القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : جَميل صِدقي الزَّهاوي الكل
المجموع : 15
تلك المَجَرَّة مثل النهر جاريةٌ
تلك المَجَرَّة مثل النهر جاريةٌ / فيها الكَواكِب وَالقنوان والسدمُ
كأَنَّها حَيوان وَالنجوم بها / هيَ الخَلايا له وَالكَهرباء دم
تُهِيجُني رؤية الشعرى فإِنَّ لَها / إذا بدت لمعاناً ضوؤه عمم
كأنها غادة حسناء قد هُجرت / من صاحب وَمقته فهيَ تلتدم
وَما النجوم تَراها العين لامعة / في اللَيل إلا شموس هاجَها الحدم
لا يَعلَم الناس مَهما أَمعَنوا نظراً / هَل الحدوث بها أَحرى أَم القدم
الدين يضرب صفحاً عَن حقيقتها / وَالعَقل في حكمه بالظن متهم
لا يَنتَهي الكون والأجرام فيه إِلى / حدّ يحيط به هَذا هُوَ العظم
وَلي هنالك آراءٌ وأَسئلةٌ / للناس أذكرها طوراً وأكتتم
ما في الجواهر والأجسام منجمها
ما في الجواهر والأجسام منجمها / إلا قوى هي تَبنيها وَتهدمها
وَهذه لست بالتَحقيق أَعلمها /
لا جسم إلا ويفني بعد أَزمنة / فَلا جواهره تبقى ولا الصوَرُ
فيها القوى وَهي ما بالسلب يتصف / كهيربات إلى الأضداد تنصرف
تدور من حولها وَثباً وَلا تَقِف /
في حبة الرَمل فوق الأرض ساكنة / من القوى ما به الأطواد تنفطر
في جرعة الماء للظمآن يشربها / وَكسرة الخبز للجوعان يقضبها
وَنسمة الريح للحران يطلبها /
وَفي جواهر من تفاحة صغرت / قوىً إذا ثُرنَ لا تُبقي وَلا تذر
لَيسَ القُوى غير بعض الجسم قد لطفا / وَالجسم إلا قوى مجموعة كثفا
وَلَيسَ شيء عَن الناموس منحرفا /
إلى الأثير بفعل منه مرجعه / فهو المؤثر في الأشياء والأثر
إنَّ النجوم وإن الشمس وَالقَمَرا / والأرض تَمشي عَلَيها تائِهاً بطرا
لَيسَت سِوى أُكَرٍ أَعجب بها أكَرا /
وَللأثير يد في الكون قاهرة / تدحرجت بعصاها هذه الأكر
لَم يسمع الناس حربا كالَّتي سلفت
لَم يسمع الناس حربا كالَّتي سلفت / في هَولها وَلأرزاء الورى قدمُ
دامَت سنين مَع الوَيلات أَجمعها / دَهياء تلقف من تَلقَى وَتَلتَهم
لِلَّه شيبٌ أَحبوا الموت من أَسف / عَلى بنيهم وَشبانٌ قد اخترموا
قد استمروا وَنار الحرب موقدة / يكافحون وَلَم يأَخذهمُ السأم
الحمد لِلَّه رب العالمين عَلى / أن زالَ بالخَير ذاكَ الحادِث العمم
وأن أتى السلم حتى ظل سامعه / مِن غلْيِ أَفراحه يَبكي وَيبتسم
وَمن نتائجها أن خاب موقدها / وأن تحررت الأقوام والأمم
وَعادَ في كل أَرجاء العراق إلى / أبنائه الحكم مقضياً كَما حكموا
السيف وَالقَلم امتازا بذودهما / فليحيَ للمعضلات السيف وَالقَلم
ورب حسناء تَمشي وَهيَ باكيةٌ
ورب حسناء تَمشي وَهيَ باكيةٌ / لَها دموع عَلى الخدين تنسجمُ
دموعها عَن أَساها الجم معربة / كأَنَّها فوق ذاوي خدها كلم
قرأت منها سطوراً تلك تنبئني / أن الرجال لها من غلظة ظلموا
حسناء لا تَجزَعي من غمة ثقلت / فَلَيسَ من حالة إلا ستنصرم
يأتي الشباب وَيأتي بعده زمن / هُوَ الكهول وَيأتي بعده الهرم
