القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الأَبِيوَرْدي الكل
المجموع : 10
خاض الدُّجى ورِواقُ الليل مَسدول
خاض الدُّجى ورِواقُ الليل مَسدول / بَرقٌ كما اهتزَّ ماضي الحدِّ مَصقولُ
أَشيمُهُ وضجيعي صارمٌ خَذِمٌ / ومِحمَلي بِرَشاشِ الدَّمعِ مَبلولُ
فحَنَّ صاحبُ رَحْلي إذ تأمَّلَهُ / حتى حَنَنْتُ ونِضْوي عنهُ مَشغولُ
يَخْدي بأرْوَعَ لا يُغْفي وناظِرُهُ / بإثْمِدِ اللّيْلِ في البَيْداء مَكحولُ
ولا يَمُرُّ الكَرَى صَفْحاً بمُقْلَتِهِ / فَدونَهُ قاتِمُ الأرْجاءِ مَجهولُ
إذا قضَى عُقَبَ الإسراءِ لَيلَتَهُ / أناخَهُ وَهْوَ بالإعْياءِ مَعْقولُ
واعْتادَهُ مِنْ سُلَيمى وَهْيَ نائِيَةٌ / ذِكرٌ يُؤرِّقُهُ والقَلبُ مَتبولُ
رَيَّا المَعاصِمِ ظَمأى الخَصْرِ لا قِصَرٌ / يَزوي عَليها ولا يُزْري بِها طولُ
فَالوجْهُ أبلَجُ واللّبَّاتُ واضِحةٌ / وفَرعُها وارِدٌ والمَتْنُ مَجدولُ
كأنّما ريقُها والفَجْرُ مُبتَسِمٌ / فيما أظُنُّ بِصَفْوِ الرّاحِ مَعلولُ
صَدَّتْ ووقَّرَني شَيبي فما أرَبي / صَهْباءُ صِرفُ ولا غَيداءُ عُطبولُ
وحَال دونَ نَسيبي بالدُّمى مِدَحٌ / تَحبيرُها بِرضى الرّحمنِ مَوصولُ
أُزيرُها قرَشيّاً في أسِرَّتِهِ / نُورٌ ومِنْ راحتَيْهِ الخَيْرُ مأمولُ
تَحكي شَمائلُهُ في طِيبِها زَهَراً / يَفوحُ والرّوضُ مَرهومٌ ومَشمولُ
هُوَ الذي نَعَشَ اللهُ العِبادَ بهِ / ضَخْمَ الدَّسيعَةِ مَتبوعٌ ومَسؤولُ
فكُلُّ شيءٍ نَهاهُمْ عنهُ مُجتَنَبٌ / وأمرُهُ وهْوَ أمرُ اللهِ مَفعولُ
مِنْ دَوحةٍ بَسَقَتْ لا الفَرْعُ مؤْتَشَبٌ / مِنها ولا عِرقُها في الحَيِّ مَدخولُ
أتى بمِلَّةِ إبراهيمَ والدِهِ / قَرْمٌ على كَرَمِ الأخلاقِ مَجبولُ
والناسُ في أَجَّةٍ ضَلَّ الحَليمُ بها / وكُلُّهُمْ في إسارِ الغَيِّ مكبلولُ
كأنَّهم وعوادي الكُفرِ تُسلِمُهم / إِلى الرَّدى نَعَمٌ في النَّهبِ مَشلولُ
يا خاتَمَ الرُّسْلِ إنْ لَم تُخشَ بادِرَتي / على أعادِيكَ غالَتْني إذنْ غولُ
والنّصْرُ باليَدِ مِنِّي واللِّسانِ معاً / ومَنْ لَوى عنكَ جِيداً فهْوَ مَخذولُ
وساعِدي وهْوَ لا يُلوي بهِ خَوَرٌ / على القَنا في اتِّباعِ الحقِّ مَفتولُ
فَمُرْ وقُلْ أَتَّبِعْ ما أنتَ تَنهَجُهُ / فالأمرُ مُمتَثَلٌ والقولُ مَقبولُ
وكُلَّ صَحْبِكَ أهوى فالهُدى مَعَهُمْ / وغَرْبُ مَن أبغَضَ الأخيارَ مَفلولُ
وأقتدي بضَجيعَيْكَ اقتِداءَ أبي / كِلاهُما دَمُ مَن عاداهُ مَطلولُ
