المجموع : 33
ما الطرف بعدكم بالنومِ مكحول
ما الطرف بعدكم بالنومِ مكحول / هذا وكم بيننا من ربعكم ميل
يا باعثين سهاداً لي وفيض بكا / مهما بعثتم على العينين محمول
هَبكم منعتم جفوني من خيالكم / فكيفَ يمنع تذكارٌ وتخييل
في ذمَّة الله قلبٌ يوم بينكمُ / موزع ودم في الحبِّ مطلول
شغلتمُ بصباحِ الأنس مبتسماً / وناظري بظلامِ الليل مشغول
كأنما الأفق محرابٌ عكفت به / والنيِّرات بأفقيه قناديل
ما يمسك الهدب دمعي حين أذكركم / إلا كما يمسك الماءَ الغرابيل
ورُبَّ عاذلة فيما أكابده / وقلَّ ما قيل والتحذير معذول
باتت زخارفها بالصبر واعدةً / وما مواعيدها إلاَّ الأباطيل
سقياً لعهد الصبا والدار دانية / والشمل مجتمعٌ والجمع مشمول
يفدِي الزمان الذي في عامه قصرٌ / هذا الزمان الذي في يومه طول
لم لا أشبّب بالعيش الذي سلفت / أوقاته وهو باللذَّات موصول
لو كنت أرتاع من عذلٍ لروَّعني / سيف المشيب برأسي وهو مسلول
أما ترى الشيب قد دلَّت كواكبه / على الطريقِ لو أنَّ الصبّ مدلول
والسنُّ قد قرَّعتها الأربعون وفي / ضمائر النفس تسويفٌ وتسويل
حتَّى مَ أسأل عن لهوٍ وعن لعبٍ / وفي غدٍ أنا عن عقباه مسؤول
ولي سعاد شجونٍ ما يعبّ لها / إمَّا خيالٌ وإلاَّ فهو تخييل
أبكي اشْتياقاً إليها وهي قاتلتي / يا من رأى قاتلاً يبكيه مقتول
مسكيَّة الخال أمَّا ورد وجنتها / فبالجنى من عيونِ الناس مبلول
فإن يفح من نواحي خدّها عبقٌ / فالمسك فيه بماءِ الورد مجبول
تفترُّ عن شنبٍ حلوٍ لذائقه / في ذكره لمجاج النحل تعسيل
مصحح النقل عن شهدٍ وعن بردٍ / لأنه منهلٌ بالراح معلول
وبارق من أعالي الجذع أرَّقني / حتَّى دموعي على مرجانه لولو
مذكِّري بدنانيرِ الوجوه هدًى / تحف في فيه عُذَّالٌ مثاقيل
إلى العقيق فهل يا طيب طيبة لي / عقد بلفظي إلى مغناك منقول
وهل أرى حامل الرجوى كأنيَ من / شوقي ومن وَلهي بالقربِ محمول
إن لم أنل عملاً أرجو النجاة فلي / من الرسول بإذن الله تنويل
حسبي بمدحِ رسول الله بابُ نجاً / يرجى إذا اعْترضت تلك التهاويل
أقولُ والقدر أعلا أن يحاولهُ / وصلٌ وإن جهدت فيه الأقاويل
ماذا عسى الشعراء اليوم مادحة / من بعد ما مدحت حم تنزيل
وأفصحت بالثنا كتب مقدَّمة / إن جيل في الدهر توراة وإنجيل
محمد المجتبى معنى جبلته / وما لآدم طينٌ بعد مجبول
والمجتلى تاج علياه الرفيع وما / للبدر تاجٌ ولا للنجمِ إكليل
لولاه ما كانَ أرض لا ولا أفق / ولا زمانٌ ولا خلقٌ ولا جيل
ولا مناسك فيها للهدى شهبٌ / ولا ديارٌ بها للوحيِ تنزيل
ذو المعجزات التي ما اسطاع أبرهةٌ / يغزو منازلها كلاَّ ولا الفِيل
إن شق إيوان كسرى رهبة فلقد / جاء الدليل بأن الكفر مخذول
وإن خبا ضرم النيران من زمنٍ / فالبحر منسحب الأذيال مسدول
أوفى النبيِّين سيفاً واتضاح علىً / كأنه غرَّةٌ والقوم تحجيل
نعم اليتيم إذا عدَّت جواهرهم / وضمَّها من عقود الوحي تفصيل
ما زال في الخلقِ ذا جاهٍ وذا خدمٍ / لكن خادمهُ المشهور جبريل
مبرأ القلب من ريبٍ ومن دَنسٍ / وكيف وهو بماءِ الخلدِ مغسول
مجاهداً في سبيل الله مصطبراً / ما لا غزَت في العدى الطيرِ الأبابيل
كأنما نبل ماضيهم وحاضرهم / لها على من بغى سجلٌ وسجّيل
مثل الشواطب إن صالوا أو افتخروا / فالحدّ مندلق والعرض مصقول
يطيب في الليلِ تسبيحٌ لسامرهم / وما لهم عن حياض الموت تهليل
كأنهم لانتظار الفضل بيت ثنا / شخص النبيّ له معنىً وتكميل
قومٌ إذا رقصت فرسانهم طرباً / كأنَّ رايات أيديهم مناديل
الكاتبون من الأجسام ما اعْتبرت / سمرٌ وبيضٌ فمنقوطٌ ومشكول
حيث الحمام شهيّ وهو من صبرٍ / يجنى فيا حبَّذا الغرّ البهاليل
حتَّى اسْتقام عمود الدين وانْفتحت / سبل الهدى وخبت تلك الأضاليل
روح النجاة الذي قد كانَ يهرع في / أبواب مغناه روح الوحي جبريل
ومفصحٌ حين يروى الصاد من كرمٍ / فللمحاسن ترتيبٌ وترتيل
وجائدٌ لا يخاف الفقر قال ندى / كفَّيه يا مادحي آلائه قولوا
