المجموع : 5
مُسوَدُّ فَودِكَ بِالمبيضِّ مُشتعِل
مُسوَدُّ فَودِكَ بِالمبيضِّ مُشتعِل / وَأَنتَ بِالهزل وَقتَ الجدِّ مُشتغِلُ
أَما اتَّعظتَ بِفِعلٍ كُله خَطأٌ / أَلا اِمتَعَظتَ لقَولٍ كُلّه خَطَلُ
ناهَزتَ ستِّينَ عاماً ما اِنتَهَزت إِلى / رُجعاكَ مِن فُرصَةٍ يُمحى بِها الزَلَلُ
زَلَّت بِكَ القدمُ الخَسرى وَزالَ بِها / عَنِ الهُدى قَدَم بِالضدِّ يَتَّصِلُ
فَأَنتَ تُسرِعُ قُدماً في الضَلال وَما / يَرُدُّك الوازِعانِ الخَوفُ وَالخَجَلُ
قَسَت قُلوبٌ فَلا ذِكرى تُلَيِّنُها / جَفَّت جُفونٌ فَما للحُزنِ تَنهَمِلُ
إِنَّ السَلامَةَ في تَركِ الأَنامِ هُمُ / كَالسُمِّ كُل أَديمٍ حَلَّ يِنتَغِلُ
يَصِحُّ دينُكَ إِذ ما كُنتَ منفرِداً / عَنهُم وَإِن تَرَهُم دَبَّت لَهُ العِلَلُ
وَا رَحمَتا لِفُؤادي كَم أَعنِّفُهُ / فَلَيسَ يَردعُهُ قَولٌ وَلا عَمَلُ
مَرَّت عَلَيهِ دُهورٌ لا يَصيخُ إِلى / داعي الهُدى وَلَهُ نَحوَ الصَبا مَيَلُ
وَكاتبٍ شاعرٍ أَبدى بِمُهرَقهِ
وَكاتبٍ شاعرٍ أَبدى بِمُهرَقهِ / نَظماً وَشعراً بِهِ بانَت فَضائِلُهُ
أَوَدُّ لَثمَ فمٍ بِالدُرِّ مَنطقُهُ / وَلَثمِ كَفٍّ ندٍ بِالدُرِّ نائِلهُ
لَمّا أَبى ساخري مِن قُلةٍ لَهُما / قَبَّلتُ ما سَطَّرت فيهِ أَنامِلُهُ
فَصارَ بَينَ فَمي وَبَينَ مَبسِمِهِ / طرسٌ كَفاني مِن المَحبوبِ وَاصِلُهُ
أَمّا أَنا فَسَقيمُ الجسمِ ناحِلُهُ / وَمَن أكتِّم قاسي القَلب باخِلهُ
بَدرٌ عَلى غُصنٍ غُصنٌ عَلى كُثُبٍ / السحرُ كاحِلُهُ وَالحُسنُ شامِلُهُ
إِني لقبحِ مقال أَنتَ تَعرِفُهُ / هَجَرتَني وَجَرى بِالهَجرِ قائِلُهُ
أَصفَرُّ مِن فَرَق يَربَدُّ مِن حَنَق / كَأنَّما نَحنُ مَقتولٌ وَقاتِلُهُ
يَخافُ منّي اِفتِضاحاً في مَحبَّتِهِ / وَالزينُ يَأنَفُ مِن شَينٍ يُداخِلُهُ
وَما دَرَت شَفتي حُبي فَتذكره / حَتّى كَأني بِمَن أَهواهُ جاهِلُهُ
لاحَت لَنا وَلَها في ساقِها خَلخال
لاحَت لَنا وَلَها في ساقِها خَلخال / وَقَد تَزيّنَ مِنها خَدُّها بِالخال
لَما ظَفِرتُ بِها في مَنزلٍ لي خال / قُلتُ اِرحَمي مُدنَفاً قالَت نَعَم يا خال
وَأَسفَرَت عَن مُحَيّا مَن رآه خال / بَدراً بَدا وَنَضَت عَنها بُرودَ الخال
كأنها غُصُنٌ بِالرَوضِ مِن ذي خال / وَلا تَسَل ما جَرى مِن ناهدٍ مبخال
يا ويحَ روحي لَكم عاصيتُ عُذّالا
يا ويحَ روحي لَكم عاصيتُ عُذّالا / حَتّى جَرَرتُ إِلى الآثامِ أَذيالا
أَيامَ أَصبُو إلى هَصرِ القُدودِ وَتَف / ريكِ النُهودِ وَنَضوِ الرَود مِفضالا
وَالدَهرُ في غَفلاتٍ مِن تَواصُلِنا / قَد غَضَّ طَرفاً وَلَم يَجعَل لَنا بالا
