خَليلُ تكسير أصنام الزَّمان وكم / جَبَرْتَ قَوماً ولكن بَعْضُهم هُبَلُ
فكل نمرودَ قد أودى بهامَته / ذُبابُ سَيفكَ حتى خالَهُ الأَجَلُ
‏

فأينَ يحيا فرار منكَ ذا حذرٍ / وقَبضتاكَ عليه السّهلُ والجبلُ
مَن حادَ عادَ برأسٍ مالهُ جسد / غير القنا وهو ليس يحتمل
يلوحُ من دَمه في خَدِّه أَثَر / كأنَّ حمرَتَه في خَدَه خَجَلُ
‏

حصدتَ ما زرَعوا فرَّقت ما جمعوا / عطلت ما شرعوا أبطلت ما عملوا
وقد تحقّق أهلُ الشرك أَنّهُم / إن سالموا سلموا أو قتلوا قُتلوا
‏

كأنّها الأرضُ من بَرْدِ الهواءِ بها / وَيَبْسِهِ تَسْتَمِدُّ البردَ منِ زُحَلِ
والشَمسُ في أولِ الأبراجِ قد خَرِفتْ / فليسَ تفرُقُ بين الجَدْي والحملِ
‏

حبّيَ ما عابَهُ أصفرارُ / كلاَّ ولا شانَهُ انسطال
وما أرتعى الحشيش إلاَّ / لتَعلموا أنّه غَزالُ
‏

لا تَعْجَبوا من حَرامِ وَصلٍ / غادَرتُه بالعَفافِ خِلاَّ
خمرْ غَرامي استحالَ خلاً / فَصارَ عندَ الوصالِ حِلا
‏

أَرَثَِّ صرفُ الزَّمانِ حالي / فما لِدَهري تُرى وَمالي
حتى كأني لهُ عَدُو / يَرشقُني منه بالنِّبالِ
أَينَ زماني الذي تَقَضّى / وأينَ جاهي وأينَ مالي
وأَينَ خُفّي وَطَيلساني / وأينَ قيلي وأَينَ قالي
وأَينَ عَيشي وأَينَ طيشي / وأَينَ حُسْني وَحُسنُ حالي
ونحنُ في فِتيةٍ كِرامٍ / فَخارُهُم في الفخارِ عالي
ونحنُ في مَجْلس بديعٍ / جلَّ عنِ الوصفِ والمثالِ
جَمَعَ فيهِ من كُلِّ حُسْنٍ / فَتَمَّ في غايةِ الكمالِ
فالدُّفُّ دفْ دُفْ دُدُف دُدُفْ دُفْ / والزَّمرُ تَلْتَلْ تَلَلْ تَلالي
والجنكُ تِنْتِنْ تنِنْ تِتِنْتِنْ / تُصلِحُه رَبّةُ الحجالِ
غَنّت فَهامَ الفؤادُ مِنّي / وجداً إلى سِحْرها الحَلالِ
وَبَيْنَنا قهْوَةٌ كَثيرةٌ / رَصّعَها المزجُ باللآلي
يُديرها شادِنٌ رَقيقٌ / مُهَفْهَفُ القَدِّ ذو اعتِدال
جَديدَةُ الطّعمِ عَتّقَتْها / الفاً فأَلفاً يدُ الليالي
مُوَرَّدُ الوَجنتينِ حُلْوٌ / سِواهُ في النّاس ما حَلالي
قُلتُ لَهُ إذْ أَطالَ وَعدي / وَلَجَّ في العُذْر والمطال
‏

يا ليلةً فاقَتِ اللّيالي / بالأُنسِ بالسّادة الموالي
يُنَظِّمُ الاجتماعَ شَملٌ / نَظمَ الثُّرَيّا مَعَ الهلالِ
لا بَرِحوا موئلَ العَطايا / والفَضْلِ والبَذل والنّوال
‏

فَسّرَ لي عابرٌ مناما / أَحسَنَ في قَوله وأَجملْ
وقالَ لا بُدَِّ من طُلوعٍ / فكانَ ذاك الطلوعُ دُمّلْ
‏