القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أحمد مُحرَّم الكل
المجموع : 9
رُدُّوا بَني قَيْنُقاعَ الأمرَ إذ نزلا
رُدُّوا بَني قَيْنُقاعَ الأمرَ إذ نزلا / هيهاتَ هيهاتَ أمسى خَطبُكم جَللا
نقضتُمُ العهدَ معقوداً على دَخَلٍ / لعاقدٍ ما نَوى غشاً ولا دخلا
مازال شيطانُكم بالغيظِ يَقدحه / بين الجوانِح حتّى شبَّ واشتعلا
هاجت وقائعُ بدرٍ من حَفيظتِكم / ونَبّهتْ منكمُ الداءَ الذي غفلا
أتنكرون على الإسلامِ بهجتَهُ / والله أطلعه من نوره مثلا
دِينُ الهدى يا بني التوراةِ يَشرعُه / للناسِ مَن شرَع الأديانَ والمِلَلا
لا تدّعوا أنكم منها بِمُعتصَمٍ / واقٍ ولا تطمعوا أن تُتركوا هَمَلا
جاء النبيّين بالفرقانِ وراثُهم / سُبحان من نقل الميراثَ فانتقلا
رأى النفوسَ بلا هادٍ فأرسله / يَهدِي الشعوبَ ويشفي مِنهمُ العِلَلا
هلا سألتم أخاكم حين يَبعثُها / هوجاءَ يعصفُ فيها الشرُّ ما فعلا
إنّ التي رامها في عزّها سَفهاً / لَتُؤثِرُ الموتَ ممّا سامها بدلا
لا يَبلغُ العِرضَ منها حين تمنعُه / من خيفةِ العارِ حتى تبلغَ الأجلا
وقد يكونُ لها من ربّها رَصَدٌ / إذا رماهُ بِعَيْنَيْ غَاضبٍ جَفلا
ما زال بالدّمِ حتّى ظلّ سافحهُ / يجري على دمه مُسترسِلاً عَجِلا
ما غرّكم بقضاءِ اللهِ يُرسله / على يَدَيْ بطلٍ أعظم به بطلا
لقد دعاكم إلى الحسنى فمال بكم / من طائفِ الجهلِ داعٍ يُورثُ الخَبَلا
قلتم رُويداً فإنّا لا يُصابُ لنا / كُفؤٌ إذا ما التقى الجمعانِ فاقتتلا
لسنا كقومك إذ يلقون مَهلكَهم / على يديك وإذ يُعطونكَ النَّفلا
يا ويلكم حين ترتجّ الحصونُ بكم / ترجو الأمانَ وتُبدي الخوفَ والوَجلا
كم موئلٍ شامخِ العرنين يُعجبكم / يَودُّ يومئذٍ لو أنّه وَأَلا
أمسى عُبادةُ منكم نافضاً يدَهُ / فانبتَّ من عهدِهِ ما كان مُتّصلا
نِعمَ الحليفُ غدرتم فانطوى حَنقاً / يرجو الإله ويأبَى الزيغَ والزللا
ما كان كابن أُبيٍّ في جَهالته / إذ راح شيطانُهُ يُرخِي له الطولا
مَضَى على الحلف يرعَى معشراً غُدُراً / أهوِنْ بكم معشراً لو أنّه عقلا
لا تذكروا الدمَ إنّ السيفَ مُنصلِتٌ / في كفِّ أبيضَ يُدمِي البِيضَ والأسلا
وجانِبوا الحربَ إن الله خاذلُكم / ولن تروا ناصراً يُرجَى لمن خَذلا
مشى الرسولُ وجندُ اللهِ يتبعُه / من كلّ مِقدامةٍ يغشى الوغَى جَذِلا
يهفو إلى الموتِ مُشتاقاً ويطلبُه / بين الخميسَيْنِ لا نِكْساً ولا وَكَلا
لو غَيّبتْهُ المواضِي في سرائرِها / ألقى بمهجته يرتادُ مُدَّخلا
يُخال في غَمراتِ الرَوْعِ من مَرَحٍ / لولا الرحيقُ المصفَّى شارباً ثَمِلا
أهاب حمزةُ بالأبطالِ فانطلقوا / وانسابَ مُنطلقاً يَهديهمُ السُّبلا
عَجِبتُ للقومِ طاروا عن مواقعهم / ما ذاقَ هاربهُم سيفاً ولا رَجُلا
مَضَوْا سِراعاً إلى الآطامِ واجفةً / يُخالُ أمنعُها من ضعفِه طَللا
طال الحصارُ وظلّ الحتفُ يرقبُهُم / حَرّانَ يشجيه ألا ينقعَ الغُللا
أفنوْا من الزادِ والماعونِ ما ادّخروا / واحتال أشياخُهم فاستنفدوا الحيلا
مِن كل ذي سَغَبٍ لو قال واجدُه / كُلْنِي ليعلمَ ما في نفسهِ أُكلا
لا يملكون لأهليهم وأنفسهم / إلا العذاب وإلا الظنَّ والأملا
ظلّت وساوسُهم حيرى تجولُ بهم / في مجهلٍ يتردَّى فيه من جَهِلا
حتّى إذا بلغ المكروهُ غايتَه / وهال كلَّ غويِّ الرأي ما حملا
تضرّعوا يسألون العفوَ مُقتدرِاً / يجودُ بالعفو إن ذو قُدرةٍ بخلا
أعطى النفوسَ حياةً من سماحته / فكان أكرم من أعطى ومن بذلا
لو شاء طاح بهم قتلاً فما ملكوا / من بعد مَهلكهم قولاً ولا عملا
ما الظنُّ بابن أُبيٍّ حين يسأله / من الأناةِ وفضلِ الحِلمِ ما سألا
أما رأوه جريحاً لو يُصادِفُه / حِمامُه لم يجد من دونه حِوَلا
زالوا عن الدورِ والأموالِ وانكشفوا / عن السلاح وراحوا خُضّعاً ذُلُلا
هو الجلاءُ لقومٍ لا حُلومَ لهم / ساؤوا مُقاماً وساؤوا بعدُ مُرتَحلا
ساروا إلى أذرعاتٍ ينزلون بها / نُكْداً مشائيمَ لا طابت لهم نُزُلا
بادوا بها وتساقَوْا في مصارعِهم / سُوءَ العذابِ ومكروهَ الأذى نَهَلا
يَلومُ بعضٌ على ما كان من سَفَهٍ / بعضاً فمن يَقترِبْ يسمعْ لهم جَدلا
أهلُ المعاقلِ هدّتهم مُدمّرةٌ / تَمضِي فلا معقلاً تُبقي ولا جبلا
رمى بها من رسولِ الله مُتّئِدٌ / لا يأخذُ الناسَ حتى ينبذوا الرسلا
هل دولةُ الحقّ إلا قُوةٌ غَلبْت / فافتحْ بها الأرضَ أو فامسَحْ بها الدُّولا
ما الكيدُ ما الغدرُ ما هذي الأباطيلُ
