المجموع : 17
دعَ المُتَيَم في شأن يريم به
دعَ المُتَيَم في شأن يريم به / فالحب شيءٌ وَراء العذر وَالعذل
ماذا تريد بأنظار تحولها / عَمداً إلينا أَولاتُ الأعيُنِ النجل
لكل فادحة في الدهر أَحتَمِلُ
لكل فادحة في الدهر أَحتَمِلُ / إلا الفراق فَما إن لي به قِبَلُ
لَقَد رأَيتك يا لَيلى بمشرفة / وَكانَ شعرك فوق الجيد ينسدل
فرحت فيك مَعنّىً لا ينهنهني / عَن حبك اللوم كل اللوم والعذل
حَتّى حَلا بك فيما قَد حلا غزلي / وأَنتَ تلك التي يحلو بها الغزل
فَحبذا أَنتَ من حسناء فاتنة / وَحبذا منك تلك الأعين النجل
إني أَنا الصب قد ذاعَت محبته / وإنني أَنا ذاكَ الشاعر الزجل
يحول قَلبيَ دمعاً من حرارته / وَذلك الدمع من عينيَّ ينهمل
يَكفي لإظهار ما في النَّفس من دخلِ
يَكفي لإظهار ما في النَّفس من دخلِ / يومٌ من الحزن أَو يومٌ من الجذلِ
يبدي الفَتى في مَقال جاءَ يورده / ما كانَ يخفيه من حزم ومن خطل
إذا أردت بأَصل الكَون معرفة / فاِرجع بفكرك أَدراجاً إلى الأزل
فإن رجعت إليه ملقياً نظراً / فَقَد تَرى ما يسمى علة العلل
ما نالَت النفس ما كانَت تؤمله / يا خيبة النفس بل يا ضيعة الأمل
وَقَد أُحاوِل أَن أَسعى فتمنعني / رجل رمتها يد الأيام بالشلل
يا رامياً نفسه من فوق شاهقة / لَقَد بلغت المنى من أَقصر السبل
إن زالَ ما في قلوب القوم من حسك / يَوماً تبدَّلت العضّاتُ بالقبل
لا يحمل اليوم إنسان بلا تعب / ما للحَياة عَلى الإنسان من ثقل
إذا رأى وشلاً حرانُ ذو ظمأٍ / فإنه لَيسَ يستَغني عَنِ الوشل
في كل ما عاش لا يأَتي الفتى عملاً / ما لَم يكن سائق فيه من الأمل
إِلزامك المَرء بالبرهان تورده / لا يحمل المَرء في يوم عَلى العمل
وإنما عادة الإنسان ناجمة / من المحيط بفعل فيه متصل
وَهذه هي في التَحقيق باعثة / له عَلى السعي في الدنيا بلا ملل
من زل من عجل يوماً فأحر به / بعد السَلامة أن يمشي عَلى مهل
مَهما تكن عضلات الرجل محكمة / فَقَد تزل بمن يمشي عَلى عجل
إن كانَت الأَرض عند المشي لينة / فَلَيسَ بأس عَلى الماشي من الزلل
تَقنو الحَياة بقاء في تنازعها / من النشاط وكل المَوت في الكسل
من كان يشرع بالأعمال معتمداً / عَلى البَصيرة لا يَخشى من الفشل
ما الشعر إِلا شعوري جئت أعرضه
ما الشعر إِلا شعوري جئت أعرضه / فانقدْه نقداً شَريفاً غير ذي دخل
وأحسن النقد ما يرضى الجميع به / وأسوء النقد ما يفضي إلى الجدل
الشعر ما عاشَ دهراً بعد قائله / وسار يجرى على الأفواه كالمثل
والشعر ما اِهتز منه روح سامعه / كمن تكهرب من سلك على غفل
الشعر قد قلته لما تطلبني / ولو تنكب عني الشعر لم أقل
له ابتكرت وغيري جاء منتحلاً / وَلَيس مبتكرٌ شيئاً كمنتحل
فيه إلى اليوم ما قلدت من أحدٍ / وما عَلى غير نَفسي فيه متكلي
وقد أعود به إبان أنظمه / إذا تذكرت أَيامي إلى الغزل
يا شعر إنك أحلامي الَّتي حسنت / وأنت ذكرى شبابي الناعم الخضل
يشجي العيون على حسن هناك به
يشجي العيون على حسن هناك به / لون الدماء الَّتي سالَت على الأسلِ
