القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ الرُّومِي الكل
المجموع : 17
شاهدت في بعض ما شاهدتُ مُسمعةً
شاهدت في بعض ما شاهدتُ مُسمعةً / كأنّما يومها يومانِ في يَومِ
تظلُّ تُلقي على من ضَمَّ مجلسُها / قولاً ثقيلاً على الأسماع كاللَّومِ
لها غناءٌ يثيبُ اللَّهُ سامعَهُ / ضِعفي ثوابِ صلاةِ الليل والصومِ
ظَللتُ أشربُ بالأرطالِ لا طَرَباً / عليه بل طَلَباً للسكرِ والنومِ
إقامةُ الدِّقَلِ الصينيِّ تُكْلَفُها
إقامةُ الدِّقَلِ الصينيِّ تُكْلَفُها / ولا إقامة أيرٍ هدَّهُ الهَرَمُ
اسْعَدْ بعيد أخي نُسْكٍ وإسلامِ
اسْعَدْ بعيد أخي نُسْكٍ وإسلامِ / وعيدِ لهوٍ طليق الوجهِ بسَّامِ
عيدان أضحى ونوروزٌ كأنهما / يومَا فعالِك من بؤسٍ وإنعامِ
من ناصحٍ بالذي تحيى النفوسُ به / وحائلٍ بين أرواحٍ وأجسامِ
كذاك يوماكَ يومٌ سيْبُهُ دِيَمٌ / على العُفاة ويومٌ سَيْفهُ دامي
لله أضحى ونيروزٌ لبستهما / على عفافٍ وجُودٍ غيرِ إلمامِ
أضْحتْ يمينُك في النَوْروز فائضةً / بالمال لا الماء فيْضاً غيرَ إرهامِ
لَهَوْتَ فيه بجد النَّفح واجتَنَبتْ / دعابةَ النضح نفسٌ همُّها سامي
ثم انصرفْتَ إلى الأضحى وسُنَّته / فأي مِطعانِ لباتٍ ومِطعامِ
ألحمتنا الكُومَ فيه فألُ مارِقةٍ / ستُلحمُ الطيرَ منها أيَّ إلحامِ
لازلت تنحر في أمثاله أبداً / شتَّى نحائرِ أعداءٍ وأنعامِ
فَمِن لحامٍ تريباتٍ بلا وضمٍ / إلا الثرى ولحامٍ فوق أوضامِ
فِعْلَ امرئٍ غير ظَلَّام لمُنصِفهِ / للظالمين وللأموالِ ظلَّامِ
فكفُّهُ كفُّ تقبيلٍ يُفازُ به / ووجهُه وجهُ إجلالٍ وإكرامِ
كأنّه شمسُ إصحاء وحاشَ له / من أن يُقاسَ إليه بدْرُ إعتامِ
فيه بشاشة وصّالٍ ورونقُهُ / وفيه إن راب ريبٌ حَدُّ صرّامِ
لا تَغْتَرر بحياء فيه من شرسٍ / فالماءُ في كُل عَضْبِ الغرب صَمْصامِ
وزيرُ سِلم وحَرْبٍ لا كفاءَ له / ما زال حَمَّال أرماحٍ وأقلامِ
إذا ارتأى الرأي في خَطْبٍ أُتيحَ له / فيه السدادُ بفكرٍ أو بإلهامِ
فلم يَهِمْ بين إنكارٍ ومعرفةٍ / ولم يخِم بين إحجام وإقدامِ
خبِّرهُ بالداء واسأله بحيلته / تُخْبَرْ وتَسْلَ أخا فهمٍ وإفهامِ
كم اشترى بكرى عينيه من سهرٍ / وباع في اللَّهِ لذَّاتٍ بآلامِ
للَّهِ مُطروه ما أضحَوا لأنفسهِم / ولا له يومَ زاروه بِلُوّامِ
آبوا بحظٍّ بلا إثم وكم صدروا / عن آخرين بحرمان وآثامِ
مُطَلَّبٌ بعطايا ما يُنهنهها / عذْل العواذِل طَلّابٌ بأوغامِ
مُعاوِدٌ نَقْضَ أوتارٍ وآونةً / مُعاودٌ عفوَ زلّاتٍ وأجرامِ
يُعْطي فيُنطقُ ذا الإفحام نائلُه / ويُفحم الفحلَ شِعراً أيّ إفحامِ
يغدو وقد حل عافوه بذي كرم / إدْلالُ سُؤَّاله إذلالُ غُرَّامِ
لا بل ترى لهمُ فيما حوت يدُهُ / وهو المحكَّم فيه حُكمَ حكَّامِ
أخو سماح يمُتُّ الأبعدونَ به / حتى كأنّهمْ منَّوْا بأرْحامِ
مستأنسين ببشرٍ منه آنسَهُم / من قبله بشرُ حُجّابٍ وخدّامِ
ما استام بالحمدِ مُستامٌ فماكَسهُ / وهل يرَدُّ جوادٌ حُكْمَ مُسْتامِ
ترى له في المساعي جدَّ مجتهِدٍ / لم يكْفهِ كُلُّ كُرَّام لِكُرَّامِ
ولو يشاء كفاهُ أنَّهُ رَجُلٌ / من بين أكرم أخوالٍ وأعمامِ
لكنْ أبى بوفاءٍ من تُراثِهمُ / إلا نُشوراً لهم من بعد إرمامِ
تلقى أبا الصقر في الجُلَّى وحُجْزتُه / مَقْسومةٌ بين أيدٍ خيرَ إقسامِ
من خائفٍ وهْنَ سُلطانٍ وذي عَوَزٍ / قد أعصما بالمرجَّى أيَّ إعصامِ
كلا الفريقين منه ثمَّ مُعْتصم / بعُروة الأمنِ من خوفٍ وإعدامِ
دهرٌ نهى الدهر عن جيرانِ دولتِه / فأحرم الدهرُ فيها أيَّ إحرامِ
حانٍ على الناس حامٍ عُقرَ بيضتهم / لا تعدم الطَّول من حانٍ ومن حامِ
تنافس الناسُ في أيام دولته / فما يبيعون أياماً بأعوامِ
لا يبعد اللَّهُ أياماً له جمعتْ / إلى سكونِ ليالٍ أُنسَ أيامِ
يفدي أبا الصقرِ قومٌ دون فديتِه / كأن مُدَّاحَهُم عُبَّادُ أصنامِ
ما همَّ بالدينِ والدنيا فنالَهُما / إلا قريعُكُمُ يا آل همَّامِ
رأيت أشرافَ خلقِ الله قد جُعلوا / للناس هاماً وأنتم أعينُ الهامِ
أنتم نجومُ سماءٍ لا أُفول لها / وتلك أشرفُ من نيرانِ أعلامِ
ما ينقض الدهرُ من حالٍ ويُبرمها / إلا بنقضٍ لكم فيه وإبرامِ
كم من غرامٍ يُلاقي المالُ بينكُم / من غارمٍ في سبيل المجد غنَّامِ