ما الكيدُ ما الغدرُ ما هذي الأباطيلُ / الجيشُ مُحتشِدٌ والسَّيف مَسلولُ
بَنِي النَّضيرِ وما تُغنِي مَعاقِلُكم / كُفُّوا الأذى ودعوا العُدوان أو زولوا
إنّ القتيلَ لمن غرّته صَخرتُه / فَظنَّ أنّ رسولَ اللهِ مقتول
جاء البريدُ بها حرَّانَ يحملهُ / من رحمةِ المَلِكَ القُدُّوسِ جبريل
ما أكذبَ ابنَ أُبيٍّ إذ يقولُ لكم / لا تتّقوا القومَ إنّ النصرَ مكفول
أولاكمُ النَّصحَ سلّامٌ وأرشدكم / لو أنّ نُصحَ ذوِي الألباب مقبولُ
مَهلاً حُيَيُّ أما تنهاك ناهيةٌ / عمّا أردتَ ولا يهدِيكَ مَعقولُ
لا الحلفُ حقٌّ ولا الأنصارُ إن صدقوا / يغنون عنكم وأنَّى يصدقُ القِيلُ
بنو قريظةَ هدّ الخوفُ جانبَهم / والقومُ من غَطفانٍ غالهم غُول
إنّ الأُلَى جمع الليثُ الهصورُ لكم / لَهْمُ الحُماةُ إذا ما استصرخَ الغيل
أتطلبون دمَ الإسلامِ لا حَكَمٌ / إلا السُّيوف ويقضِي الأمرَ عزريل
هل يَنفعُ القومَ إن أزرى بهم قِصَرٌ / عن مركب البأسِ آطامٌ بها طول
ملُّوا الحياةَ وملّتهم معاقلُهم / كلٌّ بغيضٌ وكلٌّ بعدُ مملول
يدعو كنانةُ محزوناً وصاحبه / زال الخفاءُ وبعضُ القولِ تضليل
يا قومنا أرأيتم كيف يُخلفكم / من كلّ ذي مِقَةٍ وعدٌ ومأمول
دَعُوا الحصونَ وزولوا عن مساكنِكم / حُمَّ القضاءُ وأمرُ اللَّهِ مفعول
قَضَى النبيُّ فما من دونِ مطلبهِ / وسُولهِ مَطلبٌ للقومِ أوسُول
وليس للأمرِ إذ يُقضَى على يدهِ / بالحقِّ من ربّهِ ردٌّ وتحويل
تلفتوا ينظرون الدورَ شاهقةً / من حولها النخلُ تحنيها العثاكيل
والماءُ ينسابُ والأظلالُ وارفةٌ / والزرعُ في شطئهِ بالزرعِ موصول
قالوا أيذهبُ هذا كلُّه سَلَباً / للقومِ من بعدنا تلك العقابيل
وأقبلوا يهدمون الدُّورَ فاختلفتْ / فيها المعاولُ شتَّى والأزاميل
لها على الكُرهِ في أرجائِها لغةٌ / كما تردَّدَ في الأسماعِ ترتيل
الرُّوحُ يهتفُ والإسلامُ مُبتهَجٌ / والكفرُ في صَعقاتِ الهولِ مخبول
يا للركائبِ إذ تمشي مُذَمَّمةً / والقومُ من فوقها سُودٌ معازيل
العزُّ في عَرَصاتِ الدّورِ مطَّرَحٌ / والمال والْحَلي في الأكوارِ محمول
قالوا الرحيل فما أصغت مُثَقَّفةٌ / ولا استجابَ طريرُ الحَدِّ مصقول
نادَى المُوكَّلُ بالأدنى يُعلِّلُهم / وفي الأباطيلِ للجُهّالِ تعليل
هذا الذي يَرفعُ الدنيا ويَخفِضُها / هيهاتَ ذلك إرجافٌ وتهويل
مَواكبُ العارِ لا وسمُ الهوانِ بها / خافٍ ولا أَثرُ الخذلانِ مجهول
ما في الهوادجِ والديباجُ يملؤها / للِخزيِ ملءَ وجوهِ القومِ تبديل
وما الأساوِرُ والأقراطُ نافعةٌ / ولا العقودُ الغوالي والخلاخيل
تشدو القِيَانُ بأيديها مَعازِفُها / وما عليها غَداةَ الجِدِّ تعويلُ
تجلَّدوا يتّقون الشامِتينَ بهم / لبئسما زَعَمَ القومُ المهازيل
فِيمَ الشماتةُ هل كانوا ذَوي خَطَرٍ / بل غالَ أحلامَهم ظَنٌّ وتخييل
لهم بِخَيْبَرَ أقدارٌ مُؤجّلةٌ / وأذرعاتٍ وللأقدارِ تأجيل
أدركَتَها يا ابنَ وهبِ نعمةً نَصرتْ / في القوم جدَّك والمغرورُ مخذول
تلك الوسيلةُ من تعلَقْ بها يَدُه / لم يَعْدُه من عطاءِ الله تنويل
وأنت يا ابنَ عُمَيرٍ زِدتَ مَرتبةً / وللمراتبِ عند اللَّهِ تفضيل
أنكرتَ فِعلَةَ عمروٍ حين همّ بها / فالنَّفسُ غاضبةٌ والمالُ مبذول
رَمَيْتَهُ من بني قيسٍ بِمُقتنِصٍ / يمشي الضِّرَاءَ فأمسى وهو مأكول
أتلك إذ صدقت يا عمرو أم حَجَرٌ / يرمِي به الصادقَ المأمونَ إجفيل
وَدِّعْ ذَويكَ وسِرْ في شأنِكَ الجَلَلِ
وَدِّعْ ذَويكَ وسِرْ في شأنِكَ الجَلَلِ / للَّهِ يا ابنَ عُمَيْرٍ أنتَ من رَجُلِ
سِرْ بالكتابِ رَسولاً حَسْبُهُ شَرفاً / أن راحَ يَحمله مِن أشرفِ الرُّسُلِ
يا حاملَ الجبلِ المرقومِ دُونَكَهْ / مَن ذا سِواكَ رَعَاكَ اللَّهُ لِلجَبَلِ
إلى هِرقْلَ تأنَّى دُونَ سُدَّتِهِ / صِيدُ الملوكِ وتلقاهُ على مَهَلِ
تَرتدُّ عن تاجِهِ الأبصارُ خاشعةً / فما تُلاحِظُه إلا على وَجَلِ
إليهِ يا ابنَ عُمَيْرٍ لستَ وَاجِدَهُ / إلا امْرَأً هَمَلاً في معشرٍ هَمَلِ
لأنتَ أعظمُ منه في جلالتِهِ / وما جلالةُ غاوي الرأيِ مُختبلِ
لا يَعرِفُ الدّينَ إلا فتنةً وهَوىً / أعْمَى المقاصدِ والآفاقِ والسُّبُلِ
هذا كتابُ رَسولِ اللهِ يُنذره / فاذهبْ إليه وخُذْهُ غيرَ مُحتفلِ
مَهْلاً شُرَحبيلُ لا حُيِّيتَ من رَجُلٍ / إن هَمَّ بالشَّرِّ لا يحفِلْ ولم يُبَلِ
بادي الشراسةِ عادٍ ما يُلائِمُه / في موضعِ الذَّمِّ إلا أسوأُ المَثلِ
هاجَتْهُ من نَزَواتِ الجهلِ ثائرةٌ / لم تُبْقِ من كَلَبٍ يَهتاجُ أو ثَولِ
