المجموع : 3
أقلُّ ما تهبُ الأعمارُ والدولُ
أقلُّ ما تهبُ الأعمارُ والدولُ / ودونَ ما تَتَعَاطى القولُ والعملُ
وَمِنْ منايا الأَعَادِي إذْ فرغتَ لهم / ألا يواريهمْ سَهْلٌ ولا جَبَلُ
ومن دلائلِ ما أُعْطِيْتَ من ظَفَرٍ / ألا يكونَ لهم رزقٌ ولا أجَل
وَإنَّ سَيْفَكْ لا يثْنِي جَهَالَتَهُ / حتى يُبَيّنَ للجهّالِ ما جَهِلوا
نارٌ تسوقُ العِدا من حيثما حُشِرُوا / إلى الثرى وهو مَأوَاهُمْ إذا قتلوا
هِنْدِيّةٌ لم يزلْ بالهندِ مغتربٌ / يَدْعُو بها كلمّا شَبّتْ وَيَبْتَهِلُ
من نارِ كِسْرَى وكانتْ قَبلهُ سِمَةً / للبرق يُسْمَى بها الصمصامة النّمِلُ
رَبْداء تَضْحَكُ في الهيجاءِ عنْ لُمَعٍ / كما التقى الدَّمْعُ والأَجْفَانُ والكُحُل
مازال فيها لِصَاليها وَمُوقِدِهَا / سرٌّ به عُبِدَ المريخُ أو زُحَل
وربما انجابَ عنها الغمد فاضطرمتْ / زهراءَ يَعْشُو إليها الفارسُ البطل
وَرُبَّما خالها رَقْراقَ غاديةٍ / فظل ينظر هل في عِطْفِهِ بَلَلُ
أَعْيَا عليه أَنِهْيٌ في قَرَارَتِهِ / أمْ مارج من لظى ترْمي به شُعَل
وقد أَرَاهُ بها الضَديْنِ رَافِعُها / فإنما هي تَبْدُو ثم تَشْتكِلُ
تخبو فلا غَرْوَ أن يرْوَى بريقَتِها / وَيَهْتَدِي بِسَنَاهَا حينَ تَشْتعل
فداؤك السيف في يمناه قاتله / فدونه ولأمِّ الحائنِ الهَبَلُ
وإن رمْحَكَ لا يَثْنِي مَعَاطِفَهُ / إلا انْثَنَى القِرْنُ لا يألُو ولا يئل
حُلْوُ المَجَسَّةِ لا عَبْلٌ ولا قَضِفٌ / قَصْدُ المهزَّةِ لا كَزٌّ ولا خَطِل
مستحصد المتن إمّا هزَّه عجباً / يميل صَرْف الرَّدى فيهِ وَيعْتَدلُ
تُزْهى به الطعنةُ النجلاءُ يطْعَنُها / كأنّما استعْملتها الأعينُ النُّجُلُ
لا تُبْصرُ الموتَ إلا حيث تُبْصِره / موتاً يُسدِّدُ أحياناً ويعتقل
أَذاكَ أم عَزْمَةٌ رُمْت الصليبَ بها / وقد أتت دونَهُ الغيطانُ والقُلَلُ
فسائِلِ الرومَ هل كانتْ على ثقة / منْ غَزوِ أروَعَ يُعْطي الغزو ما يَسَل
قادَ الجيادَ إليهم من مَرَابطِها / ماضٍ إذا عرَّد الهيابَةُ الوَكِل
يَغْشى القتالَ فإن تضللْهُ فالتَقِهِ / حيثُ الحتوفُ على الأرواح تقْتَتِل
إياكَ من أسدٍ تشقى الأسودُ به / في كفِّهِ غُلَّةٌ تَرْوي بها الغلل
ولا تَحدَّثْ عن الدنيا فذا مَلِكٌ / تَحُلُّ في جيشه الدنيا وترتحل
وقائدٌ تزدْهي الآفاقُ طَلْعَتَهُ / إذا ذُكاءُ زَهاها الثورُ والحمل
إذا تَجَلى لها في حُجْبِ هَيْبَتِهِ / فَكُلّث شيءٍ يُوازِي ضَوْءَهَا خَجِلُ
وبحرُ جودٍ إذا التجَّتْ غواربُهُ / فَأَبْلغِ البحرَ عنّي أَنه وَشَل
