إلى متى أنتَ باللَّذَّاتِ مَشغُولُ
إلى متى أنتَ باللَّذَّاتِ مَشغُولُ / وَأنتَ عن كلِّ ما قَدَّمْتَ مَسؤُولُ
فِي كلِّ يَوْمٍ تُرَجِّي أن تتوب غداً / وَعَقدُ عَزمِكَ بالتَّسوِيفِ مَحْلُولُ
أما يُرَى لَكَ فيما سَرَّ مِنْ عَمَلٍ / يَوْماً نَشاطٌ وعَمَّا ساءَ تَكسِيلُ
فَجَرِّدِ العَزْمَ إنَّ الموتَ صارِمُهُ / مُجَرَّدٌ بِيَدِ الآمالِ مَسْلُولُ
واقطع حِبالَ الأَمانِيِّ الَّتي اتَّصَلَت / فَإِنَّما حَبلُها بِالزُّورِ مَوصُولُ
أَنفَقتَ عُمْرَكَ فِي مالٍ تُحَصِّلُهُ / ومَا عَلَى غيرِ إثْمٍ منكَ تحصيلُ
وَرُحتَ تَعمُرُ داراً لا بَقاءَ لها / وَأَنتَ عَنها وَإِن عُمِّرتَ مَنقُولُ
جَاءَ النَّذيرُ فَشَمِّر لِلمَسِيرِ بِلا / مَهلٍ فَلَيسَ معَ الإِنذارِ تَمهِيلُ
وصُن مَشِيبَكَ عن فِعلٍ تُشَانُ بِهِ / فكلُّ ذِي صَبْوَةٍ بالشَّيبِ مَعْذُولُ
لا تَنكِرَنهُ وفي القَودَينِ قَد طَلَعَت / مِنهُ الثُّرَيَّا وفوْقَ الرَّأْسِ إكليلُ
فَإِنَّ أَروَاحَنا مِثلَ النُّجُومِ لها / مِنَ المَنِيَّةِ تَسْيِيرٌ وَتَرْحِيلُ
وَإنَّ طالِعَها مِنَّا وَغَارِبَها / جِيلٌ يَمُرُّ وَيَأتي بَعْدَهُ جِيلُ
حتّى إِذا بَعَثَ اللَّهُ العِبادَ إلَى / يَوْمٍ بهِ الحكمُ بينَ الخلقِ مَفصُولُ
تَبَيَّنَ الرِّبحُ والخُسْرانُ في أُمَمٍ / تَخالَفَت بَينَنا مِنها الأَقاوِيلُ
فَأَخْسَرُ النّاسِ مَن كانَت عَقِيدَتُهُ / فِي طَيِّها لِنُشُورِ الخَلْقِ تَعْطِيلُ
وَأُمَّةٌ تَعبُدُ الأَوثَانَ قَدْ نُصِبَت / لها التَّصاوِيرُ يَوْماً والتَّماثِيلُ
وأُمَّةٌ ذَهَبت لِلعِجلِ عابِدَةً / فَنالَها مِن عَذابِ اللَّهِ تَعجِيلُ
وأُمَّةٌ زَعَمَتْ أنَّ المَسِيحَ لها / رَبٌّ غَدا وَهوَ مَصلُوبٌ وَمَقْتُولُ
فَثَلَّثت واحداً فَرداً نُوَحِّدُهُ / وَلِلبَصَائِرِ كالأَبْصَارِ تَخْيِيلُ
تبارَكَ اللَّهُ عَمَّا قالَ جاحِدُهُ / وجاحِدُ الحَقِّ عِندَ النَّصرِ مَخذُولُ
وَالفَوْزُ فِي أَمَّةٍ ضَوْءُ الوُضوءِ لها / قَدْ زانَهَا غُرَرٌ منه وَتحْجِيلُ
تَظَلُّ تَتْلو كِتابَ اللَّهِ لَيسَ بِهِ / كسائِرِ الكُتبِ تَحرِيفٌ وَتَبدِيلُ
فالكُتبُ والرُّسلُ من عِندَ الإلهِ أَتَت / ومنهم فاضِلٌ حَقّاً ومَفضولُ
والمُصطفَى خيرُ خلقِ اللَّهِ كُلِّهِمِ / لهُ عَلَى الرُّسلِ تَرجِيحٌ وتَفضِيلُ
مُحَمَّدٌ حُجَّةَ اللَّهِ الّتي ظَهَرَت / بِسُنَّةٍ ما لها فِي الخَلقِ تَحوِيلُ
