المجموع : 14
أجلُّ ما رمتُ في آتٍ مُقْتبلِ
أجلُّ ما رمتُ في آتٍ مُقْتبلِ / أني أراك وقد أُسعفتُ بالأملِ
فما أبالي وقد جادَ الزمانُ به / عُمِّرتُ في الناس ألفاً أو دنا أجلي
أمَنْ أراهُ دُبيس الخير ويْحكم / أم الكرى باعتٌ للطيفِ في المُقَل
لذيذ وصلٍ أراني يقظتي حُلُماً / فالعينُ باكيةٌ من شدَّةِ الجَذَلِ
ما ابنُ المُلوَّح قيسٌ في صبابتهِ / بالعامريَّةِ ذاتِ الدل والكسلِ
يسقي الثرى دمع عينيه وقد حبست / صوائبُ المُزن أن تهمي مع الأصُل
لا زاد يغذوه إلا فضلُ لوعتِهِ / ولا مواطنَ إلا نيَّةُ الرِّحَلِ
مُحذَّرُ الموت معْذولٌ وزورتُه / للحي تعثر بالتعنيف والعَذلِ
ودون ليلى مطاعينُ الضحى غُلْب / حَمَوا كريمتهم حتى من الغزلِ
ما زال جورُ الهوى حتى دعوهُ به / مجنون ليلى وطاب القولُ للرجلِ
يوماً بأوجدَ مني في هوى مَلِكٍ / من آل عوفٍ أبي الضَّيْم مُحتملِ
القاتلُ المحْلَ من معروفِ راحته / ومرسلُ الموت بين البيض والأسل
وباعث الجيش غطى الشمس عثيره / كأنه أسْنِماتُ العارضِ الحفل
وطارد الخيل في ضنك لو اطَّردت / أراقمُ الرمل فيه خِفن من زللِ
لا يُسْتباحُ أسيرٌ في مواكبهِ / ولا يُباحُ دمُ المستأمِن الوجِلِ
تشكو السَّوابق من إدْمان غارتِه / على البهاليل يوم الرَّوْع والحِلل
ظمأى إلى الماءِ تطْويه وتنْظُرُه / مشغولةً بقراعِ القومِ عن بَللِ
حتى إذا هجَّرت شمس الضحى وردت / ماء المفارقِ من عَلٍّ ومن نَهَلِ
يُعيدها بين مخضوبٍ قوائمُه / ولابسٍ لرؤوس الصِّيد مُنْتعلِ
شوك الرماح إذا ترعاهُ في رهَجٍ / أشهى إليها من الحوْذان والنَّفَلِ
أثَّرت في الأرض ذكراً لو تفوز به / شمس الضحى أمنت من ظلمة الطفل
ما خِطَّةٌ في بلادِ اللهِ نازحَةٌ / إلا وذكرك فيها غايةُ المَثلِ
ينمي الوليدُ على ذكراكَ مُعتقداً / في نفسه أنَّكَ العنقاءُ في الجبلِ
ما قارعَ الهام يُروي حدَّ صارمه / يوم الهياج كسيف الدولة البطلِ
يُغْنِي إذا ما غزا إفراطُ هيبتهِ / عن الصَّوارم والعَسَّالةِ الذُبُلِ
فما يُلاقي عِديَ إلا جُسومُهُمُ / من قبل وخز القنا صرعى من الوجل
عليه من صبره في الخطب سابغةٌ / يلقى المُلمات فيها غير مُحتفلِ
يغترُّ مُبتسماً في كل نائبَةٍ / كأنَّ بُشراهُ وقعُ الحادث الجَلل
أغرُّ يجلو سناهُ كل مُظْلمةٍ / عارٍ من الشحِّ مُعرورٍ من البُخلِ
هو الوهوبُ وسحب الجو باخلةٌ / والمستغاثُ وحامي الحي في شُغلِ