أقسمتُ بالله ما استيقظتُمُ لِخناً / ولا وُجدتم عن العليا بنوّامِ
ضاهت صنائعُ أيديكم وقائعَها / فأصبحتْ ذات إنجادٍ وإتهامِ
ما تفترُونَ عن التنفيسِ عن كظم / ولا تُفيقون عن أخذٍ بأكظامِ
مُسوّمين على جُردٍ مسومةٍ / مثل القداحِ بأيدي غيرِ أبرامِ
خيلٌ إذا أُسرجت أو أُلجمت لكُمُ / ذلَّ العزيزُ لإسراجٍ وإلجامِ
حتى إذا حملتكُم في وشيجكُمُ / سارت هناك بآسادٍ وآجامِ
كأن قسطلها والزرقُ ناجمةٌ / ليلٌ عليه سماءٌ ذاتُ إنجامِ
حتى إذا الزرقُ غابت في مطاعِنها / عادت هناك سماء ذات إثجامِ
وخافكُم كل شيءٍ فاكتسى نفقاً / كأنه في حشاهُ حرف إدغامِ
سُدتم بخفَّةِ أقدامٍ مُسارعة / إلى الكرائه في رُجحان أحلامِ
وجود أيدٍ كأن الله أنشأها / من كلِّ غيث ضَحوكِ البرق زمزامِ
لا تعدموا بسط أيمانٍ مضمّنةٍ / ضرّاً ونفعاً ولا تقديمَ أقدامِ
تغدون والمنعمُ المِنعامُ مُنعمُكم / ورُبَّ مُنعِم قوم غيرُ مِنعامِ
طالتْ على الناسِ أيديكم وما ظلمتْ / ببارعِ الطول قمقامٍ لقمقامِ
فما اشتكى الفضلُ منكم لؤمَ مقدرةٍ / ولا شكى العدلُ منكم جور أحكامِ
لكم لدى الحُكم إلزامٌ بحُجَّتكم / على الخصومِ وصفحٌ بعد إلزامِ
أضحى الكرامُ وإسماعيل بينهمُ / في كل حالٍ مُعلّىً بين أزلامِ
غاب الموفَّقُ واستكفاه غيبتَهُ / فلم يصادفه بين الذمِّ والذامِ
ما زال مذ سُدَّ ثغر الحادثات به / يرمي الفرائصَ منه أيُّما رامي
إذ لا تقحُّم في حين الأناة لهم / ولا أناةَ له في حين إقحامِ
ولا تهوُّرَ فيه عند ملتزمٍ / ولا تهيّبَ فيه عند إحجامِ
شادَ الأمورَ التي ولاه بنيتها / على قواعد إتقان وإحكامِ
برحب ذرعٍ وصدرٍ لم يزل بلداً / فيه ينابيعُ رأي غيرُ أسدامِ
تلك الينابيعُ ما زالت موارِدُها / فيها سقامٌ وفيها برءُ أسقامِ
ونائم قال قد أدركتُ غايته / عفواً فقلت له أضغاث أحلامِ
دع عنك ما تتمنى لن ترى أبداً / سِفلاً كعُلوٍ ولا خَلفاً كقُدَّامِ
تلقى أبا الصقرِ ضرغاماً بشِكَّتِه / إذا تبسَّل ضِرغامٌ لضرغامِ
واجتبى الناس إلا أنه رجل / لا يعرفُ الخاء بين الباء واللامِ
واسلمْ أبا الصقرِ للإسلام تمنعهُ / منعَ امرئٍ لا يرى إسلامَ إسلامِ
ما زال معدنَ معروفٍ ومعرفةٍ / له فوائدُ وهَّابٍ وعلّامِ
أنت الذي غدهُ في اليوم منتظرٌ / وخيرُ قابله المنظورُ في العامِ
قد كاد يحميكَ حمدَ الناسِ علمَهُمُ / بأن جُودك عن وجدٍ وإغرامِ
يا مُعمِلَ الجود قد أنضيت مركبه / نضاً فأعقبه منه يومَ أجمامِ
وليُبقِ جودك من جَدواك باقيةً / لخادم لك محقوقٍ بإخدامِ
قولا لطوطٍ أبي عليٍّ
قولا لطوطٍ أبي عليٍّ / بصريِّنا الشاعر المنجِّمْ
المنذر المُضحكِ المُغنِّي / الكاتب الحاسب المعلِّمْ
الفيلسوفِ العظيمِ شأنا / العائفِ القائف المُعزِّمْ
الماهِنِ الكاهِنٍ المُعادي / في نصرِ إبليسَ كلَّ مسلمْ
الأعور المُعور الملاقي / بمؤخر السوء كلَّ مقدمْ
يا وجه طوطٍ رأى قُمُدَّاً / فسال طولاً وقال قحِّمْ
وجهٌ زكا قُبحُه برأسٍ / قَمْقَمَ من قحفه المُقَمقمْ
ما إن بدا في النديِّ يوماً / إلا اشتهتْه يدا مُقرقِمْ
وقال قومٌ وما تعدَّوا / كأنه رأسُ شِيقبرقمْ
رأسُ ابن عرسٍ ووجهُ نمسٍ / فاصفع بشر النعال والْطِمْ
يا ابن الزيوف التي أراها / طارت فصيدتْ بكَفِّ قِرْطِمْ
ولم تزل قبل ذاك وقْفاً / للرجل في بيت كلِّ مجرمْ
بخراءُ ذفراءُ ذاتُ قبحٍ / محلَّلٌ نيكُها محرّمْ
تعرضُ عرضَ الطعام جهراً / في كل وقت على مسلِّمْ
وكلهمْ قائلٌ هنيئاً / لا يرتضى وطأها بمنسمِ
إن كنتَ كلباً أراك حربي / حينُك فاركب هواك واعزمْ
وأسرِجِ المركبَ المعرَّى / قبلَ ورودِ الوغى وألجِمْ
واكتب على عرضكَ المُلقَّى / قواصد النبل ربِّ سلِّمْ
فليس سهمي بسهمِ رامٍ / لكن سهمي شهابُ مُضرِمْ
افتح بسوء الثناءِ واختم / في ابن أبي قرَّةَ المُزَمزِمْ
أضحى وزيراً أبو يَعْلى وحُقَّ له
أضحى وزيراً أبو يَعْلى وحُقَّ له / بعد المشارطِ والمقراضِ والجلَمِ
قد قال قومٌ وغاظتهم كتابتُه / لو شئت يا ربِّ ما علَّمتَ بالقلمِ
إن يخدم القلمَ السيفُ الذي خضعتْ
إن يخدم القلمَ السيفُ الذي خضعتْ / له الرقابُ ودانت خوفه الأممُ
فالموتُ والموتُ لا شيءٌ يغالبُهُ / ما زال يتبع ما يجري به القلمُ
كذا قضى الله للأقامِ مذ بُريتْ / أن السيوفَ لها مذ أُرهفَتْ خدمُ
بُغْضِي لصادٍ أنني رجلٌ