ومَن كعُثمانَ جُوداً والسّماحُ لهُ / عِبءٌ على كاهِلِ العَلياءِ مَحمولُ
وأينَ مِثلُ عَليٍّ في بَسالَتِهِ / بمَأزِقٍ مَن يَرِدْهُ فهْوَ مَقتولُ
إني لأعْذُلُ مَن لم يُصْفِهِمْ مِقَةً / والناسُ صِنفانِ مَعذورٌ ومَعذولُ
فمَنْ أحبَّهمُ نالَ النّجاةَ بِهمْ / ومَن أبى حُبَّهُمْ فالسّيفُ مَسلولُ
مَنْ رامَ عِزّاً بغَيرِ السَّيفِ لم يَنَلِ
مَنْ رامَ عِزّاً بغَيرِ السَّيفِ لم يَنَلِ / فارْكَبْ شَبا الهُندُوَانِيَّاتِ والأسَلِ
إنّ العُلا في شِفارِ البِيضِ كامِنَةٌ / أو في الأسِنَّةِ منْ عَسَّالَةٍ ذُبُلِ
فَخُضْ غِمارَ الرّدى تَسْلَمْ وثِبْ عَجِلاً / لِفُرْصَةٍ عَرَضَتْ فالحَزْمُ في العَجَلِ
ما لِلجَبانِ أَلاَنَ اللهُ جانِبَهُ / ظَنَّ الشَّجاعَةَ مِرْقاةً إِلى الأجَلِ
وكَمْ حَياةٍ جَنَتْها النّفْسُ منْ تَلَفٍ / ورُبَّ أمْنٍ حَواهُ القَلْبُ منْ وجَلِ
مَتى أرى مَشْرَفِيَّاتٍ يُضَرِّجُها / دمٌ رَسَتْ فيهِ أيدي الخَيْلِ والإبِلِ
يُزيرُها عِصمَةُ الدِّينِ الطُّلَى فَبِها / يُقامُ ما مَسَّ لِيتَ القِرْنِ منْ مَيَلِ
فقَدْ نَزَتْ بِطَنٌ ما تَحتَها فِطَنٌ / بالعاجِز الوَغْدِ والهَيَّابَةِ الوَكَلِ
وطبَّقَ الأرضَ خَوفٌ لا يُزَحْزِحُهُ / ذو ضَجْعَةٍ لاثَ بُردَيْهِ على فَشَلِ
وخالَفَتْ هاشِماً في مُلكِها عُصَبٌ / صاروا مُلوكاً وكانوا أرذَلَ الخَوَلِ
حَنَّتْ إلَيْهِمْ ظُبا الأسْيافِ ظامِئَةً / حتى أبَتْ صُحْبَةَ الأجْفانِ والخِلَلِ
إذا جَرى ذِكرُهُمْ باتَتْ على طَرَبٍ / مُتونُهُنَّ إِلى الأعْناقِ والقُلَلِ
ودونَ ما طَلَبوهُ عِزّةٌ عَقَدَتْ / أيْدي المَلائِكِ فيها حُبْوَةُ الرُّسُلِ
ومُرْهَفٌ أنحَلَ الهَيجاءُ مَضرِبَهُ / لا يَألَفُ الدَّهرَ إلا هامَةَ البَطَلِ
وذابِلٌ يَنثَني نَشوانَ منْ عَلَقٍ / كالأيْمِ رَفَّعَ عِطْفَيهِ منَ البَلَلِ
بِكَفِّ أرْوَعَ يُرخي مِن ذَوائِبِهِ / جِنُّ المِراحِ فَيَمْشي مِشْيَةَ الثَّمِلِ
يَهيمُ بالطَّعَناتِ النُّجْلِ في ثُغَرٍ / تُطْوى على الغِلِّ لا بالأعْيُنِ النُّجُلِ
فلَيْتَ شِعري أحَقٌّ ما نَطَقْتُ بهِ / أم مُنْيَةُ النّفْسِ والإنسانُ ذو أمَلِ
يبدو ليَ البَرْقُ أحياناً وبي ظَمَأٌ / فَلا أُبالي بصَوْبِ العارِضِ الهَطِلِ
وفي ابتِسامَةِ سُعْدى عنهُ لي عِوَضٌ / فلَمْ أشِمْ بارِقاً إلا مِن الكِلَلِ
هَيفاءُ تَشْكو إِلى دَمعي إذا ابتَسَمَتْ / عُقودُها الثَّغْرَ شَكوى الخَصْرِ لِلْكَفَلِ
