المجموع : 3
هذي العُلومُ التي كُنّا نُحدَّثُها
هذي العُلومُ التي كُنّا نُحدَّثُها / عَن الأَوائِل إِجمالاً وَتفصيلا
سيقَت إِلَيكَ مُوَشّاةً مُهَذَبةً / فيها المَعارِفُ مَعقولاً وَمَنقولا
فَاِقطِف ثِمارَ المَعاني من حَدائِقِها / وَاِشرَب نَميراً منَ التَحقيق مَعسولا
قَد بَلَّغَتكَ المَهاري مُنتَهى الأَمَلِ
قَد بَلَّغَتكَ المَهاري مُنتَهى الأَمَلِ / فَما التَقَلقُلُ مِن سَهلٍ إِلى جَبَلٍ
أَرِح رِكابَكَ فَالأَرزاقُ قَد كُتِبَت / وَلَيسَ يَعدوكَ ما قَد خُطَّ في الأَزَل
فَطالَما أَوضَعَت خوصُ الرِكابِ بِنا / في مَهمَهٍ فَذَفٍ أَو مَجهَلٍ غُفُلٍ
سَباسِبٌ يَقلِبُ الأَلوانَ صَيخَدُها / وَتارَةً فَوقَ أَلواحٍ بِذي زَجَلِ
فَالآنَ لَمّا أَقالَ اللَهُ عَثرَتَنا / في دَولَةِ المُرتَضى في القَولِ وَالعَمَلِ
فَخَفِّضِ أَلهَمَّ وَاِنعَم في ذَرى مَلِكٍ / وَاِعفِ الرَكائِبَ مِن حِلٍّ وَمُرتَحَلِ
مَلكٌ تَباشَرَتِ الدُنيا بِطَلعَتِهِ / وَاِفتَرَّ ثَغرُ الرِضا عَن مَبسِمِ الجَذَلِ
سَما إِلى المَجدِ لَم تُقطَع تَمائِمُهُ / بِصِدقِ عَزمِ فَتىً في رَأيِ مُكتَهِلِ
عَبدُ العَزيزِ الذي عادَ الزَمانُ فَتىً / في وَقتِهِ بَعد قَيدِ الشَيبِ وَالقَزَل
لَم يَطلُبِ المُلكَ إِرثاً بَل سَعى وَسَطا / حَتّى حَواهُ بِعزمِ الفاتِكِ البَطَلِ
لكِن لِآبائِهِ في المُلكِ مَنقَبَةٌ / أَضحَوا بِها غُرَّةً في جَبهَةِ الدُوَلِ
أَشَمُّ أَروَعُ مِن آسادِ مَملَكَةٍ / أَرسَوا قَواعِدَها بِالبيضِ وَالأَسَلِ
المُنعِمينَ بِلا مَنٍّ وَلا كَدَرٍ / وَالحاكِمينَ بِلا جَورٍ وَلا مَيَلِ
وَالعامِرينَ مِنَ التَقوى سَرائِرَهُم / وَالناهِجينَ على الأَهدى مِنَ السُبُلِ
ياِبنَ الأَولى قَرَّضوا الدُنيا بِمَجدِهِمُ / كَما بكَ الآنَ أَضحى الكَونُ في جَذلِ
هُم فاخَروكم لَدى النُعمانِ فَاِرتَفَعَت / راياتُكُم عِندهُ في ذلكَ الحَفلِ
فَظَلَّ قَيسٌ يُديرُ الريقَ مِن غُصَصٍ / وَجَرَّ عامِرُ ذَيلَ الغَبنِ وَالخَجَلِ
وَفي أَوانِ اِغتِرابِ الدينِ كانَ لَكُم / مَشاهِدٌ أَصلَحَت ما كانَ مِن خَلِلِ
نَصرتُموهُ بِضَربِ صادِقٍ خَذِمٍ / أَنسى مَعارِكَ مِن صِفّينَ وَالجَمَلِ
حُزتُم بهِ الدينَ وَالدُنيا وَصارَ لكُم / فَخراً وَأَجراً إِذا ما جيءَ بِالرُسُلِ
لَو كانَ فَيصَلُ يدري قَبلَ ميتَتهِ / أَنَّكَ من صُلبِهِ اِستَبطا مَدى الأَجَلِ
أَطلَعتَ شَمساً عَلى الآفاقِ مُشرِقَةً / لكِنَّها لَم تَزَل في دارَةِ الحَمَلِ
أَصلَحتَ لِلنّاسِ دُنياهُم وَدينهم / فَأَصبَحوا بكَ في أَمنٍ وَفي خَولِ
أَرشَدتَ جاهِلَهُم عِلماً وَمُحسِنَهُم / فَضلاً وَمُذنِبِهُم عَفواً عَن الزَلَلِ
عُدلٌ تَظَلُّ بهِ السيدانُ خاوِيَةً / مِنَ الطَوى وَهيَ بَينَ الجَدي وَالحَمَلِ
اِنظُر إِلَيهِ تَجِدهُ في فَضائِلِهِ / مِلءَ المَسامِعِ وَالأَفواهِ وَالمُقلِ
مَكارِمٌ لَم تَكُن تُعزى إِلى أَحَدٍ / مِمَّن مَضى كُنتَ فيها غايَةَ المَثَلِ
سَمعاً بَني الوَقتِ إِنّي غَيرُ مُتَّهَمٍ / في نُصحِكُم لا وَلا أَطوي عَلى دَخَلِ