بُغْضِي لصادٍ أنني رجلٌ / أُصفِي المودَّةَ مني للحواميمِ
وليس بغضِي لقرآنٍ ولا مقَتِي / إياه تالله بل للصادِ والميمِ
سوارُ شكراً لأيْري فضلَ نِعمتِهِ
سوارُ شكراً لأيْري فضلَ نِعمتِهِ / شُكْراً فإنك في الكُفران مأثومُ
كم خاضَ أُمَّكَ أيري وهْي وادعةٌ / وإنه لشديدُ الوعك مَحْمومُ
ما بات يدخلُ من بابٍ لها وحَدٍ / حاشاه من كُلِّ جَوْرٍ إنه لُومُ
بلْ من ثلاثةِ أبوابٍ مُفتَّحةٍ / لِكُلِّ بابٍ نصيبٌ منه مقسومُ
من ثفْرِها وجِعبَّاها ومن فمها / قَسْمَ السويةِ ما فيهن مَظْلومُ
فإن ألظّ ببابٍ واحدٍ هتفتْ / عدلاً هُديتَ فإن الظُّلْمَ مذمومُ
يُهدي إلى قلبها رَوْحاً بفيشلةٍ / كأنها حَجَرٌ في الكَفِّ ملمومُ
يا دهر كم تسبُكُ المُصَفَّى
يا دهر كم تسبُكُ المُصَفَّى / من أنفسِ الناس والجُسومِ
عليك بالأكدرين ماءً / فصفِّهم غيرَ ما ملومِ
أوْ لا فأنت الظلومُ فيما / تأتي ولا خيرَ في الظَّلومِ
أنِبْ إلى قاسمٍ وإلا / فالله عَوْنٌ على الغشومِ
حَرِّمْ على النائباتِ لحْماً / منه زكيَّاً من اللحومِ
أنت متى نلتَ منه أهلٌ / لكل لَومٍ وكُلِّ لُومِ
فاقصدْ سواهُ ودعْ حِماهُ / فهو حِمَى الجودِ والعُلومِ
واصدِفْ عن الشُّمِّ آل وهْبٍ / أهل الندى الغَمْرِ والحُلومِ
ولا تَدَعْ مَنْ بغى عليهم / إلا لَقىً دائمَ الكلومِ
ذوي العلاء الخُصوص تُبنى / بُناه بالنائل العُمومِ
مُصحوْنَ مُسْتَمْطَرون سحَّاً / فهمْ غيوثٌ بلا غيومِ
جادوا وآفاقهم نِقاءٌ / ليس عليهنَّ من قُتومِ
ما شئتَ من أنجُمٍ وضاءٍ / ومُمطِراتٍ ومِنْ رُجومِ
أعْنيكَ يا من سِواه تلحَقُ التهمُ
أعْنيكَ يا من سِواه تلحَقُ التهمُ / يا واحد الفهم إذْ للواهم الوهَمُ
ومن له من يدٍ كفٌّ وساعدُها / إذ ليس لي عنده ساقٌ ولا قدمُ
لِغفلةِ المرءِ وصْفٌ غير مُتَّفِقٍ / والذَّمُّ مُجتَنبٌ والحمد مُغْتَنَمُ
فغَفْلةُ المرءِ عن حقٍّ لصاحبه / لؤمٌ وغَفْلتُهُ عن حقِّه كرمُ
ناشدتُكَ اللهَ في أشياءَ مُسْلفةٍ / لا يَمْحُها من كتابي عندكَ القِدَمُ
أضحتْ عُهوداً وقد كانت مُشاهدةً / والمجد حيث يُصانُ العهدُ والذممُ
قد يربع المرءُ في دارٍ محافَظةً / وليس إلا الأثافي السفعُ والحُمَمُ
ولا يُنَهْنِهُ منه أن يُخاطِبَها / حلمٌ ولا خَرَسٌ فيها ولا صمَمُ
يا نورَ علم تعالى في ذُرى شَرَفٍ / أنى تجور وأنت النار والعلمُ
إن الكرائم ليستْ وحدها حُرَماً / دون المكارم لكن كُلُّها حُرَمُ
يا سيِّداً يهَبُ الأقدارَ مُقْتَدراً
يا سيِّداً يهَبُ الأقدارَ مُقْتَدراً / كما غدا يهَبُ الأموالَ والنِّعما
هَبْ لي مِنَ القدْرِ ما ألقى العَدُوَّ بهِ / مُكَذِّباً كُلَّ ما سدَّى وما زعما
أرْغِمْهُ فيَّ فقد أضحى يُراغِمُني / وزِدْهُ رغماً على رغم إذا رغَما
ولستُ مستوجباً حظاً أُنَفَّلُهُ / من الكرامةِ لكنْ هَبْهُ لي كرما
يا مَنْ رأى قدْرَهُ يعلو مواهِبَهُ / فليس مُسْتَعْظِماً شيئاً وإنْ عَظُما
أدركتَ آخرَ ما أدركتَ أوَّلهُ
أدركتَ آخرَ ما أدركتَ أوَّلهُ / يا ابنَ الخصيبِ ورَبَّتْ عِندَكَ النِّعَمُ
قد قُلتُ حين أهَبَّ اللَّهُ ريحَكُمُ / الآن يَعْدِلُ فينا السَّيْفُ والقلمُ
ما ضرَّ أعداءكم ألا يكون لهُمْ / إلٌّ تراعونه فيهم ولا ذِمَمُ
وقد أساءوا وقد ساءتْ ظُنونُهُمُ / فما ألمَّ بهمْ من بأسِكُمْ لَممُ
وهَبْتُمُ لِعُبيْدِ اللَّهِ موهبةً / لا مثلها ولو اسودَّتْ له النِّعَمُ
والنفسُ عِلْقٌ نفيسٌ لا كفاءَ لَهُ / إذا تكافأتِ الأعْلاقُ والقِيَمُ
ولا قَعَدْتُمْ على ضَيْمٍ ولا ضَمَدٍ / لكنْ عفوتُمْ وفي أيديكُمُ النِّقَمُ
وتلك أوَّلُ بشرى إنَّ دولتَكُمْ / غيثُ يَريع عليه الحبُّ والنسمُ
تبارك اللَّهُ إكباراً لمنَّتِكُمْ / ماذا يُعَفِّي عليه الطَّوْلُ والكرمُ
آليتُ أهجو كريماً عند نبوته
آليتُ أهجو كريماً عند نبوته / ولا لئيماً وإنْ أكدى وإنْ شتما
أنِفْتُ من أنْ يقولَ الناسُ لي كَلِبٌ / وبصَّرْتني صروفُ الدَّهرِ بعد عَمَى
وقوَّمَتْني يد من سيِّدٍ حَدِبٍ / بل شيمةٌ منه أعْدَتْ شيمتي كرما
فلن أرى ما تولاني به تِرةً / بل نعمةً تستحق الشكرَ بل نِعَما
للَّهِ دَرُّ ثِقافٍ مِنْهُ قوَّمني / لئن لَؤُمْتُ لقد أبقى وما لؤُما
ما زال يرفُقُ في تقْوِيمِه أودي / حتى تقوَّم لي عُودي وما انحطما
لا تحسب النَّبطُ الأوغادُ أنَّهُمُ