وَبعد ذلك موت يَستَريح به / من الحَياة الَّذي قد مضه الألم
وانه منهل لا جفّ مورده / للشاربين عليه الناس تزدحم
كانَ الشَباب سلاحاً لي أَصولُ به / عَلى الَّذين استخفوا بي وأحتكم
وَاليَوم إِذ نالَت الأيام من جلدي / أَودُّ لَو جاءَني موتٌ فيخترم
لا مالَ عندي أَقنوه وَلا نَعمُ
لا مالَ عندي أَقنوه وَلا نَعمُ / إلا أَمانيَّ أَبنيها وَتنهدمُ
جمعت ما جدّ من علم إِليَّ فَلَم / أَنعم بِعلمي وَأَهل الجهل قد نعموا
اللَيل يعبس في وَجهي بظلمته / إذا أَتى وَنجوم اللَيل تَبتسم
لا تحقر النجم إن أَبدى وَضاءَته / يا أَيُّها اللَيل إن النجم محترم
ما زلت للهول في بَغداد مقتحماً / لِلَّه ما أَنا في بَغداد مقتحم
لَهفي عَلى العلم إن العلم محتقر / لَهفي عَلى الحق إن الحق مهتضم
لَيتَ الجهالة ذمت من بَني وَطَني / أَو لَيتَ ما يَصِمُ الأقوامَ لا يصم
الناس لَو ألفوا الأشغال ما اِفتَقَروا / وَالناس لو هذبوا الأخلاق ما اِختصموا
أعطيت نَفسي من الآلام تسلية / وَقلت علّ جروحي سوف تلتئم
إن الخلاف الَّذي طالَت مسافته / بين الطوائف بعد الموت ينحسم
لَيتَ الَّذي حازَ بعضُ الناس من نشب / عَلى مصالح كل الناس ينقسم
نويت هجر بلاد قد شببت بها / إلى بَعيد وَلكن عاقني السقم
لا سامح اللَه ناساً مِن بَني وَطَني / داسوا بأَرجلهم حقي وَما ندموا
يا علم إنك ذو حول فخذ بيَدي / عند البراز إذا زلت بيَ القدم
يا قوم بالعلم لوذوا في شدائدكم / فالعلم يعصم من بالعلم يعتصم
تَفاوت العلم وَالجهل القَسيم له / كَما تفاوتَت الأنوار وَالظلم
أَينَ الألى كانَت الآداب ترفعهم / وأَين تلك السَجايا البيض وَالشمم
ما ماتَ قَومي وَلا ماتَت مداركهم / لكنما ماتَت الاخلاق وَالشيم
نصحت لِلقَوم في شعري فَما سمعوا
نصحت لِلقَوم في شعري فَما سمعوا / كأَنَّما القوم في آذنهم صممُ
أخلصت نصحي لهم أَرجو تقدمهم / فَكانَ منهم جَزائي أنهم شتموا
العلم يشهد أني غير كاذبهم / وَالحق يشهد وَالقرطاس وَالقلم
أبديتها كلمات في نصيحتهم / أضرارها لي وَلكن نفعها لهم
سيظهر الحق وضّاحاً فيفضحهم / إلا إذا كابروا إلا إذا كتموا
قل لِلَّذي يَقتني مالاً وَيعبده / قد اِعتصمت بحبل سوف ينفصم
أنفقه في العلم إكثاراً لنعمته / تِلكَ الَّتي تستقى من فيضها النعم
الناس لَو علموا أثماره غرسوا / أشجاره غير أن الناس ما علموا
يا قوم أَنتُم بنيتم من تضامنكم
يا قوم أَنتُم بنيتم من تضامنكم / والاتحاد بناءً لَيسَ ينهدمُ
سيشكر الصنع أَرواحُ الجدود لكم / وَتشكر الصنع في أَجداثها الرمم
يا قوم إن تجنحوا للنقض بعدئذ / فأين تلك السَجايا الغر وَالشيم
تأبى الصغارَ نفوس لم تكن جبلت / على الصغار وآنافٌ بها شمم
بالعقل لوذوا إذا حمَّت مخالفة / فإنه وحده بالحق يحتكم
لا يبعث الشعر أَفراحاً ولا أَلَما
لا يبعث الشعر أَفراحاً ولا أَلَما / ما لَم يكن عن شعور المرء قد نظما
ومن معايب في ألفاظه سلما /
لم يقرض الشعر يوماً في حقيقته / إلا الألى نظموه مثلما شعروا