مُعاجلٌ بالندى من غير مسألةٍ / وأكرم الناس من أعطى ولم يُسل
إذا الجرائمُ هاجتْهُ تَغمَّدها / بالصفح منه حليمٌ غيرُ ذي فشلِ
تموتُ أضْغانُه إبَّان قُدرتهِ / وقدرة الحُرِّ تنسى فاحش الخطل
يُصيبُ بالرأي ما يَعْيا العيانُ به / في القرب والمنتأى والريث والعجل
فليس يرشقُ مرمىَ سهمُ فكرته / إلا يدُ الغَيْب تحميه من الزَّللِ
لو أنَّ ثَهْلانَ لاقى ما رُميتَ به / من الحوادث يا ابن السادةِ النُبلِ
لا اسْتَفْرشَتْه خفاف العيس مرقلةً / وسال سيل النَّقا في مزلقٍ عَجلِ
ولو أصاب عُباب البحر أيْسرُه / لأصبح البحرُ معدوداً من الوشل
ولو على النار مرَّت منه لافحةٌ / لغالَب النارَ ما فيه من الشُّعلِ
وأنت تحملُ منه كل فادحةٍ / لا بالجبان ولا الهيّابةِ الوكِلِ
وما أزيدُكَ مما قلتُ منْزلةً / في لُجَّة اليمِّ ما يُغْني عن السمل
ولا المديحُ وإنْ أحسنتُ رونقهُ / على الذي فيك من مجدٍ بمُشتمل
أقدمت حتى غروب البيض في حسد / وجُدْت حتى قطار السحب في خجل
أنظر إذ الكُرْج والأبطالُ هاربةٌ / صبر الأمير لضيق الحرب والسُّبل
وهل تجرَّد سيفٌ غيرَ صارمهِ / وزال كل كميٍّ وهو لم يَزُل
ويوم حصن بَشيرٍ حيث غادرهمْ / صرعى على القاع من ثاوٍ ومعتقل
ونُوبةُ البصرة الفيحاء أوردهُمْ / ضرباً من الضرب يُنسي وقعة الجمل
وما اسْتراثكَ في الإقدامِ آونةً / إلا جهولٌ في الأسرار لم يَصلِ
في طاعةِ الله أسْبابٌ مُجَنِّبَةٌ / تَظلُّ منها لُيوثُ الغابِ في وهَلِ
وكم بخيلٍ بتسليمٍ لعزَّتِهِ / يُعفرُ الخد للرحمن في وَجَل
إذا أتى الدينُ فالأقدام مَنْقصةٌ / وما لنا بقراع الله من قِبَلِ
فخرُ المُلوكِ نعيمٌ يرغدونَ بهِ / وأنت في رغَدٍ من هِمَّةٍ خضلِ
وأتعبُ الناس في إنصاف مُحتكمٍ / أحقُّهمْ ببلاد اللهِ والدُّوَلِ
لك الغطاريفُ من دودانَ شأنهُم / ضرب الملوك ورفع النار في القُلل
غُرٌّ بهاليلُ وهَّابونَ ما كَسَبوا / من اللُّهى متلفون المال في النحلِ
لا يحرمونَ إذا ما أزمةٌ نَزلتْ / ولا يجيزون منْع الجودِ بالعِللِ
العاقرون العِدى والنيب في رهجٍ / فالصبحُ للجيش والظَّلماءُ للإبلِ
من كل أغلبَ ملءُ الدهر هيبتهُ / معظَّمٍ في عينِ الحيِّ مُحتفلِ
يسقي البلادَ غمامٌ من أناملِه / فإن سطا فبقاني اللَّون مُنْهملِ
هُمُ الملوكُ وما قولي بمُبْتدَعٍ / في وصف مجدٍ لا مدحي بمرتجل
سقى أبا حسنٍ إذ كانَ مرقدُه / أحق بالدمع من صوب الحيا الهطل
جَوْدٌ إذا عصفت ريح الجنوب به / ذاب الحصى من دوام القطر والبلل