نَجْلُ الأكارِمِ والقَومِ الَّذين لَهم / عَلَى جمِيعِ الأَنَامِ الطَّوْلُ والطُّولُ
مَنْ كَمَّلَ اللَّهُ مَعناهُ وصورَتَهُ / فَلَم يَفُتهُ عَلَى الحالَيْن تَكْمِيلُ
وخَصَّهُ بِوقَارٍ قَرَّ مِنهُ لَهُ / فِي أَنفُسِ الخَلقِ تَعظِيمٌ وتَبجِيلُ
بادِي السكينةِ فِي سُخْطٍ لهُ ورِضاً / فلَمْ يَزَلْ وَهْوَ مَرْهُوبٌ ومَأْمُولُ
يُقَابِلُ البِشرَ مِنهُ بِالنَّدَى خُلُقٌ / زاكٍ عَلَى العَدْلِ والإِحسانِ مَجبولُ
مِنْ آدَمٍ ولِحِينِ الوَضْعِ جَوْهَرُهُ ال / مَكْنُونُ فِي أَنْفَسِ الأَصدافِ مَحمُولُ
فلِلنُّبُوَّةِ إتْمَامٌ وَمُبْتَدَأٌ / بِهِ وَللفَخرِ تَعجِيلٌ وَتأجِيلُ
أَتَت إِلى النّاسِ مِن آياتِهِ جُمَلٌ / أَعيَت عَلَى النَّاسِ مِنهُنَّ التَّفاصيلُ
أَنْبَا سَطِيحٌ وشِقٌّ وَابْنُ ذِي يَزَنٍ / عنه وقُسٌّ وَأَحبارٌ مَقاوِيلُ
وَعَنهُ أَنْبَأَ موسى وَالمسيحُ وقَد / أَصغَت حَوارِيُّهُ الغُرُّ البَهاليلُ
بِأَنَّهُ خاتَمُ الرُّسْلِ المُبَاحُ لهُ / مِنَ الغَنائِمِ تقسيمٌ وَتَنفِيلُ
وليسَ أَعْدَلَ منه الشاهِدُونَ لهُ / وَلا بِأَعْلَمَ منه إن هُمُ سِيلُوا
وَإِنْ سَأَلتَهُم عَنهُ فَلا حَرَجٌ / إِنَّ المَحَكَّ عَنِ الدِّينارِ مَسْؤُولُ
كم آيةٍ ظَهَرَتْ فِي حين مَولِدِهِ / بهِ البشائرُ منها والتَّهاويلُ
عُلومُ غَيْبٍ فلا الأرصادُ حاكِمةٌ / وَلا التقاوِيمُ فيها وَالتَّحاوِيلُ
إِذِ الهَواتِفُ والأَنوارُ شاهِدُها / لَدى المَسامِعِ وَالأبْصارِ مَقْبُولُ
ونار فارِسَ أَضْحَتْ وَهْىَ خامِدَةٌ / وَنَهْرُهُمْ جامِدٌ والصَّرْحُ مَثْلولُ
ومُذْ هدانا إلى الإسلامِ مَبْعَثُه / دَهَى الشياطِينَ والأصْنامَ تَجْدِيلُ
وَانْظُرْ سماء غَدَتْ مَمْلُوءَةً حَرَساً / كَأَنّها البيْتُ لَمَّا جاءَهُ الفيلُ
فَرَدَّتِ الجِنَّ عَنْ سَمْعٍ ملائكةٌ / إِذْ رَدَّتِ البَشَرَ الطَّيْرُ الأبابِيلُ
كلٌّ غَدا وله مِن جِنسِهِ رَصَدٌ / لِلجِنِّ شُهبٌ وللإِنسانِ سِجِّيلُ
لَوْلا نبيُّ الهدَى ما كانَ فِي فَلَكٍ / عَلَى الشياطينِ للأَملاكِ تَوْكِيلُ
لَمَّا تَوَلَّت تَوَلَّى كلُّ مُسْتَرِقٍ / عَنْ مقْعَدِ السَّمْعِ منها وهْوَ مَعْزُولُ
إِن رُمتَ أَكبرَ آياتٍ وأكمَلها / كفاكَ مِن مُحكَمِ القُرآنِ تَنزِيلُ
وانظُر فَلَيس كَمِثلِ اللَّهِ مِن أَحَدٍ / وَلا كَقَولٍ أَتى مِن عِندِهِ قيلُ
لَو يُسْتَطاعُ لهُ مِثْلٌ لَجِيء بِهِ / والمُسْتطاعُ مِنَ الأَعمالِ مَفْعُولُ