الناس تذعن للألفاظ تسمعها / والأبله الغر للإذعان أَسرعها
موكل بِفَيافي الظن يذرعها /
أَما يقيني فآت عن مشاهدة / وَفي الشهادة علم دونه الخبر
الشعب يدرك أن الشعر يرفعه / الشعب يؤمن أن الشعر ينفعه
وأنه في شتات الأمر يجمعه /
الشعب يفقه أن الشعر فيه هدى / وأنه سبب للمجد مقتدر
الشعر للروح مثل القوت للبدن / وإنه زينة الأقوام والمدن
والدافع الأكبر النهّاض بالوطن /
نالت من الشعر ما عزت به أُمَم / غير الَّذي هي منه اليوم تنتظر
عش هَكَذا في علوٍّ أَيُّها العلمُ
عش هَكَذا في علوٍّ أَيُّها العلمُ / فإننا بك بعد اللَه نعتصمُ
عش للعروبة عش للهاتفين لها / عش للألى في العراق اليوم قد حكموا
عش للعراق لواء الحكم تكلؤه / عين العناية من شعب له ذمم
عش خافقاً في الأَعالي للبقاء وثق / بأن تؤيدك الأحزاب كلهم
جاءَت تحييك من قرب مبينة / أَفراحها بك فانظر هذه الأمم
كأَنَّما الناس في بغداد إذ هتفوا / بحر خضمّ به الأمواج تلتطم
إنَّ العيون قريرات بما شهدت / وَالقَلب يفرح والآمال تبتسم
إِنِ احتقرت فإنَّ الشعب محتقر / أَو اِحترمت فإن الشعب محترم
الشعب أَنتَ وَأَنتَ الشعب منتصباً / وَأَنتَ أَنتَ جلال الشعب والعظم
فإن تعش سالماً عاشَت سعادته / وإن تمت ماتَت الآمال والهمم
هَذا الهتاف الَّذي يعلو فتسمعه / جميعه لك فاسلم أَيُّها العلم
تتلى أمامك والجمهور مستمع / قصيدة لفظها كالماء منسجم
لشاعر عربي غير ذي عوج / على الفصاحة منه تشهد الكلم
يا أَيُّها العلم المحبوب شارته / إنا لك اليوم بالإجماع نحترم
يا أم كلثوم غني فالهوى نغم
يا أم كلثوم غني فالهوى نغم / تلذه الشيب والشبان كلهمُ
غني وغني على الأوتار صادحةً / فإنما بالأغاني تنهض الأممُ
من أجل صوتٍ رخيمٍ منك يسمعه / يا أم كلثوم جاء الجمع يزدحمُ
قد هزه صوتك الموَّارُ يطربه / فهاج كالبحر ذي الأمواج يلتطمُ
غني فليلتنا من بعد حلكتها / فيها بأوجهنا الأنوار تبتسمُ
كأنما نحن في حربٍ تهاجمنا / فيها المسراتُ والأحزانُ تنهزمُ
غني لنا ثم غني إن ليلتنا / فيها العواطف بالألباب تصطدمُ
إنَّ الغناء إلى محياي يجذبني / وإن مشت في طريق الموت بي القدمُ
الحسن تسمعه كالحسن تبصره / ما عنهما من غنىً يأتي به السأمُ
كلاهما يبتغي قلباً ليملكه / والقلب بينهما في المرءِ منقسمُ
لا يبلغ المرء من لذاته وطرا / حتى يمتع منه السمع والبصرا
افرح بدنياك واشبع من مشاهدها / فبعدها لا ترى شمساً ولا قمرا
ماذا يريبك في عصرٍ نعيش به / من شاعرٍ بالذي في قلبه جهرا
قالوا كفرت ولم أكفر كما زعموا / أكلُّ من قال حقّا بيننا كفرا
يا حبّذا الحسن يهدي زهره عبقاً / وحبذا الحبُّ تلقي نارهُ شررا
يا أم كلثوم إنا أمةٌ رزحت / تحت المصائب أحقاباً فسلينا
يا أم كلثوم إن اليأس يقتلنا / إذا تأبيتِ والآمال تحيينا
إني دخلت جحيمي قبل آخرتي / وذقت في العيش زقوماً وغسلينا
يا نجمةً في سماء الرافدين بدت / إنا نحييك أفواجاً فحيينا
