المجموع : 4
ماذا الوقوفُ وقد بانوا على الطلل
ماذا الوقوفُ وقد بانوا على الطلل / الاّ اشتياقٌ إلى أيامِكَ الأُوَلِ
أبلاكَ بعدَ رحيلِ الحيِّ عنهُ بما / يُبليكَ مِن ذِكَرٍ بعد النوى وبلي
ووافقتكَ الأماني وهي باطلةٌ / بعدَ الفراقِ على التشبيبِ والغزلِ
أكلَّما بانَ حَيٌّ عن مرابعِه / تبكي بدمعٍ مِنَ التَّرحالِ منهملِ
وكلَّما أومضتْ في الجوِّ بارقةٌ / قابلتَ مشتعِلاً منها بمشتعِلِ
فلستَ تنفكُّ ذا نارٍ يضرِّمُها / برقٌ ودمعٌ على آثارِ مُرتحِلِ
مغرًى بتسآلِ أطلالٍ تحيفَّهَا / مرُّ الرياحِ وصَوْبُ العارضِ الهَطِلِ
ومستهاماً بأقمارٍ مغاربُها / بينَ السُّجوفِ سُجُوفِ الوشي والكُلَلِ
مِن كلِّ هيفاءَ ما مالتْ ولا خطرتْ / اِلاّ أغارتْ غصونَ البانِ بالمَيَلِ
ولا رمتْ بسهامِ المقلتينِ حشاً / اِلاّ استطيشتْ نبالُ الحيِّ مِن ثُعَلِ
ترمي فتُصمي واِنْ لم تَنْكِ أسهمُها / جَلْدَ الرميَّةِ أن الفخرَ للمقلِ
أقولُ والركبُ قد أعياهمُ سَهَري / فوقَ الرِّحالِ على المُهْريّة الذُّلُلِ
أسري عليهنَّ لايعتادُني مَذَلَ / وليس بالخِرْقِ مَنْ يُعزى إلى المَذَلِ
مالي وللربعِ قد أقوتْ معالِمُه / بعدَ الخليطِ وما للهاتفاتِ ولي
بانتْ أوانسُه عنه وبدَّلَهُ / بعدَ التحلّي بهنَّ الدهرُ بالعَطَلِ
وأذ كَرتَني زماناٌ بانَ منفصِلاً / عنّي ووجدي عليه غيرُ منفصِلِ
رعايةً أندبُ الأطلالَ دارسةً / لعهدِهنَّ وأنحوهنَّ بالاِبِلِ
وفي الوقوفِ إذا حيَّيتُ أرسمَها / معنىً تولَّدَ بينَ الحُزنِ والجَذَلِ
حتى كأنَّ ليالي الوصلِ ما برحتْ / اوقاتُها وزمانَ البُعدِ لم يَزُلِ
وروضةٍ قد سقَى أزهارَها عَلَلاً / ماءٌ تقطَّعَ بينَ النَّوْرِ والنَّفَلِ
مالتْ عليها غصونُ البانِ مونعةً / خُضْراً مطارِفُها مِن ادمُعِ الطَّفَلِ
روَّى أقاحيَّها ماءُ الغمامِ وقد / امسى يَرِفُّ على خِيرِيِّها الخَضِلِ
تميلُ مِن نسماتِ الريحِ نافحةً / نَشوى الهبوبِ كميلِ الشاربِ الثَّمِلِ
سرَّحتُ أسودَ طرفي في خمائِلها / والشمسُ رافلةٌ في حُلَّةِ الأصُلِ
فما اطَّباني مرآها وقد نزحتْ / عنها الظباءُ ذواتْ الأعينِ النُّجُلِ
هِيفُ القدودِ إذا ما الدَّلُ رنَّحَها / لاحَ الخمولُ على العسّالةٍ الذُّبُلِ
بُدِّلتُ بالهجرِ بعدَ الوصلِ فاندفعتْ / عينايَ تهمي على التعويضِ والبَدَلِ
فما الحياةُ واِنْ أمستْ مساعِفَةً / اِلاّ اِذابِتُّ مِن وصلٍ على أمَلِ
فلا تلُمني على وجدي الوشاةُ فما / وقفتُ سمغي على التعنيفِ والعَذَلِ
حالَ الزمانُ وحالَ العيدُ وانفصمتْ / عُرى الوصالِ وحالي فيه لم يَحُلِ
لما استحثَّ حداةُ الجيرةِ الاِبِلا
لما استحثَّ حداةُ الجيرةِ الاِبِلا / أقامُ وجدي وصبري بعدهمْ رَحَلا