وما الأقاويل إن طالت وإن قصرت / عروض ما بسطت تلك الأفاعيل
حامي حمى البيت بالرعب المقدم ما / ناواه أبرهةُ العادي ولا الفيل
تضيء في الحرب والمحراب طلعته / فحبذا في الدجى والنقع قنديل
وقامَ في ظلِّ بيت الله شائده / فحبذا لنظام البيت تكميل
ذاك الذي نصبت في نحو بعثته / هذي المحاريب لا تلك التماثيل
وفاضَ من جانبِ البطحا لكل حمى / صافٍ بأبيض أضحى وهو مشمول
وكلُّ أرض بها الجنَّات مزهرةٌ / للمؤمنين فتعجيل وتأجيل
وكلُّ ملة دين غير ولته / تروى فللقابس القسيس قنديل
ولليهوديّ مع كحل العمى نظر / على المجوسيّ أيضاً فيه تكحيل
حتَّى أتى عربيٌّ يستضاء به / مهند من سيوف الله مسلول
كم معجز لرسول الله قد خذِلتْ / به العدى وعدوّ الحق مخذول
فاضَ الزلال المهنى من أصابعه / نعم الأصابع ومن كفَّيه والنيل
وبورك الزاد إذ مسَّته راحته / فحبذا مشروب منها ومأكول
وخاطبته وحوش البيد مقبلةً / فالرجل عاسلة واللفظ معسول
وحازَ سهم المعالي حين كانَ له / من قاب قوسين تنويهٌ وتنويل
على البراق لوجه البرق من خجلٍ / ورجلٌ مسعاه تلوين وتشكيل
لسدرة المنتهى يا منتهى طلبي / ما مثله يا ختام الرسل تحويل
يا خاتم الرسل لي في المذنبين غداً / على شفاعتك الغراء تعويل
إن كانَ كعبٌ بما قد قال ضيفك في / دار النعيم فلي في الباب تطفيل
وأين كابن زهير لي شذا كلمٍ / ربيعها بغمام القرب مطلول
وإن سُمي بزهير صيغةً فعسى / يسمو بنبت له بالشبه تعليل
بانت معاذير عجزي عن نداكَ وعن / بانت سعاد فقلبي اليوم متبول
صلَّى عليك الذي أعطاك منزلةً / شفيعها في مقامِ الحشر مقبول
أنت الملاذ لنا دنيا وآخرةً / فباب قصدك في الدارين مأهول
نفسٌ عن الحبِّ ما حادت ولا غفلت
نفسٌ عن الحبِّ ما حادت ولا غفلت / بأيّ ذنبٍ وقاك الله قد قتلت
وعين صبٍّ إلى مرآك قد لمحت / كفى من الدمع والتسهيد ما حملت
دعها ومدمعها الجاري فقد لقيت / ما قدمت من أذى قلبي وما عملت
أفديك من ناشط الأجفان في تلفي / والسحر يوهن طرفي أنها كسلت
وواضح الحسن لو شاءت ذوائبه / في الأفق وصل دجى الظلماء لاتصلت
معسل بنعاسٍ في لواحظه / أما تراها إلى كلّ القلوب حلت
من لي بألحاظ ظبي تدَّعي كسلاً / وكم ثياب ضناً حاكت وكم غزلت
وسمرة فوق خدَّيه ومرشفه / هذي تروَّت مجانيها وذي ذبلت
أما كفانيَ تكحيل الجفون أسىً / حتَّى المراشف أيضاً باللّمى كحلت
لو ذقتَ بردَ رضابٍ في مراشفه / يا حارُ مل لمَّت أعضائي التي ثملت
أستودع الله أعطافاً شوَت كبدي / وكلما رمتُ تجديد الوصال قلت
ومهجةٌ ليَ كم ألقت بمسمعها / إلى الملامِ ولا والله ما قبلت
كأن عيني إذا أرفضت مدامعها / عن المؤيد أو صوب الحيا نقلت
ملكٌ له في الوغى والسلم بسط يد / مأثورة الفضل إن صالت وإن وصلت
تعطي الألوف إذا جادت لمطلبٍ / ومثل أعدادها تردِي إذا قتلت
في كلِّ نهجٍ ومرماة ركاب سرى / لولا ابن أيوب ما شدَّت وما رحلت
إن تغش أبواب مغناه التي فتحت / فطالما بالعطايا والندى قفلت
سل عن عطاياهُ تسأل كلّ وافدةٍ / من المدائح فازت قبلما سألت
فضلٌ أبرُّ فوفي الحمد غايته / وراحة فعلت كل الندى فعلت
وسيرةٌ عدلت في الخلق قاطبةً / مع أنها عن سبيل الحق ما عدلت
وهمَّةٌ في العلى والعلم دائبة / شبَّت على شرف الفنيين وابْتهلت
هذي السيادة تعلو كلما اتضعت / وأنمل الفضل تهمي كلما عذلت
أنى يقايس بالأنواءِ نائله / وهي التي باحمرار البرق قد خجلت
جادت يداه بلا منٍّ ينغِّصها / والمنّ يظهر في الأنواء إن نزلت
وشاد بالجود ما شادت أوائله / والسحب قد تهدم البنيان إن هطلت
لا شيء أليق من مرأى أنامله / إذا تأمَّلت أمرّيها وما كفلت
تخط بالرمحِ في الأجسادِ صائلة / وتطعن العسر بالأقلام إن بذلت
لحملة الحرب أو حمل الندى خلقت / فليس تنفكّ من شكرٍ لما حملت
لو قيل إن شموس الصحو خافية / ما قال عنها عدو أنها بخلت
يممه والسحب عقم واخشَ سطوته / والخيل من حدبِ الهيجاء قد نسلت
