المجموع : 5
لو حملَتْ عتبيَ الليالي
لو حملَتْ عتبيَ الليالي / أو سمعتْ قلتُ ما بدا لي
لكنّ عذلاً كالنَّصح ضاعت / سلوكه في رقوع بالي
أخطبُ منهنّ ناشزاتٍ / لا يتعطّفن للبعالِ
عواقماً لا يلدن إلا / ما عقّ قلبي وعزَّ حالي
ما لزماني على احتشامي / في بسطهِ الجورَ لي ومالي
لو شاء ممّا احتملتُ منه / أخجله كثرةُ احتمالي
ولم يكن لي إلا صديقاً / لو فطن الدهرُ للرجال
عشْ واحدا أو فمتْ ولمّا / يعرك بجنبيك حبُّ قالي
ولم تَرِدْ فعلةً أُجاجاً / تُشَرعُ من قولةٍ زُلالِ
عرفتُ نفسي وما أعادي / فهو سواء وما أوالي
وقاد قلبي ألا أبالي / قلّةَ إنصافِ من أبى لي
ما ليَ من صاحبِيَّ إلا / من لم أرُعْه ثَلْمَ مالِ
وأرخَصُ الناسِ بي سماحاً / من أنا في حبّه أغالي
لامتْ على جلستي فظنَّت / خيراً بمطرورةِ النصالِ
رأت سيوفا ولا مَضاءٌ / وراءَ ما راق من صقالِ
وأنكرت صونيَ القوافي / عنهم وفي بذلها ابتذالي
لولا ابن عبد الرحيم يُصغِي / ما وُجد الشعر من مقالي
نشاطه للوفاء أضحى / نشط لساني من عقالِ
داوى بتأنيسه نفاري / طَبٌّ بأدوائه العِضالِ
أُكسبه الحمدَ بين ثاوٍ / من أثرٍ في العلا وخالي
ببنت شمس وبنت مال / تهتز مَيلاً من الهزالِ
فطنّبوا مائلاتِ أزر ال / حُبى وأرخَوا سجفَ الحجالِ
بيضُ البُنَى والوجوهِ سودُ ال / قدورِ حُصّاً حمر اللآلي
من حاضري البدوِ لم تدسهم / في البدو مستافةُ الرمالِ
ولم يَسمْهم هَجرُ انقلاب ال / جَنوبِ منهم إلى الشَّمالِ
كلُّ طويلِ النِّجاد زلَّت / عنه فضول البرد المذال
يوُضِحُ في الترب أخمَصاه / ما ترسم الخيلُ بالنعالِ
إن قصَّر السيفُ عن ضريب / أرفده بالخُطَى الطّوالِ
أبناءُ كسرى نشرتَ مجداً / ما أدرجت منهم الليالي
واليوم عن ملكهم حديثٌ / يُنبي بأيّامه الأَوالي
بنَوا على العدل كلَّ شيء / فانتخبوه يومَ اعتدالِ
خُمصُ الربى عنده بطانٌ / وعاطل الروض منه حالي
ما مطلتْ أرضَها سماء / فهو شفاءٌ من المِطالِ
قابلْ به الفطرَ خيرَ آت / يلقاك ثوباهما وتالي
ذا نعمة لا أخاف فيها / عليك إلا من الكمال
قلت لقومٍ خفَوا وبنتم / بيِّنةَ الرشد في الضلالِ
لا تعجبوا والدجى بهيمٌ / أن شدخت غرّة الهلالِ
غُضُّوا له حاسدين زرقاً / فالكحل في مقلة الغزالِ
حَطَّهُمُ وارتفعتَ عنهم / أنّك خاطرتَ في الكمال
نوازعُ الشوق والغليلِ
نوازعُ الشوق والغليلِ / عليَّ أحنى من العذولِ
لام على بابلٍ سهادي / ونام عن ليلي الطويلِ
فمرَّ لا راحماً ضلالي / فيها ولا سالكاً سبيلي
ينفض طُرقَ الكرى بصيراً / بها وطُرْقي بلا دليلِ
تخلَّ لا سرَّك التخلِّي / وذمّك الودُّ من خليل
يا راكبَ الليل مستطيلاً / يُرجِلُكَ الصبحُ عن قليلِ
أمامَك الظُّعْنُ رائحات / فكيف ترتاح للنزولِ
اُنظر فإن الدموع حالت / جفنِيَ عن ناظرٍ كليلِ