يُغْضي لها الرّيمُ عَينَيهِ على خَفَرٍ / ولا يَمُدُّ إليها الجِيدَ مِنْ خَجَلِ
طَرَقْتُها وسَناها عادَ يَغدِرُ بي / لو لَم يُجِرْني ذِمامُ الفاحِمِ الرَّجِلِ
وإنْ سَرَتْ نَمَّ بالمَسْرى تَبَرُّجُها / فالمِسْكُ في أرَجٍ والحَلْيُ في زَجَلِ
أشكو إِلى الحَجْلِ ما يأتي الوِشاحُ بهِ / وأُلزِمُ الرّيحَ ذَنْبَ العَنْبَرِ الشَّمِلِ
إذْ لِمَّتي كَجَناحِ النَّسْرِ داجِيَةٌ / والعَيْشُ رَقَّتْ حَواشي رَوضِهِ الخَضِلِ
واهاً لذلكَ مِن عَصْرٍ مَلَكْتُ بِها / على الجَآذِرِ فيهِ طاعَةَ المُقَلِ
لوْ رُمْتُ بابْنِ أبي الفِتْيانِ رَجعَتَهُ / لَعادَتِ البيضُ مِنْ أيَّامِهِ الأُوَلِ
فَفي الشَّبيبَةِ عَمَّا فاتَنا بَدَلٌ / وليسَ عَنها سِوى نُعْماهُ منْ بَدَلِ
رَحْبُ الذِّراعِ بكَشْفِ الخَطْبِ في فِتَنٍ / كأنَّنا مِنْ غَواشيهِنَّ في ظُلَلِ
أضْحَتْ بها الدَّولَةُ الغَرَّاءُ شاحِبَةً / كالشّمْسِ غَطّتْ مُحَيَّاها يَدُ الطَّفَلِ
فَصالَ والقَلْبُ كَظَّتْهُ حَفيظَتُهُ / تَوَثُّبَ اللّيْثِ لمْ يَهلَعْ إِلى الوَهَلِ
وأغمَدَ السَّيْفَ مَذْروبَ الشَّبا ونَضَا / رأْياً أَبَى الحَزمُ أن يُؤتَى مِنَ الزَّلَلِ
ومهَّدَ الأمرَ حتى هزَّ مِنْ طَرَبٍ / إليهِ عِطْفَيهِ ما ولَّى مِنَ الدُّوَلِ
ساسَ الوَرى وهَجيرُ الظُّلمِ يَلفَحُهُمْ / فأعْقَبَ العَدْلُ فِيهمْ رِقَّةَ الأُصُلِ
أغَرُّ تَنشُرُ جَدْواهُ أنامِلُهُ / وقَد طَوى الناسُ أيديهمْ علَى البَخَلِ
مُقَبَّلٌ تُرْبُ نادِيهِ بكُلِّ فَمٍ / لا يَلفِظُ القَوْلَ إلا غَيرَ ذي خَطَلِ
كأنّهُ والمُلوكُ الصِّيدُ تَلثِمُهُ / خَدٌّ تَقاسَمَهُ الأفْواهُ بالقُبَلِ
ورُبَّ مُعتَرَكٍ ضَنْكٍ فَرَغْتَ لهُ / حتى تَرَكْتَ بهِ الأرواحَ في شُغُلِ
تَرنو خِلالَ القَنا حَيْرى غَزالتُهُ / عن ناظِرٍ بِمُثارِ النّقْعِ مُكتَحِلِ
بحَيثُ لا يَملِكُ الغَيرانُ عَبْرَتَهُ / حتى مَشَيْتَ بِها في مَسْلَكٍ وَحِلِ
والأعوَجِيّةُ مُرخاةٌ أعِنَّتُها / تَسْتَنُّ في لَهَواتِ السَّهْلِ والجَبَلِ
والبِيضُ تَبْسِمُ والأبطالُ عابِسَةٌ / ما بَينَ مُودٍ ومَكْلومٍ ومعتَقَلِ
حتى تَرَكْتَ بهِ كِسْرى وأُسرَتَهُ / أتباعَ راعِيَةِ الحَوْذانِ والنَّفَلِ
وانْصاعَ بَأْسُكَ بابْنِ الغابِ تُجْشِمُهُ / أن يَستَجيرَ حِذاراً بِابْنَةِ الوَعِلِ
وأيُّ يَومَيْكَ مِن نارَيْ قِرًى وَوَغىً / في السِّلْمِ والحَربِ لمْ يَفتَرَّ عنْ شُعَلِ
