المجموع : 12
إذا خلوتَ بمحبوبٍ تُجمِّشُهُ
إذا خلوتَ بمحبوبٍ تُجمِّشُهُ / فاملأ محاسِنَ خَدَّيه من القُبَلِ
وأضحِك الوصل بالهِجران منه ومل / عن التحلّم للّذّاتِ والغزلِ
لا شيءَ أحسن من كفّ تُغَمِّزها / كَفٌّ ومن مُقلٍ ترنو إلى مُقَلِ
ومِن فم في فم عَذْبٍ مُقَبَّلُه / كأنّ رِيقتَه ضَرْبٌ منَ العسل
حتى إذا نلتَ ما تهوَى بلا كدرٍ / فاجعل منامك فوقَ المَتْن والكَفَل
وقل لمن لام في لهوٍ تُسرّ به / إليك عنّي فإنّي عنكَ في شُعُل
إنّ الثّقِيل هو المحرومُ لَذَتَه / لا بارك الله فيمن راح ذا ثِقل
صِدتَ المَهَا وظباءَ الوحشِ راغمةً
صِدتَ المَهَا وظباءَ الوحشِ راغمةً / والطيرَ في جوِّها واللهوَ والغَزلا
لازلتَ تصطادُ يا أَعلى الأَنامِ عُلاً / شُوسَ الرِجالِ وعِزّ الملكِ والدُّوَلاَ
يا مالك الأرضِ بعد المالِكين لها / ويا إماماً على الرحمان مُتَّكِلا
لا تَمَّم الله لِي في مدّتي أملاً / إن لَمْ تكن لِيَ فِيما أرتجِي أملا
إذا غدا كلُّ خَلقٍ عنك مشتغِلاً / غدا ودادك لي عن كلّهِم شُغُلاً
السعدُ معترِضٌ والدهرُ مُقْتَبِلُ
السعدُ معترِضٌ والدهرُ مُقْتَبِلُ / فانْعَمْ فقد نعِمَتْ عِزّاً بك الدّولُ
وأَطَيبُ العيشِ راحٌ مِن يدَيْ قمرٍ / مُهَفْهفٍ نُقْلُها التجْمِيش والقُبَل
أما ترى كيف نادى النايُ مِزهَرَهُ / وأَذّنَ الطَبلُ طاب اللهوُ والغَزلُ
أنت العزيزُ الذي عَزّتْ بدَولتِه / معالِمُ الدينِ واستعلَى به الأملُ
خذها أَلذّ من التجمِيش والقُبَلِ
خذها أَلذّ من التجمِيش والقُبَلِ / ودَعْ ملالَك إِن الدهرَ ذو مَلَلِ
ولا تُطِعْ في الصَّبا لَوْماً ولا عَذَلاً / لا باركَ الله في العُذّالِ والعَذَلِ
وغُدوةٍ حَطّ فِيها اللهوُ أرْحُلَهُ / بِنا على الراحِ والريحانِ والغَزل
والنايُ يشْكُو إلى المثنَى صبابَتَه / شكْوَى المحبّ إلى المحبوبِ في مَهلِ
كأن ضجّة صوتِ الطبلِ بينهما / ضجِيجُ عِزّ أبِي المنصورِ في الدولِ
لاحظتُه فرمتْ قلبِي لواحِظُه
لاحظتُه فرمتْ قلبِي لواحِظُه / بأسْهُمٍ ما لها رِيشٌ سِوى الكحَلِ
فبان في مُهْجَتي آلامُ أَسهُمِهِ / وبان لونُ دمِي في خَدِّه الخَجِلِ
فَلَيتَهُ إذ سقانِي سُمَّ مُقْلتِه / صِرفاً سقانِي مُدامَ الَّلحْظِ بالقُبَلِ
أَوليته صدَّ عن هَجْرِي ومَظْلمتِي / كمَا صَددتُ بقلبِي فيه عن عَذَلِ
بَعَثْتُها قَهْوةً صَفْرا مُعَتَّقَةً