ما نالَت النَفس ما كانَت تؤمله / يا خيبة النفس بل يا ضيعة الأمل
وَرب مخطوبة عذراء قد جهلت
وَرب مخطوبة عذراء قد جهلت / ما قَد تُقاسي غداً من قسوة الرجلِ
سمراء في مقلتيها السحر مستتر / وَالسحر إن كانَ حقاً فهو في المقل
إذا نظرت إليها وهي ذاهبة / إلى لدات لها احمرت من الخجل
تزف في عنفوان من شبيبتها / إلى فتى لشعار النبل منتحل
مهما به احتفلت بعد الزواج فما / تَلقى سوى ذى غرور غير محتفل
تَراه زوجاً على إرغامها بطلا / وَفي سوى ذاك ليس الزوج بالبطل
له تبث هواها كي يجازيها / بالمثل وهو عن الأهواء في شغل
قامَت بخدمته جهد اِستطاعتها / تريد منه لها ميلاً فَلَم يمل
تود لو أنه كان الوفيَّ لها / فَلَم يخن عهدها يوماً ولم يحل
هَيهات فالطبع في الإنسان غالبه / بما توارث من آبائه الأُوَل
حتى أَضاعَت لعمري من شراسته / حَياتها وهو في سكر من الجذل
قد ينزل الخطب في دار بربتها / وَلا يَكون هناك الخطب بالجلل
لَولا تفاقمُ شرٍّ ليس يحتملُ
لَولا تفاقمُ شرٍّ ليس يحتملُ / ما كنت عن وطني بغداد أَرتحلُ
اليأس بالأمس من بغداد أخرجني / واليوم جاء إلى بيروت بي الأمل
عجلت في السير عن بغداد خشية أن / تنسد من ريبة في وجهيَ السبل
وكنت أَرضى لقاء الموت منتحراً / لَو كانَ لي من حَياتي هذه بدل
اعوجّ من حقدهم ناسُ عليّ بها / وَهَكَذا الناس معوجٌّ ومعتدل
فما رآني جذلاناً بها أَحدٌ / وهل لمثليَ في أَوطانه جذل
يممت بيروت أستشفي بطيبته / وَقلت علّ جروحي فيه تندمل
بيروت عز بلاد الضادِ قاطبةً / بنهضة القوم فيه يضرب المثل
هناك شعب بصير بالحياة فما / تراه يوماً بغير العلم يحتفل
لا ترفع المرء أَقوال يفوه بها / بل يرفع المرء سعي المرء والعمل
وقد يصيب جليلاً حادث جللٌ / فَلا يغل يديه الحادث الجلل
وَللنساء لدى أَهليه منزلة / كما يَليق بشعب هب يعتدل
إن الرجال لهم نقص بمفردهم / وإنما بالنساء النقص يكتمل
هل يستطيع كما قد ينبغي عملاً / جسم أَصاب لداءٍ نصفَه الشلل
إنا نريد حياة لا يضر بها / تعصب ولأمّ الناقد الهبل
ما ضرنا الجهل لا نصغي لقالته / فكل أَرض على الجهال تشتمل
لكن شعباً يكون القائدون له / من الألى عرفوا بالشر ينخذل
من استطاع دفاعاً عن حقيقته / فإنه وحده في قومه البطل
إن القوي جسور في تكلمه / ومن علامات ضعف القائل الوجل
والرأي إن كان عن حب بصاحبه / فَلَيسَ ينفع في تمحيصه الجدل
إذا التكاليف لم تقسم بمعدلة / فَقَد ينوء بظهر الحامل الثقل
ما زالَ يَرجو شفاء كل ذي مرض / حتى إذا مات في أَصحابه الأمل
تأخر القوم في بغداد من كسل / وكَم تأخر قوم عندهم كسل
الناس بالقصف في بغداد لاهبة / كل امرئٍ فله عن غيره شغل
وأيّ قصد يرجي المرء في بلد / به تساوى سداد الرأي والخطل
تشابهت فيه مرضاة وموجدة / كَما تَشابَهَت العضاتُ والقبل
نصحتهم أَن يثوبوا من جهالتهم / وأَن يَكون لهم بالعلم مشتغل
نصحتهم أَن يكونوا عاجلين له / فإنما الوقت مطلوب له العجل
لكنما القوم كل القوم ما سمعوا / نصحي الَّذي كنت أَبديه ولا قبلوا
راموا وصولاً إلى ما فيه منفعة / لهم وفي الوقت لم يسعوا فَلَم يصلوا
