القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أبو مُسلم البَهْلاني الكل
المجموع : 6
لا تكترث بالليالي إنها دول
لا تكترث بالليالي إنها دول / لا يستمر لها حزن ولا جذل
كأن حلة حرباء تلونها / لا تظهر الشكل الا ريث ينتقل
ولا تضق بالقضايا في تقلبها / في طي كل شديد خيرة جلل
اذا اعتبرت صروف الدهر مرسلة / ايقنت ان القضايا كلها نقل
وان تفكرت في خطب لتنسفه / بصولة الرأي غرت فكرك الحيل
من اوزع الفكر في شيء يقدره / إلا اعتبارا صمى ايزاعن الخبل
ما فكرة المرء فيما ليس يملكه / من أمر مولاه الا فكرة خطل
لا تحترس بذكاء عند مقدرة / قد يهشم الانف امر تتقى المقل
تيقض الحزم والاقدار جارية / هم برد قضاء ما له قبل
جالد صروف الليالي بالتجلد واف / طن أن احوالها حل ومرتحل
بينا وقيد الرزايا في مهانتها / سما به الجد واستخذى له الأمل
ليصحب المرء في امريه منصرة / من اليقين بان الحال تنتقل
لو ابصر الحر ما بيدي مزيته / من المكاره طابت عنك الغيل
مزية الحر ما عيب الحسام به / ان كان عيبا يحد الصارم الغلل
اسنى الفضائل يبدي شر صفحته / كان ضد الرزايا دونه كلل
صك الخطوب بخطب اسمه جلد / والق الامور بحلم شخصه جبل
وصانع الناس لا نكسا ولا ملقا / بما يسرك من تلقائه الرجل
والبس لدهرك ان لم تزك سيرته / من التجمل ما تزكو به الخلل
مالي وللدهر يغري بي حوادثه / كأن صبري على لأوائه زلل
كان فضلي في عين الزمان قذى / لقد درى انه في عينه كحل
كأن همي سهم في مقاتله / ومذهبي في العلى رجله كبل
اذا تشطت لحقي في العلى عرضت / أمام عزمي في اعراضه علل
لا اجتني خطة الا مخالسة / ودون اتمامها الاهوال تشتعل
ما سرني درك مجد لا تقارعني / من دونه نكبات الدهر والغيل
ولا هنئت بفضل لا تراقبني / من الرزايا عليه خطة جلل
ارى العلى بخطوب الدهر سامية / كأن طرق الرزايا للعلى سبل
قد يكسب المجد مجدا من رزيئته / كجوهر التبر تبدي حسنة الشعل
أقول للدهر ارسلها العراك فان / اجزع لحظتها فالويل والهبل
وهات كاسك ان صابا وان عسلا / فقد تساوى لدي الصاب والعسل
اني انفت من البقيا إذا أنفت / الا اغتيال السري الماجد العضل
متى اضيق بخطب غبه فرج / ونازلات الليالي كلها ظلل
ما ان شهدت امورا وهي مدبرة / لها واعقب من اضدادها قبل
لا آمن الدهر في لين وفي شعث / وطبعه للوفا والغدر محتمل
ما أطيب العيش لولا ان يشاركني / فيما ينغصه الهيابة الوكل
ولست ارتاد ماء ما به كدر / الا اذا كان دهري ما به دغل
ليت الحوادث لا تعدو مساورتي / ولا عرى يد دهر كادني شلل
ان لم اسلط اذا اتقضت عزائمها / بوادر العزم مهتزا لها زحل
ليعلم الجد أما زل بي قدما / اني على جد عزم ما به زلل
صادر همومك والاخطار كالحة / ما يلزم الوهن الا الخامل الوكل
فان افاتك سوء الجد صالحة / فحد همك في ادراكها بدل
من يعطه الله فيها نفسه كرهت / صبرا فما كرهت بالخير مشتمل
فضيلة العزم عما لا تقاومه / عزيمة الفضل فيما تبتغي خول
لبست لمحة طرف نعمة بليت / كما تمزق عن اصليته الخلل
فما جذلت لخير في يدي أجل / ولا جزعت لشر بعده أمل
صارفت صرف زماني بالتي حسنت / في اعين المجد واهتزت لها الفضل
حتى م ارسف في قيد له ذهلت / عني الجدود وصبري ليس ينذهل