فإنه كان والَّلأْواءُ عارِقَةٌ / والشر يحرق من أنيابه العُصُلِ
يُغني الفقيرَ ويحمي المُستجير به / في زي مُعتذرٍ من فعله خجلِ
ويلتقي الضيف في وجهٍ بشاشتُهُ / تنسي الخميص شهيَّ الزاد والأُكلِ
ما دبَّ في عطفه كبرٌ ولا شمخت / بأنفه كثرةُ الأعْوانِ والخَوَلِ
وكان يهتزُّ للأشعارِ من طَربٍ / هزَّ القضيب بمر العاصف الزجِلِ
كأنما كلُّ بيتٍ كانَ يسمعُهُ / كأس من الخمر أو ضرب من الخبلِ
مُطهَّرُ البُرْد لا يُرتابُ عِفَّته / ولا يُبدل السكر منه الصونِ بالبِذلِ
مضى ولم يمض من كانت ذخيرتُهُ / أبا الأغرِّ دُبيْساً أكرمَ البَدلِ
أنا الذي بعتُ فيك النفس من علق / ولم أخف شرَّ أيامي ولم أُبَلِ
وبُحتُ بالودِّ والأيامُ كاتمةٌ / وكان ذكرك في مدح العِدى غزلي
وقلت ما فيك من مجد ومن شرف / في موقف لو حوى سحبان لم يقُل
ومدح غيرك مني كان عن حَرجٍ / قد يحمد الرشف ممنوعٌ من النَّهلِ
وللفتى حالةٌ تَنْضوهُ شيمتُه / رغماً وما كل إعراضٍ من المَلَلِ
إنَّ الصلات لبيت الله ماضيةٌ / من عازبٍ ببلادِ الصين مُعتزلِ
أنا ابنُ عمِّكَ والأنسابُ شاهدةٌ / لم آتِ إلا ببرهانٍ ولم أقلِ
أما تميمٌ وعوْفٌ ضَمَّها مْضرٌ / فاستخبِرِ القوم عن صَيْفِّينا وسلِ
هذا وإنَّ تميماً كانَ من أسَدٍ / في منزلِ الخالِ والأخبار تشهد لي
لا تنكرنَّ لطرْفٍ أنت راكبُهُ
لا تنكرنَّ لطرْفٍ أنت راكبُهُ / فرط العثار ولا الإفراط في الزَّلل
فكيف تجري إلى الغاياتِ سالمةً / ريحٌ تكلَّفُ حمل البحر والجبل
خليفة الله مالي كلما بَسَطتْ
خليفة الله مالي كلما بَسَطتْ / نفسي الرجاء حوى الحرمان آمالي
وكلما كثرت والحال شاهدةٌ / وسائلي آذَنَتْ حالي بإقْلالِ
كأنني لم أشمْ برق ابن مُنْجبةٍ / جَمَّ المكارم للمعروفِ بَذَالِ
أمضى الخلائف عزماً عند مجْلةٍ / وأثبتِ القوم قلْباً عند أهْوالِ
مُنكِّب العيش خفضاً من تهامُمه / ونازلٍ بشعافِ المجدِ مِحْلالِ
وقد مدحتُ فلم أتركْ مُحبَّرةً / إلا لها ذاكرٌ في محْفِلٍ تالِ
وقد وطئتُ بطرفي يوم حربكُم / بالقاسميَّةِ في هاماتِ أبْطالِ
وما نهدتمْ إلى غزوٍ فأقعدني / بخس الحظوظ ولا التقصير في الحال
فارْعوا ذمام محبٍّ دون مجدكمُ / مقارعٍ بين قوَّالٍ وصَوَّالِ
وهوِّنوا المالَ في إحْراز حمدكمُ / فالحمدُ للمُقْتني أبقى من المال
زار الخيالُ بخيلاً مثلَ مُرسلهِ
زار الخيالُ بخيلاً مثلَ مُرسلهِ / فما شَفاني منه الضمُّ والقبل