بَعَثْتُها قَهْوةً صَفْرا مُعَتَّقَةً / حمراء تُنْبِت وَرْدَ الحُسْنِ للقُبَلِ
فاشربْ مُهَنًّا على رَغْم الحَسودِ لنا / واطْرَبْ مُغَنّىً فهذا أَحْسَنُ العَملِ
غَيْري رَمَيْنَ ذواتُ الأَعْين النُّجُل
غَيْري رَمَيْنَ ذواتُ الأَعْين النُّجُل / إِذْ رِشْنَ نَبلَ فُتورِ اللّحظ بالْكَحَلِ
مَن راحَ صَبّاً بحبّ الغانياتِ فلي / قَلْبٌ بحبِّ المعالِي راحَ في شُغُل
وكم صبوتُ إلى وَرْدِ الخدود ولم / أَرْضِ العذولَ الذِي قد لجّ في العَذَل
لم يَحْم مَنِّيَ خَدّاً لَدْغُ عَقْرَبهِ / ولا ثَنَتْنِي سهامُ اللّحظِ عن مُقِل
ولا نَهْتني حُلَى ألفاظِ غانيةٍ / عن رَشْفِ ما في ثَناياها من العَسَل
ولا قَنِعتُ بزور الْوَعْدِ من رَشَإٍ / دون التّعانُقِ والتَّجميش والقُبَلِ
ما زلتُ أَخلع في رَبْعِ الصِّبا رَسَنِي / لَهْواً وأسحبُ فيه رَيْطةَ الغَزَلِ
فالآن لمّا قَضَتْ نَفْسي مآربهَا / ونِلتُ من كلّ شيءٍ غايةَ الأَملِ
أَقصرتُ يا سَلْمَ عمّا تَعلمِين فما / أَصْبُو لَربْع ولا أَبْكي على طَلَل
لمّا بَلغتُ أشُدِّي بعدما انْقَرَضَتْ / بعد الثّلاثين خَمْسٌ مِن زمانِيَ لي
راجعتُ حِلمي وآثرتُ الوَقَار وَمن / يَحْلُمْ يُوَقَّرْ ومَنْ يَسْتَحْي يُنتضلِ
كما أطعتُ شبابي في الصِّبا فكذا / أُطيع في صالح الأعمال مُكْتَهلي
يا شهْرَ مُفْترضِ الصَّوْمِ الذي خَلَصَتْ / فيه الضمائُر بالإخلاصِ في العمل
أَرْمَضْتَ يا رمضانُ السِّيئاتِ لنا / بُشْر بِنا للتُّقَى عَلاَّ على نَهَلِ
صَومٌ وبِرٌّ ونُسْكٌ فِيك مُتّصِلٌ / بِصالحٍ وخشوعٍ غيرِ منفصِل
يا ليت شهركَ حَوْلٌ غيرُ مُنْقَطِع / وليت ظِلِّك عنّا غيرُ مُنْتقِل
ما أنت في أشهرِ الحَوْلِ الّتِي سَلفتْ / إلاّ كمثِلِ نِزارٍ في بني الرُّسُلِ
مَلْكٌ إذا سِيلَ أَغْنَى السائِلين له / وإن هُمُ سكَنوا أعْطَى ولم يُسَل
تَلقاه في الحربِ كَرَّاراً إذا اسْتَعَرتْ / وحامَ طيرُ الرَّدَى بالمعشِر النُّزُلِ
حَسّام ما مِنْ عِظماتِ الأُمور أَبَيْ / نَ الحَسْمَ وَصَّالُ ما مِنهنّ لم يَصِل
لا بالضعيف قُوَي الآراءِ عن حَدَثٍ / يُرْدِي الأنامَ ولا الهِّيابةِ الوْكَلِ
يَنال بالسيف ما تَعْيا السيوفُ به / وبالنَّباهة ما يُعِيي ذوِي الحِيَلِ
يقظانُ حِين ينامُ الحزمُ مُحْتَرِسٌ / مُتَرَّفٌ شَرِسٌ عَجْلانُ ذُو مَهَلِ