فطاح بابنِ عُمَيْرٍ باسلاً بطلاً / يَفُلُّ في الرَّوْعِ بأس الباسلِ البطلِ
يا للرَّبيطِ يَسلُّ السيفُ مُهجتَهُ / في غير مُعتَركٍ حَامٍ ومُقتتَلِ
كذلك الغدرُ لا ظُلْمٌ بِمُجتنَبٍ / في الغادرينَ ولا لُؤْمٌ بِمُعْتَزَلِ
ما كانَ ذَنْبُ امرئٍ في اللَّهِ مُرتَحِلٍ / يرجوه في كلِّ مُحتَلٍّ ومُرتَحَلِ
سِرْ يا ابنَ حارثةٍ بالجيشِ تقدمه / هذا لواؤكَ فابعثه على عَجَلِ
ادْعُ الأُلَى اتخذوا العَمياءَ وارتكسوا / فيها إلى أرشدِ الأديانِ والمِلَلِ
فإن أبَوْا فَسيوفُ اللَّهِ تأخذهم / من كلِّ مُتَّقِدِ الحدَّيْنِ مُشْتَعِلِ
أمْرُ النبيِّ فَسِرْ يا زيدُ مُمتثلاً / والجندُ جُندُكَ ما تَأمُرْهُ يَمْتَثِلِ
فإن أُصِبْتَ فمن سَمَّى على قدرٍ / وليس للنفسِ إلا غايةُ الأَجَلِ
اِتْبَعْ وصاياه فيما لا يَحِلُّ لكم / ولا يَليقُ بكم مِن سيِّئ العَمَلِ
دَعُوا الصوامِعَ واسْتَبْقُوا النِساءَ ولا / تُؤذوا صَغيراً ولا تُودوا بِمُكْتَهِلِ
لا تقطعوا شَجَراً لا تَهدِموا جُدُراً / لا تقربوا ما استطعتم مَوطِنَ الزَّلَلِ
هذا هرقلُ يسوقُ الجيشَ مُرتكماً / كالعارِض الجوَنْ يرمِي الأرضَ بالوَهَلِ
يُزجِي الكتائبَ من رُومٍ ومن عَرَبٍ / في المُرْهفاتِ المواضي والقَنا الذُّبُلِ
والصَّافناتِ تَهادَى لا عِدَادَ لها / من كلِّ مُنذَلِقٍ في الكَرِّ مُنجفلِ
إنّ الذين أداروا الرأيَ وانتظروا / لم يَبْرَحِ النّصرُ مولاهم ولم يَزَلِ
الغالبونَ وإن قلّوا وظَنّ بهم / ما يكرهُ اللَّهُ أهلُ الزُّورِ والخَطَلِ
لم يلبثِ القومُ حتّى قال قائلُهم / فِيمَ الحوارُ وهل في الأمرِ من جَدَلِ
إنّا خرجنا نريدُ اللهَ فاسْتَبِقُوا / من كلِّ مُنتَهِبٍ للخيرِ مُهْتَبِلِ
لو زالتِ الأرضُ أو حَالتْ جَوانِبُها / بِمَنْ عليها مِنَ الأقوامِ لم نَحُلِ
هُما سبيلانِ إمّا النصرُ نُدرِكُه / أو جنّةُ الخُلدِ فيها أطيبُ النُّزُلِ
لسنا نُقاتِلُ بالآلافِ نَحشُدها / ألفاً لألفٍ من الأبطالِ مُكتملِ
إنّا نقاتلُ بالدِّينِ الذي ضَمنتْ / أعلامُه النَّصرَ في أيَّامِنا الأُوَلِ
لولا مقالةُ عبدِ اللهِ ما انْكشفتْ / تِلكَ الغَواشِي ولولا اللَّهُ لم يَقُلِ
تَقلَّدُوا العزمَ للهيجاءِ وادَّرَعُوا / من صادِق البأسِ ما يُغني عن الحِيَلِ
وأقبلوا لو تَميلُ الشُّمُّ من فَزَعٍ / لم يضطربْ جَمعُهم خَوْفاً ولم يَمِلِ
يا مُؤْتَةُ احْتَمِلي الأهوالَ صابِرةً / هيهاتَ ذلك شيءٌ غيرُ مُحتَمَلِ
جِنُّ الكريهةِ يَستشرِي الصِّيالُ بهم / في مَوطنٍ لو رأته الجِنُّ لم تَصُلِ
ما زالَ قائدُهم يُلقِي بِمُهجتِهِ / يَرمِي المنيَّةَ في أنيابِها العُصُلِ
يَغْشَى مَواردَ من أهوالِها لُجَجاً / تلك المواردُ ليس الغَمْرُ كالوَشَلِ
ما مَن يخوضُ الوغَى تَطغَى زَواخِرُها / كَمَنْ يُجانِبُها خَوْفاً من البَلَلِ
يا زَيْدُ أدَّيْتَ حقَّ اللهِ فامْضِ على / نَهْجِ الأُلَى انتقلوا من قبلُ وانْتَقلِ
آبوا إلى خيرِ دارٍ ما لِنازِلِها / من أوْبَةٍ تبعثُ الأشجانَ أو قَفَلِ
يَسْلُو أخو العقلِ عن دارِ الهُمومِ بها / ويَحْتَوي مَنزِلَ الأدواءِ والعِلَلِ
جَاهدْتَ في اللَّهِ تُرضيهِ وتنصُره / لم تَلْقَ من سَأَمٍ يوماً ولا مللِ
هذا الذي نَبَّأَ اللَّهُ الرسولَ بهِ / فَاغْنَمْ ثَوابَكَ وَالْقَ الصَّحْبَ في جَذَلِ
وأنتَ يا جعفرُ المأمولُ مشْهَدُه / خُذِ اللِّواءَ وجَاوِزْ غايةَ الأملِ
هذا جَوادُكَ ما حَالتْ سَجِيَّتُه / ولا ارْتضَى بِوَفاءِ الحُرِّ من بَدَلِ
عَقَرْتَهُ ورَكبتَ الأرضَ تَمنعُه / مَواطِنَ السُّوءِ من ضَنٍّ ومن بَخَلِ
أكرمتَهُ وحَرمتَ القومَ نجدتَهُ / فَصُنتَ نفسَكَ عن لَوْمٍ وعن عَذَلِ
دَلَفتَ تَمشي على الأشلاءِ مُقتحماً / والقومُ مُنجدلٌ في إثرِ مُنْجَدِلِ
فقدتَ يُمناكَ فانصاتَ اللِّواءُ على / يُسراكَ ما فيه من أمْتٍ ولا خلَلِ
حَتَّى هَوَتْ فجعلتَ الصدرَ مَوضِعَهُ / كأنّهُ منه بِضْعٌ غَيرُ مُنفَصِلِ
يَضمُّهُ ضَمَّ صَادِي النَّفسِ يُولِعُهُ / بِمن أطالَ صَداهُ لَذّةُ القُبلِ
يا قائدَ الجيشِ ضَجَّ الجيشُ من ألمٍ / وأنت عن دَمِكَ المسفوكِ في شُغُلِ
تَقضي الذمامَ وتَمضِي غيرَ مُكْتَرِثٍ / كأنّما الأمرُ لم يَفدَحْ ولم يَهُلِ
لَقِيتَ حَتْفَكَ في شَعْواءَ عَاصِفةٍ / حَرَّى الجوانحِ ظَمْأى البيض والأسَلِ
أعطيتَها مِنكَ نَفْساً غيرَ واهنةٍ / أَعْطَتْكَ سَوْرَةَ مَجدٍ غيرِ مُنْتَحَلِ
