المجموع : 8
أصالةُ الرأي صانتْنِي عن الخَطَلِ
أصالةُ الرأي صانتْنِي عن الخَطَلِ / وحِليةُ الفضلِ زانتني لدَى العَطَلِ
مجدي أخيراً ومجدِي أوّلاً شَرَعٌ / والشمسُ رأْدَ الضُحَى كالشمسِ في الطَفَلِ
فيمَ الإقامُة بالزوراءِ لا سَكَني / بها ولا ناقتي فيها ولا جَملي
نَاءٍ عن الأهلِ صِفْرُ الكفِّ منفردٌ / كالسيفِ عُرِّيَ متناهُ من الخَللِ
فلا صديقَ إليه مشتكَى حزَنِي / ولا أنيسَ إليه منتَهى جذلي
طالَ اغترابيَ حتى حنَّ راحلتي / ورحُلها وقرَى العَسَّالةِ الذُّبلِ
وضَجَّ من لَغَبٍ نضوي وعجَّ لما / يلقَى رِكابي ولجَّ الركبُ في عَذَلي
أُريدُ بسطةَ كَفٍ أستعينُ بها / على قضاءِ حُقوقٍ للعُلَى قِبَلي
والدهرُ يعكِسُ آمالِي ويُقْنعُني / من الغنيمةِ بعد الكَدِّ بالقَفَلِ
وذِي شِطاطٍ كصدرِ الرُّمْحِ معتقلٍ / لمثلهِ غيرَ هيَّابٍ ولا وَكِلِ
حلوُ الفُكاهِةِ مُرُّ الجِدِّ قد مُزِجتْ / بقسوةِ البأسِ فيه رِقَّةُ الغَزَلِ
طردتُ سرحَ الكرى عن وِرْدِ مُقْلتِه / والليلُ أغرَى سوامَ النومِ بالمُقَلِ
والركبُ مِيلٌ على الأكوارِ من طَرِبٍ / صاحٍ وآخرَ من خمر الهوى ثَمِلِ
فقلتُ أدعوكَ للجُلَّى لتنصُرَنِي / وأنت تخذِلُني في الحادثِ الجَلَلِ
تنام عيني وعينُ النجمِ ساهرةٌ / وتستحيلُ وصِبغُ الليلِ لم يَحُلِ
فهل تُعِيُن على غَيٍّ هممتُ بهِ / والغيُّ يزجُرُ أحياناً عن الفَشَلِ
اني أُريدُ طروقَ الحَيِّ من إضَمٍ / وقد رَماهُ رُماةٌ من بني ثُعَلِ
يحمونَ بالبِيض والسُّمْرِ اللدانِ بهمْ / سودَ الغدائرِ حُمْرَ الحَلْي والحُلَلِ
فسِرْ بنا في ذِمامِ الليلِ مُهتدياً / بنفحةِ الطِيب تَهدِينَا إِلى الحِلَلِ
فالحبُّ حيثُ العِدَى والأُسدُ رابضَةٌ / حول الكناس لها غاب من الأسل
نؤم ناشئة بالجزع قد سقيت / نِصالُها بمياه الغَنْجِ والكَحَلِ
قد زادَ طيبَ أحاديثِ الكرامِ بها / ما بالكرائمِ من جُبنٍ ومن بُخُلِ
تبيتُ نارُ الهَوى منهنَّ في كَبِدٍ / حرَّى ونار القِرى منهم على القُلَلِ
يقتُلنَ أنضاءَ حبٍّ لا حَراكَ بها / وينحرونَ كرامَ الخيلِ والإِبِلِ
يُشفَى لديغُ الغوانِي في بُيوتهِمُ / بنهلةٍ من لذيذِ الخَمْرِ والعَسَلِ
لعلَّ إِلمامةً بالجِزعِ ثانيةً / يدِبُّ فيها نسيمُ البُرْءِ في عللِ
لا أكرهُ الطعنةَ النجلاءَ قد شُفِعَتْ / برشقةٍ من نِبالِ الأعيُنِ النُّجُلِ
ولا أهابُ صِفاح البِيض تُسعِدُني / باللمحِ من صفحاتِ البِيضِ في الكِلَلِ
ولا أخِلُّ بغِزلان أغازِلُها / ولو دهتني أسودُ الغِيل بالغيَلِ