ذاكَ الكريم الذي يجدي مدائحنا / وكان يكفي من الجدوى إذا قبلت
من مبلغ الأهل أني ضيف أنعمه / وإن كفِّي على الآمالِ قد حصلت
عزيمة السعي ما خابت وسائلها / وآية المنطق السحَّار ما بطلت
وانْشر على الناسِ أمداحِي التي اشْتهرت / فإنها في معاني مجده اشْتغلت
أما ووصف ابن شادٍ قد سما وعلا / والله ما قصرت عيني ولا سفلت
لا أسأل الله إلاَّ أن يدوم لنا / لا أن تزاد معانيهِ فقد كملت
سلوت لكن قلبي يا سعاد سلي
سلوت لكن قلبي يا سعاد سلي / وأنت في الحلّ من قلبي ومن قِبَلي
قد جاء ما جاء من رأيٍ ومن رشدٍ / وزال ما زال من غيٍّ ومن زَللِ
لا الرشد ساعدني من قبل ذاكَ ولا / أصالة الرأي صانتْني عن الخطل
ولا الوجوه قناديلٌ تخادعني / في الحسنِ في طرر الأصداغ كالقبل
حتَّى أضا الشيب في فودِي فأرْشدني / إلى الهدى في سواد الرأس كالشعل
فلا الخلاعة بعد اليوم من أربي / ولا التغزُّل في الأشعارِ من شغلي
وغاضَ ماء شبابٍ قد عصيت بهِ / رأي النصيح فلم أسمع ولم أخل
ولا حصلت على دنيا وآخرةٍ / إلا بدولة من أنشا ذوي الدول
أنشي مدائح سلطان العباد بلا / لغوٍ وأتلو معانيها بلا خلل
الناصر اسماً وألقاباً وأفعلةً / فانْظر لنصرٍ على عطفيه مشتمل
ملك تنقَّل في مدحٍ يلذُّ به / يا لذَّة النقل أو يا لذَّة النقَل
سلطان مصر الرخا والأمن عمَّ فما / بها سوى النيل قطَّاع على السبل
أسعى لأبوابه العليا يبشّرني / بشيرها بنجاحِ القصدِ والأمل
وتنْتهي بي إلى أبوابه مِدَحٌ / تخطو وتخطر بين الحلي والحلل
من فضل جدواه أرجوها فيغْرقني / بحرٌ لديه بحار الأرض كالوشل
ينجي الغريق إذا أعطى وبعض مُضا / سيوفه تفرق الأعداء بالبدل
جوداً وبأساً كأنَّ الأرض بينهما / لم تبد عشباً سوَى الأقلام والأسل
مقسّم السيف والأقلام يوم ندًى / ويوم هيجاء بين الرزق والأجل
أوْفى الملوك إذا عدُّوا لسابقةٍ / تلوَ الزمان وتلوَ الأعصر الأول
جاؤا على عجلٍ لا يلحقون مدَا / سبقٍ كأنَّهمُ جاؤا على مهل
وشائد الملك مشغولٌ بأربعةٍ / من العطا والسطا والعلم والعمل
نجل الملوك إذا جرُّوا عساكرهم / ألهتهم الطعنة النجلا عن النجل
وصرفوا الرأي في عدلٍ ومعرفةٍ / حتَّى بكلِّ طرير السنِّ معتدل
ذو الرأي والراية العلياء سيرتهُ / عمالةُ الجدِّ بين الحيل والحيل
إن لم تكن سيرة البطَّال فهيَ بما / أذاقه للأعادِي سيرة البطل
يا من إذا شغلَ الأملاك لهوهمُ / فنفسه بالتقى والملك في شغل
تهنّ عاماً مضيء السعد متَّصلاً / بألف عامٍ مضيء السعد متصل
عامٌ يقول على رأسي سعت قدمي / لرأس عامٍ بهذا العام محتفل
وكالهلال حبى طهر السلام إلى / بدرٍ فيا حسن مهلول ومكتمل
والعشر قبَّل من يمناك خمستها / عشراً وعشراً ولا يروى من القبل
فدى لطلعتك الأقمار طالعةً / بعد الأهلة كالأخوال والخوَل
متى يوفى مقال المدح ما عملت / نعماك شتَّان بين القول والعمل
فعشْ ودُمْ للعلى والملك مطّلعاً / على المفاخر طلاَّعاً على القُلَل
نلنا المنى السهل يا من حلمهُ جبلٌ / يا فائض الفضل بين السهل والجبل
إنسان عيني بتعجيل السهاد بلي
إنسان عيني بتعجيل السهاد بلي / عمري لقد خلق الإنسان من عجل
إن أكتم الحبّ لم تكتم دلائله / وإن أمل لطريق الصبر لم أمل
شوقاً لمحرسةِ العذَّال إن نظرت / سباقة لسيوف اللحظ للعذل
نشيطة العطف كحلا الطرف لو كحلت / لم يرفع الميل جفنيها من الكسل
عدمت صبري ولن أظفر بريقتها / فما حصلت على صابٍ ولا عسل
نالت برغم الغواني فوق ما وصفوا / بالحيل حسناً ونالوا البعض بالحيل
هذا وكم غزلت أجفان مقلتها / ثوب السقام لجسمِ الباسل البطل
غزالة الجفن من غزلان مصر لقد / ملأت من غزلك الدنيا ومن غزل
سقياً لعهد الصبا أيام أسْبقها / طوْراً وتسبقني للّهوِ والجدل
أصيدها في حبالِ الشعر عاثرة / يا حبَّذا الظبي في إشراك محتبل
وقد أطارح ورق البان حين نأت / منها النواح ومني دمع منهمل
واستصحّ بمعتل الصبا جسدِي / وربما صحَّت الأجسام بالعلل
