بما بجفنيك من غنجٍ ومن كحَلِ
بما بجفنيك من غنجٍ ومن كحَلِ / صل مغرما ليس يصغي فيك للعذل
يخفي هواك ودمع العين يُظهرهُ / بمدمع ظلّ مطلولا على الطلل
في كل يوم غرام فيك يوقفهُ / في موقف الذلّ بين اليأس والأمل
ويمزي درّ أجفانٍ موكلةٍ / من الدموعِ بغيض المسبل الهطل
إن دام هجرك لي يا من أؤمّله / أصار ما قد بقي مني إلى الأجل
أو أدّعي سقمي ظلما عليك جوى / فالقلبُ يجحده من شدّة الوجل
أما كفاك بأني في هواك لقى / من الصبابة والتبريج والعلل
حتى صددت بلا جرم ولا سببٍ / صدّاً يحقّقُ عندي سرعة المللِ
يا مانعي طيب لذاتي على مقة / وما نحى كلّها ألقى من الخبَلِ
أما السلوّ فقلبي من ملابسه / عارٍ وجسمي من الأسقام في حُلَلِ
أجود حنّى بروحي في هواك وما / تنفكّ حتى بطيبِ القول في نحَلِ
فمن لصَبّ أصابته سهام هوىً / رمي فأصماه راممن بني ثمَلِ
مغرىّ بذكر رماح الخط عن غرضٍ / حبّا لكل رشيق القدّ معتدلِ
ففي القدود وفي الأجفان سرّ هوى / يريك كيف اتفاق البيض والأسَلِ
وفي نوال صلاح الدين غزُر غنىً / منه الأمان لوقع الحادثِ الجلَلِ
قليجُ رسلان من ألطافه أبداً / تستنزل العصم بالجدوى من القلل
ملك له عزمة ذل الزمان لها / وجيش جاش يريك الناس في رجل
مؤيد الرأي إلا أنّ همته / أمضى من البيض والخطية الذبل
طوفان راحته بالجود ولا أحد / إن عمّه قائلا أوى إلى جبل
كلا ولا عاصم من بأسهِ أبداً / يوم الوغى بظبا الهندبةالقصل
ما أعمل الفكر في يومي ندى وردى / إلا لتعجيل رزق منه أو أجل
كأننا من قريش جاهليتنا / في الجود عاكفه منه على هبَلِ
أكذبتَ ظنّ السحاب الجون من نعمٍ / روّيت منها الورى بالعلّ والسهل
جود يعم البرايا منك متصل / وهاطل الغيث حينا غير متصل
فانهض إلى نصر دين الله في جذلٍ / في جحفل شرق بالخيل ذي زجَلِ
جيش بجيش بأبطال إذا برزوا / قال الروى للعدا موتوا على عجل
من كل أعلب في عرنيهِ شمم / ضخم الدسيعة مرد غير محتفل
وكل مدرع للصبر مؤتزر / بالحزم ملتحف بالعزم مشتمل
أبناء حرب غذوا فيها ومشأهم / بها ولم يحكموا قولا بلا عمل
فالله جارك والأفلاك دائرة / بما تؤمّله في أوضح السبل
قد سدت كل ملوك الأرض قاطبة / وشدتها دولة تسمو على الدول
يا أيها الملك الميمون طائره / وابن الملوك ونجل السادة الأول
سمعا لشكواي من دهر حوادثهُ / لا تتّقى بصنوف المكر والجيل
ما زلت عند بني أيوب في نعم / موفورة ونوال غير منخزل
أرعى رياض الندى من فيض أنعمهم / وأسرح الطرف بين الخيل والخول
وعشت في عزّة قعساء عندهمُ / موفّر الخط في الأفراح والجذَل
أرعى الفضلي وما حصّلتُ من أدبٍ / ومن علوم ولا أرعى مع الهمَلِ
وكان لي الملك المنصور أعظم من / يعلي محلي ويدني مسرعا أملي
فخانني الدهر في حظي وأعدمني / من كان أضحى عليه متّكلي
فكنت لي عوضا عن كل من نظرَت / عيني وجئتك أسعى جد مختتل
قصدت بابك والآمال تلعب بي / واعتضت بالجم عن نزر من الوشل
فاسلك مسالك أهليك الكرام معي / ولا تكن عن قضاء الحقّ في شغل
فإن جودك يكفي كلّ حادثةٍ / وحسن رأيك لا يؤتى من الزلل
قد صاغ كفيك رب العرش عن قدرٍ / للمشرفية والتوقيع والقبل
وإن بابك يولي قاصد بك علا / كأنما الشمس منك الدهر في الحمَلِ