إلا شباباً من الأحرار نزعتهم / إلى التقدم لا يثنيهم الملل
بالعلم تتحد الآراء صائبة / والرأي يفعل مالا يفعل الأسل
كَم قد تصدت إلى الأعمال من فئة / فكان فيها نصيب الجاهل الفشل
العلم عدة ناس ما لهم عدد / والعلم حيلة من أَعيتهم الحيل
أَقول للشعب أَنت اليوم ذو ظمأ / إلى العلوم فلا علّ ولا نهل
إن فاتك الغمر من ماء تريد به / بلّ الأوام فما إن فاتك الوشل
هَل يزهر العلم في أَرضٍ أَماثلُها / عليه بالمال في حاجاته بخلوا
لا ينبت الروض أَزهاراً ولا عشباً / حتى يجود عليه العارض الهطل
ورب غرّ أَتاه ما نطقت به / ذبّاً عن امرأة قد ضامها رجل
فغاظه الأمر حتى جاءَني حنقاً / كأَنَّه وهو يعدو مزبداً جمل
أَنحى يسب وَلَم يستَحي من أَدَبي / ولا من الشيب في فوديّ يشتعل
قد كفروني لأني في مجالسهم / على الحقيقة إِمّا قلت أتّكل
وجادَلونيَ عن جهل وعن سفه / فما أَضر برأيي منهم الجدل
الحق يندبني فيها فأنصره / وَالعقل يأَمرني فيها فأَمتثل
وَلَيسَ يعظم بعد اللَه في نظري / إلا الأثير الَّذي بالكون يتصل
فكل شيءٍ من الأشياء منه أَتى / وكل شيءٍ إليه سوف ينتقل
وإنه هادم فيه ومنهدم / وإنه فاعل فيه ومنفعل
لكل شيء نظام في تكونه / وإنما يعتريه بعده الخلل
هُو القوى وهو أجسام قد اِتصلت / بغيرها وهو الأجسام تنفصل
وإنه هو نفس الشمس طالعة / وإنه بُكَرُ الأيام والأُصَلُ
وإنه هو معلولات قدرته / قديمة ولمعلولاته العلل
ما الكون إلا فضاء لا حدود له / والزُهر إلا شموس فيه تشتعل
إذا تصور ما للكون من سعة / عقل الحكيم بحق فهو ينذهل
فيه الوجود ترقى من تنازعه / والأرض والشمس والإنسان والدول
تدور فيه نجوم لا انحصار لها / وكل شمس لها في دورها أجل
قد كانَ لي فيك يا بغداد آمالُ
قد كانَ لي فيك يا بغداد آمالُ / وَاليَوم لي عوض الآمال أوجالُ
وكانَ أَهل ومال في ربوعك لي / بالأمس واليوم لا أَهلٌ وَلا مالُ
أقبل على الشعر إن الشعر فيه هدىً
أقبل على الشعر إن الشعر فيه هدىً / وإنه سبب للمجد مقتدرُ
لم يقرض الشعر يوماً في حقيقته / إِلّا الألى نظموه مثلما شعروا
قد أظهروا أَنَّهم في كل ما فعلوا
قد أظهروا أَنَّهم في كل ما فعلوا / يدافعون عن الأوطان والدينِ
وَفي السياسة للأَلفاظ مقدرة / ليست على سامعيها للبراهين
لَقَد علمت لو اَنَّ العلم ينفعني
لَقَد علمت لو اَنَّ العلم ينفعني / من طول ما جئت قبلاً أدرس الناسا
أن الجماعة دون الفرد معرفة / وفوقه بصروف الدهر إحساسا
ما زالَ للمرء من لذات عيشته
ما زالَ للمرء من لذات عيشته / رضىً وَللمرء من آلامه برمُ
لم يعرف المرء في كل الحياة سوى / حقيقتين هما اللذات والالمُ
ما إن يَزول عن الشعب الهياج وإن
ما إن يَزول عن الشعب الهياج وإن / زالَ الَّذي كان في إحداثه السببا
كَما تغادر وجهَ البحر زوبعةٌ / له تثير وَيَبقى البحر مضطربا
مَنِ اطمأنَّ بدين كان يرضعه
مَنِ اطمأنَّ بدين كان يرضعه / فَلَيسَ يسمع تأنيب البراهينِ
وَلَيسَ يقبل في دين معارضةً / إلا الَّذي هو في شك من الدينِ
إن المجرة تحوى من كواكبها