لا الصبر ساعدَ قلبي في السلوِّ ولا / أصالة الرأي صانتني عن الخطل
حتَّى أضا الشيب في فودي فأرشدني / إلى الهدى في ظلام الفود بالشغل
فما الصبابة بعد اليوم من أربي / ولا التغزُّل في الأمداح من شغلي
يا من له تركع الأقلام مادحةً / كأنَّها من قبيل الطرس في قُبلي
أنتَ الذي أنبت ملك الجنان له / دعوة مكاتبهِ في المحضر الجلل
يا من رأى جوده العافون منشرحاً / فوجَّهوا العيس تطوي الرمل بالرَّمل
تهنَّ عيداً سعيدَ الفضل حين فدى / نعليكَ بالناسِ من حافٍ ومنتعل
خير الممالك في خير المواسم يا / خيرَ السلاطين يأتي خيرة الدول
عداكَ من جملة الأنعام سارحةً / فصلِّ وانْحر ودمْ وافْخر وصُل وصل
والحظ مدائح عبدٍ قد أجادَ بما / جادت يداك بهِ من ماطرٍ هطل
لي في ذوي النظم روض يستطاب شذا / ريحانه الغضّ أو نوَّاره الخضل
تحمى البزاة بغاث الطير حوزته / فالورق طيَّارة عنه مع الحجل
وأنتَ غيث على ناءٍ ومقتربٍ / فصانك الله في حلٍّ ومرتحل
ولا تزل للورى جبراً لمنكسرٍ / وقراً لمفتقرٍ ملكاً لممتثل
ربيع عدلك في الأقطار منتشرٌ / فكلّ يومٍ حلول الشمس في الحمل
غازلتنا فأعيدِي ماضيَ الغزل
غازلتنا فأعيدِي ماضيَ الغزل / شواهر البيض من مسوّدة المقل
إنا إلى الله تلهينا الأوانس عن / مساجد النسك بالأصداغِ كالقبل
غيد بدت فتولَّى الظبي من حنقٍ / يسعى وأطراف غصن البان من خجل
بأوجهٍ من بني بدرٍ تُناضِلنا / من دونها لحظات من بني ثعل
من كلِّ مسكرة الألحاظ مائسة / يهزُّها الدّلّ هزّ الشارب الثمل
معسولة الثغر إلاَّ أنَّ قامتها / منسوبة القدّ للعسَّالة الذبل
يلذُّ لي هجرها مع بغضها بدلاً / من البُعادِ ومن للعُور بالحوَل
عدمت صبري ولم أظفر بريقتها / فما حصلت على صابٍ ولا عسل
وعاذلي ليسَ يدرِي أن ناظرها / سيفٌ إلى قتلِ مثلي سابق العذل
خالي الحشا إن دعَا فكرِي لشكوتهِ / أجابَ دمعي وما دمعي سوى طلل
يا من تملَّك سكنى القلب معطفها / أعلى الممالك ما يبنى على الأثل
ماذا على العاذل الجهمي منظره / إنَّ الصبابة من كسبي ومن عملي
وما على ظاهريٍّ من محاسنها / إني على الصبرِ فيها أيّ معتزل
لم أنسَ إذ زارني طيف الخيال بها / يخطو ويخطر بين الحلي والحلل
مأمورة الوصل والهجران جائرة / بالرَّدف والعطف بين الريث والعجل
سقياً لعطفٍ على ردفٍ ينوء به / وحبَّذا جبل الريَّان من جبل
وحبَّذا غزلي في الخصرِ قلت لهُ / يا خير منتحل في خير منتحل
وحبَّذا العيش والأيام مسعفةٌ / ومصر دارِي وأحبابي بها خولي
يا بارقاً من نواحِي مصر مبتسماً / بلِّغ تحيَّةَ هامي الدمع منهمل
واذكر إذا هبَّ معتل الصبا جسدِي / فرُبَّما صحَّ الأجساد بالعلل
والملك يصلح عقباها بصالحه / والفضل يقسم من ساداتِها بعلي
ربُّ العطا والنقا إن شمت برقهما / علمت أنَّ عليًّا كيفَ شاء ولي
الباذل الوفر في بدوٍ وفي حضرٍ / والجامع الحمد من سهلٍ ومن جبل
لله كم للعلى بكرٌ محجبةٌ / زفَّت إليه لقد زفَّت إلى رجل
ثبت الجوانب والدنيا مزلزلةٌ / وصائل الرأي والقرضاب لم يصل
والكامل الذات يروي فضل سؤددهِ / عواليَ الفضل عن آبائه الكمل
تجمَّعت فيهِ أقسام الفخار كما / تجمَّعت قسم التفصيل في الجمل
نوال عزٍّ أضافته الصفات إلى / تدبيرِ محتنكٍ في عزم مكتهل
إذا سقى ماله الظمآن أتبعه / جاهاً فيا لك من علٍّ على نهل
في مصر والشام يرجى سحب ذي كرم / بالجودِ مشتهر بالحمدِ مشتمل
مطابق الوصف فوق النجم موضعه / والجود يدنيه قيس الكفّ للأمل
لو قالَ طلت السهى قال الأنام نعم / يا صادق القول والعليا فقل وطل
ما زالَ يعدل حتَّى ما بمصر سوى / من فائض النيل قطَّاع على السبل
ومنشئ اللفظ نبعاً للقلاع فما / يرى كنبعك طلاّعاً على القلل
نعم الفتى أنت في السادات أكبر من / مثل وأسير في الأوصاف من مثل
وأبرع الناس نطقاً ليس محتفلاً / فكيف حين يراعى فكر محتفل
في كفِّه قلمٌ ناهيك من قلم / ومن حسامٍ ومن رزق ومن أجل
معدّل بشهادات العُلى وله / جراح يوم سطا يقذفنَ بالقتَل