لِلّهِ كمْ أَفْحَمَت أَفهامَنا حِكمٌ / مِنهُ وَكَم أَعجَزَ الأَلْبابَ تَأْويلُ
يَهْدِي إِلى كُلِّ رُشدٍ حِينَ يَبعثُهُ / إِلَى المسامِعِ تَرتِيبٌ وَتَرتِيلُ
تَزدادُ مِنهُ عَلَى تردادِهِ مِقَةً / وكُلُّ قَوْلٍ عَلَى التَّردادِ مُملولُ
وَرُبَّما مجَّهُ قَلبٌ بِهِ رِيَبٌ / كما يَمُجُّ دواءَ الدَّاءِ مَعلولُ
ما بَعْدَ آياتِهِ حَقٌّ لِمُتَّبِعٍ / والحَقُّ ما بَعدَهُ إِلَّا الأباطِيلُ
وما مُحمَّدٌ إِلَّا رَحمَةٌ بُعِثَت / لِلعالَمِينَ وفَضلُ اللَّه مَبْذُولُ
هُوَ الشفيعُ إِذَا كانَ المعادُ غَداً / واشتَدَّ لِلحَشرِ تَخوِيفٌ وتَهوِيلُ
فَما عَلَى غَيرِهِ لِلنَّاسِ مُعْتَمَدٌ / وَلا عَلَى غيرِهِ للناسِ تَعوِيلُ
إِنَّ امْرَأً شَمَلَتْهُ مِن شَفَاعَتِهِ / عِنايَةٌ لَامرُؤٌ بالفَوزِ مَشْمُولُ
نالَ المَقامَ الَّذي ما نالَهُ أَحَدٌ / وطالَمَا مَيَّزَ المِقْدارَ تَنْوِيلُ
وَأَدْرَكَ السُّؤلَ لَمَّا قامَ مُجْتَهِداً / وَما بِكلِّ اجتهادٍ يُدْرَكُ السُّولُ
لو أنَّ كُلَّ عُلاً بالسَّعْيِ مُكْتَسَبٌ / ما جازَ حينَ نُزُولِ الوَحْىِ تَزْمِيلُ
أَعْلَى المَراتِبِ عِنْدَ اللَّهِ رُتْبَتُهُ / فاعلَمْ فما مَوضِعُ المَحْبوبِ مَجهولُ
مِنْ قابِ قَوْسَينِ أوْ أَدْنَى لهُ نُزُل / وحُقَّ منه له مَثوَىً وَتَحلِيلُ
سَرَى إلى المسجِدِ الأَقصَى وَعاد بهِ / ليلاً بُراقٌ يبارِي البَرقَ هُذْلولُ
يا حَبَّذا حالُ قُرْب لا أَكَيِّفُه / وحبَّذا حالُ وصل عَنهُ مغفولُ
وَكَمْ مواهِب لم تَدْرِ العِبادُ بِها / أَتَتْ إِليه وَسِتْرُ اللَّيلِ مَسْدُولُ
هذا هُو الفَضْلُ لا الدُّنيا وما رَجَحَت / به الموازِينُ منها والمكايِيلُ
وَكَمْ أَتَتْ عنْ رسُولِ اللَّهِ بَيِّنَةٌ / فِي فضلها وافَقَ المَنْقُول مَعْقُولُ
نُورٌ فليسَ لهُ ظِلٌّ يُرَى ولهُ / مِنَ الغَمامَةِ أَنَّى سارَ تَظْليلُ
ولا يُرَى فِي الثَّرَى أَثَرٌ لأَخمَصِهِ / إِذا مَشَى وَلهُ فِي الصَّخْرِ تَوْحِيلُ
دنَا إِليه حَنِينُ الجِذْعِ مِنْ شَغَفٍ / إِذْ نالهُ بَعْدَ القُرْبِ تَزْيِيلُ
فَلَيْتَ مِنْ وَجهِهِ حَظِّى مُقابَلةٌ / وَلَيْتَ حَظَّيَ منْ كَفَّيْهِ تَقْبِيلُ
بِيض مَيامِينُ يُستَسقي الغمامُ بِها / للشَّمسِ مِنها وَللأنواءِ تَخجيلُ
ما إِن يَزالُ بِها فِي كلِّ نازِلةٍ / لِلْقُلِّ كُثْرٌ وَلِلتَّصْعِيبِ تَسْهِيلُ
فاعجَبْ لأَفعالِها إِنْ كُنْتَ مُدْرِكَها / واطْرَبُ إِذَا ذُكِرَتْ تِلْكَ الأفاعيلُ