لكَ المناقبُ لم تُقْدَرْ غَرائِبُها / مِلءَ المشاهدِ لم تُعْهَدْ ولم تُخَلِ
مَن يُؤْثر الحقَّ يبذُلْ فيه مُهْجَتَهُ / ومن يكُنْ هَمُّهُ أقصَى المدَى يَصِلِ
لا شيءَ يُعجِزُ آمالَ النُّفوسِ إذا / خَلَتْ من الضَّعفِ واسْتَعصتْ على الكَسَلِ
انهضْ بِعِبْئِكَ عبدَ اللهِ مُضطلِعاً / بكلِّ ما تحملُ الأطوادُ من ثِقَلِ
هذا مَجالُكَ فَارْكُضْ غيرَ مُتَّئِدٍ / وإنْ رأيتَ المنايا جُوَّلاً فَجُلِ
كم جِئْتَ بالعَرَبيِّ السَّمْحِ مُرتَجِلاً / واليومَ يومُ منايا الرُّومِ فَارْتَجِلِ
للعبقريّةِ فيهِ مَظْهَرٌ أنِقٌ / يا حُسْنَهُ مَظهراً لو كان يُقدَرُ لي
قنعتُ بالشِّعرِ أغزو المشرِكينَ به / فلم أُصِبْ فيه آمالي ولم أنلِ
لَقَطْرَةٌ من دَمِي في اللهِ أبذلُها / أبقى وأنفعُ لي مِن هذهِ الطِّوَلِ
تَقَلَّدَ القومُ مِلءَ الدّهرِ من شرفٍ / وليس لي من غَواليها سِوَى العَطَلِ
إن شاءَ ربّي حَبانِي من ذَخائِرها / أغْلَى الحُلَى وكَساني أشرفَ الحُلَلِ
الحمدُ للهِ أجرى النُّورَ من قَلمي / هُدىً لقومِي وعافاني من الخَبَلِ
أوتِيتُ ما جاوزَ الآمالَ من أدبٍ / عالِي الجلالِ مَصُونٍ غيرِ مَبْتَذَلِ
يا شاعرَ الصِّدقِ ما خابَ الرجاءُ ولا / مِثْلُ العطاءِ الذي أدركت والنَّفَلِ
خُذْ عِندَ ربِّكَ دارَ الخُلدِ تَسكنُها / قُدسيَّةَ الجوِّ والأرواحِ والظُّلَلِ
آثرتَهُ واصطفيتَ الحقَّ تَكْلَؤُه / مِمّا يُحاوِلُ أهلُ الغيِّ والضَّلَلِ
ليس العرانينُ كالأذنابِ منزلةً / ولا الغَطارِفةُ الأمجادُ كالسَّفَلِ
يا عُقْبَةُ اصْدَعْ بها بيضاءَ ناصِعَةً / تَنْفي الوَساوِسَ أو تَشفي من الغُلَلِ
القتلُ أجدرُ بالأحرارِ يأخذُهم / مُستبسِلينَ ويَنهاهم عن الفَشَلِ
ويا ابن أرقمَ نِعمَ المرءُ أنتَ إذا / تُنوزِعَ الأمرُ عند الحادث الجللِ
قالوا لك الأمر فاخترت الكفيَّ لها / وأنت صَاحِبُهُ المَرجوُّ لِلعُضَلِ
لكنَّها نَفْسٌ حُرٍّ ذي مُحافَظَةٍ / صَافِي السَّريرةِ بالإيمانِ مُشْتَمِلِ
صُنْتَ اللّواءَ وآثرتَ الأحقَّ به / إيثارَ أغلبَ لا واهٍ ولا وَكِلِ
أبى عليه حَياءٌ زادَهُ عِظماً / ما مِثلهُ من حَياءٍ كان أو خَجَلِ
قُلتَ اضْطلِعْ خالدٌ بالأمرِ فَاسْتعَرتْ / مِنهْ حَمِيَّةُ لا آبٍ ولا زَحِلِ
وَراحَ يُبدِعُ من كَيْدِ الوغَى نَمطاً / طاشتْ مَرائيهِ بالألبابِ والمُقَلِ
رَمَى العِدَى حُوَّلٌ شَتَّى مَكائِدُه / جَمُّ الأحابيلِ يُعيي كلَّ مُحْتَبِلِ
ظَنُّوا الجنودَ تَنحّتْ عن مَواقفها / لغيرها مِن عَمىً بالقومِ أو حَوَلِ
جَيْشٌ من الرعبِ يَمْشِي ابنُ الوليدِ بهِ / في مُسْبَلٍ من مُثارِ النَّقعِ مُنْسَدِلِ
ضاقُوا بِمُفْتَرِسٍ في الهَوْلِ مُنْغَمِسٍ / لِنَفْسِهِ في غِمارِ الموتِ مُبْتَسِلِ
أذاقهم من ذُعافِ الموتِ ما كرهوا / ما كفَّ عَنْ عَلَلٍ منه ولا نَهَلِ
ما لِلمُسيئينَ إلا كلُّ مُعْتَزِمٍ / في الرَّوْعِ يُحْسِنُ ضَرْبَ الهامِ والطُّلَلِ
رَمَتْ بِهم هَبَواتُ البأسِ فانكشفوا / يَنْدَسُّ هَارِبُهم في كُلِّ مَدَّخَلِ
بِئْسَ الجنودُ أضلّتهم عَمَايَتُهُمْ / فما لهم بجنودِ اللهِ من قِبَلِ
ظَنّوا الأُمورَ لغير اللهِ يَملكها / إذا جَرَتْ بين مُعْوَجٍّ ومُعْتَدِلِ
وحاربوا الحقَّ من جَهْلٍ ومن سَفَهٍ / والحقُّ فوقَ مَنالِ المعشرِ العُثُلِ
ما يَنقمُ الناسُ من دِينٍ يُرادُ بهِ / فَكُّ العقولِ من الأغلالِ والعُقُلِ
فَلْيَصْبِرِ القومُ إنّ اللهَ مُظهِرُه / على الممالكِ والأديانِ والنِّحَلِ
لَدولةُ اللهِ أبقى في خليقتهِ / فلا يَغُرَّنْكَ ما اسْتَعْظَمْتَ من دُوَلِ
أدعوكَ يا ربِّ للإسلامِ مُبتهِلاً / وأنت تسمعُ دَعْوَى كلِّ مُبْتَهِلِ
نَام المحامونَ عنه فهو مُضطهدٌ / يشكو الأَذى في شُعوبٍ خُضَّعٍ ذُلُلِ
صَرحٌ من العزِّ والسُّلطانِ ما بَرِحتْ / تَهْوِي صَياصيهِ حتَّى عَادَ كالطَّلَلِ
طالَت أَناتُكَ في القَومِ الأُلى جَهَلوا
طالَت أَناتُكَ في القَومِ الأُلى جَهَلوا / وَزادَ حِلمَكَ ما قالوا وَما فَعَلوا
أَنَمتَ سَيفَكَ عَن آجالِهِم فَعَتَوا / وَأَيقَظوا الشَرَّ لا يَعتاقُهُم وَجَلُ
ما طَيَّرَ البَرقُ عَنهُم حادِثاً جَلَلاً / نَخشاهُ إِلّا تَلاهُ حادِثٌ جَلَلُ
جَرِّدهُ أَشطَبَ ضَحّاكاً عَلى حَنَقٍ / يَجِدُّ في غَمَراتِ المَوتِ إِن هَزَلوا
وَإِنَّ سَيفَكَ وَالآمالُ خادِعَةٌ / لَكالمَنِيَّةِ يُطوى عِندَها الأَمَلُ
إِن يَسأَلوا غَيرَ ما تَرضى فَقَد جَهِلوا / أَنَّ اِعتِناقَ المَنايا دونَ ما سَأَلَوا