أبارقٌ ما تَشيمُ عيني / أم المصابيحُ في الحُمولِ
تسابق الشمسَ جنبَ سلع / حتى سبقن الدجى بميلِ
ينقُلنَ وخداً بيضاءِ كنٍّ / نُحضنَ بالشدِّ والذميلِ
أهدَى استتارُ الشموسِ فيها / لغُبْطِها صبغةَ الأصيلِ
يا صاحبي والردَى منيخٌ / يُنظِرني ساعةَ الرحيلِ
خذ بدمي طرفَ أمّ عمرو / إن أخِذ السيفُ بالقتيلِ
واستروح الريحَ من سُلَيمى / مرّاً على ربعها المُحيلِ
ولم أخلْ قبلَها شفائي / عند نسيم الصَّبا العليلِ
وأقتضي أذرعَ المطايا / ما استصحبتْ من ثرى الطلولِ
دارُك والركبُ مستقيمٌ / تعلمُ يا سَلم ما عُدولي
وكيف ظِلُّ الرداءِ فيها / إذا هُمُ هَجَّروا مَقيلي
أنصلَ كرُّ السّقامِ شِلواً / منّي ومنها كَزَّ السيولِ
تَعلّم الوبلُ من دموعي / فغادر الربعَ في مُحولِ
ما منجزاتُ الوعودِ عندي / أكرمُ من وعدكِ المَطُولِ
ولا الحبيبُ الوصولُ أحظى / لديَّ من طيفِك البخيلِ
ربّ سميرٍ سقاطُ فيه / للهمِّ أنفَى من الشَّمولِ
أهوَى له أن يطولَ ليلي / ولو على سُقميَ الدخيلِ
قد أخذَ الحزمُ بي وأعطى / وشفَّ عن ماطري مخيلي
وجرّب الدهر كيف يمضي / غربيَ فيه على فلولِ
إن سفَّهَ الجدبُ رأيَ قومٍ / عاد حليمي على جهولي
أو أغنت السنُّ عن رجالٍ / أربتْ فِصالي على الفحولِ
ما خضعتْ للخُمول نفسي / وصونُ عِرضي مع الخُمولِ
ولا استكانت يدي لفقرٍ / والمالُ في جانبٍ ذليلِ
في بُلَغ العيش لي كَفافٌ / فما التفاتي إلى الفضولِ
ما أنصف الرزقَ لو أدرّت / مزنتُه بُرقَةَ العقولِ
وكم فتىً شاكلتْ علاه / خُلْقي على قلّة الشُّكولِ
منازلٌ كالهلال تُذكِى / قَدْحتُه في الدجى سبيلي
يطير بي رائشاً جناحي / والدهرُ يقتصُّ من نسيلي
من آل عبد الرحيم وافٍ / كأنه بالمنى كفيلي
من الميامين لم تُخذِّلْ / فروعُهم عزّةَ الأصولِ
ولا استماحوا العُموم فخراً / سدّوا به ثُلمة الخُؤولِ
الغررُ الواضحاتُ فيهم / مجتمعاتٌ إلى الحجولِ
ترطبُ أيديهمُ سِماناً / في لَهواتِ العام الهزيلِ
إذا الحيا أخلف استغاثت / أيمانَهم ألسنُ المُحولِ
همْ قشروا العار عن عصاهم / بكلِّ عاري الظُّبا صقيلِ
واستيقظوا للتِّراتِ لمّا / نامت عيونٌ على الذُّحولِ
كلّ غلامٍ يَسُدُّ مجداً / بنفسه ثُغرةَ القبيلِ
يحتشم البحرُ من يديه / والبدرُ من وجهه الجميلِ
تَقلِص عن ساقه قِصاراً / ذيولُ سرباله الطويلِ
يذرع طولَ القناة قدّاً / وهي تنافيه في الذُّبولِ
تُنمَى العلا من أبي المعالي / إلى عريق الثرى أصيلِ
ويحمل الخطبَ يومَ يعرو / منه على كاهلٍ حَمولِ
أبلج يجري الجمال منه / في سنّتي واضح أسيلِ
يردُّ خُزْرَ العيون قُبْلاً / إليه من شدّة القبولِ
لا فترةُ العاجز المروِّي / فيه ولا طيشةُ العَجولِ
يستند الوعدُ والعطايا / منه إلى قائلٍ فَعولِ