كم عاوَدَ البُرْءُ مِنْ إِعْلالِهِ جَسَداً / بِلَمِسِهِ واسْتَبانَ العَقْلَ مَخْبُولُ
وَرَدَّ أَلْفَيْنِ فِي رِيٍّ وَفي شِبَعٍ / إِذْ ضاق باثْنيْنِ مَشْرُوبٌ ومَأْكُولُ
وَردَّ ماءَ ونُوراُ بَعْدَ ما ذَهَبا / رِيقٌ لهُ بِكِلا العَيْنَينِ مَتْفُولُ
وَمَنْبَعُ الماء عَذْباً مِنْ أصابِعِهِ / وذاكَ صُنْعٌ به فينا جَرَى النيلُ
وَكَمْ دعا وَمُحَيَّا الأرضِ مُكْتَئِبٌ / ثُمَّ انثَنَى وَله بِشْرٌ وتهليلُ
فأصْبَحَ المُحْلُ فيها لا مَحَلَّ لَهُ / وغالَ ذِكْرَ الغَلا مِن خِصْبِها غُولُ
فبِالظِّرابِ ضُرُوبُ لِلْغَمامِ كما / عَنِ البِناءِ عَزالِيها مَعازِيلُ
وآضَ مِنْ رَوْضِها جِيدُ الوجودِ به / مِنْ لُؤلُؤٍ النَّورِ تَرْضِيعٌ وتكلِيلُ
وَعَسْكَرٍ لجَبٍ قَدْ لَجَّ فِي طَلَبٍ / لِغَزوِهِ غَرَّهُ بَأْسٌ وتَرْعِيلُ
دَعَا نزَالٍ فَوَلَّى وَالبَوارُ به / مِنَ الصَّبا وَالحَصَى والرُّعْبِ مَنْزُولُ
واغَيْرَنا حِينَ أَضْحَى الغارُ وهُوَ بِهِ / كِمَثْلِ قَلْبِيَ مَعْمُورٌ وَمَأْهُولُ
كَأَنَّمَا المُصطفَى فيهِ وصاحبُه / الصِّدِّيقُ لَيْثان قَدْ آواهُما غِيلُ
وَجلَّلَ الغارَ نَسْجُ العنكبوتِ عَلَى / وَهْنٍ فيا حَبَّذا نَسْجٌ وَتَجْليلُ
عِنايُةٌ ضَلَّ كَيْدُ المُشْرِكينَ بها / وما مَكايِدُهُم إِلاَّ الأضاليلُ
إِذْ يَنْظُرُونَ وَهمْ لا يُبْصِرونَهُما / كَأَنَّ أَبصارَهمْ مِنْ زَيْغِهَا حُولُ
إِنْ يَقْطَعِ اللهُ عنه أُمَّةٌ سَفِهَتْ / نُفُوسها فلهَا بالكُفْرٍ تَعْليلُ
فإِنَّهَا الرُّسْلُ وَالأَمْلاكُ شافِعُها / لِوُصْلةٍ منه تَسآلٌ وَتَطْفِيلُ
ما عُذْرُ مَنْ مَنَعَ التَّصْدِيقَ مَنْطِقَهُ / وقد نبا منه مُحْسُوسٌ ومعقولُ
والذِّئْبُ والعَيْرُ وَالموْلودُ صَدَّقَهُ / والظّبْىُ أَفْصَحَ نُطْقاُ وَهْوَ مُحْبُولُ
والبَدْرُ بادَرَ مُنْشَقَاً بِدَعْوتِهِ / لهُ كما شُقَّ قَلْبٌ وهْوَ مَتْبُولُ
وَالنَّخْلُ أَثْمَرَ فِي عامٍ وسُرَّ بهِ / سَلْمانُ إِذْ بَسَقَتْ منهُ العثاكِيلُ
إِنْ أَنْكَرَتْهُ النَّصَارَى واليهُودُ عَلَى / ما بَيَّنَتْ منه تَوْراةٌ وإِنْجِيلُ
فقد تَكَرَّرَ منهم فِي جُحُودِهُم / لِلْكُفْرِ كُفْرٌ وَلِلتَّجْهيلِ تَجْهيلُ
قُلْ للنصارى الأُلَى ساءَتْ مَقَالَتُهُمْ / فما لها غير مَحْضٍ الجَهْلِ تَعْلِيلُ
مِنَ اليَهُودِ استَفَدْتُمْ ذَا الجحودَ كما / مِنَ الغُرابِ استفادَ الدَّفْن قابِيلُ