ما زارني قطٌُ إلاَّ كيْ يواقفني / على الرُّقاد فينفيهِ ويرتحلُ
وما درى أنَّ نومي حيلةٌ نصبتْ / لوصلهِ حين أعيْا اليقظةَ الحِيلُ
ألعِلمُ ما علَّم العلياء واكتسبتْ
ألعِلمُ ما علَّم العلياء واكتسبتْ / من بأسه المرهفات البيض والأسلُ
لا ماجناً أو خليعاً يُستخفُّ به / أو وصْف غانيةٍ في ودِّها مَللُ
فلا تسُمْني نَسيباً واضعاً شَرفي / ظلماً فسيانُ عندي الغزْل والغزَل
صبرت للهجر عن اُنسي بقربهمُ
صبرت للهجر عن اُنسي بقربهمُ / وخانني الصبر اِذ زُمَّتْ جِمالهمُ
وكنتُ مسكنَ ظبيٍ قبل بَيْنِهُم / واليومَ مسكنهُ ودوني رِحالُهُمُ
رموا فاصْموا ومن أصمت رماتُهمُ / يودُّ لو عاودتْ تُصْمي نبالهمُ
فليتَ قُربهمُ باقٍ على نَظَري / واِن عداني على رغمي وصالُهمُ
الشعرُ ما علَّم العلياءَ واكتسبتْ
الشعرُ ما علَّم العلياءَ واكتسبتْ / من بأسه المرهفات البيض والأسلُ
لا ماجناً أو خليعاً يُستخفُّ به / أو وصف غانيةٍ في ودِّها مَلَلُ
فلا يسُمني نسيباً واضعاً شَرَفي / خِلٌّ فسيَّان عندي الغزْل والغزَل
شعري شريعةُ مجدٍ غيرُ دارسةٍ / تسنُّ عِلم العُلى للناس اِن جهلوا
تُغادرُ الألْكن المحدود ذا لَسنٍ / وترجع النِكس وهو الفارس البطل
وتطردُ العار عن قلب تحلُّ به / طرد الهوامل في أعجازها النَّجَلُ
غطَّى شموس عُلومي من بلاغته / دجْنٌ مسفٌ نفوعٌ ودقهُ هللُ
فالشمس مسلوبةُ التشريق واضحة / والأرض مونةٌ والنَّبتُ مكْتهلُ
يُهَيْنِمُ الحَظُّ أحياناً فيزْجُرهُ / علوُّ صيتٍ له بين الورى زَجلُ
وواضحٌ من تميمٍ في ذؤابَتها / يصونني ونفوس الفضْلِ تُبتذلُ
يكفُّ غربَ اِبائي عن توحُّشهِ / بالبشر والجود فهو البارقُ الهطلُ
تاج الملوك فتى النَّعماء اذ حُبست / سحبُ السماء وعزَّ الجودُ والسبل
طلقُ المُحيَّا كأن الشمس غرَّته / غمرُ الخلائق لاكِبرٌ ولا بَخَل
يزيدهُ الخوف بأساً حين يشهدهُ / يوم النزال ويمري جوده العَذَلُ
ويُتْبعُ الحلم اِحْساناً يُظاهرهُ / ففي المساندِ منه البحرُ والجبلُ
في البأس والنصر والاقدام جيش وغى / جَمُّ البنودِ وفي الحاظنا رجلُ
صغيرةُ العار كُبرى في مناقبِهِ / وهائلُ الخطب في آرائه جَدَلُ
يلقى الأعادي بمنصورين في رهجٍ / لا ينكلانِ اذا ما صرَّحَ الوهَلُ
ففي المعارك طعنٌ ما به جَنَفٌ / وفي المواطنِ رأيٌ ما به خطلُ
يا شمس مِلَّتنا لا زلتِ مُشْرقةً / ولا تغشَّاكِ اِظْلامٌ ولا طَفَلُ
وكيف يرضى بدونٍ من تكون له