لا تحسب النَّبطُ الأوغادُ أنَّهُمُ / أولى من العربِ الأمْجادِ بالقلمِ
وإن غَدوا دون أهلِ الأرضِ إخوته / أبوهُمُ وأبيهِمْ منبتُ الأجمِ
كم من أخٍ لو أخوه كان هاديه / إذاً لضلَّ ضلالاً ليس بالأمم
هداه أقصى غريبٍ قصدَ وِجْهتِهِ / من بعد ما حار في داجٍ من الظُّلم
هذا أبو الصقر فردٌ في كتابتِه / وهو ابن شيبانَ بيْن الطلح والسَّلم
ما جاورتْ نبطيَّ الزلِّ نبعتُه / بل جاورت النبع والشم
هو الذي حملَ الأقلامَ ضاحيةً / عن الطريق وقد جارتْ عن اللُّقم
أمسى وأصبحَ بين الناسِ أرْفَعَهُمْ / ذكراً وأشهرَهُمْ بالمجد والكرم
كأنَّه الشمسُ في الأوج المُنيفِ بها / على البريَّةِ لا نارٌ على علمِ
فزاده الله تشريفاً وأصْحبه / رُشْداً يُثَبِّتُ منه وطْأةَ القدم
إنِّي أراك بعينٍ لا يراك بها
إنِّي أراك بعينٍ لا يراك بها / إلا امرؤٌ جُدِّدَتْ من طَرْفِهِ الحكمُ
ومن رآكَ بعينٍ غير كاذبة / رأى الذي كُلُّ شيء بعده أممُ
في النَّاسِ قومٌ يُريهِمْ إفكُ ظَنِّهِمُ / شمسَ النهارِ تُباري قطرها الرَّكم
ولستُ منهمْ معاذَ اللَّهِ إنهُمُ / سِيَّانِ فيما روَوْا من ذاكَ والنَّعم
بل هندسِيٌّ تُريني الشمسَ هَنْدستي / على الحقيقةِ في شخصٍ له عِظَم
ومنْ تَحلَّى بعين أبصرها / من حيث لا يتوارى شخصها العمم
ملأْتَ صدري جلالاً يا أبا حسنٍ / هُدَّت له مِنِّيَ الأركان والدِّعَم
فكلما رمتُ أن ألقاكَ أقعدني / ما لا يقوم له ساقٌ ولا قدم
وليس ذاك ببدعٍ لا ولا عجب / كذاك قِدما تهاب السادةَ الخدم
متى أقبِّلُ كفاً منك ما فتئت / ركناً يُقبَّل للجدوى ويُستلم
للناس في كل سر من أسِرَّتها / وادٍ ترفُّ على أرجائه النِّعم
أفي هوى يوسفٍ أُلامُ
أفي هوى يوسفٍ أُلامُ / بدرٌ تجلَّى له الظَّلامُ
للغُصْنِ منه إذا تثَنَّى / في مشيه اللِّينُ والقوام
يُديرُ من طرفهِ كؤوساً / تفعل ما تفعلُ المُدام
بعارضيْهِ رياضُ حُسْنٍ / للنَّور مِن زَهرِها ابتسام
من زغباتٍ منظَّمات / في خدِّهِ زانَها النِّظام
والشعر نقصٌ لكلِّ خدٍّ / والشعرُ في خدهِ تمام
لها وما إنْ لهوتُ عنهُ / ونامَ عنِّي وما أنام
يدنُو فإن رمتَ منه نَيْلاً / أعياكَ في نيله المرام
تملكُ مِنِّي القيادَ سلْمَى / ولا كما يملك الغُلام
يا ليتَهُ ليلةً ضجيعي / وللعدى آنُفٌ رغام
أضُمُّهُ بعد لثْم فيهِ / إلى حشاً حشوُهُ الغرام
يُقنِعُني منه حين ينْأى / في عيشتي زَوْرةٌ لمام
ليس على عاشقٍ تَمَنَّى / زَوْرَةَ معشوقهِ أَثام
إنَّ الذي شفَّني هواهُ / يَحلُّ في مثلهِ الحرام
أجْنَتْ لكَ الوجدَ أغصانٌ وكُثبانُ
أجْنَتْ لكَ الوجدَ أغصانٌ وكُثبانُ / فيهنَّ نوعانِ تُفَّاحٌ وَرُمَّانُ
وفوق ذَينكَ أعنابٌ مُهَدَّلةٌ / سودٌ لهن من الظلماء ألوانُ
وتحت هاتيك أعنابٌ تلوعُ به / أطرافُهُنَّ قلوبُ القومِ قنوانُ
غصونُ بانٍ عليها الدهرَ فاكهةٌ / وما الفواكه مما يحملُ البانُ
ونرجسٌ باتَ ساري الطلِّ يضربُهُ / وأقحوان منيرُ النورِ ريَّان
أُلِّفنَ من كلِّ شيءٍ طيِّبٍ حسنٍ / فهُنَّ فاكهةٌ شتَّى وريْحان
ثمارُ صدقٍ إذا عاينْتَ ظاهرها / لكنها حين تبلو الطعمَ خُطبان
بل حلوة مرة طوراً يقال لها / شهدٌ وطوراً يقول الناس ذيفان
يا ليتَ شعري وليتٌ غيرُ مُجديةٍ / إلا استراحةَ قلبٍ وهو أسوان
لأي أمرٍ مرادٍ بالفتى جُمِعتْ / تلكَ الفنونُ فضمتْهُنَّ أفنان
تجاورت في غصونٍ لسنَ من شجرٍ / لكن غصونٌ لها وصلٌ وهِجران
تلك الغصونُ اللواتي في أكِمَّتِها / نُعْمٌ وبُؤْسٌ وأفراحٌ وأحزان
يبلو بها اللَّهُ قوماً كيْ يبينَ لهُ / ذو الطاعةِ البر ممَّنْ فيهِ عِصيان
وما ابتلاهُمْ لإعناتٍ ولا عبث / ولا لجهلٍ بما يطويه إبطان
لكنْ ليُثْبِتَ في الأعناقِ حُجَّتَهُ / ويُحْسِن العفْو والرحمنُ رحمن
ومن عجائب ما يُمنَى الرِّجالُ به / مُستَضْعَفاتٌ له منهن أقران
مناضلاتٌ بنبلٍ لا تقومُ له / كتائبُ التُّركِ يُزْجيهنَّ خاقان
مُسْتَظْهراتٌ برأي لا يقومُ له / قصيرُ عمرٍو ولا عَمْرٌو ووردان
من كل قاتلةٍ قتْلى وآسرةٍ / أسْرى وليس لها في الأرضِ إثخان
يُولينَ ما فيه إغرامٌ وآونةً / يولينَ ما فيه للمشعوفِ سُلوان
ولا يدمْنَ عل عهدٍ لمعتقد / أنَّى وهُنَّ كما شُبِّهن بُستان
يميلُ طوراً بحملٍ ثم يُعدَمه / ويكتسي ثم يُلفَى وهْو عُرْيان