أرسلت نوراً بهياً في أشعته / نرى الجمال أفانيناً أفانينا
يا أم كلثوم حيينا مغردةً / حيي الملائكَ منا والشياطينا
بلى جُننا بلحنٍ قد شدوت به / وقبل ذلك ما كنا مجانينا
ماذا عليَّ إذا آليتُ في كبري / أن لا أغازل إلا الربرب العينا
لي في الحياة احترامٌ للنواميس / فلا أبدِّلُ موهوماً بمحسوس
إني امرؤُ الشكِّ لا إيمان يربطني / بالخير إن كان شيئاً غير ملموس
إني لفي جنةٍ للفن دانيةٌ / قطافها ولها حمدي وتقديسي
وكم هنالك إبليساً يحاول أن / يزيحني بخداعٍ من فراديسي
أعوذ بالله ربي فهو يعصمني / إذا استعنت به من كل إبليس
يا أم كلثوم إن الشعر ذو نسبٍ / إلى الغناء كمثل الشمس قُدموس
غني وغني إلى أن يظهر الفلقُ / ويذهب الليل كل الليل والغسقُ
يا أم كلثوم إنَّ الأمر مشتركٌ / فإن سكت فلسنا فيه نتفقُ
طلعت بعد انتظار كاد يقتلنا / ككوكب في سماء الفن يأتلقُ
ما أجمل الفن قد أرخى ذوائبه / وكوكب الفن منه النور ينبثقُ
قد انتظرنا ونار الوجد واقدةٌ / نكاد من حرها اللذاع نحترقُ
غني لنا ثم غني إننا فئةٌ / إلى الغناء إذا ما طاب نستبقُ
ولنغتنم هذه الساعات سانحةً / فإنني بصفاءِ الدهر لا أثقُ
قالوا الغناء غذاءُ الروح ينعشه / والحق فيما به في وصفه نطقوا
أميرةَ الفن إنا من رعاياك / نصبو لشدوك هذا الضاحك الباكي
في صوتك الفن قد لاقى سعادته / فإنه كل يومٍ لاثمٌ فاك
كنا إذا ما تمنينا لعاطفةٍ / في النفس لا نتمنّى غير لقياك
وتلك أمنية تغري الشكوك بها / كوردةٍ ذات حسنٍ بين أشواك
ورب سائلة لي وهي باكية / وقد رأتني أبكي بعد إمساك
تقول ماذا الذي أبكاك خاطره / فقلت هذا الذي في النفس أبكاكِ
ماذا سيحكم قاضي الحب بينهما / غداً إذا اجتمع المشكو والشاكي
إن الذي خلق الإنسان من علق
إن الذي خلق الإنسان من علق / وصاغ خلقته في خير تقويم
ماذا أراد بأثداء الرجال وما / يصلحن يوماً لشيء في الأقاليم
إن غضِبَ الناس من كلامي
إن غضِبَ الناس من كلامي / فما على الناس من ملامِ
ما ألف الناس مثل قولي / فهم يجدّون في خصامي
حملته بين احشائي بلا برم
حملته بين احشائي بلا برم / اغذوه فيها الى وضعي له بدمي
وكان اما نهاري جاء من فكري / وكان اما بليلي نمت من حلمي
وضعته بعد آلام مؤملة / وفي المؤمل تخفيف من الالم
وبعد وضعي له ساقيت نبعته / حولين بالدر من ثديي بلا سأم
وطالما قمت في ليلي اراقبه / وطالما نام في حضني ولم انم
وكنت انظر ساعات اليه فلا / ارى هنالك الا وجه مبتسم
وشب ينمو كخوط البان مزدهراً / حتى تناسق من فرع الى قدم
وفاق كل قرين في ثقافته / فكان اشهر من نار على علم
حتى اذا قلت ان الدهر من مقة / مسالم لي وان السعد ملتزمي
اصابني في وحيدي غير مكترث / لما بقلبي من حب ومن ضرم
فرام بي حين جاء الموت يخطفه / تشبثا ثم لما اقتيد لم يرم
اجل تحفز يبغي الموت غيلته / فنال منه كذئب القرة النهم
سطا عليه بجنح الليل مختطفاً / واغتاله قبل وجه الصبح من امم