وفيم تهتضم الايام بادرتي / فعل الوتير وحسن الواتر الدخل
اليس جوهر عرضي لا ينافس في / اعراضها انها الآفات والغيل
تصدني عن مساع كلها غرر / في جبهة الدهر أو في ساقه حجل
والحظ كاب عقير في براثنها / كأنه أمل ينتاشه أجل
اراقب الجد في نصري فينشدني / لا ناقة لي في هذا ولا جمل
هذا اعتذاري الى العلياء ان طمحت / ما لزني خور عنها ولا فشل
ما ذنب امنية يغتالها قدر / في امرها وقضاء الله يعتقل
اصبحت والدهر من بغضي به جرب / آسيه نبلا وما ينفك يأتكل
اذا تطارحت اغري بي سماسمه / وان تنمرت حاصت عني الحيل
وان بسطت نوالي سامني سفها / اعن سفاهة رأي يفضل النبل
المال لا شيء عندي كي اضن به / في موضع الفضل واللاشيء مبتذل
علق المضنة ما تزكو مزيته / والفضل في الله علق ما له مثل
يزكو الثراء على التوزيع يذهبه / في الله والحمد ليس اللهو والختل
عودت ربي إنفاذي فواضله / فيه وعودني التعويض ينهمل
عوائد الله أغنى لي وان تربت / كفي ونعمة ربي نعمة جلل
يكفي من الوفر ان تبقى محامده / ما أحمد الوفر حسن الحمد يأتثل
حقائق المال كانت في العطا غررا / ولا مزية أن لا تتبع النفل
اوجب لسالبة الانفال فضل يد / فانما سلبها الاعطاء والنفل
لن يلبث المال تذروه الرياح ويب / قى من صفاياه ما شدت به الخلل
نفاسة الفضل علق لا تنافسه / اضبارة من حطام حالها حول
ضمانة الله للانسان كافية / ففيم تدبيره والحرص والعجل
ان كنت تملك بالتدبير رزق غد / فلترجع فائتا من امرك الحيل
كلا لقد اعجز التدبير ما حتمت / به الامور فلا جد ولا خول
ثبت يقينك فيما الله قاسمه / لا بد آتيك لا فوت ولا ميل
اني لا علم امرا ليس يجهله / دهري ولكن صوابي عنده خطل
أيجهل الدهر اذ خضت الغمار به / ان ليس يعحزني عن خوضه الوشل
وهل نفذت شهابا والخطوب دجى / وعندي الصارمان القول والعمل
وهل تقلد جيد المجد من أدبي / مالا تنافسه الجوزاء والحمل
انا ابن بجدة امر لا قرار له / لها على خطة أس لها زحل
على م تنحلني الايام نحلتها / جهلا على خلة ما شانها خلل
تنحو على فضل أوطاري فتعكسها / فلست ابرام امرا ليس ينفتل
قارعت اطوارها حتى خذيت لها / وبي من الصبر مالا يحمل الجبل
وارجف الغدر هيض العظم من عسر / نعم ولكن وفائي الدهر متصل
ان يعقل العسر فضلي عن مواقعه / فلي خليقة بر ليس تعتقل
اذا زكى خلق من اصله نزعت / الى الكمال على علاتها الخلل
لا تنفق النفس إلا من جبلتها / والفضل في النفس ليس المال يؤتثل
عقائل المال تؤتاها وتنزعها / وما عقلية فضل النفس تنتقل
اذا جبلت على امر حمدت به / عداك ذم وان جدوا وان هزلوا
لتبلونك أخطار فكن خطرا / يكاد منك فؤاد الدهر ينذهل
ولا تنم وعيون الدهر ساهرة / وان تناوم فهو المكر والختل
وخذ حقائق ما تخشى عواقبه / من الأواخر مما آتت الأول
وارغب بنفسك ان تخزى على طمع / دع المطامع ترعى خزيها الهمل
واختر على الذل عزا ان تسام به / فدون وجهك في ادراكه سبل
غيظ الزمان اذا عز الكرام به / غيظ المفاخر تعطو نحوها السفل
فلتشف نفسك من عز تغيظ به / قلب الزمان ولو في الحتف ترتسل
ما يفعل المرء إن زاد الغرام به
ما يفعل المرء إن زاد الغرام به / ومن يحبُّ بحب الغير مشغولُ