نَماكَ من غالِبٍ بِيضٌ غَطارِفَةٌ / بَثُّوا الندىً فإلَيهِمْ مُنتَهى السُّبُلِ
لا يَشْتَكي نَأْيَ مَسْراهُ أخو سَفَرٍ / تُدنِيهِ مِنهُمْ خُطا المَهْريَّةِ الذُلُلِ
مِنْ كلِّ أبلَجَ مَيمونٍ تَفيئَتُهُ / يَغشى حِياضَ المَنايا غيرَ مُحتَفِلِ
فلَيسَ يَرضى بغَيرِ السَّيفِ منْ وَزَرٍ / ولا يُعِدُّ سِوى الماذيِّ مِنْ حُلَلِ
يُصغي إِلى الحَمدِ يَقْريهِ مَواهبَهُ / بمَسمَعٍ ضاقَ فيه مَسرَحُ العَذَلِ
فَشِدْتَ ما أَسَّسَ الآباءُ مِن شَرَفٍ / حتى تحَلَّتْ بهِ الأيّامُ مِنْ عَطَلِ
فُقْتَ الثَّناءَ فلمْ أبْلُغْ مَداكَ بهِ / حتى توهَّمْتُ أنَّ العَجْزَ منْ قِبَلي
والعِيُّ أن يَصِفَ الوَرْقاءَ مادِحُها / بالطَّوْقِ أو يَمدَحَ الأدْماءَ بالكَحَلِ
تَبَلَّجَ العِيدُ عنْ سَعدٍ يُصافِحُهُ / جَدٌّ عَواقِبُهُ تُفْضي إِلى الجَذَلِ
فانْحَرْ ذوي إحَنٍ تَشْجى أضالِعُهُمْ / بهِنَّ نَحْرَ هَدايا مَكَّةَ الهَمَلِ
وَفُرَّ عَنْها بأطرافِ الرِّماحِ تَشُبْ / دِماءَهُمْ بدِماءِ الأيْنُقِ البُزُلِ
وأصْدِرِ البِيض حُمراً عَنْ جَماجِمِهمْ / إذا رَوِيْنَ بِها عَلاً على نَهَلِ
وامْشِ الضَّراءَ تَنَلْ ما شِئْتَ من فُرَصٍ / ولا تَمُدَّ لمَنْ عاداكَ في الطِّوَلِ
فالدَّهْرُ مُنتَظِرٌ أمْراً تُشيرُ بهِ / فمُرْ بما يَقْتَضيهِ الرَّأيُ يَمْتَثِلِ
رَنا وناظِرُهُ بالسِّحْرِ مُكتَحِلُ
رَنا وناظِرُهُ بالسِّحْرِ مُكتَحِلُ / أغَنُّ يُمْتارُ مِن ألحاظِهِ الغَزَلُ
فرُحْتُ أدنو بقَلْبٍ هاجَهُ شَجَنٌ / وراحَ ينأى بخَدٍّ زانَهُ خَجَلُ
يَمشي كما لاعَبَتْ ريحُ الصَّبا غُصُناً / ظلّتْ تَجورُ بهِ طَوراً وتعتَدِلُ
ذو وَجْنَةٍ إنْ جَنَتْ عَينُ الرّقيبِ بها / وَرْدَ الحَياءِ كَساها وَرْسَهُ الوَجَلُ
كالشّمسِ إنْ غابَ عنا فهْيَ طالِعَةٌ / وإنْ أطَلَّ عَلَينا غالَها الطَّفَلُ
نخْشى عُيونَ العِدا يَعتادُها شَوَسٌ / تَكادُ مِنْ وَقَداتِ الحِقْدِ تَشتَعِلُ
إذا انتَضَلْنا أحاديثَ الهَوى عَلِقَتْ / بنَظرَةٍ تَلِدُ البَغْضاءَ تَنتَضِلُ
واهاً لعَصْرٍ يُعَنّينا تَذَكُّرُهُ / مَضى وفي الخَطوِ من أيّامِهِ عَجَلُ
بمَنزِلٍ حَلَّ فيه الغَيْثُ حُبْوَتَهُ / حتى استَهَلَّ عليهِ عارِضٌ هَطِلُ
أهدَى لنا صِحّةً تَقوى النُّفوسُ بِها / نَسيمُهُ وأثارَتْ ضَعْفَهُ العِلَلُ
ومَوقِفٍ ضَجَّ جِيدُ الرّيمِ من غَيَدٍ / فيهِ وأزْرى بألْحاظِ المَها كَحَلُ
زُرنا بهِ رَشأً يَرتادُ غِرّتَهُ / ذو لِبْدَةٍ بنِجادِ السيفِ مُشْتَمِلُ
