المجموع : 3
لَو شِئتِ أَقصَرتِ مِن لَومي وَمِن عَذَلي
لَو شِئتِ أَقصَرتِ مِن لَومي وَمِن عَذَلي / فَالدَهرُ قَسَّمَ يَومَيهِ عَلَيَّ وَلي
لا تَحسَبِيني أَغُضُّ الطَرفَ مِن جَزَعٍ / فَالحُزنُ لِلخَودِ لَيسَ الحُزنُ لِلرَّجُلِ
كَم قَد عَرَتني مِنَ الأَيّامِ نائِبَةٌ / فَما اكتَرَثتُ لِرَيبِ الحادِثِ الجَلَلِ
إِنّا لَقَومٌ إِذا اِشتَدَّ الزَمانُ بِنا / كُنّا أَشَدَّ أَنابيباً مِن الأَسَلِ
يُبكى عَلَينا وَلا نَبكي عَلى أَحَدٍ / لَنَحنُ أَغلَظُ أَكباداً مِنَ الإِبِلِ
مِن مَعشَرٍ تَعصِفُ الأَهوالُ حَولَهُمُ / فَما يُراعُونَ عَصفَ الريحِ بِالجَبَلِ
خَيرُ الوَرى آلُ مِرداسٍ وَأَطهَرُهُم / مِنَ العُيوبِ وَأَبراهُم مِنَ الزَلَلِ
إِن تَلقَهُم تَلقَ مِنهُم في مَجالِسِهِم / شُمَّ العَرانين ضَرّابينَ لِلقُلَلِ
بِيضُ الوُجُوهِ إِذا لاحَت وَجُهوهُهُمُ / في حِندِسِ اللَيلِ جَلَّوا ظُلمَةَ الطَفَلِ
لا يَقلَقُونَ لِخَطبٍ مِن زَمانِهُم / ولا يَبيتُونَ سُهّاداً مِنَ الوَجَلِ
وَلا تَراهُم وَنارُ الخَطبِ مُوقَدَةٌ / صُمّاً إِذا ما دَعى الداعي مِنَ الفَشَلِ
رُوحي فِدىً لَهُمُ قَوماً إِذا وُزِنُوا / مالوا عَلى الناسِ مَيلَ الحَلي بِالعَطَلِ
يا أَكرَمَ الناسِ مِن عُربٍ وَمِن عَجَمٍ / وَأَشجَعَ الناسِ مِن حافٍ وَمُنتَعِلٍ
أَنتَ الغَمامُ الَّذي يَهمي بِلا ضَجَرٍ / أَنتَ الجَوادُ الَّذي يُعطي بِلا بُخُلِ
أَنتَ الَّذي ما جَلَبتَ الخَيلَ ساهِمَةً / إِلّا وَزَلزَلتَ أَهلَ السَهلِ وَالجَبَلِ
لَو كانَ يُمكِنُ أَن نَخباكَ مِن أَلَمٍ / يُخشى خَبَيناكَ في الأَحداقِ وَالمُقَلِ
يَفدي المُعِزَّ رِجالٌ قَلَّ خَيرُهُمُ / كَما يَقِلُّ نَباتُ الماءِ في الوَشَلِ
لَيتَ المُلوكَ لَهُ مِمّا عَرا بَدلٌ / وَإِن هُمُ لَم يُساوُوا قِيمَةَ البَدَلِ
هاجَ الوُقوفُ بَرَسمِ المَنزِلِ الخالي
هاجَ الوُقوفُ بَرَسمِ المَنزِلِ الخالي / صَبابَةً لَم تَكُن مِنِّي عَلى بالِ
لَولا ظِباءُ رِماحٍ لَم أَمُت شَغَفاً / بِظَبيَةٍ مِن ظِباءِ السِربِ مِعطالِ
لَو شِئتَ نَجَّتكَ مِنها كُلُّ ناجِيَةٍ / مِرقالَةٍ بِنتِ سامي الطَرفِ مِرقالِ
صَهباءَ مالَ مِنَ التَأَويبِ راكِبُها / مِثلَ المُعَلَّلِ مِن صَهباءَ جِريالِ
تَطوي البَعيدَ وَيَطويها فَقَد جُدِلَت / جَدلَ المَريرَةِ مِن حَطٍّ وَتَرحالِ
إِلى فَتىً مِن بَني الشَدادِ هِمَّتُهُ / مَقرُونَةٌ بِشُعاعِ الكَوكَبِ التالي
مُبارَكُ الوَجهِ لا يَخفى تَهَلُّلُهُ / مِثلُ الحُسامِ جَلاهُ الصَيقَلُ الجالي
تَلقى المُعِزَّ وَتَلقى الناسَ كُلَّهُمُ / فَتَزدَري الوَهدَ عِندَ الباذِخِ العالي