إن رام تركا ً فهذا لا سبيل له / اورام صبرا ً فعقد الصبر محلولُ
خَلّ الصبابة تسري في خليقته / والحب من سره لطف وتذليلُ
لعل سكرته في الحب تجذبُه / ُ الى وصالك يوما ً وهو مذهولُ
فاصبر عليه وخل الحب ينحله / جرح بجرح وما في الحب تبديلُ
عش ما تشاء وراقب فجعة الأجل
عش ما تشاء وراقب فجعة الأجل / سينقضي العمر في بطء وفي عجل
تلهو بتصويرك الآمال مغتبطا / وبين جنبيك ما يلهي عن الأمل
تناقلتك ليال غير راجعة / وما تجاهك يوم غير منتقل
ماذا يغرك من دنيا نضارتها / نهب المنون ومجراها الى الزلل
قالوا دسائسها في طي زخرفها / وقلت قد صرحت بالسم في العسل
لم تخف عيبا ولم تأخذ مخالسة / ولا الهناء بها الا على علل
هل في مصارع أجيال بهم فتكت / عذر المحيل عليها شنعة الأمل
فما التهافت منا في مهالكها / جهل بماض ولا علم بمقتبل
ما باينتك عواديها مصادقة / ولم تعاهدك أمنا غارة الغيل
رأي الركون الى افاتها سفه / وصفوها بين نابي مهلك جلل
ما شأن صولاتها البقيا على أحد / وانما أجل يتلو خطى أجل
بئس القرارة أهنى عيشها رنق / ينتابه الحتف بالابكار والأصل
انجاز ايعادها بالموت منتظر / والقول عن مقتضاها غير مفتعل
ما أصدق العلم بالغدر المشوب بها / واكذب الظن في التغرير والأمل
خسيسة الطبع بالأكدار طافحة / ختالة تخلب الألباب بالحيل
لا تستقيم لريعان الشباب ولا / لرائع الشيب منها لحظة الجذل
تضيع عمر بنيها تحت عرتهم / بها وحاصلهم منها على دغل
تزال تنبت نفسا ثم تأكلها / وانما يحرث الحراث للأكل
تسعى جنائزها بجرا حقائبها / مما انتهبن بحرب الصبح والطفل
ما بين صادرة في وجه واردة / ينتبن فل بقايا غارة الأجل
ما بالنا ومطايا الموت تنقلنا / نلهو بما قيل "ان العز في النقل"
ان الملاط الذي نبني البلاط به / رفات من نقلت بالأعصر الأول
لو كان تقديرنا تخليد قاطنها / لأوجب العقل أن تلقى على العلل
فكيف وهي حياة لا عتاد بها / مغمومة بالشقا والويل والهبل
أضحية الحتف لا ترجو مغادرة / والأرض تبلع والجزار في العمل
كم زفرة لنعي ما أذنت لها / ولا مشفعة من صارخ صحل
زمازم الموت في الأذان صادعة / لكن الى فبب الألباب لن تصل
يا رب نادبة ما جف مدمعها / وعينها في نظام الحلي والحلل
حتى متى نحن والآجال تحفزنا / والجد والهزل منا تابع الأمل
نرى مصارع قوم جل فقدهم / كفقدنا في الملاهي صالح العمل
نفني الدموع ونرثي من نظن به / ومالنل برثاء الرشد من شغل
كأننا في أمان من مصارعهم / أو المنايا عن الأحياء في كسل
كلا ولكنهم صاروا لنا فرطا / والركب مرتحل في اثر مرتحل
ومن تكن هذه الساعات أنيقة / قضى المسافة لم يملل ولم تطل
فقدت نفسي فخلت الدمع سال بها / والعهد بالنفس قبل اليوم لم تسل
وليس بدعا اذا ذابت بفادحة / ذابت عليها صخور السهل والجبل
حمت لنا حزرة لم تبق من خلد / بغير خالدة الأحزان منفعل
ما كنت أحسب أن أحياء وادركها / يدا تقلد جيد المجد بالعطل
أبكت سماء وأرضا وهي ضاحكة / على السلامة ان طالت ولم تطل
وليتها حيث أبكت كل كائنة / رقت بقلب من التهويل منذهل
ماذا نحاول من ريب المنون اذا / قلنا حنانيك أو سيري على مهل
أبعد ما طحنت أجيال أولنا / يبقى الأواخر في البقيا على أمل