زِنْت الخلافةَ مذ أُلْبِسْتَ خِلْعَتَها / وزدْت دَوْلَتَها عِزّاً على الدُّوَل
لولاكَ كانتْ بِلا جِيد ولا جَيَد / ولا جفونٍ ولا كُحْلٍ ولا كَحَلِ
نَظَمتَ بالعدلِ تيجانَ البهاءِ لها / وبالسماحةِ وَشْيَ الْحَلْي والحُلَلِ
فالدِّينُ غيرُ مهِيض إذ نهضتَ به / وَفَيْلَقُ الجودِ منصورٌ على البَخَلِ
والكفرُ في شَظَفٍ والدينُ في شَرَف / والجودُ في سَرَفٍ والناس في جَذَلِ
فانْعَمْ بعيدٍ تركتَ المسلِمينَ به / سِلْماً وغادرتَ أَهل الكفِر في جَدَلِ
نصرتَ مِلّةَ جَدَّيك الَّلذَيْ سلَفا / حتى غدتْ بك تَسْتَعلي على المِلل
لئن أتى العِيد مِن لُقياكَ في فَرحٍ / لقد مَضَى الصومُ مِن منآك في ثَكل
برزتَ فيه بروزَ الشمسِ طالعةً / وقد أَعاد الضُّحاءَ النَّقْعُ كالطَّفَل
والبيضُ تَزْهَرُ والأَعلامُ خافقةٌ / والأرضُ في رَهَج والجوُّ في زَجَلِ
فليس يَصْرِف لحظَ العين مُرْسِلُه / إِلاّ إلى سابحٍ في الأرِض أو بطلِ
والشمسُ فوقَ مَدارِ الجِيشِ قد حُجِبتْ / في جَوِّها بمُتون البِيضِ والأَسَلِ
حتى بلغتَ المُصَلّى خاشعاً نَسِكاً / خشوعَ جَدِّك في أَزمانِه الأُولِ
فقمتَ فيهم خطيباً مِصْقعاً لَسِناً / بكلّ مُنْفَصِلٍ نَثْراً ومُتَّصِل
فَأيُّ قلبٍ جلِيدٍ لَم يرِقَّ لهمْ / وأيُّ موعِظَةٍ غَرَّاءَ لَم تُقَلِ
بلاغَةٌ نبوِيٌ النَّظمِ مُحْكَمُها / وخُطْبَةٌ لم يَنْلها مُهْمَلُ الخَطَلِ
أَبنْتَ بالحقِّ ما قد كان مُشْتَبِهاً / من الهُدَى فَتَجَلَّى كُلُّ مُشْتَكِل
برهانُ صِدْقٍ شَفَيتَ الأَولياءَ بِه / وسُقْتُه بين رَيْثِ القَول والعَجَلِ
نالوا بما سمِعوا الزُّلفَى فما افْترقُوا / إلاّ وهُمْ من رِضا الرّحمانِ في جُمَلِ
صلَّوا وراءَك والأَملاكُ خلفَهُمُ / مُبَلَّغين لأَعَلى السُّؤْلِ والأَملِ
ومَحَّصَ الله ما كانوا قد اقْترفوا / حتى تَبَّروا من الآثام والزَللِ
وما تَأخرّتُ من زهد خسرتُ به / أجري ولا غبت عن رؤياك من مَلَلِ
ومَن يبيعُ نهاراً مُشْرِقاً بدُجىً / ومن يَخُوصُ ضُحَى الإِصباح للطَّفَل
لكن تخلّفتُ من سُقْمٍ ومِن أَلمٍ / طِفقْتُ بينهما كالهائِم الخَبِل
داءٌ يذودُ عن العينين نومَهُما / وعِلَّةٌ بِيَ قد زادَتْ على العِلل
فإن تكن قَصَّرتْ بِي عنك إذ سَقِمَتْ / رِجلِي فإنّي صحيحُ الودّ والعملِ
لا وجُه نُصْحي وطاعاتي بمُنْصَرِفٍ / عَمّا عهِدتَ ولا قلبي بمُنْتَقِل