يُديرُ كأسَينِ منْ لَحْظٍ ومُبْتَسَمٍ / يُغْنيهِما عَنْ حَبابٍ ثَغْرُهُ الرَّتَلُ
ويَنثَني مِشْيَةَ النّشوانِ مِن تَرَفٍ / كأنّما قَدُّهُ منْ طَرفِهِ ثَمِلُ
أزْمانَ رَقَّتْ حَواشي الدّهْرِ في دُوَلٍ / لا يَشْرَإِبُّ إلَيها حادِثٌ جَلَلُ
كأنّها بندىً المُسْتَظْهِرِ ارْتَجَعَتْ / رَوْقَ الشّبيبَةِ حتى ماؤُها خَضِلُ
عَصْرٌ كَوَرْدِ الخُدودِ البيضِ قد غَرَسَتْ / يَدُ الحَياءِ بهِ ما تَجْتَني القُبَلُ
وعِزَّةٌ دونَ أدْناها مُمَنَّعَةٌ / ممّا يُناجي عَلَيهِ الفَرْقَدَ الوَعِلُ
فالعَدْلُ مُنتَشِرٌ والعَزْمُ مُجْتَمِعٌ / والعُمْرُ مُقْتَبَلٌ والرأيُ مُكْتَهِلُ
ساسَ البَرِيّةَ قَرْمٌ ماجِدٌ نَدِسٌ / غَمْرُ البَديهَةِ نَدْبٌ حازِمٌ بَطَلُ
برَأفَةٍ ما تخَطّى نَحْوَها عُنُفٌ / ومِنْحَةٍ لمْ يُكَدِّرْ صَفْوَها بَخَلُ
لو كانَ في السَّلَفِ الماضِينَ إذ طَفِقَتْ / نَعْلُ اليَمانين يُرْخي شِسْعَها الزَّلَلُ
لقَدَّمَتْهُ قُرَيشٌ ثمّ ما ولَغَتْ / للبَغْي في دَمِها صِفّينُ والجَمَلُ
يَتلو الأئِمّةَ من آبائِهِ وبهِمْ / في كُلِّ ما أثّلوهُ يُضْرَبُ المَثَلُ
شُوسُ الحَواجِبِ في الهَيْجاءِ إذْ لَقِحَتْ / بيضُ المَسافِرِ وهّابونَ ما سُئِلوا
لَهُمْ منَ البَيتِ ما طافَ الحَجيجُ بهِ / والسهْلُ من سُرّةِ البَطْحاءِ والجَبَلُ
إذا انتَضَى السّيفَ وارَى الأرْضَ بَحْرُ دَمٍ / تُضْحي فَواقِعَهُ الهَاماتُ والقُلَلُ
شَزْرُ المَريرَةِ سَبّاقٌ إِلى أمَدٍ / يَزْوَرُّ عنْ شَأوِهِ الهَيّابَةُ الوَكَلُ
يَروضُ أفكارَهُ والحَزْمُ يُسهِرُهُ / وللإصابَةِ في أعقابِها زَجَلُ
حتى يَرى لَيلَهُ بالصُّبْحِ مُلتَثِماً / وقد قَضى بالكَرى للعاجزِ الفَشَلُ
يا خَيرَ مَن خَضَبَتْ أخْفافَها بدَمٍ / حتّى أُنيخَتْ إِلى أبوابِهِ الإبِلُ
بِها صَدىً وحِياضُ الجودِ مُترَعَةٌ / للوارِدينَ عَلَيها العَلُّ والنَّهَلُ
هُنّيتَ بالقادِمِ المَيْمونِ طائِرُهُ / نَعْماءُ يَختال في أفيائِها الدُّوَلُ
لو تَستَطيعُ لَوَتْ شَوقاً أخادِعَها / إليكَ ثمّ إليه الأعْصُرُ الأُوَلُ
أهلاً بمُنْتَجَبٍ سُرَّتْ بمَوْلِدِهِ / منْ هاشِمٍ خُلْفاءُ اللهِ والرُّسُلُ
أغَرُّ مُستَظْهِرِيٌّ يُستَضاءُ بهِ / تَبَلَّجَ السّعْدُ عنهُ وهو مُقْتَبَلُ
تَثْني الخِلافَةُ عِطْفَيها بهِ جَذَلاً / لا زالَ يَسْتَنُّ في أعطافِها الجَذَلُ