حالاً فحالاً كذا النسوانُ قاطبةً / نواكثٌ دينُهنَّ الدهرَ أديان
يَغْدِرْنَ والغدرُ مقبوحٌ يُزَيِّنُه / للغاوياتِ وللغاوين شيطان
تغدو الفتاةُ لها خلٌّ فإن غدرتْ / راحتْ ينافسُ فيها الخِلَّ خلان
ما للحسانِ مسيئات بنا ولنا / إلى المسيئاتِ طولَ الدَّهرِ تَحنان
يُصْبحْنَ والغدرُ بالخُلْصانِ في قَرَن / حتى كأنْ ليس غير الغدْرِ خُلصان
فإن تُبِعْنَ بعهد قُلْنَ معذرة / إنا نسينا وفي النِّسوان نسيان
يكْفِي مُطالبنا للذِّكر ناهيةً / أنَّ اسمَنا الغالبَ المشهورَ نِسوان
لا نُلْزَمُ الذكرَ إنّا لم نُسَمَّ به / ولا مُنِحْناهُ بل للذِّكر ذُكران
فضلُ الرجالِ علينا أنَّ شيمتَهُمْ / جودٌ وبأْسٌ وأحلاٌم وأذهان
وأنَّ فيهم وفاءً لا نقومُ به / ولن يكونَ مع النُّقصانِ رُجحان
لا ندَّعي الفضلَ بل فينا لطائفةٍ / منهمْ أبو الصَّقر تسليمٌ وإذعان
هو الذي توَّج اللَّهُ الرجال به / تِيجانَ فخرٍ وللتَّفْضيل تِيجان
ألقى على كلِّ رأسٍ من رؤوسِهمُ / تاجاً مَضاحِكُهُ دُرٌّ ومَرجان
وقد سُئلنَ أفيه ما يُعابُ له / فقلن هيهاتَ تلك العينُ عقيان
لا عيبَ فيه لَدَيْنا غيرُ مَنْعَتِه / مِنَّا وأنَّى تَصيدُ الصقرَ غزلان
أضحى أبو الصَّقْرِ صَقْراً لا تَقَنَّصُهُ / وَحشِيَّةٌ من بناتِ الإنسِ مِفتان
هو الذي بَتَّ أسبابَ الهوى أَنَفَاً / من أنْ تُصيبَ أسودَ الغابةِ الضان
رأى الشهاوَى وطوقُ الرِّقِّ لازمَهُم / وليس يعدَمُ طوقَ الرقِّ شَهوان
ففكَّهُ فكَّ حُرٍّ عن مُقَلَّده / صلتُ الجبينِ أشَمُّ الأنفِ عَليان
ولم يكن رجلُ الدنيا ليأسِرَهُ / رَخْصُ البنانِ ضعيفُ الأسرِ وَهْنان
صَدَقْنَ ما شئنَ لكنَّا تَقَنَّصَنا / منهنَّ عينٌ تُلاقينا وأُدمان
أنكَى وأذكى حريقاً في جوانِحنا / خَلْقٌ من الماءِ والألوانُ نيران
إذا ترقْرقْنَ والإشراقُ مضطرمٌ / فيهنَّ لم يَمْلِك الأسرارَ كِتمان
ماءٌ ونارٌ فقدْ غادرْنَ كلَّ فتىً / لا بَسْنَ وهو غزير الدمع حران
تَخْضَلُّ منهنُّ عينٌ فهي باكيةٌ / ويستحِرُّ فؤاد وهو هيمان
يا رُبَّ حُسَّانةٍ منهنَّ قد فعلتْ / سوءاً وقد يَفْعَلُ الأسواءَ حُسَّان
تُشكِي المحبَّ وتُلقَى الدَّهر شاكيةً / كالقَوْسِ تُصْمِي الرَّمايَا وهي مِرنان
واصلت منها فتاة في خلائقها / غدر وفي خلقها روض وغدران
هيفاءُ تكسى فتبدو وهي مُرهفةٌ / خوْدٌ تعَرَّى فتبدو وهي مِبْدانُ
ترْتَجُّ أردافُها والمَتْنُ مُنْدمِجٌ / والكَشْحُ مُضْطمِرٌ والبطنُ طيَّان
أَلُوفُ عطرٍ تُذكَّى وهي ذاكيةٌ / إذا أساءتْ جوارَ العِطْرِ أبدان
نمَّامةُ المِسْكِ تُلقى وهي نائيةٌ / فنأيُها بنميم المسكِ لقيان
يغيمُ كلُّ نهار من مجامرها / ويُشمسُ الليلُ منها فهو ضحيان
كأنَّها وعُثانُ النّد يشمُلها / شمسٌ عليها ضباباتٌ وأدجان
شمسٌ أظلَّتْ بليلٍ لا نجومَ لهُ / إلا نجومٌ لها في النَّحرِ أثمان
تنفَّلُ الطِّيبَ فضلاً حينَ تَفْرِضُه / فقراً إليه قَتولُ الدَّلِّ مِدْران
وتَلْبَسُ الحليَ مجعولاً لها عُوَذاً / لا زينةً بل بها عن ذاك غُنيان
لله يومٌ أرانِيها وقد لبِستْ / فيه شباباً عليها منهُ رَيْعان
وقد تردَّتْ على سربالِ بَهْجَتِها / فرعاً غذَتْه الغوادي فهو فَينان
جاءت تَثَنَّى وقد راح المِراحُ بها / سكْرَى تغنَّى لها حُسْنٌ وإحسان
كأنَّها غُصُنٌ لدْنٌ بمرْوحةٍ / فيه حمائمُ هاجَتْهُنَّ أشجان
إذا تمايلُ في ريح تُلاعِبُهُ / ظلَّتْ طِراباً لها سَجْعٌ وإرنان
يا عاذليَّ أفيقا إنها أبدا / عندي جديدٌ وإن الخلقَ خُلقان
لا تَلْحياني وإياها على ضرعي / وزهوها فكلا الأمريْنِ دَيْدان
إني مُلكتُ فلي بالرقِّ مَسْكَنةٌ / ومُلِّكَتْ فلها بالمُلْك طُغيان
ما كان أصفى نعيمَ العيش إذا غنيَت / نُعْمٌ تُجاوِرُنا والدَّارُ نَعمان
إذ لا المنازلُ أطلالٌ نُسائلُها / ولا القواطنُ آجالٌ وصِيران
ظِلْنا نقولُ وأشباهُ الحسانِ بها / سقْياً لعهدكِ والأشباهُ أعيان
بانوا فبانَ جميلُ الصبرِ بعدهُمُ / فللدُّموعِ من العينين عَيْنان
لهم على العِيسِ إمعانٌ تَشُطُّ بهم / وللدموعِ على خَدَّيَّ إمعان
لي مُذْ نأَوْا وجنةٌ ريَّا بِمشْربِها / من عَبْرتي وفمٌ ما عِشْتُ ظَمآن
كأنما كلُّ شيءٍ بعد ظعْنهمُ / فيما يرى قلْبيَ المتبولُ أظعانُ
أصبحتَ ملَّكَ من أوطأته مللٌ / وخانك الوُدَّ من مغْناه وَدَّان