أَو يُصبِحوا قَد أَظَلَّتهُم عَمايَتُهُم / فَسَوفَ تَنجابُ عَنهُم هَذِهِ الظُلَلُ
ما لِلفَيالِقِ كَالدَأماءِ لا غَرَقٌ / يَغشى قَطيعَ العِدى مِنها وَلا بَلَلُ
وَلَو تَشاءُ إِذَن جاشَت غَوارِبُها / بِالمَوتِ لا زَوَرٌ عَنها وَلا حِوَلُ
حَنَّت إِلى الحَربِ تُذكيها وَتُمطِرُها / دَماً يَزيدُ لَظاها حينَ تَشتَعِلُ
تَموجُ شَوقاً إِلَيها وَهيَ ساكِنَةٌ / حَتّى تَكادُ لِطولِ الشَوقِ تَقتَتِلُ
تَرمي العِدى بِعُيونٍ حَشوُها ضَغَنٌ / تُبدي خَفايا قُلوبٍ مِلؤُها دَخَلُ
خُذهُم بِحَولٍ تَميدُ الأَرضُ خَشيَتَهُ / فَالحَولُ يَبلُغُ ما لا تَبلُغُ الحِيَلُ
اللَهُ أَكبَرُ جَلَّ الخَطبُ وَاِحتَكَمَت
اللَهُ أَكبَرُ جَلَّ الخَطبُ وَاِحتَكَمَت / فينا العَوادي وَطاشَت دونَها الحِيَلُ
حَربٌ تَبيتُ لَها الأَفلاكُ ذاهِلَةً / حَيرى يُسايِرُها الإِشفاقُ وَالوَجَلُ
قَذّافَةٌ بِالمَنايا الحُمرِ صارِخَةً / مِلءَ الفجاجَ حِثاثاً ما بِها مَهلُ
تَرفَضُّ مِن حَولِها الآجالُ جافِلَةً / تَظَلُّ مِن صَعَقاتِ الهَولِ تَختَبِلُ
يا لِلغُزاةِ قِياماً دونَ بَيضَتِهِم / إِذا هَوى بَطَلٌ مِنهُم سَما بَطَلُ
يا لِلشَهيدِ بِدارِ الحَربِ تَكنِفُهُ / فيها المَلائِكَةُ الأَبرارُ وَالرُسُلُ
يا لِلجَريحِ صَريعاً لا مِهادَ لَهُ / إِلّا النَجيعُ وَإِلّا النارُ تَشتَعِلُ
يا لِلأَرامِلِ وَالأَيتامِ باكِيَةً / تَشكو الطَوى وَتَقومُ اللَيلَ تَبتَهِلُ
يا لِلحِمى فَزِعَ الأَرجاءِ مُضطرِباً / يَخافُ عادِيَةَ القَومِ الأُلى جَهِلوا
بَني البُحَيرَةِ هَذا يَومُكُم فَخُذوا / أَعلى المَواقِفِ كَيما يَصدُقُ الأَمَلُ
تَدَفَّقوا بِالنَوالِ الجَمِّ وَاِستَبِقوا / في المَكرُماتِ فَأَنتُم غَيثُها الهَطِلُ
إِنّا لَفي غَمرَةٍ عَمياءَ لَيسَ لَها / فيما تَقَدَّمَها شِبهٌ وَلا مِثلُ
نَلهو وَنَلعَبُ وَالأَرزاءُ مُحدِقَةٌ / بِنا وَحادي الرَدى في إِثرِنا عَجِلُ
حاشا لِقَومِيَ أَن تُرجى مَعونَتُهُم / فَيَبخِلوا أَو يُعابوا بِالَّذي بذَلوا
إِنّي أَرى المالَ جَمّاً في خَزائِنِهِم / وَما عَهِدتُ بِهِم بُخلاً إِذا سُئِلوا
أَيَمنَحُ البائِسُ المِسكينُ بُردَتَهُ / وَيَمنَعُ المالَ مُثرٍ عَيشُهُ خَضِلُ
يا قَومُ إِنَّ لَكُم مِن مالِكُم بَدَلاً / وَما لَكُم أَبَداً مِن مُلكِكُم بَدَلُ
حَيّوا الأَميرَينِ حَيّا اللَهُ رَكبَهُما / أَنّى اِستَقَرَّ وَأَنّى سارَ يَنتَقِلُ
قاما بِمِصرَ مَقامَ النَيِّرَينِ فَما / تَضِلُّ سُبلَ الهُدى إِن رَابتِ السُبُلُ
رُكنا الخِلافَةِ إِن هَزَّت دَعائِمَها / هوجُ الخُطوبِ وَخيفَ الحادِثُ الجَلَلُ
بِمِثلَ ما صَنَعا تَنجو الشُعوبُ إِذا / حُمَّ القَضاءُ وَتَحمي حَوضَها الدُوَلُ
نِعمَ المَقامُ يَبينُ العامِلونَ بِهِ / وَحَبَّذا اليَومُ فيهِ يُعرَفُ الرَجُلُ
حَيّوا الهِلالَ وَحَيّوا أُمَّةَ النيلِ
حَيّوا الهِلالَ وَحَيّوا أُمَّةَ النيلِ / وَاِستَقبِلوا العيدَ عيدَ العَصرِ وَالجيلِ
يا أَيُّها العامُ يُزجي كُلَّ مُرتَقَبٍ / مِنَ الرَجاءِ وَيُدني كُلَّ مَأمولِ
بَشِّر بِأَصدَقِ أَنباءِ المُنى أُمَماً / أَنحى الزَمانُ عَلَيها بِالأَباطيلِ
طالَ الرجاءُ فَعافَت كُلَّ تَسلِيَةٍ / مِنَ الأُساةِ وَمَلَّت كُلَّ تَعليلِ
اكشِف لَنا مِن خَفايا الغَيبِ ما كَتَمَت / حُجبُ الحَوادِثِ مِن مُرخىً وَمَسدولِ
إِنّي أَرى الأَمرَ قَد لاحَت مَخايِلُهُ / في صادِقٍ مِن عُهودِ اللَهِ مَسؤولِ
يَمشي النَبِيُّ بِهِ وَالآلُ هاتِفَةٌ / وَالروحُ ما بَينَ تَكبيرٍ وَتَهليلِ
سارٍ مِنَ الوَحيِ مَن يُنكِر جَلالَتَهُ / يَكشِف لَهُ اللَهُ عَن رَوعاتِ جِبريلِ
مَن يَمنَعُ الأَمرَ يَقضي اللَهُ واقِعَهُ / وَيَدفَعُ الحَقَّ مِن وَحيٍ وَتَنزيلِ
يا داعِيَ اليَأسِ يَرجو أَن يُرَوِّعَنا / اِنظُر إِلى الآيِ هَل ريعَت بِتِبديلِ
ماذا يُريبُكَ إِذ تَبغي بِنا شَطَطاً / مِن مَوعِدٍ في ذِمامِ اللَهِ مَكفولِ
يا أَيُّها العامُ أَطلِق مِن مَواقِفِنا / في مِصرَ كُلَّ أَسيرِ الساحِ مَكبولِ
وَاِسأَل مَنابِرَها العُليا أَما رَجَفَت / لَمّا هَوى الدَهرُ بِالغُرِّ البَهاليلِ
كانوا المَصاقِعَ يَهدي كُلَّ مُعتَسِفٍ / ما يَنطِقونَ وَيَشفي كُلَّ مَخبولِ
إِذا اِستَهَلّوا بِها اِرتَجَّت جَوانِبُها / وَاِرتَجَّتِ الأَرضُ ذاتُ العَرضِ وَالطولِ
لا يَعرِفُ الناسُ هَل جاءوا بِبَيِّنَةٍ / مِن رائِعِ القَولِ أَم جاءوا بِإِنجيلِ
