المجموع : 9
قِف بِالمَمالِكِ وَاِنظُر دَولَةَ المالِ
قِف بِالمَمالِكِ وَاِنظُر دَولَةَ المالِ / وَاِذكُر رِجالاً أَدالوها بِإِجمالِ
وَاِنقُل رُكابَ القَوافي في جَوانِبِها / لا في جَوانِبِ رَسمِ المَنزِلِ البالي
ما هَيكَلُ الهَرَمِ الجيزِيِّ مِن ذَهَبٍ / في العَينِ أَزيَنَ مِن بُنيانِها الحالي
عَلا بِها الحِرصُ أَركاناً وَأَخرَجَها / عَلى مِثالٍ مِنَ الدُنيا وَمِنوالِ
فيها الشَقاءُ لِقَومٍ وَالنَعيمُ لَهُم / وَبُؤسُ ساعٍ وَنُعمى قاعِدٍ سالي
وَالمالُ مُذ كانَ تِمثالٌ يُطافُ بِهِ / وَالناسُ مُذ خُلِقوا عُبّادُ تِمثالِ
إِذا جَفا الدورَ فَاِنعَ النازِلينَ بِها / أَوِ المَمالِكَ فَاِندُبها كَأَطلالِ
يا طالِباً لِمَعالي المُلكِ مُجتَهِداً / خُذها مِنَ العِلمِ أَو خُذها مِنَ المالِ
بِالعِلمِ وَالمالِ يَبني الناسُ مُلكَهُمُ / لمَ يُبنَ مُلكٌ عَلى جَهلٍ وَإِقلالِ
سَراةَ مِصرَ عَهِدناكُم إِذا بُسِطَت / يَدُ الدُعاءِ سِراعاً غَيرَ بُخّالِ
تَبَيَّنَ الصِدقُ مِن بَينِ الأُمورِ لَكُمُ / فَاِمضوا إِلى الماءِ لا تُلووا عَلى الآلِ
لا يَذهَبِ الدَهرُ بَينَ التُرَّهاتِ بِكُم / وَبَينَ زَهرٍ مِنَ الأَحلامِ قَتّالِ
هاتوا الرِجالَ وَهاتوا المالَ وَاِحتَشِدوا / رَأياً لِرَأيٍ وَمِثقالاً لِمِثقالِ
هَذا هُوَ الحَجَرُ الدُرِّيُّ بَينَكُمُ / فَاِبنوا بِناءَ قُرَيشٍ بَيتَها العالي
دارٌ إِذا نَزَلَت فيها وَدائِعُكُم / أَودَعتُمُ الحَبَّ أَرضاً ذاتَ إِغلالِ
آمالُ مِصرَ إِلَيها طالَما طَمَحَت / هَل تَبخَلونَ عَلى مِصرَ بِآمالِ
فَاِبنوا عَلى بَرَكاتِ اللَهِ وَاِغتَنِموا / ما هَيَّأَ اللَهُ مِن حَظٍّ وَإِقبالِ
مَمالِكُ الشَرقِ أَم أَدارِسُ أَطلالِ
مَمالِكُ الشَرقِ أَم أَدارِسُ أَطلالِ / وَتِلكَ دولاتُهُ أَم رَسمُها البالي
أَصابَها الدَهرُ إِلّا في مَآثِرِها / وَالدَهرُ بِالناسِ مِن حالٍ إِلى حالِ
وَصارَ ما نَتَغَنّى مِن مَحاسِنِها / حَديثُ ذي مِحنَةٍ عَن صَفوِهِ الخالي
إِذا حَفا الحَقُّ أَرضاً هانَ جانِبُها / كَأَنَّها غابَةٌ مِن غَيرِ رِئبالِ
وَإِن تَحَكَّمَ فيها الجَهلُ أَسلَمَها / لِفاتِكٍ مِن عَوادي الذُلِّ قَتّالِ
نَوابِغَ الشَرقِ هُزّوهُ لَعَلَّ بِهِ / مِنَ اللَيالي جُمودَ اليائِسِ السالي
إِن تَنفُخوا فيهِ مِن روحِ البَيانِ وَمِن / حَقيقَةِ العِلمِ يَنهَض بَعدَ إِعضالِ
لا تَجعَلوا الدينَ بابَ الشَرِّ بَينَكُمُ / وَلا مَحَلَّ مُباهاةٍ وَإِدلالِ
ما الدينُ إِلّا تُراثُ الناسِ قَبلَكُمُ / كُلُّ اِمرِئٍ لِأَبيهِ تابِعٌ تالي
لَيسَ الغُلُوُّ أَميناً في مَشورَتِهِ / مَناهِجُ الرُشدِ قَد تَخفى عَلى الغالي