أم بعد اعجالها الأبرار تنسفهم / نسف الزعازع ننهاها عن العجل
هيهات يرقأ دمع من مصائبهم / أو يصبح الكون منهم مقفر الطلل
أما تراها سهاما تنتحى كبدا / مقروحة وجراحا غير مندمل
لا تترك الجرح الا ريث تنكئه / ولا تسعر قلبا غير مشتعل
نقارع النفس والشيطان ينصرها / وما لنا بقراع الموت من حيل
في كل ناد نداء الموت مصطخب / وكل دار بها دور من الأجل
فلا نؤسس صبرا غير معتقر / ولا ندافع صبرا غير معتقل
لو دافع الصبر حزنا ثم اذهبه / لكنت بين رجال الصبر كالجبل
لكن من الخطب خطب لو يقاومه / صبر الجليد انثنى بالدحض والفشل
فقدت كفل اصطبار كان يكفلني / في النائبات فخان الآن مكتفلي
فليس بعد مصاب الدين من طمع / في الصبر أو الجزع بالصبر منعزل
يا ناعي الدين هل أبصرت من بقيت / فيه بقية رشد غير منذهل
غادرت في أنفس الأكوان حشرجة / فان قضى الكون فاستسلم ولا تسل
لا غرو إن فاضت الأكوان آسفة / لفقد فرد على الأكوان مشتمل
يا ناعي الغوث هل لاقيت من خلف / ممن نعيت وهل قدرت من مثل
يا ناعيا سيد الأبرار هل تركت / بالله فينا المنايا اليوم من بدل
يا ناعي القطب من ذا قام موقفه / فصار قطب مدار العلم والعمل
نعيت فردا أم الدنيا بأجمعها / إني أحس بدهش شامل جلل
إني أحس بدهش غم كاربه / حتى الملائك حتى برزخ الرسل
تنعى ابن يوسف فتح السالكين وخ / تم الواصلين مربي الأنفس الكمل
محمدا مدد ألأمداد روحهم / مروع النفس أن يعمل وان يقل
مقدس الشرفين المطعم الجفلى / كافي الكفاة المرجى طاهر الخلل
مرزء الأرض خلاها وحل بها / لك السلامة لم تحلل ولم تحل
نعم حللت قلوبا لا تزال بها / فأين أنت وفي الألباب لم تزل
بل أنت في الرفرف الأعلى وغبطته / في البشر والروح والريحان والجذل
لقيت وعدك من حسنى مخلدة / ونحن للفقد في الأحزان والوجل
يا خير من حل في الدنيا ليصلحها / من ذا تركت لها يا خير منتقل
ناصحت ربك في تعزيز ملته / فلتنصح اليوم ندبا خيرة الملل
قد كنت رحمة هذا الكون تنفعه / خليفة قائما عن خاتم الرسل
هلا رحمت قلوبا ذاب معظمها / حزنا عليك وقد سالت من المقل
فاجبر مصابك فينا اننا بشر / فينا افتقار إلى أنفاس كل ولي
جردت نفسك للاسلام تخدمه / في جد محتسب للهول محتمل
تقارع الزيغ والأنوار بارقة / وأنت في نجدة والخصم في فشل
كم حجة بسطت بالبطل أيديها / صدعت بالحق فيها فهي في شلل
كم مشكل أعجز الأفكار جئت به / صديعة الفجر نورا واضح السبل
كم معضل كشفته منك معرفة / ذات انبساط بنور الله مشتعل
كم قاطع في سبيل الله يمنعها / رميته بشهاب منك مختزل
كم جاهل ملأت ضوءا بصيرته / بصيرة لك تدعى الشمس بالحمل
شمس المعارف يا سلطانها كسفت / كسوف شمسك عن صبح وعن طفل
والاستقامة في كسر مزلزلة / يا جابر الكسر أدركتها على الزلل
تمضي وتترك هذا الدين في جزع / والأرض مظلمة والدهر في خبل
من للحنيفة يا قيامها علم / يهدي اليها ومن يحمي من الغيل
من للشريعة قد قامت قيامتها / ومن يسدد منها موضع الخلل
قد كنت فيها مكان الروح في جسد / وقمت فيها مقام السيف في الخلل
من للطريقة من يصفي مشاربها / للسالكين كؤوس العل والنهل
قد كنت حاديها تحدو ركائبها / بنغمة لحنتها زمرة الرسل