والخيلُ تَمْرَحُ منْ عُجْبٍ بِفارِسِها / والبيضُ تَبْسِمُ في الأغْمادِ والأسَلُ
هذا الهِلالُ سَتَجلوهُ العُلا قَمَراً / تُلقي إليهِ عِنانَ الطّاعةِ المُقَلُ
فَرْعٌ تأثّلَ بالعبّاسِ مَغْرِسُهُ / وأصلُهُ برَسولِ اللهِ مُتّصلُ
أعطاكَ ربُّكَ في الأولادِ ما بَلَغَتْ / أجدادُهُمْ فيكَ حتى حُقِّقَ الأمَلُ
أردِّدُ الظّنَّ بينَ اليأسِ والأملِ
أردِّدُ الظّنَّ بينَ اليأسِ والأملِ / وأعْذِرُ الحبَّ يُفْضي بي إِلى العَذَلِ
وأسْألُ الطّيْفَ عنْ سَلْمى إذا قُبِلَتْ / شَفاعَةُ النّوْمِ للسّاري إِلى المُقَلِ
وما أظُنُّ عُهودَ الرّمْلِ باقِيَةً / وأيُّ عَهْدِكِ يا ظَمْياءُ لم يَحُلِ
للهِ ما صَنَعَتْ أيْدي الرِّكابِ بِنا / عَشيّةَ اسْتَتَرَ الأقْمارُ بالكِلَلِ
إذا ابْتَسَمْنَ سَلَبْنَ البَرْقَ رَوْعَتَهُ / وإنْ نَظَرْنَ فجَعْنَ الظّبْيَ بالكَحَلِ
مِنْ كُلِّ بَيْضاءَ مَصقولٍ تَرائِبُها / مَقسومَةِ العَهْدِ بينَ الغَدْرِ والمَلَلِ
تَسُلُّ منْ مُقْلَتَيْها صارِماً أخَذَتْ / مِنْ حَدِّه وَجْنَتاها حُمْرَةَ الخَجَلِ
طَرَقْتُها والدُّجى شابَتْ ذَوائِبُهُ / والفَجْرُ مُقْتَبِلٌ في زِيِّ مُكْتَهِلِ
وللرّقيبِ خُشوعٌ في لَواحِظِهِ / يُعيرُها نَظراتِ الشّارِبِ الثّمِلِ
فردَّ دونَ وِشاحَيْها العَفافُ يَداً / تَبُزُّ في الرّوْعِ دِرْعَ الفارِسِ البَطَلِ
ثمّ انْصَرَفْتُ وقَلْبانا كأنّهُما / عِندَ الوَداع جَناحا طائرٍ وَجِلِ
وفي مَباسِمِها لي ما يُتابِعُهُ / بِراحَتَيْكَ المُلوكُ الصِّيدُ مِنْ قُبَلِ
للهِ دَرُّكَ منْ قَرمٍ كمِ اخْتَضَبَتْ / إليهِ بالدّمِ أيْدي الخَيْلِ والإبِلِ
سَهْلِ الشّريعَةِ سَبّاقٍ إِلى أمدٍ / تَسْري الرّياحُ بهِ حَسْرى على مَهَلِ
ومُستَبِدٍّ برأيٍ لا يُتَعْتِعُهُ / خَطْبٌ يُشيرُ على الآراءِ بالزَّلَلِ
يَنْضوهُ للأمْرِ قد سُدَّتْ مَطالِعُهُ / وضاقَ في طَرَفَيْهِ مَسْلَكُ الحِيَلِ
والسّيْفُ يَنْفَعُ يومَ الرّوعِ حامِلَهُ / إذا تبدَّلَ يُمْناهُ منَ الخَلَلِ
فزادَهُ المُقْتَدي باللهِ تَكْرِمَةً / كَسَتْهُ بُرْدَ الشّبابِ الناضِرِ الخَضِلِ
وعادَ رَيْعانُ عُمْرٍ بانَ رَيِّقُهُ / فراجَعَ البيضَ منْ أيّامِهِ الأُوَلِ
يُزْهَى بهِ الخِلَعُ المَيْمونُ طائِرُها / زَهْوَ الخَرائِدِ بالمكْحولَةِ النُّجُلِ
هُنّ الرّياضُ لها مِنْ خُلْقِهِ زَهَرٌ / ومِنْ أيادِيهِ صَوْبُ العارِضِ الهَطِلِ
ومَنْ غَدا بِرِداءِ الفَخْرِ مُشْتَمِلاً / أضْحى بِما يَكْتَسيهِ غيرَ مُحتَفِلِ