لا تَطلُبوا حَقَّكُم بَغياً وَلا ضَلَفاً / ما أَبعَدَ الحَقَّ عَن باغٍ وَمُختالِ
وَلا يَضيعَنَّ بِالإِهمالِ جانِبُهُ / فَرُبَّ مَصلَحَةٍ ضاعَت بِإِهمالِ
كَم هِمَّةٍ دَفَعَت جيلاً ذُرا شَرَفٍ / وَنَومَةٍ هَدَمَت بُنيانَ أَجيالِ
وَالعِلمُ في فَضلِهِ أَو في مَفاخِرِهِ / رُكنُ المَمالِكِ صَدرُ الدَولَةِ الحالي
إِذا مَشَت أُمَّةٌ في العالَمينَ بِهِ / أَبى لَها اللَهُ أَن تَمشي بِأَغلالِ
يَقِلُّ لِلعِلمِ عِندَ العارِفينَ بِهِ / ما تَقدِرُ النَفسُ مِن حُبٍّ وَإِجلالِ
فَقِف عَلى أَهلِهِ وَاِطلُب جَواهِرَهُ / كَناقِدٍ مُمعِنٍ في كَفِّ لَآلِ
فَالعِلمُ يَفعَلُ في الأَرواحِ فاسِدُهُ / ما لَيسَ يَفعَلُ فيها طِبُّ دَجّالِ
وَرُبَّ صاحِبِ دَرسٍ لَو وَقَفتَ بِهِ / رَأَيتَ شِبهَ عَليمٍ بَينَ جُهّالِ
وَتَسبِقُ الشَمسَ في الأَمصارِ حِكمَتُهُ / إِلى كَهولٍ وَشُبّانٍ وَأَطفالِ
زَيدانُ إِنّي مَعَ الدُنيا كَعَهدِكَ لي / رَضِيَ الصَديقِ مُقيلُ الحاسِدِ القالي
لي دَولَةُ الشِعرِ دونَ العَصرِ وائِلَةٌ / مَفاخِري حِكَمي فيها وَأَمثالي
إِن تَمشِ لِلخَيرِ أَو لِلشَرِّ بي قَدَمٌ / أُشَمِّرُ الذَيلَ أَو أَعثُر بِأَذيالي
وَإِن لَقيتُ اِبنَ أُنثى لي عَلَيهِ يَدٌ / جَحَدتُ في جَنبِ فَضلِ اللَهِ أَفضالي
وَأَشكُرُ الصُنعَ في سِرّي وَفي عَلَني / إِنَّ الصَنائِعَ تَزكو عِندَ أَمثالي
وَأَترُكُ الغَيبَ لِلَّهِ العَليمِ بِهِ / إِنَّ الغُيوبَ صَناديقٌ بِأَقفالِ
كَأُرغُنِ الدَيرِ إِكثاري وَمَوقِعُهُ / وَكَالأَذانِ عَلى الأَسماعِ إِقلالي
رَثَيتُ قَبلَكَ أَحباباً فُجِعتُ بِهِم / وَرُحتُ مِن فُرقَةِ الأَحبابِ يُرثى لي
وَما عَلِمتُ رَفيقاً غَيرَ مُؤتَمَنٍ / كَالمَوتِ لِلمَرءِ في حِلٍّ وَتِرحالِ
أَرَحتَ بالَك مِن دُنيا بِلا خُلُقٍ / أَلَيسَ في المَوتِ أَقصى راحَةَ البالِ
طالَت عَلَيكَ عَوادي الدَهرِ في خَشِنٍ / مِنَ التُرابِ مَعَ الأَيّامِ مُنهالِ
لَم نَأتِهِ بِأَخٍ في العَيشِ بَعدَ أَخٍ / إِلّا تَرَكنا رُفاتاً عِندَ غِربالِ
لا يَنفَعُ النَفسَ فيهِ وَهيَ حائِرَةٌ / إِلّا زَكاةُ النُهى وَالجاهِ وَالمالِ
ما تَصنَعِ اليَومَ مِن خَيرٍ تَجِدهُ غَداً / الخَيرُ وَالشَرُّ مِثقالٌ بِمِثقالِ
قَد أَكمَلَ اللَهُ ذَيّاكَ الهِلالَ لَنا / فَلا رَأى الدَهرَ نَقصاً بَعدَ إِكمالِ
وَلا يَزَل في نُفوسِ القارِئينَ لَهُ / كَرامَةُ الصُحُفِ الأُولى عَلى التالي
فيهِ الرَوائِعُ مِن عِلمٍ وَمِن أَدَبٍ / وَمِن وَقائِعِ أَيّامٍ وَأَحوالِ
وَفيهِ هِمَّةُ نَفسٍ زانَها خُلُقٌ / هُما لِباغي المَعالي خَيرُ مِنوالِ