الأَنبِياءُ وَرُسلُ اللَهِ نَعرِفُهُم / أَوفى الهُداةِ وَأَولاهُم بِتَفضيلِ
أوتوا اليَقينَ فَلَم تُخذَل لَهُم هِمَمٌ / لَم تُبقِ في الأَرضِ جَيشاً غَيرَ مَخذولِ
تَساقَطَت لَهُمُ التيجانُ مِن رَهَبٍ / عَنِ المَعاقِدِ مِن واهٍ وَمَحلولِ
مَراتِبُ الفَضلِ لَم تُقدَر لِذي خَوَرٍ / وَلَم تُتَح لِضَعيفِ البَأسِ إِجفيلِ
وَالحَقُّ لَولا الأُنوفُ الشُمُّ تَرفَعُهُ / عَلاهُ كُلُّ وَضيعِ النَفسِ مَرذولِ
لَولا العَزائِمُ لَم تَظفَر بِمَنقَبَةٍ / يَدٌ وَلَم تَغتَبِط نَفسٌ بِتَبجيلِ
إِنَّ السُيوفَ لَيَمضي كُلُّ ذي شُطَبٍ / في الرَوعِ مِنها وَيَنبو كُلُّ مَفلولِ
سَنَّ النَبِيُّ لَنا أَيّامَ هِجرَتِهِ / مِن صادِقِ العَزمِ شَرعاً غَيرَ مَجهولِ
مَضى عَلى الحَقِّ لَم تَعصِف بِهِمَّتِهِ / ريحُ الضَلالِ وَلَم يَحفِل بِتَهويلِ
غيظَت قُرَيشٌ فَهاجَت كُلَّ مُنصَلِتٍ / ذي ساعِدٍ يَقطَعُ الهِندِيَّ مَفتولِ
يَبغونَ بِالقَتلِ مِقداماً يَصولُ عَلى / دينٍ لَهُم في حِمى الأَصنامِ مَقتولِ
لا يَرهَبُ الناسَ إِن قَلّوا وَإِن كَثُروا / في مطلَبٍ جَلَلٍ لِلَهِ أَو سولِ
رامَ المَدينَةَ جَمَّ العَزمِ يَبعَثُهُ / قَضاءُ أَمرٍ لِرَبِّ الناسِ مَفعولِ
فَاِستَعصَمَ الغارُ وَاِستَعلَت جَوانِبُهُ / بِعِصمَةِ اللَيثِ وَالأَشبالِ وَالغيلِ
لَمّا رَأى غَمرَةَ الصَدّيقِ كَشَّفَها / بِمُشرِقٍ مِن بَيانِ اللَهِ مَصقولِ
فَثابَتِ النَفسُ وَاِرتَدَّ اليَقينُ بِها / وَاِنجابَ ما كانَ مِن ظَنٍّ وَتخييلِ
وَاِستَرسَلَت بِرَسولِ اللَهِ هِمَّتُهُ / تَرمي الصِعابَ وَتَلوي بِالعَراقيلِ
يُزجي الضَلالُ سَراياهُ فَيَضرِبُهُ / بِصارِمٍ في يَمينِ اللَهِ مَسلولِ
حَتّى عَلا الحَقُّ في الآفاقِ وَاِطَّرَدَت / بيضُ الشَرائِعِ تَهدي كُلَّ ضِلّيلِ
وَاِستَجمَعَ الخَيرُ يَمشي بَعدَ مَصرَعِهِ / عَلى دَمٍ مِن دُعاةِ الشَرِّ مَطلولِ
مَدّوا مِنَ الغَيِّ حَبلاً رَدَّهُ بِيَدٍ / غالَت قُواهُ فَأَمسى غَيرَ مَوصولِ
رَمى المُلوكَ فَلَم تَترُك نَوافِذُهُ / مِنهُم لَدى الكَرِّ شِلواً غَيرَ مَأكولِ
يَهُدُّ عَرشاً بِعَرشٍ طارَ قَيصَرُهُ / عَنهُ وَيَقذِفُ إِكليلاً بِإِكليلِ
النَفسُ تَغلُبُ إِن صَحَّت عَزيمَتُها / فَتكَ الجُيوشِ وَتَدميرَ الأَساطيلِ
وَلَن يَنالَ مَصونَ المَجدِ طالِبُهُ / إِلّا بِغالٍ مِنَ الأَعلاقِ مَبذولِ
ما أَبعَدَ النُجحَ عَمَّن لا مَضاءَ لَهُ / وَأَضيَعَ الأَمرَ بَينَ القالِ وَالقيلِ
الناسُ شَعبانِ شَعبٌ كُلُّهُ عَمَلٌ / يَبغي الحَياةَ وَشَعبٌ كَالتَماثيلِ
يا حِجَّةً وَقَفَت مِصرٌ تُوَدِّعُها / خُذي مَكانَكِ خَلفَ الدَهرِ أَو زولى
كَم فادِحٍ فيكِ لَولا ما يُؤَيِّدُنا / مِن قُوَّةِ اللَهِ أَضحى غَيرَ مَحمولِ
ما تُبصِرُ العَينُ مِن شَيءٍ يَلوحُ لَها / إِلّا رَأَت عِندَهُ تِمثالَ عِزريلِ
إِذا المَنايا اِرتَمَت حَيرى أَهاب بِها / تَهدارُ حادٍ عَلى الآجالِ مَدلولِ
ما أَطلَقَ الحَتفَ إِلّا اِنسابَ في أَجَلٍ / مُصَفَّدٍ في يَدِ الأَقدارِ مَغلولِ
نَفسٌ تَطيرُ وَأُخرى لا قَرارَ لَها / إلّا عَلى عِدَّةٍ تُرجى وَتَأميلِ
يَدعو اللَهيفُ لِحَقٍّ لا مُجيرَ لَهُ / نائي الحُماةِ إِلى الدَيّانِ مَوكولِ
لا يُبصِرُ الرُشدَ في أَمرٍ يُدَبِّرُهُ / وَلا يَفيءُ إِلى رَأيٍ وَمَعقولِ
عادٍ مِنَ الخَطبِ لَم تَسكُن رَوائِعُهُ / عَن ذاهِلٍ مِن بَني مِصرٍ وَمَشغولِ
لَم نَنسَ مِصرَ وَلَم يَخدَع عَزائِمَنا / ما حَدَّثونا عَنِ العَنقاءِ وَالغولِ
سِرنا عَلى النَهجِ نَبغي خُطَّةً رَشَداً / تَمحو الظُنونَ وَتَنفي كُلَّ تَأويلِ
لا مَطلَبُ المَجدِ بِدعاً في الشُعوبِ وَلا / ذو الحَقِّ في سَعيِهِ يَوماً بِمَعذولِ
مَن عَلَّمَ القَومَ أَنَّ الحَقَّ يَدفَعُهُ / زورُ الأَقاويلِ أَو سوءُ الأَفاعيلِ
قالوا أَقاطيعُ يَغشى الذُلُّ جانِبَها / فَاِهتاجَتِ الأُسدُ تَحمي عِزَّةَ النيلِ
وَأَقبَلَت مِصرُ يَمشي أَهلُها زُمراً / مِن حاشِدينَ وَمِن شَتّى أَبابيلِ
تُهدي الرَياحينَ مِن غَضٍّ وَمِن خَضِلٍ / مُضمَّخٍ بِدُموعِ الغيدِ مَطلولِ
لَم تَبقَ في خِدرِها بَيضاءُ ناعِمَةٌ / مِنَ العذارى وَلا العوذِ المَطافيلِ
تَلَهَّبَ البَأسُ إِذ خَفَّت عَقائِلُها / بَينَ الأَساوِرِ مِنها وَالخَلاخيلِ
يُنشِدنَ مِن رائِعاتِ الآيِ مُطرِبَةً / يَزِدنَها حُسنَ تَرديدٍ وَتَرتيلِ
يَهتِفنَ مِصرُ وَمِصرٌ كُلُّ مُنجِبَةٍ / وَمُنجِبٍ مِن بَنيها غَيرِ مَفضولِ