إنِّي بحبّك ممزوجٌ كما مَزَجَتْ / أيِدي السُّقاة مِزاجَ الماء بالعَسلِ
صلّى عليك وأعطاك السعادةَ مَنْ / حَباك بالنّصرِ والتأخيرِ في الأَجل
لَجُّوا فَلَجَّ غرامي فيكَ إذْ عَذَلوا
لَجُّوا فَلَجَّ غرامي فيكَ إذْ عَذَلوا / ولِلمُحِبّ لَجاجُ يَغْلِبُ العَذَلاَ
قالوا سلاَ عنكَ فاسْلُ عن مَحَبَّته / فقلتُ مَنْ لي بأَنْ أَسْلُوه حينَ سَلاَ
أَبَرْقَ مَبْسِمِه أَنْسَى ولُؤْلُؤَهُ / أم قَدّه مائلاً طَوْراً ومُعْتَدِلا
أَمْ لَفْظهُ عَجِلاً أَم خدّهُ خَجِلاً / أمْ طَرْفَه كَحِلاً أَم لَحْظَهُ ثَمِلا
أَمْ صدَّه وجِلاً أَمْ دَمْعَه خَضِلاً / أَمْ شَعْرُه رَجِلاً أمْ خَطْوَه كَسِلاَ
أمْ كِبْرَه صَلفاً أم لِينَهُ تَرَفاً / أم خَصْرَه هَيفاً أم رِدفَهُ ثِقَلا
ظَبْيٌ غدا الحسنُ بين الناسِ مُفْتَرِقا / وراح فيه وفي أعطافه جُمَلا
من لي بتَقْبِيلِ خَدّيْه وَوَرْدُهُما / مِن لُطْفِ رِقَتِهِ لا يَحْمِل القُبَلا
ما اسْتُحسِنَ الحُبُّ حتى اسْتُقْبِحَ الْعَذَلُ
ما اسْتُحسِنَ الحُبُّ حتى اسْتُقْبِحَ الْعَذَلُ / فاكْفُفْ فَلُوْمُك كُحْلٌ والهَوَى كَحَلُ
إنّ اللّواتي غَدَا حِنَّاؤُهن دَمِي / هُنّ الّلواتي عليهنّ الحشَا كِلَلُ
كَأَنَ كلَّ فَتيقٍ يومَ بَيْنِهِم / بأَسوِد القلبِ والعينينِ مُنْتَعِل
أَتْبَعْتُهُمْ من دُموعي كُلِّ مُنهمِر / يُرْضي الغَرامَ وإنْ لَمْ تَرْضَهُ المُقَلُ
حتّى سَقَى دارَهُمْ من صَوْبِه دِيَماً / فِيها لغُلَّةِ أكبادِ الثَّرَى عَلَلُ
ما في الخُدورِ سِوى الأَقمارِ طالعة / من البراقِعِ والأَغْصانِ تَنْتَقِل
أَبْدَيْنَ بْرقَ ثُغورٍ دُون مَلْثِمَها / لحظٌ جِراحٌ ظُباهُ لَيْسَ تَنْدَمِلُ
ولُثْنَ أَردِيَةَ الْوَشِي الرِّقاقَ علَى / قَناً تَمِيلُ بِكُثْبانٍ وتَعْتَدِلُ
أَثقَلْنهنّ فلا الأَرْدَاف مائدةٌ / ولا الخُصُورُ من التَّهْييفِ تَنْخزِل
تَضادد الحُسْنُ في أَبْشَارهنّ بما / تَمَّتْ لهنّ بِه الأَوصاف والجُمَل
فلا العيونُ من التّفْتِير فاترةٌ / ولا الخدودُ من التَّضْرِيج تَشْتَعِل
أَلْثَمْننا بَرَداً زادَ الجوى لَهَباً / كَأّنما بَرْدُه في حَرّه شُعَلُ
فما ارْتَشَفنا شِفاهاً قَبْلها كَشَرَتْ / عن لُؤْلُؤٍ يُجْتَنَى من لَثْمِه عَسَلُ
ولا رأَينا رِماحَ الخَطّ تُثْمِرُ ما / يصبو إلى قَطْفِهِ التَّجْمِيشُ والقُبَل
