يا ربع نَكّرك الأحداث والقدم
يا ربع نَكّرك الأحداث والقدم / فصار عينك كالآثار تتهم
كأنما رسمك السرّ الذي لهم / عندي ونؤيك صبري الدارس الهدم
كأنما سفعة الأثقى باقية / بين الرياض قطاجونية جثم
أو حسرة بقيت في القلب مظلمة / عن حاجة ما اقتضوها أذهم أمم
ألا بكاه سحاب دمعه همع / بالرعد مزدفر بالبرق مبتسم
لم لا يجدها سحاب جودها ديم / من الدموع الهوامي كلهن دم
ليت الطلول أجابت من به أبداً / فى حبهم صحة في بغضهم سقم
أو علّها بلسان الحال ناطقة / قد تفهم الحال ما لا تفهم الكلم
أما ترى شيبتى تنبيك ناطقة / بأنّ حدّى الذى استذلقته ثلم
الشيب يوعد والآمال واعدة / والمرء يغترّ والأيام تنصرم
مالى أرى حكم الأفعال ساقطة / وأسمع الدهر قولا كله حكم
ما لى أرى الفضل فضلا يستهان به / قد أكرم النقص لمّا اتنقض الكرم
جولت في هذه الدنيا وزخرفها / عينى فألفيت داراً ما بها أرم
كجيفة دوّدت والدود منشؤها / منها ومنها ترى الأرزاء والطعم
سيّان عندي أن برّوا وإن فجروا / فليس يجرى على أمثالهم قلم
لا تحسدنهم إن جُدّوا بجَدّهم / فالجِدّ يجدى ولكن ماله عصم
ليسوا وإن نعموا عيشاً سوى نعم / وربّما نعمت في عيشها النعم
الواجدون غنى والعادمون نهى / هل الذي وجدوا مثل الذي عدموا
خلقت فيهم وأيضا قد خلطت بهم / فليس فيهم غنى عنهم ولا بهم
أسكنت بينهم كالليث في الأجم / رأيت ليثاً له من جنسه أجم
إنى وإن كان عنى من بليت به / في عينه كمه في أذنه صمم
مميّز من بنى الدنيا يميزني / أقلّ ما فيّ ليس الجلّ والعظم
بأى مأثرة ينقاس بي أحد / بأى مكرمة تحكينى الأمم
أمثل عنجهة شوكاء يلحق بى / أو مثل شغبر حش عرضه زيم
فذا عجوز ولكن بعد ما قعدت / وذاك جود مشاع الملك مستهم
إنى وإن كانت الأقلام تخدمنى / كذاك يخدم كفى الصارم الخذم
قد أشهد الروع مرتاحاً فأكشفه / إذا تناكص عن تيّاره الهم
الضرب محتدم والطعن منتظم / والدمع مرتكم والبأس مغتلم
والجوّ يافوخه من نقعهم قتر / والأفق فسطاطه من سفكهم قتم
والبيض والسمر حمر تحت غبرته / والموت يحكم والأبطال تختصم
واعدل القسم في حربى وحربهم / منهم لنا غنم منّا لهم غرم
أمّا البلاغة فاسألنى الخبير بها / أنا اللسان قديماً والزمان فم
لا يعلم غيرى معلماً علما / لأهله أنا ذاك المعلم العلم
كانت قناة علوم الحق عاطلة / حتى جلاها بشر البند والعلم
نبيد أرواحهم بالرعب نقذفه / فيهم وأجسادهم بالقضب تلتحم
ماتت أنالة ذا الدهر اللقاح على / عزائمى وأسفت بى لها الهيم
لو شبت كان الذى لو شئت بحت به / مالخوف أسكت بل إن تلزم الحشم
ولو وجدت طلوع الشمس متسعا / لحط رجل غريمى كنت أغترم
ولو بكت غير ما بى دونها الحشم / ولم يغم سبيلى نحوها الغمم
وكانت البيض ظلف للغمودله / وقد تشاغل عرض الحيد والحكم
وظن أن ليس تحجيل سوى شعر / وإن للخيل في ميلادها اللجم
وغشيت صفحات الأرض معدلة / فالأسد تنفر عن مرعى به غنم
لكنّها بقعة حفّ الشتاء بها / فكل صاغ إليها صاغر سدم