ولست تاللَه انسى حسن طلعته / ولا حلاوة ذاك اللفظ والكلم
فكان ان جاء في امر يكلمني / في سمعي الصوت منه احسن النغم
وكان صورته من خير ما نظرت / عيني وشيمته من اكرم الشيم
وسوف ابقى على الايام ذا كرةً / لما هنالك من عزم ومن شمم
اما هواه فملء القلب يشبعني / مسرة واسمه المحبوب ملء فمي
وكنت آمل عونا منه في كبرى / على صروف زماني ثم في هرمي
وللسعادة ايام قد انصرمت / اما شقائي فهذا غير منصرم
واحر قلباه من نار قد اضطرمت / من سورة الثكل فيه أي مضطرم
كأن قلبي بركان به انحبست / نيرانه مع ما فيه من الحمم
يا دهر انك لم تعطف على كبرى / وما رحمت بياض الشعر في لممي
قد اخترمت اعز الناس قاطبة / علي تقسو فهلا كنت مخترمي
وقد بنيت به الآمال شاهقة / فيا شواهق آمالي به انهدمي
ما ان ذكرتك الا صحت مجهشة / بني فقدك جرح غير ملتئم
يا كوكب الصبح قل لي اين انت وقل / لي اين ما كان يذكو فيك من ضرم
قالوا سيرجع حيا بعد ميتته / وهل سيرجع معدوم من العدم
الا اذا شاء بي فهو مقتدر / على اعادة آلاف من الرمم
لكنما اللَه لو شاء الحياة لهم / ما سلط الموت محتوما على الامم
استغفر اللَه ان الحزن دلهني / حتى تعثرت الالفاظ في كلمي
اني اذا كان ربي لم يضع رشدي / فليس الا بحبل اللَه معتصمي
اللَه يبعث موتانا ليجزيهم / على طواعية في الامر او اثم
واللَه يمقت مكارا ومنتقما / واللَه اكبر مكار ومنتقم
ادهى الكوارث ما يشقى الجميع به / والحادث الفرد دون الحدث العمم
وما اتهامك دهرا لا اختيار له / فيما يجيء من الاحداث والازم
وهل اذا الجلم المشحوذ اوسعنا / قرضاً نعاتب الا صاحب الجلم
لا تحزننّ اذا اصبحت متهما / فلست وحدك يا دهري بمتهم
الارض والشمس والاقدار قاطبة / لم تنج واحدة منها من التهم
ما الدهر في سيره الا كدائرة / وما الحدوث سوى شكل من القدم
ونحن الا فقاقيع مبعثرة / في لج بحر بعيد الغور ملتطم
اني لاحقر نفسي ثم احقرها / اذا تصورت ما للكون من عظم
لقد تنقدني ناس قد انغمسوا / في الجهل لا يكتبون النون بالقلم
يخفون في الضوء كالخفاش انفسهم / ولا يطيرون الا في حمى الظلم
الفن روض أنيق غير مسؤوم
الفن روض أنيق غير مسؤوم / وأنت بلبله يا أم كلثوم
لانت اقدر من غنى بقافية / لحنا يرجعه من بعد ترنيم
اني اخاف افتتانا فيه مفتضحي / فانما انا شيخ غير معصوم
سلى بي القوم قبل اللوم باحثة / وبعد ذلك يا لوامتي لومي
لا تفزع الكاعب العذراء من كلمي / فان نصل سهامي غير مسموم
اوعى الفنغراف اصواتا شدوت بها / وسار يضرب اقليما باقليم
لممت شمل الاغاني بعد تفرقة / لها فلم يبق شمل غير ملموم
يا ام كلثوم انا شاكرون فقد / اتيت طائرة فوق القشاعيم
هل انت سامعة شعراً ابث به / يا ام كلثوم اعجابي وتكريمي
لا تحسبي انني قد قلت مزدلفاً / فليس ذلك من طبعي ومن خيمي
يا ام كلثوم غنى فالهوى نغم / تلذه الشيب والشبان كلهم
غنى وغنى على الاوتار صادحة / فانما بالاغاني تنهض الامم
من اجل صوت رخيم منك يسمعه / يا ام كلثوم جاء الجمع يزدحم