فإِنَّ عِنْدَكُمُ تَوْراتُهُمْ صَدَقَتْ / ولمْ تُصَدَّقْ لكمْ منهمْ أناجِيلُ
ظَلَمْتُمُونا فأضْحَوْا ظالِمينَ لكمْ / وذاكَ مِثْلُ قِصاصٍ فيهِ تَعْدِيلُ
مِنْكُمْ لنا ولكم مِنْ بَعْضِكُمْ شُغُلٌ / والناسُ بالناسِ فِي الدُّنيا مَشاغِيلُ
لقَدْ عَلِمْتُمْ ولكِنْ صَدَّكُمْ حَسَدٌ / أنّا بما جاءَنا قَوْمٌ مَقابِيلُ
أما عَرَفْتُمْ نَبيَّ اللهِ مَعرِفَةَ / الأَبْناء لكنكم قَوْمٌ مناكِيلُ
هذا الذي كنتُم تَسْتَفتِحون بهِ / لولاَ اهْتَدَى منكُمُ لِلرُّشْدِ ضِلِّيلُ
فَلاَ تُرَجُّوا جزِيلَ الأجْرِ مِنْ عَمَلٍ / إِنَّ الرَّجاء مِنَ الكُفَّار مُخْذُولُ
تُؤَذِّنونَ بِزِقٍّ مِنْ جَهالَتِكُمْ / بهِ انْتِفَاخٌ وَجِسْمٌ فيهِ تَرْهِيلُ
مُوتوا بغَيظٍ كما قَدْ ماتَ قَبلَكُمُ / قابِيلُ إِذْ قَرَّب القُرْبانَ هابيلُ
يا خيرَ مَنْ رُوِيَتْ لِلناسِ مَكْرُمُةٌ / عنهُ وفُصَّلَ تَحْرِيمٌ وَتُحْليلُ
كَمْ قَدْ أتتْ عنكَ أخبارٌ مَخبِّرَة / فِي حُسْنِها أَشْبَهَ التَّفْريعَ تَأْصِيلُ
تُسْرِى إِلَى النَّفْسِ منها كلما ورَدَتْ / أنْفاسُ وَرْدٍ سَرَتْ وَالوَرْدُ مَطْلولُ
مِنْ كلِّ لَفْظٍ بَلِيغٍ راقَ جَوْهَرَهُ / كأنَّهُ السَّيْفُ ماضٍ وَهْوَ مَصْقُولُ
لَمْ تُبْقِ ذِكْراً لِذِي نُطْقٍ فَصاحَتُهُ / وهلْ تُضيءُ مَعَ الشِّمْسِ القناديل
جاهَدْتَ في اللهِ أبْطالَ الضَّلاَلِ إِلى / أَنْ ظَلَّ لِلشِّرْكِ بالتَّوحِيدِ تَبْطِيلُ
شَكا حُسامُكَ ما تَشْكو جُمُوعُهُمْ / ففيه منها وفيها منه تَفْلِيلُ
لِلهِ يَوْمُ حُنَينٍ حينَ كانَ بهِ / كساعة البَعْثِ تَهْويلٌ وَتَطْوِيلُ
وَيَوْمُ أقْبَلَتِ الأحزابُ وانْهزَمَتْ / وكُمْ خبا لَهَبٌ بالشِّرْكِ مَشْعُولُ
جاءوا بأسلحَةٍ لَمْ تَحْمِ حامِلَها / إِنَّ الكُماةَ إذا لَمْ يُنصَرُوا مِيلُ
مِنْ بعدِ ما زُلزلتْ بالشِّرْكِ أَبْنِيةٌ / وانْبَتَّ حُبْلٌ بأيْدِى الرَّيْبِ مُفْتُولُ
وظّنَّ كلُّ امرِىءٍ فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ / بأنَّ مَوْعِدَهُ بالنَّصْرِ مُمْطُولُ
فأَنْزَلَ اللهُ أَمْلاكاً مُسَوَّمَة / لَبُوسُها مِنْ سَكِيناتٍ سَرابِيلُ
شاكى السِّلاح فما تَشكُوا الكَلالَ وَمِنْ / صنْعِ الإِله لها نَسْجٌ وَتَأْثِيلُ
مِنْ كلِّ مَوْضونَةٍ حَصْداء سابِغَةٍ / تَرُدُّ حَدَّ المَنايا وهْوَ مَفْلولُ
وَكلَّ أَبْتَرَ لِلْحَقِّ المُبِينِ بهِ / وَلِلضَّلالَةِ تَعْدِيلٌ وَتَمْيِيلُ