رجعت صوتك فاشتاقت معاهدها / واليوم تصغي لمن يا حادي الابل
ياذا العلوم اللدنيات موهبة / هل أنت في الرمس أم في حبرة النزل
خلفت علمت فينا أم رحلت به / اني اشاهد نورا غير منتقل
نعم تعقب نور أنت مشعله / ونور وجهك في الفردوس كالشعل
تلك العلوم التي أوعيت جوهرها / قلبا بحب جمال الله في شغل
ما زلت تسلبح في القرآن ملتقطا / در المعارف لم تضجر ولم تحل
حتى ملأت مراد العقل معرفة / ممدودة الفيض حتى لحظة الأجل
وفزت بالسنة الزهراء محتويا / على الاشارات والتفصيل والجمل
وجئت بالدين والأحكام مكتشفا / للنقل والعقل كشفا غير ذي دخل
مستنبطا أوجه التأويل رأسخة / على النصوص مصونات عن الزلل
من الكواكب في وعد وفي شرف / وفي ارتفاع واشراق وفي مثل
ما فاتك العمر لكن نقلة حتمت / الى مقر وعمر غير منتقل
ولا انفصلت عن الدنيا وقد وصلت / لك المعارف محيا غير منفصل
ولا اعتزلت عن الدنيا لضرتها / الا وأنت عن الدنيا بمعتزل
تركت زخرفها للغافلين ولم / تحفل بها في مضيق العيش والغفل
عاملتها بمراد الله منحرفا / الى نصيبك من عقباك بالعمل
فما تقيلت منها قدر أنملة / ولا أدخرت سوى الحسنى لمقتبل
ولا نظرت إلى فتان رونقها / الا بما تنظر المحتال في الحيل
ولم تصدك عن علم ولا عمل / ولا سرور ولا سم ولا عسل
ياطائرا طار ما أضفى قوادمه / نجوت من قفص في حكم محتبل
وقفت لله من دنياك في عطل / فلتسرع الآن بين الحلي والحلل
أجهدت نفسك في مرضاة خالقها / يا مجهد النفس اربح رحمة الأزل
اربح فديتك ما قدمت موجبه / نعم البضاعة لم توزن ولم تكل
أحمد سراك فقد أصبحت أن يدا / قد باركت فيك لا تكدي ولم تزل
أحمد سراك فقد طالت متاعبه / وقد حللت خيام الحي فاعتقل
قدمت خيرا فلم تعدو جوائزه / ان الجوائز عقبى صالح العمل
أوقدت نفسك في المحراب مشتعلا / فأسرع الآن نحو الكوثر اغتسل
أوقدتها بالرجا والخوف معتجلا / يا برد الله مثوى الواقد العجل
تنحو المقامات والزلفى بمسلكها / وقد وصلت ولولا الجد لم تصل
نلت الكرامات لم تصدعك منتها / عن الشهود ولم تعجب ولم تمل
ان الكرامات أوثان لمشتغل / بها عن الله أو مكر بمشتغل
ما فاتك الفهم من مولاك اذ سفرت / لك الدقائق أن يعمل وان ينل
وكل موهبة قدرت موقعها / بالشكر لله في حزن وفي جذل
وصبرت الصبر لا تنحل عروته / عند البلاء ولا يدنو من الفشل
هما مقامان كنت العدل بينهما / توفيهما الحق لم تبطر ولم تبل
حصرت ما عند أرباب القلوب فما / مقام حالك الا دولة الدول
يا من أفات فؤادي الرشد من حزن / عليه أصلحه لي يا شافي العلل
لا غرو أن تشفي الألباب من مرض / بسر قلب بنور الله مشتعل
أعطيت قلبا بحب الله ممتزجا / له التصرف في فعل ومنفعل
في قبضة الحب يطويه وينشره / فالسر في الحب لا في الشكل والعضل
ارسل فديتك روحا شاملا أملي / من سر روحك واجمع لي به شملي
فان أرواح أهل الله فاعلة / بقوة الحق لا بالحل والنقل
لها الكرامة في الكونين موصلة / في القبض والبسط وصلا غير منبتل
ما كان رأيك في الدنيا وقد فقدت / أسرار يمنك مثل العرض الهطل
رعيتها ووصايا الله آونة / فانظر رعاياك قد هامت مع الهمل
خلفتها ووصايا الله ثاكلة / والفضل والعلم والاسلام في وجل
متى أهديء قلبي من تسعره / ورنة الملأ الأعلى على زجل