وكيف يرضى بدونٍ من تكون له / مُظاهراً كَذبَ الشيطانُ والأملُ
أنت المُهنَّدُ مَضَّاءٌ بلا بَطَلٍ / فكيف ينبو اذا ما هَزَّهُ البَطَلُ
والغَرْسُ بالسقي والدهماءُ عالمةٌ / أنَّ المَحامدَ أسنى ما اقتنى الرجل
وما اُطيق لما أوْليْتَ مَحْمَدَةٍ / وكيق ينهض مَن محمولُه جبلُ
ولا اسْتزدتُكَ يوماً في مُحافظةٍ / وكيف تُستمطرُ السحَّاحة الهُطل
لكن أَبي ليَ فَضْلٌ أنت عالِمُه / وهمذَةٌ أن يُقالَ العاجزُ الوَكِلُ
أو أنْ اُرى دون غيري في مُسلجلةٍ / وباعْتناءِ عليٍّ يضربُ المَثلُ
ولستُ والزَّينبيُّ البرُّ مُعتصمي / أرضي بمنزورة ما أطَّتِ الاِبلُ
فلا عدت شرف الدين الجواد عُلاً / ما طافَ فوق الثَّرى حافٍ ومنتعلُ
عِلْمي بسابقةِ المقسومِ ألْزمني
عِلْمي بسابقةِ المقسومِ ألْزمني / صبري وصمتي فلم أحرص ولم أسل
لو نيل بالقول مطلوبٌ لما حُرِم ال / كليمُ موسى وكان الحظُّ للجبل
وعِزَّةُ العقل اِن عزَّن واِن شرفت / حهلة عند حكم الرزق والأجَلِ
تنْبو الظُّبى والقَنا حيناً وآوِنَةً
تنْبو الظُّبى والقَنا حيناً وآوِنَةً / والصاحب الصدر ماضي العزم قصَّال
وتبخلُ السُّحْبُ بالجدوى ونائلُه / في العسر واليسر هامي الصوب هطَّالُ
خِرْقٌ إذا نزل العافونَ منزلَهُ / فالجدب أوْطَف والغسَّاق سلْسال
لا يطَّبيهِمْ وإنْ حَنُّوا لأرضهُم / إلى مواطنهم والأهلِ تَرْحالُ
يحمي ويقْري فذو خصبٍ به مرحٌ / وتائهٌ من رفيعِ العِزِّ مُخْتالُ
يستأسدُ الجارُ والضِّيفانُ عائمةٌ / فعندهُ منهما نونٌ ورِئبالُ
إذا سنى نارِه أعْلاهُ جاحِمُهُ / عادَ الثَّقالُ المُعنَّى وهو شِمْلالُ
مَسَرَّةً بعَمِيمِ الجودِ ذي خطرٍ / يحيا بإحسانه جُرْدٌ وآبالُ
حوى العُلى عضد الدين الكريمُ ثناً / رواتُهُ ضاعِنو سَفْرٍ وقُفَّالُ
زَوْلٌ تُرَنِّحُ عِطْفيهِ مدائحُه / كأنما الشعرُ في عِطفيهِ جِرْيالُ
إذا تُفاخِرُهُ الأجوادُ يوم نَدىً / فالصاحب البحر والأجوادُ أوشالُ
فهُنِّيَ العيدُ والأيامُ قاطِبَةً / بقاءَهُ ما جرى بالمَهْمَهِ الآلُ
لا ترْكَننَّ إلى أخْلاقِ غانيَةٍ
لا ترْكَننَّ إلى أخْلاقِ غانيَةٍ / فالغدْرُ شأنُ الغَواني أيها الرجلُ
بَيْنا تَسُرُّ بوصلٍ نامَ عاذِلُهُ / مَلَّتْ سُعادُ وبئس الخَلَّةُ الملل
ما غاب باهرُ مجدٍ عَمَّ شارِقُهُ
ما غاب باهرُ مجدٍ عَمَّ شارِقُهُ / عنِ العيونِ ولو شَطَّتْ منازِلُهُ
كالشمس تنأى وضوء الشمس مقترب / والغَيْمُ يَعْلو ودانٍ منك وابلُه