قد هزه صوتك الموار يطربه / فهاج كالبحر ذي الامواج يلتطم
غنى فليلتنا من بعد حلكتها / فيها باوجهنا الانوار تبتسم
كأنما نحن في حرب تهاجمنا / فيها المسرات والاحزان تنهزم
غني لنا ثم غنى ان ليلتنا / فيها العواطف بالالباب تصطدم
ان الغناء الى محياي يجذبني / وان مشت في طريق الموت بي القدم
الحسن تسمعه كالحسن تبصره / ما عنهما من غنى يأتي به السأم
كلاهما يبتغي قلبا ليملكه / والقلب بينهما في المرء منقسم
لا يبلغ المرء من لذاته وطرا / حتى يمتع منه السمع والبصرا
افرح بدنياك واشبع من مشاهدها / فبعدها لا ترى شمسا ولا قمرا
لم منك نفسا اضاعت ويك فرصتها / ولا تعاتب على ما فاتك القدرا
ماذا يريبك في عصر نعيش به / من شاعر بالذي في قلبه جهرا
قالوا كفرت ولم اكفر كما زعموا / أكل من قال حقا بينا كفرا
يا حبذا الحسن يهدى زهره عبقا / وحبذا الحب تلقي ناره شررا
قد تسقط النخله الفرعاء لي رطبا / فقد رميت على عثكولها حجرا
لا خير في النخلة الفرعاء قد بسقت / ولم تساقط على من تحتها ثمرا
انا بروض به الازهار مصغية / للعندليب وقد حفت به زمرا
يا ام كلثوم غنى فالغناء اذا / ذهبت عنا سيبقى عندنا اثرا
يا ام كلثوم احييت المنى فينا / من بعد يأس تألمنا به حينا
يا ام كلثوم انا امة رزحت / تحت المصائب احقابا فلسلينا
يا ام كلثوم ان اليأس يقتلنا / اذا تأبيت والآمال تحيينا
حملت ما يعجز الفتيان محمله / وما ابن عشرين صنو لابن سبعينا
اني دخلت جحيمي قبل آخرتي / وذقت في العيش زقوما وغسلينا
يا نجمة في سماء الرافدين بدت / انا نحييك افواجا فحيينا
ارسلت نوراً بهياً في اشعته / نرى الجمال افانيناً افانينا
يا ام كلثوم حيينا مغردة / حيي الملائك منا والشياطينا
بلى جننا بلحن قد شدوت به / وقبل ذلك ما كنا مجانينا
ماذا علي اذا آليت في كبري / ان لا اغازل الا الربرب العينا
لي في الحياة احترام للنواميس / فلا ابدل موهوما بمحسوس
اني امرؤ الشك لا ايمان يربطني / بالخير ان كان شيئا غير ملموس
يا حبذا روضة ازهارها اتسقت / كأنما هي اذناب الطواويس
وحبذا عندليب فوق اكيته / يلقى الاغاريد ليلا بعد تغليس
وحبذا ام كلثوم اذا اخذت / تشدو فتلعب بالالباب في الروس
اني لفي جنة للفن دانية / قطوفها ولها حمدي وتقديسي
وكم هنالك ابليساً يحاول ان / يزيحني بخداع من فراديسي
اعوذ بالله ربي فهو يعصمني / اذا استعنت به من كل ابليس
يا ام كلثوم ان الشعر ذو نسب / الى الغناء كمثل الشمس قدموس
غنى بشعر جميل تنقذي رجلا / شيخا من الهم قد اضناه والبوس
غني وغنى الى ان يظهر الفلق / ويذهب الليل كل الليل والغسق
يا ام كلثوم ان الامر مشترك / فان سكت فلسنا فيه نتفق
يا ام كلثوم غنينا مسلية / فاننا بعد ايام سنفترق
طلعت بعد انتظار كاد يقتلنا / ككوكب في سماء الفن يأتلق
ما اجمل الفن قد ارخى ذوائبه / وكوكب الفن منه النور ينبثق
قد انتظرنا ونار الوجد واقدة / نكاد من حرها اللذاع نحترق