وباذخٌ لا تنالُ الطيرُ ذِرْوَتَهُ / حتى سَوَاءٌ به العِقْبَانُ والحجل
ضخمٌ تَرَى للغوادي في جَوَانِبِه / مساحباً نَبْتُها الحَوْذانُ والنَّفَل
بها مليكٌ بنورِ الحقِّ ممتزجٌ / وظلُّ أَمْنٍ بسترِ اللهِ مُتَّصِل
وَعَزْمَةٌ في جهادِ الكُفْرِ ماضيةٌ / من غَرْبها لا الشبا الماضي ولا الأسَل
يُدْعَى الأميرُ أبو يحيى بها ولها / إذا تَوَاكَلَ أقوامٌ أو اتَّكَلُوا
خفَّ الأعادي بها عن عُقْرِ دارهم / لقد عَجِلْتَ إليهمْ أوْ لقدْ عجلوا
شافهْ طليطلةً ماذا تريدُ بها / بِالعَطْفِ إنْ أشكَلَ التوكيدُ والبدل
أَمْطَرْتَ ما حولها الموتَ الزؤامَ فهلْ / من عَوْدةٍ أيُّهذا العارضُ الهَطِل
فإنْ تثُبْ أو تُقارِبْ والنَّوى أمَمٌ / فقد خَلَتْ قَبْلها الأمْثَالُ والمُثلُ
فإنْ أبتْ فالرَّدى رَهْنٌ بِمُعْضِلَةٍ / لا القارةُ انتصفتْ منها ولا عضَلُ
أوْلى لهمْ ثم أولى للصّليبِ بها / منْ عارضٍ صَوبُهُ الأسْيافُ والأسل
وللعدا دُونَها من حَرِّ مَلْحَمَةٍ / يكادُ منها الهواءُ الرَّطبُ يشتْعل
ومن رحىً لمناياهمْ يَدورُ بها / يومٌ تضيقُ بهِ الآفاقُ والسُّبُلُ
يومٌ شتِيمُ المحيّا لا يُزَيّنُهُ / حليٌ وإن كانَ لا يُزري به العَطَلُ
وأعصلُ النابِ إن يُغْرَ الكماةُ به / كذلك الحربُ في أَنْيابِها عَصَل
ومن مَكَرِّ أبي يحيى وَمَوقِفِهِ / بحيثُ يُؤمَنُ أو لا يُؤمَنُ الزَّلل
أَبِدْ فداكَ رجالٌ لو عرَضْتَ لهمْ / دونَ الحياةِ لما قَالوا ولا فعلوا
كيفَ السبيلُ إلى يومٍ أُؤَمّلُهُ / يكونُ لي ولحسَّادي به شُغُلُ
حتى أُقبّلَ يُمْنَاكَ التي حَظِيَتْ / بها الظُّبَى قَبْلَ أَنْ نَحْظَى بها القُبَل
وأشتكي جَوْرَ أيَّامي إلى مَلِكٍ / لا يَحْضُرُ الجُبْنُ يوميه ولا البَخَل
يا أيها الملكُ الميمونُ طَائِرُهُ / يا بدرُ يا بحرُ يا ضرغامُ يا رجل
أتاركي لصروفِ الدهرِ تلعبُ بي / وقد حَدَاني إليكَ الحبُّ والأمل
شكرتُ نُعْماك لما قلَّ شاكرُهَا / إن الكريمَ على العلاَّتِ يَعْتَمِل
وهاكها يقتضيكَ الحسنُ رَوْنَقَها / وإن لَوَتْهَا به الأعذارُ والعِلَل
تَطَاوَلَ الدهرُ منها لو يُعَارِضُهُ / دهرٌ عُلاَكَ به الأسحارُ والأصُل
سيارةٌ في أقاصي الأرضِ شاردةً / مما تُرَوِّي لكَ العَلْيَا وَترْتجِلُ
لا تحسبوني وإن ألْمَمْتُ عن عُقُرٍ
لا تحسبوني وإن ألْمَمْتُ عن عُقُرٍ / بِمُضْمِرٍ لكمُ هجراً ولا مَلَلا
أحبكمْ وَأوَالي شُكْرَ أَنْعُمِكُمْ / وَأَرْتجيكمْ ولا أبغي بكمْ بَدَلا