اللّهُ جارُ الوزيرِ الصَّدْرِ ما طَلَعَتْ
اللّهُ جارُ الوزيرِ الصَّدْرِ ما طَلَعَتْ / شَمْسٌ وأحْيا دَريسَ الهامِدِ السَّبَلُ
غَمْرُ الرِّداءِ كَسُحْبِ الجَوِّ هاطِلَةً / وللصَّوارِمِ من أوْصافِهِ خَجَلُ
ماضٍ وَقورٌ لَدى سَلْمٍ ومُعْتَركٍ / في العَزْمِ والحِلْمِ منهُ الرِّيحُ والجَبَلُ
خِرْقٌ يُميتُ نفوسَ المَحْلِ من كرَمٍ / من غيرِ مَنٍّ ويَحْيا عِنْدهُ الأمَلُ
والعَهْدُ والوِدُّ منهُ لا يُحيِلُهُما / على التَّقادُمِ لا غَدْرٌ ولا مَلَلُ
صاحي النُّهى لا يَحِلُّ الخطْبُ حَبْوتَهُ / لكنْ طَروبٌ بأذْكارِ العُلى ثَمِلُ
جَيْشٌ تَفُلُّ صُروفَ الدَّهر سوْرتُهُ / وتَنكُصُ البيضُ عنْ لُقياهُ والأسَلُ
إذا الذَّوابِلُ ذَلَّتْ عنْ طِعانِ عِدىً / خافَتْ مَزابرَهُ اللبَّاتُ والمُقَلُ
مُحمَّدٌ عضدُ الدينِ الذي شَهِدَتْ / بفضْلِهِ النُّبَلاءُ الغُرُّ والدُّوَلُ
يَثْعَنْجِرُ الجودُ جَوْداً من أنامِلِهِ / إذا السَّحابُ جَهامٌ ماؤهُ سَمَلُ
ويصْدُر السَّفْر عنء سلْسالِ موْرِدِه / وقد سَقَى القَوْمَ منهُ العَلُّ والنَّهلُ
لا يَعْرِفونَ ثِمالاً غيرَ نِعْمَتِهِ / حتى إذا ظَعَنوا عن جُودِهِ قَفَلوا
بَرٌّ تُحَصِّنُهُ التَّقْوى ويَعْصِمُهُ / إِخْلاصُهُ وعلى الرَّحْمنِ يَتّكِلُ
تَنْبُو سِهامُ الرَّزايا عَنْ سَوابِغِه / إذا رُشِقْنَ وتَخْزى دونَهُ ثُعَلُ
فَعاشَ للْمَجدِ والعَلْياءِ مُبْتَدِراً / إِحْرازَ أقْصاهُما ما أطَّتِ الإِبِلُ
يَفُلُّ غربَ الرزايا وهي باسلةٌ
يَفُلُّ غربَ الرزايا وهي باسلةٌ / ويُوسِعُ الجارَ نَصْراً وهو مخْذولُ
ويشَهدُ الهَوْلَ بَسَّاماً وقد دمعَتْ / شُوسُ العُيونِ فَذمَ القوْمَ إِجْفيلُ
وتُتَّقى مثلما تُرْجى فَواضِلُهُ / وجُودهُ فهو مَرْهوبٌ ومَأمولُ
عارٍ منَ العارِ كاسٍ مِنْ مَناقِبِهِ / كأنَّهُ مُرْهَفُ الحَدَّيْنِ مَصْقولُ
سَهْلُ المكارِمِ سَهْلٌ في حَفيظَتِهِ / فبَأسُهُ والنَّدى مُرٌّ ومَعْسولُ
قالي الدَّنايا وصَبْوانُ العُلى كَلِفٌ / فالعارُ والمَجْدُ مَقْطوعٌ ومَوْصولُ
الصَّدْرُ يحيى لَدى قَوْلٍ ومُعْتَرَكٍ / إذا تَشابَهَ مَقْطوعٌ ومَفْلولُ
تَهْمي الأسِنَّةُ والأقْوالُ ماضيَةٌ / فالحَبْرُ والقِرْنُ مَطْرودٌ ومَفْضولُ
جَوادُ مَحْلٍ لهُ من فَخْرِهِ شِيَةٌ / وفيهِ مِنْ واضِح العَلْياءِ تَحْجيلُ
يَصيدُ وَحْشَ المَعالي وهي نافِرَةٌ / كأنَّ مَسْعاهُ للعَلْياءِ أحْبولُ