إن المجرة تحوى من كواكبها / ما لَيسَ يحصيه من ذي حسبة قلمُ
كأَنَّها حيوان والنجوم بها / هي الخَلايا به والكَهرباء دمُ
في الغرب حيث كلا الجنسين يشتغل
في الغرب حيث كلا الجنسين يشتغل / لا يفضل المرأة المقدامة الرجل
كلا القرينين معتز بصاحبه / عليه ان نال منه العجز يتكل
وكل جنس له نقص بمفرده / اما الحياة فبالجنسين تكتمل
بيت نظيف واولاد قد ازدهروا / كأنهم زهر في الروض تنتقل
والبيت فيه نظام حين تبصره / وانه لنظام ما به خلل
تبقى المودة حتى الموت بينهما / فما هنالك شنآن ولا ملل
وانما غاية الزوجين واحدة / وان تعددت الاسباب والسبل
وقد يطلقها او قد تطلقه / اذا قضى بالطلاق الكره والملل
اما العراق ففيه الامر مختلف / فقد المّ بنصف الامة الشلل
ومن تزوج لا عن خبرة سبقت / فانما خطبه في داره جلل
وقد يعالج هما لا يزايله / حتى يموت وجرحا ليس يندمل
وقد يطلقها في حانة ثملا / وليس تدري لماذا طلق الثمل
في البيت بعد وفاق في الهوى دعة / وفيه بعد خلاف في الهوى جدل
اعزز فتاتك واخطب عن معاشرة / بريئة ولامّ الناقد الهبل
كم قد تزوج ذو الستين يافعة / والشيب في رأسه كالنار يشتعل
يقضى لبانته منها الى اجل / وقد يكون قصيرا ذلك الاجل
ولا يبالي بحبل الود بعدئذ / أكان متصلاً ام ليس يتصل
تزوجت وهي لا تدري لشقوتها / أزوجها احد الغيلان ام رجل
يسبها لا لذنب ثم يركلها / بالرجل منه مهينا وهي تحتمل
وبعد ذلك يعدو كالنعام الى / اصحابه وهو مما جاءه جذل
يروي لهم كيف ابكاها وآلمها / كأنه في ميادين الوغى بطل
ولم تكن اربع يشبعن نهمته / والذئب يشبعه من جوعه حمل
لا تحسبن كل من قد سار مهتديا / وكل من كان معوجا سيعتدل
القوم ان واجهوا اعداءهم جبنوا / والقوم ان قابلوا ازواجهم بسلوا
الى السماء العيون النجل شاخصة / ماذا ترى في السماء الاعين النجل
وددت من كل قلبي غير مختشع / لو عاد يوما على اعقابه الازل
فاسأل اللَه تقديرا يغير ما / قضاه قبلا فلا ظلم ولا دخل
جاؤوا قبيحا وسبوا من يعارضهم / فيه الا بئس ما قالوا وما فعلوا
تلك الشتائم في الاعراض جارحة / للنفس اكثر مما تجرح الاسل
الغرب والشرق طول الدهر بينهما / تنازع عجزت عن حسمها الحيل
بين الشقيقين من اجل البقاء وغى / ليت الصداقة عن هذي الوغى بدل
والفرق بينهما في كل ناحية / باد اذا نظرت تستشرف المقل
ولا تكافوء فيما شب بينهما / هذا يفوز وهذا كله فشل
هذا على نفسه تلقاه معتمدا / يسعى وهذا على الاقدار يتكل
هذا له من نشاط ما يقدمه / وذا يؤخره عن غايه الكسل
تبقى الحياة على الارزاء طيبة / ما دامت النفس بالآمال تتصل
لو كنت اشهر بعض العز في وطني / ما كنت عن وطني المحبوب ارتحل
ماذا يثبط في بغداد معتزمي / وليس لي ناقة فيها ولا جمل
ليلى الحقيقة في حلي ومرتحلي / هي الخيال هي السلوى هي الامل
ما في هواي لليلى من مصانعة / أليس تأمرني ليلى وامتثل
ومدّع بحياة البحر معرفة
ومدّع بحياة البحر معرفة / ما حازها احد في الاعصر الاول
فقلت صف لي كيف الحوت ممتحناً / فقال لي الحوت ذو قرنين كالجمل