوى السنين وشق الغيب والظلما / برقٌ تألق في عينيك وابتسما
يا ساري البرق من نجمين يومض لي / ماذا تخبئ لي الأقدار خلفهما
أجئت بي عتبات الخلد أم شركا / نصبت لي من خداع الوهم أم حلما
كأنني ناظرٌ بحراً وعاصفة / وزورقاً بالغد المجهول مرتطما
حملتني لسماء قد سريت لها / بالروح والفكر لم أنقل لها قدما
شفّت سديماً ورقت في غلائلها / فكدت أبصر فيها اللوح والقلما
رأيت قلبين خط الغيب حبهما / وكاتبا ببيان النور قد رسما
وسحر عينيك إني مقسم بهما / لا تسألي القلب عن إخلاصه قسما
واهاً لعينيك كالنبع الجميل صفا / وسال مؤتلق الأمواج منسجما
ما أنتما أنتما كأسٌ وإن عذبت / فيها الحمام ولا عذر لمن سلما
لمَّا رمى الحب قلبينا إلى قدرٍ / له المشيئة لم نسأل لمن ولما
في لحظة تجمع الآباد حاضرها / وما يجيء وما قد مر منصرما
قد أودعت في فؤاد اثنين كل هوى / في الأرض سارت به أخبارها قدما
كلاهما ناظرٌ في عين صاحبه / موجاً من الحب والأشواق ملتطما
وساحة بتعلات الهوى احتربت / فيها صراع وفيها للعناق ظما
يا للغديرين في عينيك إذ لمعا / بالشوق يومض خلف الماء مضطرما
وللنقيضين في كأسين قد جمعا / فالراويان هما والظامئان هما
بأي قوسٍ وسهم صائب ويدٍ / هواك يا أيها الطاغي الجميل رمى
يرمي ويبرئ في آن وأعجبه / إن الذي في يديه البرء ما علما
وكيف يبرئني من لست أسأله / برءاً وأوثر فيه السهد والسقما
لو أن للموت أسباباً تقربني / إلى رضاك لهان الموت مقتحما
إن الليالي التي في العمر منك خلت / مرت يبابا وكانت كلها عقما
تلفت القلب مكروبا لها حسرا / وعض من أسف إبهامه ندما
قلبٌ تقسَّم بين الوجد والألم
قلبٌ تقسَّم بين الوجد والألم / هل عند لبنانَ نجوى النيل والهرم
أشكو جواي إلى الرُّوح التي احتضنت / ناري وضمَّت إلى أسقامها سقمي
وقاسمتني الهوى حتى إذا رحلت / ألقت فؤادي بضنكٍ غير مقتسم
ميثاقنا أسطرٌ من مدمعٍ ودمٍ / يا طاهر النفحة اذكر طاهر القَسم
يا من أعاتب دهري إذ أودِّعه / وما عتابي على الأقدار والقِسم
إنّ النوى غرَّبته وهي عالمة / أني رجعت أُداري النار بالضرم
ورنَّحَت بعده خطوي وما عرفت / من عثرة الحظِّ أم من عثرة القدم
خَلَت وران عليها الصمت وانقلبت / كأنما لَفَّها ثوبٌ من العدم
بالله أيامَنا هل فيك منتَفعٌ / ونحن من سَأَمٍ نمشي إلى سَأم
وما أُرقِّع ثوباً فيك منخرقاً / لكن أرقِّع جُرحاً غير ملتئم
مكانيَ الهادئ البعيد
مكانيَ الهادئ البعيد / كُن لي مجيراً من الأنام
قد أمَّكَ الهارب الطريد / فآوِه أنتَ والظلام
يا حسنها ساعة انفصال / لا ضنك فيها ولا نكد
يا حقبة الوهم والخيال / هلا تمهلتِ للأبد
يا أيها العالم الأخير / ماذا ترى فيك من نصيب
أراحةٌ فيك للضمير / أم موعدٌ فيك من حبيب
كم يَعذُب الموت لو نراهُ / أو كان فيك اللقاءُ يُرجى
ينفض عن عينه كراهُ / ويقبل الراقد المسجَّى
لكن شكّاً بما تجن / خيّم فوق العقول جمعَا
عجبتُ للمرء كم يئن / ويستطيب الحياةَ مَرعَى
قد صار حبُّ الحياة منا / يقنع بالجيفة السباع
وعلم السمحَ أن يضنَّا / وثبّت الجبن في الطباع
طال بنا الصمت والجمود / لا البدر يوحي ولا الغدير
يا عالم الضيم والقيود / برَّحت بالطائر الأسير
هربتُ من عالمٍ أضرَّا / وجئت يا كعبتي أزور
هاتي خيالاً إذن وشعراً / أسكبه في فم الدهور
هرَبتُ من عالم الشقاء / وجئت عليَّ لديكِ أحيا
أشرب من روعة السماء / شعراً وأسقي الفؤادَ وحيا
مللتُ في هاته العوالم / مهزلةَ الموت والحياه
وصورة القيد في المعَاصم / ووصمةَ الذل في الجباه
هياكلٌ تعبر السنين / واحدة العيش والنظام
واحدة السخط والأنين / واحدة الحقد والخصام
وواحد ذلك الطلاء / يسترُ خزياً من الطباع