حكاه في قطعه حد الحسام وما / حكاه في مقبل الأرزاق متصل
سد يا عليّ فما أبقيت منقبة / يمتاز عنك بها في الأعصر الأول
تحفى بمدحك أقلام مننت على / آمالها وعلى الأسياف في الخلل
يا باسط الجود في سيفٍ وفي قلمٍ / لقد مننت على حافٍ ومنتعل
يا ابن السراة إلى الفاروق نسبتهم / وجمعهم لفخار القول والعمل
البالغين مدى العليا ولو قعدوا / والسابقين ولو ساروا على مهل
من كلّ فاتح أرضٍ غير طائعةٍ / مبارك الفتح أنى سار والقفل
فكل مقترب الأقلام ساجدها / بأشرف اللفظ يحمي أشرف الملل
بلّغتني يا ابن فضل الله مطّلباً / لم أرْجه من بني الدنيا ولم أخل
نلت العلى وكبتّ الحاسدين على / يد اغتنائك لا حيْلي ولا حيَلي
وقد سموت لديوان الرسائل في / طي ادّكارك لا كتبي ولا رسلي
مداً أخوك في مرقاه أوصلني / ولو ترقى إليه النّسر لم يصل
وإن تعذّر معلومي عليه ففي / معلوم جودك أو في مدحه شغلي
إن مدّ قصديَ في الدنيا لغيركُم / يدَ الرجا فرماها الله بالشلل
بلّغتمُ آل فضل الله منزلةً / تحول زهر الدراري وهي لم تحل
يخفّ نظم المعاني في مدائحكم / وفي سواكم فما يخلو من الثقل
ويألف الناس عطفاً من عوارفكم / فما تميل أوانيهم إلى بدَل
أنتم رجائي الذي وحّدت مقصده / في العالمين ولم أعكف على هبل
مالي وما للسرى قصداً لغيركُم / هيهات لا ناقتي فيها ولا جملي
فما لإيضاح لفظي لا يضيء بكم / وقد بذلتم له الأموال بالجمل
فدونكم من ثنائي كل سائرةٍ / مرخى لها في عنان القول بالطوَل
سيّارة في بسيط النظم مسرعة / فيا له من بسيطٍ جاء في رمل
أسعى على درر المعنى بأبحرها / وسعيُ غيريَ في مستفعلن فعل
بقيتمُ يا بني العلياء في نعمٍ / ملء الزمان وفي أمنٍ وفي جذل
تقاسم الناس في أيام سؤددكم / يوماً وليلاً فمن مثنٍ ومبتهل
في ثغرها الحلو أو في جيدها الحالي
في ثغرها الحلو أو في جيدها الحالي / لا أرغم الله إلاَّ أنف عذَّالي
إن يُسْلَى قلبي بنارٍ في محبَّتها / فلا وحقّ هواها لست بالسالي
غزالةَ الحيّ إشراقاً وملتفتاً / ما كفؤ جيدك إلا عقد أغزالي
جملت بيتيَ من نظمٍ ومن نسبٍ / يا ابنة العمّ أو ياربَّة الخال
يا حبَّذا الخال إكسيراً على ذهبٍ / لا مثله بسويدا مهجةٍ غالي
ولا بأسود عينٍ ربَّما ربحت / بلمحةِ الرّدف قنطاراً بمثقال
كحَّلت بالسهد جفنيها وقد وصلت / مسافة النأي أميالاً بأميال
في كلِّ ليلٍ مديدٍ مثل شعرك ما / مدَدت للصبرِ فيها عزم محتال
حبال شعرك يا لمياء صيَّرني / إلى التصبُّر أمشي مشي حبَّالي
وطول حبّك قطاعٌ عرى جلدي / فليتَ طيفك وصَّى لي بوصَّال
يزور الوصل عن لمياء تحكم لا / حكم الأذلَّة لكن حكم إدلال
شاميَّة بين جفنيها يمانيَة / تقدُّ بالسحر قلباً قبل أوصال
ماضي الولاية في العشَّاق ناظرها / واحرَّ قلباه من ناظر الوالي
مجانس الحسن من فيها معطفها / فالحسن ما بين معسول وعسَّال
وقيل أسماءُ في أفعالها عنتٌ / فالحزن ما بين أسماءٍ وأفعال
بينا تروي بوصلٍ أظمأت بجفا / فخالطت رمضاناً لي بشوَّال
كانت عن المرتضى تُملي أماليها / واليوم تروي أماليها عن القالي
وعاذلين عليها زلزلت بهمُ / أرضُ التجلّد عندِي كلّ زلزال
إن حدَّثتهم بأخبار الأسى فما / قد أخرجت ليَ منهم أيّ أثقال
من كلّ داعٍ وما جاوبته سقماً / كأنه واقفٌ منِّي بأطلال
إن كانَ لي أملٌ في الصبرِ عنك فلا / بلَّغت من نفحات القرب آمالي
حبِّي جديد على مرِّ الزمان فلا / يخطر حديث سلوِّي منكَ في بال
ودمع عيني مثل السحب جائدة / بالدَّمع جود علاء الدِّين بالمال
ذو الفضل إرثاً وكسباً وابنه نسباً / وأكثر الناس إفضالاً لأفضال
وذو الجبلةِ من أصفى جواهرها / والناس في حماءٍ فيها وصلصال
وابن الغطاريف أشخاص العلى ورثوا / عصر السيادة في النَّائي وفي الحال
المرغمين بما تعطي الخلافة من / درياق فاروقهم آناف أشكال
والصائنين بأقلام وحدّ ظباً / مسارح الملك من أهواء أهوال
خلاصة العرب العرباء من فُصُحٍ / إن قالوا أو مصابيح وأبطال