غنى لنا ثم غنى اننا فئة / الى الغناء اذا ما طاب نستبق
ولنغتنم هذه الساعات سانحة / فانني بصفاء الدهر لا اثق
قالوا الغناء غذاء الروح ينعشه / والحق فيما به في وصفه نطقوا
فكم تثقف في ناس به عوج / وكم تهذب في ناس به خلق
اميرة الفن انا من رعاياك / نصبو لشدوك هذا الضاحك الباكي
في صوتك الفن قد لاقى سعادته / فانه كل يوم لاثم فاك
كان الفنغراف يحكي الصوت منك لنا / قبلا فيا حبذا المحكى والحاكي
ما كنت احسب حتى جئت محسنة / ان يجمع الله دنيانا ودنياك
يام ام كلثوم يقنو الشعب فيك هوى / من ذا الى امة تهواك القاك
كنا اذا ما تمنينا لعاطفة / في النفس لا نتمنى غير لقياك
وتلك امنية تغري الشكوك بها / كوردة ذات حسن بين اشواك
ورب سائلة لي وهي باكية / وقد رأتني ابكي بعد امساك
تقول ماذا الذي ابكاك خاطره / فقلت هذا الذي في النفس ابكاك
ماذا سيحكم قاضي الحب بينهما / غداً اذا اجتمع المشكو والشاكي
لبيك من آمر يا خير من عزما
لبيك من آمر يا خير من عزما / وبث في كل ارض للهدى علما
الحق ابلج وضاح تليح به / والسيف احمر بتار يمجّ دما
دعوت قومك للتوحيد ترشدهم / فآمنوا بعد حرب حرها احتدما
واخلصوا بعد ايمان عبادتهم / وكان كل فريق عابدا صنما
اما الفصاحة فالآيات باهرة / قد اعجزت كل من قد قال اورقما
اكبر بما انت قد احرزت من خلق / قد اسند الله في نعت له العظما
نعم السجايا خصال فيك بارزة / تهدى بانوارها الفياضة الامما
وفي النبوة اسرار قد استترت / وفي الاشعة ما في العين عنه عمى
ان انكرت فئة ما فيك من شيم / فما بذى شيمة من يكر الشيما
قاسيت في البدء آلاما مبرحة / لكن لسانك منها ما شكا الما
كانت تخيف بليل الباطل الظلم / حتى تبلج صبح الحق يبتسم
وكنت في محقها باللَه معتصما / والله يعصم من باللَه يعتصم
اما قريش فكانت في عداوتها / كأنها بخشام طال تصطدم
نار بها اضطرمت تلتاع انفسهم / وليس فوق اضطرام النفس مضطرم
ان الألى لك قد ابدوا خصومتهم / لم يظلموك ولكن نفسهم ظلموا
حاربت السلم حبا في صيانته / حتى تألفت الاقوام والامم
وبان للدين نور لا انطفاء له / فما بدا النور حتى زالت الظلم
آياته بينات يستضاء بها / كما تضمّ الانجم السدم
وكان مولدك الميمون مسعدة / عنها تمخض في آزالة القدم
حاولت وصف خصال فيك راجحة / فاعجزتني عن تصويرها الكلم
من بعد ليل طويل للضلال دجا / اطلعت صبحا جميلا للهدى انبلجا
وان دينا رسول اللَه مبلغه / ينير حيث بدا الالباب والمهجا
قد خاب من حاد يوما عن محجته / اما الذي هو عنه لم يحد فنجا
نعم السراج كتاب اللَه انزله / فحيثما التفت ابصر له وهجا
الدين في كل عصر للحياة مضى / قد كان خير صراط للذي نهجا
يريك اوله اعقاب آخره / فما تلاقى به امتا ولا عوجا
وقلت هاكم كتاب اللَه والتمسوا / في آية الحق كل الحق منبلجا
قالوا أفيه على تأييده حجج / فقلت ان له من نفسه حججا
وليس يعلم ما في البحر قاصده / الا اذا خاض من يعبو به اللججا