صَحِبتُهُ غَيرَ ذِي مالٍ فَصَيَّرَني / مِن جُودِ كَفَّيهِ ذا جاهٍ وَذا مالِ
وَباتَ يُردِفُ لي مِن سَيبِ راحَتِهِ / جُوداً بِجُودٍ وَإِفضالاً بِإِفضالِ
سَجِيَّةٌ مِن كَريمِ الخِيمِ مَنصِبُهُ / مُرَكَّبٌ في كِرامٍ غَيرِ بُخّالِ
أَبطالُ حَربٍ وَإِن حاوَلتَ فَضلَهُمُ / في السِلمِ أَلفَيتَ مِنهُم غَيرَ اِبطالِ
أَمحَلتُ قِدماً فَما زالَت غَمائِمُهُم / تَجُودُ مَغنايَ حَتّى زالَ إِمحالي
فَاللَهُ يَكلَأَهُم مِمّا أُحاذِرُهُ / إِنَّ المُهَيمِنَ نِعمَ الحافِظُ الكالي
ذِكر الصِبا بَعدَ شَيبِ الراسِ تَعليلُ
ذِكر الصِبا بَعدَ شَيبِ الراسِ تَعليلُ / وَالحُبُّ أَكثَرُهُ غَيٌّ وَتَضلِيلُ
هَوى النُفوسِ هَوانٌ لا مِراءَ بِهِ / وَفِي العِبارَةِ تَحسِينٌ وَتَجميلُ
خُذ مِن دُمى الإِنسِ حِذراً أَنَّ كُلَّ دَمٍ / أَرَقنَهُ مِن دِماءِ الإِنسِ مَطلُولُ
بِكُلِّ أَرضٍ قَتِيلٌ يُستَثارُ بِهِ / إِلّا قَتيلٌ بِحُبِّ الغِيدِ مَقتُولُ
هُنَّ البَلِيَّةُ وَالأَرزَاءُ هَيِّنَةٌ / عَلى الفَتى وَالمُلِمُّ الصَعبُ مَحمُولُ
مِن كُلِّ هَيفاءَ مَصقُولٍ تَرائِبُها / في طَرفِها صارِمٌ لِلمَوتِ مَصقُول
ما كُنتُ أَعلَمُ لَولا لَحظُ مُقلَتِها / أَنَّ الحِمامَ غَريرُ الطَرفِ مَكحُولُ
يا حَبَّذا بَلَداً حَلَّت بِجانِبِهِ / بِهنانَةٌ مِن بَناتِ البَدوِ عَطُولُ
كَأَنَّ فاها بِماءِ الكَرمِ خالَطَهُ / ماءُ الغَمامِ قُبَيلَ الصُبحِ مَعلُولُ
مَمكُورَةُ الخَلقِ لا أَقصى بِها قِصَرٌ / مَعَ القِصارِ وَلا أَزرى بِها طُولُ
في الطَرفِ غُنجٌ وَفِيما فَوقَهُ دَعجٌ / وَفِي الحَقِيبَةِ تَدقِيقٌ وَتَجليلُ
كَأَنَّها ظَبيَةٌ بِالقَفِّ مُغزِلَةٌ / لَولا الدَمالِجُ دُرمٌ وَالخَلاخيلُ
حَلَّت بِسَلعٍ فَلا مَرَّ الغَمامُ بِهِ / إِلّا وَلِلقَصرِ عَقدٌ فِيهِ مَحلولُ
تَغدُو الرُبى بِالرِياضِ الغُنِّ حالِيَةً / كَأَنَّهُنَّ عَلَيهِنَّ الأَكالِيلُ
يا رَبعُ ضِفناكَ فافعَل ما سَتَذكُرُهُ / لِسائِلِينَ فَإِنَّ الضَيفَ مَسُؤُولُ
سَقَتكَ غُرُّ الغَوادِي ما الَّذي فَعَلَت / تِلكَ الجَآذِرُ وَالعِينُ المَطافِيلُ
بِنا الَّذي بِكَ مِن أَسماءَ مُذ نَزَحَت / بِها النَوى وَالمَراسِيمُ المَراسِيلُ
لا وَصلُ أَسماءَ مَردُودٌ فَتَطلُبَهُ / يَأساً وَلا الحَبلُ مِن أَسماءَ مَوصُولُ
دَعِ الثَناءَ عَلى مَن لا اِنتِفاعَ بِهِ / إِنَّ الثَناءَ بِفَخرِ المُلكِ مَشغُولُ
هُوَ الجَوادُ الَّذي إِحسانُهُ سَرَفٌ / وَمالُهُ لِذَوي الآمالِ مَبذُولُ