تسري المطيّ إليهم أو تفور بهم / قدرهم فهي دأباً ذات أرقال
بطحاء مكة غرس المفرقين وفي / أعلام مصر ظلال الدَّوح والضال
أما عليّ فقد ضاءت مناسبه / ونفسهُ في سراة الصحف والآل
قد دبرت مصر والأمصار فكرته / يوميْ نزالٍ بقطريها وإنزال
هو الموفَّق في معنى رسائلها / لكنه ابن وزيرٍ لا ابن خلاَّل
تقول مصر يحامِي عن ممالكها / أقوال هذا من الأطلال أقوى لي
بالنصر يعلي سمائي عندَ مرتقبٍ / والعدل يخصب عند إقحالي
فليفخر الملك بالكافي الذي انْعقدت / عليهِ آراء إجماعٍ وإجمال
والمودع السرّ في أحياء مقفلهِ / وحمده عند رحَّال وقفَّال
والباسط الأمن بالأقلام في أممٍ / كأنهم في حماها بين أغيال
بالمشبع الخمص حيثُ القاصدين له / كالطير تتبع إرسالاً بإرسال
والمنشئ اللفظ تبراً طيّ أنعمه / وكلّ جيدٍ بها أو مسمع حالي
نهدِي لهُ اللفظ أسمالاً فيقبلها / عواطف الخير من سحَّاب أذيال
يا ساحب الذيل من لفظٍ وفضل علا / هل أنتَ مصغٍ لما تمليه أسمالي
عاثت يدُ الدهر في يومي وقد بليت / أضعاف ما بليت بالهمِّ أقوالي
ونفَّر الكلم اللاتي أغازلها / ما نفّر الغيد من شيبي وإقلالي
أقول للهمِّ ذي التجديد لي جلدٌ / ملآن يا هم فاطْلب منزلاً خالي
وخلعة لا أرى لي من يروّقها / من حيلة مع أني مثل بطَّال
لرفقتي من جياد الخيل أكملها / ولي جواد ولكن ناقص الدَّال
أمشي على قدمي والحال واقفة / فيها فهلاَّ يكون المشي في حالي
فرّغ بعطفك ذهنِي للثناء فقد / سارَت بمثلي فيه غرّ أمثالي
واسْمع مدائح لم يعجز تواصلها / وربَّما عجزت عن وقت إيصال
إن لم تكن صنع ورَّاقٍ بمصر فقد / جاءَ القريض بها من صنه لأآل
يا من تخير لفظاً في مدائحه / يبقى على مرّ أجيال وأحوال
لا زالَ بابك مخدوماً بأربعةٍ / يمنٍ ونجحٍ ومختارٍ وإقبال
عيدٌ يعود إلى هذا الثنا العالي
عيدٌ يعود إلى هذا الثنا العالي / بخادمي أفقه يمنٍ وإقبال
مطالعٌ بنجومِ السعد حاليةٌ / على حمًى ببدورِ الفضل مجلال
وحاجبٌ من هلال العيد يقدّمه / فاهنأ به وبأمثالٍ وأمثال
كأنَّ من رمضان النون قد مكثت / وجداً بمرآك في آفاق شوَّال
يشتاقك الشهر آتيهِ وذاهبهُ / ذا قبلَ حلٍّ وهذا بعد ترحال
كلاهما في طلاب القرب مستبقٌ / يتلو الثناء فنعم السابق التالي
يا ابن الخلافة جلي كلّ داجيةٍ / فزادكَ الله من عزٍّ وإجلال
أمَّا دمشق فقد هزَّت لمقدمكم / من بعد عطف دليل عطف مختال
أظلّ رأيك حتَّى صانَ نادِيها / ولو تأخَّر نادى رسمَ إطلال
وعاضد السيف فيها السطر من قلمٍ / حتَّى أتاها بأطلابٍ وإبطال
فالآن عادَ إليها خطّ بهجتها / ممَّا تعاهدها من خطّك العالي
غيدآء وشَّحها ظل وخلخلها / ماء فقد ظهرت في منظرٍ حالي
تكاد تسعى لكم بالروحِ خائضةً / بساقِها العبل من ماءٍ وخلخال
لا غَرْوَ إن بدَّلت من عمها بدلاً / وقد أغاث حماها نجل إبدال
وناسب الصالح السلطان دولته / بصالحٍ يوم أقوال وأفعال
كافي الممالك إن نادت براعته / أجابَ نصرتها نصباً على الحال
وصاحب السر في مصر ابتدا له / في كلِّ مصرٍ مكان الحافظ الكالي
وقاسم الرأي من طلاَّع شامخةٍ / ومن مشير على الأغراض نزَّال
ومعمل الخدع عند الحرب يعجز عن / عمَّال ما قلَّ منه ألف بطال
وناشر الدّرّ فينا عند مستمعٍ / نثر الدنانير فينا عند إقلال
إذا تثاقل عسرٌ باتَ في يدِه / تبرٌ يصرّف مثقالاً بمثقال
وإن دعوت به في منطقٍ وندىً / دعوت طائيّ ألفاظٍ وإفضال
دُمْ للعلى يا ابن فضل الله ذا رتبٍ / عزيزةٍ يا عزيز المصر يا غالي
يا بحر علم وجود فاخرن بهما / فكلّ آل فخار بعد كالآل
يا ملبسي عندَ إحرام الأكابر لي / زهراً كأنَّ لها حجِّي وإحلالي
شكراً لها خلعةً فاءَت غمامتها / عليَّ من يد هامي المزْن هطَّال
بيضاءَ بيَّض مرآها ومخبرها / عيشي وعين حسودِي زاد تسآلي
وقلت جاءَت من القاضي دليل رضى / فكادَ من غيظه يسعى إلى الوالي
ورحت أخطر في ألفاظها ألفاً / وكنت من دخلَ في هيبةِ الدال
