المجموع : 3
لو كانَ صِبْغي سواد الشّعرِ لم يَحُلِ
لو كانَ صِبْغي سواد الشّعرِ لم يَحُلِ / والدّهْرُ يُعْرَفُ ما فيهِ سِوى الخَجَلِ
يُعطي بِلا صَبوةٍ منه إلى أحَدٍ / منا ويأخذُ ما يُعْطي بلا مَلَلِ
لمّا بَدا الشيْبُ والعشرونَ ما كَمُلَتْ / مع الشّبابِ تُجاريهِ على مَهَلِ
خِلْنا البياضَ سُيوفاً أُودِعَتْ خِللاً / من السّوادِ فأبدتْ جِدَّة الخِلَلِ
إنّ الخِضابَ لأبْقى منكَ باقيةً / لو اشتَفَيْنا من الأسْقامِ بالعِلَلِ
حييِّ المَشيبَ فشخصٌ ليسَ نازلُهُ / إنْ أنتَ لم تنتقلْ عنه بمنتقِلِ
وأثْبَتُ اللون لونٌ لا يُغيرهُ / صرفُ الزّمانِ ولا يَسودُّ بالحِيَلِ
حَتّامَ نُقْدِمُ والأيامُ تغلِبُنا / وغيرُنا يغلِبُ الأيامَ بالفَشَلِ
يا أهلَ بابلَ عزمي قبلَهُ فِكَري / في النّائِباتِ وسيفي بعدَهُ عَذَلي
كَم عندكم نِعَمٌ عندي مَصائِبها / لكم وصالُ الغَواني والصّبابَةُ لي
قالوا حنيفةُ شُجْعانٌ فقلتُ لهم / كلُّ الشّجاعةِ والإقدامِ في الدُّوَلِ
ما لي أُغيرُ على دَهري فأُسلبَه / ويحجمونَ وفي أيديهم نَفَلي
إنْ لم تسلني المواضي عن جَماجمهم / إذا تَطايرنَ فالتقصيرُ من قِبَلي
كأنّني ما أعرْتُ السيفَ حدَّ يدي / وما وصلتُ وصدرُ الرمحِ لم يَصِلِ
ولا ركبتُ دجىً أحْدُو كواكبَهُ / إلى الأحبّةِ حَدْوَ الركْبِ للإبِلِ
طَرَقْتُهُمْ والكَرى لم يسلُ أعينَهم / والمشرفيّةُ ما سُلَّتْ من المُقَلِ
يا أيُّها الدّهرُ إنّ العِيَّ كالخَطَلِ / ما دَهْرُنا غيرَ سيفِ الدولةِ البِطَلِ
أكثرتُ ما بالُهُ بي غيرَ مُحْتَفِلِ / سألتَنا عن كريمٍ عنكَ لم يسَلِ
يَخْشاكَ من دونِ أنْ تخشاكَ همتُهُ / ويرتجيكَ الذي ذو مِرّةٍ بَعَلِ
ماضٍ ترفّعَ عن فوديكَ مَضربُهُ / كما ترفّعُ أشعاري عن الغَزَلِ
سيرصُدُ الفلكُ الدوارُ فيكَ فتىً / لم يُبْصِرِ الفلكَ الدّوّارَ في زُحَلِ
نوالُهُ جعلَ الأرْزاقَ من قِبلي / وعِزُّهُ صيّرَ الأيّامَ من خَولي
وما تمهلَ يوماً في نَدىً وردىً / إلاّ قضيتُ للمحِ البرقِ بالكَسَلِ
ما بالبَطارقِ شيءٌ غيرُ أسْرِهُمُ / بالقولِ دونَ ترامي الحربِ بالشُّعَلِ
والقولُ يكفي شُجاعاً صدرُ منصُلهِ / أعطاهُ طاعةَ أهلِ السّهْلِ والجبلِ
قد كُنتَ تأسرُهُم بالسيفِ مُنصلِتاً / فصرتَ تأسرُهمْ بالخوفِ والوَجَلِ
من يزرعِ الضّربَ يحصدْ طاعةً عَجَباً / ومن يربِّ العُلا يأمنْ من الثكَلِ
كانتْ سحابُكَ فيهم كلَّ بارقةٍ / حمراءَ تهطِلُ بالأيْدي وبالقُلَلِ