لا الخَلقُ جَهمٌ وَلا الأَخلاقُ كاسِبَةٌ / ذَمّاً وَلا العِرضُ بِالأَفواهِ مَطلُولُ
نَسرِي بِغَيرِ دَليلٍ في مَكارِمِهِ / كَأَنَّهُ في طَرِيقِ المَجدِ مَدلُولُ
يا واصِفِيهِ صِفُوا ما فيهِ مِن كَرَمٍ / لِلمُرمِلِينَ وَيا مُدّاحَهُ قُولُوا
إِنّي أَراهُ غَنِيّاً عَن صِفاتِكُمُ / لا الصُبحُ خافٍ وَلا الدَأماءُ مَجهُولُ
هُوَ السَماءُ الَّتي قامَت جَوانِبُها / فَما يُحَدُّ لَها عَرضٌ وَلا طُولُ
لَيسَ الأَمِيرُ إِلى مَدحٍ بِمُفتَقِرٍ / فَاصمُت فَلَيسَ عَلى ما قُلتَ تَعوِيلُ
وَإِن نَفَعتَ فَنَفعٌ لا اعتِدادَ بِهِ / إِنّ الطِرافَ بِعُودِ النَبعِ مَخلولُ
يا مَن يَرِيشُ وَيَبرِي واهِباً نِعَماً / وَسالِباً فَهوَ مَرهُوبٌ وَمَأمُولُ
قَضى لَكَ اللَهُ سَعداً لا انقِضاءَ لَهُ / وَما لِشَيءٍ قَضاهُ اللَهُ تَبدِيلُ
خُلِقتَ وَجهُكَ لِلأَقمارِ مَعيَرَةٌ / وَجُودُ كَفِّكَ لِلأَنواءِ تَخجِيلُ
فَأَنتَ غُرَّةُ هَذا الدَهرِ مُشرِقَةً / في وَجهِهِ وَبَقايا الناسِ تَحجِيلُ
وَلا كُلَيبٌ وَلا مَعنٌ وَلا هَرِمٌ / بِمُشبِهِيكَ الصَنادِيدُ البَهالِيلُ
وَلَو رَأَوكَ وَما أَودى الزَمانُ بِهِم / لِيَمَّمُوكَ وَسالُوكَ الَّذي سِيلُوا
وَكانَ أَفضَلَ شَيءٍ أَنتَ واهِبُهُمُ / لَثمٌ لِراحَتِكَ اليُمنى وَتَقبِيلُ
أُكمِلتَ خُلقاً وَخَلقاً مِثلَهُ حَسَناً / وَالخَلقُ لِلخُلقِ تَتمِيمٌ وَتَكمِيلُ
غُلَّت يَدُ الدَهرِ بِالأَسواءِ عَن مَلِكٍ / مُتَوَّجٍ أَنا فِي نُعماهُ مَغلُولُ
تَزوَرُّ مِن نَحوِهِ الأَعداءُ مُكمَدَةً / كَأَنَّ أَبصارَهُم مِن نَحوِهِ حُولُ
كَأَنَّ أَعلامَ هَذا العِيدِ فَوقَهُمُ / طَيرٌ وَلَكِنَّها طَيرٌ أَبابِيلُ
لا يَبعُدَنَّ رِجالٌ أَنتَ بَعضُهُمُ / بِيضُ الوُجُوهِ مَيامِينٌ مَقابِيلُ
لا نادِمُونَ عَلى آثارِ مَوهِبَةٍ / إِذا أَنالُوا وَلا صُغرٌ إِذا نِيلُوا
لَهُم سَرابِيلُ حَمدٍ غَيرُ بالِيَةٍ / عَلى الزَمانِ إِذا تَبلى السَرابِيلُ
فَضَلتَهُم وَهُمُ شُمٌّ غَطارِفَةٌ / لَهُم عَلى الناسِ تَشرِيفٌ وَتَفضِيلُ
في العالَمينَ أَقاوِيلٌ تُقالُ وَلا / تُقالُ في الصالِحِيِّينَ الأَقاوِيلُ
يا مَن لَنا كُلَّ يَومٍ مِن فَوائِدِهِ / نَيلٌ يُقَصِّرُ عَن مِعشارِهِ النِيلُ
عِش عُمرَ حَمدِي فَحَمدِي غابِرٌ أَبَداً / بَينَ العُرَيبِ وَبَينَ العُجمِ مَنقُولُ
في كُلِّ فِترٍ مِنَ الدُنيا لَهُ وَطَنٌ / كَالصُبحِ كُلُّ مَكانٍ مِنهُ مَحلُولُ
وَاسعَد بِعِيدِكَ إِنَّ السَعدَ لَيسَ لَهُ / إِلى القِيامَةِ عَن مَغناكَ تَحويلُ
مُعِينُكَ اللَهُ فِيما أَنتَ طالِبُهُ / مِنَ العُلى وَأَمِينُ اللَهِ جِبرِيلُ