المجموع : 6
قد أولد السعد لي ما ألقحت هممي
قد أولد السعد لي ما ألقحت هممي / وعاد طفل رجائي بالغ الحلم
فزف لي بنت كرم من كرامتها / عليّ أبدلتها من دنها بفمي
واجعل خضابي منها إنّني رجل / في السلم والحرب لم أخضب بغير دم
حتى إذا قتلت عقلي بسورتها / فأحي سمعي بالأوتار والنغم
بذكر ظبي يرى قتلي وسفك دمي / حلاًّ وإن التجيء منه الى حرم
فمن تَذكُّرِ ظبي بالحمى كلفي / لا من تذكر جيران بذي سلم
صاغ البديع له من حسنه علماً / فصار وجدي به ناراً على علم
إذا مشى هزَّ أغصان الأراك فهل / من النسيم براه بارىء النسم
أَغُضُّ عنه وبرئي في ملاحظه / خوفاً على ورد خديه من الألم
كلا ولكنني أخشى بنظرته / يميتني ما بعينيه من السقم
يا من سواه يخون العهد ابق على / من طبعه فيك حفظ العهد والذمم
حزت الجمال فهلا كنت تقرنه / بأجمل الصفتين البخل والكرم
أحين أيقنت أني لا أرى قمراً / سواك أبقيتني بالهجر في ظلم
غفلت عمَّا أقاسي في هواك فلم / تسهر وأرَّقتَ أجفاني فلم أنم
وتهت عجباً لأنّي فيك مفتتن / كأنّني أول العبَّاد للصنم
مهلاً فما كل مخدوم يليق به / إظهار قدرته العظمى على الخدم
رفقاً بمن أوقفته فرط صبوته
رفقاً بمن أوقفته فرط صبوته / في خطة الخسف بين الهم والهمم
حتى سلبت الكرى منه وقلت له / مستهزئاً سترى لقياي في الحلم
زعمت أن الليالي ليس تسعفه / بعرس من عرسه من أفضل النعم
محمد شبل خير الناس زُوِّج من / فتاة علينا نزار سادة الأمم
فالدهر بلغنا فيه المنى وغدا
فالدهر بلغنا فيه المنى وغدا / يفترُّ فيه الهدى عن ثغر مبتسم
ولاح في مطلع الإقبال كوكبه / مبشراً بزوال البؤس والنقم
لك الهنا يا أبا المهدي في خلف / كفَّاه تخلف فينا صيِّبَ الديم
غذيت في حب طه عند مرضعتي / بدرَّة أنا منها غير منفطم
لذاك فاخرت أقراني كما فخرت / بالفضل أمة طه سائر الأمم
سألت من قلمي يوماً فقلت له / اعمل معي فكرك النفاذ يا قلمي
إني أروم لطه مدحة وأرى / قد ضاق عن وسع ما حاولته كلمي
وكيف أحصر ما قد حاز من شرف / ومن فخار ومن زهد ومن كرم
فإن يقف من تراه العرب أفصحها / فكيف تفصح عنه أنت يا عجمي
تراك تسعى بما أبغي فقال نعم / سعياً على الراس لا سعياً على القدم
فجال في حلبة القرطاس أسمره / وضاق عنه مجال الشهب والدهم
يلف رقة ألفاظي بقوتها / كالخيل لفَّت سهول الأرض والأكم
لكنني لم أطق رداً لجامحه / كما يرد جماح الخيل باللجم
قف عن مدائح طه يا يراعى أو / قل ما تشاء ونزهة من القدم
ولا تقل هو يحيي أو يميت وقل / بالعلم أوجد أهليه من العدم
يا ثالث القمرين النيرين هدى / وثاني العرش في قدر وفي عظم
وكعبة لحجيج العلم راحته / كالركن يفخر فيها كل مستلم
العذر يا من قبول العذر شيمته / قصرت عنك وما التقصير من شيمي
أخرستني وأنا الشافي بمنطقه / مسامع الصخرة الصمَّا من الصمم
كأنّما اللوح يوحي ما أخطّ إلى / فكري فتمليه أفكاري على قلمي
أقم مدى الدهر في خفض وفي دعة / إن الهدى لك حلف إن تقم يقم
إذا جرى أحمراً دمعي فليس لما
إذا جرى أحمراً دمعي فليس لما / أني حبست سواد العين عن قلمي
لكن لأخبركم أن الفراق نضا / عليَّ أسيافه حتى أراق دمي
حاولت نظم الرثا فاستعصت الكلمُ
حاولت نظم الرثا فاستعصت الكلمُ / وهل لأهل الهدى بعد الحسين فمُ
وقطع الحزن أحشائي عليك فذي / أفلاذ قلبي لا الألفاظ تنتظم
ما كنت أحسب يجري بالرثا قلمي / ما حيلتي قد جرى في ذلك القلم
أبا التقيِّ وذي العليا محمد وال / مهدي بل يا أباً للناس كلهمُ