يا حاملي نعشه مهلا بمحملكم / كيف احتملتم رزايا الرحلة الجلل
تدرون من تحمل الأكتاف ما حملت / من بعده هذه الأكوان من ثقل
سيروا رويدا فكل العالمين به / دفن العوالم لا يقضى على عجل
ذروه يقضي من المحراب حاجته / اني أخاف على الدنيا من الخبل
ذروره للأمر بالمعروف محتسبا / للنهي عن منكر قد عم كالظلل
ذروه للعلم يجليه فقد سقطت / بنا الجهالة في الآبار والدغل
ذروه يقطع أعناق الشقاق فما / نحن البقية غير العصبة العزل
ذروه يرجم شيطان النفاق فما / ابقى مريدا رحيما غير منجدل
ذروه تبكي عليه كل مكرمة / فانها بعده تحيا على ثكل
ذروه أبكي عليه ما حييت فان / أمت بكى في البلى عظمي بلا مقل
ليت البكاء أفاد الحي ما فقدت / عيناه لكنه فقد بلا أمل
يا راحلا عن بني الاسلام تاركهم / وللكآبة فعل السيف والأسل
وودع معاهدك الزهراء إن بها / غما لو احتل غمر البحر لم يسل
ودع رجالك قد بانت عقولهم / إن راجع العقل من توديع مرتحل
ودع تصانيفك الحق المبين فقد / صار المداد حدادا غير منفتل
فوامصاباه ان ودعت مرتحلا / وما وراءك للإسلام من بدل
لفوك في كفن ماذا تريد به / وأنت من نور حب الله في حلل
وأودعوك ترابا لو تفوز به / حور الجنان لأفنته من القبل
ماذا الرثاء وفي القرآن صادعة / تثني على اخر الأبرار والأول
الا شجيا عقيب الظعن يندبهم / ومقلة أوقفت دمعا على الطلل
وما رثيتك تذكارا لمحمدة / خلدت حمدا وان كان الزمان بلي
سقى الاله ربوع الزاب ماطرة / من رحمة الله بالابكار والأصل
وباشرتك هبات الله دائبة / بعارض من عظيم الفضل منهطل
وروح الله بالرضوان روحك في / منازل القرب والاسعاد والنزل
وواصل الروح والريحان ذاتك في / أزكى سلام من الرحمن منهمل
ونسأل الله غفران ننال به / رضوانه في جوار الله والرسل
نشكو اليك ولي الله وحدتنا / وعيشنا بين غل الدهر والكبل
الله الله يا أهل القلوب ففي / قلوبكم نظر الرحمن في الأزل
لا تتركونا مع الأهوال ان لكم / نصرا من الله وحيا غير منخذل
خذوا بأيد قصار انها بكمو / تطول وانتشلونا من هوى الفشل
توجهوا لجمال الله وانتدبوا / للغوث يا أولياء الله في عجل
أين انتصاركم والملة انطمست / والأمة التبطت في فخ مهتبل
صلى الاله على أرواحكم وسقى / اجداثكم رحمة بالرائث الهمل
لا تكترث بالليالي إنها دُوَلُ
لا تكترث بالليالي إنها دُوَلُ / لا يَسْتمرّ لها حزن ولا جَذَلُ
كأنَّ حلة حَرباءٍ تلوّنها / لا تظهر الشكل إلا ريث ينتقلُ
ولا تضق بالقضايا في تَقَلّبها / في طيّ كل شديد خيرة جَلَلُ
إذا اعتبرتَ صروف الدهر مُرْسَلةً / أيقنت أن القضايا كلّها نُقَل
وإن تفكرت في خطب لتنسِفَهُ / بصولة الرأي غَرَّتْ فكركَ الحِيَل
مَن أوزَعَ الفكرَ في شيء يُقَدِّرُهُ / إلا اعتباراً صمى ايزاعَنُ الخبَل
ما فكرة المرء فيما ليسَ يملكه / من أمر مولاه إلا فكرة خَطَلُ
لا تحترس بذكاءٍ عند مقدرة / قد يهشم الانفَ أمر تتقى المُقَل
تيقّض الحزم والأقدار جاريَةٌ / هم بردّ قضاءٍ ما له قبل
جالِدْ صروف الليالي بالتجلد واف / طنْ أن أحوالها حلّ وَمُرتحل
بينا وقيد الرزايا في مهانتها / سما بهِ الجدّ واستخذى له الأمل
ليصحب المرء في أمريهِ مُنْصِرَةً / من اليقين بان الحال تنتقل