وأستديمُ جميلَ الصُّنعِ عندكُمُ / ولا أُبالي أَجارَ الدهرُ أم عدلا
وما أراني بمُسْتَوْفٍ مَناقِبَكُم / ولو نظمتُ لكمْ زُهْرَ النجوم حُلى
ولا يُبالغُ عُذري في زيارتكمْ / ولو سلكتُ إليكمْ بَينها سُبُلا
وأنتمُ زينةُ الدنيا فإن ذهبتْ / فلا أقولُ لشيءٍ فات ما فعلا
قدْ فُتُّمُ كلَّ ساعٍ والمدى شَططٌ / لو حُدِّثَ البرقُ عن أدناه ما اشتعلا
أَعْطَيتُمُ وَكَفَيتُمْ فازْدَهتْ بكمُ / مكارمٌ لم تَزَلْ من شانِكُمْ وعلا
ذُدْ يا ابنَ عيسى الليالي عن موارِدِها / فما تَرَكْنَ لنا علا ولا نَهَلا
وَحُدَّ للدهرِ حَداً لا يُجاوِزُهُ / فقد تَعَلَّمَ منكَ القولَ والعملا
ولُحْ صباحاً إذا لم تَسْرِ بَدْرَ دُجىً / فقد يُقالُ استسرَّ البدرُ أو أفَلا
وأبسط لنا يدك العليا تقبلها / فإننا لم نرد براً ولا وشلا
وَدَعْ بمرآك ضَوْءَ الصُّبْحِ عن كَثَبٍ / فإنَّنا قد ضَرَبْنَاهُ له مَثَلا
وطالبِ الدَّهْرَ عنْ إنجازِ مَوْعِدِهِ / فربَّما سَوَّفَ الحرمانُ أَوْ مَطَلا
وكنْ لنا أملاً حتى نعيشَ به / لا يعرفُ العيشَ منْ لا يعرفُ الأمَلا
خذ يا محمدُ شُكْري عن مآخِذِهِ / أَوْحَتْ إليه العُلا آياتِها قِبَلا
من النجومِ التي مازلتُ مُطْلِعَهَا / بحيثُ لستَ ترى ثوراً ولا حملا
أعْزِزْعليَّ بدهرٍ لا أراك به / تديرُ آراؤُك الأيامَ والدولا
وأسْتَقِيْلُ الليالي فيكَ غرتها / فربما لان أمر بعد ما عَضَلا
ولا أزالُ أُدارِيْهِ وَأعْذُلُهُ / فربما سَيْفُهُ لم يَبْلُغِ العَذَلا
لا وحياةِ الأعْيُنِ النُّجْلِ / وإن تَعَاوَنَّ على قَتْلي
ألِيَّةً ما زالَ بِرِّي بها / أكثرَ مِنْ برِّكَ بالعدل
ما جَمَع الأنْسُ لأهلِ الهوى / كالجمع بين القُرْط والحجل
فخالفِ العقلَ فإنَّ الهوى / ليسَ بمحتاجٍ إلى العقل
واحتجَّ بالجهلِ وقاوِمْ به / ما دمتَ مَعْذُوراً على الجهل
واشرَبْ على ماشيتَ مَنْ نظرةٍ / مُعْلَمَةٍ في وَجْنَةٍ غُفل
كصفحةِ السَّيْفِ ولكنَّها / يَجْرِي الهوى فيها مع الصَّقْل
قام بِعُذرِي في الهوى حُسْنُها / مقامَ بُرهانٍ على شكْل
وابأبي تفتيرُ أجفانها / لو لم يكنْ خَبلاً من الخبل
أرقُّ من قلبيْ ومما ادَّعى / في ذلكَ العُشَّاقُ مِنْ قبلي
يا ليتني اليوم على مَوْعدٍ / قد حارَ بين الخُلْفِ والمَطْل
نازَعَني صَبْرِي به باخلٌ / كدتُ به أثني على البُخل
أحْرَقَ بالحبِّ وَمَنْ لي به / يُمرُّ أحياناً ولا يُحْلي
طَالَبْتُهُ دَيْني فَألْوَى به / يَرُوْغُ بين المَنْعِ والبَذْلِ
فتىً إذا أعْطَاكَ أخْلاَقَهُ / أغْنَاكَ عن راحٍ وعن نُقْل