لا عذرَ لي بعدَ أن غارتْ ركائبُهمْ / وانجدَ الشوقُ بي أن أسمعَ العَذَلا
قد كنتُ أسمعُ قبلَ الحبِّ مثُلَتَهُ / بالعاشقينَ إلى أن ردَّني مَثَلا
وقد نضا الشيبُ عن فَوْدي غياهِبَهُ / والوجدُ مازالَ عن قلبي ولا نَصَلا
يا معهدَ الوصلِ خَبِّرني بسالِفنا / غزالُ ربعِكَ بعدَ البينِ ما فَعَلا
هل غيَّرَ البينُ ما قد كنتُ أعهَدُه / حتى تعاينَ منّي وامقاً خَجِلا
ما زلتُ قبلَ تنائي الدارِ ذا وَجَلٍ / والحبُّ ما كنتُ فيه دائماً وَجِلا
أِشتاقُ ساكنكَ النائي ويُعجِلُني / دمعٌ إذا نَهْنَهَتْهُ راحتي هَمَلا
لا عيشَ يُعجِبُني منه لذاذتُه / اِذا تذكَّرتُ أحباباً لنا أُولاَ
والذكرُ ما زلتُ أخشى مِن نوازعِه / وكلُّ نفسٍ تَهابُ الحادثَ الجَلَلا
يفنى الزمانُ ولا يفنى ادِّكارُهمُ / ولا أرى عنهمُ ما عشتُ لي بَدَلا
فليت أيامنا بالسَّفْحِ راجعةٌ / زمنَ نجمُ اجتماعِ الشملِ ما أفَلا
ميقاتَ حمدٍ ولا انفكُّ أوسِعُهُ / مدحاً وشرخُ شبابي كادَ أو كَمُلا
وربَّ روضٍ أراني حسنَ منظرِه / والشمسُ تَشرُقُ في أرجائهِ أُصُلا
حاكَ الربيعُ عليه مِن سحائبهِ / بَرداً يُوَشِّعُ في ساحاتهِ النَّفَلا
رياضُ أُنسٍ تأملَّنا بدائعَها / فلم تُبَقِّ لنا في غيرِها امَلا
لّلهِ مِن غَزَلٍ فيها أُنظِّمُه / اِذا تقاضى غرامي عندَها الغَزَلا
يهيمُ وجداً بِمَنْ في الرملِ دارُهمُ / فأنثني طالباً من أينقُي الرَّمَلا
نظمٌ يريكَ الثريا دونَ منزلهِ / واِنْ علا رتبةً عن أوجها وَغَلا
متى تقاصرَ ذيلُ الشِّعرِ جلَّلني / منه قميصٌ متى ما اجتبتُه رَفَلا
يعيدُ مَنْ رفضَ الوجدَ القديمَ الى / ساعاتِ لهوٍ تعافى ذكرَها وَسَلا
حاشا وفائي واِن طالَ الزمانُ به / واِن تمادى بنا أنْ يعرفَ الَملَلا
أو أن أرى مَذِلاً مِن بعدِ ما ظعنوا / ولي علائقُ شوقٍ تَرْفُضُ المَذَلا
لما خلا الربعُ مِمَّنْ كان يسكنُه / أمرُّ ما كانَ منه بالدُّنُوِّ حَلا
أرى الطلولَ فتشَجيني مواثلُها / وأنثني ودموعي تُغرِقُ الطَّلَلا
والصبرُ أجملُ ثوبٍ راقَ ملبسُه / اِلاّ مع الهجرِ أوبعدَ البعادِ فَلا
عُلِّقتُ حبَّكمُ قبلَ الشبابِ وقد / أمسيتُ مرتدياً بالشيبِ مُشتمِلا
ما كنتُ مِمَّنْ يرى الأهواءَ مألَفَةً / لولا خِداعُ أمانٍ تسكنُ المُقَلا
أحيا وأيسرُ منها كلَّما رشقتْ مقاتلي / ما أراحَ الصبَّ أو قَتَلا
هيهاتَ أنّي أُرى من بعدِ هجرِكمُ / قريرَ عينٍ ويكفي هجرُكمْ شُغُلا
حالي غدا عاطلاً مِن وصلكِ الحالي
حالي غدا عاطلاً مِن وصلكِ الحالي / فكم أُغالطُ عن ذا الهجرِ آمالي
كتمتُه فوشتْ بي وهي جالهةٌ / مدامعٌ أَرْخَصَتْ مِن سريَ الغالي
يا جيرةَ الحيَّ أشمتُّمْ بهجركمُ / قبلَ التفرُّقِ لُوّامي وعُذّالي