عَلَّمتَ كُلَّ نَؤومٍ في الرِجالِ بِهِ / أَنَّ الحَياةَ بِآمالٍ وَأَعمالِ
ما كانَ مِن دُوَلِ الإِسلامِ مُنصَرِماً / صَوَّرتَهُ كُلَّ أَيّامٍ بِتِمثالِ
نَرى بِهِ القَومَ في عِزٍّ وَفي ضَعَةٍ / وَالمُلكَ ما بَينَ إِدبارٍ وَإِقبالِ
وَما عَرَضتَ عَلى الأَلبابِ فاكِهَةً / كَالعِلمِ تُبرِزُهُ في أَحسَنِ القالِ
وَضَعتَ خَيرَ رِواياتِ الحَياةِ فَضَع / رِوايَةَ المَوتِ في أُسلوبِها العالي
وَصِف لَنا كَيفَ تَجفو الروحُ هَيكَلَها / وَيَستَبِدُّ البِلى بِالهَيكَلِ الخالي
وَهَل تَحِنُّ إِلَيهِ بَعدَ فُرقَتِهِ / كَما يَحِنُّ إِلى أَوطانِهِ الجالي
هِضابُ لُبنانَ مِن مَنعاتِكَ اِضطَرَبَت / كَأَنَّ لُبنانَ مَرمِيٌّ بِزِلزالِ
كَذَلِكَ الأَرضُ تَبكي فَقدَ عالِمِها / كَالأُمِّ تَبكي ذَهابَ النافِعِ الغالي
جعلتم للفؤاد شغلا
جعلتم للفؤاد شغلا / وأنتم مهجتي وأغلى
أحللتم في سواد عيني / تالله نوّرتم المحلا
يا مالكين الفؤاد رفقا / يا مالكين العنان مهلا
رضيتُ إلا الصدود منكم / فحمِّلوني في الحب إلا
انا الذي ذقت في هواكم / ماذاق قيس من حب ليلى
ازيدكم ما استطعت حبا / ما زادني العاذلون عذلا
يا اكحل العين اى ذنب / صير حظي لديك كحلا
يا لين الأذن هل الانوا / وشاية في الهوى ونقلا
يا نافر العِطف لا لداع / من ذا أراك النِفار سهلا
صبك ما يستفيق عشقا / وأنت ما تستفيق دلا
هلا حكيت الغصون لينا / كما حكتك الغصون شكلا
جعلت في راحتيك وحى / وذاك شئ في الحب قلا
وتبتغون السلو منى / يا مالك الروح كيف تُسلى
تماد في الهجر أو تمهل / لعل بعد الصدود وصلا
تكاد بشرى رضاك عندى / تعدل بشرى القدوم فعلا
عذال أهل الهوى في الأرض لو جمعوا
عذال أهل الهوى في الأرض لو جمعوا / رضيت جمعهم من عاذلي بدلا
لو تسأل الأرض عنه كيف تحمله / لقالت الأرض كيما أحفظ الثقلا
يا لورد كم من معان في سياستكم
يا لورد كم من معان في سياستكم / جرّت إلى القال بين الناس والقيل
كدنشواى وتعيين أردت به / قتل الحمام وإحياء الزغاليل
يا كعبة العلم في الإسلام من قدم
يا كعبة العلم في الإسلام من قدم / لا يزعجنّك إعصار الأباطيل
إن كان قومك قد جاروا عليك وقد / جاءوا لهدمك في جيش الزغاليل
فقد مضت سننة العادين إذا حصروا ال / بيت الحرام فردّوا كالهماليل
الله أرسل طيراً بين أرجلها / قنابل الصخر ترمى صاحب الفيل
للدّين والبيت رب لا يقاومه / حمر الثياب ولا سود الأساطيل
يا ليت شعري والأفهام حائرة
يا ليت شعري والأفهام حائرة / ما غية اللورد في تلك الزغاليل
إنى لأخشى إذا ربى خوافيها / أن تستحيل إلى طير أبابيل