وجاءَهُ الطِّرْفُ والأعْداءُ في كَمَدٍ / يُدْمي الجَوانِحَ والإخْوانُ في جَذَلِ
يَسْمو بهادِيهِ والأعناقُ خاضِعَةٌ / لِحافِرٍ بعُيونِ القَوْمِ مُنْتَعِلِ
يا سَعْدُ كَمْ لكَ منْ نَعْماءَ جُدْتَ بِها / حتّى تَرَكْتَ الحَيا يُعْزى إِلى البَخَلِ
أهذِهِ قَصَباتُ المُلْكِ تُعْمِلُها / أمِ الضّرائِرُ للخَطّيّةِ الذُّبُلِ
فقد بلَغْتَ بِها ما عَزَّ مَطْلَبُهُ / على ظُبا الهِنْد وانِيّاتِ والأسَلِ
إنّ الكَتائِبَ كُتْبٌ عَنْكَ صادِرَةٌ / فاسْدُدْ بِها لَهَواتِ السّهْلِ والجَبَلِ
وافْخَرْ بِما شِدْتَ مِنْ مَجْدٍ يُؤثِّلُهُ / ندىً يَروحُ ويَغْدو غايَةَ المَثَلِ
إنّ المَكارِمَ شتّى في طَرائِقِها / وأنتَ تَنْزِلُ منها مُلْتَقى السُّبُلِ
لا زالَ شَمْلُ المَعالي منكَ مُنتَظِماً / ودامَ صَرْفُ اللّيالي عنْكَ في شُغُلِ
ضَلَّتْ قُبَيِّلَةٌ رامُوا مُساجَلَتي
ضَلَّتْ قُبَيِّلَةٌ رامُوا مُساجَلَتي / وَلَمْ تَطَأْ صَفْحَةَ الغَبْراءِ أَمْثالي
وَقَدْ فَضَلْتُهُمُ في كُلِّ مَكْرُمَةٍ / إِلّا الغِنى وَالعُلا في الفَضْلِ لا المالِ
فَكَمْ تَمَرَّسَ بي في الفَخْرِ جاهِلُهُمْ / تَمَرُّسَ الأَجْرَبِ المَهْنوءِ بِالطّالي
إِنْ طُوِّقُوا نِعَماً وَاللُّؤْمُ مُشْتَمِلٌ / عَلَيْهِمُ فَهْيَ أَطْواقٌ كَأَغْلالِ
وَلي أَبٌ لَوْ أُعيرَ النّاسُ سُؤدَدَهُ / لَم يَرْغَبوا الدّهْرَ في عَمٍّ وَلا خَالِ
وَفِتْيَةٍ مِنْ بَني سَعْدٍ طَرَقْتُهُمُ
وَفِتْيَةٍ مِنْ بَني سَعْدٍ طَرَقْتُهُمُ / فَبِتُّ أَلْبِسُ بِالْأَبْطالِ أَبْطالا
ثُمَّ انْصَرَفْتُ وَجُرْدُ الخَيْلِ دامِيَةٌ / صُدورهُنَّ وَلَمْ يُكْلَمْنَ أَكْفالا
وَكُنْتُ أُعْلِمُهُمْ أَنِّي مُجالِدُهُمْ / بِصارِمِي فَوَفى حُرٌّ بِما قالا
يا رِيمُ ما لِيَ إِلّا بالهَوى شُغُلُ
يا رِيمُ ما لِيَ إِلّا بالهَوى شُغُلُ / فَمُنْيةُ النَّفْسِ حَيْثُ الأَعْيُنُ النُّجُلُ
لَولاكَ ما غَرِقَتْ في الدَّمْعِ إِذْ أَرِقَتْ / مَدامِعٌ لَمْ يُغازِلْها الكَرى هُطُلُ
وَبِالفُؤادِ أَناةٌ حينَ أَجْذِبُهُ / إِلى السُّلوِّ وَلكنْ أَدْمُعي عُجُلُ
فَمَنْ لِصَبٍّ بَكى شَوْقاً إِلى بَلَدٍ / أَقَمْتُ فيهِ وَسُدَّتْ دُونَهُ السُّبُلُ
إِذا الصَّبا نَسَمَتْ فَاقْرَأْ تَحِيَّتَهُ / فَما لَهُ غَيْرُ أَنْفاسِ الصَّبا رُسُلُ
كُفِّي أُمَميمَةُ غَربَ اللَّومِ وَالعَذَلِ
كُفِّي أُمَميمَةُ غَربَ اللَّومِ وَالعَذَلِ / فَلَيسَ عِرضي عَلى حالٍ بمُبتَذَلِ