معتدل الشيمتين حلو ال / طعمين في الصعبِ والذَلولِ
يزيده النَّيلُ لينَ مسٍّ / إن لعب العُجبُ بالمنيلِ
للفِقَر المشكلاتِ منه / عارضةُ البارقِ الهطولِ
إذا لهاة البليغ جفَّتْ / أرسلها من فمٍ بَليلِ
يفديك مسروقةٌ علاه / راضٍ من المجدِ بالغُلولِ
مؤتنِفٌ غير مستزيدٍ / وعاثرٌ غير مستقيلِ
أمواله ضَرَّة العطايا / وزادُهُ غُصَّةُ الأكيلِ
يا موردي والفراتُ مِلحٌ / نميرَ ودٍّ أرضى غليلي
أسرْتني بالوفاء لمّا / رأيتَه وهو من كبولي
وقمتَ لمّا ولِيتَ نصري / والناسُ من قاعدٍ خَذولِ
أمرٌ وإن خفَّ كان عندي / في زِنةِ المُهبِط الثقيلِ
إذا حملتَ الدقيقَ عنّي / ولست تعيا عن الجليلِ
لم يرتجعك الجفاءُ منّي / عن كرم العاطفِ الوَصولِ
ولم تؤاخذْ قديمَ عجزي / عنك ولم تعتقب نكُولي
فلتوفيَنْك الجزاءَ عنّي / قاسطةُ الوزن والكيولِ
إن أُتِيَ الشعرُ من قُصورٍ / صدرن من معرضِ مطيلِ
أوانسٌ ما عرفن صوناً / قبلَك ما لمسةُ البُعولِ
تغشاك حتّى أخشى عليها / حاشاك من فَترة المَلولِ
إذا خلوتم بها أقامت / لكم على مَخْبَري دليلي
من عربيّ الطباع فيها / تخطِر مجرورةَ الذيولِ
قد كنتُ أعددتُها ليومٍ / يُبلغني المجدُ فيه سُولي
أزفُّها فيه تحت ظلٍّ / من سُحْبِ نَعمائكم ظليلِ
مصطفياً مَهرَها بحكمي / من فيضِ أيديكم الجزيلِ
فعدلَتْ بي الأيّام عنه / لا عَرفَتْ حَيرةَ العُدولِ
إن ينبُ دهرٌ بكم فِقدْماً / لم يخلُ من غدرةٍ وغُولِ
وكم أدبَّ الصدا فساداً / إلى ظُبا الصارمِ الصقيلِ
وأرسلت أنملٌ لواها ال / ظنُّ على عهده المُحيلِ
ما خلَصَ الرأيُ من فسادٍ / يَقدحُ والعرضُ من خُمولِ
فالمالُ إن أمحلت رباه / خضَّرها الغيثُ عن قليلِ
لا بد للشمس من كسوفٍ / والعمُرِ التِّمِّ من أفولِ
ثم يعودان لم يُزالا / بنقصِ نورٍ ولا نُقولِ
وكالة الله فيكُمُ لي / حسبي رعتكم عينُ الوكيلِ
بكم أطال الزمانُ دِرعي / وأبرم الحظ من سَحيلي
كما حاسدٍ عندكم مكاني / يدعو سهيلاً إلى النزولِ
وغائبٍ ذنبكم إليه / أنّكُمُ قد فطنتُمُ لي
رحِمتُ قوماً وما مالت رقابُهمُ
رحِمتُ قوماً وما مالت رقابُهمُ / تحت القريض فظنُّوا أنهم حَمَلوا
وقعقعوا دونه الأبوابَ فاعتقدوا / بطول ما قروعها أنهم وصلوا
وحظُّهم منه حظّ الناقِفاتِ رجتْ / أن يُجتنَى من هبيدِ الحنظلِ العسلُ
تسرَّعوا في بحورٍ منه طاميةٍ / والمنبعُ العذبُ فيها بيننا وشَلُ
محجَّةٌ سُبْلُها البيضاءُ خافيةٌ / وكلّها في مرائي أعينٍ سُبُلُ
والصحفُ تُملأ والأقلامُ متعَبةٌ / وكلّما سمعوا من خاطبٍ نقلوا
والقولُ والنقدُ مخلوقانِ في عَدَدٍ / قُلٍّ كما تُخلَق الأسماعُ والمُقَلُ
لا يُكسبان بتقليدٍ ولا أدبٍ / ولايفيدهما علمٌ ولا عملُ
يا دارُ ما أبقت الليالي
يا دارُ ما أبقت الليالي / منكِ سوى أربُعٍ بوالي