لَمْ تُبْقِ للشِّرْكِ مِنْ قَلْبٍ وَلا سَبَبٍ / إلاَّ غَدَا وَهْوَ مَتْبُولٌ وَمَبْتُولُ
وَيَومُ بَدْرٍ إِذ الإِسلامُ قَدْ طَلَعَتْ / به بُدُوراً لها بالنصْرٍ تَكمِيلُ
سِيئَتْ بما سَرَّنا الكُفَّارُ منه وَقد / أفْنَى سَراتَهُمُ أَسْرٌ وتَقْتِيلُ
كأَنَّما هُوَ عُرْسٌ فيه قَدْ جُلِيَتْ / عَلَى الظُّبا والقَنا رُوسٌ مَفاصِيلُ
والخَيْلُ تَرْقُصُ زَهْواً بالكُماةِ وما / غيرَ السيوفِ بأيْديِهِمْ منادِيلُ
ولا مُهُور سِوَى الأرْوَاحِ تَقْبَلُها / الْبِيضُ البَهاتِيرُ والسُّمْرُ العَطابِيلُ
فلو تَرَى كلَّ عُضْوٍ مِنْ كُمِاتِهِم / مُفَصَّلاً وهْوَ مَكفُوفُ ومَشْلولُ
كَأَحْرُفٍ أَشْكَلتْ خطاً فأكْثَرُها / بالطَّعْنِ والضَّرْبِ مَنْقُوطٌ ومَشكولُ
وكلُّ بيْتٍ حَكى بَيْتَ العَرُوضِ لهُ / بالبِيضِ والسُّمْرِ تَقْطِيعٌ وتَفْصِيلُ
وداخَلَتْ بالرَّدَى أَجزاءَهمْ عِلَلٌ / غَدَا المُرَفَّلُ منها وهْوَ مَجْزُولُ
وَكلُّ ذِي تِرَةٍ تَغْلِي مَراجلُهُ / غَدَا يُقادُ ذَليلاً وهْوَ مَغْلُولُ
وَكلُّ جُرْحٍ بِجِسْمٍ يَسْتَهِلُّ دُماً / كأَنَّهُ مَبْسَمٌ بالرَّاحِ مَعْلُولُ
وعاطلٌ مِنْ سلاحِ قد غَدَا ولهُ / أَساوِرُ مِنْ حَدِيدٍ أَوْ خَلاخِيلُ
والأرضُ مِنْ جُثَثِ القَتْلَى مُجَلَّلَةٌ / والتُّرْبُ مِنْ أَدْمُعِ الأحياءِ مَبْلولُ
غَصَّتْ قُلوبٌ كما غَصَّ القَلِيبُ بهم / فللأَسَى فيهِمُ والنارِ تَأْكِيلُ
فأصْبَحَ البِئْرُ إذْ أَهْلُ البَوارِ به / مِثْلُ الوَطيسِ بهِ جُرْزٌ رَعابيلُ
وأصبَحَتْ أيِّماتٍ مًحْصَناتُهُمُ / وأُمَّهاتُهُمُ وهْيَ المثاكِيلُ
لا تُمْسِكُ الدَّمْعَ مِنْ حُزْنٍ عُيُونُهُمُ / إِلاَّ كما يُمْسِكُ المَاءُ الغَرابِيلُ
وصارَ فَقْرَهُم لِلمسلمينَ غِنىً / وفي المَصائِبِ تَفْوِيتٌ وتَحْصِيلُ
ورَدَّ أوْجُهَهُمْ سُوداً وأعْيُنُهُمْ / بِيضاً مِنَ اللهِ تَنكيدٌ وَتَنْكِيلُ
سالتْ وساءتْ عُيونٌ منهمُ مَثَلاً / كَأَنَّما كلُّها بالشَّوْكِ مِسْمُولُ
أبغِضْ بها مُقَلاً قد أَشْبَهَتْ لَبَناً / طَفا الذُّبابُ عليهِ وهْوَ مَمْقولُ
ويَوْمَ عَمَّ قلوبَ المُسْلِمينَ أسىً / بِفَقْدِ عَمِّكَ والمَفْقُودُ مَجْذُولُ
ونالَ إحْدى الثَّنايَا الكَسْرُ في أُحُدٍ / وجاءَ يَجْبُرُ منها الكَسْرَ جِبرِيلُ
وفي مَواطَنَ شَتى كَمْ أتاكَ بها / نَصْرٌ مِنَ اللهِ مَضْمُونٌ وَمَكْفُولُ
ومَلَّكَتْ يَداكَ اليُمْنَى مَلائكَةٌ / غُرٌّ كِرامٌ وَأَبطالٌ بَهَالِيلُ