إِن مَسَّني العُدْمُ فاِستَبْقي الحَياءَ وَلا / تُكَلِّفيني مَديحَ العُصبَةِ السَّفَلِ
وَشِعرُ مِثلي وَخَيرُ القَولِ أَصدَقُهُ / ما كانَ يَفتَرُّ عَن فَخرٍ وَعَن غَزَلِ
أَمّا الهِجاءُ فَلا أَرضى بِهِ كَرَما / وَالمَدحُ إِن قُلتُهُ فالمَجدُ يَغضَبُ لي
وَكَيفَ أَمدَحُ أَقواماً أَوائلُهُم / كانوا لِأَسلافِنا الماضينَ كالخَوَلِ
لَئِن أَطاعَتني الأَقدارُ واِرتَجَعَتْ / صوارِمي إِرثَ آبائي مِنَ الدُوَلِ
وَلَم أُرَوِّ أَنابيبَ الرِّماحِ دَماً / في مأزِقٍ بِرداءِ النَّقعِ مُشتَمِلِ
فَلا رَفَعتُ لِساري اللَيلِ نارَ قِرى / تَكادُ تَرمي جَبينَ النَّجمِ بالشُعَلِ
يا زَورَةً بِمَصابِ المُزنِ مِن إِضَمٍ
يا زَورَةً بِمَصابِ المُزنِ مِن إِضَمٍ / مَحفوفَةً مِن عَذارى الحَيِّ بالمُقَلِ
هَل أَنتِ عائِدَةٌ لَيلاً أَبيتُ بِهِ / في ذِمَّةِ النَّجمِ بَينَ الحَلْيِ وَالحُلَلِ
يَهمي عَلى وَجَناتٍ غَيرِ شاحِبَةٍ / مالا يُفارِقُهُ التَّقوى مِنَ القُبَلِ
وَيَكشِفُ الرَّوعَ عَنِّي صارِمٌ خَذِمُ / وَالسَّيفُ نِعمَ مُجيرُ الخائِفِ الوَجِلِ
بِمَنزِلٍ خالَطَ المِسكُ البَليلُ بِهِ / ثَرىً يَنُمُّ بِرَيّا رَوضِهِ الخَضِلِ
وَالصُبحُ نَفَّرَ سِربَ اللَّيلِ حينَ لَوى / تَليلَهُ مِن دياجِيهِ عَلى الكَفَلِ
لَمّا تَبَلَّجَ مُفتَرّاً مَباسِمُهُ / نَضَحْتُ غُرَّتَهُ بالمَدمَعِ الهَطِلِ
وَوَدَّعَتْنِي سُلَيمَى وَالرَّقيبُ يَرى / بِقِّدِها ما بِعَينَيها مِنَ الثَّمَلِ
ثُمَّ اِنصَرَفَتُ عَل ذي مَيعَةٍ فَمَشى / طَوراً روَيداً وَأَحياناً عَلى عَجَلِ
عِندي لِأَهلِ الحِمى وَالرَّكبُ مُرتَحِلُ
عِندي لِأَهلِ الحِمى وَالرَّكبُ مُرتَحِلُ / قَلبٌ يُشَيِّعُهُم أَو مَدمَعٌ هَطِلُ
أَمّا الفُؤادُ فَلا يَبغي بِهِم بَدَلا / وَهَلْ عَنِ الرُّوحِ إِن فارَقْتُها بَدَلُ
وَفي الهوادِجِ مَن يُغري العواذِلَ بي / وَهُنَّ يَعجِزنَ عَمّا تَصنَعُ الإِبِلُ
تَرنو إِليَّ عَلى رُعبٍ يُخامِرُها / تَلَفُّتَ الظَّبيِ حينَ اِعتادَهُ الوَجَلُ
وَلِي إِلَيها وَإِن خِفتُ العِدا نَظَرٌ / أَلْوِي لَهُ الجيدَ أَحياناً إِذا غَفَلوا
وَكَيفَ يُجدي عَلى الصَّادي تَلَفُّتُهُ / إِلى مَناهِلَ سُدَّتْ دونَها السُّبُلُ
نأَت وَلَم تَكُ نَفسي بَعدَ فُرقَتِها / تَرجو الحَياةَ وَلكن أُخِّرَ الأَجَلُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025