مَن كانَ يَحذَرُ تَنكيلَ الخُطوبِ بِهِ / لا يَبرَحِ الدَهرَ مَفجوعاً بِتَنكيلِ
قالوا السَلامُ فَهَزَّ الكَونَ صارِخُهُم / عَن مُنهَلٍ بِدَمِ الأَبطالِ مَعلولِ
وَاِستَرسَلَت تَرفَعُ النَجوى وَتَنفُثُها / أَيدي اليَتامى وَأَفواهُ المَراميلِ
وَبَشَّرونا بِما سَنَّ الرَئيسُ لَنا / مِن شِرعَةٍ ذاتِ تِبيانٍ وَتَفصيلِ
وَغالَطوا الدَهرَ فيما حَدَّثوهُ بِهِ / حَتّى اِنقَضى بَينَ تَفويضٍ وَتَوكيلِ
لا يَصعُبُ الأَمرُ يوهي الشَعبُ جانِبَهُ / بِمَنكِبَيهِ وَيَرميهِ بِتَذليلِ
اليَومَ يَعطِفُ أَحرارُ الشُعوبِ عَلى / وَعدٍ لِمِصرَ بَعيدِ العَهدِ مَمطولِ
لَو قيلَ يَومَ يَقومُ الناسُ مَوعِدُنا / قالوا مَساريعُ راعونا بِتَعجيلِ
اللَهُ يَمنَعُ ما شاءَت عِنايَتُهُ / أَلّا يُباحَ وَيَأبى كُلَّ مَدخولِ
اِنظُر إِلى البَيتِ هَل ضاعَت مَحارِمُهُ / لَمّا أَغارَ عَلَيهِ صاحِبُ الفيلِ
رَماهُ بِالطَيرِ مِلءَ الجَوِّ مُسرِعَةً / تَهوي إِلَيهِ وَتَرميهِ بِسِجّيلِ
إِنّا لَعَمرُ الأُلى ظَنّوا الظُنونَ بِنا / لا بِالضِعافِ وَلا القَومِ التَنابيلِ
نَسمو إِلى الشَرَفِ الأَعلى وَيَرفَعُنا / مَجدٌ لَنا لَم نَزِدهُ غَيرَ تَأثيلِ
راسٍ عَلى الدَهرِ إِن جاشَت زَلازِلُهُ / تَطوي الجِبالَ وَتَرميها بِتَحويلِ
نَصونُ مِصرَ وَنَحميها بِما عَلِمَت / مِنَ الدُروعِ الغَوالي وَالسَرابيلِ
تِلكَ القُلوبُ الَّتي تَرعى وَدائِعَها / مِن كُلِّ صَبٍّ بِها حَرّانَ مَتبولِ
يَرتَدُّ أَمضى الظُبى عَنها وَإِن عَبَثَت / بِها الهُمومُ فَأَمسَت كَالغَرابيلِ
لَم يَبرَحِ الوَجدُ يَطغى في جَوانِبِها / حَتّى رَماها بِداءٍ ذي عَقابيلِ
يا مصرُ عامُكِ عامُ الخَيرِ فَاِرتَقِبي / فيهِ المُنى وَثِقي مِنهُ بِتَنويلِ
اللَهُ خَوَّلَكِ النُعمى الَّتي عَظُمَت / هَل يَسلُبُ اللَهُ نُعمى بَعدَ تَخويلِ
ما أَخلَفَ اللَهُ مِن وَعدٍ وَلا كَذَبَت / آمالُ شَعبٍ بِلُطفِ اللَهِ مَشمولِ
هِيَ الدَراري فَأَينَ المَطمَحُ العالي
هِيَ الدَراري فَأَينَ المَطمَحُ العالي / أَينَ البُراقُ وَعَزمٌ غَيرُ مِكسالِ
مالي أَرى هِمماً تُمسي مُصَرَّعَةً / كَأَنَّ أَنضاءَها شُدَّت بِأَغلالِ
يَغتالُها العَجزُ إِلّا حينَ يَبعَثُها / يَومٌ مِنَ الشَرِّ يُغري كُلَّ مُغتالِ
كَأَنَّ آثارَها في كُلِّ صالِحَةٍ / تَدميرُ صاعِقَةٍ أَو خَسفُ زِلزالِ
وَالناسُ شَتّى فَمِن بانٍ لِأُمَّتِهِ / وَهادِمٍ ما بَنَت في عَصرِها الخالي
وَيحَ الكِنانَةِ جَدَّ الهادِمونَ بِها / فَما تَرى العَينُ فيها غَيرَ أَطلالِ
داءُ المَمالِكِ أَن تُقضى زَعامَتُها / لِمَعشَرٍ مِن صِغارِ الناسِ جُهّالِ
هُمُ النَذيرُ فَإِن أَدرَكتَ دَولَتَهُم / أَدرَكتَ أَنكَرَ ما يُؤذيكَ مِن حالِ
جاءَ الرُواةُ بِدَجّالٍ وَما عَلِموا / أَنّا نَرى كُلَّ يَومٍ أَلفَ دَجّالِ
بُشرى التَماثيلِ إِنَّ القَومَ ما اِجتَمَعوا / إِلّا عَلى صَنَمٍ أَو حَولَ تِمثالِ
دينٌ خَبالٌ وَدُنيا غَيرُ صالِحَةٍ / وَأُمَّةٌ شُغِلَت بِالقيلِ وَالقالِ
تُلقي إِلى زُعَماءِ السوءِ مِقوَدَها / وَتَصدُقُ الوُدَّ مِنهُم كُلَّ خَتّالِ
كَأَنَّ أَيدِيَهُم فيها إِذا اِنطَلَقَت / أَيدي شَياطينَ أَو أَنيابُ أَغوالِ
نِعمَ الزَعيمُ مَضى في غَيرِ مَندَمَةٍ / يَبتاعُ كُلَّ خَسيسٍ بِالدَمِ الغالي
خانَ الضَحايا فَهَزَّ الإِنسَ صارِخُها / وَاِستَجفَلَ الجِنَّ مِنها طولُ إِعوالِ
لَم يَجعَلِ اللَهُ في أَشلائِها أَرَباً / لِكُلِّ حُرٍّ أَبِيِّ النَفسِ مِفضالِ
يا سوءَ ما شَرِبَ الأَقوامُ مِن دَمِها / وَبِئسَ ما طَعِموا مِن عَظمِها البالي
لَمِن دمٌ في مغانِي الحيِّ مطلولُ
لَمِن دمٌ في مغانِي الحيِّ مطلولُ / يَبكي عليه هوىً في السِّربِ مَخذولُ
أطمَعْنَ ذا الشَّوقِ حتّى لم يَدَعْ أملاً / ثُمَّ انصرَفنَ وما فيهنَّ تَأميلُ
يُحدِثنَ في الحبِّ ديناً كلُّه بِدعٌ / والحبُّ دِينُ الهُدَى ما فيه تبديلُ
يا سارِيَ البرقِ هل لي منك راحلةٌ / أم أنتَ عن دارِها بالشّام مَشغولُ
حَملتُ حُرَّ الهَوى والشَّوقِ في كَبدٍ / وَلْهَى يَلوذُ بها حَرَّانُ مَتبولُ
يا قلبُ وَيحكَ لا الأُردنُّ طَوعُ يَدِي / إن جِئتَ مُستسْقِياً يوماً ولا النّيلُ
مالي وللماءِ ما تجرِي جَداوِلُه / إلا جَرَى بالمنايا فيه عِزريلُ
أهتاجُ للموتِ يَغشاني ويُمسِكُني / أَنِّي على ظَمَئِي والوِردُ مقتولُ