أَوقاتُنا ذَهبيّاتٌ نُسَرُّ بِها / كَأَنَّما أَنشأَت في الدَهرِ أُصّالا
وَبي مِن التُركِ مَن لَو كُنتُ أَذكُرُه / لأَصبَحَ الدَهرُ مِن ذِكراهُ مُختالا
تَظَلُّ شَمسُ الضُحى خجلى إِذا بصرت / بِهِ وَيَسجُدُ بَدرُ الأُفقِ إِجلالا
للحسنِ جِنسٌ وَنَوعٌ كانَ قَد حُصِرا / في شَخصِهِ إِذ لَهُ لَم تُلفِ أَمثالا
يديرُ لَخصاءَ فيها سكرُ من رَمَقت / كَأنَّ في اللَحظِ نَبّاذاً وَنَبالا
وَيَنثَني خُوطَ بانٍ فَوقَ حِقف نَقاً / كَأنّ في الخَصر أَرماحاً وَأَرمالا
قَد كانَ هَذا وريعانُ الشَبابِ لَنا / غضٌّ وَطَرفُ الصِبا في حَلبةٍ جالا
وَالآن أَحدثَ شَيبي فيَّ ضَعفَ قِوىً / وَأَورَثَ القَلبَ أَوجاعاً وَأَوجالا
وَصارَمَتنِي وَصارَمتُ الغَوانيَ لا / يَجفلن بي كُلَها في ودِّهِ حالا
وَتُبتُ لِلّهِ أَرجُو مِنهُ مَغفِرَةً / وَرَحمَةً تُوسِعُ المِسكين أَفضالا
فَالحَمدُ لِلّهِ إِذ لَم يَأتِني أَجَلي / حَتّى اِكتَسَيتُ مِن الطاعاتِ سِربالا
لا تَعذلاه فَما ذو الحبِّ مَعذولُ
لا تَعذلاه فَما ذو الحبِّ مَعذولُ / العَقلُ مُختَبِلٌ وَالقَلبُ مَتبولُ
هَزَّت لَهُ أَسمراً مِن خُوط قامَتِها / فَما اِنثَنى الصَبُّ إِلا وَهوَ مَقتولُ
جَميلةٌ فُصِّلَ الحسنُ البَديعُ لَها / فَكَم لَها جُمَلٌ مِنهُ وَتَفصيلُ
فَالنَحرُ مَرمرةٌ وَالنَشرُ عَنبَرةٌ / وَالثَغرُ جَوهَرةٌ وَالريقُ مَعسولُ
وَالطَرفُ ذو غَنَجٍ وَالعَرفُ ذو أَرَجٍ / وَالخَصرُ مختَطفٌ وَالمتنُ مَجدولُ
هَيفاء يَنبس في الخَصر الوِشاح لَها / دَرماء تخرسُ في الساق الخَلاخيلُ
مِن اللواتي غذاهُنَّ النَعيمُ فَما / يَشقَينَ آباؤُها الصِيد البهاليلُ
نَزرُ الكَلامِ عيّياتُ الجَوابِ إِذا / يَسألنَ رقد الضُحى حَصر مَكاسيلُ
مِن حَلِّها وَسَناها مُؤنسٌ وَهدى / فَلَيسَ يَلحَقُها ذُعرٌ وَتَضليلُ
حَلَّت بِمنعقدِ الزوراءِ زائِرة / شُوساً غيارى فَعقد الصَبرِ مَحلولُ
حي لقاح إِذا ما يَلحقون وغى / حيت وَنادم مَهزوزٌ وَمَسلولُ
لبانة لك من لبناك ما قضيت / وَمَوعد لَكَ منها الدَّهرَ مَمطولُ
فَعَدِّ عَن ذِكرِ لُبنى إِنَّ ذِكرَكها / عَلى التَنائي لتعذيبٌ وَتَعليلُ
إِيّاكَ منكَ نَذير ما نَذرت بِهِ / وَبادر التوبَ إِنَّ التَوبَ مَقبولُ
وَأَمِّل العَفوَ وَاسلُك مَهمَهاً قَذفاً / إِلى رضى الرَبِّ إِنَّ العَفو مَأمولُ
إِن الجِهادَ وَحجَ البَيتِ مَختتماً / بذمة المُصطفى للعفوِ تَأميلُ
فَشُقَّ حَيزومَ هَذا اللَيل مُمتطياً / أَخا حزامٍ بِهِ قَد تُبلَغُ السُولُ
أَقَبّ أَقوَد يَعزى للوجيه لَهُ / وَجهٌ أَغَر وَفي الرجلين تَحجيلُ
جَفرٌ حَوافِرُه مُعرٌ قَوائِمُه / ضُمرٌ أَياطله وَالذَيلُ عَثكولُ
