المجموع : 3
أبكي على الصّيفِ كالباكي على الطَّللِ
أبكي على الصّيفِ كالباكي على الطَّللِ / وإنّه كالصِّبا يمضي على عجَلِ
جاءَ الشتاءُ فأذوى بردُه حبقاً / قد كان في الصيفِ ذا نضرٍ وذا ميل
كم كنتُ أقطفهُ أو كنتُ أنشقُه / والعطرُ والنضرُ مثلُ الحبّ والأمل
عندَ الغنيِّ تراهُ والفقيرِ فلا / تعجَب لباذلِ حسنٍ غيرِ مُبتذل
للكلّ نعمتُهُ تُرجى ورحمتُه / وعَرفُه ناعشٌ كالبرءِ في العِلل
وأبيضُ الزّهرِ مِنهُ كالنقوشِ على / بُردٍ وكالدّمعِ في سودٍ من المُقل
أما تراهُ على تقواه مُتّضِعاً / يهوى بياضَ الحلى في خِضرَةِ الحِلل
والرّيحُ شيّقةٌ ولْهَى تقبِّلُهُ / فليتَ لي ما له من أطيبِ القُبَل
حفظتُ في البردِ والأمطارِ واحدةً / منهُ وكنتُ أُداريها على وجل
حتى إذا ذبُلَت أصبَحتُ أنشدُها / يا رحمة اللهِ ما أولاكِ بالطّلَل
يا ربّ لا تخلينَّ القلبَ من أملٍ / والروضَ من زهَرٍ والأرضَ من بَلل
من حمرةِ الوردِ أم من حمرةِ الخجلِ
من حمرةِ الوردِ أم من حمرةِ الخجلِ / هذا المقبّلُ بين الشوقِ والوجَل
قولي أخِفَّةُ هذا المشي في خفرٍ / من طفرةِ الظَّبي أم من دَرجةِ الحجل
لا تعجَبي إن غزلتُ اللطفَ من غَزَلي / إني لآخذُ أشعاري من الزَّجل
ما جئتُ ألمسُ كفّاً أو أُقَبِّلها / إلا رأيتُ عَليها زلةَ العجل
الحبُّ في الوصلِ لذاتٌ لها أجَلٌ / وفي التَّشوُّقِ لذاتٌ بلا أجَل
يا حاصدَ الزَّرعِ ألقِ الحبلَ والمنجلْ
يا حاصدَ الزَّرعِ ألقِ الحبلَ والمنجلْ / الشمسُ غابت وأستارُ الدُّجى تُسدَلْ
والله باركَ يا فلاحُ ما تعملْ / فقل إذا أطرَبتنا طنَّهُ الجرسِ
ما أعظَمَ الكونَ يا ربِّي وما أجمَلْ /
حلَّ السكونُ على الغاباتِ والأكمِ / والطيرُ عادت الى الأوكارِ والأجمِ
والنَّفسُ تاقت إلى الأحلامِ في الظُّلمِ / فارجع الى الكوخِ واجلس بين أولادك
ونم خلياً من الأحزانِ والنَّدَمِ /
لو كنتَ تعلمُ ما ألقى من الزَّمنِ / وما أُقاسي من الأهوالِ والمحنِ
لكُنتَ تبكي على ناءٍ بلا سَكنِ / يشتاقُ لبنانَ والأقدارُ توقفهُ
عن الرّجوعِ فوا شوقي إلى وطني /