فاجمعْ همومَكَ في همٍّ تؤيِّدهُ / بالعزمِ إنَّ هُمومَ الفسلِ شذَّان
واقصدْ بوُدِّكَ خِلّاً ليس من ضِلَعٍ / عوجْاء فيها بِوَشْكِ الزَّيْغِ إيذان
حان انتجاعُكَ خِرقاً لا يكونُ له / في البَذْلِ والمَنْعِ أحيانٌ وأحيان
وآن قصْدُكَ مُمْتاحاً ومُمْتدَحاً / من كلِّ آنٍ لجدوى كفِّهِ آن
إنَّ الرحيلَ إلى من أنتَ آمِلُهُ / أمْرٌ لمُزْمِعه بالنُّجْحِ إيقان
فادعُ القوافي ونُصَّ اليعْمُلات له / تُجبكَ كلُّ شرودٍ وهي مِذعان
إن لم أزُرْ مَلِكاً أُشجِي الخطوب به / فلم يَلِدْني أبو الأملاك يونان
بل إن تعدَّتْ فلم أُحْسِنْ سياستَها / فلم يلدني أبو السُّوَّاسِ ساسان
أضحى أبو الصَّقْرِ فرداً لا نظيرَ له / بعدَ النَّبيِّ ومن والتْ خُراسان
هو الذي حكمتْ قِدْماً بِسُؤْدُدِهِ / عدنانُ ثم أجازتْ ذاكَ قحطان
قالوا أبو الصقرِ من شيبانَ قلتُ لهمْ / كلّا لعمري ولكنْ منه شيبان
وكم أب قد علا بابنٍ ذُرا شرف / كما علا برسولِ اللَّهِ عدنان
تَسْمُو الرِّجالُ بآباءٍ وآونةً / تسمو الرجالُ بأبناءٍ وتزدان
ولم أْقَصِّرْ بشيبانَ التي بلغتْ / بها المبالغَ أعراقٌ وأغصان
للِّهِ شيبانُ قوماً لا يشيبهمُ / روع إذا الروعُ شابتْ منه وِلْدان
لا يرهبون إذا الأبطال أرهبَهم / يومٌ عصيب وهم في السِّلم رهبان
قومٌ سماحَتُهُمْ غيثٌ ونجدتُهُمْ / غَوْثٌ وآراؤهُمْ في الخَطْبِ شُهْبان
إذا رأيتَهُمُ أيقنت أنَّهُمُ / للدِّين والمُلْكِ أعلامٌ وأركان
لا ينطِقُ الإفكَ والبهتان قائلهُمْ / بل قَوْلُ عائبهم إفكٌ وبهتان
ولا يرى الظلمَ والعدوانَ فاعلُهُمْ / إلا إذا رابهُ ظُلْمٌ وعُدوان
حلُّوا الفضاءَ ولم يَبْنُوا فليسَ لهُمْ / إلا القنا وإطارُ الأفْقِ حِيطان
ولا حصونَ إذا ما آنسوا فزعاً / إلا نصالٌ مُعرّاةٌ وخِرصان
وهلْ لذي العِزِّ غيرَ العِزِّ مُدَّخلُ / أم هلْ لذي المجدِ غيرَ المجدِ بُنْيان
بدَّاهُمُ أن رأوْا سيفَ بنَ ذي يزنٍ / لم يُغنِ عنهُ صروفَ الدهرِ غُمدان
تلقاهُمُ ورماحُ الخطِّ حولهُمُ / كالأُسْدِ ألْبَسها الآجامَ خفّان
لا كالبيوتِ بيوتٌ حين تدخُلُها / إذْ لا كَسُكَّانِها في الأرضِ سُكَّان
سودُ السَّرابيلِ من طُولِ ادّراعِهِمُ / بيضُ المجاسدِ والأعراضُ غُرَّان
يكفي من الرَّجْلِ والفُرسانِ واحدُهُمْ / بأساً فواحدُهُمْ رجْلٌ وفُرسان
لِلْحِلمِ والرَّأْيِ فيهم حين تَخْبرُهُمْ / شيخانُ صِدْقٍ وللْهيجاءِ فِتيان
ولِلسَّماحِ كهولٌ لا كِفاءَ لهمْ / يغشاهُم الدهرَ سُؤّالٌ وضِيفان
لا ينفسُونَ بِمَنْفوس التلادِ ولا / يفدي لديهم شحومَ الكُوم ألبان
قومٌ يُحِبُّونَ مِبطانَ الضُّيوفِ وما / فيهم على حُبِّهِمْ إيّاهُ مِبطان
بلْ كُلُّهُمْ لابسٌ حِلماً ومُنتزعٌ / رأياً ومِطعامُ أضْيافٍ ومِطعان
وأرْيَحِيٌّ إذا جادتْ أناملُهُ / في المَحلِ لم يُسْتَبَنْ للغَيْثِ فِقدان
يشْتُو ولا ريحُهُ للنازلينَ بهِ / صِرٌّ ولا قَطْرُهُ للقَوْمِ شفّان
وكيف يبْخَلُ من نِيطَتْ به شِيَمٌ / تقْضي بأن ليس غيرَ البذل قُنيان
وإنَّ حاصلَ ما جادتْ يدا رجلٍ / ما حُمِّلتْ ألسنٌ منه وآذان
جودُ البحارِ وأحلامُ الجبل لهم / وهُمْ لدى الرَّوعِ آسادٌ وجِنّان
وليس يعدم فيهمْ من يُشاوِرُهُمْ / مَنْ يُقتَدَى رأيُهُ والنجمُ حَيْران
قوْمٌ أياديهمُ مَثْنَىً بِصَفْحِهُمُ / عن ذكرِها وأيادي الناسِ أُحْدان
طالوا ونِيلت مجانيهمْ بلا تعبٍ / فهُمْ أشاءٌ وهم إن شئتَ عيدان
لمْ يُمسِ قطُّ ولم يُصْبِحْ مَحلُّهُمُ / إلا التقى فيه إيتاءٌ وإتيان
إيتاءُ عاف وإتيانُ ابن مكرمةٍ / منه نوالٌ ومن عافيه غِشيان
يا رُبَّ قاطع بُلدانٍ أناخَ بِهمْ / علماً بأن صُدورَ القوم بُلدان
وسائلٍ عنهم ماذا يقدِّمُهُمْ / فقلتُ فضل به من غيرهم بانوا
صانُوا النفوسَ عن الفحشاء وابتذلوا / منهنّ في سُبُلِ العلياءِ ما صانوا
لا توحش الأرض من شيبان إنهمُ / قومٌ يكونون حيثُ المجدُ مذ كانوا
المُنعمين وما منُّوا على أحدٍ / يوماً بنعمى ولو منُّوا لما مانوا
قومٌ يعِزُّونَ ما كانت مُغالبةٌ / حتى إذا قدرتْ أيديهمُ هانوا
كم عرَّضُوا للْمنايا الحمرِ أنفسَهُمْ / فحان قومٌ تَوَقَّوْها وما حانوا
وقاهُمُ الجِدُّ ثم الجَدُّ بل حُرِسوا / بأنهم ما أتوْا غدرا وما خانوا