تلقونَني ثمَّ القاكمْ ولا عجبٌ / عندَ العتابِ باِدلالٍ واِذلالِ
أبكي على مربعٍ من بعد بينكمُ / عافٍ وجسمٍ على أطلالكمْ بالِ
بأدمعٍ لم يزلْ في الوجدِ صَيَّبُها / وقفاً على جيرةٍ تنأَى وأطلالِ
وزَّعتُه بين هجرٍ أو أليمِ هوًى / ما بين ساكبِ تَهماعٍ وتَهمالِ
في أربعٍ حكمتْ أيدي النوى عبثاً / فيها بما لا جرى منّي على بالي
وقفتُ فيها / وقد سارتْ ركائبُهمْ
على ضِرامٍ لنيرانِ الهوى صالِ /
ما بين ناشدِ قلبٍ ضلَّ من وَلَهٍ / وبين منشدِ أشعارٍ وأغزالِ
منازلٌ طالَ فيها بعدما دَرَستْ / عنِ الحبائبِ تَردادي وتَسآلي
لبئس ما اعتضتُ فيها عن جمالِهمُ / من بعدِ رونقِِ اِحسانٍ واِجمالِ
يا هل يردُّ زماناً بانَ مُذْهَبُه / بكايَ في رسمِ دارٍ غيرِ محلالِ
مررتُ فيها فلم ألمحْ / وقد دَرَسَتْ
سوى رسومٍ كَبُردِ الصَّبرِ اسمالِ /
والدهرُ ما زالَ في حالاتهِ أبداً / مذ كانَ ما بين ادبارٍ واِقبالِ
يا منحنى الجِزعِ لي قلبٌ يطالِبُني / بما تقضَّى لنا في عصرِكَ الخالي
مِن حسنِ اِلفةِ أحبابٍ ومجتمعٍ / وطيبِ أوقاتِ أسحارٍ وآصالِ
تلكَ المنازلُ أبكتنا حمائمُها / وقد تغنَّينَ فوق الطلحِ والضّالِ
أجرينَ بالنوحِ دمعي في ملاعبها / فَنَحْنُ ما بين تغريدٍ واِعوالِ
منازلٌ درستْها الريحُ سافيةً / والقَطرُ ما بين مُنهلًّ ومُنهالِ
يا ريمَ رامةَ قد أمسيتَ تُسلِمُني / الى الممضَّينِ نسياني واِغفالي
قلبي وجسمي هما ما قد عرفتَهما / في النائباتِ لأوجاعٍ وأوجالِ
لا تَبْعُدَنَّ فكم في الحبَّ مِنْ نُغَصٍ / ومِنْ ملامٍ ومِنْ قيلٍ ومِنْ قالِ
تركتُه لأناسٍ يَحفِلُونَ به / وقلَّ بالعذلِ واللوامِ اِحفالي
يا حبذا زمنٌ لم تُمْنَ راحلتي / فيه بشدًّ إلى السرى واِرقالِ
كلاّ ولم أُمْنَ / والأيامُ تجمعُنا
قبلَ الفراقِ / باِزماعٍ وتَرحالِ
ايامَ كان غزالُ الحيَّ مؤتَمناً / على الهوى لم تَشُنْهُ نفرَةُ القالِ
واليومَ أُصبِحُ في وجدي وفي حُرَقي / بمعزلٍ عن جوى قلبي وبَلْبَالي
نبّاذُ فيه حضماهُ مِن لواحظِه / خوفاً عليه بسيّافٍ ونبّالِ
ما في المحبينَ مثلي في صبابتهِ / يا بُعدَ مطلبِ أضرابي وأشكالي
تاللهِ أنسى هواه أو أُرى أبداً / عنه وعن حبَّهِ ما عشتُ بالسالي
ولا أرى عوضاً منه ولو سمحَ / الزَّمانُ عنه بأعراض وأبدالِ
ولستُ أُصبِحُ عنه الدهرَ في شُغُلِ / إِلاّ به فهو أوطاري وأشغالي
يا طالبَ الشَّعرِ تُعييهِ مذاهبُهُ / فينثني منه في ضيق ٍ واِشكالِ
خُذْها فكم مِن فنونٍ في طرائفِه / فيها ومِن حِكَمٍ تسري وأمثالِ
وبدرُ تمًّ يحاكي رِيقُ مبسمهِ
وبدرُ تمًّ يحاكي رِيقُ مبسمهِ / خمراً سقِيت به مِن فيهِ جِرْيالا
لو لم يكن خدُّه مثلَ الشقيقِ لما / كان السوادُ الذي يحتلُّه خالا