ما كانَ يقرب ثوب القطن من قدمي / فاليوم تسحب بالسنجاب أذيالي
واليوم تنهض بالأمداح لي فكرٌ / جدائد الحسن لم تخطر على بالي
على عليّ معانيه وأكتمها / نعم الأمالي تلاقت نعم آمالي
خذْها ابن يحيى لك المحيا منظمةً / نظم العقود على أجياد أحقال
قدَّمت فيها الهنا ثمَّ المديح وما / أخليتها بعدُ من عادات أغزال
وقلت للرشاء الغضبان لا غمضت / عيون قيل على عينيك يا قالي
ملكت قلباً بنارِ الشوق ممتلئاً / فما يضرُّك لو أحسنت يا مال
لا تسأل الصبّ عن سلسال أدمعه / ملذّذاً بتعاطيها وسلْ سالي
من فوق خدّكَ خالٌ مثل غالية / بعت السلوّ على أمثاله غالي
يا مطلق الحسن أحشائِي مفلفلةٌ / على محاسنِهِ دعني وأغلالي
وخلّ بال برجوى الطيف مشتغلاً / ولا تبيتنَّ إلاَّ خاليَ البال
ما بين غمضة عينٍ وانْتباهها / يقلب الهجر من حالٍ إلى حال
إن كنت أجريت دمعِي في هواك بلا / جريمة فلقد أوقفت أحوالي
أو صنت عن ناظرِي مرج العذار فلا / هرْجٌ ومرْجٌ بأشجانِي وعذَّالي
أسكنتك القلب يا ذا الخال محتكماً / فيه فيا تعب المسكون بالخالي
ها بهجة الشهر في وصف المليح وفي / مدح العلاء مدى الأيام تروى لي
أما وحقُّ المعالي يا عليّ لقد / بدَّلت إذلال أشعاري بأدلالي
لا زلت كالنجم تنويراً لداجية / زيناً لمطّلعٍ رشداً لضلاَّل
ما خالفتك النجوم الزّهر في شبهٍ / إلاَّ بتقصيرِها عن مجدِك العالي
من مبلغ علماء الأعصر الأوَل
من مبلغ علماء الأعصر الأوَل / إن التفاصيل قد جمّعن في الجمل
تجمعت في فتى العليا ولا عجبٌ / إن يجمع الله كلّ الناس في رجل
قاضي القضاة الذي سارت مآثرهُ / بغير مثلٍ يوازيها سوى المثل
جمال ذي الأرض لا زالت محاسنه / عن أفقها وجمال الدِّين والدول
من أنشر العلم من بعدَ الهمود ومن / ضمَّت يدله المعالي وهو كالهمل
من اسْتقامت به الأوقات واعْتدلت / للناسِ قبلَ نزول الشمس في الحمل
من لو أعارت حلاه المشتري شرفاً / لم تعترضه عوادِي النحس من زحل
أما دمشق فقد فازت بما ارْتقبت / من طارفِ السعد أو من تالد الأمل
فليهنها إن راعي حكمها يقِظٌ / بالعلم حكم لا بالسعي والحيل
ليت ابن إدريس لاقى ابن الدروس بها / لكان يملأ قلب الأمّ بالجذل
ليتَ القضاة الأولى عادوا لما فقدوا / مواقع القلم المرعيّ بالمقل
ما أوضح الحكم فيها عن إمام هدى / بالعلم متَّزر بالحلم مشتمل
لين الخلائق صعب البأس مانعه / كأنه الجدّ بين السهل والجبل
أغرّ لو كانَ منه في الهلال سناً / لم يستهلّ بسعدٍ غير متَّصل
وظاهريّ الأيادي غير خافيةٍ / وليس عن شيم العليا بمعتزل
موكل بنقيَّات الأمور له / إلى العلى عزمٌ لا وانٍ ولا وَكل
تزين العلم في عينيه حمَّلها / كلّ الدجى وحماها النوم في الكلل
لم يكس في حلل العلياء يوسعها / حتَّى لها عن قدود البيض في الحلل
له صفاتٌ بها الأقلام راكعةٌ / كأنها من قبيل الصحف في قبل
سل علمه عن خفيَّاتٍ محجَّبةٍ / وعن إحاطة أوصافٍ فلا تسل
مكارم لو رأى الطائيّ مسرحها / لقال لا ناقتي فيها ولا جملي
ومنطق لو أراد الفخر غايته / لبات بالريِّ يشكو بارح الغلل
وسؤدد يتدانى من تواضعه / ولو ترقَّت إليه الشهب لم تصل
وفصل قول يلذّ الخصم موقعهُ / حتَّى يودّ قضاءً غير منفصل
قالت يراعته والفكر يرشدها / أصالة الرأي صانتني عن الخطل
وأنشدت وبأرضِ الشام مركزها / أعلى الممالك ما يبنى على القلل
وعطلت كتباً في الدين مارقةً / فكلّ درع كتاب قدَّ من قبل
قد ختمت بيضة الإسلام والْتحقت / بعشِّ أقلامه في الحادثِ الجلل
كم من سعاة علومٍ قد تقدَّمهم / تقدُّم السعي بالهادِي على الكفل
إذا قصصت على راوٍ له خبراً / حلّى من الذوقِ أو حلّى من العطل
إذا شدا صوت عافية ومادحهُ / غدا وحاشاه مثل الشارب الثمل
يا ماليَ البيت بيت الشعر من مدحٍ / وكانَ أقفرَ بالوعساء من طلل
يا من رأى جوده العافون منسرحاً / فوجَّهوا العيس تطوي الرمل بالرمل
ثنى امتداحك شعري عن عوائده / فما بدأت بتشبيب ولا غزَل