دلَّتْ على السُّؤْدَدِ أفْعَالُهُ / دلالةَ الشَّمْسِ على الظل
كالأسَدِ الوَرْدِ وما حُجَّتِي / إن لم أقُلْ كالعارضِ الوَبْل
إنْ حَشَّ نارَ الحربِ قامتْ لها / أعداؤه كالحَطَبِ الجَزْل
في كلِّ هيجا لَقِحَتْ نفسها / بالموتِ فاستغنت عن الفحل
كثيرةُ النسْلِ ولكنّها / أقْطَعُ ما في البَطْنِ للنَّسْل
أيَّمهَا الثُّكْلُ على أنَّها / وَشُرْبَهَا شرٌّ منَ الثُّكل
في عارضٍ للموتِ مُثْعَنْجِرٍ / أوَّلُ ما يَبْدأ بالهَطْل
تمورُ فيه الخيلُ والنبلُ لا / تَفْرُق بين الخيلِ والنَّبْل
إذا اخْتَلَى سيفٌ به هامةً / لم ترَ إلا مِرْجَلاً يَغْلي
ماذا تريدُ النَّفْسُ من مُهْجَةٍ / أنْتَ بها أوْلضى من النَّصْل
قد نُبْتَ عن سَيْفك في الحربِ أو / نابَ لك الرُّعْبُ عنِ القتل
واشتْتغَلَ الناس بنقصانهمْ / لما رأوْا شُغلَكَ بالفَضْل
أملِ على شعريَ إحْسَانَهُ / فإنَّ شِعْري منكَ يَسْتَملي
ولا تَكِلْهُ لأبَاطِيْلِهِ / فالجِدُّ أوْلَى بي منَ الهزل
جُوْدُكُ أجْدَى في طِلاَب العلا / من الحَيَا في البَلَدِ المحل
جودٌ لو أنَّ الأرضَ غيْثَتْ به / لم تُنْبِتِ البُرَّ مَعَ البقل
وهزَّة لو أنها نشوةٌ / لكان منها النُّسْكُ في حِلِّ
ومنطقٌ لو لم يكن مفْرَداً / لَفُضَلَ القَولُ على الفِعْل
يحكي جنى النَّحْلِ ولكنّه / لم تَكْتَنِفْهُ إبَرُ النحل
كم من يدٍ بيضاءَ مشكورةٍ / أوليت بين الأزم والأزل
وحجة كالصبح مشهورة / قُمْتَ بها تُعلي وَتَسْتَعلي
ومأزِقٍ ضَنْك تَقَحَّمْتُه / تُرْخِصُ بالأرواحِ أوْ تُغلي
ومُنْتَدىً رحبٍ تَبَوَأْتَهُ / مُضْطَلِعاً بالعَقْدِ والحلِّ
إنَّ أَبا حفصٍ أرانا العُلا / أقومَ مِنْ ساقٍ على رجل
رِد يا أبا حفص جِمامَ العلا / ما شئتَ من عَلٍّ ومن نَهْل
يَنمِيك للمجد أبو قاسمٍ / ما أقْرَبُ الفَرْعَ من الأصْلِ
كلاكُمَا قامَ على مَجْدِهِ / بشاهدٍ منْ مَجْدِهِ عَدْلِ
منْ أسْرةٍ إنْ شَهدوا مَشْهَدَا / كانوا أحقَّ الناسِ بالخَصْلِ
لو كَتَبُوا أحْسَابَهُمْ أحْرُفاً / أغْنَتْكَ عن نَفْطٍ وعن شَكْل
تَسَرْبَلُوا للحربِ أثْوَابَها / ليسوا بأنْكاسٍ ولا عُزْلِ
وَأوْرَدُوا أعْدَاءَهُمْ مَوْرِداً / رَنْقاً من الغِسْلينِ والمُهْلِ
دُوْنَكَ مما صُغْتُهُ حليةً / فَصَّلْتُها بالمنطقِ الفَصْل
تلهيكَ في الخلوةِ أبياتُها / وَرُبَّما هَزَّتْكَ في الحَقْل
فإن يكنْ حُسْنٌ فلا مِثْلُهَا / أوْ يكُ إحسانٌ فلا مثلي
يا لذّةَ العيشِ إني عنكِ في شُغُلِ
يا لذّةَ العيشِ إني عنكِ في شُغُلِ / لا ناقتي منكِ في شيءٍ ولا جَمَلي