حبُّ السلامةِ يُثْني همَّ صاحِبه / عن المعالي ويُغرِي المرءَ بالكَسلِ
نؤم ناشئة بالجزع قد سقيت / نِصالُها بمياه الغَنْجِ والكَحَلِ
ودَعْ غمارَ العُلى للمقديمن على / ركوبِها واقتنِعْ منهن بالبَلَلِ
رضَى الذليلِ بخفضِ العيشِ يخفضُه / والعِزُّ عندَ رسيمِ الأينُقِ الذُلُلِ
فادرأْ بها في نحورِ البِيد جافلةً / معارضاتٍ مثانى اللُّجمِ بالجُدَلِ
إن العُلَى حدَّثتِني وهي صادقةٌ / في ما تُحدِّثُ أنَّ العزَّ في النُقَلِ
لو أنَّ في شرفِ المأوى بلوغَ مُنَىً / لم تبرحِ الشمسُ يوماً دارةَ الحَمَلِ
أهبتُ بالحظِ لو ناديتُ مستمِعاً / والحظُّ عنِّيَ بالجُهَّالِ في شُغُلِ
لعلَّهُ إنْ بَدا فضلي ونقصُهُمُ / لعينهِ نامَ عنهمْ أو تنبَّهَ لي
أعلِّلُ النفس بالآمالِ أرقُبُها / ما أضيقَ العيشَ لولا فسحةُ الأمَلِ
لم أرتضِ العيشَ والأيامُ مقبلةٌ / فكيف أرضَى وقد ولَّتْ على عَجَلِ
غالى بنفسيَ عِرفاني بقيمتِها / فصُنْتُها عن رخيصِ القَدْرِ مبتَذَلِ
وعادةُ النصلِ أن يُزْهَى بجوهرِه / وليس يعملُ إلّا في يدَيْ بَطَلِ
ما كنتُ أُوثِرُ أن يمتدَّ بي زمني / حتى أرى دولةَ الأوغادِ والسّفَلِ
تقدَّمتني أناسٌ كان شَوطُهُمُ / وراءَ خطويَ إذ أمشي على مَهَلِ
هذا جَزاءُ امرئٍ أقرانُه درَجُوا / من قَبْلهِ فتمنَّى فُسحةَ الأجلِ
نؤم ناشئة بالجزع قد سقيت / نِصالُها بمياه الغَنْجِ والكَحَلِ
فاصبرْ لها غيرَ محتالٍ ولا ضَجِرٍ / في حادثِ الدهرِ ما يُغني عن الحِيَلِ
أعدى عدوِّكَ أدنى من وَثِقْتَ به / فحاذرِ الناسَ واصحبهمْ على دَخَلِ
وإنّما رجلُ الدُّنيا وواحِدُها / من لا يعوِّلُ في الدُّنيا على رَجُلِ
وحسنُ ظَنِّكَ بالأيام مَعْجَزَةٌ / فظُنَّ شَرّاً وكنْ منها على وَجَلِ
غاضَ الوفاءُ وفاضَ الغدرُ وانفرجتْ / مسافةُ الخُلْفِ بين القولِ والعَمَلِ
وشانَ صدقَك عند الناس كِذبُهمُ / وهل يُطابَقُ معوَجٌّ بمعتَدِلِ
إن كان ينجعُ شيءٌ في ثباتِهم / على العُهودِ فسبَقُ السيفِ للعَذَلِ
يا وارداً سؤْرَ عيشٍ كلُّه كَدَرٌ / أنفقتَ عُمرَكَ في أيامِكَ الأُوَلِ
فيمَ اعتراضُكَ لُجَّ البحرِ تركَبُهُ / وأنتَ تكفيك منه مصّةُ الوَشَلِ
مُلْكُ القناعةِ لا يُخْشَى عليه ولا / يُحتاجُ فيه إِلى الأنصار والخَوَلِ
ترجو البَقاءَ بدارِ لا ثَباتَ لها / فهل سَمِعْتَ بظلٍّ غيرِ منتقلِ
ويا خبيراً على الأسرار مُطّلِعاً / اصْمُتْ ففي الصَّمْتِ مَنْجاةٌ من الزَّلَلِ
قد رشَّحوك لأمرٍ إنْ فطِنتَ لهُ / فاربأْ بنفسكَ أن ترعى مع الهَمَلِ