مالِي وللِدّهر يَهْوَى ما أُساءُ به / فكلّ يومٍ لِمن أَهواه مُرْتَحَل
وأَعظُم الُّرزْءِ عِندي أَن أُصاب بما / ينأَى بِه عنِّيَ الخُلاّن والخلل
تالله لا لُمُت أَيّاماً وآونةً / حَسَدنَها فِي العزيزِ الأَعصُرُ الأُوَل
ألقتْ مَقاليدَها الدُّنيا لراحتِه / وأَمَّهُ المجدُ واستَعْلَى به الأَمل
إنّ الخلافةَ مُذْ لاذت بحَوْزَته / لم يطمع النقصُ فيها لا ولا الزَّلَل
نِيطَت بَأَحزَمِ مَن يُرْجَى لنائبةٍ / رأْياً وأَكرم من يعفو ومن يَصِلُ
أَلْفَتْهُ كُفْؤاً وأَلفاها مُشَرَّدةً / إذْ عَزّها عَدَمُ الأَكفاءِ والعضَلُ
عادَتْ بلُقْيَاهما الدّنيا لرَوْنقِها / كالشمس لمّا تَلَقّى نورَها الحَمَلُ
جَلاَ الزمانَ فما في ليلةِ غَسَقٌ / ولا لِشمسِ الضُّحى في أُفقْهِا طَفَل
ورَدَّ للدِّين والدّنيا شَبابَهُما / فالدِّين مستأْسِدٌ والدهرُ مُقْتَبِل
كأَنّما مُلْكُه في جِيده جَيَدٌ / وحُسْنُ سِيرتِهِ في عَيْنهِ كَحَلُ
خلافةٌ يُعْضُدُ القولَ الفَعالُ بها / ويسبِق الوعدَ للمستْصِرخ العَجَل
فإن تكن هاشِمٌ سادتْ وسادَهُمُ / آباؤك الخلفاءُ القادةُ الفُضُل
فأنت آخِرُهُم عَصْراً وَأفضلُهم / وبالأَواخِر يزكو القولُ والعملُ
سادُوا ولم يَبلُغوا ما أنتَ بالغُه / كذلِك الأرَض فيها السهل والجبل
فقل لمن رام منهم نَيْلَ خُطّتِهِ / متى حوى ما حوتْ شمسُ الضّحى زُحَلُ
لا يُبْطِرَنَّكُمُ أَنْ كان جَدُّكمُ / وَجَدُّهُ خَيْرَ من تَسْمُو به الرُّسُلُ
فما ثُغورُ العَذَارى كُلُّها عَطِرٌ / ولا عيونُ الغوانِي كُلُّها نُجُلُ
خليفةَ الله سُدْ واشْرُفْ وَجُدْ كَرماً / وافْخَر وصِل واعْلُ واظْفرْ إنك البطلُ
فكم سَرَيْت إلى الأَعداءِ إذْ جَنَبُوا / وكم غدوتَ رَبيطَ الجَأشِ إذ فَشِلوا
وكم سبقتَهُمُ للمجد إذ فَتَروا / وكم هَدَيْتَهُمُ للحقّ إذ جهلوا
وكم نهضتَ إلى العَلْياءِ إذ عَجَزُوا / وكم أَفضْتَ بِحارَ الجُودِ إذْ بَخلوا
لولاك ما جَرَّدُوا البِيضَ التِي اشْتَمَلوا / ولا أَطالوا قَنَا الخَطّ التي اعْتَقَلوا
بك استردَّ بنوا الزَّهراءِ حَقَّهُمُ / بعد اغْتِصابٍ وأُعطوا كُلَّ ما سأَلوا
حتى مَشَوا فوقَ قَرْنِ الشمسِ فاهتبلوا / من العِدا فوق ما كان العِدا اهْتَبَلوا
ما ضَرَّهمْ مِنْ عَلِيٍّ جدّهِمْ بعَدٌ / لما رَأَوك فأنت الجِدُّ لا الهَزَل
إن لم يكن رجلاً من أنت سابِقُه / فليس إلاّك في هذا الورى رَجُل