حسبي خَلَعتُك للأعلامِ خافقةً / ألموتُ في ظِلّها أحلى منَ العسل
في كلِّ مضطرمِ الأحشاءِ حالِكِها / ترى الرَّدى فيهِ مُفتاتاً على الأجل
تَعْدُو بسرْجِي إليه كلُّ سابحةٍ / كأنَّ غُرَّتَها في مُرْتَقى زُحَل
قد عُوِّدَتْ أن تخوضَ الماءَ وادعةً / تَهاديَ الخودِ بين الحلْي والحُلَل
والخيلُ فوضى تَبَارَى في أَعِنَّتِها / تعومُ في الدم أو تعْلُو على القُلَل
والحربُ تُلْحِمُ نصلَ السيفِ كلَّ فتىً / لا يُلْحِم السيف إلا هامةَ البَطَل
هناك سَلْ بي ولولا أن يَغُضَّ بها / قومٌ لقلت اشْهدِ الهيجا ولا تَسَل
ونازحٍ بين قُطْرَيْهِ يضيقُ به / ملءُ الفضاءِ فقصّرء عنه أو أطِل
لا ينشأُ الدَّجْنُ فيه خوفَ هاجرةٍ / تَشْتَفُّ ما في نَوَاحِيْهِ منَ البلل
وتَنْثَني الريح عن أَدنى مقاصدهِ / حسْرى تَبَيَّنُ فيها فَتْرَة الكسلِ
نُمْسي المنونُ به غَرْثى ولو ظَفِرَتْ / بأَكْلَةٍ ما أساغَتْها منَ الوجَل
فَسَلْهُ بي فَلَعمْرِيْ إن ثبتَّ له / ليخبرنَّكَ عن أُعْجُوبةٍ جلل
عن قُلَّبِ القَلْبِ يَفْري كلَّ نازلة / حَزماً يسدُّ طريقَ العارِضِ الهَطِل
أكلَّما طلعتْ نفسي إلى أملٍ / لم يَعْدُها عائقٌ عن ذلك الأمل
ذَنْبي إلى الدَّهْرِ حلمْي عن جَرَائمِهِ / أوْلى له لستُ بالواني ولا الوَكِل
لأقْدِمنَّ ولو أثناءَ داهيةٍ / دهياءَ لم تشْتَمِل قَبْلي على رَجُل
لا يحرزُ المجدَ إلا من تَوَزَّرها / إنّ المآثر لا يُحْرَزْن بالحيل
من مُبلغٌ عنّيَ الفتيانَ مألُكَةً / ولستُ أنطِقُ عن إفْكٍ ولا خَطَل
إني تركتَ ابن منظورٍ لواردِهِ / لمعُ السَّرابِ وداعيه ابنة الجبل
فلست أحْنُو بمرآه على صَنمٍ / ولا أُعَرِّجُ مِنْ مَغْنَاه في طَلَلِ
ولا ألوذُ به ملآنَ من صَلَفٍ / يخاتِلُ المجدَ بين الجُبْنِ والبَخَلِ
هذي القصائدُ وَاسمُ الهوزنيِّ لها / وها أنا وأياديهِ الجزيلةُ لي
بَيْني وبينَ العُلا منْ ذِكْرِهِ أردٌ / مثلُ النسيمِ خِلالَ الروضة الخَضِلِ
إليك داعيه لفظ غير مشترك / على الأماني ومعنى غير مشتكل
هات الأحاديث عَنْهُ ربما نَفَعَتْ / ما ليسَ يَنْفَعُ بَرْدُ الماءِ لِلْغُلل
وَمُنْيَتي مَجْلِسٌ منه أغيظ به / قَوْماً ولو جئتُهُ أمْشِي على الأسل
فالثمْ أنَامِلَهُ عنْ خاطِري وَفَمي / واشكرْهُ عنّي وعنْ إحسانه قِبَلي
منْ لي به البحرَ معسولاً مواردُهُ / وقد جلستُ على الضحضاح والوَشل
وأين لي عنه شمساً غير آفِلَةٍ / وإن أردتَ فظلٌّ غيرث منتقل
وقائلاً غيرَ مَنْزُورٍ ولا خَطِلِ / وفاعلاً غير مَنَّانٍ ولا مَذِل