ولا تشيرا بنُصحٍ فيه معجزةٌ
ولا تشيرا بنُصحٍ فيه معجزةٌ / فالنصحُ ليس بناهٍ عزمةَ البطلِ
وساعدانيَ في غيّي وفي رَشَدي / وشارِكانيَ في صابي وفي عَسَلي
فإِنْ بلغتُ مُرادي فهو أرفقُ لي / وإنْ لقِيتُ حِمَامي فهو أروحُ لي
يستخبرُ الريحَ عنها ثم يُنكِرُها
يستخبرُ الريحَ عنها ثم يُنكِرُها / لفقدِ ما اعتادَ من بِرٍّ وإفضالِ
وبؤسَ منفردٍ عمَّنْ يُضاجِعُهُ / مشرّدِ النومِ بين الأهلِ والمالِ
يزيدُ حَرَّ حشاهُ بَردُ مضجَعِهِ / ويملأ القلبَ شجواً ربعُه الخالي
يبكي ويندُبُ طولَ الليلِ أجمعِهِ / فما يَقَرُّ ولا يهدَا على حالِ
ثُكلٌ وفُرقةُ أحبابٍ ومَرزأةٌ
ثُكلٌ وفُرقةُ أحبابٍ ومَرزأةٌ / في المالِ والأهل والأتباع والخَوَلِ
فبينَ غفوةِ عينٍ وانتباهتِها
فبينَ غفوةِ عينٍ وانتباهتِها / يُقلَّبُ الدهرُ من حالٍ إِلى حالِ
مثلُ العُقَابِ رأى نصلا يُركَّبُ في
مثلُ العُقَابِ رأى نصلا يُركَّبُ في / قِدْحٍ لطيفٍ قويمِ الحدِّ معتدلِ
فقال لا بأسَ ما لم يأتِه مدَدٌ / منّي يكون له عَوناً على العَملِ
فأَلبسَ القِدحَ وحفَاً من قوادِمِهِ / لمَّا تطايرَ رامٍ من بني ثُعَلِ
رماه رشْقَاً فلم يُخطئْ مقاتِلَهُ / فخرَّ منتكساً من ذِروةِ الجبَلِ
فقال والسهمُ تحدوهُ قوادمُهُ / من ذا ألومُ وحتفي جاء من قِبَلي
حيَّا ثراكِ حَياً من عبرتي حَدِبُ
حيَّا ثراكِ حَياً من عبرتي حَدِبُ / ولا عَداكِ صباً من زفرتي غزِلُ
وصبَّحتكِ من الأرآمِ جازيةٌ / ترعى رُباكِ وترعَى حسنَها المقلُ
ويا نسيماً عليلاً زارني سَحَراً / هيَّجتَ ما بيَ لا اهتاجتْ بك العِلَلُ
روَّحْتَ جمرَ حشىً لم يبقَ منهُ سِوى / شرارةٍ فهو مذ روحتها شُعَلُ
ووقفةٍ في جَنانِ الليلِ خافيةٍ / عن الوشاةِ فلا رُقْبَى ولا عَذَلُ
وافتَ وفوقَ لآلي الثغرِ من لَعَسٍ / ختامُ مسكٍ ففضّت ختمَها القُبَلُ
كأنما ثمِلتْ من خمرِ ريقتِها / جُفونُها إذ تثنَّى قدُّها الثَّمِلُ
محفوفةٌ بقصيراتِ الخُطَى خُرُدٍ / أقدامُها بالقرون السودِ تنتعِلُ
بتنا وباتَ التُّقَى يقظانَ يحرُسُنَا / ودينُنا في الهوى قولٌ ولا عملُ
ثم انثنينا وجيبي ما تعلَّقَهُ / غيرُ العَفافِ ورُدنِي من دَمِي خَضِلُ
مظاهرٌ بين أثوابِ الجمال وقد
مظاهرٌ بين أثوابِ الجمال وقد / أغناهُ ذلك عن حَلْيٍ وعن حُلَلِ
كأنه بين أطمارٍ له قطعٍ / بدرٌ بدا من شقوقِ الغيم في سَمَلِ
قد قلتُ لما نبتْ عنه عيونُهُمُ / وهُم بطِمرَيْهِ عن خَدَّيهِ في شُغُلِ
لا تنظروا يا مجانينَ العقول إِلى / خُبْثِ الإناء فإنَّ الطِيبَ في العَسَلِ