فاليومَ سُحبكَ فيهم كلُّ بارقةٍ / غرّاءُ تهطِلُ بالأموالِ والحُلَلِ
حتّى تمنى مليكُ الرومِ حظَّهُمُ / وأنّهُ معهم في الأسْرِ لم يَزَلِ
وقال يا ليتني من بعضِهم بَدَلٌ / فهلْ تَراكَ قَويَّ العزْمِ في البَدَلِ
يا أيُّها الملكُ المُبدي تجهمَهُ / وقولُه فُزْ بما أنْطَيْتَ وارتَحِلِ
أرشدْ إلى مَلكٍ يُعطي عطاءَكَ ذا / إنْ شِئْتَ أنْ استكِلَّ البينَ بالرِحَلِ
وأنْ تقولَ لي البيداءُ من وجلٍ / أجئتَ يا راكبَ الخطيّة الذُّبَلِ
فإنْ دَلّلْتُ فشيءٌ أنتَ فاعلُه / إنّ الدّلالةَ في المعروفِ كالعَمَلِ
وإنْ طلبتُ فلم تعرِفْ سِواكَ فتىً / فاحملْ بفضلكَ ثِقلي واغْتفرْ زَلَلي
فما أُريدُ عطاءً غيرَ جودِكُمُ / ببِشْرِكُم ينجَلي من مالِكُمْ بَجَلي
قد جُدْتَ لي باللّها حتى ضجرتُ بها / وكِدتُ من ضجَري أُثْني على البُخْلِ
إنْ كنتَ ترغبُ في هذا النوالِ لنا / فاخلُقْ لنا رغبةً أو لا فلا تُنِلِ
لم يُبقِ جودُكَ لي شيئاً أؤمِّلُهُ / تَركتني أصحبُ الدنيا بلا أملِ
حرِّمْ على الموتِ أنْ يغْتالَ أنفسَنا / فإنّ عزمكَ أمْضى منهُ في الأجَلِ
كيْما تتمَّ لكَ النَّعْماءُ كاملةً / ويأمن النّاسُ من فَقْرٍ ومن هَبَلِ
أصْبحتَ من دوحةٍ أعْلى العُلُوُّ لها / رأسٌ كما أصلُها في أسفَلِ السَّفَلِ
أوراقُها قُضُبُ الهنديِّ مُصلتةً / وحَملُها الهامَ في أغْصانِها الأسَلِ
أعُدُّ عِرقَ الثّرى عَدّي بنانَ يدي / وعَدُّ فَضْلِكَ شيءٌ ليسَ من عمَلي
تقولُ إنّ كلامي غيرُ مُنْتَحَلِ
تقولُ إنّ كلامي غيرُ مُنْتَحَلِ / ولا تُموِّلُني شيئاً سوى الأمَلِ
وتحسَبُ البينَ للأعْداءِ يسْمَحُ بي / وليسَ يسمَحُ للخُلاّنِ والخُلَلِ
يقول لي كلّما روّحْتُ صهوتَهُ / أمَا سئمتَ ظهورَ الخيلِ والإبلِ
لأسْكُنَنّ الثّرى للحدِّ معتنقاً / وماءُ وجهي بهِ أصْفى من المُقَلِ
بذلتُهُ لنُيوبِ البيدِ تأكُلُهُ / كيْما أعيشَ بعرضٍ غيرِ مُبْتَذَلِ
مالي أُضامُ ولي بالغرْبِ حاسرةٌ / قلوبُها آفَةُ الخَطّيةِ الذُّبَلِ
تصونُ عنك بنو طغج مناصِلها / وتنتضيها لرأسِ الفارِسِ البَطَلِ
وبالبصيرةِ إيمانٌ بها قُضُبُ / هامُ الملوكِ بها أوْلى من الخُلَلِ
لا يَخْتِلَنَّكَ في تهوينها أحَدٌ / فما عَدُوُّ بنى سعْدٍ بمُخْتَبَلِ
انَّ الوفاءَ وفاءٌ لا يُغيُره
انَّ الوفاءَ وفاءٌ لا يُغيُره / صرفُ الزمانِ بادبارٍ واقبالِ
اني أُنبيكَ عن قولي وعن خُلقي / والمجدُ يعتدُّ أَقوالي بأفعالي
قد أَمقت البخلَ في كفٍّ بلا عَدَمٍ / وأَرحم الجودَ في كفٍّ بلا مالِ