يُسارِعُون إذا نَادَيْتَهُمْ لِوَغىً / إنَّ الكِرامَ إذا نُودُوا هَذالِيلُ
مِنْ كُلِّ نِضْوٍ نُحولٍ ما يزالُ به / إلى المَكارِمِ جِدُّ وَهْوَ مَهْزولُ
بَنانُهُ بِدَمِ الأبطالِ مُخْتَضِبٌ / وطَرْفُهُ بِسَنا الإِيمانُ مَكْحُولُ
آلَ النبيِّ بِمَنْ أَوْ ما أُشَبِّهُكُمْ / لقدْ تَعَذَّرَ تَشْبِيهٌ وتَمثِيلُ
وَهلْ سَبِيلٌ إلى مَدْحٍ يكونُ بهِ / لأَهْلِ بَيْتِ رَسولِ اللهِ تَأْهِيلُ
يا قَوْمِ بايَعْتُكُمْ أَنْ لا شَبِيهَ لكُمْ / مِنَ الوَرَى فاسْتَقِيلوا البَيْعَ أَوْ قِيلُوا
جَاءَتْ عَلَى تِلْوِ آياتِ النبيِّ لهُمْ / دلائِلٌ هِيَ للتَّارِيخِ تَذْيِيلُ
مَعاشِرٌ ما رَضُوا إنِّي لَمُبْتَهِجٌ / بِهِمْ وما سَخِطُوا إنِّي لَمَثْكُولُ
وإنَّ مَنْ باعَ في الدُّنيا مَحَبَّتُهُمْ / بِبُغْضِهِ اللهَ في الأُخْرَى لَمَرْذُولُ
وَحَسْبُ مَنْ نَكَلَتْ عنهمْ خواطِرُهُ / إنْ ماتَ أَوْ عاشَ تَنكِيلٌ وَتَثْكِيلُ
إنَّ المَوَدَّة في قُرْبَى النبيِّ غِنىً / لا يَسْتَمِيلُ فُؤادي عنهُ تَمْويلُ
وكَمْ لأَصْحَابِهِ الغُرِّ الكِرامِ يَدٌ / عِنْدَ الإلهِ لها في الفضلِ تَخْوِيلُ
قَوْمٌ لهمْ في الوغَى مِنْ خَوْفِ ربِّهِمْ / حُسْنُ ابْتِلاَءٍ وفي الطَّاعاتِ تَبْتِيلُ
كَأَنَّهُمْ في محارِيبِ مَلاَئِكَةٌ / وفي حُروبِ أَعادِيهِمْ رَآبِيلُ
حَكَى العَباءَةَ قَلْبي حينَ كانَ بها / لِلآلِ تَغْطِيَةٌ والصَّحْبِ تَخْلِيلُ
وَلِي فُؤَادٌ ونُطْقٌ بالوِدادِ لَهُمْ / وبالمدَائِحِ مَشْغُوفٌ ومَشْغولُ
فإنْ ظَنَنْتُ بهمِ خَتْلاً لِبَعْضِهِمُ / إني إذنْ بِغُرُورِ النَّفْسِ مُخْتُولُ
أَئِمَّةُ الدِّينِ كلٌّ في محاوَلَةٍ / إلى صوابِ اجتهادِ منه مَوْكُولُ
لِيَقْضِيَ اللهُ أمْراً كانَ قَدَّرَهُ / وكُلُّ ما قَدَّرَ الرَّحْمنُ مفعُولُ
حَسْبي إذا ما مَنَحْتُ المُصْطفَى مِدَحِي / في الحَشْرِ تَزْكِيَةٌ مِنْهُ وتعدِيلُ
مَدْحٌ بهِ ثَقُلَتْ ميزانُ قائِلِهِ / وخَفَّ عنهُ مِنَ الأوْزارِ تثقِيلُ
وكيفَ تَأْبَى جَنَى أَوْصَافِهِ هِمَمٌ / يَرُوقُهَا مِنْ قُطُوفِ العِزِّ تَذْلِيلُ
وَليسَ يُدْرِكُ أَدْنَى وَصْفِهِ بَشَرٌ / أَيَقْطَعُ الأرضَ ساعْ وَهْوَ مَكْبُولُ
كَلُّ الفَصَاحَةِ عِيٌّ في مَناقِبِهِ / إذا تَفَكَّرْتُ والتَّكْثِيرُ تَقْلِيلُ
لو أَجْمَعَ الخَلْقُ أَنْ يُحْصُوا مَحاسِنَهُ / أَعْيَتْهُمُ جُمْلَةٌ منها وتَفْصِيلُ