قد كنت غيثاً وليثاً للعفاة ولل / عداة فاليوم غاب البأس والكرم
قد كنت مرتبعاً للوافدين حمىً / للخائفين فأنت الحِلُّ والحرم
أبكي بك العيش قد زالت غضارته / والدهر ألوى فلا بؤس ولا نعم
أبكي محاريب في الظلماء قمت بها / لله حتى انجلت في نورك الظلم
أبكي منابر قد أوسعتها حكَماً / واليوم فارقها الأحكامُ والحِكم
تكاد أعوادها تخضر مثمرة / إذا علاها سحاب منك مرتكم
أبكي بك الدين والدنيا وأنت هما / أبكي النبي وسبطيه وأنت هم
أبكي بك العروة الوثقى التي انفصمت / ولم أخلها مدى الأيام تنفصم
أبكي بك الركن ركن الحق منهدماً / ولم أخل أن ركن الحق ينهدم
ابكي بك النور تحت الأرض منكتماً / وما توهمت نور الله ينكتم
أبكي بك العالمين السابقين مضوا / ولو سلمت لشرع المصطفى سلموا
لله كل الورى ماذا ألمَّ بهم / لقد أصيبوا بفقد العلم لو علموا
اليوم ق آمن الإسلام ثلمته / لو كان بعدك إسلام فينثلم
ما زلت مجتهداً في الله تعبده / فلا يصيبك من طول المدى سأم
تزداد ضعفاً فتقوى في عبادته / يصح عزمك مهما شفَّهُ السقم
ولم تثقِّلك في الدنيا الهموم بها / إلاّ وطارت الى الأخرى بك الهمم
حتى أتتك ببيت الله دعوته / ولم تزل فرص اللذات تغتنم
واستقبل الحور والولدان نفسك فل / تقرَّ عيناً بك الأزواج والخدم
لله يومك أهل الأرض فيه شقوا / إذ غبت عنهم كما أهل السما نعموا
لله نعشك من سارٍ وما وطأت / له على غير هامات الورى قدم
ولم تزل تخفق الأعلام منه على / نعش به قد توارى للهدى علم
يا جذوة للهدى لم تخب شعلتها / إلا وفي كل قلب بعدها ضرم
يا كوكباً كان يهدي العالمين وكم / به شياطين أهل البغي قد رجموا
يا ظلّ عدل تولَّى الظلم حين مضى / وشمس رشد توالت بعدها الظلم
يا أولاً فيه أهل الفضل قد بدأوا / وآخراً فيه أهل العلم قد ختموا
لم يخل منك محل كنت تملأه / هذا التقى النقي الطاهر العلم
لما رأوا قبسا للرشد لاح به / مثل الفراش أحاطوا فيه وازدحموا
وذا محمد السامي الى رتب / دانت له عرب الإسلام والعجم
ذا عصمة من ضروب النائبات وذا / للحق حبل به أهل الهدى اعتصموا
وذا بدرِّ العلى والمجد مرتضع / وذا من الذم والفحشاء منفطم
شبلان يرسو بأعراق الثرى لهما / خِيمٌ وتبنى على هام السها خيم
لا يشمت الناس يا غيظ الذي لهما / غيظُ العدى بهما باق وإن زعموا
وليغن عن ديمة مثواك تمطره / فمن أكفك فيه قد ثوت ديم
إن رمت محو البلاء والهم
إن رمت محو البلاء والهم / فاستعمل الصبر فيه والهم
واترك هوى النفس واُلهُ عنه / بطاعة للإِله تغنم
إن الهوى للنفوس أضحى / مخالطاً للعظام والدم
واركب ببحر الذنوب فلك ال / رجا وخلِّ الهوى لتسلم
وتاجر الله في المساعي / فعامل الخير ليس يندم
سوق به ربما وجدنا / من يشتري جنةً بدرهم
واذكر حديث الحساب واذخر / فإن للمرء ما تقدم
لا تخش إلا من المعاصي / فهي طريق الى جهنم
ولا تؤمل سوى رضاه / فإنه للنجاة سلم
فمن يكن ذنبه عظيماً / فرحمة الله منه أعظم
أنت مع الناس مثل ركب / كل إلى قصده تيمم
فأصحبهمُ صحبة افتراق / لا صحبة المغرم المتيّم
وحاسب النفس كل يومٍ / كي تتلافى الذي تقدم
فإن تشأ جنة وفوزاً / بلا جهاد ولا تقحم
فأسبل الدمع من عيون / أو فابدل الدمع منك بالدم
لسادة بالفلاة صرعى / تجرعوا الموت وهو علقم
قد أضرموا للعداة ناراً / من قبل يوم الجزاء تضرم
تخاله بينهم صريعاً / بدراً وهم حوله كأنجم
لم يبق منهم رئيس قوم / إلا له بالحديد الجم
أنشب ظفر المنون فيهم / وسيفه للرؤوس قلَّم
وصال فيهم وهم ألوف / بصارم كالقضا المحتم