إِذا توجَّسَ أَصغى وَهوَ مُلتهبٌ / أَساعراً عُتقاً فيهن تَأليلُ
وَإِن تُعارِض بِهِ هَوجاءُ هاج لَهُ / جَريٌ يُرى البَرق فيها وَهوَ مَخذولُ
تَحمي بِهِ حَوزَةَ الإِسلامِ مُلتقباً / لبابياً غَصَّ مِنها العَرض وَالطولُ
لبايباً قَد عَموا عَن كُلِّ واضِحَةٍ / مِن الكِتابِ وَغَرَّتهم أَباطيلُ
في مَأقطٍ ضرب المَوت الزؤام بِهِ / سرادِقاً فعلتهم مِنهُ بحليلُ
هَيجاء يُشرق فيها المشرفيُّ عَلى / هامِ العدا وَلسُحبِ النَقع تظليلُ
تديرُ كَأسَ شَعُوبٍ مِن شُعوبهم / فكلهم مَنهَلٌ بِالمَوتِ مَعلولُ
فَبَينهم هَوَّمت عُرجٌ مَغَرَّثةٌ / وَفَوقَهُم دوَّمت فتخ شَماليلُ
تَخطو قشام عَلى أَشلائهم وَلَها / تَبَسُّمٌ وَلوَجهِ السيدِ تَهليلُ
وَإِذ قَضَيت غزاةً فَأتَنِف عَمَلاً / للحَج فَالحَج للإسلامِ تَكميلُ
واصِل سُراك بسيرٍ يا ابنَ أندلسٍ / وَالطَرف أَدهمُ بِالأَشطان مَغلولُ
يُلاطم الريحَ مِنهُ أَبيضٌ يَقِقٌ / لَهُ مِن السُحبِ المربَدِّ إِكليلُ
تَعلو خضارة مِنهُ شامخٌ جللٌ / سامٍ طفا وَهوَ بِالنَكباء مَحمولُ
كَأنَّما هُوَ في طخياء لجَّتِه / أَيم يفري أَديم الماء شمليلُ
مازالَت المَوج تُعليه وَتخفضه / حَتّى بَدا مِن مَنارِ الثَغرِ قنديلُ
فَكَبَّرَ الناسُ إِعظاماً لربهم / وَكُلُّهم طرفه بِالسُهدِ مَكحولُ
وَصافَحوا البيدَ بَعد اليَمِّ وَاِبتَدَأوا / سُبلاً لَها لجنابِ اللَهِ تَوصيلُ
عَلى نَجائب تَتلوها جَنائبها / جيداً بِها الخَيرُ مَعقودٌ وَمَعقولُ
في مَوكبٍ تَزحفُ الأَرضُ الفَضاءُ بِهِ / أَضحَت وَمُوحِشُها بالناسِ مَأهولُ
تُطاردُ الوَحشَ مِنهُ فَيلَقٌ لجبٌ / حَتى لَقَد ذعرت في بيدها الغولُ
يَسُوقهم طربٌ نَحوَ الحِجازِ فَهُم / ذوو اِرتياحٍ عَلى أَكوارِها مِيلُ
شُعثٌ رُؤوسُهم يُبسٌ شِفاهُهُم / حُوصٌ عُيونُهُم غُرثٌ مَهازيلُ
حَتّى إِذا لاحَ مِن بَيت الإِله لَهُم / نور إِذا هُم عَلى الغَبرا أَراحيلُ
يعفرون وَجوهاً طالَما سَهَمت / حَتّى كَأنَّ أَديم الأَرض مَبلولُ
حفوا بِكَعبةِ مَولاهم فَكعبُهم / عالٍ بِها فَلَهُم طوفٌ وَتَقبيلُ
وَبِالصَفا وَقتهم صافٍ بِسَعيهم / وَفي مُنى لِمناهم كانَ تَنويلُ
تَعرفوا عَرفاتٍ واقفين بِها / لَهُم إِلى اللَهِ تَكبيرٌ وَتَهليلُ
لَما قَضَينا مِن الغَرّاء منسكنا / ثرنا وَكُلّ بِنار الشَوقِ مَشمولُ
ثرنا إلى الشَدقميات الَّتي سَهِكَت / أَبدانهن وَأَعياهُنَّ تَنعيلُ
إِلى الرَسولِ نُزَجّي كُلَّ يعملة / أَجل مِن نَحوه تُزجى المَراسيلُ
مَن أُنزِلَت فيهِ آياتٌ مُطهرة / وَأوريت فيهِ تَوراةٌ وَإنجيلُ
وَسُطِّرَت في علاه كُلُّ خالِدةٍ / لَها مِن الذكر تَجويدٌ وَتَرتيلُ