ما احسن الدين قد ادلى بحجته / والعقل والنقل في رأس قد امتزجا
نهضت بعد جهاد نهض مقتدر / بالدين بالعلم بالاقوام بالبشر
ابقيت في كل ارض للهجى اثرا / فجل ما انت قد ابقيت من اثر
نبت من خير آباء واكرمهم / فانت زهرة ذاك المنبت العطر
وقمت بالعبء عبء الدين تحمله / فما هنالك من نكص ومن خور
ورحت تدعو اليه القوم منفردا / فلم يكن لك غير اللَه من وزر
حتى حباك باصحاب ذوي جلد / مناصرين وحتى فزت بالظفر
لا دين اكمل من دين دعوت له / في طلعة الشمس ما يغني عن القمر
حاججتهم بكتاب اللَه تفحمهم / فكان امضى من الصمصامة الذكر
وفي كتاب عليك اللَه انزله / من روحه متعة الاسماع والبصر
فكان ابقى لهم من كل ما وضعوا / والنقش في الماء غير النقش في الحجر
بعد الشتات تلاقى الشمل مجتمعا / واصبح الملك بعد الفتح متسعا
والمؤمنون بواء في اخوتهم / والامر شوى يراه المؤمنون معا
والحق بان مضيئا لا خفاء به / والغي كان عجاجا زال وانقشعا
واحمد كان قد ادى رسالته / وحبه كان في الارواح منطبعا
اما الشعوب فتحت الراية اتحدت / وقبل ذلك كانت امة شيعا
في الجاهلية صرعى لا انتباه لهم / كأنهم شربوا من مرقد جرعا
فصاح داعي الهدى فيهم ينبههم / من رقدة بات فيها العقل منقطعا
يا ايها القوم هبوا من مراقدكم / فانما الصبح كل الصبح قد طلعا
دعا الى وحدة فيها سلامتهم / وقد اجاب من اختار الهدى ووعى
اقبح بدنيا بلا دين تعف به / ما احسن الدين والدنيا اذا اجتمعا
يا ايها الدين انت الحول والشرف / ما بال اهلك في الاقطار قد ضعفوا
انا على ما اصيب المسلمون به / لآسفون وان لم ينفع الاسف
طال الجدال على اشياء تافهة / واعرضوا عن صميم الدين واختلفوا
وولوا الحق الا البعض اظهرهم / وانكروه وقد كانوا به اعترفوا
الدين سمح فما ان فيه من عقد / والدين ما كان يستهدى به السلف
الدين اسوة من ضيموا ومن حزنوا / والدين سلوة من في عيشهم شظف
الحق دين ولكن قل ناصره / والدين حق ولكن اهله جنفوا
العيب في امة اخلاقها فسدت / لا عيب في الدين عنه اهله انحرفوا
ان الألى قد صفت منهم سرائرهم / ما ان لهم عن كتاب الله منصرف
وان احمد بحر في معارفه / فليغترف منه من قد كان يغترف
اكبر بفيصل ملكا طاهر النسب / يرى بلوغ العلى في وحدة العرب
نجل الرسول الذي كانت قد انقلبت / به العروبة قبلا خير منقلب
له عيون بنور الله ناظرة / الى الامام ولا ترنو الى العقب
يبني فيرفع ما يبني بحكمته / ويأخذ الشيء بعد الشيء عن كثب
اقرأه واقرأ سجايا اوليه تجد / ما شئت من نسب حمد ومن حسب
نرجو من الله في ايامه رشدا / في الدين في العلم في الاخلاق في الادب
وان تكون خطى غازي موفقة / فهو الامير الذي نرجوه في الكرب
وسوف تحمل اشبال العراق ظبيً / تحمى الثغور بها في عسكر لجب
لا يحفظ الثغر الا الجند محتشدا / فالملك كالعين والاجناد كالهدب
والعلم افضل لو زيدت وسائله / مما هنالك من مال ومن نشب

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025