يا طائرَ الشّامِ هَزَّتْهُ خَمائِلُهُ / رَأْدَ الضُّحَى واسْتَخفَّتْهُ الأظاليلُ
هَيَّجتَ في النّيل طيراً ما بأيكتهِ / لِينٌ ولا عُودُه ريّانُ مَطلولُ
يَسْتَشرِفُ الطّيرَ تَستهوِي عصابتَها / عَمياءُ آفاقُها غُبْرٌ مَجاهيلُ
أسرَى القطا حين تَستغشِي غياهبَها / واني المطارِ وأهدى الجنِّ ضِلّيلُ
ما يَنتحِي القَدَرُ الجاري بها أَمَداً / حتّى يكونَ له رَدٌّ وتحويلُ
ماذا يرى النّاسُ في شَعْبٍ تُهدِّمُه / أهواؤُه وتُعفِّيهِ الأباطيلُ
إلّا يكن طَللاً يُشجيكَ دَارِسُه / فإنّه مَنزلٌ بالسُّوءِ مأهولُ
كأنَّهُ حِينَ غَالتْهُ عَمايتُه / على الهوانِ وحُبِّ الضَّيمِ مَجبولُ
مَشَى به الجِدُّ ثم ارتدّ مُنقَلِباً / فَعلَ النزيفِ به من دائهُ غُولُ
ألقَى به الشُؤمُ في هَوجاءَ ليس بها / إلا اللّجاجُ وإلا القالُ والقيلُ
طاشتْ به تُرّهاتُ اللابسين له / ثَوبَ الرِّياءِ وغرّته التهاويلُ
صَاحَ النَّذيرُ فلم يَفزعْ لِصَيْحَتِه / إلا السّماواتُ لمّا اهْتَزَّ جبريلُ
مَن لي بقومٍ إذا ساروا لِطَيَّتِهم / ساروا سواءً فلا نكبٌ ولا ميلُ
من عَلَّمَ القومَ أنّ الجِدَّ تَصديَةٌ / لِلاعبين وأنّ المجدَ تضليلُ
ما انفكّتِ اللَّقوةُ الشَّقواءُ جائلةً / في الجوِّ حتّى ثَوَى في الوكرِ زغلولُ
تَفْدي الجِواءَ إليهِ وهو مُنْكَدِرٌ / دامِي الجناحِ على النّكباءِ محمولُ
تَرمِي به كلَّ خفَّاقِ المَدى قَذِفٍ / ما تنتهِي سَعَةٌ منه ولا طُولُ
حتّى إذا خَرَّ طارتْ حول مَوقعِه / هَلكَى النُّفُوسِ وضَجَّ العصرُ والجيلُ
أَما لِقومي وإن جَلَّتْ مُصيبتُهم / إلا التّغاريدُ تُزجَى والتّهاليلُ
روايةٌ في شُعوبِ الشَّرق رائعةٌ / لها على مَلعبِ الأجيالِ تمثيلُ
يا سعدُ عَلِّلْ نُفوسَ القومِ ثانيةً / إن كان ينفعُ بعدَ اليومِ تعليلُ
قُلْ للمحامين رُدُّوا من أَعِنَّتِكم / ضَاعَ الحِمَى وَاسْتُبِيح اللَّيْثُ والغيلُ
وَيْليِ على الفَارسِ المِغوارِ إذ حَسرتْ / عنه الدُّروعُ وخانته السَّرابيلُ
دَارتْ رَحَى الحربِ فينا دَوْرَةً عجباً / فارتدَّ مُسْتَبسِلٌ وانقضَّ إجفيلُ
إنّي نصحتُ لِقومي قبل مَصرعِهم / لو أنّ نُصحَ ذوي الألبابِ مقبولُ
مالي وللشّعر هل تَهدي رَوائِعُه / مَن ليس يَهْديه قُرآنٌ وإنجيلُ
ليسوا بقوميَ إن طَالتْ جهالتُهم / وظَلَّ يخدعُهم ظنٌّ وتَخييلُ
قَومِي الأُلىَ لا غطاءٌ فوق أَعْيُنِهِم / ولا حجابٌ على الألبابِ مسدولُ
يا وَيْحَ للشرقِ هل قامت به أُممٌ / تَستنفِدُ العدَّ أم قامتْ تماثيلُ
سالت عليهم ذِئابُ الغَرْبِ تأكلُهم / كذلكَ العاجزُ المغلوبُ مأكولُ
أقولُ للقومِ فَوضَى في مَذاهِبهم / سِيرُوا على سَنَنِ الأحياء أو زُولوا
لوذوا بركنٍ من الأخلاقِ مُمتنِعٍ / تَهوِي الفيالقُ عنهُ والأساطيلُ
لاهُمَّ أدرِكْ شُعوباً بَاتَ يُرمِضُها / عَيْشٌ لها في رُبوعِ الشّرقِ مملولُ
لاهُمَّ إن تكُنِ العُقبَى لِمُحتسِبٍ / فَهَبْ لنا الصّبرَ حتّى يُدرَكَ السُّولُ
حَيِّ العُروبةَ آساداً وأشبالاً
حَيِّ العُروبةَ آساداً وأشبالاً / واضِربْ لها من عِظاتِ الدّهرِ أمثالا
هل كان في الأرضِ من أعلامِها علمٌ / مَالَتْ جَوانِبُها فانحطَّ أو مالا
وأيُّ مُلكٍ رَمَتْهُ في مَعَاقِلهِ / بِراجفٍ من عَوادِيها فَما زَالا
رسا على حَدَثَانِ الدّهرِ حائِطُها / فما اتَّقَى عاصِفاً أو خَافَ زِلزالا
بني العُروبةِ أنتمْ هَا هُنا رُسُلٌ / تقضُون للضَّادِ أوطاراً وآمالا
رِدُوا المناهِلَ من عِلمٍ ومن أدبٍ / يجري الهوى فيهما والحبُّ سَلْسَالا
هِيَ الكنانةُ والأَعْراقُ واشِجةٌ / لن تُعْدَمُوا وطناً فيها ولا آلا
أَنتُمْ لها أَمَلٌ تَرْعَاهُ سَاهِرةً / فما تنامُ ولا تألوه إقبالا
أدُّوا رِسالَتَها واقْضُوا لُبانَتَها / وامْضُوا سِراعاً إلى الغاباتِ أرسالا
دَمُ العُروبةِ في الآفاقِ ما بَرِحَتْ / تَجرِي شآبيبُه سَحّاً وتهطالا
هو الحياةُ فَصُونوهُ على يدكم / مِنْ أنْ يَسيلَ كفاكم منه ما سالا
مَنْ لي بها هِمَماً إن هِجْتُها بَعَثَتْ / من قَومنا أُمَماً مَرَّتْ وأجيالا
بني العُروبةِ رَامَ القولَ شاعِرُكم / فما اسْتطَاعَ ولا أرضَاهُ ما قالا
أَوهْىَ قُوايَ وهَدَّ اليومَ من هِمَمي / داءٌ أراهُ شديدَ الفَتْكِ قتّالا
عيشُ الفَتى مُدّةٌ تمضِي على قَدَرٍ / والعمرُ لابُدَّ مطويٌّ وإن طالا
إنْ قَالَ قائلُكم ما كان أكْرَمَهُ / لو زادنا زِدْتُكم حُبَّا وإجلالا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025