إنّ الأُلَى من ذوِي التَفْضِيل لو نُشِروا / وعايَنوا مِنكَ هذا الفضلَ ما فَضَلوا
رُعْتَ الحوادثَ حتى لم تَرُعْ أحداً / واعتلتَها فهي سِلمٌ ما لها غِيَل
وحُطْتَ مُلكَك حتى اشتدّ مَعقِلُه / عِزّا وطالت به في عصرِك الطِوَل
خلافٌ قد أذلّت من يخالفها / ودولةٌ عَبَّدتْ أَيَّامَها الدُّوَل
فبأسُ يُسْراك للأرواح محْترِمٌ / وجودُ يُمناك للأموال مبتذل
رِضىً وسخط إذا دَرَّا لمُحْتَلِبٍ / تَخالَفا فاسْتُدِرّ الصاب والعسل
جيشاك إمّا القنا والبِيضُ مُشْرَعَة / يومَ اللقاءِ وإِما الرأيُ والحِيَل
كم نِلتَ بالمَهْلِ ما تعيا السيوفُ به / ونلت بالسيف ما يَعيْا به المَهَلُ
فليس إلاّ على جَدْواك مُتَّكَلٌ / وليس إلاّ إلى مَغناك مرتحَل
سأَلْتُه قُبْلَةً يوما على عَجَلِ
سأَلْتُه قُبْلَةً يوما على عَجَلِ / فاحمرّ مِن خَجَلٍ واصفرّ مِن وَجَلِ
واعتلّ ما بين إسعافٍ يُرَقِّقه / وبين مَنْعٍ تَمادَى فِيه بالعِلل
وقال وجهِيَ بدرٌ لا خَفاءَ به / ومُبْصِر البدرِ لا يدعوه للقُبَلِ
كَلَّلْتَ ودَّك لي بالبِرّ والنَّفَلِ
كَلَّلْتَ ودَّك لي بالبِرّ والنَّفَلِ / لما بَعَثْتَ بما أَهْوَى مِن الكِللِ
وكنتَ تنزِل من قلبي بمنزِلةٍ / مَصونةٍ ما لها في القلب مِن مَثَلِ
فقد غَدا لك قلبي اليومَ أَجمعُه / يُصْفيك ودّا مقيما غيرَ مُنْتَقِل
وما أُكافِيك إلاّ عن هَوىً رَسَخَتْ / أصولُه فيك لم يَنْقُصْ ولم يَحُل
فأنت نِعم الوليُّ المُستعانُ بِه / وخيرُ من وَلَدت حَوَّاءُ مِن رجل
لا زال قلبيَ مشتاقاً إليك كما / يشتاق قلبُ الهوى لِلأَعينِ النُّجُل
خُذْها وعُذْرِي في التقصير أنّي قد / كتبتُها وأنا فِيها على عَجَلِ
دعوتُه لِوصالي فانَثَنى خجِلاً
دعوتُه لِوصالي فانَثَنى خجِلاً / واعتّل عِلَّةَ من لا يَعرِف العِللاَ
خاف الرقيبَ فقالت عَيْنُه نَعَماً / ثم اْلتَوَى لفظُه عن مُقْلَتَيه بلاَ
يا حَّبذا عينُه بالوعدِ مُسْعِفةً / وحبَّذا لفظُه بالمنعِ مُبْتَهِلا
أشكو إليه فَتَرْثي لي لواحظُه / حتّى بدا الدمعُ من عينيه مُنْهمِلا
كذا القلوبُ إذا رقَّتْ فآيَتُها / أَنْ تُضعِف اللفظَ أو أن تُحدِثَ الخَجَلا
فَدَيْتُ من لَم يَزلْ إِن لاحَ شَمْسَ ضُحىً / وَصَيَّرَ الغصنَ قَدّاً والنقا كَفَلا
رَمَى الرقيبَ بعينَيه فأسكَرَه / عنّا ولم نَخْشَ تَنْغيصا ولا وجَلا