لو أبصَر الحرُّ ما يبدي مزيته / من المكاره طابَتْ عنكَ الغِيَل
مزية الحرُّ ما عيب الحسام بهِ / إن كان عيباً يحدّ الصارمَ الغلل
أسنى الفضائل يُبدي شر صفحته / كان ضدّ الرزايا دونه كِلَلُ
صُكَّ الخطوب بخطب السمه جَلَدٌ / والْقَ الأمور بحلم شخصه جَبَل
وصانع الناس لا نكساً ولا ملقاً / بما يسرك من تلقائه الرجُل
والبس لدهرك إن لم تزك سيرتُهُ / من التجمل ما تزكو به الخِلل
مالي وللدهر يغري بي حوادثهُ / كأنَّ صبري على لأوائه زَلَلُ
كان فضليَ في عين الزمان قَذى / لقد درى أنه في عينه كحل
كأن هميَ سهم في مقالته / ومذهبي في العلى في رجله كَبَلُ
إذا نَشطت لحقي في العُلى عَرَضَتْ / أمامَ عزمي في اعراضه عِلل
لا أجتني خطةً إلاّ مُخالسَةً / ودون اتمامها الأهوال تشتعلُ
ما سرني درك مجد لا تُقارعني / مِن دونهِ نَكباتُ الدهر والغِيَل
ولا هنئت بفضل لا تُراقِبُني / من الرزايا عليه خِطة جَلَلُ
أرى العُلى بخطوب الدهر ساميَةً / كأن طرق الرزايا للعلى سُبُل
قد يكسب المجدُ مجَداً مِن رزيئتهِ / كجوهر التبر تُبدِي حُسْنَهُ الشُعَل
أقول للدهر أرسلها العراكَ فانْ / أجزع لخطتها فالويلُ والهَبَلُ
وهات كاسَكَ إن صاباً وإن عَسَلاً / فَقَدْ تساوى لديَّ الصابُ والعَسَل
إني أنفتُ من البقيا إذا أنفَت / إلا اغتيال السري الماجد العضل
متى أضيق بخطب غبه فَرَجٌ / ونازلات الليالي كلها ظُلَلُ
ما أن شهدتَ أموراً وهي مُدبرةٌ / لها وأعقب من أضدادها قبل
لا آمَنُ الدهر في لين وفي شعث / وطبعه للوفا والغدر محتمل
ما أطيبَ العيش لولا أن يشاركني / فيما ينغصه الهيابَةُ الوكل
ولست ارتاد ماءً ما به كَدَرٌ / إلا إذا كانَ دَهْري ما به دغل
ليتَ الحوادثَ لا تعدو مساورتي / ولا عرى يد دهر كادني شَلَلُ
إن لم أسلِّط إذا انقضت عزائمها / بوادر العزم مهتزاً لها زُحَل
ليعلم الجد أما زلّ بي قدما / إني على جد عزمٍ ما به زَلَلُ
صادر همومك والأخطار كالحةٌ / ما يلزم الوهنَ إلا الخاملُ الوكل
فإن أفاتَكَ سوء الجد صالحةً / فحدّ همك في إدراكها بَدَل
مَن يُعطه اللّه فيما نفسه كرهَتْ / صبراً فما كرهَتْ بالخَيرْ مشتمل
فضيلة العزم عما لا تقاومه / عزيمة الفضل فيما تبتغي خَوَل
لبستُ لمحة طرف نعمةً بليَتْ / كما تمزقَ عن أصليته الخلل
فما جذلتُ لخير في يدي أجَلٍ / ولا جزعتُ لشرٍّ بَعْدَه أمَل
صارفتُ صَرف زمان بالتي حَسُنَتْ / في أعين المجد واهتزت لها الفضل
حتى مَ ارسف في قيدٍ له ذَهَلَتْ / عني الجدود وصبري ليسَ ينذهل
وفيمَ تهتضم الأيام بادِرَتي / فعل الوتير وحسن الواتر الدخل
أليسَ جوهر عِرضي لا ينافَسُ في / اعراضها أنها الآفات والغِيَلُ
تصدني عن مساع كلها غُرَرٌ / في جبهة الدهر أو في ساقه حجل
والحظ كاب عقير في بَراثنها / كأنه أمَلٌ ينتاشه أجَل
أراقب الجد في نصري فينشدني / لا ناقةٌ لي في هذا وَلا جَمَل
هذا اعتذاري إلى العلياء إن طمحَتْ / ما لَزّني خَوَرٌ عنها ولا فَشَل
ما ذنب أمنية يغتالها قَدَرٌ / في أمرها وقضاء اللّه يعتقل
أصبحتُ والدهر من بغضي بهِ جَرَبٌ / آسيه نبلاً وما ينفك يأتكل
إذا تطارحتُ أغرى بي سماسِمَهُ / وإن تنمرت حاصت عني الحِيَل