هذا على أنَّ لي عيناً مسهَّدة / للحبِّ مخلوقة الإنسان من عجل
أستلمح البرق غربيّ الديار متى / تقدح أشعّته الأحشاء تشتعل
وأستصحّ بمعتل الصبا جسدي / وربَّما صحَّت الأجسام بالعلل
وأذكر العيش مصقولاً سوالفه / إذ مصر داري وأحبابي بها خوَلي
هيهات ذكرك أحلى في فمي وكلا / كفَّيك لا ذو اللمي أشهى إلى قبلي
تشاغل الناس في لذَّات دهرهمُ / وأنت بالفضل والأفضال في شغل
سرَت لحسنِك في العشَّاق أمثال
سرَت لحسنِك في العشَّاق أمثال / وما لحسنك يا معشوق أمثال
حوالة الصبّ قد أعيت وحيلتهُ / على لقاك فقل لي كيف أحْتال
تقسَّمت فيك يا جيد الغزال وفي / مدح الدوادار أمداح وأغزال
رسمٌ ببابِ الحمى العزيّ مكتتب / قابل حماه وقل عزٌّ وإقبال
قد علَّم الله في أقلام راحته / وبالسيوف فأرزاقٌ وآجال
يا سائد الملك بالآراء يعلمها / لا جيش يسعى مساعيها ولا مال
هنئت فوزك دنيا ثم آخرة / فقد زكت لك في الدارين أعمال
قالت وفي صدر نار القلب منزلها
قالت وفي صدر نار القلب منزلها / يا ليت أنَّك لم تكرم به نُزُلي
مليحةٌ إن تكن في حسنِها صنماً / فيا عذوليَ لا بوركت من هُبَلي
فيها وفي مدح أوفى السائدين علاً / تقسم الشعر في مدحٍ وفي غزل
دم للعلى يا ابن فضل الله مرتقياً / أفق المعالي وقد أربى على الأول
يا من عرفت به كسب الألوف ومن / تمامها إنها جاءَت ولم أسَل
لم يبقَ جودك لي شيئاً أؤمّله / تركتني أصحب الدنيا بلا أمل
كلّ الكفاءة ذوي الآراء ماثلة / مثل السيوف ولكن ذو الفقار علي
إنَّ الإمامين مدَّ الله ظلَّهما
إنَّ الإمامين مدَّ الله ظلَّهما / تواردا في الندى والعلم والعمل
كلاهما قد علا في العالمين فلا / عدمتُ من ذا وذا جاه الإمام علي
نقّب على ودّ الجميل
نقّب على ودّ الجميل / وقنّع الصبّ بالقليل
كليم قلبي عليك يكوى / بنارِ حبيبك يا خليلي
يا مصر أما بشمسِ حسنٍ / أو بشمسِ علمٍ ليَ اسْتميلي
شمس هدىً لا تزال منه / تظهر في طالع جميل
بسيط بحر الندى مديد / كامل بحر الثنا طويل
رجايَ في برِّه سمين / كالفيل لا كالرجا النحيل
يضمن لي رفده المهنا / يا لكَ من ضامنٍ كفيل
فتانة الصبّ تجلى في حماه فيا
فتانة الصبّ تجلى في حماه فيا / لها غزالة أفقٍ في منازله
حتَّى إذا سحبت مثنى ذوائبها / فيا لها من غزالٍ في حبائله
من لحظها وتثني غصن قامتها / لا تسألوا من فؤادي عن بلابله
إن أقبل الوجه أشكو جور ناظره / أو أقبل القدّ أشكو جور عادله
يا أيها العالم الفرد الوزير ومن
يا أيها العالم الفرد الوزير ومن / أرجو نداه إذا جافانيَ الأمل
وعاقني عن نداك الصاحبيّ وعن / رسمي من العيد وحلٌ ليس يحتمل
وفاتني صحن حلو والشواء فلا / شمس لمطلع آمالي ولا حمل
عش للمفصّل من حمدٍ يقال إذا / بدا على مثل هذا تنفق الجمل
يا أيُّها المربي برؤيته
يا أيُّها المربي برؤيته / عن كلّ فضل سمعناه من الأوَّل
كم جملة وصلت لي من نداك وكم / تفصيلة ألبستني أجمل الحلل
لقد غدت فكر الأمداح جائزة / بين التفاصيل من نعماك والجمل
الحمد لله إذ زمانٌ
الحمد لله إذ زمانٌ / حلا لنا بالهنا جلاله
بكافلٍ للرجا وزير / يرضع أبناءَنا نواله
فحبَّذا برّه رضاعاً / وحبَّذا رأيه كفاله
يا سيدي يا صلاح الدين لا صلحت
يا سيدي يا صلاح الدين لا صلحت / إن أنسَ برّك أفكاري ولا حالي
يا من جفاني فلفظي بعد جفوته / وجيد قصديَ لا حلوٌ ولا حالي
إن لم يعد لي فلا صاد الحروف ولا / لام معانقة فيها ولا حالي
ولي رقيبٌ إذا ما الحبّ واصلني
ولي رقيبٌ إذا ما الحبّ واصلني / قرينه قلت ليت الحبّ لم يصل
يقولُ تنقيل مرآه وسرعته / سبحانَ من خلقَ الإنسان من عجل
تجلَّدت كتب التاريخ ثمَّ شكت
تجلَّدت كتب التاريخ ثمَّ شكت / من خجلة خير تاريخٍ لخير وَلي
تكادُ إن نظرتْ هذي المحاسن أن / تموت في جلدِها من شدَّة الخجل
يا عاتبين ولا والله أذكرهم
يا عاتبين ولا والله أذكرهم / إلا بخيرٍ وإن مالوا عليَّ ولي
شويت يا مهجتي إن كنتُ عاتبهم / وإن وجدت لساناً قائلاً فقلي