لم يَفْنَ فَضُّ الربيع فيها / عذراءَ مختومةَ العزالي
أنحلها الظاعنون حتى / تعطلتْ والزمان حالي
وكيف يزكو ترابُ ربعٍ / غدا من الشمس وهو خالي
لو فارق الراحلون عنه / بحراً لدسناه بالنعالِ
ما أنتِ يا أذرع المطايا / إلا المنايا تحت الرحالِ
ولا نساءٌ راحت بفَلْجٍ / إلا بلاءٌ على الرجالِ
كم ضيعةٍ باللوى صريع / تختِلهُ مقلتا غزالِ
وبالنقا من دمٍ ثقيل / أرخصه البينُ وهو غالي
ما نصَلتْ من حرار سلع / تلك الحنايا تحت النِّصالِ
حتى تيقّنتُ أنّ حُلْماً / كنّ الليالي على ألالِ
راحوا فمن ضاحكٍ وباكٍ / شجواً ومن وامقٍ وقالي
وفي الغبيطِ المومَى إليه / بدرُ دجى من بني هلالِ
سمراء خلَّى البياضُ رغماً / للونها صبغةَ الجمالِ
يقول مسواكُها لفيها / مَن أنبع الخمرَ في اللآلي
كبانة الرمل لم يعِبها / نَفْجٌ ولم تشقَ بالهُزالِ
تمسح بالأرض ذا قرونٍ / تضلّ فيه أيدي الفوالي
حلّت لأهل العذَيبِ بعدي / ملحاءُ ممطولةُ السجالِ
وغادروني أغَصُّ شوقاً / بالعذب من دِجلة الزلالِ
لاجَرَّ بالأنعمَيْن يومٌ / ذيلَ جَنوبٍ ولا شَمالِ
إلا احتبَى مُهدياً سلامي / لبانةٍ فيه أو غزالِ
بمن أحلَّ الشكوى وألقَى / وُسُوق أشجانِيَ الثقالِ
وكيفَ في رُقية الليالي / وصُمِّ حيَّاتها احتيالي
صدَّ حبيبٌ وصدَّ حظٌّ / فعمّن المستهامُ سالي
قد جُمِعَ البخلُ والتجنّي / واختلطَ اللؤمُ بالدلالِ
فلست أدري أداءُ قلبي / أضوى بجسمي أم داء حالي
بلِّغْ زمانَ النّفاق عنّي / مالَك يا قاتلي ومالي
كسرٌ على الجبر كلّ يومٍ / منك وجُرحٌ على اندمالِ
قد هوّنتْ عنديَ التوالي / من شَرِّك السُّبَّقُ الأَوالي
باليتُ حيناً بسوء حظّي / ثمّ تألَّيتُ لا أبالي
قل للغنيِّ البخيل أمناً / مالُك بسلٌ على سؤالي
مثلُك مارستُهُ فأعيا / يمينَه الغمزُ في شِمالي
كنتُ على عفّتي وصوني / أُشفِقُ منه على النوالِ
لي من بقايا الكرام مرعىً / يسمَنُ فيه عِرضي ومالي
بيتٌ هو المجدُ كلّ مجدٍ / من يدعيه مجدُ انتحالِ
يسامتُ الشمسَ ثمّ تَهوِي / فتهبط الشمسُ وهو عالي
طنَّبَ بالأذرع الطوالِ ال / جبالَ تحت القنا الطوالِ
وجلَّ فالمنتمِي إليه / يَعجَب من رقّة الجبالِ
شيَّدَ عبدُ الرحيم منه / أشرفَ بيتٍ لخير آلِ
واقترع الدهر من بنيه / سميَّ أبراجه العوالي
كلّ كريم الوجهين يرمي / سؤدُدَ عمٍّ بمجد خالِ
جَرَوْا فمن سابقٍ مُجَلٍّ / ولاحقِ الأيطلين تالي
ينظِّمون العلا اتصالاً / نظمَ الأنابيب في العوالي
ونطقتْ بالحسين منهم / شهادةٌ في أبي المعالي
حدَّثَ عنه والبدرُ تُنبي / عن نوره عزّةُ الهلالِ
ساد وما اسودّ لِهْزِماه / وابتدأ الفضلَ بالكمالِ
وأظلعَ البزلَ منه ثقَلٌ / أقلَّه وهو في الفصالِ
عبلُ الحجا واسعُ العطايا / جعدُ المساعي سبطُ الجلالِ