كساهُم العِزُّ أنْ عَرّوا مناصلهم / فما لها غير هامِ الصيدِ أجفان
وألهجَ الحمد بالإيطانِ بينهمُ / أن ليس بينهُمُ للمالِ إيطان
أفْنَوْا عداهُمْ وأقنَوْا من يؤمِّلُهم / ففي الصدور لهمْ شكرٌ وأضغان
لكنْ أبو الصقرِ بَدْءٌ عند ذكرهمُ / وسادة الناس أبداءٌ وثُنْيان
فرْدٌ جميعٌ يراه كلٌّ ذي بصر / كأنَّهُ النَّاسُ طُرّاً وهْو إنسان
أغرُّ أبلجُ ما زالت لمادحِه / دعوى عليها لفضلٍ فيه برهان
له مُحيّاً جميلٌ تَستدلُّ به / على جميل وللبُطْنانِ ظُهران
وقلَّ من ضَمِنَتْ خَيْراً طَوِيَّتُهُ / إلا وفي وجههِ للخيرِ عنوان
يلقاكَ وهْو مع الإحسان معتذرٌ / وقد يُسيءُ مُسِيءٌ وهو مَنّان
زمانُه بنداه مُمْرعٌ خَصِبٌ / كأنه من شهور الحول نيسان
أضحى وما شاب يدعوه الأنامُ أباً / بحقِّه وهُمُ شِيبٌ وشبَّان
تقدَّمَ النَّاسَ طُرّاً في مذاهبهِ / وإن تقدَّم تلك السنَّ أسنان
وذي وسائلَ يُزْجيهنَّ قلت له / انبذْ رشاءك إنَّ الماء طوفان
يا ذا الوسائلِ إن المستقى رَفِقٌ / ليستْ له غيرَ أيدي الناسِ أشطان
يمَّمْتَ يمَّاً أساحَ اللَّهُ لُجَّتَهُ / في أرضهِ فخرابُ الأرض عُمران
ما من جديب ولا صَدْيانَ نَعْلَمُه / وكيف يُلفى مع الطوفان صديان
لاقى رجالاً ذوي مجدٍ قد اغتبقوا / آساره ولقوهُ وهو صبحان
يُضْحِي وليس على أخلاقِهِ طَبَعٌ / ولا على الغُرِّ من آرائه ران
أعفى البريةِ عن جُرم وأجملُها / صفْحاً وإن سيمَ وتراً فهو ثعبان
ما إن يزالُ إزاء الوِتْرِ يُوتِره / نقض ومنه إزاء الذنب غفران
يستحسنُ العفو إلا عن مُنابذةٍ / في العَفْوِ عنها لرُكْنِ العزِّ إيهان
وهَّابُ ما يأمنُ العِقبانُ واهبُهُ / طلَّابُ ما للتَّغاضي عنه عقبان
إذا بدا وجهُ ذَنْب فهو ذو سنةٍ / وإن بدا وجْه خَطْب فهْو يقظان
يقظانُ من رَوَعٍ وسْنانُ من وَرَعٍ / يا حبَّذا سيِّدٌ يقظانُ وسنان
مُفكِّرٌ قبل صُبْحِ الرأي متَّئدٌ / مُشمِّرٌ بعد صبحِ الرأي شيحان
تلقاهُ لا هُوَ مِنْ سرَّاءَ خادعةٍ / غِرٌّ ولا هو من ضرَّاء قُرحان
يجِلُّ عن أن تُحَلَّ الدهرَ حَبْوتُهُ / يوماً إذا طاش مِفراحٌ ومحزان
ما خفَّ قطُّ لتصريفٍ يُصرِّفهُ / وهل يخِفُّ لنفخ الريح ثهلان
يا من يبيتُ على مجرى مكائدِهِ / نكِّبْ لك الويلُ عنها فهْي حُسبان
ذو حكمةٍ وبيانٍ جلَّ قدرُهُما / ففيه لقمانُ مجموعٌ وسحبان
وما لسحبانَ جُزءٌ من سماحتِهِ / ولا للقمانَ لو جاراه لقمان
ساواهما في الحجى واحتاز دونهما / فضلَ الندى فلهُ في الفضل سُهمان
معانُ عُرفٍ وعرفانٍ وقلَّ فتىً / في عصرهِ عندهُ عُرفٌ وعِرفان
مُساءَلُ القلبِ مسؤولُ اليديْنِ معاً / كِلا وعاءَيْهِ للمُمتاحِ ملآن
صاحي الطباعِ إذا ساءلتْ هاجِسَهُ / وإن سألتَ يديْهِ فهْو نشوان
يُصحيهِ ذِهنٌ ويأبى صحوه كرمٌ / مستحكِمٌ فهو صاحٍ وهو سكران
لا يعْدَمُ الدهرَ صحواً يستبينُ به / حقّاً عليه من الإلباس أكنان
وينطقُ المنطقَ المفتونَ سامعُهُ / والمنطق الحسنُ المسموعُ فتَّان
وليس ينفكُّ من سكرٍ يظلُّ له / من راحتَيْهِ على العافين تَهتان
سُكرٌ ولكنَّهُ من شيمةٍ كَرُمَتْ / لا من كؤوسٍ تعاطاهُنَّ ندمان
يجودُ حتى يقولَ المُفرِطون له / قد كاد أنْ يخلفَ الطوفانَ طوفان
تعتادهُ هِزّةٌ للجودِ بيّنَةٌ / فيه إذا اعتاده للعُرفِ لهفان
ريحٌ تَهُبُّ له من أرْيَحيَّته / يهتز للبذل عنها وهو جذلان
يهتزُّ حتى تراهُ هزَّهُ طربٌ / هاجتْهٌ كأس رنَوْناةٌ وألحان
كم ضنَّ بالفرضِ أقوامٌ وعندهُمُ / وفْرٌ وأعطى العطايا وهْو يدَّان
ثنى إليه طُلَى الأحرار أنَّ لَهُ / عَهْداً وفِيّاً وأنَّ الدهرَ خوَّان
وساقَ كلَّ عفيفٍ نحو نائِلهِ / مقالُهُ أنا والعافُونَ إخوان
أضحى غريباً ولم يحلُلْ بقاصيةٍ / من البلادِ ولا مَجَّتْهُ أوطان
بل غرَّبَتْهُ خِلالٌ لم يَدَعْنَ لهُ / شِبهاً وللنَّاسِ أشباهٌ وأخدان
يفْديه مَنْ فيه عن مقدار فديته / عند المفاداة تقصيرٌ ونُقصان
قومٌ كأنَّهُمُ موتى إذا مُدحوا / وما كُسوا من حبير الشعر أكفان
ثوابُهُم أن يُمَنُّوا مسْتَثيبَهُمُ / وهل يُثيبُ على الأعمالِ أوثان
لله مُختارهُ ما كانَ أعلمَهُ / بكلِّ ما فيه للرحمن رضوان
ما اختارَ إلا امرءاً أضحتْ فضائلُه / يُثني عليه بها راضٍ وغضبان
رأى أبا الصَّقرِ صقراً في شهامتِهِ / فاختارَ مَنْ فيه للمُختارِ قُنعان