أَنا الكَفيلُ لِمَن لَم يَدرِ قيمَتَهُ / بِساعَةٍ تَفصِلُ الأَعضا مِنَ القُلَلِ
حَذارِ مِن أَسدٍ إِن هيجَ كانَ لَهُ / زَماجِرٌ تَقذِفُ الأَروى مِنَ الجَبَلِ
يَموجُ بَحرُ المَنايا عِندَ غَضبَتِهِ / بَينَ الأَظافِرِ أَو أَنيابِهِ العُصُلِ
إِنَّ الغَريمَ الذي ماحَكتُمُ شَرِسٌ / إِذا تَقاضى مُلِحٌّ لَيسَ بِالوَكِلِ
لا يَصعُبُ الأَمرُ إِلّا رَيثَ يَركَبُهُ / مُصَمِّمُ العَزمِ لا يُصغي إِلى العَذَلِ
فَلَيتَ شِعرِيَ هَل لِلنُّصحِ مُستَمِعٌ / أَم كُنتُ أَنفُخُ في نارٍ عَلى وَشَلِ
مَن لَم يَقِس ما بَقي مِن دَهرِهِ نَظراً / لِما مَضى فَهوَ مِن مُستَعجَمِ الهَمَلِ
كَم شَدَّ قَومٌ وَجَدّوا في عَداوَتِهِ / فَأَصبَحوا بَينَ مَوهوقٍ وَمُنخَذِلِ
فَلا يَغُرَّ أُناساً عَفوُهُ فَهُمُ / إِن أَحدَثوا يَسقِهِم صاباً مِنَ العَسَلِ
ما كُلَّ يَومٍ يُقالُ المَرءُ عَثرَتُهُ / لَو قالَ لا ناقَتي فيها وَلا جَملي
خُذ ما أَتَتكَ بهِ عَفواً سَجِيَّتهُ / وَلا تَقُل لِلذي يَأباهُ ذلكَ لي
يا واحِداً في بَني الدُنيا بِلا شَبَهٍ / في عَصرِهِ وَلا في الأَعصُرِ الأُوَلِ
إِنّي وَإِن أَطالَ مَدحي فيكَ مُقتَصِرٌ / وَأَينَ مَن في الثَرى يَرقى إلى زُحلِ
وَإِن كَسَوتُكَ مِن حُسنِ الثَنا حُلَلاً / فَأَنتَ مِن قَبلِها أَبهى مِنَ الحُلَلِ
وَإِنَّما الشِعرُ يَرتاحُ الكِرامُ لهُ / يَهُزُّهُم كَاِهتِزازِ الشارِبِ الثَمِلِ
وَالمَرءُ حَيٌّ إِذا بَقيَت مَآثِرُهُ / تُتلى بِحُسنِ الثَنايا بِالمَنطِقِ الجَزِلِ
وَأَنتَ كَالغَيثِ يَعلو كُلَّ رابِيَةٍ / وَيَستَقِرُّ لِنَفعِ الناسِ في السَهل
خُذها إِلَيكَ كَنَظمِ الدُرِّ فَصَّلَهُ / شَذرٌ مِنَ التِبرِ لَم يُسبَك عَلى زَغَلِ
غَرّاءُ تَفزَعُ أَسماعُ الرُواةِ لَها / بِمَنطِقٍ صينَ عَن عِيٍّ وَعن خَطَلُ
إِن تَرضَها فَهوَ مَهرٌ لا كِفاءَ لهُ / وَمن طِباعِكَ إِغضاءٌ عَنِ الخَلَلِ
وَاللَهُ يُعطيكَ مِن أَعمارِنا مَدَداً / في ظِلِّ عَيشٍ أَنيقٍ دائِمٍ خَضلِ
تَدومُ لِلدّينِ وَالدُنيا تَحوطُهُما / بِعاجِلِ النَصرِ في عِزٍّ وَفي مَهل
مُمَتَّعاً بِبَنيكَ الغُرِّ مُبتَهِجاً / بِالآلِ وَالخالِ وَالإِخوانِ وَالخَوَلِ
فَلَيسَ إِلّا كُم شَيءٌ نُسَرُّ بهِ / أَنتَ الغَنيمةُ من حافٍ وَمُنتَعلِ
ثُمَّ الصَلاةُ على الهادي الذي نُسِخَت / بِشَرعِهِ شِرعَةُ الأديانِ وَالنِحَلِ
مُحمدٍ خيرِ مَن يَمشي على قَدَمٍ / وَالآلِ وَالصَحبِ في الأَبكارِ وَالأُصَلِ
كَسَوتَني حلَّةً تَبلى مَحاسِنُها
كَسَوتَني حلَّةً تَبلى مَحاسِنُها / فَسَوفَ أَكسوكَ من حُسنِ الثَنا حُلَلا
أَنتَ اِبنُ من زانَتِ الدُنيا مَكارِمُهُم / وَأَصبَحوا مَجدَهُم بَينَ الوَرى مَثَلا
بِكُم هدى اللَهُ ماضينا وَآخِرَنا / فَأَنتُموا رحمةٌ نِلنا بها الأَملا
يُحصى الحصى قبلَ أَن تُحصى فَضائِلُكم / دُنيا وَديناً وَإِحساناً وَمُنتَحَلا
فَاللَهُ يَكسوكُمو نَعما وَيَجعَلُكُم / مُلوكَنا ما بَدا نَجمٌ وَما أَفَلا