افنى البلى أوجه الرياء / ولم يذُب ذلك القناع
بعينها كذبة الدموع / بعينها ضحكة الخداع
ومُنحنَى هاته الضلوع / على صوادٍ بها جياع
كأن صدر الظلام ضاق / من كَثرةِ البثِّ كل حين
يا ويحه كيف قد أطاق / شكوى البرايا على السنين
كأنما ينفث الشهب / تخفيف كربٍ يئنّ منهُ
كالقلب إن ضاق واكتأب / تخفف الذكريات عنهُ
كم زفرة في الضلوع قرّت / يحوطها هيكلٌ مريض
مبيدة حيثما استقرت / فإن نبح سميت قريض
كم في الدجى آهة تطول / تسري إلى أذنه وشعر
لو يفهم النجم ما نقول / أو يفهم الليل ما نُسر
ما بالها أعين الفلك / منتثرات على الفضاء
تطل من قاتم الحلك / بغير فهمٍ ولا ذكاء
ألا وفيّ ألا معين / في مدلهم بلا صباح
وكلّما جَدَّ لي أنين / تسخر بي أنّة الرياح
هبنا شكونا بلا انقطاع / ما حظ شاكٍ بلا سميع
وحظ شعرٍ إذا أطاع / يا ليته عاش لا يطيع
يضيع في لجة الزمن / مبدداً في الورى صداه
ولن ترى في الوجود مَن / يدري عذاب الذي تلاه
يا أيها النهر بي حسد / لكل جارٍ عليك رف
أكُلُّ راجٍ كما يود / يروي ظماه ويرتشف
ومن حبيب إلى حبيب / ترنو حناناً وتبتسم
وكل غادٍ له نصيب / من مائك البارد الشبم
يا نهرُ روّيت كل ظامي / فراح ريّان إن يذُق
فكن رحيماً على أوامي / فلي فمٌ بات يحترق
يا نهر لي جذوة بجنبي / هادئة الجمر بالنهار
فإن دنا الليل برّحت بي / وساكن الليل كم أثار
وقفت حرّان في إزائك / فهل ترى منك مسعدُ
وددت ألقي بها لمائك / لعلها فيك تبردُ
عالج لظاها فإن سكن / فرحمةٌ منك لا تحد
وإن عصت نارها فكن / قبراً لها آخر الأبد
ترينيَ الهاجر الشتيت / وقربه ليس لي ببال
وكلّما خلتني نسيت / مَرَّ أمامي له خيال
تمر ذكرى وراء ذكرى / وكل ذكرى لها دموع
وتعبر المشجيات تترى / من كل ماضٍ بلا رجوع
ماضٍ وكم فيه من عثار / ومن عذابٍ قد انقضى
كم قلت لا يرفع الستار / ولا ادكارٌ لما مضى
يا من أرى الآن نصب عيني / خياله عطَّر النسم
بالله ما تبتغيه مني / ولم تدع لي سوى الألَم
في ذمة الله ما أضعتم / من مهجٍ أصبحت هباء
لم نجزكم بالذي صنعتم / إنَّا غفرنا لمن أساء
لا تحسبوا البرء قد ألَمّ / فلم يزل جرحنا جديدا
يخدعنا أنّه التأم / ولم يزل يخبأ الصديد
يا أيها الليل جئتُ أبكي / وجئتُ أسلو وجئت أنسى
طال عذابي وطال شكي / ومات قلبي وما تأسَّى
مهلاً فإنَّ المنادي شطرُكَ الظامي
مهلاً فإنَّ المنادي شطرُكَ الظامي /
يا توأمَ الروح أدرك روحيَ الدامي /
إني من الليلِ في قبرٍ ومن شجني /
في جنح مصطخبٍ كالزَبَدِ الطامي /
واليوم لي صرخةٌ تدعوكَ يا أملي /
من جوفِ ليلي ومن أعماقِ آلامي /
هما شفائي هما يا كل أحلامي /
إليَّ بالله أنسى ما جنىَ زمني /
وامددهُمَا لي تغفر جرحَ أيامي /
ثغرٌ كما يعشقُ الفنَّانُ بسَّامُ
ثغرٌ كما يعشقُ الفنَّانُ بسَّامُ / لكَ النعيمُ أخي موسى وإنعامُ
إِن كان عندكَ إِلهامٌ نتوقُ له / فما لنا مثلُ هذا الحسنِ إِلهامُ
سذاجةٌ وبراءاتٌ مطهرةٌ / كأنها من نواجي الخلدِ أَنسامُ
إن كانَ للناسِ جامٌ يشربونَ بها / فعندكَ الكأسُ والصهباءُ والجامُ
حقيقةٌ من جمالٍ ساحرٍ غَرِدٍ / كأنه من رقيق الظلِّ أحلامُ
حسنٌ قصاراه في وصفٍ وموجزه / بأنه الحسنُ ضَلَّت فيه أفهام
يدٌ على الجرح تأسو ما ألَمَّ به / ومرهم تتلاشى فيه آلامُ
وصورةٌ أعجزت في الوصفِ شاعرَهَا / وتاهَ في وصفها شارد ورَسَّامُ
لا تعجبي للورى إِنعامُ إِن عبدوا / عينيكِ أو إِن هُمُو في وصفها هامُوا
فأنتِ طاهرةٌ والفن أطهرُ ما / يطوفُ حولكِ حاشَا الفنَّ آثام
الحسنُ عندَكِ لحنٌ والبيانُ له / لحن يهدهده والحسن أنغام

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025