عُذْراً إليك رسولَ اللهِ مِنْ كَلِمي / إنَّ الكرِيمَ لديْهِ العُذْرَ مَقْبُولُ
إنْ لَم يكنْ مَنْطِقِي في طعمِهِ عَسَلاً / فإنَّهُ بِمَدِيحي فيكَ مَعْسُولُ
ها حُلَّةً بِخِلاَلٍ منكَ قد رُقِمَتْ / ما فِي محاسِنِها لِلْعِيْبِ تَخْلِيْلُ
جاءتْ بِحُبِّي وَتَصْدِيقي إليكَ وما / حُبِّي مَشُوبٌ ولا التَّصْدِيقَ مَدْخُولُ
ألْبَسْتَها منكَ حُسناً فازْدَهَتْ شَرَفاً / بها الخَواطِرُ مِنا وَالمَناوِيلُ
لَمْ أَنْتَحِلْها ولَمْ أَغصِبْ مَعانِيها / وَغيرُ مَدْحِكَ مَغْصُوبٌ وَمَنْحُولُ
وَما على قَوْلِ كَعْبِ أَنْ تُوازِنَهُ / فَرُبَّمَا وَازَنَ الدُّرَّ المَثاقِيلُ
وَهلْ تُعَادِلُهُ حُسْناً وَمَنْطِقُها / عَنْ مَنْطِقِ العَرَبِ العَرْباءِ مَعْدُولُ
وَحَيْثُ كُنَّا معاً نَرْمِي إلى غَرَضٍ / فَحَبَّذا نَاضِلٌ منا وَمَنضُولُ
إنْ أَقْفُ آثارَهُ إني الغَداةَ بها / على طَرِيقِ نَجَاحٍ مِنكَ مَدْلُولُ
لَمَّا غَفَرْتُ لَهُ ذَنْباً وَصُنْتَ دَماً / لولا ذِمامُكَ أَضْحَى وَهْوَ مَطْلُولُ
رَجَوْتُ غُفْرَانَ ذَنْبٍ مُوجِبِ تَلَفِي / لهُ منَ النَّفْسِ إملاءٌ وَتَسْوِيلُ
وليسَ غيرُكَ لِي مَوْلىً أُؤَمِّلُهُ / بَعْدَ الإلهِ وَحَسْبِي مِنكَ تَأْمِيلُ
ولي فُؤَادُ مُحِبِّ ليسَ يُقْنِعُهُ / غيرُ اللَّقاءِ وَلا يَشْفِيهِ تَعْلِيلُ
يَمِيلُ بِي لَكَ شَوْقاً والأَقْدَارُ تُمْسِكُهُ / وَكَيفَ يَعْدُو جَوادٌ وَهْوَ مَشْكُولُ
مَتَى تَجُوبُ رسولَ اللهِ نَحْوَكَ بِي / تِلْكَ الجِبالَ نَجِيبَاتٌ مَراسِيلُ
فَأَنْثَنِي وَيَدِي بالفَوْزِ ظافِرَةٌ / وَثَوْبُ ذَنْبِي مِنَ الآثامِ مَغْسُولُ
في مَعْشَرٍ أَخْلَصوا للهِ دِينُهُمُ / وفَوَّضُوا إنْ هُمُ نالوا وإنْ نِيلُوا
شُعْثٍ لهُمْ مِنْ ثَرَى البَيْتِ الذي شَرُفَتْ / بهِ النَّبِيُّونَ تَطْيِيبٌ وَتَكْحِيلُ
مُحَلَّقي أَرْؤُسٍ يدَتْ وُجُوهُهُمْ / حُسْناً بهِ فكأنَّ الحَلْقَ تَرْجِيلُ
قد رَحَّبَ البيتُ شَوْقاً وَالمَقَامُ بهمْ / والحِجْرُ والحَجَرُ المَلْثُومُ والميلُ
نَذَرَتْ إنْ جَمَعَتْ شَمْلِي لِبَابِكَ أَوْ / شَفَتْ فُؤَادِي بِهِ قَوْداءُ شِمْلِيلُ
أَبُلُّ مِنْ طَيْبَةٍ بالدَّمْعِ طِيبَ ثَرىً / لَغُلَّتِي وغَلِيلِي منه تُبْلِيلُ
دامَتْ عليكَ صلاَةُ اللهِ يَكْفُلُها / مِنَ المَهَيْمِنِ إبلاغٌ وتًوْصِيلُ
ما لاحَ ضَوءُ صَباحٍ فاشْتَسَرَّ به / مِنَ الكَواكِبِ قِنْدِيلٌ فُقِنْدِيلُ