قمرية الدوح يا ذات الترانيم
قمرية الدوح يا ذات الترانيم / مع النسور على ورد الردى حومي
سيري مع الجحفل الجرار خافقة / وسابقي فوقه سرب القشاعيم
وناوحي الأمة الثكلى فقد رزئت / بلادها بالمطاعين المطاعيم
وذكريها عهود البيض ماضية / فإن عهد المواضي غير مذموم
خلت بلادك من قوم فرائسهم / ملء البسيطة من فرس ومن روم
قمرية الدوح ما في الدوح من ثمر / إلا تعاليل محزون لمهموم
طيري إلى الأفق الأعلى فليس على / وجه الثرى وكر طير غير محطوم
وباعدي الأرض إن الجور ارهقها / ووحد الضعف في هذي الأقاليم
ما في العواصم من ضيق ومن نوب / أضعافه في الفيافي والدياميم
فناشدي العرب كم دانت لهم دول / وكم جبوها بتحبير المراسيم
وأبني أسر التيجان مذ نزلوا / عن العروش باذعان وتسليم
مخدمين بأمثال الدمى صوراً / وارحمتا للسلاطين المخاديم
أهل الأكاليل لا تأسوا فما عقدت / إلا إلى أجل في اللوح مرقوم
في ذمة المجد مطرودون عن سدد / كانت مواقف تمجيد وتعظيم
كم عاهل يستميح الدهر رحمته / أماته الدهر حيا غير مرحوم
رام الأمان أمان اللَه ملتحقا / بالباحثين علي جذ الجراثيم
وان شعب وحيد الدين انكره / وشعب غليوم لم يرفق بغليوم
أصاب أحمد رب التاج سالبه / منه بسهم من الآجال مسموم
مشى الزمان بأهليه كمضطرب / في المتن مندفع في الصدر ملكوم
فأبصر الخلف قداما لدهشته / وصار يخلط تأخيراً بتقديم
هذي الحوادث جلت ان تكافح في / سيف بمطرقة الأقدار مثلوم
لولا المقادير سالت دون دجلتنا / على الردى أنفس الصيد المقاديم
سلي الفرات ففي أريافه عرب / بيض الظبا والمساعي الغر والخيم
الراصدون على الأعداء مهربهم / والمالكون عليهم مورد الهيم
والسائلات بغدر من دموعهم / نفوسهم لقرارات اللهاميم
كم من عكاظ أقامته سيوفهم / وموسم برذاذ الهام موسوم
سوق من الحد قامت في معارضه / رماحهم وهي لم تعرض لتقويم
أبوا يسومونها إلا بمركزها / من مصرع القرن مطعون الغلاصيم
لو صادموا هضبة الفولاذ لانفلقت / أركانها بالمناجيد المصاديم
قمرية الدوح أضحت أرضه يبساً / ومزهر الغصن أضحى غير مرهوم
قد كان يمتص ضرع الغيث مندفقاً / فعاد يعطب في برحاء مفطوم
تبصري الأرض هل قامت مناكبها / على أساس قديم غير مهدوم
جاء الحديد فقلنا سوف يخلفه / حلاً بحل وتحريماً بتحريم
فأسفر العصر عصر النور عن زمن / بالعسف متقد بالظلم مضروم
سكان جلق ذات المرج جاد كم / بعارض من فتوق السحب مسجوم
ومبهت الزهر زهر الفضل في حلب / لازلت تنفح في شيح وقيصوم
ويا حواضر لبنان تجاور في / بحر بمثل هموم الشعب مفعوم
ويا نزولاً على الخرطوم زاحمكم / في مورد النيل عذباً ألف خرطوم
مدت من الغرب وامتصت موارده / فليت لا كرعت إلا بيحموم
ظما لها ما كفاها البحر ملتطماً / كأن أمواجه موقورة الكوم
حتى أتت لمجاري الشرق دامعة / عيونه بين سلسال وتسنيم
ألقت مبادءها درساً يعرفنا / سوء المبادئ منها والخواتيم
تظاهر الشرق بالحسنى مداجية / وحقدها كامن ملء الحيازيم
وتوضح الشك بالابهام تعمية / واحيرتا بين مشكوك وموهوم
كيف السبيل إلى التطبيق مذ برأت / هذي المصاديق من تلك المفاهيم
يا مصر قولي لوفد العز مذ لبسوا / تلك العواري من لوم ومن لوم
ليس الصعيد صعيدي يا فراعنتي / أما اختلفتم ولا الفيوم فيومي
كونوا من الذهب المسبوك سلسلة / ابريزها غير مفصوم وموصوم
نواصع الحجج اللاتي اذا اطردت / داست جناجن موضوح ومكلوم
نام الخليون حيث الليل يرفع في / سقف بأعمدة الظلماء مدعوم
وأنتم لا حشاياكم ممهدة / ولا جفونكم مالت لتهويم
لو فاض بحر الدجى وامتد زاخره / قلتم لافكاركم في قعره عومي
آراؤكم من حديد الحق ضربتها / تأتي عل كل مكذوب ومزعوم
صرختم ولهيب العزم يلفحكم / كالفحل يهدر من تحت المياسيم
قام الموحد منها وهو مرتعد / واهتز من حولها أهل الأقانيم
قمرية الدوح قومي فانظري أمما / مخنوقة الصوت في أوطانها قومي
ما في العراق إذا استقريت بقعته / إذن تصيخ لأبكار الأناغيم
يد علينا لذات الطوق نشكرها / بذكريات احتفالات وتكريم
إن عاد للعرب الأمحاض ملكهم / وحصنوا الأرض بالبيض المخاذيم
حقاً تناديك والتلقيب أو سمة / يا نغمة الورق بل يا بغمة الريم
إن ترجعيهم إلى أدوار ملكهم / فأنت أنت أصدحي لا أم كلثوم
أجيزك اللؤلؤ المنسوق من كلمي / وأحسن الدر منثوري ومنظومي
تغردين وذي الأقطار ما برحت / تبكي لتذكار توزيع وتقسيم
كم هيأ الظافر المنهوم دعوته / منها لكل عميق الشدق مقروم
تذوقوها ولم تبرد لها مزع / وباغتوها بتحصيص وتسهيم
واضيعة المال والاحلام من نفر / تقاطروا بين مجهول ومعلوم
كأنهم ودواعي اللهو تجذبهم / ركب يخف بمزموم ومخطوم
خالوا مزامير داود لهم خبئت / أنغامها بين أشداق وحلقوم
فصيروا قاعة الألحان جنتهم / فأينها وهي في لغو وتأثيم
فابن الثلاثين حي لا عصام له / وابن الثمانين ميت غير معصوم
سيان للهاجس المحزون في وطني / ترنيمة الورق أو تنعابة البوم
هذي البلاد فمعدوم بلا جدة / ان طفت فيها وموجود كمعدوم
وسافل يتعالى فوق موقفه / وظالم يتردى جلد مظلوم
قالوا الغناء غذاء الروح ينعشه / وان يكن غير مشروب ومطعوم
قلت افحصوا هذه الأرواح ان حييت / وأرشدونا لروح غير مألوم
متى يكون علاج للضنى بضنى / وشارب السم هل يشفى بمسموم