وإن بسطت نوالي سامني سَفَهاً / أعن سفاهة رأي يفُضُل النبل
المال لا شيء عندي كي أضنّ به / في موضع الفضل واللاشيء مبتذل
عِلقُ المضنة ما تزكو مَزّيته / والفضل في اللّه علق ما له مثل
يزكو الثراء على التوزيع يذهبه / في اللّه والحمد ليس اللهو والخَتَلُ
عودتُ ربي إنفاذي فواضِلَهُ / فيه وَعَوَّدَني التعويضَ ينهمل
عوائد اللّه أغنى لي وإن تربَتْ / كفيّ ونعمة ربي نعمة جَلَلُ
يكفي من الوفر أن تبقى محامدُهُ / ما أحمد الوفر حُسن الحمد يأتثل
حقائق المال كانت في العطا غرراً / ولا مزيّة أنْ لا تتبع النفل
أوجب لسالبة الانفال فضل يَدٍ / فإنما سلبها الاعطاء والنَفَلُ
لن يلبث المال تذروه الرياح ويب / قى من صفاياهُ ما شدت به الخلل
نفاسة الفضل علق لا تنافسه / اضبارة من حُطامٍ حالها حول
ضمانة اللّه للانسان كافيةٌ / ففيم تدبيره والحِرصُ والعَجَل
إن كنتَ تملك بالتدبير رزقَ غدِ / فلترتجع فائتاً من أمرك الحِيَل
كلا لقد أعجز التدبير ما حُتمت / به الأمور فلا جَدّ ولا خول
ثبِتْ يقينَك فيما اللّه قاسِمُه / لا بُدّ آتيك لا فوت ولا مَيَل
إني لا علم أمراً ليسَ يجهله / دهري ولكن صوابي عنده خطل
أيجهل الدهر إذ خضت الغمار بهِ / إن ليسَ يُعجزني عن خوضه الوشَلُ
وهل نفذت شهاباً والخطوب دُجى / وعندي الصارمان القول والعَمَل
وهل تقلد جيد المجد من أدبي / ما لا تُنافِسهُ الجوزاءُ والحَمَل
أنا ابن بجدة أمر لا قرارَ له / لها على خطة أس لها زُحَل
على مَ تنحلني الأيام نحلَتها / جهلاً على خلة ما شانَها خَلَل
تنحو على فضل أوطاري فتعكسُها / فلستُ أبرم أمراً ليسَ يَنفَتَلُ
قارعتُ أطوارها حتى خذيتُ لها / وبي من الصبر ما لا يحملُ الجَبَل
وارجف الغدر هيض العظم من عسرٍ / نعم ولكن وفائي الدهرَ متصل
أن يعقل العسر فضلي عن مواقعه / فلي خليقة بِرّ ليسَ تعتقل
إذا زكى خُلُقٌ من أصله نَزَعَتْ / إلى الكمال على علاّتها الخلَلُ
لا تنفقُ النفسُ إلا من جبلتها / والفضل في النفس ليسَ المالُ يؤتثل
عقائل المال تؤتاها وتنزعها / وما عقيلة فضل النفس تنتقل
إذا جبلت على أمر حُمدتَ به / عداك ذَمٌّ وإن جدوا وإن هَزَلوا
لتبلونك أخطار فكن خَطَراً / يكاد منك فؤاد الدهر ينذهل
ولا تنم وعيونُ الدهر ساهرةٌ / وإن تناوَمَ فهو المكر والخَتَل
وخذ حقائق ما تخشى عواقبه / من الأواخر مما آتت الأوَل
وارغب بنفسك أن تخزى على طمع / دع المطامع ترعى خزيَها الهمل
واختر على الذل عزّاً أن تُسام بهِ / فدون وجهك في ادراكه سُبُل
غيظ الزمان إذا عزّ الكرام به / غيظ المفاخر تعطو نحوها السِفل
فلتشف نفسك من عز تغيظ بهِ / قلب الزمان ولو في الحتف ترتسل
يَهوى سواك وتهواه فهل سَفَهٌ
يَهوى سواك وتهواه فهل سَفَهٌ / من ذا أشدّ وبعض الرأي تضليل
الحزم والصبر سيفاً كل نازلةٍ / كل بحديهما لا شك مغلول
نَزِّه هواك وخلصه لمخلصه / إن النزاهة فوق الرأس اكليل
خَلِّ الصبابة تسري في خليقتهِ
خَلِّ الصبابة تسري في خليقتهِ / والحب من سره لطف وتذليلُ
لعل سكرته في الحب تجذبُهُ / إلى وصالك يوماً وهو مذهولُ
فاصبر عليه وخل الحب ينحله / جرح بجرح وما في الحب تبديلُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025