وَعطرت مِن شَذاه كُل ناحيةٍ / كَأنَّما المسكُ في الأَرجاءِ مَحلولُ
سِرٌّ مِن العالم العُلويِّ ضمِّنَه / جسمٌ مِن الجَوهر الأَرضيِّ مَجبولُ
نورٌ تَمَثَّلَ في أَبصارِنا بَشَراً / عَلى المَلائكِ مِن مسماه تَمثيلُ
لَقَد تَسامى وَجبريل مَصاحبُه / إِلى مَقامٍ تَراخى عَنهُ جبريلُ
أَوحى إِلَيهِ الَّذي أَوحاه مِن كُتبٍ / فَالقَلبُ واعٍ بسرِّ اللَهِ مَشغولُ
يَتلو كِتاباً مِن الرَحمن جاءَ بِهِ / مطهراً ظاهِرٌ مِنهُ وَتَأويلُ
جارٍ عَلى مَنهجِ الأَعرابِ أَعجزهم / باقٍ مَدى الدَهر لا يَأتيه تَبديلُ
بَلاغة عِندَها كعَّ البَليغ فَلم / يَنطِق وَفي هَديهِ طاحَت أَضاليلُ
وَطُولبوا أَن يَجيئوا حينَ رابهم / بِسورةٍ مثلهِ فاستعجز القيلُ
لاذوا بذبَّل خَطّيٍ وَبُتر ظبىً / يَوم الوَغى واعتراهم مِنهُ تَنكيلُ
فموثق في جبال الوهد مُنجَدلٌ / وموثق في جبالِ القَدِّ مَكبولُ
مازالَ كَالعضب هَتّاكاً سَوابغَهم / حَتّى انثنى العضب مِنهم وَهوَ مَفلولُ
وَقَد تخطَّم في نحر العدا قَصداً / صم الوشيح وخانتها العَواميلُ
مَن لا يُعدِّلُهُ القُرآن كانَ لَهُ / مِن الصعاد وَبيض البتر تعديلُ
وَكَم لَهُ معجزاً غَير القُرآن أَتى / فيهِ تَظافَر مَنقولٌ وَمَعقولُ
فَللرَسولِ اِنشقاق البدر نَشهده / كَما لموسى اِنفلاق البحر مَنقولُ
وَنَبع ماء فراتٍ مِن أَنامله / كَالعينِ ثَرَّت فَما التهتان ما النيلُ
أَروى الخَميس وَهُم زهاءَ سَبعِماءٍ / مِن الركابِ فَمشروب وَمَحمولُ
وَرد عَيناً بِكفٍ جاءَ يَحملها / قتالة وَلَهُ شَكوى وَتَعليلُ
وَكانَت أَحسَنَ عَينيه وَلا عَجَبٌ / مَسَّت أَنامل فيها اليُمنُ مَجعولُ
وَالجدع حَنَّ إِلَيهِ حينَ فارقه / حَنين وَلَهى لَها للروم مَثكولُ
وَأَشبع الكُثرَ من قُلّ الطَعام وَلَم / يَكن لِيعروَه بِالكبر تَقليلُ
وَفي جرابِ أَبي هرٍ عَجائب كَم / يَمتار مِنهُ فَمأكولٌ وَمَبذولُ
وَفي اِرتوائي إِلى ذر بزمزم ما / يلفى لبدن مِنهُ وَهوَ مَهزولُ
وَالعَنكبوت بِباب الغارِ قَد نسجت / حَتّى كَأنَّ رِداءً مِنهُ مَسدولُ
وَفَرَّخت في رَجاه الوِرقُ ساجِعة / تَبكي وَما دَمعها في الخَد مَطلولُ
هَذا وَكَم مُعجِزاتٍ للرَسولِ أَتَت / لَها مِن اللَهِ إِمدادٌ وَتَأصيلُ
غَدَت مِن الكُثر أَعداد النُجوم فَما / يُحصي لَها عَدداً كُتبٌ وَلا قيلُ
قَد اِنقضَت مُعجزاتُ الرُسلِ مُنذُ قَضوا / نَحباً وَأفحم مِنها ذَلِكَ الجيلُ
وَمُعجزاتُ رَسولِ اللَهِ باقيةٌ / مَحفوظَةٌ ما لَها في الدَهرِ تَحويلُ
تَكفل اللَهُ هَذا الذكر يَحفظه / وَهَل يَضيع الَّذي بِاللَه مَكفولُ
هَذي المَفاخر لا تَحظى المُلوكُ بِها / الملكُ مُنقَطِعٌ وَالوَحيُ مَوصولُ