قالوا العميد شفاه الله قد فسدت
قالوا العميد شفاه الله قد فسدت / في مصر معدته في شهر ابريل
فقل لا تعجبوا منها فقد أنفت / هضم الجريدة أو هضم الزغاليل
بين الملامة فيكم والهوى الجلل
بين الملامة فيكم والهوى الجلل / لي موقف الدمع بين العذر والعذل
إذا سمعت لقلبي زاد بي كلَفى / وإن سمعت لغير القلب لم أخَل
والحب باللوم كالدنيا لصاحبها / لم يخل من راحة فيها ومن ملل
ودعتكم وفؤادي خافق بيدى / والبين يأخذ من حولي ومن حيلي
وما توهمت قلبي قبل فرقتكم / يهب مثل هبوب الركب والإبل
لما أجبن النوى وكَّلن بي حدقا / بين الشفاعة في الأحباب والسُّؤل
من علَّم العِيس نجوانا ورحمتنا / فأومأت برقاب خُشَّع ذُلُل
ردّوا إلى اليأس مضنى لا حراك به / لعل في اليأس بُرءاً ليس في الأمل
لو تبصرون وقوفى في منازلكم / رأيتم طللا يبكى على طلل
بليت مثل بلاها وارتدت سقمي / كلا الَّلبُوسين فيكم أجمل الحلل
لو كنت لازار أعطِى يوم منبعث / بذلته فوق عمري غير مبتذل
أو كنت يوشع تجرى الشمس طوع يدى / طمعت منكم غداة البين في المهل
أو كنت عيسى أعيد الميت سيرته / أعدت للسقم جسما مات بالعلل
أو كنت موسى يخط اليم لي سبلا / حملتكم في عيون سمحة السبل
مولاى عيدك عيد الناس كلهم / وأنت جامعة الأجناس والملل
وما صنوف الرعايا حافلين به / إلا كبيت برب البيت محتفل
وأنت كالشمس لم يخصص بها أفق / وأنت كالبدر لم يَرهَن على نزل
إن الملوك على الكرسيّ مربعها / وأنت تجلس في الأسماع والمُقَل
حللت من كل نفس في سريرتها / وقمت منها مكان البِشر والجذل
آل الندى لك والأمثال سائرة / ولو تقدمت ما زادت على مثل
إن يسبقوك لفضل أو لمكرمة / فالسبق في الدهر لا في الفضل للأُوَل
وأنت لولا تليد الملك تحرزه / من الشمائل في ملك وفي خول
بلوت في الجاه قوما والغنى نفرا / فما تهيبت كالأخلاق في الرجل
فهن من كل جاه أو غنى بدل / وما لهن إذا أخطأن من بدل
قل للمشارق موتى غير راجعة / ففي الممات شفاء الجهل والكسل
فما تعلاتها والموت مدركها / إلا كما أمن المسلول للأَجل
إن الشعوب إذا ما أدبرت حبست / مالا عن البر أو علما عن العمل
ونام كل نصوح عن مجاهلها / ولو أراد هدى أعيا فلم يقل
شقيت بالشعر في ناس أعوذ بهم / من أن يقول الأعادي شاعر الهمل
وضعت بالحمة الغرّاء في زمني / كما يضيع شعاع الشمس في الوحل
مولاى أحمد هذا لا سمىَّ له / وأنت كل سيوف العصر والدول
لما رأيتك تاج القرن مدّخرا / قلّدتك الماس من مدحي ومن غزلي
وبشرتني المنى فيما تحدثني / بمظهر لسرير النيل مقتبل
وسؤدد لأميري فوق سؤدده / وما المزيد الذي أرجو بمحتمل
وإنما أنا سار في سنا قمر / يقول للبدر في غاياته اكتمل