من لا يزالُ لديهِ في مذاهبهِ / بين الرشادِ وبينَ الغيِّ فُرقان
طِرفٌ من الخيلِ يمتدُّ الجراء به / في غيرِ كبْوٍ إذا ما امتدَّ ميدان
وللموفَّقِ تبصيرٌ يُبصِّرهُ / بالحظِّ والناسُ طُرّاً عنهُ عميان
أهدى إليه وزيراً ذا مُناصحةٍ / لم يختلفْ منهُ إسرارٌ وإعلان
أضحى به بَيْنَ توقيرٍ وعافيةٍ / من المآثمِ لا يلحاه ديَّان
وكم أميرٍ رأيناهُ تكنَّفَهُ / في الدِّين والمالِ إتياعٌ وخسران
يجبي له الإثمَ والأموالَ عاملُهُ / فالإثمُ يحصلُ والأموال تُختان
حاشى الموفقَ إن الله صائنه / عن ذاك والله للأخيار صوّان
تلكم أمورٌ وليُّ العهْدِ ينْظِمُها / نظْمَ القلادةِ إحكامٌ وإتقان
في كفِّ كافٍ أمينٍ غيرِ مُتَّهمٍ / غنَّى بذلك مُشَّاءٌ ورُكبان
فالمُجتبى مُجتبىً في كلِّ ناحيةٍ / كانتْ مناهبَ والديوان ديوان
يا من إذا الناسُ ظنُّوا أنَّ نائلهُ / قد سال سائلهُ فالناس كُهَّان
إنِّي رأيتُ سؤالَ الباخلينَ زِناً / وفي سؤالك للأحرارِ إحصان
إذا تَيمَّمكَ العافي فكوكبُهُ / سعْدٌ ومرعاهُ في واديكَ سعدان
إليك جاءتْ بوَحْشِ الشعر تحملها / حُوش المطيِّ الذي يعتام حِيدان
جاءتْ بكل شَرودٍ كلَّ ناحيةٍ / كعاصفِ الريح يَحْدُوها سليمان
ألحاظُ برقٍ إذا لاحتْ مُهَجَّرةً / واستوقدتْ من أوار الشمس حران
همَّتْ بأنْ تَظْلِمَ الظِّلمانَ سُرعَتُها / وكاد يظلمُها من قال ظِلمان
تطْوي الفلا وكأن الآلَ أرْدِيةٌ / وتارةٌ وكأنَّ الليلَ سيجان
كأنها في ضحاضيحِ الضُّحى سُفُنٌ / وفي الغمارِ من الظَّلماءِ حيتان
تَرْجوكَ يا مَنْ غدا للناسِ وهْو أبٌ / ولم تشبِ وهُمُ شِيبٌ وشُبَّان
بل أيُّها السيِّدُ الممنوح ثروتَه / ملكاً صحيحاً إذا المُثْرُون خُزان
تِبيانُ ذلك أن أطلِقْتَ تَبذلُها / بدْءاً وعَوْداً وللأشياء تبيان
وما غُللتَ بِغُلِّ البُخْلِ عنْ كرم / وقد يُغَلُّ بغُلِّ البُخل أيمان
أحيى بك الله هذا الخَلْقَ كُلَّهُم / فأنتَ روحٌ وهذا الخلقُ جُثمان
وقد ظننتُ وحولُ الله يعصمني / من ذاك أن نصيبي منك حرمان
أساءَ بي منك مِحسانٌ وما شَجِيتْ / نفْس بمثلِ مسيءٍ وهو مُحسان
ضاقت ببلواي أعطاني بما رَحُبَتْ / ولن تضيق بغوثي منك أعطان
يشكوكَ شعري ويستعديك يا حكمي / ويا خَصِيمي ويا مَنْ شأْنُه الشَّان
وما لمثلك يستعدِي مُؤمِّلُهُ / أنَّى وعدلُك بينَ النَّاسِ ميزان
أنت الذي عدلتْ في الأرضِ سيرتُهُ / حتى تواردَ يعْفورٌ وسِرحان
وأنصفَ الناسَ منه أنه رجلٌ / يُخيفهُ اللَّهُ إسلامٌ وإيمان
وأسعدُ الناسِ سلطانٌ له وَرَعٌ / عليه منهُ لأهلِ الحقِّ سلطان
ما بالُ شِعْريَ لم تُوزَنْ مثوبتُه / وقد مضتْ منه أوزانٌ وأوزان
أمِثْلُ شِعْريَ يُلوى حقُّه وله / عليك من خِيمك المحمودِ أعوان
أمْ وَعْدُ مثلك لا يُجبى لآملهِ / وقد تهادَتْهُ أزمانٌ وأزمان
مالي لديكَ كأنِّي قد زَرَعْتُ حَصىً / في عام جدب وظهرُ الأرض صفوان
أما لزرعيَ إبَّانٌ فأنظرُهُ / حتى يريعَ كما للزرع إبَّان
أعائذ بك يسْتسقي بمَعطشةٍ / وفي يمينك سَيْحانٌ وجيحان
في راحَتَيْكَ من اليمَّيْن لجُّهما / وفي بنانك أنهارٌ وخُلجان
وقد يُسوَّفُ بالإسقاء ذو ظمأ / ولن يسوَّفَ بالإسقاء غصّان
وبي صدى وبحلقي غُصَّةٌ برحٌ / فاعْجَلْ بغوثِكَ إن الرَّيْثَ خِذلان
وليس مثلك بالمخذول آمِلُه / إذا أطاع جميلَ الفعل إمكان
إن لا يكُنْ وُجْدُ حُرٍّ ملءَ همته / فقد يمُدُّ وعاءٌ وهو نصفان
ما حمدُ مَنْ جادَ إن كظَّتْه ثروتُهُ / ما الحمد إلا لمُعطٍ وهْو خُمصان
نوِّلْ فإنك مَجْزِيٌّ وإنَّ معي / شُكراً إذا شئتَ لم يخلطْهُ كُفران
وإن أبيتَ فحسبي منك عارفةً / أن امتداحَكَ عند الله قُربان
والحرُّ يسغَبُ دهراً وهو ذو سَعةٍ / والعَفُّ يَطوِي زَماناً وهو سَغبان
وللبلاءِ انفراجٌ بعد أزمنةٍ / ورعيةُ الدَّهرِ إعجافٌ وإسمان
وللإله سجالٌ مِنْ فواضلِه / كلُّ امرئٍ ناهلٌ منها وعَلّان
إن لا يُعِنِّي على دَهري أخو ثِقةٍ / من العباد فإنَّ اللَّهَ مِعوان
أو يبطُلُ الحقُّ بينَ الناسِ كُلِّهمُ / فليسَ للحقِّ عند الله بُطلان
خُذها أبا الصقْرِ بكْراً ذاتِ أوشيةٍ / كالروْض ناصَى عَراراً فيه حوذان
واسلم لراجيك مَسعوداً وإن تربَتْ / ممَّن يُعاديكَ آنافٌ وأذقان

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025