معتدلُ الجانبين ماضٍ / من طرَفيه على مثالِ
باركَ فيه يداً ووجهاً / مَن قَرَنَ الجودَ بالجمالِ
أصفرَ كفّاً وعزّ نفساً / فقال نفسي مكانُ مالي
فمن أراد البُقيا عليه / فليكفِه جانبَ السؤالِ
راشك لي نافذاً مصيباً / بارٍ تَجنَّى على نبالِ
فما أرنَّتْ عليك قوسي / إلا ولي خَصلَة النضالِ
جنيتُ منك الودادَ حُلواً / إذ كان من كسبيَ الحلالِ
كم من يدٍ قد أصبت فيها / مطبِّقاً ثُغرةَ اختلالي
مواهبٌ إن تُغِبَّ أخرى / منها فقد زارَتِ الأَوالي
وربَّ منع والعذرُ فيه / ممثَّلٌ قائمٌ حيالي
فلا تجشّمْ ثقل احتشامي / ولا تحف قلّة احتمالي
فالمالُ عندي ما دمتمُ لي / باقينَ يا أيُّها المَوالي
رأيكُمُ لي كَنزٌ وأنتم / صفقةُ ربحي ورأسُ مالي
فلتنقلِبْ عنكم الليالي / شلّاءَ مبيضَّة النِّصالِ
ولتتَحرّشْ بحاسديكم / تحرُّشَ النار بالذُّبالِ
وطرَّقتْكم فلا أغبَّتْ / ما ارتاح صبٌّ إلى الخيالِ
شواردٌ من فمي عِذابٌ / في سمع مُصغٍ ولفظ تالي
تزداد بالوصلِ فضلَ حبٍّ / وربَّ مملولة الوصالِ
يلبس منها النيروزُ عِقداً / فُصِّلَ بالسحر لا اللآلي
جواهرٌ كلّهنّ يُتْمٌ / توجَدُ مفقودة المثالِ
تجنَّبَ الغائصون عجزاً / عنها وجاشتْ بحارها لي
يُذنب دهرٌ ويستقيلُ
يُذنب دهرٌ ويستقيلُ / ويستقيم الذي يَميلُ
والعيش لونٌ يوماً ولونٌ / كلاهما صبغةٌ تحولُ
وربّما حنّت الليالي / ثم لها مرة غفولُ
فاسر فإن الدنيا طريقٌ / أسْهَلَ مِيلٌ وشَقَّ مِيلُ
لا غرو أن تظلَع المطايا / فيها وأن يغلط الدليلُ
والرجلُ الضربُ من تَساوى / في نفسه الصعبُ والذَّلولُ
فهو إذا انحطّ أو تعالى / لا التيهُ منه ولا الخُمولُ
كالسيفِ لا زَينُه التحليِّ / يوماً ولا عيبهُ الفُلولُ
فقلْ وإن نال من أناس / في حسد المجد ما تقولُ
أبناء عبد الرحيم أفْقٌ / لم يهتضم شمسَه الأفولُ
إن شرّقتْ فالصباحُ منها / أو غرّبتْ فابنها الأصيلُ
لها علاها فإن وجدتم / طولاً إلى نيلها فطولوا
لا تحسَبوها إذا توارتْ / أنّ التواري لها نزولُ
فالأُسْدُ أُسْدٌ في الغيل وال / نصولُ في قُربها نُصولُ
والماء في السحب مستسرٌّ / لحاجةٍ عندها يسيلُ
قد يهجر القومُ عُقرَ دارٍ / وهم بأخرى حيٌّ حُلولُ
والبدر في أفقه رديدٌ / ما بين أبراجه نقيلُ
وهو على ترك ذا لهذا / مباركٌ وجهُه جميلُ
ما اعتزلوا أن أطاف عجزٌ / بهم ولا صدّهم نُكولُ
ولا رأَوا هضبةَ المعالي / من تحت أقدامهم تزولُ
كم جذَعٍ منهُمُ فتِيٍّ / لم يُعيِه حِملُه الثقيلُ
وبازلٍ فيهمُ جُلالٍ / أنهضه بالعلا البُزُولُ
لكن لأمرٍ يغيب عنكم / تَعْلَقُ بالقُنّة الوُعولُ
فاجتنبوا اللوم وانظروها / غداً إذا استنوق الفصيلُ
وأُنكِحتْ والصَّداقُ وعدٌ / وغير أكفائها البُعولُ
وهي إذا استصرختْ سواكم / أصرخها الناصرُ الخَذولُ
