ميلوا إلى الوصل يا أهل الوفا ميلوا
ميلوا إلى الوصل يا أهل الوفا ميلوا / فالقطع منكم بدا والحبل موصول
لا تخجلوا من تجافيكم فقد عرقت / جباهكم إن أيدينا مناديل
فطالما مسحت صدراً به درن / فعاد وهو بكف الصفح مصقول
لا والذي شاء أن يبقي غريمكم / مستعطفاً يتقاضى وهو ممطول
إنا على عهدنا الماضي فليس لنا / عنه وإن حالت الأيام تحويل
خلتم خلا القلب منكم يا أحبته / وفيكم ربعه المعمور مأهول
قومو النظر واهل تراءى في سجنجله / لغيركم يا مثال الصدق تمثيل
زنوا ليبذر حب الحب صبكم / في ربوة القلب أو في صاعكم كيلوا
يا مصدري غرر الأحكام سافرة / إن الخيال الذي خلتم لتخييل
تدلل صار منكم وهو برهنة / كما تشاء مغازيكم وتدليل
تقولوا أو فقوَّلوا ما بدا لكم / حسبي من الذكر هاتيك الأقاويل
يا من يرّد علي الباب أطرقه / عليه ردك محبوب ومقبول
وناقد القول ملفوظاً لمهزلة / ما هكذا توسم النيب المهازيل
ومرسل السحر يعييني مطالعة / موضوعه وهو في أذني محمول
حللت معدنه نقداً ولا عجب / فالنقد للذهب الابريز تحليل
وللعروض الذي قطعته سبب / من المهازل مصنوع ومجعول
قوضته فتراءى ماله وتد / ترثي له فاعلات أو مفاعيل
أهل الفرات أهل يرضى سديركم ال / عافي الرسوم به أن يقرن النيل
تحير الفكر هل كانت زرواقه / أجرى وأثبت أم تلك الأساطيل
وفي الضفاف بيوت قيل ساكنها / الركب حطوا إلى التعريس أو قيلوا
عرب لهم في عشايا الجدب ضيقة / بالضيف ترحيب ملهوف وتأهيل
كم ضل مضطر ما أخر والقرى / خوف المدى الحمر مرسون ومعقول
في كل يوم لهم عيد وعادتهم / أن تنحر الخيل والكوم المراسيل
آه على القصر شرقياً حييت به / والوقت في هجمات الأنس مقتول
وللكروم وراء القصر مثمرة / عقص الجعود وللأعشاب ترجيل
والورق تهدل في الأغصان ساجعة / وللعناقيد في الأوراق تهديل
لم يجل فيه قذى عينيَّ من سهري / إلا أغن غضيض الطرف مكحول
وفتية كسيوف الهند جوهرها / على المضا قبل طبع القين مجبول
لا تمسك المال أيديهم لجودهم / إلا كما تمسك الماء الغرابيل
الحاصلون على علم وحظهم / من ضيعة الفضل مبسوط ومحصول
كم نثرة من نسيج الفكر محكمة / منهم بها لاح تصدير وتذييل
ان فاكهوا فرزين الحلم تحمله / أخلاقهم وهو باللذات مشمول
أصولهم مثبتات أن دوحهم / له من المجد تفريع وتأصيل
صافيتهم ويمين الدهر تمسط لي / وساعدي بنشاط العمر مفتول
غذاء روحي غدوا والنفس ليس لها / إلا الفكاهة مشروب ومأكول
مباني الجسر ناجيني على بعد / فالقلب عندك رهن الحب متبول
هل السواقي على عهدي مناصلها / فبعضها مغمد والبعض موصول
وهل عرايس ذاك النحل مرسلة / على ترائبها تلك العثاكيل
أحبابنا بالحمى إن ضن وابله / عليكم فركام الدمع مبذول
لجيرة النجف الأعلى بجانحتي / مغنىً كما يتمنى القلب منزول
آراؤهم لا السيوف البيض قام بها / لِلّه في الأرض تكبير وتهليل
أعلت منار الهدى في كل مملكة / هذي العمائم لا تلك الأكاليل
تطاول السمر صهب في أناملهم / نصيبها الطول إذ حظ الظبا الطول
يستعرض العقل روضاً من مهارقها / عليه ينبت معقول ومنقول
بيوت علم عليها أينما ضربت / ستر من العفة البيضاء مسدول
إن حاججوك فشمس الصحو حجتهم / أو جاولوك فلا نكس ولا ميل
لو طال طول المدى تفصيل ناعتهم / لم تبلغ الزند هاتيك التفاصيل
إذا رأى الخصم محجوجاً أدلتهم / صريحة ما بها لبس وتأويل
يظل من تحتها يرنو فتوهمه / بزاتهم تلك أم طير أبابيل
فخراً أدلاء من تاهت بصيرته / فأنتم في دياجيها قناديل
براكم اللَه أرواحاً مقدسة / من معدن اللطف والباقي تماثيل
دافعتم عن سنا القرآن فالتجأت / نوراتهم لسناه والأناجيل
سمعاً خليط شبابي ما لعاطفتي / مهما تغيرت تغير وتبديل
كم عللتني بك الأيام تجمعني / وعلتي أصلها هذي التعاليل
وواعدتني أن تصفو مواردها / وما مواعيدها إلا الأباطيل
قل للألى نفروا بالجهل صيدهم / أين الشباك استقلت والأحاييل
لم يغن عنكم فتيلا طول مكركم / مات الخداع وفي النزع الأضاليل
لا فجر كم صادق حتى تقوم له / من رقدة الليل أحرار بهاليل
ولا ضحاكم له نور فنعرفه / لكنه غشوة فيها الأباطيل