وحامياً لا يُبَالي مَنْ يلوذُ به / أنْ يَكْشِرَ الموتُ عن أنْيَابهِ العُصل
تَقَاصَرَتْ عن عُلاَهُ كلُّ مَرْقَبَةٍ / لو طاولتها مَرَاقي الشُّهْبِ لم تَطُل
يضيقُ شِعْريَ عما أنتَ فاعِلُهُ / وفيه فَضْلٌ على الأيّامِ والدُّولِ
وطائرِ الذِّكْرِ إلاَّ أنَّه نَبَأٌ / إفكٌ يُخَوِّضُ فيه كلُّ مُنْتَحل
شتّى الظنونِ كأنَّ الأرضَ تَطْلُبُهُ / بما جَنَى فَوْقَها من غَامِضِ الوجل
ضَمَّنْتُ مَجْدَكَ أشْعَاري فباتَ لها / كأَنّهُ نَهْبُ أطْرَافِ القنا الذُّبُل
حسادةً لك لا تَعْدُوهُ صَرْعَتُها / وإنْ أتَتْهُ بها الأيَّامُ في مَهَل
عمداَ إليكَ تركْتُ الناسَ كلَّهُمُ / السيدُ الرأيِ لا يؤتْى مِنَ الزلل
أوْلى الأنامِ بأَشْعَاري وإن كَسَدَتْ / مَنْ كانَ أوْلاهُمُ بالقولِ والعمل
جَرَّبتُ من زَمَني ما فيه لي عِظَةٌ / لمثلها أسْرَفَ العُذَّالُ في عَذَلي
لا أخْدَعُ النَّاسَ عنّي قد بَلَوْتُهمُ / يا دهرُ أُنْجُ ويا وشكَ الحمامِ غُلِ
أيَنَفَضِي الدَّهْرُ لم تَظْفَرْ يَدِي بأَخٍ / إذا سمعتُ بسوْءٍ عنهُ لم أخَل
نعمَ النصيبُ منَ الدنيا أخو ثقةٍ / إن حالَ شيءٌ من الأيَّامِ لم يَحُل
حقاً أقولُ لقد أَعْلَيْتَ مِنْ هِمَمي / فسرنَ بي في العُلا سَيْرُورَةَ المثل
حتَّى لأوْهَمْنَني أنَّ الكواكبَ منْ / حَلْييْ وأن صروفَ الدَّهرِ منْ خَوَلي
مُرِ اللياليَ تَفْعَل غيرَ وانيةٍ / وَحُدَّ للقَدَرِ المقدُورِ يَمْتَثِل
واستقصِ بأسَ أبي حَفْصٍ ونائِلَهُ / كلاهما بالذي تَرْضَى عُلاك كِلِ
فَرع سموتَ به في كلِّ مَكْرُمَةٍ / نَسْلٌ لأيِّ ذُراها الشمِّ لم يَنَلِ
وصارمٌ تَتَمَنَى كلُّ شارقَةٍ / في الجوِّ لو أنَّها نِيطَتْ عليه حُلِيْ
وإنْ تَجانَفَتِ الأيّامُ قوَّمَها / بعزمِ مُخْتَبرٍ في حدِّ مُهْتَبِل
تُرَنّمُ الطيرُ شعري بعدُ عجْمَتِها / حمصُ الزمانُ وأنت الشمسُ في الحمل
أُثْني عليكَ وحسبي أنّهُ سببٌ / بيني وبينَ المعالي جدُّ مُتَّصل
وكم تَمَطّرَ بي في شأْوِ كلِّ علا / وإن غدا وهو للحرمان في شَكَل
وارحْمَتَا ليَ سَيْفاً لو ضربتَ به / عَضْبَ المضاربِ رثَّ الجَفْنِ والخِلَلِ
تشوَّفَ العيدُ مِنْ جَدْوى يديكَ إلى / عيدٍ على النَّاسِ والأيامِ مشتمل
فاهنأ بعيدٍ لها الأفْرادُ فيه إذا / لم يهنأُوا غيرَ عَقْرِ الضانِ والإبل
ولا يَزَلْ يَتَصَدَّى في ذُراك إلى / عِناقِ ما شاءَ من أنْسٍ ومِنْ جَذَل
ولا انتحتنيْ مِنَ الأيّامِ نائبةٌ / حتّى تَوَهَّم قلبي من هواكَ خِلي