هم قطبها كيفما أديرتْ / وهم إذا ضلّت السبيلُ
تقضي وتمضي الأمور فيها / وهي إلى أمرهم تؤولُ
لله والمجدِ هم فروعاً / تمّت بإقبالها الأصولُ
توحّدوا بالعلا فبانوا / والناسُ من بعدهم شُكولُ
آباء صدقٍ دلّتْ عليهم / شهودُ أبنائها العدولُ
وأصدقُ النقل في صفات ال / أسود ما قالت الشُّبولُ
قومٌ إذا ما السماء ضنّت / عاذت بأيديهم المحُولُ
أحلامُهم رُزَّنٌ ثِقالٌ / ومالهُم طائشٌ جهولُ
فتحتَ عِمَّاتِهم جبالٌ / وفوق أقلامهم سيولُ
إذا زعيم الملك انتفاهم / يحمي من الضيم أو ينيلُ
فاقض على نازح بِدانٍ / واقطع فقد دلَّك الدليلُ
واسأل عليّاً بما بناه ال / حسينُ واقنع بما يقولُ
أبلجُ لا رفدُه نسِيءٌ / فينا ولا عهده غُلولُ
ولا نداهُ الحيُّ المعافَى / بالمطل مَيْتٌ ولا عليلُ
لِيَم على الجود والتعنِّي / أن تُعذَلَ الديمةُ الهَطولُ
سقَى وروَّى وفي يديه / من ماله جَدْولٌ نحيلُ
وضنَّ لُوّامُه ومنُّوا / وفيهمُ دِجلةٌ ونيلُ
فيومُ سؤَّاله قصيرٌ / وليلُ عذَّاله طويلُ
مضى وما استرهفَتْ سِنُوه / فلم يخُنْه حدٌّ كليلُ
أحرزَ شوطَ الصِّبا إلى أن / تناكصتْ خلفَه الكُهولُ
ثمَّ جرى أعوجاً فقامت / تَغُضُّ أرساغَها الخيولُ
يُنْشِقُها نقْعُهُ غباراً / يشُمُّه الراغم الذليلُ
شِيمَ لهامِ العدا فأغنى / غَناءَه الصارمُ الصقيلُ
وحمَّلوه الجُلَّى فأوفى / بيذبلٍ كاهلٌ حَمولُ
خُلِقتَ غيظاً لكلِّ نفسٍ / حبُّ العلا عندها فُضولُ
وكلّ جسم لا مجدَ فيه / فأنت في صدره غليلُ
عزَّ بك الفضلُ فاستقادتْ / أمُّ الندى وابنُها قتيلُ
وافترَّ منك الزمانُ طَلْقاً / عن روضةٍ ريحُها قَبولُ
شمائلٌ أحزنتْ ولانت / كأنها الماءُ والشَّمولُ
وطلعةٌ تُشرِقُ الدياجي / منها وأقمارُها أُفولُ
للحسن وجهٌ أغرُّ منها / والحسن في غيرها حجُولُ
ملكتَ رقّي بالودّ حتّى / صرتُ من العِتق أستقيلُ
ولم يحوِّلك عن وفاءٍ / عهدتُهُ دولةٌ تدولُ
رشتَ وأخصبتَ والخوافي / حُصٌّ ونبتُ المرعَى وبيلُ
ولم تكلْني إلى دعيّ / منِصبُه في الندى دخيلُ
يغضب إن قلتُ يا جواداً / لعلمه أنه بخيلُ
فإنّ أولى من رابَ قولي / مَن فعلُهُ ضدُّ ما أقولُ
والمدحُ في مِعصَم سوارٌ / وفي أكفٍّ أُخرَى كُبولُ
سوى جفاءٍ يعنُّ نبذاً / كما أغبَّ الحيا الوَصُولُ
يَعذِر فيه المولى المُولِّي / شيئاً ولا يُعذَر الخليلُ
فابتدر الآن من قريبٍ / ما كان من شوطه يطولُ
واقدح ولو جذوة فإن ال / ظلماء يورى فيها الفتيلُ
ولا تراعِ القليلَ فيها / فربّما ينفع القليلُ
والق بوجه النيروز وجهاً / يضحك في صحنه القبولُ
يومٌ جديدٌ يردُّ غضّاً / من ملككم ما جنَى الذُّبولُ
يشهدُ أنَّ السعودَ حالٌ / من أمركم ليس يستحيلُ
وإنّ ما غاب من علاكم / غيرُ بطيءٍ به القُفولُ
شهادة لا فسوقَ فيها / شعري بتصديقها كفيلُ